جلسة 27 من مايو سنة 1971
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.
----------------
(114)
الطعن رقم 365 لسنة 36 القضائية
(أ) استئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". نظام عام.
عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور في ميعاد 30 يوم. م 405/ 2 من قانون المرافعات السابق. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. جزاء غير متعلق بالنظام العام إذ هو مقرر لمصلحة المستأنف عليه.
(ب) بيع "دعوى صحة التعاقد". تسجيل.
تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد. التأشير بمنطوق الحكم الصادر بذلك. يجعل حق المشتري حجة قبل من ترتبت له حقوق عينية على العقار منذ تسجيل الصحيفة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن فتحي مصطفى أو العز وآخرين أقاموا الدعوى رقم 104 سنة 1959 مدني كلي دمياط ضد الأستاذ مصطفى علي حسن المحامي وآخرين يطلبون الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 30/ 5/ 1958 وتسليم الأعيان المبينة به بما عليها، وقالوا شرحاً لدعواهم إن المدعى عليه الأول الأستاذ مصطفى علي حسن عن نفسه وبصفته وكيلاً عن المدعى عليهم من الثاني إلى الخامس باع لهم أرض ومباني ماكينة طحن الغلال وضرب الأرز بما يتبعها من الملحقات المبينة بالعقد مقابل ثمن قدره 600 ج، دفع منه 200 ج وقت التعاقد، وتعهدوا بدفع مبلغ مائتي جنيه عند تسليم العين المبيعة وبدفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي، وإذ امتنع المدعى عليهم عن تنفيذ ما تعهدوا به، فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم، وتدخل محمود عبده عبد ربه وآخرون خصوماً ثلثاً في الدعوى طالبين رفضها فيما زاد عن نصيب المدعى عليه الأول وهو الربع في القدر المبيع، استناداً إلى أنهم سبق أن تملكوا ثلاثة أرباع العين المبيعة بطريق الشراء من المدعى عليهم من الثاني إلى الخامس بعقد بيع مؤرخ 21/ 9/ 1958 ومسجل برقم 522 في 9/ 6/ 1959، وطلب المدعون رفض طلب تدخلهم والحكم لهم بطلباتهم استناداً إلى أن باقي المدعى عليهم الذين تخلفوا عن الحضور لم ينازعوا في التوكيل الصادر منهم للمدعى عليه الأول في بيع العين، وأنهم يفضلون طالبي التدخل لأن تاريخ تسجيل صحيفة دعواهم أسبق من تاريخ تسجيل عقد شراء طالبي التدخل، وأنهم سددوا باقي ثمن المبيع بإيداعه بعد أن قاموا بعرضه عرضاً قانونياً على البائعين، وبتاريخ 25/ 11/ 1964 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 30/ 5/ 1958 المحرر بين المدعين وبين المدعى عليه الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي المدعى عليهم المتضمن بيعه لهم العقار المبين بالعقد وبالصحيفة بما عليه من مبان وماكينات طحن غلال وأرز وأشجار نظير ثمن قدره 600 ج وبرفض دعوى المتدخلين وبإلزامهم مع المدعى عليهم بمصرفات الدعوى، واستأنف الخصوم المتدخلون هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى فيما زاد عن ريع القدر المبيع، وقيد هذا الاستئناف برقم 301 سنة 56 ق، ودفع المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرون باعتبار الاستئناف كأن لم يكن طبقا للمادة 405 مرافعات لبطلان الإعلان الموجه إلى المستأنف عليهم الثاني والثالثة والخامس. إذ لم يعلن لهم شخصيا بل بالمخاطبة مع الأستاذ مصطفى علي حسن المحامي وهو ليس وكيلاً عنهم، وطلب المستأنفون رفض الدفع استناداً إلى أن الصحيفة أعلنت طبقا للقانون وفي الميعاد المحدد، وبتاريخ 9/ 1/ 1966 حكمت المحكمة برفض الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبقبول الاستئناف شكلاً، ثم عاد المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرون ودفعوا بعدم قبول الاستئناف لانعدام صفة ومصلحة المستأنفين في رفعه، وطلبوا بالنسبة للموضوع رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وبتاريخ 1/ 6/ 1966 حكمت المحكمة (أولا) برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف. (ثانيا) بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 30/ 5/ 1958 فيما تضمنه من بيع المستأنف عليه الأول إلى المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرين الربع فقط شيوعاً في 327 متراً مربعاً بما عليها من المنشآت المبنية الحدود وبعقد البيع العرفي سالف الذكر وبصحيفة الدعوى مقابل ربع الثمن المسمي بهذا العقد والتسليم وبرفض دعوى المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرين فيما زاد على ذلك وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من رفض دعوى المتدخلين (المستأنفين)، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسببين المبينين في التقرير و قدموا مذكرة شارحة أصروا فيها على طلب نقض الحكم لهذين السببين ولبطلانه لخلوه من ذكر تاريخ الجلسة التي صدر فيها، وقدمت النيابة العامة مذكرة أولى أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه لبطلانه استناداً إلى خلوه من تاريخ صدوره طبقاً للصورة الرسمية طبق الأصل المودعة من الطاعنين. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن قررت المحكمة ضم المفردات وبعد ضمها قدمت النيابة العامة مذكرة ثانية عدلت فيها عن رأيها الأول وطلبت نقض الحكم في خصوص السبب الثاني من سببي الطعن، وبالجلسة الأخيرة حضر الطاعن وصمم على طلب نقض الحكم لخلوه من تاريخ صدوره وللسببين المبينين في تقرير الطعن والتزمت النيابة العامة رأيها الذي أبدته في مذكرتها الثانية.
وحيث إن النعي ببطلان الحكم المطعون فيه لخلوه من بيان تاريخ صدوره في غير محله. ذلك أنه بالرجوع إلى نسخة الحكم المودعة ملف الدعوى الاستنئافية المنضمة يبين أنه ثابت بها أنه صدر وأن الهيئة التي أصدرته المبينة بصدره قد وقعت على مسودته في يوم 1/ 6/ 1966 وهو ذات التاريخ الثابت أيضاً بمسودة الحكم بجوار توقيع الهيئة التي أصدرته. إذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استوفى بيان تاريخ صدوره ويكون النعي عليه بالبطلان لخلوه من البيان المذكور على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه باطل لبطلان إعلان الاستئناف الموجه إلى المستأنف عليهم الثاني والثالثة والخامس، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المطعون عليهم الثلاثة الأول وجهوا إعلان صحيفة الاستئناف المقام منهم إلى المستأنف عليهم المذكورين دون بيان محال إقامتهم، وسلمت الإعلانات إلى الأستاذ مصطفى حسن المحامي المطعون عليه الرابع بصفته وكيلاً عنهم بالرغم من أن مكتبه لم يكن محلاً مختاراً لهم ولم يكن مثلهم أمام محكمة أول درجة وإنما حضر عن نفسه فقط مما تعتبر معه هذه الإعلانات باطلة، وكان يتعين لذلك على محكمة الاستئناف أن تقضي بقبول الدفع المبدى من الطاعنين باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان هؤلاء المستأنف عليهم خلال الثلاثين يوماً التالية لتقديم عريضة الاستئناف إلى قلم المحضرين تطبيقاً لنص المادة 405 مرافعات المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 والمواد 10، 11، 12، 14 مرافعات، 40 من القانون المدني وإذ حكمت برفض الدفع واعتبرت هذه الإعلانات صحيحة قانوناً فإن حكمها يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن ميعاد الثلاثين يوماً المحددة بالفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات السابق بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو ميعاد حضور والجزاء المقرر في هذه الفقرة لعدم مراعاة هذا الميعاد وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن إذا لم يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - جزاء لا يتعلق بالنظام العام ولا تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، بل إنه مقرر لمصلحة المستأنف عليه حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم المحضرين في قطع التقادم والسقوط، ولصاحب المصلحة أن يتنازل عن التمسك بتوقيع هذا الجزاء صراحة أو ضمناً. وإذ كان يبين من الرجوع إلى الحكم الصادر بتاريخ 9/ 1/ 1966 أن المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرين هم الذين تمسكوا بالدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لبطلان إعلان الاستئناف الموجه إلى غيرهم من المستأنف عليهم، وقضى الحكم برفض هذا الدفع وبقبول الاستئناف شكلاً استناداً إلى أن أصحاب المصلحة في الدفع لم يمسكوا به، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه قد اقتصر في القضاء بصحة ونفاذ عقد الطاعنين على ربع القدر المبيع لهم استناداً إلى أن المطعون عليهم الثلاثة الأول قد اشتروا الثلاثة أرباع الباقية من العقار موضوع النزاع قبل أن يصدر للطاعنين حكم نهائي بصحة ونفاذ عقدهم وهو من الحكم خطأ ومخالفة لأحكام القانون، إذ الثابت أن الطاعنين قد سجلوا صحيفة دعواهم بتاريخ 2/ 8/ 1958 ومن قبل أن يسجل المطعون عليهم الثلاثة الأول عقد شرائهم في 25/ 6/ 1959، وطبقاً للمادة 17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري يترتب على صدور حكم نهائي في دعوى صحة التعاقد والقيام بتسجيل هذا الحكم أو التأشير به على هامش تسجيل صحيفة الدعوى انسحاب أثر تسجيل هذا الحكم أو التأشير به إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى مما يجعل عقد الطاعنين يفضل عقد المطعون عليهم الثلاثة الأول لأسبقية التسجيل.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري بعد أن يبين في المادة 15 منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد نص في المادة السابعة عشرة منه على أنه "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة في المادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها" ومفاد ذلك أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع لإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري حجة على كل من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للطاعنين بصحة ونفاذ عقدهم بالنسبة لربع القدر المبيع دون باقي العقار استناداً إلى ما قرره من أنه "لما كان المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرون (الطاعنون) قد سجلوا صحيفة الدعوى الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 30/ 5/ 1958 المحرر بينهم وبين باقي المستأنف عليهم (المطعون عليهم من الرابع إلى السابع) بتاريخ 2/ 8/ 1958 إلا أنه لم يصدر بعد حكم نهائي للتأشير به على هامش تسجيل الصحيفة، وبذلك تكون ملكية العين مازالت للبائعين فيعتبر تصرفهم فيها إلى المستأنفين (المطعون عليهم الثلاثة الأول) بموجب العقد المؤرخ 21/ 9/ 1958 صادراً من مالكين، وطالما أن الأخيرين سجلوا عقدهم برقم 522 في 29/ 6/ 1959 أي قبل صدور حكم لصالح المستأنف عليهم الثلاثة الأخيرين (الطاعنون) بصحة ونفاذ عقدهم والتأشير بذلك الحكم على هامش تسجيل الصحيفة، فإنه على أساس المفاضلة بين المشترين بأسبقية التسجيل تخلص الملكية للمستأنفين (المطعون عليهم الثلاثة الأول) ويكون من حقهم طلب رفض الدعوى فيما زاد عن نصيب المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الرابع) وهو الربع في القدر المبيع الذي استوفى أركانه القانونية" إذ كان ذلك فإن هذا الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق