بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 30-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعون أرقام 232، 238، 277 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
إ. ع. أ. م.
م. ا. ا. ل. ?. م. ف. ?. م. ج. ه. ل. م. ف. ?. ح.
مطعون ضده:
م. م. م. د. ا.
ر. ع. س. ا.
ج. م. م. ن.
م. ك. س. ن.
ج. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2355 استئناف تجاري بتاريخ 19-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي ، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأُول في الطعن الأول رقم 232 لسنة 2025 تجاري أقاموا على الطاعنين والمطعون ضدهما الرابع والخامس في ذات الطعن الدعوى رقم 263 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإعادة المأمورية إلى الخبير المنتدب في النزاع رقم 743 لسنة 2023 تعيين خبرة، لبحث اعتراضاتهم على التقرير سند هذه الدعوى وذلك لبيان حصة مورثهم من أرباح الشركة الطاعنة الثانية من واقع القوائم المالية والميزانيات والحساب المصرفي لها والسجلات الورقية والإلكترونية، وبيان قيمة كافة موجوداتها ومقوماتها، وبيان قيمة الأثاث والبضائع والمعدات والديكور، وجميع المنقولات والاسم التجاري والسمعة التجارية ومن ثم تحديد نصيب مورثهم، وإلزامهم بالتضامن والتضامم بأن يسددوا إليهم مبلغ 6.027.136.5 درهما، والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام، وقالوا بياناً لذلك: إنهم ورثة/ مانوج نلادات واسو نلادات وفقا للثابت بالإشهاد رقم 1006 لسنة 2023 حصر ورثة غير مسلمين الصادر من محكمة التركات بدبي بتاريخ 4-9-2023، وبموجب اتفاقية شراكة للمشروع التجاري المسمى -مركز الموجه الأول للتوجيه- اتفق مورثهم مع الطاعن الأول والمطعون ضده الرابع على الاستثمار في مؤسسة فردية باسم مركز الموجه الأول للتوجيه للعمال وأصحاب الأعمال، بحيث يمتلك مورثهم نسبة (60%) من حصص المركز بينما يمتلك الطاعن الأول (25%) من الحصص ويمتلك المطعون ضده الرابع (15%) من الحصص، وسدد مورثهم قيمة حصته بمبلغ 6,000,000 درهم وتم تسجيل المؤسسة باسم الطاعن الأول والمطعون ضده الرابع دون اسم مورثهم لأن القانون يشترط أن تكون مملوكة بالكامل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان مورثهم هو القائم بإدارة المؤسسة حال حياته، وبعد وفاته في مارس عام 2022 هيمن الطاعن الأول والمطعون ضده الرابع على الطاعنة الثانية، وامتنعا عن سداد نصيب مورثهم، فأقاموا الدعوى رقم 743 لسنة 2023 تعيين خبرة أمام مركز التسوية الودية للمنازعات بدبي، وتم ندب خبير حسابي انتهى إلى أن حصة مورثهم في اتفاقية الشراكة مقدارها 6,000,000 درهم بنسبة (60%) من قيمة رأس المال، وأن الطاعن الأول كان هو المالك للمؤسسة الطاعنة الثانية بتاريخ سابق على تاريخ تحرير اتفاقية الشراكة سند الدعوى وقام بتحويلها إلى المطعون ضده الخامس، وكان التصرف في المؤسسة من قِبل الطاعن الأول قد تم دون علم ودون موافقة مورثهم، إضافة إلى أنه لم يقدم سنداً يثبت أنه قام بسداد نصيب الأخير، وكان الخبير لم يقم بتحقيق كامل طلباتهم فضلا عن وجود اعتراضات لهم على أعماله فكانت الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 28-11-2024 بإلزام الطاعن الأول بأن يؤدي إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأُول (ورثة الشريك مانوج نلادات واسو) مبلغ 6.000.000 درهم وفائدة قانونية 5% سنويا على المبلغ المحكوم به من تاريخ مطالبة كل وارث منهم حسب نصيبه في حصر الإشهاد رقم 1006/2023 حصر ورثة غير مسلمين، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 2355 لسنة 2024 تجاري، كما استأنفه المطعون ضدهما الثلاثة الأُول بالاستئناف رقم 2360 لسنة 2025 تجاري، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول، قضت بتاريخ 19-2-2025 بتأييد الحكم المستأنف، طعن (إسماعيل عبد الله أحمد، ومركز الموجه الأول للتوجيه "سابقا" مركز جود هاند للتوجيه "حاليا") في هذا القضاء بطريق التمييز بالطعن رقم 232 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 27 فبراير 2025 بطلب نقضه، وأودع محامي المطعون ضدهم الثلاثة الأول مذكرة جوابية بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، وأودع محامي المطعون ضده الخامس مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، وطعن فيه (إسماعيل عبد الله أحمد) بذات الطريق بالطعن رقم 238 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 27 فبراير 2025 بطلب نقضه، وأودع محامي المطعون ضدم الثلاثة الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، كما طعن فيه (ميني كالاتيل سومان نامبياتيل، وجايترى مانوج، وجاوتام مانوج مانوج نالادات) بذات الطريق بالطعن رقم 277 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 5 مارس 2025 بطلب نقضه، وأودع محامي المطعون ضده الخامس مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرضت الطعون على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهم، وبهذه الجلسة قررت المحكمة ضم الطعون للارتباط وليصدر فيهم حكم واحد.
وحيث أنه عن شكل الطعن رقم 232 لسنة 2025 تجاري، فإنه من المقرر قانوناً هدياً بنص المادة 151/1 من قانون الإجراءات المدنية أنه (لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم صراحة أو ضمناً أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك) مما مفاده أن الطعن بالتمييز لا يقبل إلا من المحكوم عليه ولا يجوز توجيهه إلا إلى من كان خصماً أمام محكمة الإستئناف أي أنه يتعين أن يكون الطاعن طرفاً في خصومه الإستئناف، وأن تكون خصومته للمطعون عليه حقيقية، بأن يكون قد نازع خصمه فيما يكون قد وجه إليه من طلبات للحكم عليه أو له بها، فإذا لم تكن هناك خصومة قائمة بين طرفين ماثلين في الدعوى، فإن الطعن المرفوع من أحدهما لا يكون مقبولاً قبل الآخر، إذ يقتصر قبول الطعن المرفوع من المحكوم عليه على الحكم الصادر ضده في مواجهة المحكوم له، وهو أمر متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق والحكم المطعون فيه ان المؤسسة الطاعنة الثانية في الطعن الأول ( مركز الموجه الأول للتوجيه -مؤسسة فردية- (سابقاً) ? مركز جود هاند للتوجيه -مؤسسة فردية- (حالياً) ) لم يقض عليها بشيء أمام المحكمة الاستئنافية، ولم يُطعن علي هذا الشق من قضاء الحكم المطعون فيه، فإنه لا يقبل منها الطعن بالتمييز علي الحكم المطعون فيه في الطعن الأول، ومن ثم يضحى الطعن المرفوع منها غير مقبول.
وحيث إن الطعون ? فيما عدا ما تقدم - قد استوفت أوضاعها الشكلية .
أولا: الطعنان رقما 232، 238 لسنة 2025 تجاري
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع في الطعن رقم 238 لسنة 2025 تجاري على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بسداد المبلغ المقضي به إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأُول على الرغم من عدم توافر صفتهم بالدعوى نظراً لقيامه ببيع المؤسسة محل التداعي للغير بتاريخ 2-8-2021، كما أن مورث المطعون ضدهم سالفي الذكر توفى بتاريخ 15-3-2022 أي أن المؤسسة تم بيعها في حياة مورثهم، وهي ليست تركة حتى يطالبوا بإرث مورثهم لذا تكون طلباتهم بصفتهم ورثة في غير محلها، وكان الحكم المطعون فيه رفض دفعه بانتفاء الصفة مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الصفة في الدعوى تقوم بالمدعى عليه متى كان الحق المطلوب موجوداً في مواجهته باعتبار أنه صاحب شأن فيه والمسؤول عنه حال ثبوت أحقية المدعي له، وأنه وإن كان استخلاص توافر الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى وهو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها قائما على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق ؛ لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير صفة بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول، تأسيساً على ما أورده بأسبابه ((وكان الثابت باتفاقية الشراكة المؤرخة 20 -3-2019 المبرمة بين مورث المدعين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) والمدعي عليهما الثاني (الطاعن) والثالث (المطعون ضده الخامس) نصت في التمهيد أن الطرف الأول (مورث المدعين) والطرف الثاني ( المدعي عليه الثاني) يرغبان في تأسيس شركة ومشروع تجاري لممارسة نشاط " مركز توجيه للعمال وأصحاب العمل" بإمارة دبي وتملكا حقيقة وواقعا ذلك المشروع الذي تكلف ثمانية ملايين وخمسمائة ألف درهم سدد بالكامل من الطرفين الأول والثاني بنسبة 75% من حصص المشروع للطرف الأول، 25% للطرف الثاني وطبقا للجدول الوارد بالاتفاقية فإن قيمة حصة الطرف الأول ( مورث المدعين) 6000000 درهم. نص البند الخامس على إقرار الطرف الثاني والثالث (المدعي عليهما الثاني والثالث) المسجل باسميهما ملكية المؤسسة في السجلات الرسمية أن دخل المؤسسة وإيراداتها وموجوداته ومقوماتها المادية والمعنوية والأسم التجاري هي ملك جميع الأطراف الموقعين على الاتفاقية كل حسب حصته. و نص البند الحادي عشر على أنه اتفق الأطراف على أ نه في حالة تصفية المؤسسة أ و حلها أ و انتهاء تراخيصها لاي سبب من الأسباب تؤول جميع موجودتها وكافة مقومتها لأصحابها وهم الطرف الأول والثاني والثالث ، وتستخلص المحكمة من عبارات العقد وما اتفق عليه اطرافه وجود شركة واقع بين مورث المدعين والمدعي عليهما الثاني والثالث ، و أ ن المدعين هم ورثة الشريك الطرف الأول في اتفاقية الشراكة بما تتوافر لهم الصفة في الدعوى ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعه من غير صفة على غير سند صحيح من الواقع والقانون تقضي برفضه)) وكانت هذه أسباب سائغة وكافية لاستخلاص صفة المطعون ضدهم الثلاثة الأول في إقامة دعواهم للمطالبة بحصة مورثهم في شركة الواقع موضوع الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون قائماً على غير أساس .
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بب اقي أسباب الطعنين على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقضاء بما لم يطلبه الخصوم والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول: إن المطعون ضدهم الثلاثة الأُول أقاموا دعواهم تأسيساً على سداد مورثهم حصته في الشراكة في المؤسسة الطاعنة الثانية مع الطاعن الأول بمبلغ 6.000.000 درهم، وأن الأخير باع المؤسسة خلال حياة مورثهم ولم يعطيه نصيبه من الأرباح، وطلبوا ندب خبير لبحث دعواهم، وقد فات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الثانية هي مؤسسة فردية مملوكة للطاعن ولا يجوز اعتبارها شركة، لا سيما أن مورث المطعون ضدهم لم يطلب تحويلها إلى شركه ذات مسؤولية محدودة، في ظل إنكار الطاعن قيام شركة واقع وعدم دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وعدم سداد مورثهم أي مبالغ مالية نظير الشراكة، ولم يرد في الاتفاقية ما يفيد أن التوقيع عليها يعتبر بمثابة سداد حصة مورث المطعون ضدهم، وأن الخبير المنتدب في الدعوى انتهى إلى عدم ثبوت سداد مورثهم أي مبالغ مالية، وأن المؤسسة تم بيعها إلى مالك آخر ولم يتمكن من احتساب الأرباح أو الخسائر بما يقتضي رفض الدعوى بحالتها لعدم الثبوت، إلا أن الحكم قضى بما لم يطلبه الخصوم وكيف الواقعة على أنها دعوى استرداد أصل الدين في حين أنها دعوى احتساب أرباح وخسائر في شركة، وقضى الحكم بإلزامه بالمبلغ المقضي به على سند من إخلاله باتفاقية الشراكة لبيعه المؤسسة دون إخطار مورثهم، معتبرا ذلك شرطا جزائيا في العقد، على الرغم من عدم تضمن العقد لشرط جزائي، وخلو الأوراق مما يثبت عدم العلم لأن البيع تم حال حياة الأخير ولم يعترض لأن المؤسسة كانت تحقق خسائر وعليه تسديد حصته منها، وهو ما لم يلتفت إليه الحكم، كما أن الخبير المنتدب في الدعوى فوض الرأي للمحكمة، بشأن ثبوت سداد حصة مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأُول، وأنهم لم يقدموا سند إيداع المبلغ، أو ما يفيد تسلم الطاعن له، ويثبت دخول الاتفاقية حيز النفاذ، والتي لم تتضمن ما يفيد أن التوقيع عليها بمثابة السداد، وأنه بفرض قيام شركة الواقع فإن مورثهم لم يسدد نصيبه من الخسارة بعد بيع المؤسسة بثمن بخس ولم يسدد قيمة الشيكات المرتجعة التي ألزم نفسه بها، كما أخطأ الحكم المطعون فيه فيما أقام عليه قضاءه بأنه لم يثبت عدم قيام مورث المطعون ضدهم سالفي الذكر بسداد مبلغ 6.000.000 درهم، حال أن المطعون ضدهم سالفي الذكر هم المكلفين بعبء الإثبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك بأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مُفاد نص المادتين 113، 117 من قانون المعاملات المدنية والمادة الأولى من قانون الإثبات أن يتناوب الخصمان عبء الإثبات في الدعوى تبعا لما يدعيه كل منهما فعلى من يدعي حقا على آخر أن يقيم الدليل على ما يدعيه بخلاف الأصل وهو براءة الذمة بينما انشغالها عارض، فإن أثبت حقه كان للمدعى عليه تقديم الدليل على انقضاء الدين وسببه، ومن المقرر أيضاً أن من يدعي براءة الذمة فعليه إقامة دليلها، ولا يعفى المنكر من الإثبات إلا إذا كان إنكاره مجرداً فلا يجيب على الدعوى بغير الإنكار أما إذا أقر بالدعوى في أحد عناصرها المدعاة وأدعى من جانبه خلاف الظاهر فيها فإن عليه يقع عبء إثبات ما يخالفه، كما أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة ومنها تقارير الخبرة والقرائن والمستندات المقدمة في الدعوى والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها واستخلاص الواقع الصحيح الثابت منها وما تراه متفقا مع الواقع فيها، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله، وهي غير مُلزمه بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات غير مؤثرة في الدعوى، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها، ولا بأن تتتبعهم في شتى مناحي دفاعهم وأقوالهم وحججهم وترد استقلالا على كل منها ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لما عداها، وأن استخلاص مدى مديونية كل طرف من طرفي الدعوى للآخر من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التمييز طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما أنه من المقرر -أيضاً- أن عقد الشركة لا يقوم إلا باجتماع شروط موضوعية خاصة، وهي التي تضفي عليه الطابع المميز وتظهر خصائصه الذاتية، وهذه الشروط هي تعدد الشركاء، وأن يقدم كل شريك فيها حصه في رأس المال، فهو وسيلة الشركة لتحقيق غرضها، والحصص على ثلاثة أنواع، فقد تكون الحصة مبلغاً من النقود أو حصة عينية أو عملاً، والحصة التي يسهم بها الشريك هي التي تبرر حصوله على نصيبه من الربح، والعمل الذي يقدمه الشريك كحصة في الشركة يجب أن يكون جدياً وفنياً يعود على الشركة بنفع محقق ويسهم في نجاح المشروع والمشاركة في اقتسام الربح والخسارة معا، ويجب أن يتوافر بالإضافة إلى الشروط الموضوعية الخاصة السابقة ركن رابع هو قصد الاشتراك أو نية المشاركة وهو انصراف إرادة الشركاء إلى التعاون الإيجابي لتحقيق الغرض الذي تكونت من أجله الشركة على أساس من المساواة. ومن المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع استخلاص قيام شركة الواقع أو عدم قيامها من ظروف الدعوى وقرائن الحال فيها دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز ما دام استخلاصها سائغا وله أصل ثابت في الأوراق؛ لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأُول (ورثة الشريك مانوج نلادات واسو) مبلغ 6.000.000 درهم وفوائده القانونية على ما اطمأن إليه من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير المنتدب فيها وأخذ به محمولا على أسبابه بعد أن واجه اعتراضات الخصوم وخلص إلى أن الثابت باتفاقية الشراكة المؤرخة 20-3-2019 المبرمة بين مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأُول (طرف أول) والطاعن الأول (طرف ثاني) والمطعون ضده الخامس (طرف ثالث) نصت في بندها التمهيدي على أن الطرف الأول والطرف الثاني يرغبان في تأسيس شركة ومشروع تجاري لممارسة نشاط "مركز توجيه للعمال وأصحاب العمل" بإمارة دبي وتملكا حقيقة وواقعا ذلك المشروع الذي تكلف ثمانية ملايين وخمسمائة ألف درهم سُدد بالكامل من الطرفين الأول والثاني بنسبة 75% من حصص المشروع للطرف الأول، 25% للطرف الثاني وطبقا للجدول الوارد بالاتفاقية فإن قيمة حصة الطرف الأول مبلغ 6,000,000 درهم، ونص البند الخامس على إقرار الطرفين الثاني والثالث المسجل باسمهما ملكية المؤسسة في السجلات الرسمية أن دخل المؤسسة وإيراداتها وموجوداتها ومقوماتها المادية والمعنوية والاسم التجاري هي ملك جميع الأطراف الموقعين على الاتفاقية كل حسب حصته، ونص البند الحادي عشر على أنه في حالة تصفية المؤسسة أو حلها أو انتهاء تراخيصها لأي سبب من الأسباب تؤول جميع موجودتها وكافة مقومتها لأصحابها الأطراف الثلاثة سالفي الذكر، وأن الثابت بالاتفاقية إقرار الطاعن الأول بسداد مورثهم حصته في رأس المال بمبلغ 6.000.000 درهم كما أقر أطراف اتفاقية الشراكة على ملكيتهم لكامل إيرادات المؤسسة وموجوداتها ومقوماتها وتحملهم كافة التزاماتها وأحقية كل منهم في ناتج تصفيتها أو حلها أو انتهاءها، وكانت الشركة تقوم بمزاولة نشاطها بدليل ما تحصل عليه مورثهم من أرباح بموجب شيكات في تاريخ لاحق على بيع المؤسسة ولم ينازع أي من الأطراف في ذلك مما يدل على أن الشركة كان تزاول نشاطها، وأن الثابت أن الطاعن الأول باع المؤسسة بموجب العقد المصادق عليه بتاريخ 2-8-2021 إلى المطعون ضده الخامس، وكان مؤدى تصرفه ببيع المؤسسة الفردية موضوع اتفاقية الشراكة بإرادته منفردا هو في حقيقة الواقع إنهاء وتصفية للشركة كما أنه لم يقدم ما يثبت رده حصة مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأُول في رأس المال أو ما يثبت اتفاق الشركاء على تصفية الشركة بالتراضي، وأن الثابت بالاتفاقية المذكورة سداد مورث سالفي الذكر حصته ومن ثم يقع عبء إثبات عكس ذلك على الطاعن، الذي قام بإنهاء اتفاقية الشراكة وتصفية الشركة بموجب عقد بيع المؤسسة وبالمخالفة لأحكام اتفاقية الشراكة، ومن ثم يكون قد أخل بالتزاماته بموجب اتفاقية الشراكة وتكون ذمته مشغولة بمبلغ 6.000.000 درهم لصالح المطعون ضدهم الثلاثة الأُول -الورثة- وثبت من تقرير الخبير التكميلي أحقية الورثة (المطعون ضدهم الثلاثة الأُول) في استرداد حصة مورثهم المدفوعة، وأن الطاعن الأول هو الملزم بالسداد لأنه أخل بالتزاماته في الاتفاقية المشار إليها، كما خلص الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى وتقرير الخبير المنتدب أمام المحكمة الابتدائية والذي أثبت أنه انتقل إلى مركز الموجه الأول للتوجيه وتبين أن المركز تم تحويله إلى المطعون ضده الخامس وتسلم صورة من عقد بيع محل تجاري وصورة من الرخصة التجارية وأنه لا يوجد ميزانيات، وأن حصة مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأُول في اتفاقية الشراكة مقدارها 6,000,000 درهم بنسبة 60% من قيمة رأس المال وأن من يتولى إدارة المؤسسة لدى الجهات الحكومية بعد مورثهم هو (فيصل إسماعيل عبد الله أحمد محمد) طبقا للرخصة التجارية رقم (807291) وتعذر احتساب نصيب المورث من أرباح المؤسسة واحتساب كافة المبالغ المستحقة للورثة، لعدم تقديم القوائم المالية والميزانيات للمؤسسة محل التداعي، وأن طبيعة العلاقة بين طرفي النزاع هي علاقة شراكة تمت بموجب اتفاقية شراكة محررة بتاريخ 20-3-2019 بين مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأُول والطاعن الأول والمطعون ضده الخامس، والسابق تسجليها وترخيصها لدى الدائرة الاقتصادية بدبي على أنها مؤسسة فردية يملكها الطاعن الأول واسمها التجاري مركز الموجه الأول للتوجيه وأن تاريخ تسجليها لدى الدائرة الاقتصادية بدبي هو بتاريخ سابق على تاريخ اتفاقية الشراكة وذلك طبقا للثابت باتفاقية الشراكة، وأن مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأُول هو المدير المسؤول وبعد ذلك أصبح المدير المسؤول هو فيصل إسماعيل عبد الله لدى الجهات الحكومية طبقا للرخصة التجارية رقم (807291) وثبت من تقرير الخبير التكميلي أحقية الورثة (المطعون ضدهم الثلاثة الأُول) في استرداد حصة مورثهم المدفوعة وأن الطاعن هو الملزم بالسداد لأنه أخل بالتزاماته في الاتفاقية المشار إليها، وكان ما خلص اليه الحكم سائغا وله معينه من الأوراق ويكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، ومن ثم فإن النعي عليه بهذه الأسباب لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة إليها وتقدير أعمال الخبير مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ويضحى النعي برمته في كلا الطعنين على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعنين.
ثانياً: الطعن رقم 277 لسنة 2025 تجاري
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى فيه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أخطأ برفض مطالبتهم إلزام المطعون ضدهما بالتضامن والتضامم مع المحكوم عليه بأداء المبلغ المطالب به في الدعوى، رغم أنهم استندوا في طلبهم سالف البيان إلى أن الثابت بالرخصة المهنية للمطعون ضدها الأولى الصادرة بتاريخ 16-5-2018 أن مقرها هو المعرض رقم "10" ملك سعادة/ سعيد الكندي ــــ بر دبي ــ ند الحمر) وأن مورثهم وفقا للتمهيد الوارد بمقدمة اتفاقية الشراكة للمطعون ضدها الأولى المبرم بتاريخ 20-3-2019 أي في تاريخ لاحق على تسجيل المؤسسة (المطعون ضدها الأولى) وتأسيس مقرها بكامل موجوداته وأثاثه، سدد مبلغ 6,000,000 درهم في تسجيل وتأسيس مقرها، وأثبت الخبير المنتدب في الدعوى أن مقر الأخيرة هو ذات المقر الوارد بالرخصة المهنية الصادرة بتاريخ 16-5-2018، ومن ثم فإن المؤسسة آلت إلى المطعون ضده الثاني بذات مقرها ومقوماته المادية والمعنوية وسمعتها التجارية، ومارس المطعون ضده الثاني ذات النشاط الذي كان يمارسه مورثهم والسيد/ إسماعيل عبد الله أحمد محمد (المحكوم عليه) بأداء المبلغ المحكوم به حيث نص عقد التنازل الذي بموجبه آلت ملكية المؤسسة المطعون ضدها الأولى إلى المطعون ضده الثاني على أن التنازل يشمل جميع المقومات المادية والمعنوية والمعرض، كما غير المطعون ضده الثاني اسم المطعون ضدها الأولى إلى مركز/ جود هاند للتوجيه -مؤسسة فردية- وأن المحكوم عليه سالف الذكر والمطعون ضده الثاني أخفيا واقعة التنازل ونقل الملكية للمطعون ضده الثاني عن مورثهم حال حياته، كما أثبت تقرير الخبير في الدعوى رقم 743 لسنة 2023 تعيين خبرة أن مورثهم تلقى أرباح لاحقة على التنازل بموجب 3 شيكات قيمة كل منهم 100.000 درهم، وأن المحكوم عليه قد تنازل عن المؤسسة للمطعون ضده الثاني بموجب الاتفاقية المؤرخة 2-8-2021 وظل المحكوم عليه يسدد الأرباح لمورثهم في تواريخ لاحقة على البيع لإخفاء واقعة التنازل عليه بالتواطؤ مع المطعون ضده الثاني، كما خلت الأوراق مما يفيد قيام المطعون ضده الثاني بإعلان التصرف في صحيفتين يوميتين تصدران في الدولة إحداهما باللغة العربية يفصل بين صدورهما مدة أسبوعا وفقا للمادة (47) من قانون المعاملات التجارية مما يتعين معه إلزام الأخير بالتضامن والتضامم مع المحكوم عليه بأداء المبلغ المحكوم به، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن أن المؤسسة التجارية الخاصة لا تعدو أن تكون مجموعة أموال مادية ومعنوية خصصها مالكها أو صاحب ترخيصها لمزاولة أعمال تجارية، ومن ثم فإنها تُعد بهذه المثابة محلا تجاريا يخضع التصرف فيها وآثار هذا التصرف إلى ما هو مقرر من أحكام تتعلق بشأن التصرف في المحل التجاري الواردة في قانون المعاملات التجارية، وأن مُفاد نص المادتين 46/ 1، 47 من ذلك القانون أن مالك المحل التجاري متى تصرف في هذا المحل إلى آخر بالطريق الذي رسمه القانون وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادتين 44، 45 من ذات القانون وآلت ملكية المحل إلى المتصرف إليه حل هذا الأخير -بقوة القانون- محل الأول في جميع الحقوق والتعهدات والالتزامات والديون الناشئة عن المعاملات السابقة على هذا التصرف متى كانت متصلة بالمحل التجاري، ويكون هذا الأخير مسئولا عن كافة التعاملات والالتزامات والديون المترصدة عنها والتي قام المالك السابق بإبرامها مسئولية مصدرها القانون، وحرصا من المشرع على استقرار المعاملات التجارية وحماية للدائنين السابقين على التصرف -في العقود المتصلة بالمحل التجاري- وكذا حماية للمتصرف إليه في ذات الوقت فرض على من آلت إليه ملكية المحل القيام بإجراءات حددتها الفِقرة الأولى من المادة 47 سالفه الذكر بأن يعين ميعادا لهؤلاء الدائنين للتقدم ببيان عن ديونهم لتسويتها على أن يعلن عن هذا الميعاد في جريدتين يوميتين تصدران في الدولة إحداهما باللغة العربية يفصل بين صدورهما مدة أسبوع، ولا يقل الأجل المذكور المحدد للدائنين عن تسعين يوما حيث يتعين عليهم التقدم خلالها ببيان عن حقوقهم المتصلة بالمحل، وإذ رتب القانون على هذه الإجراءات أثرا محدداً بشأن مدى التزام المتصرف إليه بالديون السابقة على انتقال الملكية إليه، فإنه متى تقاعس عن اتباعها كان مسئولا عن الوفاء بالديون المستحقة للدائنين السابقين على هذا التصرف، ولا يغني عن جوب قيامه بهذه الإجراءات اتخاذ إجراءات الإعلان عن التصرف في المحل ذاته والتي يترتب عليها نقل ملكية المحل للمتصرف إليه، أما الديون التي لم يتقدم أصحابها ببيان عنها خلال الميعاد المذكور فوفقا للفِقرتين الثانية والثالثة من ذات المادة فإن ذمة من آلت إليه ملكية المحل التجاري تبرأ منها وتبقى ذمة المتصرف مشغولة بها، ومن المقرر أيضا أن المؤسسة التجارية الخاصة أو المنشأة التجارية الفردية ليست لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخص مالكها أو صاحب الترخيص التجاري الخاص بها بل تعتبر عنصرا من عناصر ذمته المالية، كما أنه من المقرر أن التضامن بين المدينين لا يُفترض، وإنما يكون بناء على اتفاق أو نص في القانون، كما أن الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر، وعلى الدائن إثبات الاتفاق مصدر التضامن؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب الطاعنين إلزام المطعون ضدهما بالتضامن مع المحكوم عليه في أداء المبلغ المطالب به تأسيسا على خلو الأوراق من دليل على التزامهما بأداء حصة مورث الطاعنين، فإنه يكون قد طبق صحيح حكم القانون، لا سيما أن الدين المطالب به لا يُعد من الديون الناشئة عن المعاملات المتصلة بالمؤسسة محل التداعي حتى يخضع للنص القانوني الوارد بوجه النعي والذي يوجب لإلزام المتصرف إليه الذي آلت إليه ملكية المحل التجاري بالحقوق والتعهدات والالتزامات والديون الناشئة عن المعاملات السابقة على هذا التصرف أن تكون متصلة بالمحل التجاري وهو ما خلت منه أوراق الدعوى، كما أنه لا يُعد دينا على المؤسسة ذاتها، بما ينتفي معه وجه إلزام المطعون ضدهما (المؤسسة والمتصرف إليه) بالدين المقضي به بالتضامن مع المحكوم عليه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن يكون على غير أساس .
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة في الطعون أرقام 232، 238، 277 لسنة 2025 تجاري برفضها وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، ومصادرة التأمين في كل من الطعون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق