جلسة أول يونيه سنة 1971
برئاسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، ومحمد أسعد محمود، ومحمد طايل راشد.
---------------
(116)
الطعن رقم 462 لسنة 36 القضائية
إيجار. "التزامات المؤجر". "صيانة العين المؤجرة وملحقاتها". مسئولية. "المسئولية العقدية". عقد." تعديل شروط العقد". حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصورا".
التزام المؤجر بالامتناع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة. الإخلال بهذا الالتزام. أثره. حق المستأجر في طلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة مع التعويض في جميع الأحوال. النص في عقد الإيجار على أن المصعد منحة من المؤجر. إغفال الحكم بحث ما دفع به المستأجر من حصول تعديل في هذا النص عن طريق التنفيذ. خطأ وقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 516 سنة 1965 مدني القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بتعيين حارس على العمارة المبينة في صحيفة الدعوى ليتولى إدارتها وصيانتها وإجراء الإصلاحات اللازمة مع التصريح له بشراء مصعد جديد وتركيبه فيها وتشغيله، كل ذلك على حساب ومصاريف المطعون عليه خصماً من الإيجار المطلوب من المستأجرين أو التصريح للطاعن بشراء مصعد وتركيبه على حساب المطعون عليه، مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ 1000ج على سبيل التعويض عما أصابه من ضرر مادي وأدبي وبأن يدفع به غرامة تهديدية قدرها جنيهان يومياً من تاريخ الحكم حتى يتم تركيب المصعد وتشغليه. وقال شرحاً لدعواه إنه يسكن بالطابق الثالث والأخير من العمارة سالفة الذكر منذ اثنتين وعشرين سنة، ويصل السكان إلى الطوابق العلوية بواسطة المصعد الموجود بالعمارة منذ إنشائها، وقد دأب المطعون عليه منذ شرائه العمارة على الوقوف على سبيل انتفاع السكان بالشقق المؤجرة لهم، فأوقف المصعد منذ صيف سنة 1963 بحجة تعذر إصلاحه وظهر عدم صحة هذه الادعاء، كما تسبب في عدم وصول المياه إلى مسكنه بعدم قيامه بتغيير مواسير المياه التي تآكلت ولم يقم بإصلاحها إلا بعد أن أقام عليه الدعوى رقم 1749 سنة 1964 مستعجل القاهرة، ولكنه رفض إصلاح التلفيات التي حدثت بمسكنه نتيجة تسرب المياه من غرف السطح، ثم انتزع محرك المصعد وآلاته بحجة إصلاحه إلا أنه لم يقم بذلك مما يدل على أنه قصد تعطيله نهائياً وحرمان المستأجرين من استعماله، وقد اضطر الطاعن إزاء ذلك إلى الإقامة في مسكن آخر إلى أن يتيسر له السكنى في شقته، وإذ كان ضمان انتفاعه بمسكنه لا يتأتى إلا برفع يد المطعون عليه عن إدارة العمارة ووضعها تحت الحراسة، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته، وبتاريخ 30/ 11/ 1965 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 132 سنة 83 ق القاهرة، وبتاريخ 21/ 6/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن البند التاسع من عقد الإيجار نص على أن استعمال المصعد منحة من المالك ليس حقاً للمستأجر، وإن هذا يستفاد منه أن العقد أعفى المطعون عليه من الالتزام بصيانة المصعد، هذا في حين أن ما ذهب إليه الحكم لا يتفق مع إرادة المتعاقدين إذ أن المصعد في عمارة سكنية يعتبر من ملحقات العين ومخصصاً لمنفعة المستأجرين فلا يجوز تعطيله، فهو ليس منحة من المطعون عليه بدليل تهيئته للاستعمال طوال مدة العقد بمعرفة ملاك العمارة المتلاحقين ومن بينهم المطعون عليه وقيامه بإصلاحه وصيانته، مما يستفاد منه أن نية الطرفين قد انصرفت بعد التعاقد وأثناء تنفيذ العقد إلى تخويل الطاعن الحق في استعمال المصعد والانتفاع به، فلا يجوز للمطعون عليه أن يتعرض له بانتزاع المصعد من مكانه، وهو أمر يستوجب مسئوليته فيلتزم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه وتعويض الطاعن عما لحقه من ضرر بسبب هذا التعرض، وإذ لم يعن الحكم المطعون فيه ببحث هذا الدفاع الجوهري وقضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان دفاع الطاعن في الدعوى يقوم على أن نية الطرفين قد اتجهت أثناء تنفيذ العقد إلى أن يكون استعمال المصعد حقاً للطاعن وليس منحة من المالك، وأن ذلك مستفاد من أن الطاعن ظل يستعمل المصعد مدة اثنين وعشرين عاماً وأن ملاك العمارة المتلاحقين ومن بينهم المطعون عليه ظلوا يتعهدونه بالصيانة طوال هذه المدة، وأنه وقد أصبح استعمال المصعد حقاًَ له فما كان يجوز للمطعون عليه أن يتعرض له في انتفاعه بانتزاعه من مكانه، واستدل الطاعن على وجهة نظره بصورة رسمية من الشكوى رقم 582 سنة 1964 إداري قصر النيل، وإذ يلتزم المؤجر بأن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع، فإذ أخل المؤجر بهذا الالتزام جاز للمستأجر أن يطلب التنفيذ العيني بمنع التعرض أو فسخ العقد أو إنقاص الأجرة مع التعويض في جميع الأحوال، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أن المصعد هو منحة من المالك للمستأجر طبقاً لما ورد بالبند التاسع من عقد الإيجار وأن المطعون عليه لا يكون ملزماً بصيانته، دون أن يعني الحكم ببحث ما إذا كان استعمال المصعد ظل منحة من المالك للمستأجر كما نص عليه في البند المشار إليه أم أنه حصل تعديل في هذا البند عن طريق التنفيذ على النحو الوارد بدفاع الطاعن سالف البيان وأثر ذلك على الدعوى، وكان الحكم قد رتب على ما ذهب إليه القضاء برفض دعوى الطاعن، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق