بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 02-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 192 و 205 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ل. و. ا.
مطعون ضده:
م. ب. د. و.
م. أ. ع. ب. د. ا.
ط. م. ا. د. ا.
ه. م. ا. ع. ا.
خ. م. ا. د. ا.
م. م. ا. ب. د. ا.
ع. م. ا. د. ا.
ن. م. ا. د. ا.
س. ا. ع. ب. د. ا.
ع. ا. ع. ب. د.
ح. أ. ع. ب. د. ا.
ح. ا. ع. ب. د. ا.
ع. ا. ع. ب. د. ا.
ح. ح. خ. ب. ب.
ط. م. ا. د. ا.
ي. م. ا. د. ا.
ع. م. ا. د. ا.
س. أ. ع. ب. د. ا.
ك. ع. ب. ع. م. ا.
ه. ا. ع. ب. د.
ز. م. ا. د. ا.
ا. م. ا. د. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1186 استئناف تجاري بتاريخ 22-01-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع علي الأوراق و سماع تقرير التلخيص الذي اعده القاضي المقرر / محمد المرسى و بعد المداوله
حيث ان الطعنين استوفيا اوضاعهما الشكليه
وحيث ان الوقائع علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في ان البنك الطاعن في الطعن الأول أقام الدعوى رقم 1119 لسنة 2023 تجاري مصارف ضد المطعون ضدهم فيه -عقب تصحيح شكل الدعوى وإدخال خصوم جدد فيها- بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم من الأولى حتى الحادي عشر بأن يؤدوا إليه بالتضامن والتضامم مبلغ 37/42,823,030 درهمًا، وإلزام المطعون ضدهم من الثاني عشر وحتى الأخيرة بأن يؤدوا إليه مبلغ 37/42,823,030 درهمًا في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم المرحوم محمد أحمد عبد الله دسمال السويدي، وإلزامهم بالفائدة بواقع 12% سنويًا من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام . على سند من أن المطعون ضدها الأولى هي مؤسسة فردية مملوكة للمرحوم أحمد عبد الله بن دسمال، وأنها تحصلت منه حال حياة مالكها على تسهيلات مصرفية بضمان وكفالة المطعون ضدهم من الثاني وحتى الحادي عشر، كما كفل المرحوم محمد أحمد عبد الله دسمال السويدي -مورث المطعون ضدهم من الثاني عشر وحتى الأخيرة- التسهيلات الممنوحة للمطعون ضدها الأولى، وحيث بلغت المديونية المستحقة له في ذمة المطعون ضدها الأولى المبلغ المطالب به، وبمطالبتهم بسداد تلك المبالغ امتنعوا دون سبب أو مبرر قانوني، فكانت الدعوى . ندب القاضي المشرف خبيرًا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 27-6-2024 بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن فيما بينهم بأن يؤدوا إلى البنك الطاعن مبلغ 36,338,487 درهمًا، والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية في 19-9-2023 وحتى تمام السداد، على أن يكون أداء المبلغ في حدود ما آل من تركة قبل المطعون ضدهم من الثاني عشر حتى الأخيرة وفقًا للائحة تصحيح شكل الدعوى وطبقًا لأسباب هذا الحكم، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات . استأنف البنك الطاعن في الطعن الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1186 لسنة 2024 تجاري، كما استأنفه الطاعنون في الطعن الثاني بالاستئناف رقم 1258 لسنة 2024 تجاري، ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول للارتباط، وندبت خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 22-1-2025 في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف بشأن المبلغ المقضي به ليصبح مبلغ 79/37,870,686 درهمًا، والتأييد فيما عدا ذلك . طعن المصرف الطاعن (المدعي) في هذا الحكم بالتمييز رقم 192 لسنة 2025 تجاري بصحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 19/2/2025 بطلب نقضة وقدم المطعون ضدهم الثاني ومن الرابع الي العاشر مذكرة شارحة بدفاعهم التمسوا في ختامها الحكم بضم الطعن رقم 205 لسنة 2025 تجاري للطعن الماثل ونقض الحكم المطعون فيه كما طعن الطاعنون علي ذات الحكم بالتمييز رقم 205 لسنة 2025 تجاري بصحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 21/2/2025 بطلب نقضة وقدم المطعون ضده مذكرة شارحة بالرد التمس في ختامها الحكم برفض الطعن وإذ عرض الطعنان علي هذه المحكمة في غرفة مشوره فحددت جلسة لنظرهما وبها قررت المحكمة ضم الطعنين لبعضهما للارتباط وليصدر فيهما حكماً واحداً.
أولاً: الطعن رقم 192 لسنة 2025 تجاري
وحيث ان الطعن أقيم علي سبب واحد ينعى به البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه احتسب الفوائد الاتفاقية حتى تاريخ غلق حسابي القرضين، وكذا احتسب الفوائد البسيطة بواقع 5% من تاريخ غلق الحساب وحتى تاريخ رفع الدعوى، باعتبار أن الرصيد المدين في الحساب منذ غلقه يصبح دينًا عاديًا تسري عليه الفوائد البسيطة، على الرغم من أن الاتفاقية المبرمة مع المطعون ضدها الأولى أشارت بصورة واضحة وصريحة على خضوع التسهيلات المذكورة للشروط والأحكام العامة للتسهيلات الائتمانية المنصوص عليها في العقد المرجع رقم (CAD/10692) ، وأنه بالرجوع إلى اتفاقية الشروط والأحكام العامة للتسهيلات الائتمانية في الفقرة الخاصة (بحالات الإخلال) الواردة بالبند رقم (10) يتبين منه أنه تم الاتفاق على أحقيته في قيمة كامل المديونية والتي تشمل الفائدة الاتفاقية في حال فشل المطعون ضدها الأولى في دفع أي مبالغ متعلقة بالتسهيلات أو تسوية أي مديونية عند تاريخ استحقاقها، بما مفاده اتفاق الطرفان على احتساب الفوائد الاتفاقية المستحقة له حتى تاريخ قيد الدعوى، باعتبار أن الفائدة حتى تاريخ قيد الدعوى تعتبر جزءًا من المديونية بخلاف الفائدة التأخيرية التي تستحق من تاريخ رفع الدعوى، وأنه بالرجوع إلى تقرير الخبرة يتضح أن الخبير قد أكد على أن الفائدة الاتفاقية هي 3.5%، إلا أنه احتسب الفائدة الاتفاقية حتى تاريخ أخر إيداع، ثم احتسب بعد ذلك الفائدة بنسبة 5% سنويًا من تاريخ أخر إيداع حتى تاريخ تسجيل الدعوى، بدلًا من أن يحتسب الفائدة الاتفاقية وفقًا لاتفاقية التسهيلات، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن مدفوعات البنك في الحساب الجاري ترتب فائدة دون حاجة إلى اتفاق على ذلك، وأن الفوائد تُحسب وتُسجل على هذه المدفوعات من تاريخ دخولها في الحساب الجاري وحتى تاريخ إقفاله، وتكون -في هذه الفترة- مركبة وبسعرها المتفق عليه أو بسعر السوق -ما لم يُتفق على حسابها بسيطة-، وتكون بسيطة من تاريخ قفل الحساب وحتى تاريخ رفع الدعوى -وتُضاف إلى رصيد الدين- وهذه الفائدة الأخيرة غير الفائدة التأخيرية التي يُقضى بها تبعًا للمبلغ المحكوم به كتعويض عن تأخير المدين في تنفيذ التزاماته بالوفاء بالدين في موعده. وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها، وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات في الدعوى، ولها الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها لسلامة الأسس التي بنى عليها ويتفق مع الواقع الثابت في الأوراق، ويؤدي إلى النتيجة التي استندت إليها، وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبير، أو أن تتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالًا، لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره، مما لا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه بالفوائد المقضي بها على تقرير الخبرة الأخير والذي احتسب الفوائد الاتفاقية حتى تاريخ غلق حساب القرضين محل التداعي، ثم احتسب عقب ذلك الفوائد البسيطة بواقع 5% من تاريخ غلق الحسابين حتى تاريخ رفع الدعوى -وفقًا للمأمورية المنوط بها بموجب الحكم التمهيدي الصادر بتاريخ 15-11-2023 من محكمة أول درجة- باعتبار أن الرصيد المدين في الحساب منذ غلقه يصبح دينًا عاديًا تسري عليه الفوائد البسيطة، فإنه لا يكون قد خالف القانون لاسما وانه لم يثبت من تقرير الخبرة وجود اتفاق بين الأطراف علي استمرار سريان الفوائد الاتفاقية بعد قفل الحساب بما يكون معه النعي برمته علي غير أساس.
ثانياً: الطعن رقم 205 لسنة 2025 تجاري
وحيث ان حاصل ما ينعي به الطاعنون علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال اذ قضي بالزامهم بالمبلغ المقضي به رغم انهم قدموا مذكرة بدفاعهم أمام محكمة الاستئناف تمسكوا فيها بسقوط الكفالة في حق مورثهم محمد أحمد بن دسمال لعدم توقيعه على كفالة عقد تعديل التسهيلات، وعدم توقيعهم على أي كفالات بعد وفاته، وكذا باعتراضاتهم على تقرير الخبرة والمدعمة بتقرير استشاري فني معد من قبل لجنة خبراء متخصصة توضح العيوب التي شابت تقرير الخبرة المنتدب أمام محكمة الاستئناف من الناحية الفنية، إلا أن الحكم التفت عن كل ذلك. كما ان البنك المطعون ضده تلاعب بسوء نية بالحسابات والفوائد، وتعمد إخفاء العقد الأصلي وجميع المستندات ذات الصلة، ولم يقدمها إلى الخبرة المنتدبة أمام محكمة أول درجة، مما أدى إلى عدم دقة نتيجة الخبرة، وعلى الرغم من أن التقرير قد أثبت بعض حقوقهم من إيجارات مسددة، وأنهم قد اعترضوا على تقرير الخبرة المودع في الاستئناف، خاصة فيما انتهى إليه من أنه لم يثبت أمتناع البنك عن تقديم كشوف الحساب أو أي مستندات، وأنه لم يثبت للخبرة خلال فترة التعامل بين الأطراف، توجيه إخطار من المطبعة إلى المصرف بخصوص احتساب الفوائد أو الاعتراض على معدل الفوائد المطبق أو الاعتراض على توجيه التسديدات، في حين أنهم قدموا إخطار صادر من المطبعة إلى البنك بتاريخ 26-7-2020 تطلب فيه منه تزويدها برصيد الحسابات والودائع وكافة التعاملات معه، إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف العقد والذي نص صراحة على أن طريقة سداد القرض تكون من خلال عقد سداد البنك لقيمة الإيجار، فالبنك المطعون ضده يقوم بإيداع القيمة الإيجارية بحساب القرض، ثم يقوم بسحبها لتسديد قيمة القرض، أي أنه هو المسئول عن السداد، وأن الدليل المادي والواقعي على ذلك هو استمرار العلاقة الإيجارية، وهو ما ينفي أي إخلال بالالتزام من جانبهم، إلا أن الحكم التفت عن ذلك فضلاً عن ان الحكم المطعون فيه احتسب الفوائد الاتفاقية حتى تاريخ غلق حسابي القرضين، ثم احتسب الفوائد البسيطة بواقع 5% من تاريخ غلق الحساب وحتى تاريخ رفع الدعوى، على الرغم من أنهم اعترضوا على تقرير الخبرة المنتدب الذي عول عليه الحكم في قضائه، وأنهم قدموا تقرير خبرة استشاري يفند الأخطاء التي وقعت فيها الخبرة ومجملها أن مدة القرض لم تنتهِ، ومن ثم فلا مجال للمطالبة بكامل قيمة القرض، وأنهم نفذوا التزاماتهم تجاه البنك، وأن الأخير هو المتحكم في عملية سداد أقساط القرض وفوائده من إيجارات الطابق المؤجر له، مع الأخذ في الاعتبار إضافة الزيادة الإيجارية وفق المتفق عليه وإعادة احتساب المستحق من القرض، وأنهم طلبوا ندب لجنة أخرى من الخبراء لإظهار وجه الحق في الدعوى، إلا أن الحكم التفت عن كل ذلك. كما أن الحكم قد انتهى إلى أن الخبرة قد تكفلت بالرد السائغ على كل الاعتراضات الموجهة إلى التقرير، على الرغم من أن تقرير الخبرة الاستشاري قد فند جميع النقاط الفنية التي تناولها التقرير ونال منها، كما أن الخبرة لم ترد على الاعتراض الخاص بإخفاء البنك لكشوف الحساب على النحو الثابت بالإخطار المرسل منهم. كما أن الحكم التفت عن تقرير الخبرة الاستشاري المقدم منهم، وطلبهم لندب لجنة من الخبراء لبحث عناصر الدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن عقد التسهيلات المصرفية هو اتفاق بين البنك وعميله، يتعهد فيه البنك بأن يضع مبلغًا معينًا موضوع تلك التسهيلات تحت تصرف عميله خلال مدة معينة، مقابل التزام العميل بأداء الفائدة والعمولة المتفق عليها، وأنه إذا اقترنت تلك التسهيلات بحساب جار لدى البنك، فإن الحقوق والالتزامات الناشئة عنها تتحول بموجبه إلى قيود في الحساب، بحيث يكون الرصيد النهائي عند إغلاق الحساب دينًا مستحق الأداء للبنك. وأن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا ما تم العقد صحيحًا غير مشوبًا بعيب من عيوب الرضا، وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات، ويجب تنفيذ العقد طبقًا لما اشتمل عليه، وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود واستخلاص ما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين، واستظهار النية المشتركة لهما طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت بالأوراق، ولم تخرج عن المعنى الظاهر لعبارات العقد. وأن استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغًا له ما يسانده في الأوراق . وأن الكفالة عقد رضائي يكفل بمقتضاه شخص تنفيذ التزام المدين، بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه، وأنه وفقًا لنص المادة 1092 من قانون المعاملات المدنية أنه إذا استحق الدين فعلى الدائن المطالبة به خلال ستة أشهر من تاريخ الاستحقاق وإلا اعتبر الكفيل خارجًا من الكفالة، بيد أنه يجوز الاتفاق بين الدائن والكفيل على أن تكون كفالة هذا الأخير للدين مطلقة، وأن كفالة الدين المستقبل جائزة، وأن كفالة الالتزامات الناشئة عن الحساب الجاري هي كفالة لدين مستقبل لا يتعين مقداره، إلا عند إغلاق الحساب وتصفيته واستخراج الرصيد المستحق للبنك. وأنه إذا وقعت الكفالة مطلقة فإن التزام الكفيل وعلى ما تقضي به المادة 1080 من قانون المعاملات المدنية يتبع التزام المكفول معجلًا كان أو مؤجلًا. وأن تفسير عقد الكفالة وتحديد نطاقه والدين الذي تكفله أو انقضاء الكفالة واستخلاص ما إذا كان عقد الكفالة يتضمن تنازل الكفيل عن التمسك بشرط ضرورة المطالبة بالدين خلال ستة أشهر من تاريخ الاستحقاق، وقبوله استمرار الكفالة مدة أطول من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع ما دامت لم تخرج في تفسيره عن المعنى الذي تحتمله عباراته في مجملها وما قصده طرفاه منها. وأنه يجوز الاتفاق بين الدائن والكفيل على أن تكون كفالة هذا الأخير للدين مستمرة، بحيث يظل التزامه بالكفالة مستمرًا حتى يتم سداد الدين للدائن، وذلك اعتبارًا بأن الكفالة هي التزام تابع للالتزام الأصلي وتدور معه وجودًا وعدمًا ولا تنتهي إلا بانقضائه، وأن تقدير وجود الكفالة واستمرارها والدين الذي تكفله هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز ما دام استخلاصها سائغًا وله أصله الثابت بالأوراق . كما أنه من المقرر أن تجديد الدين بتغيير موضوعه هو عقد يتفق فيه على انقضاء دين سابق وأن يحل محله دين جديد يختلف عن الأول في محله أو مصدره، وإن كان هذا الدين مضمونًا بكـفالة شخصية، فإن هذه الكفالة تنقضي بتجديد ذلك الدين ما لم ينص القانون أو يتفق الدائن مع المدين والكفيل على انتقال الكـفالة إلى الدين الجديد، وهو ما تستخلصه محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وأن استخلاص مدى مديونية كل طرف من طرفي الدعوى للآخر من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة التمييز، طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله . وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة المقدمة فيها بما فيها تقرير الخبير المنتدب الذي يعد عنصرًا من عناصر الإثبات فيها لها الأخذ به محمولًا على أسبابه متى اقتنعت بها وأحالت إليها بغير حاجة للرد على ما ورد بتقرير الخبرة الاستشاري المقدم من أحد الخصوم في الدعوى، ودون أن تلتزم بإعادة المأمورية إلى الخبير متى وجدت في التقرير الذي أخذت به وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها في الدعوى وأقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق، وبغير حاجة للرد على اعتراضات الخصوم أو تتبعهم في كافة مناحي دفاعهم لأن في أخذها بتقرير الخبير الذي ندبته ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه تقريره وطالما أن الخبير قد تناول نقاط الخلاف بين الطرفين وانتهى بشأنها إلى نتيجة سليمة ودلل عليها بأسباب سائغة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنين بالمبلغ المقضي به تأسيسًا على ما اطمأن إليه من تقرير الخبرة المنتدبة أمام محكمة الاستئناف والتي انتهت إلى أن البنك المطعون ضده قد منح "مطبعة بن دسمال ومكتبتها" -المطعون ضدها الأولى في الطعن الأول- بتاريخ 10-2-2014 تسهيلات ائتمانية متنوعة بإجمالي مبلغ 47 مليون درهم، وأن الرصيد المستحق للبنك في تاريخ غلق حساب القرض رقم 6008 في 31-7-2023 مبلغ 83/36,333,184 درهمًا، وأن الفائدة الاتفاقية المستحقة مبلغ 84/541,464 درهمًا، وأن الفائدة التأخيرية مبلغ 48/117,073 درهمًا، بإجمالي مبلغ 15/36,991,687 درهمًا، وأن الرصيد المستحق للبنك في تاريخ غلق حساب القرض رقم 8059 في 18-9-2019 مبلغ 07/3,069,373 درهمًا، وأن الفائدة الاتفاقية مبلغ 01/1,016,133 درهمًا، وأن الفائدة التأخيرية مبلغ 47/250,665 درهمًا، بإجمالي مبلغ 4,336,171,55 درهم ، وأن إجمالي المبلغ المستحق للبنك حتى تاريخ رفع الدعوى في 27-9-2023 مبلغ 70/41,327,858 درهمًا، وأن المبلغ المستحق للبنك في تاريخ 26-7-2024 بعد خصم قيمة الإيجار والرصيد الدائن مبلغ 79/37,870,686 درهمًا. وأن الحكم قد خلص مما تقدم أن الخبرة قد احتسبت الفوائد الاتفاقية وفقًا لأحكام القانون حتى تاريخ غلق حساب القرضين، ثم احتسبت الفوائد البسيطة بواقع 5% من تاريخ غلق الحساب حتى تاريخ رفع الدعوى، باعتبار أن الرصيد المدين في الحساب منذ غلقه يصبح دينًا عاديًا تسري عليه الفوائد البسيطة، وأضاف بأن المحكمة لا ترى موجبًا لإعادة الدعوى إلى الخبرة أو ندب خبير أخر، لأن الخبرة أوردت ردًا سائغًا على كافة الاعتراضات الموجهة من طرفي النزاع، بما مفاده انشغال ذمة الطاعنين بمبلغ 79/37,870,686 درهمًا لصالح البنك المطعون ضده، كما أنه رفض الدفع المبدى بسقوط الكفالة في حقهم ومورثهم لتجديد الدين المكفول بموجب عقد تعديل التسهيلات على سند من أن البنك المطعون ضده قد منح التسهيلات الائتمانية إلى المنشأة الفردية -المطعون ضدها الأولى في الطعن الأول- وأن الطاعنين هم ورثة أحمد عبدالله بن دسمال -مالك المنشأة الفردية- أصحاب رخصتها، ومن ثم يكونوا ملتزمون بسداد الدين المستحق الناشئ عن هذه التسهيلات باعتبار أن المنشأة ليس لها ذمة مالية مستقلة عن ذمتهم، فضلًا عن أن كفالة محمد أحمد بن دسمال ومن بعده ورثته لهذا الدين هي كفالة مستمرة لم تسقط بعقد تعديل التسهيلات المؤرخ 4-3-2018 الذي منح البنك بموجبه للمنشأة مبلغ 4,500,000 درهم، ذلك أن عقد التعديل هو تكملة للتسهيلات المكفولة من مورثهم حال حياته والتي انتقلت إليهم في حدود ما آل إليهم من تركة. وهو من الحكم تسبيب سائغ له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لكل حُجة مخالفة، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى والأخذ بالتقارير وتفسير العقود وتقدير الأدلة والمستندات، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. لا سيما أن الثابت من تقرير الخبرة الأخير الذي عول عليه الحكم في قضائه أنه لم يثبت للخبرة خلال فترة التعامل بين الأطراف امتناع المصرف عن تقديم كشوف الحساب أو أي مستندات طلبها الطاعنين، كما أنه لم يثبت توجيه إخطار من المطعون ضدها الأولى في الطعن الأول إلى البنك بخصوص احتساب الفوائد أو الاعتراض على معدل الفوائد المطبق أو الاعتراض على توجيه التسديدات، وأنه وفقًا للأعراف المصرفية وشروط وأحكام البنك فإنه في حالة عدم تلقي البنك إي اعتراض خلال شهر من تاريخ إرسال كشف الحساب، تكون الأرصدة الموضحة فيه صحيحة ومقبولة للعميل، وأنه تبين للخبرة عدم انتظام المطعون ضدها الأولى في الطعن الأول في السداد، لأن السداد مُختصر في قيمة الإيجار السنوي للمبنى المؤجر للبنك المطعون ضده بقيمة 3,500,000 درهم، وهو غير كافي لسداد القرض مُضاف إليه الفوائد على فترة سداد 7 سنوات، لأن القسط السنوي من أصل الدين فقط 6,000,000 درهم تقريبًا، مما يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين رقمي 192 و 205 لسنة 2025 تجاري والزام كل طاعن بمصروفات طعنة وامرت بالمقاصة في اتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين في كلا الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق