جلسة 13 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبحي رزق داود، عبد العاطي إسماعيل، جهدان حسين عبد الله ورابح لطفي جمعة.
---------------
(378)
الطعن رقم 69 لسنة 50 القضائية
إيجار. "إيجار الأماكن". خبرة. "مهمة الخبير". حكم. ما يعد قصوراً.
تكييف الرابطة بين الخصوم مسألة قانونية لا يجوز للخبير التطرق إليها ولا للمحكمة النزول عنها. وصف الخبير للعلاقة بين الخصوم بأنها تأجير من الباطن وليست مشاركة في الاستغلال. اعتداد المحكمة بالتقرير دون أن تعرض بأسباب مستقلة لتكييف العلاقة خطأ وقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3483 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن وآخرين للحكم بإخلائهم من قطعة الأرض المبينة بصحيفتها وقال بياناً لذلك أن مورث الطاعنين وآخر استأجرا منه بعقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1967 قطعة أرض فضاء مسورة، وبتاريخ 1/ 11/ 1968 أبرموا ملحقاً لذلك العقد نص فيه على استمرار العلاقة الإيجارية بين مورث الطاعنين والمطعون عليه، وإذ توفي المورث، وعين الطاعن الأول وصياً خاصاً على أولاده القصر قام بتأجير جزء من الأرض لآخر دون موافقة كتابية من المطعون عليه بالمخالفة لعقد الإيجار وملحقة ولذلك أقام دعواه. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بفسخ عقد الإيجار المؤرخ في 1/ 2/ 1967 وملحقه المؤرخ 1/ 11/ 1968 وإخلاء الطاعنين من عين النزاع. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 6005 سنة 95 قضائية القاهرة، وبتاريخ 17/ 12/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي استند إلى ما أورده الخبير في تقريره من أن الوصي الخامس (الطاعن الأول) أجر من الباطن جزءاً من الورشة، ورتب على ذلك تحقق شروط المادة 157/ 1 من القانون المدني في حق الطاعنين، وانتهى لذلك إلى القضاء بفسخ عقد الإيجار والإخلاء، في حين أن الطاعنين تمسكوا في دفاعهم بأنهم لم يخلوا بالتزامهم العقدي، وأن التصرف القانوني الذي أجراه الطاعن الأول (الوصي الخاص) لا يعدو أن يكون إشراك آخر معه في الأعمال الصناعية والتجارية التي أنشئت الورشة بغرض القيام بها، وهو ذات النشاط الذي كان يمارسه مورثهم مما يحق معه للورثة الاستمرار في القيام بذات النشاط استقلالاً أو بطريق المشاركة، وقد آثر الطاعن طريقة المشاركة لما تحققه للقاصر وباقي الورثة من نفع، إلا أن الحكم المطعون فيه استند إلى تقرير الخبير سالف البيان ولم يعن بتمحيص ما أبدوه من دفاع جوهري والتفت عن الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يحق لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تحيط بها معارضة والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها فحسب، إلا أنه يتعين عليه أن يكون عقيدته في فهم الواقع في الدعوى استمداداً من العناصر المطروحة عليه جميعها وألا يغفل بحث ما يثيره الخصوم من دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. ثم ينزل الصحيح من الأوصاف والكيوف على الدعوى ويطبق عليها حكم القانون، لما كان ذلك وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعنين بملف الطعن أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها مؤداه أن الرابطة القانونية بينهم وبين آخر هي مشاركة في استغلال مع إدارة جزء من الورشة المقامة على أرض النزاع إن هذه المشاركة لا تعد تأجيراً من الباطن أو تنازلاً عن الإيجار، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في النتيجة التي خلص إليها على ما ساقه الخبير في تقريره للتدليل على أن التصرف القانوني الذي أجراه الطاعن الأول هو تأجير من الباطن وأن عقد الشركة المقدم هو عقد صوري، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بفسخ العقد حالة أن وصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف القانون عليها وهي مسألة قانونية بحته فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها ولايتها وحدها إلا أن الحكم لم يتناول دفاع الطاعنين بالبحث والتمحيص، ولم يورد أسباباً تكفي لحمل ما انتهى إليه من رفض ما تحاجوا به رغم أن مثل هذا الدفاع لو صح فإنه يؤثر في النتيجة ويتغير به وجه الرأي مما مقتضاه أن تواجهه محكمة الموضوع صراحة وتفرد أسباباً للرد عليه وما أغنى عنه استنادها لما أورده الخبير في هذا الطعن وإذ لا غناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عما أثاره الطاعنون من دفاع جوهري، فإنه يكون مشوباً بقصور في التسبيب جره إلى خطأ في تطبيق القانون لما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق