بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 12-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 11 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
محمد جابر عبدالله محمد الحربي
مطعون ضده:
حصن الخور للمقاولات
جولدن سكوير للإستشارات الهندسية
جولدن سكوير للإستشارات الهندسية
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/1441 استئناف تجاري
بتاريخ 15-12-2022
بتاريخ 15-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على ملف الطعن الرقمي ومرفقات وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر / سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة: -
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر مرفقات ? تتحصل في أن في المطعون ضدها الأولى ? المدعية - ( حصن الخور للمقاولات) أقامت الدعوى رقم 3852 لسنة 2021 تجاري جزئي ضد الطاعن - المدعى عليه - ( محمد جابر عبدالله محمد الحربي )، طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ ( 3.261,090.88 ) درهم والفائدة 5% سنوياً من تاريخ الإستحقاق في 2/4/2020 وحتى السداد التام ، وذلك على سند من أن طرفي الدعوى أبرما عقد مقاولة بتاريخ 1/7/2018 بموجبه أسند المدعي بصفته صاحب العمل إلى المدعية المقاول الرئيسي تنفيذ وإنجاز الأعمال المتبقية بمعهد بن يابر لقيادة السيارات الكائنة على قطعة الأرض رقم (814-3109) بمنطقة الروية الثالثة طريق دبي العين وذلك مقابل التكلفة مضافاً إليها أرباح المقاول بنسبة 10% من التكلفة ، كما قام بتكليفها باستكمال تنفيذ الأعمال الميكانيكية والكهربائية والسباكة بالمشروع ، وأنها نفذت الأعمال المسندة إليها وصدرت شهادة الإنجاز للمشروع وترصد لصالحها المبلغ المطلوب ، الأمر الذي حدا بها لرفع دعواها بالطلبات سالفة البيان ، إذ تداولت الدعوى أمام محكمة أول درجة أول درجة على النحو المبين بمحاضرها ، حضر المدعى عليه بوكيل عنه قدم مذكرة تضمنت طلباً عارضاً بإدخال ( جولدن سكوير للاستشارات الهندسية ) خصماً جديداً في الدعوى باعتبارها استشاري المشروع وبندب خبير لإثبات عدم أحقية المدعية أصليا في الدعوى واستحقاقه التعويض ، وبإلزام المدعية أصليا بأن تؤدي للمدعى عليه أصليا مبلغ ( 2,197,369.51 ) درهم والذي يمثل نسبة 10% الحد الأقصى من التعاقد بين الطرفين ، على سند من القول أن المدعية لم تُنهِ الأعمال التي أوكلت إليها وظلت متأخرة كلياً عن جدولها المحدد ، وتم منحها تمديد زمني حتى 30/1/2019 وتركت المشروع دون اكمال تنفيذ نطاق العقد ، وأن المشروع محل النزاع لم يتم تسليمه تسليماً صحيحاً للإستشاري ولا المدعى عليه ، وكان يجب عليها تصفية حساب وأعمال مقاولي الباطن لإستكمال تنفيذ الأعمال لذلك طلب الحكم له بطلباته ، وكانت المحكمة قد ندبت خبيرا هندسيا في الدعوى وبعد أن أودع الخبير تقريره ، حكمت في الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية مبلغ و قدره (3,261,090.88) درهم والفائدة ، وبرفض الدعوى المتقابلة.
استأنف المدعى عليه أصليا( المدعي تقابلا ) هذا الحكم بالإستئناف رقم 1441 لسنة 2022 تجاري ، ندبت المحكمة لجنة ثلاثية في الدعوى وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها ، قضت بجلسة 15-12-2022 برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
طعن المدعى عليه أصليا في هذا الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 2-1-2023 بطلب نقضه ، وقدم محامي المطعون ضدها الأولى مذكرة بجوابه على الطعن طلب فيها رفضه ، ولم تقدم المطعون ضدها الثانية أية مذكرة بدفاعها ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ، ينعي الطاعن بالسبب الأول والثاني والوجه الثاني من السبب الثالث منهم على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله الفساد في الإستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضى برفض الطعن بالتزوير على المحررين المؤرخة 25/4/2019 ، 30/4/2019 ، 22/11/2021 ، مما أضر بدفاعه في الدعوى وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير جدية الإدعاء بالتزوير والإنكار وأدلته وتقدير إن كان الطعن بالتزوير منتجا في النزاع من عدمه هو من سلطة محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى ، وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها بغير معقب عليها في ذلك من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دفاع الطاعن بتزوير وطلب إحالتهما إلى المختبر الجنائي على ما أورده في أسبابه بقوله ، (( ...، لا ينال من ذلك منازعة المستأنف المتعلق بمقدار المبالغ النهائية المستحقة والطعن بالتزوير على المحررين المؤرخين 25/4/2019 و30/4/2019 المقدمين من المستأنف ضدها الثانية للمستأنف ضدها الأولى وكذلك المحرر المؤرخ 22/11/2021، ذلك أنه طعن ظاهر البطلان ولا يستأهل الرد عليه بأكثر من أنه لا يقبل من الخصم الطعن بالتزوير على محرر لم ينسب صدوره إليه أساساً، وأن حسبه في هذا المقام اللجوء إلى القواعد العامة لنفي أثر هذه المحررات عنه ودرء هذا الالتزام عن عاتقه. )) ، وكان هذا الذي خلصت إليه محكمة الموضوع سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الاوراق ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون وكافياً لحمل قضائها ومتضمناً الرد الكافي على كل ما أثاره الطاعن ، فيكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقدير جدية الإدعاء بالتزوير والإنكار وأدلته وتقدير إن كان الطعن بتزوير بعض المستندات منتجا في النزاع من عدمه وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة متعيناً رده.
وحيث ينعي الطاعن في السبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره ، حين إلتفت عن طلبي إعادة الإستئناف للمرافعة المؤرخين في 16/11/2022، 29/11/2022، رغم ما أرفقه مع الطلبين من مستندات داله على تزوير المستندات المقدمة من المطعون ضدها الأولى سنداً لدعواها بما كان يستوجب على المحكمة المطعون في حكمها إجابة طلب إعادة الاستئناف للمرافعة لتقديم هذه المستندات المؤثرة في موضوع النزاع مما أضر بدفاعه وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود ، إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير مدى جدية الطلب الذي يقدمه الخصوم بغية إعادة الدعوى إلى المرافعة هو من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع طالما قد مكنت الخصوم من إبداء دفاعهم وطلباتهم في الدعوى وراعت القواعد الأساسية التي تكفل عدالة التقاضي ، لما كان ذلك وكانت المحكمة المطعون في حكمها رفضت طلبي إعادة الإستئناف للمرافعة ، وكان الثابت أن تلك المحكمة قد راعت القواعد الأساسية التي تكفل عدالة التقاضي ومكنت الطاعن من إبداء أسباب استئنافه وما يسنده من مستندات ، وإذ إلتفت الحكم المطعون فيه عن الطلب بعد رفضه بقرار مثبت بالطلبات الذكية في الملف الإلكتروني للإستئناف المعني ، فإنه يكون متفقا وتطبيق صحيح القانون ومتضمناً الرد الكافي على كل ما أثاره الطاعن فيكون النعي عليه بما سلف مجرد جدل موضوعي فيما لمحكمة الموضوع من سلطه في تقدير قبول أو رفض طلب الخصم إعادة الدعوى للمرافعة وهو مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة متعيناً رده.
وحيث ينعي الطاعن في باقي الأسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره ، مشوباً بالتناقض والفساد في الإستدلال والقصور في التسبيب ، إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة والقاضي بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية ورفض دعواه المتقابلة معولا بذلك على ما جاء بتقرير لجنة الخبراء المنتدبة ملتفتاً عن إعتراضات الطاعن من عدم إحتسابه لغرامة التأخير على المطعون ضدها الأولى بمبلغ قدره (2,197,369) درهم موضوع دعواه المتقابلة وهو ما يعادل 10 % من قيمة عقد المقاولة وفق المادة (9) منه ، رغم ثبوت حقه بها بموجب إقرار الحكم الطعين وتقرير الخبرة المنتدبة نفسه بوجود تأخير في الإنجاز بلغ (471) يوما وهو مما يحق للطاعن حبس مستحقات المطعون ضدها الأولى لديه ، كما لم يواجه الحكم الطعين دفاع الطاعن بتوافر الغش والتدليس والتواطؤ بين المطعون ضدهما ، كما أن الحكم المطعون فيه أيضا وقع في تناقض يبطله وذلك لأنه تارة قد أثبت صحة المستندات التي دفع الطاعن بتزويرها والمؤرخة في 25/4/2019 و 30/4/2019 وهو ما يعنى أنهاء أعمال المقاول من الباطن شركة ( ديمار للمقاولات ) وأن الذى أكمل الأعمال هي المطعون ضدها الأولى ، وبالتالي ثبوت أحقية المطعون ضدها الأولى لمبالغ الأعمال الكهروميكانيكيه ( وهو الأمر الذى أنكره الطاعن بموجب المستندات والعديد من الأسباب) ، وتارة ثانية قد أثبت صحة المستند 22/11/2021 الذى دفع الطاعن بتزويره أيضاً وهو عبارة عن تفويض من شركة ( ديمار للتجارة ) إلى المطعون ضدها الأولى بقبض مبالغ الأعمال الكهروميكانيكيه وهو ما يؤكد طبقا لما إنتهى إليه الحكم الطعين أن هذه المستحقات من حق شركة ( ديمار للتجارة ) والتي لا علاقة لها بموضوع الدعوى ومن ثم أعطت تفويض للمطعون ضدها الأولى بإستلام المبالغ فكيف أثبت الحكم أمرين متناقضين وفى ذات الوقت قضى بأحقية المطعون ضدها الأولى بمبلغ الأعمال الكهروميكانيكيه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي برمته مردود ، إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة (414) من قانون المعاملات المدنية الإتحادي على أن (( لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به مادام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به )) ، وفي المادة (415) منه على أنه (( لكل من المتعاقدين في المعاوضات المالية بوجه عام أن يحتبس المعقود عليه وهو في يده حتى يقبض البدل المستحق )) ، وفي المادة (416) من ذات القانون على أنه (( لمن أنفق على ملك غيره وهو في يده مصروفات ضرورية أو نافعة أن يمتنع عن رده حتى يستوفى ما هو مستحق له قانونا مالم يتفق أو يقضى القانون بغير ذلك )) ، مفاده- وعلى ما يبين من المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أن الحق في الحبس هو نظام قانوني يخول الدائن الذى يكون في الوقت ذاته مدينا بتسليم شيء لمدينه أن يمتنع عن تسليم هذا الشيء إليه حتى يستوفى كامل حقوقه المرتبطة بهذا الشيء وقد جعل القانون من حق الإحتباس قاعدة عامة تتسع لجميع الحالات التي يكون فيها للمدين أن يمتنع عن الوفاء استنادا إلى حقه في الإحتباس مادام الدائن لم يوف بالتزام نشأ بسبب التزام هذا المدين وكان مرتبطا به سواء كان ارتباطا قانونيا أو ارتباطا ماديا أو موضوعيا وهو ما يتحقق إذا ما كانت العلاقة بين الدائن الحابس ومن استحق الشيء المحبوس قد نتجت من واقعة مجرد حيازة الدائن الحابس أو احرازه دون أن توجد أية رابطة أخرى ترتبط بينهما بشرط أن يكون حق الحائز الحابس قد نجم من الشيء ذاته ويتحقق ذلك في صورتين أولاهما : أن يكون قد أنفق على الشيء مصروفات ضرورية أو نافعة لحفظ الشيء فيحق له استردادها ، وثانيهما : أن يكون قد أصابه من الشيء ضرر يستحق عنه تعويضا ، ومن المقرر - في قضاء هذه المحكمة أيضا - إن الشرط الذي يتضمنه عقد المقاولة بإلزام المقاول بدفع مبلغ معين إلى صاحب العمل أو المقاول الأصلي - حسب الأحوال - عن كل مدة من الزمن يتأخر المقاول في تنفيذ أعمال المقاولة المتفق عليها ، ما هو إلا شرط جزائي أي تعويض إتفاقي ، ومن المقرر وفق ما تقضى به المادة (390) من قانون المعاملات المدنية الإتحادي أنه يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في إتفاق لاحق مع مراعاة أحكام القانون ، ويجوز للقاضي - في جميع الأحوال - بناء على طلب أحد الطرفين أن يعدل في هذا الإتفاق بما يجعل تقدير التعويض مساوياً للضرر ، ويقع باطلا كل إتفاق يخالف ذلك ، ومن المقرر أيضا أن تقدير ما إذا كان المقاول قد قام بإنجاز الأعمال المعهودة إليه وفقا للمواصفات المتفق عليها من عدمه ، من مسائل الواقع التي يجوز تكليف الخبير بتحقيقها وتستقل محكمة الموضوع بتقديرها واستخلاصها متى كانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة وكافية لحمل قضائها ولها أصلها الثابت بالأوراق ، وأن لمحكمة الموضوع أن تعول على تقرير الخبير في تقديره تنفيذ الإتفاق أو العقد المبرم بين الخصوم وما نتج عنه طالما كانت تقديراته سائغه ولها أصل ثابت بالأوراق ، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى ولها الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها لسلامة الأسس التي بنى عليها ويتفق مع الواقع الثابت في الأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي استندت إليها ، وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبير أو أن تتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره مما لا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير ، كما أن الخبير المنتدب غير ملزم بالقيام بمهمته على نحو معين دون سواه وحسبه أن يؤديها على الوجه الذي يراه محققا للغاية من ندبه طالما أنه تقيد بحدود المأمورية المرسومة له وكان تقريره في النهاية خاضعا لتقدير محكمة الموضوع ، وأن التناقص الذي يعيب الحكم هو ما تتعارض به أسبابه وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضا بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق ، أما ما عساه يكون قد ورد في عبارات الحكم مما يوهم بوقوع مخالفة بين بعض أسبابه مع بعض فلا يعد تناقضا مبطلا له متى كان قصد المحكمة ظاهرا ورأيها واضحا ، ومن المقرر كذلك أن الخداع والتدليس لا يقدم إلا حينما يلجا أحد المتعاقدين إلى الغش والتضليل والحيلة بقصد إيهام المتعاقد الآخر بأمر يخالف الواقع ويجرّه بذلك إلى التعاقد ، وعلى من يدلي أنه خدع أو ضُلِّل إقامة الدليل على ما ادعاه ، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف والمؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية ورفض دعواها المتقابلة على سند مما أورده في مدوناته ((...، فقد ثبت لها أن المستأنف أيضاً أخل بالتزامه بأن امتنع عن أداء المبلغ المستحق للمستأنف ضدها الأولى بموجب الفواتير من 15 إلى 19 وفق ما تبين وأن هذا الإخلال جاء أسبق على إخلال المستأنف ضدها الأولى في الإنجاز لا سيما وأن الأوراق خلت مما يقرر أحقية المستأنف في احتباس تلك الدفعات المستحقة التي اعتمد الإستشاري صرفها، مما يترتب عليه اعتبار تأخيرها متصور بل إنه يبرر لها الإمتناع الكلي عن إكمال المشروع لحين استلام المستحق من مبالغ ولكنها اختارت الإنجاز رغم ذلك فلا يقبل النظر المجرد إلى هذا التأخير على أنه إخلال منها وإنما هو أثر مباشر ونتيجة حتمية لإخلال المستأنف ذاته في الوفاء بالالتزامات الأولية ، .....، وكان الثابت أن الخبرة خلصت إلى ثبوت الإنجاز الكامل للمشروع بما اشتمل عليه من الأعمال الكهروميكانيكية واستلامه من قبل المستأنف وثبوت انشغال ذمته بقيمة تلك المبالغ وعدم قيامه بأدائها، كما تبين مما هو ثابت بالمستندات .... أن المستأنف ضدها الأولى هي الجهة التي تستحق هذا المبلغ وفق الأسس التي بينها الخبير تفصيلاً فضلاً عن أن المحكمة تطمئن لسلامة المحرر المؤرخ 22/11/2021 الذي يثبت أحقية المستأنف ضدها الأولى في قبض تلك المبالغ تحديداً لا سيما وأن ذمة المستأنف مشغولة بها ولم تتضمن الأوراق ما ينال من سلامة هذه المطالبة أو ما يفيد براءة ذمته منها كلياً أو جزئياً سواءً بالوفاء به للمستأنف ضدها الأولى أو لأية جهة أخرى ظن أنها تستحق قبضه ، كما تطمئن إلى ما خلصت إليه اللجنة في الرد على اعتراضه في عدم إيراد المبلغ في الكشف النهائي وما يتعلق بالخطأ المادي الذي وقع في ترقيم الفواتير واستدراك ذلك من جانب الإستشاري بما يتوافق مع حقيقة الواقع والمستحق فعلياً للمستأنف ضدها الأولى ، ...... ، ومن ثم يكون الإستئناف قد أقيم على غير سند متعيناً رفضه ... مع التنويه إلى أن المحكمة تأخذ بالمبلغ الوارد بالتقرير المودع أمام محكمة أول درجة 3,261,090.88 درهم وليس المقدار الوارد في تقرير اللجنة - الذي يقل عنه بمقدار 52 فلساً - وذلك لعدم المنازعة تحديداً في هذا الشق من الحساب...)) ، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضائه سائغاً وصحيحاً وله أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد على ما ساقه الطاعن من أسانيد مخالفة وبما يبين منه أن الحكم لا يحوي على ثمن خلاف بين أسبابه قد يوهم بوقوع تناقض ، ولا يجدي الطاعن ما اثاره بوجه نعيه من أن له حق مشروع في احتباس المستحقات للمطعون ضدها الأولى طالما لم تتوافر شروطه وبالتالي لا يجوز له الإمتناع عن الوفاء بقيمة ما أستحق إلى المطعون ضدها الأولى من عقد المقاولة بدعوى أن لـه حق الإحتباس إذ ينتفي هذا الحق بوجود ذلك الرابط ( عقد المقاولة ) ، وكان لا محل لما يدعيه الطاعن من وجود غش وتدليس عليه من المطعون ضدهما والذي لم يقدم دليلا عليه فلا على الحكم إن هو ألتفت عنه سيما وأنه لم يورد ذلك في صحيفة استئنافه أو مذكرته الشارحة كسبب من أسباب طعنه على الحكم المستأنف وانما ورد كدفاع في مذكرته التعقيبية على تقرير لجنة الخبرة المنتدبة ، ولا يغير من ذلك ما ورده الطاعن في النعي بشأن أستحقاقه لغرامة التأخير طالما أنه لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها ومنها تقارير الخبرة المنتدبة ، وتقدير ما إذا كان المتعاقد قد أخل بالتزاماته العقدية من عدمه ، وما إذا كان عقد المقاولة المبرم بين طرفي التداعي أي أثر على أحدهما ورتب أي التزامات بذمته تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز ، فيكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :-
برفض الطعن ، وإلزام الطاعن بالمصاريف ومبلغ إلفي درهم مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضدها الأولى ، وأمرت بمصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق