جلسة 14 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.
--------------
(259)
الطعن رقم 1168 لسنة 49 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن". حيازة. قضاء مستعجل.
تفضيل المستأجر الأسبق في وضع يده على العين المؤجرة. م 573/ 1 مدني. إخلاء المستأجر جبراً تنفيذا لحكم مستعجل بطرده وتأجير العين لآخر. الحكم بتمكين المستأجر الأول من العين لثبوت أن عقده صحيح وقائم. لا خطأ. اعتباره الأسبق في حيازة العين المؤجر بغض النظر عن حسن نية المستأجر الآخر.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 8084 لسنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بقبول الادعاء بتزوير عقد الإيجار المدعى تحريره في 1/ 6/ 1957 واعتباره غير موجود قانوناً وإلغاء حكم الطرد الصادر في الدعوى رقم 9493 لسنة 1973 مستعجل القاهرة وكل ما ترتب عليه من آثار وتمكينه من العودة إلي العين المؤجرة موضوع الدعوى وقال شرحاً له أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 5/ 1963 استأجر من الطاعن عين النزاع لاستعمالها مكتباً للمحاماة وإذ اضطر لمغادرة البلاد في يناير سنة 1970 فقد ترك المكتب أمانة في يد أحد زملائه ولدى عودته أخيراً لم يجد منقولات مكتبه وتبين أن المطعون ضده الثاني قد شغله بطريق الغش والتواطؤ بناء على حكم الطرد المستعجل المشار إليه والذي استصدره الطاعن استناداً إلي عقد إيجار مزور. دفع الطاعن. والمطعون ضده الثاني بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم رقم 9493 لسنة 1973 مستعجل القاهرة وبعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد، واتخذ المطعون ضده الأول إجراءات الادعاء بالتزوير عن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1957، وبتاريخ 31/ 3/ 1977 حكمت المحكمة برفض هذين الدفعين ورفض الادعاء بالتزوير لعدم جدواه، ثم عادت حكمت في 26/ 6/ 1977 بتمكين المطعون ضده الأول من عين النزاع - استأنف الطاعن والمطعون ضده الثاني هذين الحكمين بالاستئناف رقم 3694 لسنة 94 ق القاهرة كما استأنف المطعون ضده الأول أولهما بالاستئناف رقم 3760 لسنة 94 ق القاهرة وأقام عنهما المطعون ضده الثاني الاستئناف رقم 3944 لسنة 94 ق القاهرة، وبعد ضم الاستئنافين الأخيرين للأول حكمت محكمة الاستئناف في 26/ 6/ 1978 بتعديل الحكم المستأنف الصادر في 31/ 3/ 1977 فيما قضى به في موضوع الادعاء بالتزوير إلي اعتبار عقد الإيجار المؤرخ 1/ 6/ 1957 المدعى بتزويره غير موجود وبعدم قبول الادعاء بالتزوير، ثم عادت وحكمت في 25/ 3/ 1979 بتأييد الحكم الثاني. طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الطعن على الحكم الصادر بتاريخ 26/ 2/ 1978 وبعدم قبوله بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع وأبدت الرأي في موضوع الطعن برفضه، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة ببطلان الطعن على الحكم الأول الصادر في 26/ 2/ 1978 أن الطاعن لم يودع قلم الكتاب وقت تقديم صحيفة الطعن صورة من هذا الحكم مطابقة لأصله أو صورته المعلنة بالمخالفة لنص المادة 255 من قانون المرافعات.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 255 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 قد أوجبت على الطاعن أن يودع قلم الكتاب وقت تقديم صحيفة الطعن صورة من الحكم المطعون فيه مطابقة لأصله أو الصورة المعلنة منه ورتبت على مخالفة هذا الإجراء بطلان الطعن، وكان الثابت أن الطاعن لم يودع مع صحيفة الطعن صورة من الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 26/ 2/ 1978 مطابقة لأصله أو صورته المعلنة، وكان السبب الأول من أسباب الطعن يتعلق به فإن الطعن بالنسبة له يكون باطلاً.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابع أن الطاعن لم يوجه إليهما طلبات ما ولم يقض لهما بشيء عليه وأنهما لم ينازعاه في طلباته وأن أسباب الطعن لا تتعلق بهما ومن ثم لا تقوم له مصلحة في اختصامهما ويكون الطعن بالنسبة إليهما غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لما كان المناط في توجيه الطعن إلي خصم معين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع وأن ينازعه فيها وكان الثابت أن الطاعن والمطعون ضدهما الثالث والرابع لم يوجهوا إلي بعضهم البعض طلبات ما وأن موقف الأخيرين في الخصومة كان سلبياً ولم يقض لهما أو عليهما بشيء فإن الطعن بالنسبة إليهما يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثاني والرابع والخامس على الحكم الثاني المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن مؤدى ما أورده المطعون ضده الأول في صحيفتي افتتاح الدعوى والاستئناف من اضطراره إلي مغادرة البلاد في يناير سنة 1970 وتركه العين المؤجرة أمانة في يد أحد زملائه أنه يقر بتركة العين خمس سنوات دون أن يسدد أجرتها وهو قرار من شأنه إنهاء عقد استئجاره لها ومع ذلك قضى الحكم بتمكينه منها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بانتهاء العلاقة الإيجارية القائمة بموجب العقد المبرم بينه وبين المطعون ضده الأول لإقراره بترك العين المؤجرة فإنه لا يجوز له التحدي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم ذهب إلي أن عقد المطعون ضده الأول هو النافذ دون عقد المطعون ضده الثاني الذي يستحيل حقه إلي تعويض، في حين أن للعقد الأول قد انقضى وانقضت المراكز القانونية الناشئة عنه وأن العقد الثاني وضع موضع التنفيذ. هذا وقد حجبت المحكمة نفسها عن الفصل في طلب إجراء المفاضلة بينهما بمقولة أن العقد الأول منتج لآثاره مع أن وجود عقدين متعلقين بعين واحده يوجب بذاته المفاضلة بينهما بغض النظر عن تاريخ إبرامهما ما دام أنهما غير مسجلين والأصل فيها أن تكون للحائز على أساس أنه الأحق في وضع اليد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان النص في المادة 573/ 1 من القانون المدني على أنه "إذا تعدد المستأجرون لعين واحده فضل من سبق منهم إلي وضع يده عليها دون غش فإذا كان مستأجر عقار قد سجل عقده وهو حسن النية قبل أن يضع مستأجر آخر يده على العقار المؤجر أو قبل أن يتجدد عقد إيجاره فإنه هو الذي يفضل يدل على أن الأفضلية بين المستأجرين إذا تعددوا تكون للأسبق في وضع اليد على العين المؤجرة دون غش وللأسبق في تسجيل العقود إذا انتفت الأسبقية في وضع اليد، وكان لا محل لتطبيق المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي تم التعاقد في ظله لأنه يشترط لسريانها أن يبرم المؤجر أكثر من عقد عن عين واحدة لدى قيام حقه في تأجيرها في حين أنه في الحالة موضوع الدعوى كان قد حصل على حكم من القضاء المستعجل بانتهاء عقد المستأجر الأول قبل إبرامه العقد مع المستأجر الآخر وهو ما لا مجال معه لأعمال نص المادة 16 سالفة الإشارة، وإذ كان المقرر أن يد المستأجر على العين المؤجرة لا ترتفع قانوناً إذا انتزعت الحيازة منه بالتحيل أو بطريق الجبر وإنما تعتبر قائمة ومستمرة وأن حال بين مباشرتها مادياً على العين المؤجرة مانع عارض من القسر أو التحيل مما لا يقرره القانون، وكانت الأحكام الصادرة من قاضي الأمور المستعجلة وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي أحكام وقتية لا تحوز قوة الأمر المقضي فيما قضت به بالنسبة لأصل الحق فلا تلتزم محكمة الموضوع عند الفصل فيه بما استند إليه القاضي المستعجل في حكمه بالإجراء الوقتي، وكان النزاع في الدعوى يدور حول بقاء العلاقة الإيجارية قائمة بين المطعون ضده الأول وبين مالك العين المؤجرة - المطعون ضده الثاني - بموجب العقد المؤرخ 1/ 5/ 1963 واستمرار التزام الأخير بعدم التعرض للأول في الانتفاع بها باعتبار أن العقد الصادر به الحكم المستعجل بطرده منها مزور، فإنه لا على محكمة الموضوع وقد تبينت صدور هذا الحكم بناء على عقد اعتبر غير موجود لامتناع المؤجر عن تسليمه وتعذر ضبطه بعد اتخاذ إجراءات الادعاء بتزويره، وتحققت من صحة عقد الإيجار المقدم لها من المطعون ضده الأول عين النزاع - إذا لم تعتد بقضاء الحكم المستعجل المشار إليه واعتبرت العلاقة الإيجارية مع المطعون ضده المذكور قائمة بموجب العقد الصحيح الذي لم يقض بإنهائه وإذا كان مقتضى ذلك اعتبار هذا الحكم بمثابة عقبة مادية اتخذها المطعون ضده الثاني وسيلة لانتزاع حيازة العين قسراً من المطعون ضده الأول فلا تزول به تلك الحيازة قانوناً، وتكون له الأفضلية لسبقه في حيازة العين بغض النظر عن حسن نية المستأجر الآخر - الطاعن - فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتمكين المطعون ضده الأول من عين النزاع يكون قد أصاب صحيح القانون وأن تنكب الوسيلة باستناده في ذلك إلى انتفاء مجال تطبيق قاعدة الأفضلية بين عقود الإيجار المقررة بالمادة 573 من القانون المدني، بما يكون النعي عليه في هذا الخصوص غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن
(1) ذات المبدأ تقرر بالحكم الصادر في الطعن 1169 لسنة 49 بذات الجلسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق