بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 29-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 125 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ر. س. ج.
ف. ل. ا. ش.
مطعون ضده:
ع. ع. س. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2085 استئناف تجاري بتاريخ 30-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر -أحمد محمد عامر- والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تَتَحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 1998 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بأن يؤديا إليه مبلغ 650,000,000 درهم (ستمائة وخمسون مليون درهم) ، والفائدة القانونية بواقع 9% سنويًا من تاريخ الاستحقاق الحاصل في الأول من أغسطس 2022 وحتى السداد التام. وذلك تأسيساً علي إن الطاعن الأول حرر له الشيك رقم ( 000106 ) بالمبلغ المطالب به من حساب الشركة الطاعنة الثانية لدى مصرف الإمارات الإسلامي بوصفه مديرًا لها، وبتقديم هذا الشيك للتداول ارتد لعدم كفاية الرصيد، فكلفهما الوفاء بقيمته فامتنعا، ومن ثم أقام الدعوى. وبتاريخ 17/10/2024 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يؤديا إلى المطعون ضده مبلغ 6,500,000 درهم، والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ الاستحقاق الحاصل في الأول من أغسطس 2022 وحتى السداد التام، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 2085 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 30 ديسمبر 2024 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعنين في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 29/1/2025 طلبا فيها نقضه.
و حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم علي سببين ينعي بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف والإحالة إليه بإلزامهما بالمبلغ المحكوم به استنادًا إلى حجية الحكم السابق الصادر -بين الخصوم أنفسهم- في منازعة التنفيذ الموضوعية رقم 454 لسنة 2022 تنفيذ شيكات، واستئنافها رقم 2364 لسنة 2023 تجاري، بقالة إن هذا الحكم فصل في مسألة أولية مؤداها أن الشيك موضوع الدعوى الراهنة ليس بمبلغ 650,000,000 درهم وإنما بمبلغ 6,500000 درهم، في حين أن تقرير الخبير المودع في منازعة التنفيذ المشار إليها والذي أسس عليه الحكم الصادر فيها قضاءه قد انتهى إلى أن حقيقة المديونية موضوع هذا الشيك هي مبلغ 6,500000 درهم فقط فكان علي الحكم أن يقضي بالمبلغ الأخير ، كما أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع في النزاع الراهن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل في موضوعها بمنازعة التنفيذ الموضوعية سالفة البيان، وبعدم قبولها لعدم توافر شروط سلوك طريق أمر الأداء في المطالبة بالحق المدعى به، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذين الدفعين وقضى في الموضوع بإلزامهما بأداء مبلغ 6,500000 درهم وليس مبلغ 4,600,000 درهم، مع أن ما يزيد عن ذلك المبلغ الأخير يمثل فوائد ربوية فاحشة محظورة قانونًا، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز -وفقًا لنص المادة 710 من قانون المعاملات المدنية- أن القرض هو تمليك مال أو شيء مثلي لآخر على أن يلتزم برد مثله قدرًا ونوعًا إلى المقرض عند نهاية مدة القرض، وأن ربا النسيئة الذي جرمه قانون العقوبات ومنعه في أي نوع من أنواع المعاملات المدنية أو التجارية هو كل منفعة أو فائدة ظاهرة أو مستترة لا تقابلها منفعة أو خدمة حقيقية يكون الدائن قد اشترطها على المدين مقابل تأجيله الدين له، وهو مقصور على المعاملات بين الأشخاص الطبيعيين، وأن هذا الحظر والبطلان لا يمتد إلى المعاملات فيما بين الأشخاص الاعتبارية ولا فيما بينها وبين الأشخاص الطبيعيين، إذ يجوز الاتفاق بين هؤلاء وبين الأشخاص الاعتبارية على تقاضيها فوائد منهم عن المعاملات التي تتم بينهم. ومن المقرر أيضاً أنه لا جناح على محكمة الموضوع إن هي عولت في حكمها على تقرير خبرة مقدم في دعوى أخرى بين ذات الخصوم غير الدعوى الماثلة باعتباره من قبيل القرائن القضائية، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم الصادر فيها غير حائز لقوة الامر المقضي به في النزاع المطروح عليها بين ذات الخصوم. وأن الطعن بطريق التمييز إنما يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه، ولذا يتعين أن يكون العيب موجهًا إلى الدعامة التي أقام الحكم قضاءه عليها والتي لا يقوم له قضاء بدونها، فإذا خلا الحكم من ذلك العيب كان النعي واردًا على غير محل من قضائه، وبالتالي غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد التزم القواعد القانونية الواردة بالمساق المتقدم وخلُص إلي أن المطعون ضده سبق وأن استصدر ضد الطاعنين قرارًا بوضع الصيغة التنفيذية على الشيك موضوع النزاع على أساس أن المبلغ الثابت به هو 650,000,000 درهم، وهو ما حدا بهما إلى إقامة الدعوى رقم 454 لسنة 2022 منازعة موضوعية تنفيذ شيكات بطلب الحكم بإلغاء هذا القرار، استنادًا إلى أن المبلغ الثابت بالشيك قد دون بطريق الخطأ وأنه في حقيقته مبلغ 6,500,000 درهم فقط، وأن الشيك حُرِرَ ضمانًا لقرض استحصل عليه الطاعن الأول من المطعون ضده لصالح الشركة المطعون ضدها الثانية التي يمثلها بمبلغ 4,500,000 درهم، وأن باقي المبلغ الحقيقي موضوع هذا الشيك يمثل فوائد القرض، وقد قُضِيَ في هذه المنازعة واستئنافها رقم 2364 لسنة 2023 تجاري بإلغاء القرار الصادر بوضع الصيغة التنفيذية لافتقاد الشيك صلاحيته لأن يكون سندًا تنفيذًا لما أحيط به من شك -المبلغ المدون به- ، وعدم بيان ما إذا كان معين المقدار من عدمه، ومدى مشروعيته، ومن ثم فإن حجية هذا الحكم لا تتعدى مسألة أن هذا الشيك لا يصلح أن يكون سندًا تنفيذيًا، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول -بأسبابه الخاصة- على أكثر من ذلك في شأن الحكم المحاج به، وخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى رقم 454 لسنة 2022 منازعة موضوعية تنفيذ شيكات إلى أن الطاعن الأول قد اقترض من المطعون ضده لصالح الشركة الطاعنة الثانية التي يمثلها مبلغ 4,500,000 درهم، واتفقا على رده شاملًا الفوائد بواقع مبلغ 6,500,000 درهم، ولأجل ذلك حُرِرَ الشيك محل المطالبة، والذي تبين من محادثات الواتس بين الطرفين اتفاقهما على رد مبلغ القرض شاملًا الفوائد، ولم يثبت سدادهما له، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بإلزامهما بأن يؤديا إلى المطعون ضده هذا المبلغ ( 6,500000 درهم) ، وكان ما خلص إليه الحكم سائغًا وله معينه الثابت في الأوراق، فإن النعي في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. وكان لا يسعف الطاعنين تحديهما من أن الفوائد الزائدة عن قيمة القرض تمثل فائدة ربوية محظورة قانونًا، إذ إن الطاعنة الثانية -المُقْتَرض لصالحها- هي شركة ذات مسئولية محدودة "شخصية اعتبارية"، ومن ثم لا يمتد إليها الحظر -على نحو ما سلف بيانه- إذ يجوز الاتفاق بينها وبين أحد الأشخاص الطبيعية على تقاضي فوائد عن المعاملات التي تتم بينهما ، وغير صحيح تخطئة الحكم بقالة إنه قضى في الموضوع رغم عدم توافر شروط استصدار أمر الأداء في النزاع ، إذ إن الدعوى الراهنة لم ترفع في الأساس بطريق أمر الأداء، ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الشأن واردًا على غير محل من قضائه غير مقبول.
وحيث أنه - ولما تقدم- يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنين بالمصروفات مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق