جلسة 22 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، وصلاح الدين عبد العظيم، والدكتور أحمد حسني وحافظ السلمي.
-------------
(390)
الطعن رقم 1342 لسنة 49 القضائية
التزام. بنوك "خطاب الضمان".
خطاب الضمان. علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر لصالحه. مناطها. عدم جواز قيام البنك بمد أجله دون موافقة العميل. سقوط التزام البنك ما لم يخطره المستفيد بالدفع قبل نهاية الأجل المحدد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول - بصفته - أقام الدعوى رقم 540 لسنة 25 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة على كل من البنك الطاعن، والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 6685 ج و297 م، وفوائده القانونية. وقال بياناً لدعواه أن المطعون ضده الثاني تعاقد في 7/ 5/ 1961 مع هيئة مديرية التحرير، التي أدمجت في المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضي، على شراء 5078 إردباً من الفول السوداني، وقدم لها خطابي ضمان مؤرخين 5/ 10/ 1960، صادرين من البنك الأهلي التجاري السعودي، الذي أدمج فيما بعد في بنك مصر - الطاعن - تعهد البنك في كل منهما، بأن يدفع عند أول طلب مبلغ 5200 ج مقابل أن توافيه هيئة مديرية التحرير، بما يفيد تسليم كمية الفول السوداني المتعاقد عليها إلى المطعون ضده الثاني الذي تسلم ما قيمته 6685 ج و397 م من أصل الكمية، ثم تجدد خطاباً الضمان من 3/ 7/ 1961 حتى 3/ 7/ 1961، وفي 10/ 1/ 1961 قام البنك بإخطار الهيئة السالفة الذكر بصورة من الخطاب الوارد إليه من المطعون ضده الثاني والذي طالبه فيه بدفع مبلغ 6685 ج قيمة ما تسلمه من البضاعة وأبدى البنك استعداده للوفاء بالمبلغ بشرط أن ترد إليه خطابي الضمان المشار إليهما، وفي 11/ 6/ 1961 طلبت الهيئة من البنك الوفاء بالمبلغ أو تجديد الضمان لمدة ستة أشهر أخرى، إلا أنه رفض طلبها بخطابه المؤرخ 16/ 6/ 1961 كما امتنع المطعون ضده الثاني عن سداد قيمة ما تسلمه من الصفقة المتعاقد عليها، فأقامت المؤسسة دعواها بطلباتهم السالفة. وبتاريخ 23/ 6/ 1974 قضت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وأحيلت إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية المختصة بنظرها حيث قيدت برقم 3846 لسنة 1976 تجاري كلي الإسكندرية. وبتاريخ 31/ 1/ 1978 قضت المحكمة للمدعي بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 206 لسنة 34 ق كما استأنفه المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 207 لسنة 34 ق وبعد ضم الاستئنافين، قضت محكمة استئناف الإسكندرية في 18/ 4/ 1979 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا للمؤسسة بالتضامن مبلغ 6685 ج والفوائد القانونية وبإلزام المطعون ضده الثاني يدفع لها مبلغ 397 م والفوائد القانونية. طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً، وبالنسبة إلى ما قضى به على البنك - الطاعن - وإذ عرض هذا الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بإلزامه بدفع مبلغ 6685 ج بالتضامن مع المطعون ضده الثاني تأسيساً على أنه وقد خرج عن نطاق الكفالة المحددة بخطابي الضمان والتي انتهت بعد مدها في 3/ 7/ 1971، فقد التزم بخطابه المؤرخ 10/ 1/ 1961 أي خلال فترة سريان الكفالة - بالوفاء بقيمة خطابي الضمان، في حين أن الطاعن تمسك أمام درجتي التقاضي بأن التزامه بالوفاء التزام مستقل يتحدد بمال ورد في خطابي الضمان، وذلك بمطالبته بالوفاء إبان الميعاد المحدد فيهما وتحقق الشرط الوارد بهما، وسقط عنه هذا الالتزام بمطالبته في 17/ 7/ 1961، بعد انتهاء الأجل المحدد للخطابين، ولا يعتبر من هذا النظر صدور خطاب من الطاعن في 10/ 1/ 1961 لأن هذا الخطاب لم ينشئ التزاماً جديداً على الطاعن بالوفاء بعد انتهاء أجل الخطابين.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا ما أصدر البنك خطاب ضمان لكفالة عميله، فإن علاقة البنك بالمستفيد يحكمها هذا الخطاب وحده، وعباراته هي التي تحدد التزام البنك والشروط التي يدفع بمقتضاها، حتى إذا ما طولب بالوفاء في أثناء سريان أجل الضمان وتحققت الشروط وقدمت إليه المستندات المحددة في الخطاب، وجب عليه الدفع فوراً، بحيث لا يلتزم إلا في حدود تلك الشروط أو يعتد بغير هذه المستندات. وفي ذات الوقت ليس له أن يستقل - دون موافقة عميله - بمد أجل خطاب الضمان عن الأجل الموقوت فيه والمتفق على تحديده مقدماً ويسقط التزام البنك إذا لم تصل إليه مطالبة المستفيد بالدفع قبل حلول نهاية ذلك الأجل. ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الخطاب الصادر من البنك في 10/ 1/ 1961 تضمن مجرد إخطار هيئة مديرية التحرير - الجهة المستفيدة - بصورة من الخطاب المرسل إليه عن عميله - المطعون ضده الثاني - في ذات التاريخ، ومطالبتها بموافاته بخطابي الضمان المؤرخين 5/ 10/ 1960 وهما اللذان بينا شروط الكفالة والأوراق الواجب تقديمها إليه، حتى يتمكن من الوفاء لما بقيمة ما يتسلمه عميله من البضاعة المتعاقد عليها، ولم ينشئ هذا الخطاب التزاماً جديداً مستقلاً عما سبق الاتفاق عليه وتحديده في الخطابين، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن البنك - الطاعن - خرج عن نطاق الكفالة المحددة في خطابي الضمان المؤرخين 5/ 10/ 1960 التي كانت تنتهي في 3/ 7/ 1961، والتزم بموجب خطابه المؤرخ 10/ 1/ 1961، في الفترة الداخلة في أجل سريان الكفالة، بأن يدفع للهيئة المستفيدة مبلغ 6685 ج، ومقر من جانبه بأن هذا المبلغ مودع من جانب المشتري - المطعون ضده الثاني - بغير أن يشترط البنك للدفع سوى رد خطابي الضمان دون سائر شروط الكفالة التي كان يتضمنها الخطابان وإذ استدل الحكم من الخطاب المؤرخ 10/ 1/ 1960 على إنشاء التزام جديد على عاتق الطاعن يمتد إلى ما بعد نهاية أجل الخطابين أصل الضمان، وقيام الجهة المستفيدة بالوفاء بالتزامها بتقديم الأوراق المشروطة فيهما، حتى يتحقق التزام الطاعن بالدفع، مع أن هذا الخطاب لا يؤدي بذاته إلى ذلك، فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال، بما يوجب نقضه لهذا السبب، دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما كانت الهيئة المستفيدة لم تقم بموافاة الطاعن بالأوراق المشروطة في خطابي الضمان المؤرخين 5/ 10/ 1961، في خلال سريان أجلهما، فيكون حقاً له الامتناع عن الدفع ورفض الوفاء لها على غير مقتضى شرط الكفالة. ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بالنسبة للطاعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق