الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

الطعن 477 لسنة 2017 ق جلسة 21 / 8 / 2017 تمييز دبي جزائي مكتب فني 28 ق 54 ص 427

جلسة الاثنين 21 أغسطس 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة. وعضوية السادة القضاة: محمد عبد الحليم علي إبراهيم، محمود فهمي سلطان، أحمد عبد الله حسين ومحمد إبراهيم محمد السعدني.
---------------
(54)
الطعن رقم 477 لسنة 2017 "جزاء"
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع.
(2) إثبات "الأدلة في المواد الجنائية".
الأدلة التي يعتمد عليها الحكم. لا يشترط أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه.
(3) خبرة. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الخبرة".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره. شرط ذلك.
(4) إثبات "شهود" "قرائن". قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
جريمة القتل والحكم على مرتكبها. لا يشترط لثبوتها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة. للمحكمة أن تكون عقيدتها من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها. علة ذلك. للقاضي أن يعتمد على القرائن وحدها. ما دام الرأي الذي يستخلص منها مستساغا.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها وطرح ما يخالفها. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في شهادة الشهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. من سلطة محكمة الموضوع. أخذها بأقوالهم. مفاده. إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
(7 ، 8) إثبات "الأدلة في المواد الجزائية". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". دفوع "الدفوع الموضوعية: الدفع بتعذر الرؤية". محكمة الموضوع "سلطتها في الدفاع والرد عليه".
(7) ما أثاره الدفاع بشأن تعذر الرؤية وتحديد مرتكب الجريمة. دفاع موضوعي لا يستوجب من المحكمة ردا صريحا. استفادة الرد ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) تقدير أدلة الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع. لها أن تكون عقيدتها من كافة العناصر المطروحة على بساط البحث. عدم التزامها بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها. ما دام الرد مستفادا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) قتل عمد. قصد جنائي. حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
مثال سائغ للرد على الطاعن بعدم توافر نية القتل.
(10) قصد جنائي "القصد الخاص". مسئولية جنائية.
مساءلة السكران باختياره عن كل ما يقع منه في حالة سكره سواء كانت الجريمة التي ارتكبها عمدية أو غير عمدية. وسواء كانت الجريمة العمدية مما يكتفي فيها بالقصد العام أو مما يلزم فيها قصد خاص. م 61 عقوبات المعدل.
(11) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في قصد القتل".
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف أو المظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره. استخلاص ذلك من سلطة قاضي الموضوع.
--------------
1 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل معين أو أقوال شهود بذواتهم أو بالأدلة المباشرة.
2 - لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
4 - إذ كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها مادام الرأي الذي يستخلص منها مستساغا.
5 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق كما هو الحال في الدعوى الماثلة. كان قضاؤها في هذا الشأن مبينا على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسسا على الفرض والاحتمال.
6 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه - بغير معقب - ومتى أخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - لما كان ما أثاره الدفاع بشأن تعذر الرؤية وتحديد مرتكب الجريمة يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا مادام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع التي لها أن تكون عقيدتها من كافة العناصر المطروحة على بساط البحث وهي غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها مادام الرد مستفادا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
9 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم توافر نية القتل ورد عليه بقوله: "وكان الثابت من أوراق الدعوى توافر هذا القصد لدى المتهم وأنه كان في اعتدائه على المجني عليه ينوي إزهاق روحه وليس مجرد الإيذاء وآية ذلك أنه تخير لتنفيذ جريمته إلقاء عليه حجر بناء كبير الحجم ثقيل الوزن من أعلى بناية مكونة من ثمانية طوابق وقد صوبه إلى رأس المجني عليه وهو من المواضع القاتلة من جسده وقد كان لديه الباعث على قتله مما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلا إزهاق روحه فمن جماع ما تقدم فإن المحكمة تسترسل بثقتها في أدلة الدعوى ويطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل قبل المتهم.
10 - المقرر قانونا في ضوء المادة رقم 61 من قانون العقوبات الاتحادي المعدل، أنه إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجا عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه، عوقب على الجريمة التي وقعت ولو كانت تتطلب قصدا جنائيا خاصا كما لو كانت قد وقعت بغير تخدير أو سكر، بما مفاده مسئولية السكران باختياره عن كل ما يقع منه في حالة سكره سواء كانت الجريمة التي ارتكبها عمدية أو غير عمدية وسواء كانت الجريمة العمدية مما يكتفي فيها بالقصد العام أو مما يلزم فيها قصد خاص.
11 - إذ كان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
--------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت: ...... لأنه بتاريخ 31/ 3/ 2016م وبدائرة مركز شرطة جبل علي.
أولا - قتل عمدا ومع سبق الإصرار المغدور به/ ...... بأن بيت النية وعقد العزم على قتله لخلاف نشأ بينهما فاستغل فرصة جلوس المغدور به أسفل مبنى سكان العمال المكون من 8 طوابق برفقة باقي زملائه فصعد إلى السطح لتنفيذ مكنون نيته الشريرة وقام بدحرجة حجر بناء (طابوقة) إلى حافة السطح ثم قام برميه على رأس المغدور به قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته على النحو الثابت بالأوراق.
ثانيا: اعتدى على سلامة جسم المجني عليه/ ...... سقطت ذات الطابوقة المبينة في الوصف السابق على قدمه فألحقت به الإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعي والتي أعجزته عن القيام بأعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت عاقبه بالمواد (121/ 1، 331، 332/ 2، 333/ 1، 339/ 1) من قانون العقوبات الاتحادي المعدل.
وبجلسة 19/ 2/ 2017م قضت محكمة أول درجة (جنايات) حضوريا بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد وأمرت بإبعاده عن الدولة.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالاستئناف برقم 1740 لسنة 2017.
كما طعنت عليه النيابة العامة بالاستئناف المقيد برقم 1751 لسنة 2017م.
وبجلسة 17/ 5/ 2017 حكمت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز الماثل المقيد برقم 477 لسنة 2017 بموجب تقرير مؤرخ 15/ 6/ 2017 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ..... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم قضي بالإدانة رغم خلو الأوراق من أي دليل على ارتكاب الطاعن لما أسند إليه، كما خلت الأدلة الفنية مما يفيد وجود أي آثار أو بصمات للطاعن على الأداة محدثة الوفاة كما لا توجد أي آثار إصابية بجسم الطاعن تشير إلى ارتكابه جريمة القتل، وخلت الأوراق من شاهد رؤية للواقعة كما خلت أقوال القائمين بالضبط مما يفيد اعتراف الطاعن بارتكاب الواقعة ورغم تمسك الطاعن بهذا الدفاع فلم يعرض له الحكم إيرادا وردا، وأن الحادث وقع نتيجة أسباب أخرى لا دخل للطاعن بها خاصة وأنه لا يوجد فاصل زمني بين إصابة المجني عليه بالطابوق وتواجد الطاعن معه مما ينفي ارتكابه الجريمة وعول الحكم على أقوال الشاهد ...... رغم استحالة مشاهدته الطاعن وهو أعلى البناء بعد إلقاء الطابوق الذي أصاب المجني عليه كونه كان في حالة سكر بين واستحالة الرؤيا بسبب الظلام وأخيرا فقد خلت الأوراق من أي دليل على توافر نية القتل مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من اعترافه بتحقيقات النيابة العامة وشهادة كل من الوكيل ...... و...... والمجني عليه الثاني ...... وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي وتقرير الأدلة الجنائية بشأن معاينة مكان الحادث وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تركن في سبيل تكوين عقيدتها عن الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وترتيب الحقائق القانونية المتصلة بها إلى ما تستخلصه من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل معين أو أقوال شهود بذواتهم أو بالأدلة المباشرة، إذ إنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه. كما وأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة التي استخلص منها الصورة التي اعتنقتها المحكمة لواقعة الدعوى من اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة وأقوال الشهود وما جاء بالتقرير الطبي الشرعي وتقرير الأدلة الجنائية بشأن معاينة مكان الحادث وهي الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها بما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة وينأى بحكمها عن قالة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق والأدلة الفنية مما يشير إلى ارتكابه الجريمة ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها مادام الرأي الذي يستخلص منها مستساغا ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات تحقيقا لوجه الطعن أن ما حصله الحكم من اعتراف الطاعن لشاهد الإثبات الوكيل ...... في التحقيقات له صداه وأصله الثابت في الأوراق، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى خلو أقوال الشاهد مما يفيد اعتراف الطاعن لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كان قضاؤها في هذا الشأن مبينا على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسسا على الفرض والاحتمال كما يزعم الطاعن وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها، مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه - بغير معقب - ومتى أخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وأيدها اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة والتقرير الطبي الشرعي وتقرير الأدلة الجنائية بشأن معاينة مكان الحادث وكان ما أورده سائغا في العقل والمنطق ومقبولا في كيفية وقوع الحادث فإن منازعة الطاعن في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وفي القوة التدليلية لأقوال شاهد الإثبات ...... لا تخرج عن كونها جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان ما أثاره الدفاع بشأن تعذر الرؤية وتحديد مرتكب الجريمة يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة ردا صريحا مادام الرد مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ذلك أن تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع التي لها أن تكون عقيدتها من كافة العناصر المطروحة على بساط البحث وهي غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها مادام الرد مستفادا من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم توافر نية القتل ورد عليه بقوله: "وكان الثابت من أوراق الدعوى توافر هذا القصد لدى المتهم وأنه كان في اعتدائه على المجني عليه ينوي إزهاق روحه وليس مجرد الإيذاء وآية ذلك أنه تخير لتنفيذ جريمته إلقاء حجر بناء كبير الحجم ثقيل الوزن عليه من أعلى بناية مكونة من ثمانية طوابق وقد صوبه إلى رأس المجني عليه وهو من المواضع القاتلة من جسده وقد كان لديه الباعث على قتله مما يؤكد أن المتهم كان ينوي فعلا إزهاق روحه فمن جماع ما تقدم فإن المحكمة تسترسل بثقتها في أدلة الدعوى ويطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل قبل المتهم. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا في ضوء المادة رقم 61 من قانون العقوبات الاتحادي المعدل، أنه إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجا عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه، عوقب على الجريمة التي وقعت ولو كانت تتطلب قصدا جنائيا خاصا كما لو كانت قد وقعت بغير تخدير أو سكر، بما مفاده مسئولية السكران باختياره عن كل ما يقع منه في حالة سكره سواء كانت الجريمة التي ارتكبها عمدية أو غير عمدية وسواء كانت الجريمة العمدية مما يكتفي فيها بالقصد العام أو مما يلزم فيها قصد خاص. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المتهم كان تحت تأثير المشروبات الكحولية التي تناولها باختياره الأمر الذي يكون معه هذا الدفع قد تنكب عن الصواب والمحكمة تلتفت عنه".
لما كان ذلك وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا في التدليل على ثبوت قصد القتل لدى الطاعن فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق