جلسة 19 من مايو سنة 1955
برياسة السيد الاستاذ محمد نجيب أحمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، وأحمد العروسى ومحمد فؤاد جابر، ومحمد عبد الواحد على المستشارين.
-----------
(153)
القضية رقم 78 سنة 22 القضائية
(أ) نقض. طعن.
أثر نقض الحكم نقضا كليا. عدم اقتصاره على ما تناولته أسباب الطعن. امتداده إلى ما ارتبط بها أو تبعها من الأجزاء الأخرى. مثال.
(ب) قسمة.
عقد القسمة النهائية وقعه بعض الشركاء دون البعض. لا يعتبر باطلا بل هو ملزم لكل من وقعه.
(ج) قسمة.
حق الشريك فى إقرار عقد القسمة الذي لم يكن طرفا فيه. بقاء هذا الحق طوال مدة الشيوع. انتقاله لورثة الشريك.
2 - عقد القسمة النهائية الذى يوقعه بعض الشركاء لا يعتبر باطلا لعدم توقيعه من جميع الشركاء بل يعتبر ملزما كل من وقعه ولا يجوز لأحد منهم التحلل من التزامه بحجة تخلف أحد الشركاء عن التوقيع بل يظل العقد قائما وللشريك الذى لم يوقعه أن يقره متى شاء.
3 - حق الشريك فى إقرار عقد القسمة الذى لم يكن طرفا فيه يظل قائما له ما بقيت حالة الشيوع ويكون لورثته من بعده، ذلك أن عقد القسمة ليس من العقود التى لشخصية عاقديها اعتبار فى إبرامها لأنها لو لم تتم بالرضا جاز إجراؤها قضاء، ولا يحول دون مباشرة الورثة لهذا الحق كون العقد الذى لم يوقعه أحد الشركاء ممن خص بنصيب مفرز فيه يعتبر بمثابة إيجاب موجه إلى ذلك الشريك فلا خلافة فيه إذ هو فى قصد من وقعه إيجاب لا لشخص الشريك الآخر بالذات بل لكل من يتملك نصيبه، ومن ثم فإنه لا ينقضى بموت ذلك الشريك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق تتحصل فى أن مورث المطعون عليهم أقام على الطاعنة وآخرين الدعوى 367 سنة 1946 كلى دمنهور وطلب الحكم له - أولا - بصحة ونفاذ عقد القسمة المؤرخ 15/ 9/ 1941 الموقع عليه من المدعى عليهم واعتباره نافذا مع تسليمه نصيبه الموضح المعالم بالعقد وبالعريضة - ثانيا - إلزام الطاعنة أن تدفع إليه مبلغ 200 جنيه قيمة التعويض المتفق عليه فى العقد كشرط جزائى لامتناعها عن التوقيع عن العقد النهائى بعد إنذارها رسميا - ثالثا - إلزام الطاعنة المصروفات والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ. وفى 11/ 5/ 1946 قضت المحكمة حضوريا بصحة ونفاذ عقد القسمة واعتباره نافذا وتسليم المدعى نصيبه فيه مع إلزامه المصروفات وأمرت بالمقاصة فى أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ ورفضت باقى الطلبات - استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف الاسكندرية وقيد برقم 469 سنة 2 ق وطلبت إلغاء الحكم فيما قضى به من صحة ونفاذ العقد ورفض الدعوى فيما يختص بهذا الطلب - كما استأنفه مورث المطعون عليهم أمام نفس المحكمة وقيد برقم 3 سنة 3 ق وطلب تعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بمبلغ التعويض 200 جنيه) وبالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين - وبعد تحضير الاستئنافين وإحالتهما إلى المرافعة طعنت الطاعنة بتزوير عقد القسمة بجلسة 22/ 12/ 1946 فقررت المحكمة وقف الاستئنافين حتى يفصل فى دعوى التزوير التى أعلنت الطاعنة أدلتها وطلبت الحكم برد وبطلان عقد القسمة فيما يختص بالتاريخ الموضوع عليه (1941 بدلا من 1940) مع المصروفات والتضمينات - وفى 26/ 11/ 1947 قضت المحكمة برفض دعوى التزوير وألزمت المدعى عليه فيها بمصروفاتها ومبلغ 3 جنيه مقابل أتعاب المحاماة - ثم عجل مورث المطعون عليهم الاستئنافين وفى 20/ 1/ 1948 قضت المحكمة بقبولهما شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وبإلزام المورث المذكور مصروفات الدرجتين ومبلغ 10 جنيه مقابل أتعاب المحاماة. فطعن فى ذلك الحكم بطريق النقض وقيد برقم 106 سنة 18 ق - وفى 23/ 2/ 1950 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف الاسكندرية وألزمت المطعون عليها (الطاعنة) بالمصروفات ومبلغ 10 جنيه مقابل أتعاب للمحاماة - ولوفاة المورث عجل الورثة الاستئنافين وأصروا على طلباتهم - وفى 19/ 12/ 1951 قضت المحكمة حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى موضوعهما أولا - فى استئناف الطاعنة برفضه وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به عدا المصروفات المحكوم بها. ثانيا - فى استئناف الورثة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التعويض وبإلزامها بمبلغ 200 جنيه قيمة التعويض المطلوب - ثالثا - بإلزام الطاعنة بمصروفات الدرجة الأولى والاستئنافين ومبلغ 10 جنيه مقابل أتعاب المحاماة للورثة. فقررت الطاعنة الطعن بطريق النقض فى هذا الحكم.
ومن حيث إن الطاعنة تبنى طعنها على ثلاثة أسباب تنعى بالأول منها على الحكم المطعون فيه خطأه فى تطبيق القانون والإخلال بقوة الأمر المقضى - ذلك أنه لما صدر الحكم الأول من محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المورث - أعلن إليه ذلك الحكم فى 10/ 5/ 1948 ولما طعن فيه بطريق النقض فى الطعن السابق (106 سنة 18 ق) حصر أسباب الطعن فى سبب واحد من وجهين هو الخطأ فى تطبيق القانون فيما يختص بصحة ونفاذ عقد القسمة - وخلا الطعن من النعى على الحكم فيما قضى به خاصا بالتعويض - ولما كان من المقرر أن الطعن بالنقض لا يتناول من الحكم المطعون فيه إلا ما تناولته أسبابه المقبولة - وما عدا ذلك من المسائل التى قضى فيها الحكم المطعون فيه، فإن قضاء الحكم بشأنها يبقى قائما ويحوز قوة الأمر المقضى - ويتعين تبعا لذلك على محكمة الإحالة ألا تعيد النظر من جديد فيما حاز قوة الأمر المقضى - فإن هى فعلت كما هو الحال فى الدعوى كان حكمها مخالفا للقانون - لأنه فصل للمرة الثانية على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وأصبح انتهائيا استنادا إلى المادتين 405 مدنى، 426 مرافعات - وبذلك يكون الحكم بالتعويض قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
ومن حيث إن هذا السبب مردود. ذلك أن محكمة الاستئناف حين قضت فى حكمها الأول الرقيم 20 يناير سنة 1948 برفض دعوى مورث المطعون عليهم (المرحوم طاهر بك المصرى) بشقيها (بصحة ونفاذ عقد القسمة وبالتعويض المتفق عليه فيه) بنت قضاءها على أن عقد القسمة لم يوقع عليه جميع الشركاء المتقاسمين فيه فأصبح بذلك لا أثر له إطلاقا سواء بالنسبة لمن وقع عليه أو لمن يوقع عليه، ثم قالت عن التعويض المطلوب "ومن حيث عن طلب التعويض فقد بان بأنه ليس هناك التزام من جانب السيدة نعيمه المصرى (الطاعنة الحالية) قائم يستوجب عدم تنفيذه التعويض. ولذلك يتعين رفض استئناف طاهر بك المصرى موضوعا" فلما طعن مورث المطعون عليهم فى ذلك الحكم فى الطعن السابق 106 سنة 18 ق طلب نقض الحكم والحكم له بطلباته فى استئنافه الخاص بمصروفات الدعوى وبالتعويض المتفق عليه فيه كما طلب رفض استئناف السيدة نعيمه المصرى فيما يختص بصحة ونفاذ العقد المحكوم به ابتدائيا) وبنى طعنه على قيام عقد القسمة ونفاذه بالنسبة لجميع المتقاسمين فيه ثم قضت محكمة النقض بتاريخ 23/ 2/ 1950 بنقض ذلك الحكم وبإحالة الدعوى على محكمة استئناف الاسكندرية للحكم فيها مجددا فى الاستئنافين - ومؤدى ذلك أن نقض الحكم المطعون فيه كان نقضا كليا لا ينحصر أثره فيما تناولته أسباب الطعن وحدها بل يمتد أثره إلى ما ارتبط بها أو تبعها من الأجزاء الأخرى ولو لم يطعن فيها أو لم يذكرها حكم النقض على وجه التخصيص، لأن الثابت من سرد وقائع النزاع وحكم محكمة الاستئناف المنقوض أن تلك المحكمة ربطت فى حكمها بين التعويض المطلوب وقيام عقد القسمة - فإذا ما نقض ذلك الحكم وقضت محكمة النقض بقيام عقد القسمة وبنفاذه على جميع أطرافه الموقعين عليه - تعين تبعا لذلك، وفى خصوص هذه الدعوى، نقض الحكم فيما يختص بالتعويض أيضا. ومن ثم فإن محكمة الاستئناف إذ قضت بصحة ونفاذ عقد القسمة وبالتعويض المطلوب لا تكون قد خالفت القانون.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله - ذلك أنه بعد أن أحالت محكمة النقض الدعوى على محكمة الاستئناف - تمسكت الطاعنة بأن عقد القسمة لم يقصد به إلا فرز وتجنيب نصيب عبد المجيد وحده، أما باقى الشركاء فقد بقيت أنصبتهم على الشيوع وإن صح أن الطاعنة صدر منها إيجاب بقبولها القسمة فإن المتعاقد معها والمقصود بالقسمة (عبد المجيد) لم يتلاق قبوله بإيجابها حتى نهاية المدة المحددة فى العقد لتحرير العقد النهائى، وهى ستة شهور، برفضه التوقيع عليه. وظل رافضا حتى أدركته منيته فى أغسطس سنة 1941. وبذلك سقط العقد بقوة القانون. ولا يمكن الاعتداد بما يأتى تاليا لهذا السقوط من قبول ورثة عبد المجيد توقيعهم على عقد القسمة بعد وفاة والدهم. لأن هذا القبول لم يصادف محلا يرد عليه أصلا.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما سبق أن قررته هذه المحكمة فى هذا الخصوص بحكمها الصادر فى 23 من فبراير سنة 1950 فى الطعن رقم 106 سنة 18 ق إذ قالت "إن عقد القسمة النهائية الذى يوقعه بعض الشركاء - لا يعتبر باطلا لعدم توقيعه من جميع الشركاء بل يعتبر ملزما كل من وقعه ولا يجوز لأحد منهم التحلل من التزامه بحجة تخلف أحد الشركاء عن توقيع العقد بل يظل العقد قائما وللشريك الذى لم يوقعه أن يقره متى شاء وأن بطلان عقد القسمة فى هذه الحالة هو بطلان نسبى لا يحق التمسك به إلا للشريك الذى لم يكن طرفا فى العقد - وأن حق الشريك فى إقرار العقد الذى لم يوقعه يظل قائما له ما بقيت حالة الشيوع - ويكون لورثته من بعده - إذ عقد القسمة ليس من العقود التى لشخصية عاقديها اعتبار فى إبرامها لأنها لو لم تتم بالرضا جاز إجراؤها قضاء - ولا يحول دون مباشرة الورثة هذا الحق كون العقد الذى لم يوقعه أحد الشركاء ممن خص بنصيب مفرز فيه يعتبر بمثابة إيجاب موجه إلى ذلك الشريك فلا خلافة فيه إذ هو فى قصد من وقعه إيجاب لا لشخص الشريك الآخر بالذات. بل لكل من يملك نصيبه - فلا ينقض بوفاة ذلك الشريك".
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم وقوع بطلان فيه لعدم قيامه على أساسا قانونى ولقصور أسبابه إذ قرر بأنه لا حجية لإقرار محامى طاهر بك المصرى فى محضر الجلسة ولا لإقرار طاهر بك نفسه فى تعليل عدم توقيع عبد المجيد على عقد القسمة بمقولة إنهما لا يملكان هذا الإقرار بل الذى يملكه هو عبد المجيد نفسه فى حالة حياته أو ورثته من بعده - مع أن هذا الذى قرره الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح فى القانون ومخالف لقواعد الإثبات التى تقضى بأن الإقرار حجة على المقر، هذا فضلا عن أن ما ذهب إليه الحكم لا يعتبر تفسيرا للاقرار بتعليل تخلف عبد المجيد عن التوقيع بأن سببه كان المرض الذى اشتد عليه وانتهى بوفاته لأن هذا التفسير غير مقبول، إذ لا سند له من الواقع.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال فى هذا الخصوص "إن القول بأن محامى ورثة طاهر بك قرر بجلسة 22/ 12/ 1947 أن المرحوم عبد المجيد امتنع عن التوقيع قول غير سليم لأنه لا طاهر بك ولا محاميه يملك هذا الإقرار بل الذى يملكه ويكون حجة عليه هو المرحوم عبد المجيد أو ورثته لمساس ذلك الإقرار بحقهم - هذا من جهة - ومن جهة أخرى - فإنه من مراجعة محضر الجلسة المذكورة يتضح أن محامى طاهر بك لم يقصد من دفاعه أن عبد المجيد قد رفض القسمة موضوع العقد وإنما يريد أن يقول أن المرض، مرض الموت والمنية عاجلته، وكان هذا المرض سبب عدم توقيعه على العقد، وهذا كلام واضح فى أن المرض كان علة تأخير عبد المجيد عن التوقيع - ثم جاء ورثته وقبلوا العقد ووقعوه" ولما كان يبين من ذلك أن المحكمة استخلصت فى حدود سلطتها الموضوعية من أقوال وكيل طاهر المصرى بأن تخلف عبد المجيد عن التوقيع على العقد لم يكن سببه العدول عن تنفيذ القسمة - بل كان سببه المرض الذى انتهى بوفاته - وكان هذا الذى استخلصته لا مخالفة فيه للثابت بمحضر الجلسة - لما كان ذلك - فإن تعييب الحكم بما ورد فى هذا السبب لا يكون له أساس.
ومن حيث إنه عن دعوى التعويض المقامة أمام هذه المحكمة من المطعون عليهم على الطاعنة بسبب رفعها هذا الطعن فإنها فى غير محلها إذ لا ترى المحكمة أن الطعن أريد به الكيد ويتعين رفضها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق