الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 يونيو 2023

الطعن 465 لسنة 36 ق جلسة 22 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 129 ص 792

جلسة 22 من يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود، وجودة غيث.

----------------

(129)
الطعن رقم 465 لسنة 36 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الحكم". "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". أهلية. بيع.
الحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عته البائع وقت صدور البيع. حكم صادر قبل الفصل في الموضوع. وغير منه للخصومة كلها أو بعضها. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً". أهلية. "عوارض الأهلية". "العته". بيع. خلف. صورية.
تقديم تاريخ العقد لإخفاء صدوره أثناء عته البائع. تحايل على القانون. جواز إثباته فيما بين المتعاقدين وورثتها بالبينة والقرائن. تمسك ورثة البائع بذلك. وطلبهم إحالة الدعوى إلى التحقيق للإثبات. إغفال الحكم الرد على هذا الدفاع الجوهري. قصور.

--------------
1 - تقضى المادة 387 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم واقعة النزاع بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع، ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع. وإذ كان يبين من الحكم أنه اقتصر على القضاء بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن البائع كان معتوهاً وقت صدور عقد البيع منه إلى المطعون عليه الأول فإنه لا يكون قد أنهي الخصومة المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها وهي النزاع على صحة ونفاذ عقد البيع، ومن ثم فلا يجوز الطعن في هذا الحكم إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع.
2 - تقديم تاريخ العقد لإخفاء صدوره أثناء عته البائع هو تحايل على القانون، يجوز إثباته فيما بين المتعاقدين بالبينة وبالقرائن، وحكم الورثة في هذا الخصوص هو حكم مورثهم، وإذ كان يبين من الاطلاع على المذكرة التي قدمها الطاعنان أمام محكمة الاستئناف أنهما تمسكا بدفاع أصلي يقوم على أن عقد البيع موضوع النزاع لم يصدر من مورثهما في 10/ 10/ 1947 كما أثبت به، وإنما صدر في تاريخ لاحق بعد إصابته بالعته وإدخاله المستشفى، وأن المقصود بتقديم تاريخ العقد هو تفادي أثر الحجر على المورث، واستدلا على ذلك بعدة قرائن، ثم انتهيا إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعهما إذا لم تكتف المحكمة بالقرائن المقدمة منهما، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على دفاع الطاعنين سالف البيان، ولم يشر إليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1227 سنة 1951 مدني القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 10/ 10/ 1947 الصادر له من أخيه المرحوم صبري شاكر روفائيل مورث الطاعنين، والمتضمن بيعه له أطياناً زراعية مساحتها 7 ف شائعة في 36 ف و21 س مبنية الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى مقابل ثمن قدره 350 جنيه، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد مسجل في 24/ 10/ 1935 باع المرحوم شاكر روفائيل لطف الله إلى ولده المرحوم صبري مورث الطاعنين أطياناً زراعية مساحتها 42 ف و9 ط و10 س، وبعقد عرفي مؤرخ 9/ 10/ 1947 اقتسم مورث الطاعنين مع أخوته الثلاثة ميشيل شاكر روفائيل - المطعون عليه الأول - وصبحي شاكر روفائيل ووديع شاكر روفائيل باقي تركة والدهم، وبتاريخ 10/ 10/ 1947 باع مورث الطاعنين إلى المطعون عليه الأول سبعة أفدنة ومثلها إلى كل من أخويه الآخرين مقابل ثمن مقبوض قدره 350 ج أي بواقع 50 ج للفدان، وجميع هذه الأطيان المبيعة شائعة في 36 ف و21 س، وقد حصل هذا البيع تكملة لعقد القسمة وليرد مورث الطاعنين إلى إخوته حقوقهم لأن البيع الصادر له من والدهم بالعقد المسجل في 24/ 10/ 1935 لم يقصد به في الحقيقة غير تمليكه نصاب العمودية، وقد عين بعد صدوره عمدة لناحية بني بخيت مركز بني سويف، وإذ رفض الطاعنان التصديق على عقد البيع الصادر من مورثهما إلى المطعون عليه الأول، فقد أقام دعواه للحكم بطلباته. دفع الطاعنان بأن التاريخ الوارد بالعقد غير صحيح إذ حرر بعد إصابة مورثهما بالعته وإدخاله المستشفى، وأنه مع التسليم بصدور العقد في هذا التاريخ، فإن مورثهما كان في ذلك الوقت مصاباً بالعته، وهو مما يبطل العقد لصدوره من غير ذي أهلية، وبتاريخ 28/ 11/ 1953 حكمت محكمة أول درجة بطلبات المطعون عليه الأول. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 303 سنة 71 ق القاهرة، وبتاريخ 5/ 4/ 1955 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى تأسيساً على أن عقد البيع صدر من البائع وهو في حالة عته وأن المطعون عليه الأول كان على بينة منها. طعن المطعون عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 27/ 4/ 1961 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. عجل الطاعنان الاستئناف واختصما المطعون عليهما الثاني والثالث لتقديم الأوراق الخاصة بعلاج مورثهما بمستشفى حلمية الزيتون، وبتاريخ 26/ 6/ 1965 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن المرحوم صبري شاكر روفائيل كان معتوهاً وقت صدور عقد البيع منه بتاريخ 10/ 10/ 1947 إلى المطعون عليه الأول، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت بتاريخ 26/ 6/ 1966 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم وفي حكم التحقيق الصادر بتاريخ 26/ 6/ 1965 بطريق النقض، وقدم المطعون عليه الأول مذكرة دفع فيها بسقوط الحق في الطعن على حكم التحقيق لرفعه بعد الميعاد. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المقدم من المطعون عليه الأول أن الحكم الصادر بتاريخ 26/ 6/ 1965 أمر بتحقيق دفاع الطاعنين الخاص بأن مورثهما كان مصاباً بالعته يوم 10/ 10/ 1947 تاريخ عقد البيع، فيكون قد فصل ضمناً برفض دفاعهما الأصلي القائم على أن التاريخ المعطي للعقد غير صحيح وأنه صدر بعد إصابة مورثهما بالعته وإدخاله المستشفى، وإذ لم يطعن الطاعنان في الميعاد على هذا الحكم فيما فصل فيه بصفة قطعية، فإن حقهما يكون قد سقط في الطعن عليه في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت المادة 387 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم واقعة النزاع تقضى بعدم جواز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وكان يبين من الحكم الصادر بتاريخ 26/ 6/ 1965 أنه اقتصر على القضاء بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنان أن المرحوم صبري شاكر روفائيل كان معتوهاً وقت صدور عقد البيع منه بتاريخ 10/ 10/ 1947 إلى المطعون عليه الأول، فإنه لا يكون قد أنهي الخصومة المرددة بين الطرفين كلها أو بعضها وهي النزاع على صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/ 10/ 1947، ومن ثم فلا يجوز الطعن في هذا الحكم إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، ويكون دفع المطعون عليه الأول على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكمين المطعون فيهما القصور في التسبيب ويقولان في بيان ذلك إنهما تمسكا بدفاع أصلي حاصلة أن عقد البيع موضوع الدعوى أعطى له تاريخ صوري هو 10/ 10/ 1947 وأنه في الحقيقة لم يحرر إلا بعد إصابة مورثهما بالعته وإدخاله المستشفى، وأن من حقهما إثبات صورية هذا التاريخ بكافة الطرق بما فيها البينة، وساقا القرائن المؤيدة لذلك، غير أن الحكمين المطعون فيهما لم يشيرا إلى هذا الدفاع الجوهري، مما يعيبها بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان تقديم تاريخ العقد لإخفاء صدوره أثناء عته البائع هو تحايل على القانون يجوز إثباته فيما بين المتعاقدين بالبينة وبالقرائن، وكان حكم الورثة في هذا الخصوص هو حكم مورثهم، ولما كان يبين من الاطلاع على المذكرة التي قدمها الطاعنان أمام محكمة الاستئناف لجلسة 26/ 6/ 1965 أنهما تمسكا بدفاع أصلي يقوم على أن عقد البيع موضوع النزاع لم يصدر من مورثهما في 10/ 10/ 1947، كما أثبت به، وإنما صدر في تاريخ لاحق بعد إصابته بالعته وإدخاله المستشفى وأن المقصود بتقديم تاريخ العقد هو تفادي أثر الحجر على المورث، واستدلا على ذلك بعدة قرائن حاصلها أن هذا العقد لم يظهر إلا عند تحرير محضر الجرد في 3/ 8/ 1949 بعد توقيع الحجر على المورث، وأنه لو كان هذا العقد قد حرر في 10/ 10/ 1947 حقيقة لما صدر على الشيوع لأن الأخوة الأربعة كانوا قد اقتسموا التركة وأنهوا حالة الشيوع فيما بينهم في 9/ 10/ 1947، فمن المستبعد أن ينشئوا بهذا العقد في اليوم التالي مباشرة شيوعاً جديداً فيما بينهم، وأن العقد لا يحمل توقيعاً لأي شاهد غير الأخوة خلافاً لعقد القسمة وملحقه، مما يستفاد منه أن عقد البيع المذكور لم يحرر إلا بعد ثبوت حالة العته فلم يقبل أحد الشهادة على عقد باطل، وأن الخطاب الموجه من مورثهما لغبطة البطريرك في 22/ 11/ 1948 يقطع في أن الصلح لم يكن قد تم بينه وبين إخوته حتى ذلك التاريخ، وينفي قول هؤلاء الأخوة بأن عقود البيع المطعون فيها التي حررت لصالحهم كانت ثمرة الصلح الذي تم في أكتوبر سنة 1947 وهو ما يدل على أن هذه العقود لم تحرر إلا بعد نوفمبر سنة 1948 أو بعد إدخال مورثهما المستشفي لإصابته بالعته، وأن ميشيل شاكر روفائيل المطعون عليه الأول - أخ المورث وخاله عزيز غبور قدما طلباً بتاريخ 9/ 3/ 1948 إلى مدير مستشفي الأمراض العصبية بحلمية الزيتون لحجز مورثهما بالمستشفي لإصابته بمرض عقلي منذ أربعة أشهر سابقة على ذلك التاريخ، وأن هذا يستفاد منه أن عقد البيع الصادر للمطعون عليه الأول وباقي العقود المطعون فيها لم تكن قد حررت حتى تاريخ تقديم الطلب في 9/ 3/ 1948، وإلا لاحتاط المطعون عليه الأول في الطلب بعدم إرجاع حالة العته القائمة بأخيه إلى التاريخ الوارد بالعقد وهو 10/ 10/ 1947، وانتهى الطاعنان في مذكرتهما إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعهما في هذا الخصوص إذا لم تكتف المحكمة بالقرائن المقدمة منهما، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في موضوع الاستئناف قد أغفل الرد على دفاع الطاعنين سالف البيان ولم يشر إليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد شابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن هذا الطعن للمرة الثانية مما يتعين معه على محكمة النقض أن تحكم في الموضوع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق