بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 10-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 217 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
س. س. ل. ا. ش. .. ذ. .. م. .. م.
مطعون ضده:
م. ط. ل. ف. م. م. ط. ل. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2095 استئناف تجاري بتاريخ 29-01-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر / محمد محمود نمشه وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت على الطاعنة الدعوى رقم 426 لسنة 2024 تجاري بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 1,632,000 درهم، والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب عقد استشارات وإعداد دراسة جدوى مؤرخ 23/10/2023 اتفقت مع الطاعنة على أن تقوم بإعداد دراسة جدوى وعقد الاستثمار المؤرخ 4/1/2024 البالغ قيمة مبلغ عقد الاستثمار 15,000,000 درهمًا لصالحها مقابل حصولها على أتعاب مقدارها 750,000 درهمًا تلتزم بسداده لها حال إعداد دراسة الجدوى ومراجعة الوثائق وإعداد العقد مع المستثمر للتوقيع عليه ، ونظرًا لحدوث تعديلات على قيمة عقد الاستثمار تمثلت في زيادة مبلغ الاستثمار المتفق عليه إلى 25,000,000 درهمًا، فإن مبلغ العمولة المستحق لها يكون 1,632,000 درهمًا، وإذ قامت بالوفاء بالتزاماتها بإعداد دراسة الجدوى وعقد الاستثمار المبرم بين الطاعنة والمستثمر والمؤرخ 4/1/2024 وأخلت الطاعنة بالتزاماتها بسداد المبلغ المستحق لها بموجب العقد المبرم بينهما، على الرغم من إقرارها بأحقيتها فيه بموجب رسالة بالبريد الإلكتروني المرسل منها إليها، فقد أقامت الدعوى ، وجهت الطاعنة للمطعون ضدها دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغٍ 495,470 درهمًا على سند من إنها حصلت عليه منها بدون وجه حق لأن العقد المؤرخ 23/10/2023 معلق على شرط واقف هو حصولها على المبلغ المتفق عليه في عقد الاستثمار ، ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره ، عدلت الطاعنة طلباتها إلى طلب الحكم بفسخ العقد المبرم بينها وبين المطعون ضدها، وبرفض الدعوى الأصلية للتغرير والصورية ، وعدم أحقية المطعون ضدها مبلغ العمولة المتفق عليها لعدم تحقق الشرط الواقف لعدم حصولها على مبلغ الاستثمار، وبحصولها على مبلغٍ 495,470 درهمًا بدون وجه حق ، وبتاريخ 17/10/2024 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 1,582,000 درهم، والفائدة القانونية بواقع 5% اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 25/1/2024 وحتى تمام السداد ، و برفض الدعوى المتقابلة،استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2095 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 29/1/2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة اودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 26/2/2025 طلبت فيها نقض الحكم، كما قدمت المطعون ضدها مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة ورأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان على سند من أن عقد الاستشارات وإعداد دراسة الجدوى المبرم بينها وبين المطعون ضدها وإن نص في البند الثاني منه على قيامها بإعداد دراسة الجدوى عن استثمار مبلغ 15,000,000 درهمًا، ومراجعة الوثائق وإعداد تقريرعن إمكانية تنفيذه على الطبيعة مقابل حصولها على مبلغ 750,000 درهمًا ، إلا أنه خلا من النص على حصولها على هذا المبلغ عند التوقيع عليه ، أو من أحقيتها في تقاضي عمولة منها عند زيادة مبلغ الاستثمار ، وإنها سددت للمطعون ضدها منه مبلغ 495,470 درهمًا ، وقدمت كشف حساب بنكي خاص بها وإيصالات سداد تفيد تحويلها مبالغ مالية إلى المطعون ضدها مقدارها 495,470 درهمًا، وأن المطعون ضدها أقرت بأن هذا المبلغ عبارة عن هدايا، إلا أنها لم تقدم أي مستند أو دليل يثبت ذلك ، كما تمسكت بأن المطعون ضدها لم تقم بإعداد دراسة جدوى عن استثمار مبلغ 25,000,000 درهمًا ، ، ولم تقم بتعديل تلك الدراسة بعد زيادة مبلغ الاستثمار بالعقد المؤرخ 4/1/2024 بنسبة تتعدى 70%، وبأنها لا تمارس نشاط السمسرة حتى تستحق عمولة عند زيادة مبلغ الاستثمار ، وإنها لا تربط معها بعقد سمسرة ، وإن ما جاء برسالتي البريد الإلكتروني المتبادلتين بينهما المتضمنتين الاتفاق على عمولة عند زيادة مبلغ الاستثمار إلى 25,000,000 درهم، مرتبط بتعديل دراسة الجدوى على ضوء زيادة حجم الاستثمار من 15,000,000 درهمًا إلى 25,000,000 درهمًا وهو ما لم يتم، ومن ثم لا تستحق المطعون ضدها أي عمولة ، و إن عقد الاستثمار ودراسة الجدوى التي قامت المطعون ضدها بإعداده هو عقد وهمي وزائف، ولم يحقق لها أي استفادة أو عائد مادي ، وإن المذكورة قامت بالتغرير بها وإدخال الغش والتدليس عليها بهدف تقاضي عمولات منها بدون أي وجه حق، وقدمت للتدليل على ذلك الإقرار الصادر من المستثمر الذي أحضرته المطعون ضدها لها للاستثمار بها "محمد تقي سيزياني" والمصدق عليه من الكاتب العدل بجمهورية إيران الإسلامية والقنصلية الإيرانية ووزارة الخارجية الإماراتية وكافة الجهات اللازمة ، والذي أقر بموجبه بأن عقد الاستثمار صوري، وأنه أبرم بناء على طلب المطعون ضدها بهدف تقاضي عمولات منها، وإن هذا الإقرار حجة عليها لأنها هي من أحضرت المستثمر المقر، وهي من قامت بالاتفاق معه ، وإذ أعرض الحكم عن هذا الدفاع ودلالة هذا الإقرار وعن طلبها ندب لجنة خبرة ثلاثية وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى الأصلية بإلزامها بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 1,632,000 درهمًا والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد وبرفض دعواها الفرعية وعن طلبها ندب لجنة خبرة ثلاثية فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا ما تم العقد صحيحًا غير مشوب بعيب من عيوب الرضا، وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات، وأن استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بما لها من سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها ، وتفسير العقود والمشارطات وسائر المحررات، بما تراه أوفي بنية عاقديها، ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسير العقود عما تحتمله عباراتها أو تجاوزت المعنى الواضح لها ، والأخذ بتقرير الخبير محمولًا على أسبابه باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به و يتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى، و إنها إذا رأت الأخذ به محمولا على أسبابه وأحالت في أسبابها إليه اعتبر جزء من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب أخرى أو الرد استقلالا علي الطعون الموجهة إليه ، أو الاستجابة لطلب إعادة المأمورية للخبير لأن في أخذها به محمولًا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف بين الطرفين وانتهى بشأنها إلى نتيجة سليمة ودلل عليها بأسباب سائغة ، وإن المقرر أيضًا أن النص في المواد 180، 186، 187من قانون المعاملات المدنية يدل:- على أن التغرير الذي يعيب الرضا هو تدليس أحد المتعاقدين على الآخر باستعماله عند التعاقد وسائل احتيالية قولية أو فعلية، ومنها سكوته عمدًا عن واقعة أو ملابسة، ما كان المتعاقد الآخر ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة، وأنه إذا تحقق مع الضرر غبن فاحش جاز لمن غرر به فسخ العقد، وإن استخلاص ثبوت التغرير بالمفهوم المشار إليه أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغًا مما لـه أصل ثابت في الأوراق ، وإن المقررأن المقصود بالصورية هو اتفاق الطرفين على إجراء تصرف ظاهر غير حقيقي يخفي العلاقة بينهما، ويترتب على ذلك أن التصرف الصوري غير موجود في نيتهما، وأن العقد النافذ بين المتعاقدين هو العقد الحقيقي المخفي، وأن عبء إثبات الصورية يقع على عاتق من يدعيها، وأن تقدير كفاية أدلة الصورية هو مما تستقل به محكمة الموضوع لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله ، وإن الإقرار - سواء كان قضائيًا أو غير قضائي- هو إخبار الإنسان عن حق عليه لآخر أو التنازل عن حق له قبله، ويشترط لصحة الإقرار أن يفيد ثبوت الحق المقر به أو التنازل عنه على سبيل الجزم واليقين وألا يكذبه ظاهر الحال، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 1,582,000 درهمًا والفائدة القانونية بواقع 5% اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 25/1/2024 وحتى تمام السداد ، و برفض الدعوى الفرعية على ما استخلصه من تقرير الخبير المقدم في الدعوى من أن الطاعنة قد تعاقدت مع المطعون ضدها بموجب العقد المؤرخ 23/10/2023 للقيام بإعداد دراسة الجدوى عن استثمار مبلغ 15,000,000 درهمًا، ومراجعة الوثائق وإعداد تقريرعن إمكانية تنفيذه على الطبيعة وإعداد عقد الاستثمار الذي تم توقيعه بتاريخ 4/1/2024 مقابل حصولها على مبلغ 750,000 درهمًا ، وإنه تم إدخال تعديلات على هذا العقد بخصوص العمولة المستحقة للمطعون ضدها من مبلغ 750,000 درهمًا إلى مبلغ 1,632,000 درهمًا بموجب الرسالتين الإلكترونيتين المؤرختين 6/1/2024، 9/1/2024، وأن الشركة المطعون ضدها قد نفذت التزاماتها المنصوص عليها بالعقد المذكور، وقدمت تقريرها إلى الشركة الطاعنة التي وقعت على عقد الاستثمار المؤرخ 4/1/2024 مع المستثمر "محمد تقي سبزياني" بمبلغ استثمار 25,000,000 درهم بناءً على دراسة الجدوى التي أعدتها ، وأن الطاعنة قد سددت مبلغ 50,000 درهمًا من إجمالي مبلغ العمولة المتفق عليه ومقداره 1,632,000، وإن ذمتها مشغولة بباقي المبلغ ومقداره مبلغ 1,582,000 درهمًا ، وأن العقد موضوع التداعي قد خلا مما يفيد أن التزام الطاعنة بسداد العمولة المتفق عليها للمطعون ضدها معلق على شرط واقف، وهو حصولها على مبلغ الاستثمار المتفق عليه بينهما، وإن العقد قد نص على استحقاق المطعون ضدها للعمولة بمجرد التوقيع عليه ، وأنه تم التوقيع على عقد الاستثمار بين الشركة الطاعنة و"محمد تقي" بتاريخ 4/1/2024 بمبلغ 25,000,000 درهمًا، مما يكون معه المبلغ المستحق للمطعون ضدها حال الأداء، و تكون الدعوى قد رفعت في ميعادها القانوني الصحيح، وإن العقد المؤرخ 23/10/2023 منتج لآثاره لأن الطاعنة تعاقدت مع المطعون ضدها عن إرادة حرة لا يشوبها غبن أو تغرير، وخلت الأوراق من ثمة دليل على وجود تحايل على القانون ضد مصلحتها ، أو استخدام المطعون ضدها أي حيلة تفسد رضاءها، بما تستحق معه المطعون ضدها مبلغ 1,582,000 درهمًا قيمة باقي العمولة المستحقة لها بموجبه ، وإذ كان هذا من الحكم سائغًا ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لما يخالفه فإن النعى عليه بأسباب الطعن لا يعدوا أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصاريف ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق