الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 يونيو 2023

الطعن 407 لسنة 36 ق جلسة 27 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 91 ص 574

جلسة 27 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود، ومحمد طايل راشد.

------------------

(91)
الطعن رقم 407 لسنة 36 القضائية

(أ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم. "تسبيب الحكم".
سلطة قاضي الموضوع في بحث الدلائل المقدمة له وفي ترجيح ما يطمئن إليه دون أن يكون ملزماً بإبداء أسباب ذلك.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير شهادة الشهود".
استقلال قاضي الموضوع بتقدير أقوال الشهود طالما لم يخرج عن مدلولها.
(ج) وصية. "وقت تقدير ثلث الشركة". تركة. بيع. حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً". صورية.

نفاذ الوصية من غير إجازة الورثة في حدود ثلث التركة بعد سداد جميع الديون. الراجح عند الحنفية أن يكون تقدير الثلث بقيمته وقت القسمة والقبض. تقدير الحكم المطعون فيه ثلث التركة بقيمته وقت الإيصاء، وقضاؤه برفض دفاع الطاعنين بأن عقد البيع محل النزاع يخفي وصية استناداً إلى أنه يدخل في حدود القدر الجائز الإيصاء به دون بيان العناصر التي استقى منها ذلك واستظهار عناصر التركة وبحث ما إذا كانت محملة بديون للغير من عدمه. خطأ وقصور.

-----------------
1 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل المقدمة له تقديماً صحيحاً، وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر، وترجيح ما تطمئن إليه نفسه إلى ترجيحه منها، وفي استخلاص ما يرى أنه هو واقع الدعوى وفي إطراح ما لا يقتنع بصحته منها، دون أن يكون ملزماً بإبداء أسباب ترجيحية دليلاً على آخر، ويكفيه أن يبين الأسباب التي اعتمد عليها.
2 - تقدير أقوال الشهود مرهون ما يطمئن إليه وجدان قاضي، الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها.
3 - إنه وإن كان قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 الذي يحكم واقعة الدعوى ينص على أن الوصية لا تنفذ من غير إجازة الورثة إلا في حدود ثلث تركة الموصي بعد سداد جميع ديونه، إلا أن هذا القانون لم يتعرض صراحة للوقت الذي تقوم فيه التركة، ويتحدد ثلثها، وقد ورد في المذكرة الإيضاحية له بأنه في الأحوال التي لا يوجد لها حكم فيه تطبق المحاكم القول الأرجح من مذهب أبي حنيفة طبقاً للمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. وإذ كان الراجح في هذا المذهب هو أن يكون تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض، لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية وإعطاء كل ذي حق حقه، وحتى لا يكون هناك غبن على أي واحد من الورثة أو الموصى له فيما يعطاه، ورتبوا على ذلك أن كل ما يحدث في الفترة ما بين وفاة الموصي والقسمة من نقص في قيمة التركة أو هلاك في بعض أعيانها يكون على الورثة والموصى له، وكل زيادة تطرأ على التركة في هذه الفترة تكون للجميع، وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وقوم الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت الإيصاء، ورتب على ذلك رفض دفاع الطاعنين المؤسس على أن عقد البيع محل النزاع يخفي وصية استناداً إلى مجرد القول "بأنه لا مصلحة لهم في إبدائه، إذ أن التصرف تم للطعون ضدها الأولى في حدود القدر الربع في العقار المملوك للورثة ولم يقم دليل على وجود وصايا أخرى تجاوز القدر الجائز الإيصاء به للورثة وهو الثلث" دون أن يبين الحكم العناصر التي استقى منه هذا التحصيل، ودون أن يستظهر عناصر التركة التي خلفتها المورثة. وما إذا كان المنزل الذي تصرفت في جزء منه بالعقد المطعون عليه قد بقي على ملك المتصرفة حتى وفاتها، أو يعني ببحث ما إذا كانت التركة محملة بديون للغير أم لا، مع أن بيان هذه العناصر جميعها لازم لتقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية على النحو الذي يتطلبه القانون بالمعنى المتقدم، فإنه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون قد جاء قاصراً عن بيان الأسباب التي استند إليها في تقييم القدر الجائز الإيصاء به، وخلا مما يصلح رداً على دفاع الطاعنين بأن التصرف يخفي وصية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على باقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 3689 سنة 1959 مدني كلي القاهرة وطلبت الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 20/ 8/ 1957 الصادر إليها من المرحومة فاطمة حسن عوض ببيعها لها 6 ط شائعة في العقار المبين موقعاً وحدوداً بصحفية الدعوى لقاء ثمن مقبوض مقداره 1500 ج، وبجلسة 19/ 12/ 1959 قبلت المحكمة تدخل الطاعنين في الدعوى. ادعى هؤلاء الطاعنون أنهم باعتبارهم خلفاً للمتصرفة لا يعلمون أن التوقيع سواء بالختم أو بالبصمة على ذلك العقد هو لمن تلقوا عنها الحق. وبعد أن أمرت محكمة أول درجة بتحقيق هذا الدفاع وسمعت شهود الطرفين سلك الطاعنون طريق الإدعاء بالتزوير على العقد المشار إليه وقضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن محمد متولي كان يحمل ختم والدته ووقع به على العقد المدعى بتزويره بتواطئه مع المطعون عليها الأولى، وبندب قسم أبحاث التزييف والتزوير لمضاهاة الختم المنسوب لها على ختمها الصحيح. كما ندبت المحكمة مصلحة تحقيق الشخصية لمضاهاة بصمة الإصبع المنسوبة إلى المتصرفة على بصمتها الصحيحة، وبعد أن قدم قسم أبحاث التزييف والتزوير تقريراً انتهى فيه إلى أن الختم الموقع به على العقد موضوع الدعوى يتفق مع ختم المتصرفة الموقع به على أوراق رسمية، وقدمت مصلحة تحقيق الشخصية تقريراً ضمنته أن بصمة الإصبع المنسوبة للمتصرفة غير واضحة ولا تصلح للمضاهاة قضت المحكمة في 7/ 12/ 1963 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة العقد. استأنف الطاعنون هذه الحكم بالاستئناف رقم 102 سنة 81 ق القاهرة، ومحكمة الاستئناف قضت في 19/ 12/ 1965 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن المتصرفة لم توقع بنفسها على العقد موضوع الدعوى. سمعت تلك المحكمة شهود الطرفين ثم حكمت في 28/ 5/ 1966 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، ويقولون في بيان ذلك إن الحكم اتخذ مما قرره خبير تحقيق الشخصية في تقريره من أن البصمة الموقع بها على العقد غير ظاهرة ولا تصلح للمضاهاة دليلاً على عجز الطاعنين عن إثبات تزوير هذه البصمة في حين أن المطعون ضدها الأولى هي صاحبة المصلحة في إحداث العبث بالبصمة على الصورة المتقدم ذكرها، وأنها قد لجأت إلى ذلك بقصد إخفاء معالم تزوير العقد الذي اصطنعته بعد وفاة المورثة مما كان يتعين معه على الحكم أن يعتبر ما ورد في التقرير المشار إليه دليلاً على أن تزوير العقد، هذا إلى أن الحكم ما كان له أن يعول على أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى، إذ أن الشاهدة الأولى والدتها وهي بحكم هذه الصلة متهمة في شهادتها، وأن الشاهد الثاني قد قرر أن البائعة لم توقع أمامه. وإذ انتهى الحكم إلى أن العقد صحيح استناداً إلى ما تقدم، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه استبعد البصمة الموقع بها على العقد والمنسوبة إلى المتصرفة أخذاً بما جاء في التقرير المقدم من خبير تحقيق الشخصية من أن هذه البصمة غير ظاهرة ولا تصلح للمضاهاة، واستدل الحكم بعد ذلك على صحة العقد بما ثبت له من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن الختم الموقع به على العقد من المتصرفة صحيح وغير مزور عليها، وبما شهد به شاهدا المطعون ضدها الأولى اللذان اطمأنت المحكمة إلى شهادتهما من أن ختم المتصرفة المذكورة كان متحفظاً عليه بخزانتها إلى أن كسر عقب وفاتها، وأن العقد المدعى بتزويره صحيح وأنه صادر منها، لما كان ذلك، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل المقدمة له تقديماً صحيحاً، وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها، وفي استخلاص ما يرى أنه هو واقع الدعوى، وفي إطراح ما لا يقتنع بصحته منها، دون أن يكون ملزماً بإبداء أسباب ترجيحية دليلاً على آخر، ويكفيه أن يبين الأسباب التي اعتمد عليها، وكان تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان لأحد عليه في ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها وإذ أقامت محكمة الموضوع قضاءها بصحة العقد كما سبق البيان على ما استنبطته من أدلة اطمأنت إليها، وكانت فيما استخلصته من أقوال الشاهدين لم تخالف الثابت بأقوالهما ولم تحرفها، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن العقد موضوع الدعوى يخفي وصية لأنه قصد به التمليك المضاف إلى ما بعد الموت، إلا أن المحكمة رأت أنه لا محل لتحقيق هذا الدفاع استناداً إلى ما قالته من أنه لا مصلحة للطاعنين في إثارته لما ثبت لها من أن التصرف محل النزاع يدخل في حدود القدر الجائز الإيصاء به، ولعدم وجود وصايا أخرى يضيق عنها هذا القدر، دون أن تبين كيف ثبت لها ذلك ومصدر هذا الثبوت وهو ما يعيب حكمها المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إنه وإن كان قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 الذي يحكم واقعة الدعوى ينص على أن الوصية لا تنفذ من غير إجازة الورثة إلا في حدود ثلث تركة الموصي بعد سداد جميع ديونه، إلا أن هذا القانون لم يتعرض صراحة للوقت الذي تقوم فيه التركة ويتحدد ثلثها، وإذ ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور بأنه في الأحوال التي لا يوجد لها حكم فيه تطبق المحاكم القول الأرجح من مذهب أبي حنيفة طبقاً للمادة 280 من لائحة المحاكم الشرعية، ولما كان الراجح في هذا المذهب هو أن يكون تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية وإعطاء كل ذي حق حقه وحتى لا يكون هناك غبن على أي واحد من الورثة أو الموصى له فيما يعطاه، ورتبوا على ذلك أن كل ما يحدث في الفترة ما بين وفاة الموصي والقسمة من نقص في قيمة التركة أو هلاك في بعض أعيانها يكون على الورثة والموصى له وكل زيادة تطرأ على التركة في هذه الفترة تكون للجميع. وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقوم الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت الإيصاء، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد جره هذا الخطأ إلى القضاء برفض دفاع الطاعنين المؤسس على أن العقد محل النزاع يخفي وصية استناداً إلى مجرد القول "بأنه لا مصلحة لهم في إبدائه إذ التصرف تم للمطعون ضدها الأولى في حدود الربع في العقار المملوك للمورثة ولم يقم دليل على وجود وصايا أخرى تجاوز القدر الجائز الإيصاء به للورثة وهو الثلث" دون أن يبين الحكم العناصر التي استقى منها هذا التحصيل ودون أن يستظهر عناصر التركة التي خلفتها المورثة، وما إذا كان المنزل الذي تصرفت إلى المطعون ضدها الأولى في جزء منه بالعقد المطعون عليه المؤرخ 20/ 8/ 1957 قد بقي على ملك المتصرفة حتى وفاتها، وأنها لم تتصرف في الجزء الباقي منه في الفترة بين حصول التصرف المشار إليه وبين وفاتها، كما أن الحكم لم يعن ببحث ما إذا كانت التركة محملة بديون للغير أم لا مع أن بيان هذه العناصر جميعها لازم لتقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية على النحو الذي يتطلبه القانون بالمعنى المتقدم، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون فوق خطئه في تطبيق القانون قد جاء قاصراً عن بيان الأسباب التي استند إليها في تقييم القدر الجائز الإيصاء به، وخلا مما يصلح رداً على دفاع الطاعنين بأن التصرف يخفي وصية مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثالث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق