بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 25-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 263 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ش. ج. ل. ذ. م. م. و. م. ا. م. ه. ع. ا.
مطعون ضده:
ش. د. ل. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2273 استئناف تجاري بتاريخ 05-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر / محمد السيد النعناعي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 699 لسنة 2023 تجاري علي المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأداء مبلغ 4,305,720,49 درهم والفوائد القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد، وإلزامها برد أصول الشيكات الأربعة المحررة لضمان حسن الأداء والدفعات المقدمة. وقالت بيانا لدعواها أن المطعون ضدها أسندت إليها تنفيذ أعمال الألومنيوم والزجاج بمشروع إسبلاناد بمنطقة البرشاء لقاء مبلغ مقداره 6,034,550.54 درهم وقد قامت بتنفيذ كامل الأعمال المسندة إليها وقد ترصد لها عن ذلك في ذمة الأخيرة المبلغ المطالب به والذي يمثل المبلغ المتبقي من قيمة الأعمال والضريبة والمصاريف والتعويضات ولأنها امتنعت عن سداده وعن رد عدد أربع شيكات مسلمة إليها ضمانا للدفعة المقدمة ولحسن أداء العمل دون مبرر فقد أقامت الدعوي للحكم لها بالطلبات السابقة. دفعت المطعون ضدها بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم، وبتاريخ 28-3-2023 حكمت المحكمة ?وبعد أن انتهت في مدونات حكمها إلي رفض هذا الدفع- بندب خبير هندسي، وبعد أن أودع تقريره وجهت الطاعنة للمطعون ضدها دعوي متقابلة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى لها مبلغ 1,499,195.3 درهم والفوائد القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد. ندبت المحكمة لجنة من ثلاثة خبراء، وبعد أن أودعت تقريريها الأصلي والتكميلي حكمت المحكمة بتاريخ 12-11-2024 أولا: في الدعوي الأصلية بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ قدره (1,245,059.43درهم) (مليون ومائتين وخمسة وأربعين ألف وتسعة وخمسون درهم وثلاثة وأربعون فلس) والفائدة القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5 % سنويا من تاريخ المطالبة الحاصل بتاريخ 10-02-2023 وحتى تمام السداد وبإلزامها بتسليم أصول الشـيكات للطاعنة وعددها (4) شيكات، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. ثانيا: في الدعوي المتقابلة بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2273 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 5-2-2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوي لدي هذه المحكمة بتاريخ 3- 3-2025 طلبت فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بالدفاع طلب فيها رفض الطعن، والمحكمة في غرفة مشورة رأت أن الطعن جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضي بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم بمقولة أن خطاب النوايا المرسل إليها من المطعون ضدها بتاريخ 7-10-2021 قد نُص فيه علي أن قيام الطاعنة ببدء الأعمال يعتبر موافقة علي الشروط الواردة بهذا الخطاب والذي تضمن شرط التحكيم وأنها بتاريخ 31-10-2021 قد طلبت من المطعون ضدها شيكا بقيمة الدفعة المقدمة استنادا إلي خطاب النوايا سالف البيان وهو ما يدل علي موافقتها علي كل الشروط الواردة به دون حاجة إلي توقيعها عليه في حين أن الثابت بالخطاب المشار إليه أن المطعون ضدها قد طلبت أن يتم التوقيع عليه بخاتم الطاعنة في خلال (7) أيام من تاريخ الرسالة وإعادة النسخة الموقعة إلي الأخيرة وأنها لم تقم بالتوقيع علي ذلك الخطاب أو البصم بخاتمها عليه ومن ثم فإنها لا تحاج بشرط التحكيم الوارد به سيما وأن هذا الشرط يتعين أن يكون مكتوبا وموقع عليه من ممثلها القانوني صاحب الأهلية في الاتفاق علي التحكيم وهو ما لم يتم ولا يغني عن ذلك رسالة البريد الالكتروني المؤرخة 31-10-2021 المرسلة من مديرها المالي إلي المطعون ضدها بطلب صرف الدفعة المقدمة بخصوص مشروع ممشى المنزه لأنها لم تصدر من الممثل القانوني لها وهو مديرها معتصم الرشيد وبذلك لا يكون التحكيم متفقا عليه بين الطرفين وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر وفقاً لنص المادتين (5) و(7) من القانون الاتحادي رقم (6) لسنة 2018 بشأن التحكيم -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- إن التحكيم هو اختيار المتنازعين طرفاً غيرهما محايداً للفصل فيما شجر بينهما من نزاع دون الالتجاء إلى القضاء، ويكون التحكيم تبعاً لعقد يُذكر في صلبه وضمن شروطه ويسمى شرط التحكيم، وقد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم ويسمى في هذه الحالة اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم، ويرتكز التحكيم على إرادة الخصوم متمثلة في الاتفاق على التحكيم، وهذا الاتفاق يعد المصدر الأساسي الذي يستمد منه المحكم سلطة الحكم في النزاع بدلاً من القضاء المختص، ولذلك أحاطه المشرع بضمانات معينة منها أنه لا يثبت إلاَّ بالكتابة، سواء كانت الكتابة محرراً وقعه الطرفان أو ما تبادله الطرفان من رسائل وبرقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة، أو تم بموجب رسالة إلكترونية وفقاً للقواعد النافذة في الدولة بشأن المعاملات الإلكترونية، أو أحيل في عقد ثابت بالكتابة إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أية وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم وكانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءً من العقد، أو اذا ورد في المذكرات الخطية المتبادلة بين الأطراف أثناء إجراءات التحكيم، أو الإقرار به أمام القضاء وطلب أحد الأطراف إحالة النزاع إلى التحكيم دون اعتراض من الطرف الآخر، ولا يقوم التحكيم إلا إذا ثبت انصراف الإرادة المشتركة للمتعاقدين إلى اللجوء إليه صراحةً، فهو لا يفترض، ولا يجوز استخلاصه ضمناً، كما أنه لا محل لنظرية الوضع الظاهر في الاتفاق على التحكيم، وأنه ولئن كان من المقرر إنه إذا كانت هناك ملحقات أو جداول للعقد فانه لا يشترط أن يوقع عليها الطرفان اكتفاء بالنص في العقد على اعتبار هذه الجداول والملحقات جزءً لا يتجزأ من العقد الموقع بين الطرفين، وذلك باعتبار أن هذه الجداول والملحقات لا تعدو أن تكون بياناً تفصيلياً لما اتفق عليه الطرفان من مسائل جوهرية، غير أنه إذا تضمنت تلك الملحقات شرطاً استثنائياً كشرط التحكيم فلا يسري هذا الشرط على الطرفين إلا إذا تم التوقيع على تلك الملحقات ممن له أهلية التصرف في الحق المتنازع عليه، إذ يتعين على كل من طرفي العقد التحقق من صفة وأهلية الطرف الآخر في إبرام هذا الاتفاق، لأن اتفاق التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات يعنى تنازل الخصم عن حقه في رفع الدعوى إلى القضاء وهو ما قد يعرض حقوقه للخطر، ومن ثم يجب تفسير كل شرط يتضمنه تفسيراً ضيقاً بما لا يجاوز مقصود المتعاقدين منه، ومن المقرر أيضا أنه ولئن كان استخلاص ثبوت أو نفي انصراف الإرادة المشتركة للمتعاقدين إلى التحكيم هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، إلا أنه يتعين عليها أن تُقيم قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، ومن المقرر كذلك أن الحكم يكون معيباً بالفساد في الاستدلال إذا انطوت أسبابه على عيب يمس سلامة الاستنباط بأن لم تتفهم المحكمة التي أصدرته العناصر الواقعية الثابتة أمامها أو إذا استندت إلى أدله غير صالحه للاستدلال بها أو كانت النتيجة التي خلصت إليها غير منطقية كما أنه يكون معيبا بمخالفة الثابت بالأوراق إذ حرَّف الثابت ماديا بأوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدفاعها المبين بوجه النعي وكان الحكم المطعون فيه قد قضي بإلغاء الحكم الابتدائي وبعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم علي ما أورده في مدوناته من (أنه بتاريخ 7/10/2021 أصدرت المستأنفة خطاب النوايا المتضمن الشروط والقواعد المنظمة للتعاقد المبرم بينها بصفتها مقاول رئيسى وبين المستأنف ضدها بصفتها مقاول من الباطن لتنفيذ أعمال الألومنيوم والزجاج بمشروع إسبلاناد بمنطقة البرشاء قطعة رقم 373 - 1116 ، بناء على عرضى الأسعار المقدمين منها بتاريخ 8/9/2021 و 6/9/2021 ، وأرسلته للمستأنف ضدها ، ونص في بنده 16-20 على أنه " يعتبر بدء الأعمال الأولية دليلا قاطعا على موافقتك على الشروط والأحكام المنصوص عليها في هذه الرسالة " ، وبتاريخ 31/10/2021 طالبت المستأنف ضدها المستأنفة بتحرير شيكا بقيمة الدفعة المقدمة بخصوص مشروع إسبلاناد بمنطقة البرشاء قطعة رقم 373 - 1116 إستنادا إلى خطاب النوايا وكان هذا ال مسلك منها قاطعا في دلالته على رضاها ب كافة شروط وأحكام العقد " خطاب النوايا " الذى ينظم العلاقة بينها وبين المستأنفة، والذى بموجبه أسندت إليها الأعمال بالمشروع المذكور، لاسيما أن الأوراق خلت مما يفيد اعتراضها على أي بند من بنوده الأمر الذى تستخلص منه المحكمة أن إرادة المستأنفة والمستأنف ضدها قد تلاقت على الالتزام بكافة أحكام وشروط خطاب النوايا المؤرخ 7/10/2021 ومن ثم إنعقد العقد بينهما صحيحا دون حاجة إلى توقيع المستأنف ضدها عليه، وحيث إن البند 18 /1 من خطاب النوايا قد نص على أن " يتم تسوية أي نزاع ينشأ عن أو فيما يتعلق بتشكيل أو أداء أو تفسير أو إبطال أو إنهاء أو هذا الخطاب نهائيا عن طريق التحكيم في مركز دبى للتحكيم الدولى وفقا لقواعده ، بما في ذلك أي تحديثات أو استبدالات أو تعديلات ، من قبل محكم واحد على الأقل يتم تعيينه وفقا للقواعد " . فإن مفاد ذلك النص أن إرادة طرفا العقد المذكور إنصرفت إلى عقد الإختصاص بنظر المنازعات الناشئة عنه بينهما لمحكمة التحكيم بمركز دبى المالى العالمى وليس للمحاكم) وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنة من أنها لم توقع علي العقد ?خطاب النوايا- الذي تضمن شرط التحكيم وأن رسالة البريد الالكتروني المرسلة من مديرها المالي بطلب قيمة الدفعة المقدمة لاتعد موافقة منها علي هذا الشرط كما أنها لا تحاج بها في هذا الخصوص كونه ليس ممثلها القانوني صاحب الأهلية في التوقيع علي هذا الشرط نيابة عنها وبالتالي فإنها لا تحاج بهذا الشرط ولا يكون التحكيم متفقا عليه بين الطرفين وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي بإلغاء الحكم الابتدائي والقضاء مجددا بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لنظرها من جديد، وإلزام المطعون ضدها المصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل اتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق