بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-05-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 32 لسنة2023 طعن مدني
طاعن:
تى اتش او اى لصناعة الخرسانة الجاهزة (ش.ذ.م.م)
جيه كيه بايون لمقاولات البناء (ش.ذ.م.م)
جيه كيه بايون لمقاولات البناء (ش.ذ.م.م)
مطعون ضده:
عارف الله محمد حنيف
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1626 استئناف مدني
بتاريخ 19-12-2022
بتاريخ 19-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقررـ سعد زويل ــ والمداولة:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
و حيث إن الوقائـع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنتين واوربان لتجميل الساحات (ش.ذ.م.م ) الدعوى رقم 1449 لسنة 2022 مدنى جزئي أمام محاكم دبى الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن والتضامم بأن يؤدوا له تعويضًا مقداره مبلغ 500,000 درهم والفائدة القانونية بواقع 12% سنويًا من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد ، وذلك تأسيسًا على أن كل من هارون رشيد محمد رشيد (تابع الطاعنة الأولي ) ومحمد طاهر عظيم فضل عظيم (تابع شركة اوربان لتجميل الساحات ) وبإهمال مان سريشنا (تابع المطعون ضدها الثالثة) قد تسببوا بتاريخ 29/8/2019 بخطئهم في إصابة المطعون ضده لإخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهنتهم بأن تركوا الأخير يقوم بأعمال تركيب أنابيب المياه في السقف بفندق بورتو فينو بجزيرة أوروبا الكائنة ضمن جزر العالم على سقالة متحركة دون وجود رقابة اشرافية صارمة للتأكد من التزامه بطرق العمل وقواعد الأمن والسلامة في منطقة العمل وعدم اعطاء العامل الارشاد والتدريب الكافي وتركه يعمل في مكان عمل غير أمن الأمر الذى أدى إلى سقوطه من على ارتفاع مترين عند تحريك السقالة وعدم التأكد من وجود عائق ، مما أدى إلى إصابته بالإصابات المبينة بتقرير الطب الشرعي ، وقد أدينوا عن ذلك بحكم بات في القضية رقم 9290 لسنة 2021 جنح الموانئ ، وقد حاق بالمطعون ضده من جراء ذلك أضرار جسدية وأدبية يقدر بالتعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 3 / 10 / 2022 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما الأولى والثالثة بالتضامن بأن تؤديا للمطعون ضده مبلغ 100,000 درهم " مائة ألف درهم " والفائدة القانونية بواقع 5 % سنويًا من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد ، استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1626 لسنة 2022مدني ، وبتاريخ 19 / 12 / 2022 قضت المحكمة برفض وتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 17 / 1 /2023 طلبتا فيها نقضه ، قدم محامى المطعون ضده مذكرة بدفاعه في الميعاد طلب فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى بها الطاعنتان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنها تمسكا في دفاعهما بطلب إحالة المطعون ضده إلى الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه للوقوف على حالته الصحية والجسمانية وعلاقة الحادث محل الدعوى بها خاصةً أنه لم يذهب إلى المستشفى إلا بعد عشرة أيام من تاريخ الحادث ، وأن الحكم عول على تقرر غير نهائي للحادث ولا يمكن الاعتماد عليه ، ولم يحدد نسبة العجز النهائية ، وأن الحكم قضى جزافيًا بتعويض مادي وأدبي دون أن يبين ماهيه الضرر المادي وأساسه رغم خلو الأوراق مما يفيد تكبد المطعون ضده أية أضرار مادية ، مما يكون ما قضى به إثراء للأخير على حساب الغير ، كما أن المضرور ساهم في وقوع الحادث وكان يتعين مراعاة مساهمته عند تقدير التعويض ، وإن إدانة المتهمين لا تحول بين المحكمة المدنية وبحث ما إذا كان المضرور قد أشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه طالما لم تكن هذه المسألة معروضة على المحكمة الجزائية ولم تقل كلمتها فيها ، وإن الحكم انتهى إلى توافر المسئولية المدنية في حقهما على سند توافر المسئولية الجزائية مع أن معاقبة المتهم في الدعوى الجزائية ليست قرينة أو دليل مؤكد على توافر المسئولية المدنية ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة وفقًا لنص المادتين 50 من قانون الإثبات ، 269 من قانون الإجراءات الجزائية ــ المنطبقين على واقعة الدعوى ــ أن الحكم الصادر في المواد الجزائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلًا لازمًا في وقوع الفصل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا ما فصلت المحكمة الجزائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة به لكي لا يكون حكمها حكمًا مخالفًا للحكم الجزائي السابق له ، ومن المقرر أيضًا أنه وفقًا لنصوص المواد (282، 292، 293) من قانون المعاملات المدنية ? أن كل إضرار بالغير يلزم فاعله بالضمان الذي يقدر بما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون نتيجة طبيعية للفعل الضار، وإن كان تحديد عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هي من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة التمييز إلا أن تقدير الضرر وتحديد قيمة التعويض الجابر له هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دامت أنها قد بينت هذه العناصر ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكافية لحمله ، ومن المقرر أيضًا أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة المقدمة فيها ومنها التقارير الطبية وفي الأخذ بها واستخلاص ثبوت الضرر منها متى اطمأنت إليها ورأت فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمده مما له أصل ثابت في الأوراق ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم القواعد الواردة في المساق المتقدم وأقام قضاءه بتعديل الحكم الابتدائي بشأن تقدير التعويض المقضي به للمطعون ضده عن الأضرار الجسدية والأدبية التي لحقت به من جراء الحادث وذلك تأسيسًا على ما أورده بمدوناته من أن (( الثابت من مطالعة الحكم الجزائي الصادر في الدعوى الجزائية 9290 لسنة 2021 جنح الموانئ بتاريخ 29/6/2021 أنه تمت معاقبة هارون رشيد رشيد محمد رشيد ، محمد طاهر عظيم فضل عظيم ، بإهمال مان سريشنا مبلغ وقدره عشرين ألف درهم عما نسب إليهم لتسببهم بخطئهم في المساس بسلامة جسم المجنى عليه/ عارف الله محمد حنيف ( المطعون ضده ) نتيجة إخلالهم بما تفرضه عليهم أصول مهمنتهم بأن تركوا المجنى عليه يقوم أنابيب المياه في السقف بفندق بوتوفينو بجزيرة أوروبا ضمن جزر العالم أعلى سقالة متحركة ودون رقابة اشرافية صارمة من قبلهم للتأكد من التزامه بطرق العمل وقواعد العمل الامن والسلامة في منطقة العمل وعدم اعطاء العامل الارشاد والتدريب الكافي وترك العامل المجنى عليه يعمل في مكان عمل غير آمن ، الأمر الذي أدى إلى سقوط المجنى عليه من ارتفاع مترين عند تحريك السقالة وعدم التأكد من وجود عائق وإصابته وفقًا لما جاء بتقرير الطب الشرعي إلا أن ذلك الحكم تعدل بالحكم الصادر في الاستئنافات 3601 ، 3812 ، 3814 لسنة 2021 استئناف بتغريم كل متهم مبلغ خمسة الاف درهم عما اسند إليه واضحى باتًا وفقًا للشهادة الصادرة من النيابة العامة ، ومن ثم فقد امتنع على المحكمة المدنية إعادة بحث ركن الخطأ وعلاقه السببية بينهما وفقًا للحكم الجزائي ،....لما كان قد لحق المدعى ( المطعون ضده ) ضرر تمثل في المساس بسلامه جسمه وإصابته بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والثابت بنتيجته إن إصابة المدعى ذات طبيعة رضية جائزة الحدوث من إصابة أثناء عمله في تاريخ يعاصر تاريخ الواقعة ويتماشى حدوثها من سقوطه من ارتفاع ويتقرر لعلاجها أكثر من عشرين يومًا ولتصبح إصابته ذات صفة نهائية ويعرض ستة أشهر لبيان ما آلت إليه حالته ، ولما كانت تلك الإصابات على هذا النحو وهي المساس بجسم المدعى يعد معه ضررًا ماديًا يستوجب التعويض عنه، كما أنه ومما لاشك فيه أن المدعى قد تكبد نفقات في سبيل العلاج ومتابعة الاطباء تعد أيضًا ضررًا ماديًا يستوجب التعويض عنه بالإضافة إلي ما لحقة من خسارة من جراء تلك الاصابة ، وحيث إنه عن طلب التعويض عن الأضرار المعنوية ، فلما كان ما أصابه من أضرار بسلامه جسمه أدت إلى شعورة بألم والحزن وهو ما يعد ضرر معنويًا يستحق التعويض عنه، ....، وكان الثابت أيضًا أن المدعى يبلغ من العمر 24 عامًا وقت وقوع الحادث ويعمل عاملًا وأنه أصيب بكسر بالنتوء المستعرض من الفقرة الثانية عشر الصدرية حتى الفقرة القطنية الرابعة ووجود انزلاق ما بين الفقرة الثالثة والرابعة وما بين الرابعة والخامسة القطنية مع انضغاط في العصب القطني الرابع والخامس ويعانى من آلم شديد حتى توقيع الكشف الطبي الشرعي عليه وذلك على النحو المبين بالتقرير ، الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإلزام المدعى عليهما الأولى والثالثة أن تؤديا له مبلغ مائة ألف درهم تعويضًا ماديًا وأدبيًا )) ، وأضاف الحكم المطعون فيه إلي ذلك قوله أن (( كل ما ساقه كل من المستأنفتين ( الطاعنتين في أسباب استئنافهما لا يخرج في جوهره عما كان معروضًا على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها وانتهى إلى القضاء بتأييد الحكم المطعون فيه ، حيث أن المحكمة تساير محكمة أول درجة فيما انتهت إليه ولما كان الحكم المستأنف قد انتهى بما يوافق هذا النظر، يكون النعي عليه بأسباب الاستئناف الماثل نعيًا في غير محله القانوني وكان كل ما ساقه المستأنفتان في صحيفة استئنافها لا يخرج في جوهره عما كان معروضا على محكمة أول درجة وتضمنته أسبابها ، إذ تكفل الحكم المستأنف بالرد سديدًا وصائبًا على ما ساقته وبما يغني هذه المحكمة عن إيراد أسباب جديدة لقضائها فقد واجهت محكمة الدرجة الأولى عناصر الدعوى الواقعية والقانونية وتناولت في أسبابها الرد على دفاع المستأنفتين وانتهت بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله وتتفق وصحيح القانون ، مما تقضي معه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف لما تقدم من أسباب ولأسبابه ورفض الاستئناف موضوعًا )) وإذ كان هذا الذي خلصت إليه المحكمة المطعون في حكمها سائغًا بما له أصل ثابت بالأوراق وبما لا مخالفة فيه للقانون وكافيًا لحمل قضائه ، وكانت الأوراق قد خلت من دليل يؤكد مساهمة المصاب في الخطأ الذي أدى إلى إلحاق الضرر به، ولم تقدم الطاعنتان ما يؤيدها في هذا الادعاء إلى محكمة الموضوع ، كما لا ينال من الحكم كذلك طلب الطاعنتين إحالة المطعون ضده الى الطب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي عليه ، ما دام قد رأت أن التقرير الطبي المطروح عليها كافٍ لتكوين عقيدتها للفصل في الدعوى فإنها لا تلتزم بإجابة طلب الخصم بندب طبيب آخر أو لجنة طبية لفحص المصاب ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه ? بما سلف ? لا يعدو أن يكون جدلًا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث إنه - ولما تقدم - يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنتين بالمصروفات وبمبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق