باسم الشعــــــب
محكمــــــــــــة النقـــض
دائرة الثلاثاء (د)
الدائرة الجنائية
===
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عـادل الكناني نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشاريـن / سـامح صبري نائب رئيس المحكمـــة محمـد سعيد البنـا وصالح
محمد حجاب ومحمـد رجب عطـوان
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد عبد الوهاب .
وأمين السر السيـد / عماد عبد اللطيف.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة .
في يوم الثلاثاء 8 من شعبان سنة 1444 هـ الموافق 28 من فبراير سنة
2023 م.
أصدرت الحكم الآتــي
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 6581 لسنــة 90 القضائيــة .
المرفــوع مــن
نبيل فرحات خليل جرجس المحكوم عليه
ضــــد
النيابة العامة
------------
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة كل من 1- عبير محمد زكريا صادق ، 2- نبيل
فرحات خليل جرجس ( الطاعن ) فـي قـضـية الجنايـة رقـم 13508 لسـنـة ٢٠١5 قسم شرطة
الرمل أول
( المقيدة بالجدول الكلى برقم 2948 لسنة 2015 كلي شرق الإسكندرية ) بأنـهما
في يوم 11 من أغسطس سنة 2014 ، 25 من أكتوبر سنة 2014 ــــ بدائرتي قسم منشآه ناصر
والرمل أول ــــ محافظتي القاهرة والإسكندرية :ــــــ
- قتلاً عمداً مع سبق الإصرار المجني عليها الطفلة / فايزة وليد سعيد
بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتلها بأن قام المتهم الثاني بالتعدي عليها بالضرب
والضغط على صدرها بقصد إزهاق روحها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
المرفق والتي أودت بحياتها في حينه حال تواجد المتهمة الأولي للشد من أزره وعلى
النحو المبين بالتحقيقات. وقد تقدمت تلك الجناية وارتبطت بها جناية وجنحة أخرى أنه
في ذات الزمان والمكان :
- قاما بخطف المجني عليها الطفلة / فايزة وليد سعيد محمد والتي لم تبلغ
اثنتي عشر عاماً بطريق التحايل بقصد طلب فدية مالية من أهليتها وعلى النحو المبين
بالأوراق .
- تحصلا على المبلغ المالي المبين قدراً بالأوراق خمسة ألاف جنيه والمملوك
للمجني عليه وليد سعيد محمد وكان ذلك بطريق التهديد بارتكاب الجريمة ضد المجني
عليها سالفة الذكر وعلى النحو المبين بالأوراق.
- أخفيا جثة المجني عليها سالفة الذكر بأن قاما بدفنها عقب أن نسب
أهليتهما إليها زوراً .
وأحالتـــهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعـاقبتهما طبقاً للقيد
والوصف الواردين بأمر الإحـالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى وغيابياً للثاني في 10 من أبريل
سنة 2017 وبإجماع الآراء بمعاقبتهما بالإعدام شنقاً والزمتهما المصاريف الجنائية .
فطعنت المحكوم عليها بطريق النقض قيد بجدولها برقم 12884 لسنة 87 ق
ومحكمة النقض قضت بجلسة 13 من مايو سنة 2018 بقبول عرض النيابة العامة للقضية وطعن
المحكوم عليها شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم وإعادة القضية الى محكمة الإسكندرية
لتحكم فيها من جديد دائرة أخري .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - قررت حضورياً بجلسة 30من نوفمبر سنة
2019 وبإجماع الآراء بإحالة أوراق المتهم إلى فضيله مفتي جمهورية مصر العربية
لإبداء الرأي الشرعي في الاتهام المسند للمتهم نبيل فرحات خليل جرجس وحددت جلسة 9
من يناير سنة 2020 للنطق بالحكم. وبتلك الجلسة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً
بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، والمواد 230 ، 231 ، 234/2 ، 239 ،
289 ، 326 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات . أولا:
بمعاقبة المتهم الثاني / نبيل فرحات خليل جرجس بالإعدام شنقاً عما أسند إليه ،
والزمته المصاريف الجنائية. ثانياً : بمعاقبة المتهمة الأولى / عبير محمود زكريا
صادق بالسجن المشدد لمدة خمسة عشرة سنة عما اسند اليها وألزمتها المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه الثاني فـي هـذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 31 من
ديسمبر سنة 2019.
كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها
انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
--------------
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
أولاً : الطعن المقدم من المحكوم عليه :
حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم
أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم فيه غير مقبول شكلاً ، لما هو مقرر من أن
التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن
في الميعاد المحدد في القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه
يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه . لما كان
ما تقدم، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً.
ثانياً عرض النيابة العامة للقضية :-
حيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة مشفوعة بمذكرة
برأيها خلصت فيها إلى طلب اقرار الحكم فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه
/ نبيل فرحات خليل جرجس، إعمالاً لنص المادة ٤٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩، بتوقيع غير مقروء منسوب لرئيس
نيابة شرق الإسكندرية الكلية، ومؤشر عليها بالنظر بتوقيع غير مقروء - أيضاً - من
المحامي العام الأول، ودون إثبات تاريخ تقديمها ليستدل منه على مراعاة ميعاد
الستين يوماً المحدد في المادة ٣٤ من هذا القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا
الميعاد ، وعدم التوقيع على المذكرة بتوقيع مقروء لمحام عام على الأقل وفقاً
للتعديل الوارد على المادة سالفة البيان بالقانون رقم ٧٤ لسنة ٢٠٠٧، وعلى ما جري
به قضاء محكمة النقض لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة
النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن
تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم
من عيوب ، يستوي في ذلك
أن يكون عرض النيابة العامة قد تم في الميعاد المحدد أو بعد فواته أو
تم بمذكرة لم تستوف بعض أوضاعها الشكلية، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة
العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله: إن المتهم الثاني في
غيبة من الضمير واتسامه بأخلاق متردية والتحلي بصفات رزيلة بث الشيطان ريح خبثه
فيه واعطى لوسواسه لجام سوقه أن يسلب من والدى المجنى عليها فايزة وليد سعيد المال
من خلال خطفها وهي تبلغ من العمر سنة وتهديدهما بالأم بعدها وفراقهما لأعز وأغلي
ما يملك الأنسان وهي إحدى زين الحياة الدنيا إلا أن المتهم الثاني / نبيل فرحات
خليل جرجس وبقساوة قلب وارتداع في حماة الجريمة وبنفس بين برديه ملؤها فتنة المال
وهوان صلة الرحم راح يخطط مع زوجته المتهمة الأولي/ عبير محمود زكريا صادق لخطف
الطفلة المذكورة ومساومة والدها على ردها إليه نظير مبلغ مالي وتحقيق ثروة من جراء
ذلك وبعد أن اتفقا على خطفها وتلاقي قصدهما على ذلك وحددوا دور كل منهما وفق خطة
وضعوها لتنفيذ جريمتهما ونفاذاً لذلك الاتفاق الذي اتجهت فيه إرادتهما إلى خطف
المجني عليها ومساومة ذويها لدفع مبلغ نقدي حيث قصد كل منهم قصد الآخر في تنفيذ
ذلك الجرم حيث توجهت المتهمة الأولى عبير محمود ذكريا إلى منزل والد المجني عليها
بمصر يوم 11/8/2014 بمنطقة منشأة ناصر وطرقت الباب ففتحت لها والدة المجني عليها
فايزة وليد سعيد وتدعي/ سحر عبده زكريا وقامت باستضافتها وأحسنت وفادتها لوجود
علاقة سابقة بينهم وقامت بخطف المجنى عليها بعد أن أخبرت والدتها أنها سوف تشتري
لها بعض الحلوى وذلك طبقاً لاتفاقها مع زوجها المتهم الثاني وتوجهت بها إلى الشقة
التي ينتظرها فيها الأخير ثم قاما بمساومة أهلية المجني عليها والحصول منهما على
مبالغ مالية مقابل إرجاع المجني عليها لهما فقاما بتحويل مبلغ خمسة آلاف جنيه لهما
عن طريق كروت الشحن وتمادي المتهم الثاني في إبعاد المجنى عليها عن والديها هو
والمتهمة الأولي غير عابئين بآلامهما النفسية من جراء فراق ابنتهما فلذة كبدهما
وقرة عينهما غير منصتين إلى لسان حالهما الصارخ ( اللهم منك العدل من خلقك الجور-
اللهم وهبتنا قرة العين فلا تحرمنا منها ) وأصبح فؤاد أم المجني عليها فارغاً تود
ملؤه بنظرة إلى نجلتها أو ضمها إلى صدرها بينما أخذ المتهم الثاني في مطالبة
والدها بمزيد من المال، ولما أبلغه بعدم قدرته على تحويل ذلك المال وفي غير اتفاق
مع المتهمة الأولي أو مشاركة منها أو علمها بما ينوي زوجها فعله طوعت له نفسه قتل
المجني عليها فقتلها بأن أرقد المجني عليها على السرير وراح يضربها بعنف ويضغط
بكلتا يديه القويتين على صدرها النحيل الضعيف ثم قام برفعها من على السرير وهوي
بها على الأرض فارتطم جسدها ورأسها بالأرض بقصد قتلها والتخلص منها وهو ما نتج عنه
وفاتها وتم إبلاغ القسم بواقعة الوفاة وأدعي المتهم الثاني أنه والدها وقدم بطاقة
باسم مختلف لاستخراج تصريح دفن لها وقاما بدفن المجني عليها بمقابر أبو النور،
وثبت من تقرير الصفة التشريحية أنه باستخراج جثة المجني عليها فايزة وليد سعيد
البالغة من العمر سنة وأربعة أشهر وجود كسر مشاهد بالضلع الخامس الأيسر من الجهة
الأمامية حيوي حديث راضي ينشأ عن المصادمة بجسم صلب راضي أياً كان ويجوز حصوله وفق
اعتراف المتهمة الأولي ويعزي وفاتها إلى تلك الإصابة الراضية بما أدت إليه من كسر
بالضلع الخامس ونزيف بالتجويف الصدري تبين أثره بالجثة . وقد ساق الحكم على ثبوت
الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من اعتراف المحكوم عليها الأولى وأقوال
الشاهدين سحر عبده زكريا رمضان ووليد سعيد محمد السيد والنقيب / عمرو زيدان أمام
سعيد معاون مباحث قسم منشأة ناصر والعميد / إبراهيم علي مبارك على وكيل المباحث
الجنائية بقطاع شرق الإسكندرية والمقدم / ياسر محمود شلبي مفتش مباحث الفرقة ومما
أورده تقرير الصفة التشريحية ، وحصَّل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له
أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة
المحكوم عليه بالجرائم التي دانه بها وأنزل عليه العقاب بالمواد المنطبقة من قانون
العقوبات . لما كان ذلك، وكان الحكم - على السياق المتقدم - قد استوفى في بيان
الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية، فانه يكون
قد سلم من القصور في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم المعروض من أقوال
شهود الاثبات واعتراف المحكوم عليها الأخرى بالتحقيقات وتقرير الصفة التشريحية -
على ما يبين من المفردات المضمومة - له صداه واصله الثابت في الأوراق ولم يحد
الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأت به أو فحواه، ومن ثم فقد انحسر عن
الحكم قالة الخطأ في التحصيل والفساد في التدليل في هذا الصدد . لما كان ذلك، وكان
البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنها وإن أشارت في معرض بيان الأدلة التي
تساندت إليها المحكمة في ثبوت الواقعة إلى شهادة الشاهد الخامس / ياسر محمود شلبي
إلا أنها خلت من التعويل على شيء مما جاء بشهادته، وكان مؤدى ذلك أن المحكمة
التفتت عن شهادته ولم يكن لها تأثير في قضائها، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من
القصور في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد استظهر قيام علاقة
السببية بين إصابة المجني عليها - التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية -
وبين وفاتها، فأورد من واقع ذلك التقرير أن المجني عليها البالغة من العمر سنة
وأربع أشهر وجد بها كسر مشاهد بالضلع الخامس الأيسر من الجهة الأمامية حيوي حديث
راضي ينشأ عن المصادمة بجسم أو أجسام صلبة راضة أيا كان ويجوز حصولها وفق اعتراف
المتهمة الأولى وتعزى وفاتها إلى الإصابة الراضية بما أدت إليه من كسر بالضلع
الخامس ونزيف بالتجويف الصدري تبين أثره عند استخراج الجثة، ومن ثم تنتفي عن الحكم
قالة القصور في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا
يدرك بالحس الظاهر وإنهما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر
الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره الجاني في نفسه واستخلاص هذه النية
موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل
ودلل على توافرها في حق المحكوم بإعدامه في قوله لما كان ذلك وكان الثابت أن
المتهم الثاني يعلم يقيناً بأن والدي المجني عليها يعلمان تمام العلم بشخص من قام
باختطاف نجلته وأمر من ساومه على دفع فدية إطلاق سراحها لوجود علاقة بين المتهمة
الأولى وأسرة المجني عليها الأمر الذي يصبح معه كشف هويته وافتضاح أمره أمام والدي
المجني عليها أمراً مؤكداً - قام المتهم الثاني بقتل الطفلة الصغيرة المجني عليها
بأن أوسعها ضرباً بكلتا يديه ثم قام بإرقادها على السرير وضغط بكلتا يديه القويتين
على صدر الطفلة ذات العام من عمرها ثم أمسكها بين يديه ورفعها إلى أعلى وهوي
بجسدها الضعيف على الأرض فارتطمت بها ونتج عن ذلك كسر في الضلع الخامس الأيسر من الجهة
الأمامية وحدوث نزيف في التجويف الصدري أدي إلى وفاتها ولم يعبأ بوهن جسدها وصغر
سنها ولم يستجب لبكائها ويرحم ضعفها وهو ما تستدل منه المحكمة بنية المتهم الثاني
قتل الطفلة المجني عليها لستر جريمة خطفها على أثر تعرف والدي المجني عليها على
شخصه والمتهمة الأولي وهما معلومان لديهما وذلك أخذاً بالأدلة المار بيانها في ذلك
الخصوص الأمر الذي يتوافر معه لدي المتهم الثاني نية إزهاق روح المجني عليها ويتوافر معه في حقه
جريمة القتل العمد للمجني عليها . فإن الحكم المعروض يكون قد أثبت بأسباب سائغة
توافر نية القتل في حق المحكوم بإعدامه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر
ظرف سبق الإصرار في حق المحكوم عليه بقوله : " إنه لما كان من المقرر أن مناط توافر
ظرف سبق الإصرار هو أن يرتكب الجاني جريمته وهو هادئ البال بعد إعمال فكر وروية
فهو ظرف متعلق بالقصد ووصف من أوصافه يقصد به تروي الجاني وتدبره قبل إقدامه على
ارتكاب جريمته وتفكيره فيها تفكيراً هادئاً لا يشوبه اضطراب وهو على هذا من
إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوي وعناصرها. لما كان ذلك ، وكان
الثابت لدي المحكمة ومن اعتراف المتهمة الأولى محل ثقة المحكمة واطمئنانها أن المتهم
الثاني احتجز الطفلة المجني عليها بمسكنه فترة طويلة وأنه على أثر علمه باكتشاف
أمره والمتهمة الأولى لدي أهلية الطفلة المجني عليها وأنه لا مناص من التخلص منها
لستر جريمة اختطافها فأخذ المتهم الثاني يفكر فيما أعتزم بتنفيذه وهو هادى البال
وأخذ يتدبر عواقبه مستعرضاً احتمالات ضبطه وإلقاء القبض عليه أو التنصل من تلك
الجريمة في تبصر وتروي وأتاه إلى أن خلص من ذلك إلى ضرورة وحتمية الخلاص من الطفلة
المختطفة وقتلها وأقدم على تنفيذ تلك الجريمة تنفيذاً لهذا التصـميم الأمر الذي
تري معه المحكمة من ظروف الدعوي وأدلتها المقدمة فيها توافر ركن سبق الإصرار في حق
المتهم الثاني وأنه يعد مرتكباً لجريمة القتل عمداً مع سبق الإصرار ". وكان من
المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر
محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي
منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا
الاستنتاج، فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى - على السياق الذي سلف بيانه
- وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق
المحكوم عليه . لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران في قوله : " إنه من
المقرر قانوناً أن المادة ۲۳٤ عقوبات قد غلظت عقوبة القتل العمدي متي تقدمتها أو
اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى فإن مؤدي نفس تلك المادة هو تشديد العقوبة إلى
الإعدام إذا ارتكب الجاني علاوة على فعل القتل العمدي أي فعل مستقل يتميز عنه يكون
في ذاته جناية أخري على أن يكون مصاحباً زمنياً لجناية القتل سواء تقدمتها تلك
الجريمة أو اقترنت بها أو تلتها زمنياً والعبرة في ذلك التميز هو اعتبار كل جريمة
من جريمتي القتل والجريمة المصاحبة لها زمنياً جريمة مستقلة ولا ينال من تلك
المصاحبة الزمنية اللازمة لقيام حالة الاقتران أن تكون الجريمة التي سبقت جريمة
القتل هي جريمة خطف المجني عليها قد وقعت منذ فترة زمنية بعيدة عن تاريخ وقوع
جريمة القتل ، إذ إن جريمة الخطف هي جريمة مستمرة تمتد الحالة الجنائية فيها
وتتجدد بتدخل إرادة الفاعل في بقاء المخطوف في الموضع الذي أخفاه فيه فإذا قام
الجاني أثناء استمرار الحالة الجنائية للخطف بقتل المخطوف يتوافر في حقه ظرف
الاقتران . لما كان ذلك ، وكان الثابت لدي المحكمة أن المتهم الثاني قد قام بقتل
المجني عليها على النحو المار بيانه وسبق جريمته تلك ارتكابه مع المتهمة الأولي
لجريمة خطف المجني عليها والتي جاءت جريمة مستقلة بأفعالها عن جريمة قتل المجني
عليها أخذا بالأدلة أنفة البيان الأمر الذي يتوافر معه ظرف الاقتران في حق المتهم
الثاني المنصوص عليه في المادة سالفة البيان ولا يدحض ذلك القول بأن خطف المتهمين
للمجني عليها كان سابقاً على قتل المتهم الثاني للمجني عليها بعدة أيام على نحو لا
تقوم به المصاحبة الزمنية بين الجريمتين ، إذ إن جريمة الخطف التي ارتكبها
المتهمين هى جريمة مستمرة امتدت الحالة الجنائية فيها وتجددت بتدخل إرادة المتهمين
في بقاء المجني عليها المخطوفة في شقة المتهمين التي أخفياها فيها وكانت جريمة قتل
المتهم الثاني لها أثناء استمرار تلك الحالة الجنائية للخطف بما يتوافر معه في حق
المتهم الثاني ظرف الاقتران بجناية سابقة والمشدد لعقوبة القتل العمد . وكان يكفي
لتغليظ العقاب عملا ًبالمادة 234/ ٢ عقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة
عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد
ارتكبتا في وقت واحد وفي فترة قصيرة من الزمن وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي
الموضوع،". وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف
به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملا ًبالفقرة الثانية
من المادة سالفة الذكر ويكون الحكم قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن، فضلاً عن
ذلك فإن عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه هي ذاتها المقررة لجريمة القتل
العمد مع سبق الإصرار التي أثبتها الحكم في حقه مجرد من ظرف الاقتران . لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من
تقابل ارادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً
أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين
المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في
ايقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم
فجأة ، وأنه يكفي لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من
الأفعال المكونة لها، وكان ما أورده الحكم بياناً للواقعة وما ساقه من أدلة الثبوت
كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المحكوم عليهما على جريمة الخطف التي أدينا بها من
معيتهما في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد
واتجاههما وجهه واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر من ايقاعها وقارف
فعلاً من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة 39 من قانون العقوبات
اعتبار كلاً منهما فاعلاً اصلياً في تلك الجريمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن
لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط
البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها
من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق
ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما أثاره المحكوم
عليه من أن للواقعة صورة أخرى ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن
عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة
أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها ، فإن ما يثار بشأن استدلال
الحكم باعتراف المحكوم عليها الأولى بارتكاب المحكوم عليه الثاني للجريمة يكون غير
سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما
جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد
عرضت على بساط البحث، وكان الحكم المعروض قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات وأقوال
مجريها وأطرحه استناداً إلى اطمئنان المحكمة لما جاء بتلك التحريات وأقوال محريها
بالتحقيقات وجديتها وكفايتها للأسباب السائغة التي أوردها، فإن ما يثار في هذا
الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق
أقوال الشهود - أو اعترافات المتهم - ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت
إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي
غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقض يستعصى على الملاءمة، وكان الحكم قد عرض
لما أثاره المحكوم عليه من قيام تعارض بين الدليلين الفني والقولي واطرحه في
استدلال سائغ، ومن ثم يكون الحكم قد برئ مما يشوبه في هذا المنحى . لما كان ذلك،
وكان من المقرر أن الدفع بخلو الأوراق من دليل على ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها
شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً
طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يكون
الحكم قد برئ مما يشوبه في هذا المنحى. لما كان ذلك، وكان القانون لا يشترط لثبوت
جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل
للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف
الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل
المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهود رؤية حال وقوع الفعل منه. لما كان
ذلك، وكان الحكم قد عرض لما ورد باعتراف المحكوم عليها الأخرى من أن المحكوم عليه
يتعاطى المواد المخدرة واطرحه استناداً إلى ما استخلصته المحكمة من أن المحكوم
عليه قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وهو رد كافٍ وسائغ في اطراح ما أثير في
هذا الشأن ويكفي لسلامة الحكم . لما كان ذلك، وكان من حق المحكمة أن تستغني عن
سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن
يحول ذلك دون الاعتماد على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه
الأقوال مطروحة على بساط البحث في الجلسة، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن
النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود بالتحقيقات، وأن المحكمة أمرت
بتلاوتها فتليت، ولم يعترض المحكوم عليه على مسلك مدافعه، ومن ثم يكون الحكم
المعروض قد سلم من الخطأ في هذا الصدد . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب
الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة
ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، وإذ كان
البين من محاضر جلسات المرافعة أن المحكمة وإن أجلت نظر الدعوى كطلب الدفاع عن
المحكوم عليه لإعلان شهود نفي إلا أنه اقتصر في جلسة المرافعة الأخيرة على طلب
البراءة ولم يتمسك بطلب سماعهم في طلباته الختامية، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي
أعرضت عن إجابته إلى طلبه. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل أن المتهم حر في اختيار من
يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع ، إلا أنه لما
كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكوم عليه قرر بأنه ليس لديه محام وطلب من
المحكمة ندب محام للدفاع عنه فانتدبت له محام ترافع في الدعوى وابدى دفاعه على
النحو الثابت بمحضر الجلسة، فان المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع . لما كان
ذلك، وكان لا ينال من سلامة الحكم ما جاء بكتاب نيابة النقض المرفق من أن المحامية
التي تولت الدفاع عن المحكوم عليه لم يستدل على درجة قيدها بنقابة المحامين لوجود
أكثر من اسم متشابه مع اسمها، لما هو مقرر من الأصل في الإجراءات أنها رُوعيت، واذ
لم يثبت أن المحامية المنتدبة والتي ترافعت عن المحكوم عليه غير مقيدة أمام
المحاكم الابتدائية ، ومن ثم فإن إجراءات المحاكمة والحكم يكونا قد تما وفق صحيح القانون
. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المنطبقة لا يترتب
عليه بطلان الحكم مادام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً
كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها، فإن خطأ الحكم بإطلاق
المادة ۲۸۹ من قانون العقوبات دون تخصيصها بفقرتيها الأولى والثالثة لا يعيبه،
وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم وذلك بتخصيص المادة ۲۸۹
من قانون العقوبات بفقرتيها الأولى والثالثة عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات
واجراءات الطعن أمام محكم النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹5۹ . لما كان ذلك،
وكان يبين إعمالاً لنص المادة ٣٥ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
الصادر بالقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما
تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي أدان المحكوم عليه بالإعدام بها
وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه
الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي
مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما
جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وقد صدر من محكمة
مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ووفقاً للإجراءات التي نص عليها
القانون ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم،
ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة للقضية إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه
نبيل فرحات خليل جرجس.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة:ــــ أولاً:- بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه
شكلاً . ثانياً :- بقبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام
المحكوم عليه نبيل فرحات خليل جرجس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق