الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 9 يونيو 2023

الطعن 485 لسنة 35 ق جلسة 26 / 5 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 113 ص 691

جلسة 26 من مايو سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ صبري أحمد فرحات نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو حمزة مندور، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمد طايل راشد، وجودة أحمد غيث.

-----------------

(113)
الطعن رقم 485 لسنة 35 القضائية

حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضى. عمل.
القضاء بثبوت أو انتفاء حق جزئي يترتب على ثبوت أو انتفاء مسألة كلية شاملة. اكتساب هذا القضاء قوة الأمر المقضى في تلك المسألة وهو مانع لذات الخصوم من التنازع فيها - بطريق الدعوى أو الدفع - بشأن حق جزئي آخر مترتب على ثبوتها أو انتفائها. مثال في دعوى عمالية.

---------------
المسألة الواحدة بعينها إذا كانت كلية شاملة وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق الجزئي المطلوب في الدعوى أو بانتفائه، فإن هذا القضاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - يجوز حجية الأمر المقضى في تلك المسألة الكلية الشاملة بين الخصوم أنفسهم، ويمنع الخصوم أنفسهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن حق جزئي آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو على انتفائها وإذ كان الحكم الصادر في الدعوى السابقة - الذي قضى بالتعويض - قد حسم النزاع بين الخصوم أنفسهم في خصوص فصل الطاعن من عمله وقضى بأنه تعسفي وقد أصبح الحكم نهائياً، فإنه يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة، وإذ كانت هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه الطاعن من حقوق - طلب المكافأة - بالدعوى الثانية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وقد استقرت حقيقتها بين الخصوم بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً، فإن الحكم المطعون فيه، وقد خالف هذا الأساس، وأقام قضاءه في الدعوى على أن الطاعن أخل بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل، ورتب على ذلك جواز فصله دون مكافأة أو تعويض، يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد مصطفى عبد الدايم أقام الدعوى رقم 1711 سنة 1963 إسكندرية الابتدائية ضد (1) الشركة المتحدة للغزل والنسيج بالإسكندرية (2) المدير العام لهيئة التأمينات الاجتماعية. طالباً الحكم (أولاً) بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 129ج و625 م قيمة مكافأته ومقابل ادخاره والمصاريف والأتعاب والنفاذ، و(ثانياً) بإلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع له مبلغ 241 ج و450 م وبأن تسلمه شهادة خدمته وأوراق تعيينه المودعة بملف خدمته والمصاريف والأتعاب والنفاذ. وقال شرحاً لدعواه إنه كان يعمل رئيساً لقسم الفحص بالشركة المدعى عليها الأولى منذ 1/ 11/ 1955 بأجر يومي قدره 55 قرشاً واستمر إلى أن أوقف عن عمله في 22/ 10/ 1961 على أثر اتهامه في الجنحة رقم 5953 سنة 1961 الرمل والتي قضى فيها استئنافياً ببراءته في القضية رقم 5790 سنة 1962 جنح مستأنفة الإسكندرية، ولما طلب إعادته إلى عمله رفضت الشركة فتقدم إلى مكتب العمل المختص بشكوى، ولم يتمكن المكتب من تسوية النزاع ودياً وأحاله إلى محكمة شئون العمال الجزئية وقيد بجدولها برقم 1845 سنة 1963 الإسكندرية. وفي 25/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بوقف قرار الفصل، وإذ أقيم الحكم الصادر ببراءته على أن الاتهام ملفق ضده من موظفي الشركة مما يجعل فصله تعسفياً ويستحق مبلغ 220 جنيهاً قيمة أجره عن مدة الإيقاف من 22/ 10/ 1961 حتى تاريخ رفض الشركة إعادته إلى عمله في 16/ 2/ 1963، و70 ج و125 م مكافأة نهاية الخدمة و51 ج و500 م مقابل ما خصم للادخار و13 ج و750 م بدل الإنذار و7 ج و700 م مقابل الإجازة السنة الأخيرة، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. ودفعت هيئة التأمينات الاجتماعية بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى بالنسبة لطلب المكافأة. وبتاريخ 31/ 12/ 1963 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر طلب المكافأة وباختصاصها و(ثانياً) بإلزام الشركة المدعى عليها الأولى بأن تدفع للمدعي مبلغ 642 قرشاً وأن تسلمه شهادة خدمته وأوراق تعيينه خلال أسبوعين وإلا التزمت بدفع غرامة تهديدية قدرها 50 قرشاً عن كل يوم تأخير حتى التسليم وألزمتها بالمصروفات المناسبة لما حكم به، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وأعفت المدعي من باقي المصروفات وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 32 سنة 3 قضائية ودفعت هيئة التأمينات بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لطلبي المكافأة ومقابل الادخار. وبتاريخ 13/ 5/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبجوازه وبقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنف من المصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه الأول بصفته ولم يبد دفاعاً، وطلب المطعون عليه الثاني رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن الطاعن أخل بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل بما يبرر فصله دون مكافأة أو تعويض طبقاً لنص المادة 76 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ومخالفة لحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 816 سنة 1964 عمال مستأنف الإسكندرية، لأن الحكم الصادر في الدعوى المذكورة قضى للطاعن على الشركة المطعون عليها الأولى وبسبب فسخها لنفس العقد موضوع النزاع الحالي بتعويض قدره 80 ج على أساس أن الفصل تعسفي، وإذ أصبح هذا الحكم نهائياً حائزاً لقوة الشيء المقضي وقبل أن يصدر الحكم المطعون فيه، فإنه ما كان يسوغ لهذا الحكم الأخير أن يقرر - بعدئذ - أن الفصل كان بمبرر وأن يترتب على ذلك إعمال نص الفقرة السادسة من المادة 76 من قانون العمل.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المسألة الواحدة بعينها إذا كانت كلية شاملة وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق الجزئي المطلوب في الدعوى أو بانتفائه فإن هذا القضاء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجوز حجية الأمر المقضى في تلك المسألة الكلية الشاملة بين الخصوم أنفسهم، ويمنع الخصوم أنفسهم من التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع في شأن حق جزئي آخر متوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم أو على انتفائها. وبالرجوع إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 816 سنة 1964 عمال مستأنف الإسكندرية بتاريخ 27/ 12/ 1964 يبين أن الطاعن كان قد أقام الدعوى ضد الشركة المطعون عليها الأولى بطلب الحكم له عليها بالتعويض لفسخها ذات العقد سبب الدعوى الحالية، وأنه أسسها على أن الفصل تعسفي، وقد تناقش الطرفان في تلك المسألة وقضى الحكم بتعويض للطاعن قدره 80 ج على أساس أن فصله من عمله كان تعسفياً وبلا مبرر. ولما كان الحكم المذكور قد حسم النزاع بين الخصوم أنفسهم في خصوص فصل الطاعن من عمله وقضى بأنه تعسفي وقد أصبح هذا الحكم نهائياً، فإنه يحوز قوة الشيء المحكوم فيه في تلك المسألة. وإذ كانت هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه الطاعن من حقوق بالدعوى الثانية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وقد استقرت حقيقتها بين الخصوم بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً، فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا الأساس وأقام قضاءه في الدعوى على أن الطاعن أخل بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل، ورتب على ذلك جواز فصله دون مكافأة أو تعويض، فإنه يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم به بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 26/ 3/ 1970 مجموعة المكتب الفني السنة 21 ص 519.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق