جلسة 28 من فبراير سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة، أحمد مكي، محمود رضا الخضيري وأحمد الحديدي.
------------------
(117)
الطعن رقم 2029 لسنة 56 القضائية
(1) حكم "عيوب التدليل". "فساد الاستدلال". محكمة الموضوع. مسئولية.
استخلاص الفعل المؤسس عليه طلب التعويض. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً. (مثال بشأن استخلاص غير سائغ).
(2) إثبات "طرق الإثبات". حكم "عيوب التدليل. فساد الاستدلال".
سكوت المدعى عليه عن نفي الدعوى لا يصلح بذاته للحكم للمدعى بطلباته طالما لم يثبت ما يدعيه. (مثال).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى 1668 لسنة 1977 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الرابعة بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا إليهم تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه وقالوا بياناً لذلك أنهم كانوا يقيمون بالعقار المبين بالصحيفة في الفترة من سنة 1972 حتى سنة 1978 وقد استأجرت الشركة الأخيرة العين المجاورة لمسكنهم ودأبت على تخزين بضائعها أمامه بارتفاع حجب الضوء والهواء عنهم كما ألحقت بهم أضراراً أخرى بمناسبة هذا التخزين، ثم حلت محلها الشركة الطاعنة في المكان ذاته وفى ارتكاب هذه الأفعال الضارة اعتباراً من 1/ 1/ 1976 فأقاموا عليهما الدعوى بهذه الطلبات. ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق وعدلت عن ذلك، حكمت بتاريخ 6/ 3/ 1984 برفضها بالنسبة للشركة الطاعنة وألزمت الشركة الأخرى بأن تؤدي إليهم تعويضاً مقداره ألف جنيه. استأنفت الشركة المحكوم عليها هذا الحكم بالاستئناف 3497 لسنة 101 ق القاهرة. كما استأنفه المدعون بالاستئناف 3524 لسنة 101 ق القاهرة. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 23/ 4/ 1986 في الاستئناف الأول برفضه وفى الثاني بتعديل الحكم إلى ضعف المبلغ وإلزام الشركة الطاعنة بتعويض مقداره ألف جنيه. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة بغرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أنه استخلص توافر الأفعال المدعى بها في حق تابعيها من الحكم الصادر بتاريخ 31/ 1/ 1976 في الدعوى 337 لسنة 1974 مدني مستأنف الجيزة الابتدائية وما تفيده مدونات صحيفة الاستئناف 3497 لسنة 101 ق القاهرة من بقاء وجه النشاط دون تغيير، في حين أن هذه المدونات وذلك الحكم لا يؤديان إلى تلك النتيجة.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان استخلاص الفعل الذي يؤسس عليه طلب التعويض هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن مؤدى الحكم ومدونات صحيفة الاستئناف المشار إليهما بوجه النعي أن تابعي الشركة الطاعنة ارتكبوا الأفعال الضارة موضوع الدعوى وكان هذا الاستخلاص غير سائغ - لأن البين من ذلك الحكم، الذي لم تكن الشركة الطاعنة طرفاً فيه، أنه قضى بإلزام الشركة المطعون ضدها الرابعة بأن تؤدي إلى المدعين تعويضاً مؤقتاً عما لحق بهم من أضرار بسبب الأفعال التي ارتكبها تابعوها في سنتي 1972، 1973، كما أن البين من صحيفة الاستئناف 3497 لسنة 101 ق القاهرة أن هذه الشركة طلبت فيها رفض الدعوى بالنسبة لها أسوة بالشركة الطاعنة لاستمرار نشاط التخزين دون تغيير، وهذا الذي يستفاد من صحيفة الاستئناف والحكم ليس من شأنه أن يؤدي إلى ما استخلصه منهما الحكم المطعون فيه من ثبوت وقوع أفعال مماثلة من تابعي الشركة الطاعنة في السنوات من سنة 1976 حتى سنة 1978. لما كان ذلك وكان من أصول الإثبات أن سكوت المدعى عليه عن النفي لا يصلح بذاته للحكم للمدعي بطلباته متى كان الأخير لم يثبت ما يدعيه، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر - إذ اعتمد في قضائه كذلك على سكوت الشركة الطاعنة عن نفي مسئوليتها المدعى بها دون أن يكون المدعون قد أثبتوا توافر عناصر هذه المسئولية - فإنه يكون قد خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق