الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 2 يونيو 2023

الطعن 257 لسنة 36 ق جلسة 19 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 11 ص 52

جلسة 19 من يناير سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(11)
الطعن رقم 257 لسنة 36 القضائية

(أ) تنفيذ "السند التنفيذي". العقد الرسمي". شهر عقاري.
العقد الرسمي في معنى المادة 457 من قانون المرافعات السابق. صلاحيته للتنفيذ به جبراً دون حاجة للالتجاء إلى القضاء.
(ب) تنفيذ "السند التنفيذي". بنوك. "عقد فتح الاعتماد".
الأصل في التنفيذ الجبري أن يكون بموجب سند تنفيذي دال بذاته على أن الحق المراد اقتضاؤه محقق الوجود ومعين المقدار وخال الأداء. الاستثناء. التنفيذ بعقد فتح الاعتماد الرسمي ولو لم يتضمن الإقرار بقبض شيء. وجوب إعلان مستخرج بحساب المدين مع عقد فتح الاعتماد عند الشروع في التنفيذ في هذه الحالة.
(جـ) عقد "تكييف العقد". محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف العقد" تأمينات عينية "رهن عقاري" تنفيذ. بنوك "عقد فتح الاعتماد".
العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة الواقع وما عناه العاقدان. ما ورد في عنوان العقد من أوصاف مخالفة. لا أثر له. خلوص الحكم إلى أن العقد سند التنفيذ هو عقد فتح اعتماد مضمون برهن عقاري. أثره. جواز التنفيذ بمقتضاه على الوجه المبين بالمادة 460/ 2 من قانون المرافعات السابق. عدم التفرقة في هذا الشأن بين الرهن وبين الدين المكفول به.
(د) تنفيذ. "إعلان السند التنفيذي" تقادم. "قطع التقادم" "التنبيه". بنوك.
إعلان مضمون عقد فتح الاعتماد الرسمي مع مستخرج بحساب المدين. تضمين الإعلان التكليف بالوفاء. قاطع للتقادم.
(هـ) شركات. "شركات التضامن". تنفيذ. "السند التنفيذي". "العقد الرسمي" تأمينات عينية. كفالة.
مسئولية الشريك المتضامن في أمواله الخاصة عن كافة ديون الشركة بالتضامن مع بقية الشركاء. كفالته للشركة بموجب عقد فتح اعتماد رسمي مضمون برهن عقاري. جمعه في هذه الحالة بين صفة المدين باعتباره شريكاً متضامناً وبين صفة الكفيل المتضامن باعتباره راهناً.
(و) تنفيذ. "إعلان السند التنفيذي".
هدف المشرع من سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين. إعلامه بوجوده وإخطاره بما هو ملزم بأدائه. وتخويله إمكان مراقبة استيفائه لشروط التنفيذ. وجوب أن تكون منازعة المدين ذلك جدية.
(ز) دعوى. "طلب تقديم المستندات". نقض "أسباب الطعن".
عدم تقديم الطاعن ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بطلبه تمسكاً جازماً. نعيه على الحكم في هذا الخصوص بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع عار. عن الدليل.

---------------
1 - المقصود بالعقود الرسمية المشار إليها في المادة 457 من قانون المرافعات السابق، الأعمال القانونية التي تتم أمام مكاتب التوثيق للشهر العقاري، والمتضمنة التزاماً بشيء يمكن اقتضاؤه جبراً، مما يجعل لها بهذه المثابة قوة تنفيذية تجيز لصاحب الحق الثابت فيها أن ينفذ بها دون حاجة للالتجاء إلى القضاء.
2 - مؤدى نص المادتين 459، 460 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أنه وإن كان يجب أن يكون الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه بالتنفيذ الجبري محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وأن يكون السند التنفيذي دالاً على توافر هذه الشرائط فيه إلا أن الشارع تقديراً منه للاعتبارات العملية المتصلة بتشجيع الائتمان أجاز استثناء من الأصل، التنفيذ بعقود فتح الاعتماد الرسمية ولو لم تتضمن الإقرار بقبض شيء، وأوجب في ذات الوقت ضماناً لمصلحة المدين الحاصل التنفيذ ضده أن يعلن عند الشروع في التنفيذ مع عقد فتح الاعتماد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية.
3 - العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة الواقع وبالنية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة العاقدين. وإذ كان مؤدى ما حصله الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أن العقد الرسمي سند التنفيذ هو عقد فتح اعتماد مضمون برهن عقاري، فإنه يجوز التنفيذ بمقتضاه على الوجه المبين بالمادة 460/ 2 من قانون المرافعات السابق، ومن شأن هذا العقد عدم التفرقة بين الرهن في حد ذاته وبين الدين المكفول به، ولا يغير من ذلك أن العقد معنون بأنه كفالة عقارية، أو أن الشركة المرتهنة لم تتعهد صراحة بالإقراض أو التوريد، واحتفظت بحقها في الامتناع عن ذلك وقتما تشاء، ما دام أن العقد قاطع الدلالة في أن هناك عمليات ائتمان صادفت محلها فعلاً عند التعاقد، ومن حق الشركة المرتهنة أن تتدبر موقفها المالي مستقبلاً.
4 - متى كان الثابت أن الشركة المطعون عليها - والمرتهنة بموجب عقد فتح اعتماد رسمي مضمون برهن عقاري - قد أعلنت إلى الطاعن - الكفيل المتضامن والراهن - قبل البدء في التنفيذ مضمون عقد فتح الاعتماد المذكور، ومستخرجاً من حساب المدين من واقع دفاترها التجارية وكلفته فيه الوفاء بالمبلغ المطلوب قبل اكتمال التقادم الخمسي، فإن ذلك كاف للقول بانقطاع التقادم، اعتباراً بأن ذلك التكليف بالوفاء ينصب على المديونية بالذات ويتضمن المطالبة بالمبالغ المتأخرة في معنى المادة 460 من قانون المرافعات السابق.
5 - إذا كان الطاعن باعتباره شريكاً في شركة التضامن يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديونها بالتضامن مع بقية الشركاء عملاً بالمادة 22 من قانون التجارة، فإنه بموجب عقد فتح الاعتماد الرسمي المضمون برهن عقاري - والمبرم بين الشركة المطعون عليها باعتبارها مرتهنة وبين الطاعن بصفته الشخصية باعتباره كفيلاً متضامناً وراهناً، وبين شركة التضامن - سالفة الذكر - والمنفذ بمقتضاه إنما يجمع بين صفة المدين باعتباره شريكاً متضامناً في شركة التضامن الممثلة في العقد، وبين صفة الكفيل المتضامن باعتباره راهناً حتى ولو كان الدين محل التنفيذ ثابتاً في ذمة شركة التضامن وحدها.
6 – إنه وإن كانت المحكمة التي استهدفها المشرع من سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 460 من قانون المرافعات السابق هي إعلامه بوجوده، وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين، وتخويله إمكان مراقبة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية التي يكون بتوافرها صالحاً للتنفيذ بمقتضاه، إلا أن منازعة المدين التي يفقد الحق بسببها شرطي تحقق الوجود وتعيين المقدار وفق المادة 459 من قانون المرافعات السابق يتحتم أن تكون منازعة جدية تثير الشك في وجود الحق أو حقيقة قدره.
7 - إذا كان الطاعن لم يقدم أمام محكمة النقض ما يثبت تمسكه تمسكاً جازماً يقرع سمع محكمة الموضوع بوجوب تقديم السندات الإذنية - موضوع الدين المنفذ به - فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون عليها الأولى اتخذت إجراءات التنفيذ الجبري على العقارات المملوكة للطاعن والمبنية الحدود والمعالم بتنبيه نزع الملكية المعلن إليه في 10 من إبريل 1963 وفاءً لمبلغ 7028 جنيهاً، 438 مليماً وما يستجد من المصروفات والفوائد حتى تمام السداد وذلك تنفيذاً لعقد رسمي موثق في 25 من فبراير 1953 برقم 2309 ومضمون برهن عقاري ومذيل بالصيغة التنفيذية ومعلن إلى الطاعن بتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1958، وبعد أن أودعت قائمة شروط البيع بتاريخ 29 من سبتمبر 1963 في الدعوى رقم 20 لسنة 1963 بيوع كلي دمنهور، قرر الطاعن بالاعتراض عليها في 11 من نوفمبر 1963 وطلب للأسباب الواردة بالتقرير بطلان تنبيه نزع الملكية وما تلاه من إجراءات، وقيد اعتراضه برقم 507 لسنة 1963 بيوع أمام محكمة دمنهور الابتدائية، وفي 17 من مارس سنة 1965 قضت المحكمة برفض الاعتراضات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 284 لسنة 21 ق الإسكندرية ومحكمة الاستئناف حكمت في 17 من مارس سنة 1966 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه أجاز اتخاذ إجراءات التنفيذ العقاري بموجب العقد الرسمي المؤرخ 25 من مارس 1953 باعتباره من السندات التنفيذية المشار إليها بالمادة 457 من قانون المرافعات السابق، مع أن هذا العقد إنما أبرم - وطبقاً للعنوان المصدر به - لمجرد إثبات الكفالة العينية، ويستتبع ذلك أن يقتصر اعتباره سنداً رسمياً على ما يتعلق بالرهن الرسمي الذي تضمنه فحسب أما الدين المكفول بهذا الرهن فيلزم لإعمال أثر العقد الرسمي والتنفيذ بمقتضاه أن يخصص له سند تنفيذي مستقل، وإذ يجري التنفيذ بمقتضى عقد الرهن فقط فإنه لا يعتبر مؤسساً على سند تنفيذي، وقد ترتب على هذا الفهم الخاطئ من الحكم أن قضى برفض الدفع بالتقادم الخمسي وفق المادة 194 من قانون التجارة تأسيساً على أن التقادم قد انقطع بالتنبيه الموجه إلى الطاعن مكلفاً إياه بالسداد في 23 أكتوبر 1958 مع أن هذا الإنذار لا يعتبر تنبيهاً في معنى المادة 383 من القانون المدني بالنسبة للمديونية، ولا يعدو أن يكون إنذاراً عادياً غير قاطع للتقادم لأن السند الرسمي الذي جرى إعلانه هو عقد الكفالة العقارية أي الرهن وهو لا يعد سنداً رسمياً في شأن المديونية كما سلف البيان. ويضيف الطاعن أن محكمة أول درجة أجازت التنفيذ بموجب العقد المشار إليه استناداً إلى أنه عقد رسمي بفتح اعتماد أعلن إلى الطاعن وأرفق به مستخرج بحسابه المدين من واقع الدفاتر التجارية للشركة الدائنة عملاً بالمادة 460/ 2 من قانون المرافعات السابق، مع أن العقد المذكور لا يتضمن أي تعهد بالقرض أو بتوريد بضاعة لا إلى شركة التضامن - الطرف الثالث في العقد - ولا إلى الطاعن شخصياً مما ينفي عنه هذا الوصف، هذا إلى أنه بينما يقرر الحكم المطعون فيه أن الحكم الابتدائي صحيح فيما انتهى إليه إذ به يستطرد إلى أن عقد الرهن الرسمي قابل بذاته للتنفيذ به وبدون حاجة إلى إسباغ وصف عقد آخر كفتح الاعتماد عليه دون أن يعلل ما ارتآه، مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقصود بالعقود الرسمية المشار إليها في المادة 457 من قانون المرافعات السابق، الأعمال القانونية التي تتم أمام مكاتب التوثيق للشهر العقاري والمتضمنة التزاماً بشيء يمكن اقتضاؤه جبراً مما يجعل لها بهذه المثابة قوة تنفيذية تجيز لصاحب الحق الثابت فيها أن ينفذ بها دون حاجة للالتجاء إلى القضاء، وكان مؤدى المادتين 459 و460 من ذات قانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان يجب أن يكون الحق الموضوعي المراد اقتضاؤه بالتنفيذ الجبري محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، وأن يكون السند التنفيذي دالاً على توافر هذه الشرائط فيه، إلا أن الشارع تقديراً منه للاعتبارات العملية المتصلة بتشجيع الائتمان أجاز استثناء من الأصل التنفيذ بعقود فتح الاعتماد الرسمية ولو لم تتضمن الإقرار بقبض شيء، وأوجب في ذات الوقت ضماناً لمصلحة المدين الحاصل التنفيذ ضده أن يعلن عند الشروع في التنفيذ مع عقد فتح الاعتماد مستخرج بحساب المدين من واقع دفاتر الدائن التجارية، وكان البين مما حصله الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أن العقد سند التنفيذ محرر بمعرفة الموظف المختص بضبطه في مكتب توثيق القاهرة تحت رقم 2309 لسنة 1953 ومذيل بالصيغة التنفيذية، وأنه مبرم بين الشركة المطعون عليها الأولى باعتبارها مرتهنة وبين الطاعن بصفته الشخصية باعتباره كفيلاً متضامناً وراهناً، وبين طرف ثالث هو شركة تضامن الطاعن الأول أحد الشركاء فيها، وأنه جاء بالعقد أنها تقبل الكفالة المقدمة من ذلك الأخير الذي رهن لصالح الشركة المطعون عليها الأولى الأعيان المملوكة له تأميناً وضماناً وكفالة لكافة المبالغ المستحقة أو التي تستحق للشركة المطعون عليها الأولى قبل شركة التضامن في حدود مبلغ خمسة آلاف من الجنيهات، وحددت هذه العمليات بأنها بيع بضائع الشركة المطعون عليها الأولى لشركة التضامن وقبول الشركة المرتهنة خصم الكمبيالات المحررة من الغير لصالح شركة التضامن وقبولها إقراض شركة التضامن مباشرة أو إقراض الغير لحسابها، وأن الشركة المطعون عليها الأولى تعهدت بموجب ذلك التعاقد أن تضع تحت تصرف شركة التضامن وسائل مختلفة للائتمان، منها القرض والخصم والبضاعة العاجلة والآجلة في حدود مبلغ معين وخلال فترة محددة على أن يكون المعول عليه هو رصيد الحساب فيما بينهما، وقد اقترن ذلك التعاقد برهن رسمي أنشأه الطاعن تأميناً للوفاء بما عسى أن يصل إليه ذلك الرصيد، فإن مؤدى ذلك أن يعد العقد فتح اعتماد مضمون برهن عقاري فيجوز التنفيذ بمقتضاه على الوجه المبين بالمادة 460/ 2 السالف ذكرها، وأن من شأن هذا العقد عدم التفرقة بين الرهن في حد ذاته وبين الدين المكفول به، ولا يغير من ذلك أن العقد معنون بأنه كفالة عقارية، لأن العبرة هي حقيقة الواقع وبالنية المشتركة التي اتجهت إليها إرادة العاقدين، كما لا يغير منه أن الشركة المرتهنة لم تتعهد صراحة بالإقراض أو التوريد واحتفظت بحقها في الامتناع عن ذلك وقتما تشاء لأن العقد قاطع الدلالة في أن هناك عمليات ائتمان صادفت محلها فعلاً عند التعاقد، ومن حق الشركة المرتهنة أن تتدبر موقفها المالي مستقبلاً. لما كان ما تقدم وكان الثابت أن الشركة المطعون عليها الأولى قد أعلنت إلى الطاعن قبل البدء في التنفيذ مضمون العقد الرسمي - متضمناً مستخرجاً من حسابه المدين من واقع دفاترها التجارية وكلفته فيه الوفاء بالمبلغ المطلوب بتاريخ 23 من أكتوبر 1958 أي قبل اكتمال التقادم الخمسي، فإن ذلك كاف للقول بانقطاع التقادم اعتباراً بأن ذلك التكليف بالوفاء ينصب على المديونية بالذات وبتضمن المطالبة بالمبالغ المتأخرة في معنى المادة 460 من قانون المرافعات. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما انتهى إليه من رفض اعتراض الطاعن في هذا الخصوص وإن انطوى تزيداً على تقرير قانوني خاطئ حين اعتبر عقد الرهن الرسمي قابلاً للتنفيذ بذاته على الرغم من عدم تعيين مقدار الدين. ومن ثم فإن النعي على الحكم بما يثيره الطاعن بهذين السببين بالخطأ في تطبيق القانون وبالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه اعتبره مديناً أصلياً استناداً إلى أن عقد الرهن الرسمي سند التنفيذ جاء به أن الرهن يضمن كافة المبالغ التي تمت أو تتم بين الشركة المطعون عليها الأولى وبين الراهن بصفته الشخصية مع أن التنفيذ إنما يجرى لدين تدعي الشركة المطعون عليها الأولى ثبوته في ذمة الطرف الثالث في العقد وهو شركة التضامن، وهو ما يجعل الطاعن مجرد كفيل وليس مديناً شخصياً الأمر الذي يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر من العقد الرسمي موضوع التنفيذ أنه جاء بالبند الثاني منه أنه جميع التزامات الطاعن - الطرف الثاني في العقد - والتزامات شركة التضامن الطرف الثالث فيه - تعتبر كلاً لا يتجزأ وأنها قائمة على وجه التضامن بينهما وأن للشركة المطعون عليها الأولى مطالبة أحدهما أو كليهما، وأن البند الثامن من العقد أورد أن الرهن يكفل ويضمن كافة المبالغ المستحقة أو التي تستحق للشركة المطعون عليها الأولى من جراء العمليات التي تمت فعلاً أو سوف تتم بينها وبين الطاعن منفرداً أو بصفته الشخصية وبين أية منشأة تجارية أو شركة أخرى يكون للطاعن بأي صفة حصة فيها، وكان الطاعن باعتباره شريكاً في شركة التضامن المشار إليها يسأل في أمواله الخاصة عن كافة ديونها بالتضامن مع بقية الشركاء عملاً بالمادة 22 من قانون التجارة، فإنه بموجب العقد الرسمي المنفذ بمقتضاه إنما يجمع بين صفة المدين باعتباره شريكاً متضامناً في شركة التضامن الممثلة في العقد كطرف ثالث وبين صفة الكفيل باعتباره راهناً حتى ولو كان الدين محل التنفيذ ثابتاً في ذمة شركة التضامن وحدها. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن المادة 459 من قانون المرافعات السابق تشرط أن يكون التنفيذ اقتضاء لدين محقق الوجود ومعين المقدار وحال الأداء، غير أن الدين الذي أجيز التنفيذ اقتضاء له يتمثل في عدة سندات إذنية حددت الشركة المطعون عليها الأولى مباشرة الإجراءات تواريخ تحريرها ومواعيد استحقاقها مع أن هذه البيانات من إنشائها ومع أن قيمة بعض هذه السندات قد حصلت من مديني شركة التضامن وهو ما سلمت به الشركة في إنذارها المؤرخ 23 من أكتوبر 1958 مما يجعل شروط التنفيذ غير متوافرة ويعيب الحكم بالتالي بمخالفة القانون، هذا إلى أن الطاعن طالب بوجوب تقديم هذه السندات الإذنية حتى يتسنى للقضاء مراقبة ثبوت الدين وقيامه في ذمته إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه مما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه وإن كانت الحكمة التي استهدفها المشرع من سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 460 من قانون المرافعات السابق هي إعلامه بوجوده وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتخويله إمكان مراقبة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية التي يكون بتوافرها صالحاً للتنفيذ بمقتضاه، إلا أن منازعة المدين التي يفقد الحق بسببها شرطي تحقق الوجود وتعيين المقدار وفق المادة 459 من قانون المرافعات السابق يتحتم أن تكون منازعة جدية تثير الشك في وجود الحق أو حقيقة قدره. ولما كان الحكم المطعون فيه أورد وهو في معرض الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الشأن قوله ".... إن هذه المنازعة غير جدية ذلك أن من الواضح في هذه الدعوى أن الشركة المستأنفة - المطعون عليها الأولى - قد كشفت عن دينها في ذمة المستأنف - الطاعن - بجلاء تام وقد أعلنته به ولم يستطع له دفعاً جدياً يمكن أن يلتفت إليه.... وقد برئ الدين المنفذ به من أية شائبة تحجب عنه التعيين أو حلول ميقات أدائه...." وكان هذا الذي أورده الحكم له سنده فيما جاء بالبند الخامس من التعاقد من وجوب إبداء الاعتراضات على كشوف الحساب التي ترسلها الشركة المطعون عليها الأولى خلال فترة معينة وإلا كان السكوت بمثابة موافقة عليها لا رجوع فيها، وهو من الحكم قول سائغ ويكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص. وإذ لم يقدم الطاعن ما يثبت تمسكه تمسكاً جازماً يقرع سمع محكمة الموضوع بوجوب تقديم السندات الإذنية فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 1/ 2/ 66 مجموعة المكتب الفني السنة 17. ص 214.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق