الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 15 أغسطس 2025

الطعن 270 لسنة 2023 ق جلسة 4 / 4 / 2023 نقض أبو ظبي جزائي مكتب فني 17 ق 38 ص 204

جلسة 4/4/2023
برئاسة السيد المستشار/ مبارك العوض ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح الدين أحمد، طارق بهنساوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 270 لسنة 2023 جزائي)
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
- بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة. لا قصور.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمتي ارتكاب فعل من شأنه تعريض حياة الغير للخطر والإتلاف العمدي.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً.
- لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
- وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
- العبرة في المحاكمات الجزائية. باقتناع القاضي. مطالبته بالأخذ بدليل معين. غير جائز. متى لم يقيده القانون بذلك. له الأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بنفي التهمة" "الدفع بانتفاء أركان الجريمة" "الدفع بعدم معقولية الواقعة".
- الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم معقوليتها. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مصادرة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
- المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية. مناط تطبيقها؟
- المادة 268 من قانون الإجراءات الجزائية. مفادها؟
- قضاء الحكم المطعون فيه بقبول طلب إغفال مصادرة المركبة المملوكة للمحكوم عليه. خطأ في تطبيق القانون. وجوب نقضه وتصحيحه بإلغاء مصادرة المركبة. أساس وعلة ذلك؟
- مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية للجريمة الأولى التي دان الطاعن بها بقوله "أنه وبتاريخ الواقعة قام سائق المركبة .... بصدمه متعمداً من الجهة اليسرى وقامت السيارة بالخروج من الشارع والوقوع فوق الرصيف مما أدى إلى أضرار بالمركبة (الطرف الأيسر ومن الجانب الأيمن من الأسفل والأعلى بعد خروجها من الشارع للرصيف)، ولما كان إفادات المجني عليه المرسلة تحتاج للتدعيم والتعضيد ومن أوجه التعضيد ما أسفرت عنه إجراءات البحث والتحري، حيث تم الانتقال لموقع الحادث بمنطقة .... وتبين وجود كاميرات مراقبة في المحل وبمشاهدة التصوير، تبين وجود مركبة الشاكي من نوع (.....) تسير عكس الطريق - بهدوء ويرغب سائقها في الدخول إلى الشارع - وكما تم مشاهدة مركبة من نوع (....) قادمه من التقاطع بسرعة وكاد أن يقع تصادم بين المركبتين - فأكمل سائق المركبة .... مسيره وتوقف أمام ورشة .... وعند نزوله، قام الشاكي بالوقوف خلف .... ولم يخرج من المركبة ودار بينهما حديث ومن ثم قام سائق .... بالوقوف خلف مركبة الشاكي وأكمل مسيره راجلاً لجهة أخرى وغادر الشاكي، وبعد لحظات تم مشاهدة مركبة أخري من نوع (.... تحركت في نفس اتجاه مركبة الشاكي"، وبالاطلاع على كاميرات عين الصقر وعند الإشارة الأولى بمصفح م7 بالاتجاه الأيمن بعد الإشارة، قام .... بصدم مركبة الشاكي بشكل متعمد، ثم توقفوا وخرجوا من المركبات، حيث تبين بأن سائق .... نفس لبسان سائق .... السابق"، وكان المتهم قد قرر بمحضر الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة "بأنه كان في طريقه وانحرفت مركبة الشاكي وتسبب في الحادث"، وهذا من شأنه بأن يعضد ما أفاد به المجني عليه وما أسفرت عنه إجراءات البحث والتحري". وساق الحكم على صحة إسنادها وثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وما ثبت من مطالعة كاميرا المراقبة، وما ثبت من تقرير البحث و التحري، وأورد مؤداها في بيان واف وكاف، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها المحكمة في إدانة الطاعن، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون .
2- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، و أن وزن أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية وتقدير الظروف التي يؤدي فيها الشاهد شهادته كل ذلك مرجعه لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تقدرها ، وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي يقيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإن النعي عليه في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
3- لما كان الحكم المطعون فيه أفصح عن اقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي اعتنقها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع.
4- من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم معقوليتها جميعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل - رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
5- لما كان المشرع إذ نص في المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية على أنه "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية فعليها بناء على طلب من أحد أصحاب الشأن أن تنظر في الطلب والحكم فيه بعد إعلان الخصوم ويخضع الحكم لقواعد الطعن التي تسري على الحكم الأصلي"، فقد دل على أن مناط تطبيق هذه المادة أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقياً معلقاً أمامها، وأن يكون الطلب الذي أغفلت الفصل فيه - سهواً أو خطأ من جانبها - منطوياً على عنصر من عناصر المنازعة الموضوعية، ومن ثم لا يتناول الإغفال أوجه الدفاع المقدمة إليها تأييداً لطلب موضوعي، ولا يمتد كذلك إلى الأعمال الإجرائية المتصلة بالخصومة أو المترتبة عليها ولا إلى الدفوع التي لا يكون قوامها منازعة من طبيعة موضوعية. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الحكم المعارض فيه أنه فصل في تهمة تعريض حياة المجني عليه للخطر وقضى فيها بحبسه شهراً عن التهمة المسندة إليه، دون أن يقضي بمصادرة المركبة المملوكة للمحكوم عليه، ومن ثم فإنه لا يتوفر فيها شرط التقدم بطلب الإغفال كما هي معروفة به قانوناً، وأن تسلط محكمة الموضوع على حكمها بنظر طلب الإغفال غير جائز قانوناً، لما هو مقرر بأن القاضي لا يسلط على قضائه، وأنه في حقيقته رجوع للدعوى الجزائية وإعادة إعمال لسلطتها سواء الوجوبي أو التقديرية، لأن في ذلك مساس بقوة الأحكام النهائية فينشئ الشخص لنفسه طريقاً للطعن لا سند له من القانون، وذلك بالمخالفة للمادة (268) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي والتي نصت على أن تعييب الأحكام لا يكون إلا بطريق الطعن فيها بالطرق المقررة في القانون -عادية كانت أو غير عادية - ورسم الشارع أحوال وإجراءات كل منها باعتبار أن في سلوك هذه الطرق ما يكفل إصلاح ما وقع في الأحكام من أخطاء، فإذا توافر سبيل الطعن وضيعه صاحب الشأن فلا يلومن إلا نفسه، ويعتبر الحكم عنواناً للحقيقة بما جاء فيه حجة على الكافة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول طلب الإغفال على الرغم من عدم توفر شرائطه - على النحو السالف بسطه - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه وتصحيحه لهذا السبب بإلغاء مصادرة المركبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــــة
توجز الواقعة في أن النيابة العامة اتهمت الطاعن/ .... لأنه في 2/1/2023 بدائرة أبو ظبي 1 - ارتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة المجني عليه .... للخطر بأن قام بصدم مركبة المجني عليه بالمركبة محل قيادته وترتب على ذلك الفعل حدوث ضرر إتلاف مركبة المجني عليه على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - أتلف عمداً المركبة سالفة الذكر والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر، بأن جعلها غير صالحة للاستعمال، على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبته طبقاً للمواد 83/1 - 2، 399، 464/1 من مرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021م بشأن إصدار قانون الجرائم والعقوبات. وبجلسة 19/1/2023 قضت محكمة جنح أبو ظبي حضورياً ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه.
فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم بالاستئناف رقم 523 لسنة 2023 وبجلسة 7/2/2023 قضت محكمة استئناف أبو ظبي غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبأجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإدانة المستأنف ضده طبقاً للمادة (399) وبمعاقبته بالحبس لمدة شهر، وبانقضاء الدعوى الجزائية فيما يتعلق بالاتهام الوارد بالمادة (464/1) جريمة الإتلاف صلحاً، وإلزامه بالرسوم القضائية.
فعارض المحكوم عليه على هذا الحكم وقدمت النيابة العامة طلب إغفال لذات المحكمة بشأن مصادرة المركبة المستخدمة في الجريمة، وبجلسة 28/2/2023 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء برفضها وتأييد الحكم المعارض فيما قضى به من إدانة المستأنف وباستبدال العقوبة بالاكتفاء بتغريم المستأنف ضده "المعارض" مبلغ عشرة آلاف درهم، وإلزامه بالرسوم القضائية. - وفي طلب الإغفال وبإجماع الآراء باستكمال الحكم المستأنف بالقضاء بمصادرة المركبة من نوع (....).
فطعن المحكوم عليه بطريق النقض وأودع محاميه الموكل / .... صحيفة بأسباب الطعن مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 27/3/2023، وأودعت نيابة النقض مذكرة بالرأي انتهت في ختامها إلى نقض الحكم المطعون فيه جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضي به من مصادرة المركبة ورفض الطعن فيما عدا ذلك ورأت هذه المحكمة أن الطعن جدير بالنظر.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دانه عن التهمة المسندة إليه على الرغم من أن المجني عليه مثل أمام محكمة أول درجة وقرر بأن هناك سوء فهم منه في الواقعة، وعلى الرغم من ذلك قضى الحكم المطعون فيه بإدانته عن هذه التهمة، وأعرض عن نفيه للتهمة وانتفاء أركانها وعدم معقولية الواقعة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية للجريمة الأولى التي دان الطاعن بها بقوله "أنه وبتاريخ الواقعة قام سائق المركبة .... بصدمه متعمداً من الجهة اليسرى وقامت السيارة بالخروج من الشارع والوقوع فوق الرصيف مما أدى إلى أضرار بالمركبة (الطرف الأيسر ومن الجانب الأيمن من الأسفل والأعلى بعد خروجها من الشارع للرصيف)، ولما كان إفادات المجني عليه المرسلة تحتاج للتدعيم والتعضيد ومن أوجه التعضيد ما أسفرت عنه إجراءات البحث والتحري، حيث تم الانتقال لموقع الحادث بمنطقة .... وتبين وجود كاميرات مراقبة في المحل وبمشاهدة التصوير، تبين وجود مركبة الشاكي من نوع (.....) تسير عكس الطريق - بهدوء ويرغب سائقها في الدخول إلى الشارع - وكما تم مشاهدة مركبة من نوع (....) قادمه من التقاطع بسرعة وكاد أن يقع تصادم بين المركبتين - فأكمل سائق المركبة .... مسيره وتوقف أمام ورشة .... وعند نزوله، قام الشاكي بالوقوف خلف .... ولم يخرج من المركبة ودار بينهما حديث ومن ثم قام سائق .... بالوقوف خلف مركبة الشاكي وأكمل مسيره راجلاً لجهة أخرى وغادر الشاكي، وبعد لحظات تم مشاهدة مركبة أخري من نوع (.... تحركت في نفس اتجاه مركبة الشاكي"، وبالاطلاع على كاميرات عين الصقر وعند الإشارة الأولى بمصفح م7 بالاتجاه الأيمن بعد الإشارة، قام .... بصدم مركبة الشاكي بشكل متعمد، ثم توقفوا وخرجوا من المركبات، حيث تبين بأن سائق .... نفس لبسان سائق .... السابق"، وكان المتهم قد قرر بمحضر الاستدلالات وتحقيقات النيابة العامة "بأنه كان في طريقه وانحرفت مركبة الشاكي وتسبب في الحادث"، وهذا من شأنه بأن يعضد ما أفاد به المجني عليه وما أسفرت عنه إجراءات البحث والتحري". وساق الحكم على صحة إسنادها وثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وما ثبت من مطالعة كاميرا المراقبة، وما ثبت من تقرير البحث و التحري، وأورد مؤداها في بيان واف وكاف، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها المحكمة في إدانة الطاعن، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وأن وزن أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية وتقدير الظروف التي يؤدي فيها الشاهد شهادته كل ذلك مرجعه لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تقدرها، وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي يقيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى فإن النعي عليه في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أفصح عن اقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي اعتنقها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم معقوليتها جميعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل - رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان المشرع إذ نص في المادة 139 من قانون الإجراءات المدنية على أنه "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية فعليها بناء على طلب من أحد أصحاب الشأن أن تنظر في الطلب والحكم فيه بعد إعلان الخصوم ويخضع الحكم لقواعد الطعن التي تسري على الحكم الأصلي"، فقد دل على أن مناط تطبيق هذه المادة أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقياً معلقاً أمامها، وأن يكون الطلب الذي أغفلت الفصل فيه - سهواً أو خطأ من جانبها - منطوياً على عنصر من عناصر المنازعة الموضوعية، ومن ثم لا يتناول الإغفال أوجه الدفاع المقدمة إليها تأييداً لطلب موضوعي، ولا يمتد كذلك إلى الأعمال الإجرائية المتصلة بالخصومة أو المترتبة عليها ولا إلى الدفوع التي لا يكون قوامها منازعة من طبيعة موضوعية. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الحكم المعارض فيه أنه فصل في تهمة تعريض حياة المجني عليه للخطر وقضى فيها بحبسه شهراً عن التهمة المسندة إليه، دون أن يقضي بمصادرة المركبة المملوكة للمحكوم عليه، ومن ثم فإنه لا يتوفر فيها شرط التقدم بطلب الإغفال كما هي معروفة به قانوناً، وأن تسلط محكمة الموضوع على حكمها بنظر طلب الإغفال غير جائز قانوناً، لما هو مقرر بأن القاضي لا يسلط على قضائه، وأنه في حقيقته رجوع للدعوى الجزائية وإعادة إعمال لسلطتها سواء الوجوبي أو التقديرية، لأن في ذلك مساس بقوة الأحكام النهائية فينشئ الشخص لنفسه طريقاً للطعن لا سند له من القانون، وذلك بالمخالفة للمادة (268) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي والتي نصت على أن تعييب الأحكام لا يكون إلا بطريق الطعن فيها بالطرق المقررة في القانون -عادية كانت أو غير عادية - ورسم الشارع أحوال وإجراءات كل منها باعتبار أن في سلوك هذه الطرق ما يكفل إصلاح ما وقع في الأحكام من أخطاء، فإذا توافر سبيل الطعن وضيعه صاحب الشأن فلا يلومن إلا نفسه، ويعتبر الحكم عنواناً للحقيقة بما جاء فيه حجة على الكافة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول طلب الإغفال على الرغم من عدم توفر شرائطه - على النحو السالف بسطه - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه وتصحيحه لهذا السبب بإلغاء مصادرة المركبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق