جلسة 18 من مارس سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.
---------------
(52)
الطعن رقم 210 لسنة 36 القضائية
(أ) شيوع. "إدارة المال الشائع". إيجار. تعويض. دعوى. "الصفة".
الشريك مالك 3/ 4 المال الشائع. حقه في إقامة بناء على الأرض الشائعة في سبيل تحسين الانتفاع بها. إجارته نافذة في حق باقي الشركاء. له الحق في اقتضاء التعويض عن تلف البناء.
(ب، ج، د) خبرة. حكم. "تسبيب الحكم".
المحكمة غير مقيدة برأي الخبير. أخذ الحكم بتقرير الخبير المنتدب دون الخبير الاستشاري. لا يلزم الرد بأسباب خاصة على اعتراضات التقرير الأخير. النتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير المنتدب وأسبابه. جزء مكمل لأسباب الحكم.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن".
النعي في تقرير الطعن بأن الحكم في فهم الواقعة له أثر في تقدير الدعوى دون تحديد أثر التقدير الخاطئ. نعي مجهل. غير مقبول.
(و، ز) نقض. "أسباب الطعن". "المصلحة في الطعن". بطلان استئناف.
(و) التمسك ببطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم الابتدائي لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(ز) إقامة الحكم الاستئنافي قضاءه على أسباب مستقلة دون إحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي. التمسك ببطلان الحكم الأخير. لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعنين. عدم صلاحيتها سبباً للطعن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن فهيم عطا حبش أقام الدعوى رقم 3919 سنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد شاروبيم حنا مورث الطاعنين بطل الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ ألف وستة وتسعون جنيهاً وخمسمائة مليم والمصروفات، وقال بياناً للدعوى إنه يملك المنزل رقم 6 بشارع التاج بشبرا وأن لجنة توجيه أعمال البناء والهدم قد أخطرته بتاريخ 29 ديسمبر سنة 1960 بأنها قررت هدم المنزل لأنه آيل للسقوط، وأن مورث الطاعنين الذي يملك المنزل رقم 4 الملاصق لمنزله وجه إليه إنذاراً يطلب منه اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على سلامة منزله فرد بإنذار يخطره فيه بأن الهدم تنفيذ لقرار اللجنة، ويطلب منه إجراء هذه الاحتياطات، وأنه بمقتضى عقد مؤرخ 7 فبراير سنة 1961 عهد إلى أحد المقاولين بهدم المنزل خلال شهرين وقام المقاول بالهدم وسلمه الأرض خالية من الأتربة في 2 مايو سنة 1961، وقام المطعون عليه بوضع الأساس لبناء جديد مكان منزله القديم ويعمل قاعدة خرسانية مسلحة وأقام الأعمدة فوقها، إلا أنه حدث في 13 يوليه سنة 1961 أن انهارت الواجهة البحرية للمنزل رقم 4 على الأعمدة الخرسانية والمنشآت التي أقامها وإصابتها بالتلف، وأنه رفع دعوى إثبات الحالة رقم 6957 سنة 1961 مستعجل القاهرة، كما رفع دعوى مورث الطاعنين بدوره دعوى إثبات الحالة رقم 6959 سنة 1961 مستعجل القاهرة، وبعد أن قررت المحكمة ضم هاتين الدعويين حكمت في 3 أغسطس سنة 1961 بندب خبير من الجدول لإثبات حالة العقارين وبيان سبب انهيار منزل مورث الطاعنين والأضرار التي لحقت بالطرفين والاحتياطات التي كان في الإمكان اتخاذها لمنع الأضرار والإصلاحات اللازمة لإعادة الحال إلى ما كانت عليه، وإذ أثبت الخبير في تقريره الأضرار التي لحقت المطعون ضده من انهيار المنزل المجاور، وكان التعويض عنها مقدراً بمبلغ 840 جنيهاً مقابل تكاليف إقامة 12 عمود خرسانة فقدت صلاحيتها بواقع 70 جنيهاً للعمود الواحد و30 جنيهاً قيمة أسمنت إصابة التلف تحت المباني المنهارة و60 جنيهاً لإعادة البناء إلى أصله و150 جنيهاً أجرة العمارة التي تأخر إتمامها مدة شهرين و3 جنيهات و500 مليم مصاريف دعوى إثبات الحالة، فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته في الدعوى الحالية. وأقام مورث الطاعنين من جانبه الدعوى رقم 3989 مدني كلي القاهرة قبل المطعون عليه بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له 3800 جنيه استناداً إلى أن المطعون عليه لم يتخذ الاحتياطات الفنية عند هدم منزله وأن إجراء الحفر بعد الهدم هو السبب في انهيار المنزل رقم 4 على ما جاء بتقرير الخبير الاستشاري المقدم منه. وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين حكمت بتاريخ 11 إبريل سنة 1964 أولا - في الدعوى رقم 3919 سنة 1961 مدني كلي القاهرة بإلزام المدعى عليه فيها بأن يدفع للمدعي السيد فيهم عطا حبش مبلغ 212 جنيهاً والمصروفات المناسبة. ثانيا - في الدعوى رقم 3989 سنة 1961 كلي القاهرة برفضها وإلزام رافعها بالمصروفات، وأستأنف شاروبيم حنا هذا الحكم لدى محكمة القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وبعدم قبول الدعوى رقم 3919 سنة 1961 القاهرة لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة لحصة قدرها ستة قراريط، استناداً إلى أن فهيم عطا حبش لا يملك في المنزل رقم 6 إلا حصة قدرها 18 قيراطاً وتملك زوجته نعيمة بشاي الباقي وقيد الاستئناف برقم 1011 سنة 81 ق. كما استأنف فهيم عطا حبش هذا الحكم لدى محكمة الاستئناف القاهرة طالبا تعديله والحكم له بباقي طلباته وقيد استئنافه برقم 1111 قضائية. وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 20 فبراير سنة 1966 بقبول الاستئنافين شكلاً وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبقبولها وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 3919 مدني كلي القاهرة وبإلزام ورثة شاوربيم حنا بأن يدفعوا لفهيم عطا حبش من تركة مورثهم مبلغ 96 جنيهاً و132 مليماً والمصروفات المناسبة عن الدرجتين وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى رقم 3989 سنة 1961 مدني كلي القاهرة وألزمت ورثة المستأنف شاوربيم حنا المصروفات الاستئنافية، وطعن الورثة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصروا على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول دعوى المطعون عليه لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة لحصة زوجته، مستندا في ذلك إلى أن المطعون عليه نفى اشتراك زوجته في نفقات الأعمدة المسلحة والمنشآت التي أقامها على الأرض بعد إزالة البناء القديم، ولم يقدم مورث الطاعنين ما يدل على اشتراكها في النفقات ولم يختصمها في دعوى إثبات الحالة التي رفعها ضد المطعون عليه وأغفل الإشارة في صحيفتها وفي صحيفة الدعوى الابتدائية إلى أنها شريكة في المنزل بالإضافة إلى أن التعويض عن الأضرار التي أصابت الأعمدة والمنشآت المقامة على أرض المنزل لا شأن لها في إقامتها، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن المباني بمجرد إقامتها تصبح ملكا لصاحب الأرض وتكون زوجة المطعون عليه صاحبة الصفة في المطالبة بقيمة التلف في المباني بقدر نصيبها في الأرض ولا يكفي أن ينفي المطعون عليه اشتراكها في النفقات، ولا يقع على عاتق مورث الطاعنين تقديم الدليل على تدخلها في إقامة المنشآت، ولا يغير من ذلك أنه لم يختصمها في دعواه المستعجلة وفي الدعوى الابتدائية والأساس فيهما يختلف عن أساس دعواه ويقوم على أنه مسئول شخصاً عما تسببه من ضرر لمورثهم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المطعون عليه باعتباره مالكاً حصة مقدارها ثلاثة أرباع الأرض فإن له الحق في إدخال تغييرات أساسية في الغرض الذي أعدت له هذه الأرض في سبيل تحسين الانتفاع بها وفقاً لأحكام المادة 829 من القانون المدني ويكون البناء الذي يقيمه على نفقته لتحقيق هذا الغرض داخلاً في حدود حقه في إدارة المال الشائع وهو يباشر هذا الحق بوصفه أصيلاً عن نفسه ونائباً عن زوجته التي تمتلك الربع الباقي وتكون إجارته نافذة في حق هذه الزوجة، كما يكون له الحق في قبض الأجرة واقتضاء التعويض الناشئ عن تلف البناء لحساب جميع الشركاء، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذه النتيجة في قضائه برفض الدفع بعدم قبول دعوى المطعون عليه بالنسبة لحصة زوجته التي لا تملك أكثر من الربع في الأرض التي أقيم عليها البناء، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بتقرير الخبير الاستشاري استناداً إلى أنه لم يذكر في تقريره أنه انتقل إلى أرض المنزل رقم 6 شارع تاج وأجرى فيها الحفر لمعرفة عمقها وأنه قام بعمل الحفر في منزل مورث الطاعنين في غيبة خصمه، وهو من الحكم مخالفة للقانون وقصور من وجوه "أولها" أن الثابت بتقرير الخبير الاستشاري أنه انتقل إلى أرض المنزل رقم 6 وأجري الحفر فيه في عمق الماء بجوار منزل الطاعنين فقط "وثانيها" أن الخبير المنتدب في الدعوى هو الذي يجب عليه دعوة الخصوم وفقاً لنص المادة 233 من قانون المرافعات ولا يستطيع الخبير الاستشاري إخطار الخصم بالانتقال لإجراء المعاينة في مواجهته "وثالثها" أن الحكم أغفل الرد على ما جاء بتقرير الخبير الاستشاري من أنه كان من الممكن تفادي انهيار الحائط البحري للعقار رقم 4 المملوك لمورث الطاعنين بإتباع طريقة للتأسيس خلاف الطريقة التي اتبعها المطعون عليه "ورابعها" أن الخبير الاستشاري اعترض بأن الخبير المنتدب لم يعاين أساسات المنزلين لزوال المعالم في حين أنه كان من الميسور الكشف بجوار الأساسات من ناحية منزل مورث الطاعنين أو ناحية الرصيف، ولو أنه قام بهذا البحث لظهر أن الحفر هو المتسبب في انهيار هذا الحائط بالذات دون باقي المنزل ويدل على أن السقوط لا يرجع كما أثبت الخبير المنتدب إلى أن مونة المنزل في بعض الحوائط الباقية أساسها الطين ومتحللة، لأن هذه الحوائط مازالت موجودة وبحالة قوية ومتماسكة والحوائط كلها من عمر واحد وبمواد واحدة وقد اكتفى الحكم بتقرير الخبير المنتدب في الرد على هذه الاعتراضات ولم يحقق هذا الدفاع الذي يغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه أطرح النتيجة التي انتهى إليه الخبير الاستشاري لعدم اطمئنانه إليها على أساس أن هذا الخبير أورد بالتقرير - الذي أودع الطاعنون صورته ملف الطعن - أنه قام بالحفر في منزل مورثهم ولم يذكر أنه أجراه بمنزل المطعون عليه إذ قام فيه "وقد أجرينا أعمال الحفر بجوار الحوائط الباقية وعمل مجسات إلى أن وصلنا نهاية مباني أساسات عقار الطالب وقد ثبت لنا أيضاً من الحفر أن أرض الطالب بجواز مباني العقار رقم 6 الملاصق لملك الطالب من الجهة البحرية، وقد ظهرت المياه على عمق 1.5 متراً وأجرينا الحفر في الماء حتى وصلنا إلى عمق 2.5 متراً أسفل منسوب التلتوار وكانت مباني أساس الجار ما زالت مستمرة، أي أن عمق أساس منزل الجار البحري رقم 6 شارع التاج أكثر من 2.50 متراً أسفل منسوب التلتوار من غير شك" وما قرره الحكم بشأن معاينة هذا الخبير وقيامه بالحفر أسفل منزل مورث الطاعنين دون منزل المطعون عليه واقع له أصله الثابت بتقرير الخبير، إذ كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة برأي الخبير وبحسبها أن تضمن حكمها الرد على ما جاء بتقريره فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما يستقل به قاضي الدعوى. ومردود في الوجه الثاني بأن الحكم المطعون فيه اعتمد بصفة أساسية في
إطراح التقرير الاستشاري على أن الخبير اقتصر على معاينة أرض المنزل المملوك لمورث الطاعنين فضلاً عن أنه قام بإجراء المعاينة في غيبة المطعون عليه، وهو استطراد زائد عن حاجة الدعوى ولا يؤثر في سلامة تقديره خطأ الحكم في الإشارة إلى المادة 329 من قانون المرافعات التي توجب على الخبير بيان حضور الخصوم وأقوالهم وملاحظاتهم في محضر أعماله. ومردود في الوجهين الثالث والرابع بأن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وأطرح تقرير الخبير الاستشاري فإنه يكون قد رفض الأسباب التي أقيم عليها التقرير الاستشاري وتضمن الرد على اعتراضاته وحججه ولا يجب على الحكم أن يرد بأسباب خاصة لأن الأخذ بتقرير الخبير المنتدب مفاده أن الحكم لم يجد في تقرير الخبير الاستشاري ما يغير وجه الرأي الذي انتهى إليه في الدعوى.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه على تقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة واكتفى لترجيحه على التقرير الاستشاري بمناقشة الخبيرين أمام محكمة أول درجة، وهو من الحكم خطأ وقصور وإخلال بحق الدفاع من وجوه "أولها" أن الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة لم يبحث الاحتياطات التي كان يجب على المطعون عليه أن يتخذها أثناء هدم منزله وإقامة البناء الجديد للمحافظة على منزل جاره المملوك لمورث الطاعنين، رغم أنه مكلف ببحثها في الحكم الصادر بندبه، وأن الحكم المطعون فيه اكتفى بما قرره الخبير من أن الأضرار قد وقعت بالفعل وتجاهل بحث هذا الأمر الجوهري ولم يكلف الخبير تحقيقه هذا إلى أن الخبير قرر أثناء المناقشة في محكمة أول درجة أنه كان يمكن تفادي الضرر لو قام مورث الطاعنين بصلب الحائط المهار في حين أن هذا الاحتياط واجب على المطعون عليه وقد أنذره مورث الطاعنين باتخاذه "وثانيها" أن الحكم المطعون فيه أغفل طلب مورث الطاعنين تعيين خبير ثالث لتحقيق أوجه الخلاف بين تقرير الخبير المنتدب والتقرير الاستشاري، كما أغفل طلب المورث سماع مهندس التنظيم الذي قام بالمعاينة عقب انهيار المنزل مباشرة وأثبت أنه حصل انهيار من الجهة البحرية بكامل ارتفاع المنزل، في حين أن الخبير المنتدب انتهى إلى أن الانهيار يرجع إلى رداءة المونة التي عاينها من الجزء المتبقي بارتفاع متر من أسفل الحائط المنهار"وثالثها" أن الحكم المطعون فيه قد اعتمد تقرير الخبير المنتدب الذي تناقض في تقريره إذ قال أنه لا يمكنه الجزم بسبب انهيار الحائط ثم عاد فقال أن الحفر الذي قام به المطعون عليه لم يكن سبباً مباشراً في هذا الانهيار كما أنه لم يستطع تفسير هذا التناقض أثناء مناقشته أمام محكمة أول درجة وكان جوابه عليه غير مفهوم وبعيداً عنه.
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما أثبته الخبير المنتدب في تقريره بقوله "إنه لم يتمكن من معرفة سبب الانهيار لأنه عندما انتقل إلى المعاينة كانت مباني المنزل رقم 4 المملوك لشاروبيم حنا قد أزيلت تماماً ورفعت أنقضاها عن الجزء الأسفل بارتفاع متر بطول المنزل جميعه وقد فحص مونة هذا الجزء فوجدها من مونة أساسها الطين وقد تحللت وأصبحت مسحوقاً ترابياً فقد تماسكه وقوة احتماله "وأن الحفر التي أجراها فهيم عطا قد زالت كذلك معالمها وملئت بالخرسانة إلى منسوب أوطى من أرضية منزل شاروبيم حنا بحوالي نصف متر وهذا الإجراء وحده كفيل بسند أساس منزل شاروبيم حنا فإن منزل هذا الأخير لا يمكن أن يظل قائماً لمدة أسبوع بعد إتمام الحفر بل لابد أن ينهار فور الحفر تحت الأساس ولا يظل حتى يوم 13/ 7/ 1961 تاريخ انهيار الحائط البحرية ورتب على الحكم على ذلك قوله "وقد انتهى الخبير من كل ما تقدم أنه يجزم بأن الحفر الذي أحدثه فهيم عطا حبش ليس هو السبب في الانهيار الذي حدث ولو أنه لم يتمكن من معرفة سبب الانهيار للأسباب السابقة ومن ثم فلا تناقض في النتائج التي انتهى إليها كما يدعي شاروبيم حنا أما الاحتياطات لمنع الأضرار التي لحقت بالطرفين فقد أبان الخبير أن الأضرار حصلت بالفعل وليس هناك محل لبحث الاحتياطات لمنعها، وأن الخبير المنتدب قد انتهى إلى عدم مسئولية فهيم عطا حبش في الانهيار الذي حدث بحائط منزل شاروبيم حنا وهذا الرأي هو ما تطمئن إليه المحكمة وترى سلامته" وما أورده الحكم عن تقرير الخبير من أسباب لم يكن محل نعي من الطاعنين وما رتبه الحكم فنتيجته محمولة عليها ولا خطأ فيها، وهي تفيد أن السبب في انهيار الحائط البحري من المنزل المملوك لمورث الطاعنين لا يرجع إلى قيام المطعون عليه بالحفر في أرضه لإعادة بناء منزله بعد هدمه وقد بقيت قائمة بعد الحفر مدة أسبوع، وهذا السبب ينفي الخطأ عن المطعون عليه في هدم منزله وحفر الأساس لإعادة بنائه، ويواجه دفاع مورث الطاعنين القائم على أن المطعون عليه أهمل في اتخاذ الاحتياطات اللازمة للمحافظة على سلامة الجيران ولا يناقض ما قرره الخبير من أنه لم يتمكن من معرفة السبب الذي أدى إلى انهيار الحائط لزوال معالمه ورفع أنقاضه وقت انتقاله إلى المعاينة طالما أن الانهيار حدث تالياً لعملية الهدم والحفر في أرض المطعون عليه. وإذ كان ذلك وكان الحكم قد أخذ بتقرير الخبير المنتدب وهو في نتيجته وأسبابه جزء مكمل لأسباب الحكم ورد كاف على اعتراضات الخبير الاستشاري الذي لم يطمئن إليه، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير آخر في الدعوى أو إحالتها إلى التحقيق لسماع مهندس التنظيم الذي قام بالمعاينة متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب وفي عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، فإن الحكم المطعون فيه وقد جرى في قضائه على الأخذ بتقرير الخبير السابق ندبه دون الالتجاء إلى إجراء آخر في الدعوى، لا يكون قد أخطأ في القانون أو شابه قصور أو أخل بحق الدفاع.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ فهم الواقع في الدعوى وقد ساقها على أن لجنة الهدم والبناء قررت أنه يلزم هدم المنزل رقم 6 وجاء بإنذار المطعون عليه أن الهدم اضطراري لأيلولة البناء للسقوط، ولم يتلفت الحكم إلى حقيقة الحال وأن المطعون عليه هو الذي طلب الهدم لإقامة بناء جديد من خمسة أدوار، وهذا الفهم الخاطئ كان له أثر في تقدير الحكم للدعوى - كما أخطأ الحكم في قضائه بتأييد الحكم الابتدائي وقد بني على إجراءات باطلة ذلك أن الثابت أن محكمة أول درجة قررت مناقشة الخبيرين وأنهما حضرا بجلسة 27 إبريل سنة 1963 وجلسة 29 فبراير سنة 1962 وسألت المحكمة الخبيرين بعد حلفهما اليمين فخلصت بين الشاهد والخبير وأخذت بما قررت أنه صادق في أقواله وأعرضت بذلك كما أعرضت محكمة الاستئناف عن بحث المسائل الفنية التي هي محل خلاف بين الخبيرين وانفردت بالرأي فيها ولم تلتفت إلى طلب مورث الطاعنين تعيين خبير ثالث وسماع مهندس التنظيم الذي عاين هدم الجدار لبحث هذه المسائل وكشف الحقيقة.
وحيث إن هذا النعي مردود في الشق الأول بأن الطاعنين اكتفوا في تقرير الطعن ببيان أن الخطأ في فهم الواقعة المشار إليها فيه كان لها أثرها في تقدير الحكم للدعوى، وهذه عبارة مجملة لا تحدد أثر التقدير الخاطئ في قضاء الحكم ووجه العيب في تقديره، فيكون النعي غير مقبول لقصوره عن البيان التفصيلي الواجب قانوناً. والنعي في الشق الثاني مردود بأنه علاوة على أن الطاعنين لم يقدموا ما يدل على أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف ببطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم الابتدائي ولا يقبل منهم التمسك بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا مصلحة لهم بالتمسك بالبطلان لحلف الخبر اليمين قبل مناقشته أمام المحكمة وهو غير مكلف بحلف اليمين فإن هذا النعي لا جدوى منه، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يحل في قضائه إلى أسباب الحكم الابتدائي، وإنما أقام قضاءه على أسباب مستقلة وهي تكفي لحمل قضائه على ما سبق البيان، فلا يكون للطاعنين سوى مصلحة نظرية في بطلان الحكم الابتدائي وهي لا تصلح سبباً للطعن، ولما تقدم يتعين رفض هذا الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق