الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 24 يونيو 2023

الطعن 490 لسنة 49 ق جلسة 4 / 12 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 372 ص 2000

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1980

برئاسة السيد المستشار محمد فاروق راتب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، ومحمد المرسي فتح الله، وسعد حسين بدر ومحمد مختار منصور.

---------------

(372)
الطعن رقم 490 لسنة 49 القضائية

(1 - 2) ارتفاق "ارتفاق بالمطل". تقادم "تقادم مكسب".
(1) كسب حق ارتفاق بالمطل بالتقادم. أثره. لصاحب الحق استبقاء مطله مفتوحاً على أقل من المسافة القانونية. عدم أحقية الجار في البناء على مسافة أقل من متر حتى لو كان المطل مفتوحاً في حائط مقام على الخط الفاصل بين العقارين. م 819، 1016/ 2 من القانون المدني.
(2) حق الارتفاق بالمطل. اكتسابه بالتقادم. تحققه بتوافر شرطي الظهور والاستمرار بنية استعمال الحق مدة خمس عشرة سنة. هلاك العقار المرتفق به أو العقار المرتفق. أثره. انتهاء حق الارتفاق. م 1026 من القانون المدني.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير". خبرة.
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه. مؤداه عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.

---------------
1 - مفاد المادة 819 من القانون المدني أن المطل إذا كان مفتوحاً على مسافة أقل من متر وظل على هذا النحو مدة خمس عشرة سنة، وكانت الحيازة مستوفية لشرائطها وليست على سبيل التسامح، فإن صاحب المطل يكسب حق ارتفاق بالمطل بالتقادم ويكون له الحق في استبقاء مطله مفتوحاً على أقل من المسافة القانونية كما هو وليس لصاحب العاقر المجاور أن يعترض حتى لو كان المطل مفتوحاً في حائط مقام على الخط الفاصل بين العقار بل ليس له في هذه الحالة أن يقيم حائطاً في ملكه إلا بعد أن يبتعد عن الخط الفاصل بمسافة متر وذلك حتى لا يسد المطل المكتسب بالتقادم.
2 - حق الارتفاق إذا توافر له شرطا الظهور والاستمرار بنية استعمال هذا الحق جاز كسبه بالتقادم إعمالاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 1016 من القانون المدني. وينتهي إعمالاً لما تنص عليه المادة 1026 من القانون المدني بهلاك العقار المرتفق هلاكاً تاماً.
3 - إذ كانت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم، فلا عليها إن هي لم ترد على الطعون التي وجهت إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد بأكثر مما تضمنه التقرير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 4732 سنة 1967 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن طالبين الحكم بإزالة ما أقامه هذا الأخير من مبان في العقار رقم 7 الكائن بدرب المواهي البين بصحيفة الدعوى. وقالوا بياناً لها إنهم يمتلكون العقار رقم 9 الكائن بدرب المواهي بموجب عقدين مسجلين بينهما يمتلك الطاعن العقار الملاصق رقم 7، وأن قراراً صدر بنزع ملكية بعض العقارات توطئة لإنشاء طريق جديد، ترتب عليه إزالة جزء من مباني منزل الطاعن، وإذ شرع هذا الأخير في إعادة البناء لم يترك سوى مسافة متر بين المنزلين مما أدي إلى سد مطلات منزلهم رغم أن لهم حق ارتفاق بالمطل على منزل الطاعن، فأقاموا الدعوى رقم 3038 سنة 1967 مستعجل القاهرة بطلب وقف أعمال البناء، غير أن الطاعن أتم البناء قبل أن يباشر الخبير المنتدب في هذه الدعوى المأمورية التي أسندت إليه الأمر الذي اضطروا معه إلى ترك الخصومة فيها. ولما كانوا قد اكتسبوا حق ارتفاق بالمطل على منزل الطاعن بوضع اليد منذ أكثر من خمسين عاماً، وكان في قيام الطاعن بالبناء على النحو المذكور، اعتداء على هذا الحق فقد أقاموا الدعوى الماثلة بطلبهم السالف البيان. وبتاريخ 16/ 3/ 1968، 2/ 11/ 1968، 19/ 4/ 1969 حكمت المحكمة بندب خبير الجدول ومكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق كل من أحكامها المذكورة، وبعد أن قدم الخبراء تقاريرهم حكمت بتاريخ 18/ 11/ 1970 بإزالة ما يعوق - من منزل الطاعن - حق المطعون عليهم بالمطل وذلك بالجهة الشرقية من الغرفة البحرية بمنزل المطعون عليهم في كل من الدور الأرضي والدور المسروق والدور الأول العلوي والدور الثاني العلوي وذلك بالارتداد لمسافة لا تقل عن متر. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 92 سنة 88 ق القاهرة وبتاريخ 19/ 12/ 1971، 15/ 12/ 1973، 22/ 3/ 1977 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء الحكومي لأداء المأمورية المبينة بكل من منطوق أحكامها، وبعد أن أودعت تقارير الخبراء حكمت المحكمة في 8/ 1/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بسبب طعنه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين: الأول أن المطعون عليهم قد خالفوا القانون حينما أقاموا عقارهم وبه فتحات المطلات دون مراعاة المسافة القانونية بينه وبين عقار الطاعن الذي كان وقتها أرضاً فضاء ولما كانت المطلات المفتوحة على أرض فضاء والمتروكة عن طريق التسامح لا يمكن أن تكتسب حق ارتفاق المطل، فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى أن المطعون عليهم قد اكتسبوا بالتقادم الطويل حق ارتفاق بالمطل على عقار الطاعن، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأن المادة 819 من القانون المدني تنص على أنه لا يجوز للجار أن يكون له على جاره مطل مواجه على مسافة تقل عن متر وتقاس المسافة من ظهر الحائط الذي فيه المطل أو من حافة المشربة أو الخارجة. وإذا كسب أحد بالتقادم الحق في مطل مواجه لملك الجار على مسافة تقل عن متر فلا يحق لهذا الجار أن يبني على أقل من متر يقاس بالطريقة السابق بيانها وذلك على طول البناء الذي فتح فيه المطل مما مفاده أن المطل إذا كان مفتوحاً على مسافة أقل من متر وظل على هذا النحو مدة خمس عشرة سنة وكانت الحيازة مستوفية لشرائطها وليست على سبيل التسامح، فإن صاحب المطل يكسب حق ارتفاق بالمطل بالتقادم ويكون له الحق في استبقاء مطله مفتوحاً على أقل من المسافة القانونية كما هو، وليس لصاحب العقار المجاور أن يعترض، حتى لو كان المطل مفتوحاً في حائط مقام على الخط الفاصل بين العقارين بل ليس له في هذه الحالة أن يقم حائطاًَ في ملكه إلا بعد أن يبتعد عن الخط الفاصل بمسافة متر وذلك حتى لا يسد المطل المكتسب بالتقادم. إذ كان ذلك وكان حق الارتفاق إذا توافر له شرطاً الظهور والاستمرار بنية استعمال هذا الحق جاز كسبه بالتقادم إعمالاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 1016 من القانون المدني وكان يبين من تقارير خبراء الدعوى المقدمة صورها الرسمية بأوراق الطعن التي أخذت بها محكمة الموضوع، أن مطلات منزل المطعون عليهم عبارة عن نوافذ بالجهة الشرقية بالطوابق الأراضي والمسروق والأول والثاني العلويين وأن تاريخ فتحها يرجع إلى مدة لا تقل عن تسع عشرة سنة، وكان البين من حكم محكمة أول درجة الذي أخذ بتقريري خبير الجدول ومكتب خبراء وزارة العدل، والمؤيد بالحكم المطعون فيه أن هناك حق ارتفاق بالمطل لعقار المطعون عليهم على عقار الطاعن قد اكتسب بالتقادم بعد أن توافرت شروطه إذ أن علامة هذا الحق الظاهر هي تلك النوافذ المفتوحة على عقار الطاعن وكان الطاعن لم يتحد بأنه تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع بأن المطلات موضوع التداعي كانت على سبيل التسامح، فإن النعي بما جاء بهذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني أن الخبير الذي ندبته محكمة ثاني درجة لم ينفذ المأمورية التي حددتها له بحكمها الصادر في 22/ 3/ 1977، ووقع في العديد من الأخطاء الواضحة، اعترض عليها الطاعن وقتذاك بعد أن قدم قراراً إدارياً بهدم منزل المطعون عليهم بأكمله الخلل أصابه. ولما كان الحكم المطعون فيه، رغم ذلك قد أخذ بما انتهى إليه الخبير في تقريره وأجاب المطعون عليهم إلى طلبهم التعسفي المشوب بسوء استعمال الحق، فقضى بإزالة مباني منزل الطاعن مع أن في ذلك إرهاقاً مادياً له، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان البين من الحكم الاستئنافي الصادر بتاريخ 22/ 3/ 1977 أنه إزاء الخلاف الذي ثار في الاستئناف حول ما إذا كان في إزالة المباني التي أقامها الطاعن والارتداد للمسافة القانونية يتضمن ارتفاقاً له، رأت المحكمة ندب الوكيل المهندس لمكتب خبراء وزارة العدل بجنوب القاهرة للاطلاع على تقارير الخبراء السابقة لبيان وجه الحقيقة في هذه المسألة، وقدم الخبير تقريراً مؤرخاً 13/ 5/ 1978 - أخذت به محكمة الموضوع - وأورد الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قوله "وحيث إن - المحكمة تأخذ بما جاء بالتقرير الأخير المؤرخ 13/ 5/ 1978 والذي أيد ما جاء بالتقرير المؤرخ 11/ 5/ 1976 ومرجحاً له محمولاً على الأسس السليمة التي تتبناها هذه المحكمة وتجعلها من ضمن أسبابها. وتخلص المحكمة إلى أن إزالة المباني التي أقامها الطاعن والارتداد للمسافة القانونية لا يتضمن إرهاقاً له وأن الضرر والذي سيصاب به المطعون عليهم من تعطيل حق الارتفاق المقرر لهم باعتبار أن طبيعة الفتحات هي مطلات وليست مناور وأن هذا الحق موجود لأكثر من المدة القانونية اللازمة لاكتسابه سيكون ضرراً يتجاوز بكثير الضرر الذي سيصاب به الطاعن فيما لو قام بالهدم وإعادة البناء إذ أن هذا الضرر كما انتهى إليه الخبيران بتقريرهما السابقين يعادل مبلغ 600 ج نتيجة تعطيل استعمال حق الارتفاق المقرر لهم بينما أن تكاليف إعادة الحال إلى أصلها بعد إزالة مباني الطاعن لا تزيد عن مبلغ مائة جنيه" ولما كان بين من ذلك أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد أخذت بالنتيجة التي انتهي إليها الخبير للأسانيد التي أوضحها في تقريره لاقتناعها بصحتها وهي أسباب سائغة تكفي لحمل الحكم، فلا عليها إن هي لم ترد على الطعون التي وجهت إلى ذلك التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أن الطاعن لا يناله من الحكم بالإزالة ارتفاق أو ضرر جسيم فإن هذا يفيد أن المطعون عليهم لم يكونوا متعسفين في طلب الإزالة وإذ كان حق الارتفاق ينتهي إعمالاً لما تنص عليه المادة 1026 من القانون المدني بهلاك العقار المرتفق به أو العقار المرتفق هلاكاً تاماً وكان الطاعن لم يقدم لمحكمة الموضوع الدليل على تنفيذ القرار الإداري الصادر بهدم عقار المطعون عليهم، فإن النعي بما جاء بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق