جلسة 23 من ديسمبر سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد.
--------------
(188)
الطعن رقم 128 لسنة 37 القضائية
نقل بحري. معاهدات "معاهدة بروكسل". عرف. مسئولية. "مسئولية عقديه".
مسئولية الناقل عن عجز الطريق. خضوعها لأحكام معاهدة بروكسل. إعفاء الناقل من المسئولية إذا لم يجاوز العجز النسبة التي جرى بها العرف. شرطه. ألا يكون العجز ناتجاً عن خطأ الناقل أو تابعه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة التموين أقامت الدعوى رقم 293 سنة 1961 تجاري كلي بور سعيد ضد شركة القناة للتوكيلات الملاحية طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 1983 ج و399 م مع الفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات، وقالت شرحاً لدعواها إنها اتفقت مع الشركة على أن تنقل لها 6172.200 طن أذرة أمريكي على الباخرة "بيدفورد فيكتوري" التابعة لها، وإذ وصلت الباخرة ميناء بور سعيد في 14/ 8/ 1961 وأفرغت شحنة الأذرة تبين أن بها عجزاً قدره 73.254 طناً قيمته 1983 ج و399 م وانتهت إلى طلب الحكم لها بهذا المبلغ كتعويض عما لحق بها من ضرر بسبب العجز، وبتاريخ 21 مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بإلزام الشركة المدعى عليها بأن تدفع للوزارة المدعية مبلغ 1802 ج و390 م قيمة العجز وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى السداد والمصروفات، واستأنفت الشركة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف أمامها برقم 36/ 6 ق، وبتاريخ 4 يناير سنة 1964 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الشركة بصفتها بأن تدفع لوزارة التموين مبلغ 283 ج و740 م والفوائد القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ الحكم حتى السداد وإلزام الشركة بالمصروفات المناسبة لذلك، وطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه على أن رسالة الأذرة موضوع النزاع من الحبوب التي جرى العرف على السماح بنسبة عجز فيها مقدارها 1% بسبب ما يعتريها من جفاف خلال فترة نقلها، وأنه لما كان الثابت أن مجموع وزن الرسالة 6172.200 طن، فإن نسبة العجز المسموح به تقدر بـ 61.772 طن، ويسأل الربان عن العجز الذي يزيد على ذلك وقدره 11.352 طناً قيمتها 283 ج و740 م، وهو ما يحكم به للوزارة كتعويض وهذا من الحكم مخالفة للقانون، إذ أنه وإن قيل بأن العرف قد جرى على إعفاء الناقل من المسئولية عن العجز في الذرة الناشئ عن طبيعته الخاصة باعتباره من الحبوب التي تجف بمضي الوقت، وكان النقض الذي يلحق البضاعة أثناء النقل البحري والذي يعبر عنه بعجز الطريق إنما يختلف باختلاف طول الرحلة البحرية، ويتحدد وفقاً للعادات التجارية، فإنه يتعين لإعفاء الناقل من المسئولية عن هذا العجز أن يكون قاصراً على النسبة المسوح بها أو أقل منها فإذا جاوز العجز النسبة التي قررها الحكم بـ 1% فإن الناقل لا يتمتع بأن إعفاء بل يسأل عن العجز بتمامه لأن مجاوزة العجز لنسبة السماح المتواضع عليها يقطع أن العجز غير راجع إلى الطبيعة الخاصة للبضاعة بل إلى خطأ الناقل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه طبقاً للمادة 4/ 3 من معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن التي وافقت عليها مصر بالقانون رقم 18 لسنة 1940 لا يسأل الناقل أو السفينة عن الهلاك أو التلف الناتج عن العجز في الحجم أو الوزن أو أي هلاك أو تلف آخر ناتج عن عيب خفي أو من طبيعة البضاعة أو عيب خاص بها، وإذ كان عجز الطريق ينطبق عادة على البضائع التي تجف مع الزمن كالحبوب وغيرها، وتحدد نسبة العجز وفقاً للعادات التجارية فيعفى الناقل من المسئولية إذا لم يجاوز العجز النسبة التي جرى بها العرف، فإذا جاوز هذه النسبة خففت مسئوليته بمقدار النسبة المسموح بها ويعوض صاحب البضاعة عن الباقي، ولا يتحمل الناقل المسئولية عن تعويض العجز جميعه إلا إذا أثبت الشاحن أو المرسل إليه أن هذا العجز ناتج عن خطأ الناقل أو أحد تابعيه، إذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن العرف قد جرى على احتساب نسبة إعفاء قدرها 1% من قيمة الأذرة المشحونة نتيجة الجفاف الذي لحق البضاعة خلال الرحلة البحرية وقضت بإعفاء الشركة المطعون عليها من قيمة هذه النسبة وألزمتها بالتعويض عن باقي العجز، وكانت الطاعنة لم تثبت أمامها أن العجز يرجع إلى خطأ الشركة الناقلة أو أحد تابعيها، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق