باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الثلاثاء ( هـ )
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عبد الرسول طنطاوي نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / محمد زغلول ومحمد فريد بعث الله وعبد الحميد جابر ووائل
صلاح الدين الأيوبي نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / عمر تاج .
وأمين السر السيد/ محمد دندر .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة.
في يوم الثلاثاء 8 من شعبان سنة 1444 ه الموافق 28 من فبراير سنة 2023
م .
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11121 لسنة 89 القضائية .
المرفوع من:
١- مسعود
سيد عبد المولى علي .
۲- ياسر
أحمد طه أحمد . محكوم عليهما
ضد
النيابة العامة .
-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين (وآخران سبق الحكم عليهما) في القضية
رقم ١٨٣٨٨ لسنة ۲۰۱۱ جنايات مركز ببا المقيدة رقم ۱۸۹۸ لسنة ۲۰۱۱ كلي بني سويف .
بأنهما في يوم 14 من يوليو سنة ۲۰۱۱ - بدائرة مركز ببا - محافظة بني سويف :-
- المتهمان وآخران قتلوا حلمي حمادة عز الدين عمداً بغير سبق إصرار أو
ترصد بأن أطلق عليه المتهم الأول عيارين ناريين من سلاح ناري بندقية آلية في حين
كان المتهم الثاني متواجدا على مسرح الجريمة محرزا سلاحاً نارياً فرد خرطوش للشد
من أزرهم بينما أطلق أحد الآخرين عدة أعيرة نارية في الهواء من سلاح ناري بندقية
خرطوش لإرهاب المتواجدين بمكان الحادث لحظة وقوع الجريمة فأحدثوا به الإصابات
الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته قاصدين من ذلك قتله ثم لاذوا
بالفرار عقب إتمام جريمتهم بالسيارة قيادة المتهم الآخر المجهول على النحو المبين
بالتحقيقات .
المتهم الأول :-
- أحرز سلاحاً نارياً مششخن ( بندقية آلية سريعة الطلقات ) حال كونه مما
لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
المتهم الثاني :-
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن فرد خرطوش .
المتهمان :-
- أحرزا ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية موضوع التهمتان الثانية
والثالثة دون أن يكون مرخصا لهما في إحرازها او استعمالها .
المتهم الأول :-
- أطلق أعيرة نارية داخل قرية على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات بنى سويف لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة 4 من مارس سنة ۲۰۱۹ عملاً
بالمواد ٤٠ ، ٤١ ، ٢٣٤/1 ، ٣٧٧ /6 من قانون العقوبات والمواد ۱/۱ ، ۲ ، ٦، ٢٦ /
٥،٣،١ من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل والجدول رقم ( ۲ ) والبند (ب) من القسم
الثاني من الجدول رقم ( ۳ ) الملحقان بالقانون الأول ، مع إعمال المادة ۳۲ من
قانون العقوبات ، بمعاقبة المتهمين مسعود سيد عبد المولى ، ياسر أحمد سيد طه
بالسجن المؤبد وألزمتهما المصاريف الجنائية وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة .
فطعن المحكوم عليه الأول / مسعود سيد عبد المولى في هذا الحكم بطريق
النقض في 7 من إبريل سنة ۲۰۱۹.
وطعن المحكوم عليه الثاني/ ياسر أحمد طه أحمد في هذا الحكم بطريق
النقض في 2 من إبريل و4 من مايو سنة ۲۰۱۹.
وأودعت مذكرة بأسباب طعنهما في23 من إبريل سنة ۲۰۱۹ موقع عليهما من
الأستاذ / ....... المحامي .
وبجلسة اليوم سُمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة ، والمداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما
بجريمة القتل العمد من غير سبق إصرار أو ترصد ودان الطاعن الأول بجريمة إحراز سلاح
ناري مششخن – بندقية آلية – بغير ترخيص ودان الطاعن الثاني بإحراز سلاح ناري غير
مششخن – فرد خرطوش – بدون ترخيص ، كما دانهما بإحراز ذخائر مما تستعمل على
السلاحين الناريين آنفي الذكر بغير ترخيص ودان الطاعن الأول بإطلاق أعيرة نارية
داخل قرية ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأن ما أورده
بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حقهما، مما يعيب
الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث
عن نية القتل وتوافرها في حق الطاعنين في قوله : وحيث إنه عن نية القتل وهي أمر
خفي لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر
الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، وكان استخلاص هذه النية من
الأمور الموضوعية الموكولة إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية فقد توافرت
لدى المتهم والمحكمة استخلصتها من طبيعة اعتداء المتهم على المجني عليه بإطلاق
أعيرة نارية من البندقية التي كان يحملها وفي مواجهة المجني عليه وهي أداة قاتلة
بطبيعتها وإصابة المجني عليه بالسلاح الناري في مكان قاتل يؤدي حتما إلى الوفاة ،
ولما كان الثابت من أوراق الدعوى أن المتهم توافرت لديه نية قتل المجني عليه ولا
ينال من ذلك أن هدف المتهمين كان المدعو نبيل فهمي عبد المولى إذ إن الخطأ في شخص
المراد قتله لا يسقط توافر تلك النية وهو ما تنتهي معه المحكمة لتوافر نية القتل
لدى المتهم . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من
جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي
إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام
الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه
، ومن ثم فإن الحكم الذي يَقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يُعنى بالتحدث
عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت
منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع بقصد إزهاق روح
المجني عليه وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تُبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون
تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ومرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ،
ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها
الطاعن الأول ذلك أن استعمال سلاح قاتل بطبيعته وشدة الضربة وإصابة المجني عليه في
مقتل لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل في حق الطاعنين ، إذ لم يكشف الحكم عن قيام
هذه النية بنفسهما لأن تلك الإصابة قد تتحقق دون أن تتوافر نية القتل العمد خاصة
وأن الحكم قد دلل على توافر نية القتل لدى الطاعن الأول من أنه أطلق عيار ناري على
المجني عليه أصابه في مكان قاتل سيما وأن الطاعنين نازعا في توافر تلك النية ، ومن
ثم فإن ما ذكره الحكم يكون قاصراً في التدليل على توافر نية القتل مما يعيبه بما
يوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
وحيث إن الدعوى بحالتها صالحة للفصل في موضوعها ولا تحتاج إلى تحقيق
موضوعي – بعد ضم المفردات – فقد حددت جلسة اليوم للفصل في موضوعها عملاً بحقها
المقرر بالمادة 39/2 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن
أمام محكمة النقض المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت :- 1 – مسعود سيد عبد المولى ، 2 – ياسر
أحمد طه أحمد بأنهما في يوم 14/7/2011 بدائرة مركز ببا - محافظة بني سويف . أولاً : المتهمان وآخران قتلوا المجني عليه / حلمي حمادة عز الدين
عمداً بغير سبق إصرار أو ترصد بأن أطلق عليه المتهم الأول عيارين ناريين من سلاح
ناري - بندقية آلية - في حين كان المتهم الثاني متواجداً على مسرح الجريمة محرزاً
سلاحاً نارياً - فرد خرطوش - للشد من أزرهم بينما أطلق أحد الآخرين عدة أعيرة
نارية في الهواء من سلاح ناري - بندقية خرطوش - لإرهاب المتواجدين بمكان الحادث
لحظة وقوع الجريمة فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي
أودت بحياته قاصدين من ذلك قتله ثم لاذوا بالفرار عقب إتمام جريمتهم بالسيارة
قيادة المتهم الآخر المجهول على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : المتهم الأول :- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً - بندقية آلية -
حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها.
ثالثاً : المتهم الثاني: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن -
فرد خرطوش – بغير ترخيص .
رابعاً : المتهمان : أحرزا ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية
موضوع التهمتين الثانية والثالثة دون أن يكون مرخصاً لهما في إحرازهما أو
استعمالهما.
خامساً : المتهم الأول : أطلق أعيرة نارية داخل قرية على النحو المبين
بالتحقيقات .
وطلبت النيابة العامة معاقبة المتهمان طبقاً لمواد الاتهام .
وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه
وجدانها مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات
المحاكمة تتحصل في أنه في يوم 14/7/2011 وعلى إثر خلافات سابقة بين المدعو نبيل
فهيم عبد المولى والمتهمين مسعود سيد عبد المولى وياسر أحمد سيد طه فقد توجه
المتهمان وبرفقتهما آخران إلى حيث المقهى الذي يجلس عليه وأطلق المتهم الأول أعيرة
نارية في الهواء من أسلحة نارية كانت بحوزتهم بندقية آلية وفرد خرطوش وحال ذهاب
المجني عليه حلمي حمادة عز الدين لمعاتبتهم ونهرهم أطلق المتهم الأول مسعود سيد
عبد المولى عيارين ناريين صوبه فاستقرت إحداها به وأحدثت إصابته التي أودت بحياته
حال إطلاق أحد الآخران أعيرة نارية صوبه بينما كان المتهم الثاني ياسر أحمد سيد طه
محرزاً لسلاح ناري – فرد خرطوش – للشد من أزر المتهم الأول ولاذوا بالفرار جميعهم
من مكان الحادث عقب إتمام الجريمة .
ومن حيث إن الواقعة – على هذه الصورة – قد قام الدليل على صحتها
وثبوتها في حق المتهمين من شهادة كل من نبيل فهيم عبد المولى وخالد أسعد عبد
المولى وخميس إبراهيم طه عثمان والرائد محمد فتحي محمود خولي وما ثبت من تقرير
الطب الشرعي .
فقد شهد نبيل فهيم عبد المولى أنه حال تواجده برفقة المجني عليه حلمي
حمادة عز الدين وخالد أسعد عبد المولى فوجئ بحضور كل من مسعود سيد عبد المولى
وياسر أحمد سيد طه وبرفقتهما آخران إلى حيث المقهى الذي يجلس عليه وأطلق المتهم
الأول مسعود سيد عبد المولى أعيرة نارية في الهواء من سلاح ناري كان بحوزته –
بندقية آلية – وحال ذهاب المجني عليه حلمي حمادة عز الدين لمعاقبتهم أطلق المتهم
الأول المذكور عيارين ناريين صوبه قاصداً قتله فاستقرت إحداها بجسده وأحدثت إصابته
التي أودت بحياته حال إطلاق أحد الآخران أعيرة نارية صوبه بينما كان المتهم الثاني
ياسر أحمد سيد طه محرزاً لسلاح ناري – فرد خرطوش – للشد من أزر المتهم الأول
ولاذوا بالهرب جميعهم من مكان الحادث عقب إتمام الجريمة .
وشهد خالد أسعد عبد المولى بمضمون ما شهد به الشاهد السابق .
وشهد خميس إبراهيم طه عثمان أنه حال تواجده بمحل عمله تناهى إلى سمعه
أصوات أعيرة نارية فتوجه لمصدرها فشاهد شخصان حاملان أسلحة نارية لاذا بالفرار
بواسطة سيارة من مسرح الجريمة وشاهد المجني عليه حلمي حمادة عز الدين ملقى على
وجهه غارقا بدمائه وقدم له الأهالي عدد اثنين فارغ طلقات نارية عثر عليهما بمكان
الجريمة .
وشهد الرائد محمد فتحي محمد خولي – رئيس مباحث مركز شرطة ببا أن
تحرياته دلت على أنه في يوم 14/7/2011 وعلى إثر خلافات سابقة بين المدعو نبيل فهيم
عبد المولى والمتهمين مسعود سيد عبد المولى وياسر أحمد سيد طه فقد توجه المتهمان
وبرفقتهما آخران إلى حيث المقهى الذي يجلس عليه وأطلق المتهم الأول مسعود سيد عبد
المولى أعيرة نارية في الهواء من سلاح ناري كان بحوزته – بندقية آلية – وحال ذهاب
المجني عليه حلمي حمادة عز الدين لمعاتبتهم ونهرهم أطلق المتهم الأول المذكور
عيارين ناريين صوبه قاصداً قتله فاستقرت إحداها به وأحدثت إصابته التي أودت بحياته
حال إطلاق أحد الآخران أعيرة نارية صوبه بينما كان المتهم الثاني ياسر أحمد سيد طه
محرزاً السلاح ناري – فرد خرطوش – للشد من أزر المتهم الأول مسعود سيد عبد المولى
ولاذوا بالفرار جميعهم من مكان الحادث عقب إتمام الجريمة .
وثبت من تقرير الطب الشرعي أن إصابة المجني عليه حلمي حمادة عز الدين
نارية بمنتصف خلفية الظهر وما أحدثته من تهتك قنوي بالرئة اليمني والحجاب الحاجز
والجزوم المتوسط ونزيف بالتجويف الصدري وكسر متفتت بالضلع الرابع الأيمن وكسور متفتتة
بالفقرة الظهرية الثانية عشر وتمزق بالحبل الشوكي وهي تحدث على غرار إطلاق ناري من
سلاح يطلق الرصاص المفرد من مسافة جاوزت الإطلاق القريب وأن الإصابة التي أودت
بحياته جائزة الحدوث من مثل الطلقة المضبوطة من عيار 7.62 × 39 مل وهي ذخيرة
تستخدم للبنادق الآلية .
وحيث إن المتهمين لم يتم استجوابهما أمام النيابة العامة وحضرا أمام
المحكمة وأنكرا ما أسند إليهما ، ودفع الحاضر معهما بأن للواقعة صورة أخرى خلاف ما
جاء بالأوراق ، وتناقض أقوال شهود الإثبات بمحضر الاستدلالات عنه بتحقيقات النيابة
العامة عنه بمحضر جلسة المحاكمة وأن الأوراق خلت من دليل يقيني وعدم وجود خصومة
بين المتهمين والمجني عليه حسبما جاء بأقوال الشهود بمحضر الجلسة وعدم تواجد
المتهمين على مسرح الحادث وأنهما ليسا لهما دور في ارتكاب الجريمة .
ومن حيث إنه عما يثيره دفاع المتهمين من أن للواقعة صورة أخرى خلاف ما
جاء بالأوراق وتناقض أقوال شهود الإثبات بمحضر الاستدلالات عنه بتحقيقات النيابة
العامة عنه بمحضر جلسة المحاكمة فمردود بأن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من
أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق
ولها أصلها في الأوراق ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود
الإثبات بوقوع جريمة القتل على الصورة التي شهدوا بها والتي تأيدت بما ثبت بتقرير
الصفة التشريحية وكانت تلك الصورة لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، ومن ثم
فإن منازعة دفاع المتهمين في شأن الصورة التي تمت بها الجريمة لا يخرج عن كونه
مجرد جدل موضوعي الغرض منه التشكيك في الأدلة القولية والفنية التي اطمأنت إليها
هذه المحكمة ، ويكن دفاع المتهمين في هذا الشأن
لا محل له متعيناً الرفض .
وحيث إن المحكمة بما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى تطمئن إلى
أقوال شهود الإثبات – التي سبق بيانها على ما سلف – والتي جاءت في مجملها متفقة مع
ما ورد بالدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه ومن ثم تلتفت
عما قرره شاهدي الإثبات بجلسة المحاكمة لما لها من الأخذ بأقوال الشهود في أية
مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ، الأمر الذي يتعين
معه الالتفات عن دفاعهما في هذا الشأن أما باقي ما يثيره الدفاع من محاولة تجريح
أدلة الثبوت في الدعوى تأدياً إلى التشكيك فيها ونفي التهمة وعدم ارتكاب الجريمة
وعدم تواجدهما على مسرح الحادث فإنه يكفى للمحكمة رداً عليها اطمئنانها إلى أدلة
الثبوت التي أوردتها وركنت إليها وعولت عليها في تكوين عقيدتها.
وحيث إنه عن نية القتل فإنه من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك
بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي
يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع
في حدود سلطته التقديرية ، فضلاً عن أن الحيدة عن الهدف والخطأ في شخص المجني عليه
في مجال القتل العمد أمران لا تأثير لهما على مسئولية الجاني بوصفه قاتلاً للشخص
الذي أصابه بالفعل إذ مات نتيجة هذا الاعتداء المتعمد إذ يكفي أن يكون الجاني قد
قصد بالفعل الذي قارفه إزهاق روح إنسان ولو كان القتل الذي انتواه قد أصاب غير
المقصود ذلك ، وكان الثابت من حاصل ما تبينته المحكمة من ظروف الدعوى ووقائعها
وأقوال شهود الإثبات فيها والملابسات والأمارات التي أحاطت بها وتحريات الشرطة ما
يدل دلالة قاطعة على أن المتهمين قد قصدوا إزهاق روح المدعو نبيل فهمي عبد المولى عمداً إثر وجود خلافات سابقة بينهم وتستدل المحكمة على ذلك
من حيازتهما سلاحين ناريين – بندقية آلية وفرد خرطوش – قاتلين بطبيعتهما وقيامهما
بالذهاب إلى مكان تواجده وأطلق المتهم الأول أعيرة نارية في الهواء فتوجه إليه
المجني عليه حلمي حماده عز الدين لمعاتبته وقام بتوبيخه لإطلاقه الأعيرة النارية
فأطلق صوبه عيارين ناريين من سلاحه الآلي استقرت إحداها في موضع قاتل من جسده
بينما كان المتهم الثاني على مسرح الجريمة محرزاً سلاحاً نارياً – فرد خرطوش –
للشد من أزر المتهم الأول ومصمماً على قصده فحدثت إصابة المجني عليه ولم يتركاه
إلا بعد أن تأكدا من قتله وكان قصدهما من ذلك إزهاق روحه حسبما ورد بأقوال شاهد
الإثبات نبيل فهمي عبد المولى ومحمد فتحي محمد خولي وتقرير الطب الشرعي ومن ثم فإن
نية القتل تكون متوافرة في حق المتهمين .
وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي
وتعرض عن إنكار المتهمين بجلسات المحاكمة للإفلات من العقاب ومن جماع ما تقدم يكون
قد ثبت في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أن المتهمين :-1 –مسعود سيد عبد المولى ، 2 – ياسر أحمد سيد طه لأنهما في يوم 14/7/2011
بدائرة مركز ببا- محافظة بنى سويف أولاً : المتهمان وآخران قتلوا حلمي حمادة عز
الدين عمداً بغير سبق إصرار أو ترصد بأن أطلق عليه المتهم الأول عيارين ناريين من
سلاح ناري – بندقية آلية – في حين كان المتهم الثاني متواجداً على مسرح الجريمة
محرزاً سلاحاً نارياً – فرد خرطوش – للشد من أزرهم بينما أطلق أحد الآخرين عدة
أعيرة نارية في الهواء من سلاح ناري – بندقية خرطوش – لإرهاب المتواجدين بمكان
الحادث لحظة وقوع الجريمة فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياته قاصدين من ذلك قتله ثم لاذوا بالفرار عقب إتمام جريمتهم
بالسيارة قيادة المتهم الآخر المجهول .ثانياً : المتهم الأول :- أحرز سلاحا ناريا - بندقية آلية – مما لا
يجوز الترخيص بإحرازها أو حيازتها. ثالثاً : المتهم الثاني : أحرز سلاحا ناريا غير مششخن - فرد خرطوش -
بغير ترخيص . رابعاً : المتهمان الأول والثاني : أحرزا ذخائر مما تستعمل على
الأسلحة النارية محل التهمتين الثانية والثالثة دون أن يكون مرخصاً لهما في
إحرازها أو استعمالها . خامساً : المتهم الأول : أطلق أعيرة نارية داخل قرية .
الأمر الذي يتعين معه إدانتهما عملاً بالمادة 3٠٤/2 من قانون
الإجراءات الجنائية، وعقابهما بالمواد ٤٠ ، 41 ، 234/1 ، 377/6 من قانون العقوبات
، والمواد 1/1 ، 2 ، 6 ، 26/1 ، 3 ، 5 من القانون رقم 3٩٤ لسنة ١٩5٤ المعدل
والجدول رقم 2 والبند ب من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحقان بالقانون الأول .
وحيث إن الجرائم المسندة إلى المتهمين مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل
التجزئة ، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بالعقوبة المقررة لأشدهم عملاً بنص المادة 32
من قانون العقوبات . إلا أنه لما كان الحكم المنقوض قد أخطأ في تعيين الجريمة الأشد وهي
جريمة إحراز سلاح ناري بندقية آلية مما لا يجوز الترخيص بإحرازها أو حيازتها وذخائرها
بالنسبة للمتهم الأول أسلسه إلى إغفال القضاء بعقوبة الغرامة مع عقوبة السجن
المؤبد ، ولما كانت النيابة العامة لم تطعن ، ومن ثم فإن هذه المحكمة لا تملك
تسويء مركز المتهمين وحتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ومن حيث إن المحكمة وهي بصدد تقدير العقاب الذي يتناسب مع جرم المتهم
الأول مسعود سيد عبد المولى فإنها لا ترى من ظروف الدعوى ما يمكن معه النزول بالعقوبة
عن القدر المحكوم به بموجب الحكم محل هذا الطعن ومن ثم تقضى بالعقوبة الواردة
بمنطوق هذا الحكم .
ومن حيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابساتها أخذ المتهم الثاني
/ ياسر أحمد طه أحمد بقسط من الرأفة في حدود ما تخوله لها المادة 17 من قانون
العقوبات فتنزل بالعقوبة بالنسبة له إلى الحد المبين بمنطوق الحكم .
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فترى المحكمة إلزام المحكوم عليهما
بها عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية .
حيث إنه عن الدعوى المدنية المقامة ، فإنه لما كان من المقرر أن محكمة
النقض إنما تنظر الطعن في نطاق مصلحة رافعه ، وكان الحكم المنقوض لم يلزم المحكوم
عليهما بشيء في الدعوى المدنية بعد أن أحالها إلى المحكمة المدنية المختصة ، ولم
يطعن على هذا القضاء من ذوي الشأن ، ومن ثم فلا محل لنظرها من جديد حتى لا يضار الطاعن
بطعنه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة / بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه
والقضاء مجدداً بمعاقبة المتهم الأول مسعود سيد عبد المولى بالسجن المؤبد ومعاقبة
المتهم الثاني ياسر أحمد طه أحمد بالسجن لمدة عشر سنوات عما أسند إليهما وألزمتهما
المصاريف الجنائية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق