الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 فبراير 2023

الطعن 72 لسنة 7 ق جلسة 5 / 5 / 1938 مج عمر المدنية ج 2 ق 120 ص 335

جلسة 5 مايو سنة 1938

برياسة حضرة محمد فهمي حسين بك المستشار وبحضور حضرات: حامد فهمي بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

-------------------

(120)
القضية رقم 72 سنة 7 القضائية

(أ) وقف. قسمة. 

إشهاد القسمة وتقرير الخبير الملحق به. تفسيره وتعرّف مقصود الواقف من ذلك. منزل أقامه الواقف على بعض الموقوف. هل هو وقف أم تركة؟ الفصل في هذا النزاع من اختصاص المحاكم الشرعية. 

(المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية)
(ب) نقض وإبرام. 

حكم من المحكمة الابتدائية بإيقاف الدعوى حتى يفصل من المحكمة الشرعية في مسألة تتعلق بأصل الوقف. استئنافه. إلغاؤه رغم صدور حكم المحكمة الشرعية باختصاصها وباعتبار العين المتنازع عليها وقفاً. نقض الحكم مع تأييد حكم الإيقاف. تعجيل الدعوى أمام المحكمة الابتدائية لتحكم في الموضوع الذي قضت بإيقاف الفصل فيه.

-------------------

1 - إن النزاع على تفسير إشهاد قسمة الوقف وتقدير خبير القسمة الملحق بهذا الإشهاد، وتعرّف مقصود الواقف من جميع ذلك للحكم فيما إذا كان المنزل الذي أقامه على بعض الأرض الموقوفة هو وقف يجري مجرى أصله أم هو تركة تؤول بعده إلى ورثائه، إنما هو نزاع يتعلق بأصل الوقف، فيمتنع على المحاكم الأهلية نظره وفقاً للمادة 16 من لائحة الترتيب.
2 - إذا حكمت المحكمة الابتدائية بإيقاف الفصل في الدعوى المرفوعة لها حتى يفصل من المحكمة الشرعية في مسألة من اختصاصها لتعلقها بأصل الوقف، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتحكم في تلك المسألة نفسها على اعتبار أن الفصل فيها من اختصاص المحاكم الأهلية، وذلك رغم صدور حكم من المحكمة العليا الشرعية باختصاصها بها، ورأت محكمة النقض أن قضاء محكمة الاستئناف خاطئ، وتبينت أن المحكمة الشرعية قد فصلت في المسألة باعتبار العين المتنازع عليها وقفاً، فإنها تحكم بنقض الحكم الاستئنافي وتأييد حكم الإيقاف. وعلى من يهمه تعجيل الدعوى أن يسير فيها أمام المحكمة الابتدائية لتحكم في موضوعها الذي أوقف الفصل فيه.


الوقائع

تتضمن وقائع الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات والأوراق المقدّمة لهذه المحكمة وكانت مقدّمة من قبل لمحكمة الاستئناف - أن المرحوم إسكندر فهمي باشا مورّث طرفي الخصوم في 21 من فبراير سنة 1929 أشهد على نفسه أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية أنه فيما قبل هذا التاريخ وقف بمقتضى حجة التغيير والوقف الشرعية المحرّرة من هذه المحكمة بتاريخ 6 يوليه سنة 1918 جميع الأطيان التي قدرها 114 فداناً و19 قيراطاً و6 أسهم بناحية زاوية دهشور التابعة لمركز العياط بمديرية الجيزة بالأحواض الآتية... وجميع ما تشتمل عليه تلك الأطيان من المباني المشتملة على منزل كبير لسكن الواقف مركب من دورين وثلاثين منزلاً صغيرة معدّة لسكن المزارعين وخمسة دكاكين مجعولة مخازن وإسطبل وكامل الوابور الكومبيل... والتابوت البحاري والمهمات حسبما ذلك مبين بالحجة المحكي تاريخها، وقفاً أهلياً بالإنشاء والشروط المدوّنة بتلك الحجة وبحجة التغيير الشرعية المحررة من هذه المحكمة في 5 من يناير سنة 1928 التي منها أنه أنشأ وقفه هذا على نفسه مدّة حياته، ثم من بعد وفاته تكون وقفاً على ولديه نجيب فهمي بك وزكي فهمي بك بالسوية بينهما... ... وأنه لما رُئي له بعد ذلك أن من المصلحة عدم الشيوع في الوقف بين ولديه وأولادهما وذرّيتهما لعدم حصول نزاع بينهم في المستقبل أن تكون بعد وفاته وقفاً على ولديه المذكورين مناصفة بينهما بغير شيوع لكل واحد منهما النصف الموقوف عليه مفرزاً على حدته، فلذلك قد انتدب كلاً من إمام شعبان بك وبدروس أبادير أفندي لمعاينة تلك الأطيان وإجراء قسمتها قسمين متعادلين على أن يكون كل قسم منهما يعادل القسم الآخر في القيمة بصرف النظر عما إذا كان يزيد قسم عن الآخر في عدد الأفدنة وغيرها مما بتلك الأطيان من الملحقات عن الآخر... ... وأجريا قسمتها قسمين اثنين بالصفة الآتية: فالقسم الأوّل وهو الذي خصص لنجيب فهمي بك... ... يشتمل على 61 فداناً و11 قيراطاً و14 سهماً من الأطيان الموقوفة بحوض الوطيات رقم 22 ... ... منها 60 فداناً قطعة واحدة كما يأتي... ... و12 قيراطاً و16 سهماً وهي قطعة أرض وما بها من مباني سبعة منازل من الثلاثين منزلاً الصغيرة المعدّة لسكن المزارعين وثلاثة دكاكين من خمسة الدكاكين المجعولة مخازن محدودة... ... وأما القسم الثاني الذي خصص لزكي فهمي بك... ... فهو يشتمل على 88 فداناً و7 قراريط و16 سهماً منها... ... ومنها فدان و4 قراريط قطعة معروفة بالجنينة محدودة... ... ومنها فدان و13 قيراطاً و20 سهماً قطعة بها مباني المنزل الكبير المعدّ لسكن الواقف والثلاثة والعشرون منزلاً الصغيرة المعدّة لسكن المزارعين والدكانان اللذان هما باقي الدكاكين الخمسة المجعولة مخازن... ... ويتبع هذا القسم الثاني كامل المباني التي بالقطعة الأرض البالغ مساحتها فداناً و11 قيراطاً و8 أسهم السابق تحديدها المشتملة تلك المباني على المنزل الكبير المعدّ لسكن الواقف والثلاثة دكاكين المجعولة مخازن المذكورة، وأيضاً كامل ما بأطيان هذا القسم الغير شائعة مع القسم الأول من الأشجار والآلات الزراعية، وأيضاً حصته وهي النصف باقي الوابور الكومبيل ومشتملاته وملحقاته ومنافعه حسبما ذلك جميعه بالتقرير والكشف المرافق لذلك التقرير (ومعبر عنه أنه قائمة) المحررين لمعرفة من انتدبنا لإجراء هذه القسمة السابق ذكرهما بتاريخ 30 يناير سنة 1929 وموقع منهما عليهما... ... وأن سعادة الواقف اطلع على التقرير والكشف المذكورين ووافق على ما جاء بهما ووقع عليهما بما يتضمن موافقته على ما ذكر بهما. إلى آخر الحجة المسجلة 77 جزء ثان وقف سنة 1928 - 1929. وبعد وفاة الواقف وأيلولة الوقف إلى ولديه المذكورين ارتاب الأخوان الموقوف عليهما فيما إذا كان المنزل الجديد الذي أقامه الواقف على القطعة التي مساحتها فدان و4 قراريط المعروفة بالجنينة التي وقعت في قسم زكي فهمي بك يعتبر وقفاً أو يجب اعتباره ملكاً لعدم التصريح عن ذلك بالوقفية، ثم انتهى رأيهما على عدم دخول المنزل المذكور في الوقف. ولذلك باع الإخوة الثلاثة نجيب بك وتوفيق أفندي وميشيل أفندي أنصباءهم فيه إلى أخيهم زكي بك بثمن قدره 800 جنيه دفع منه المشتري 200 جنيه إلى أخيه توفيق أفندي، وتنازل ميشيل أفندي عن حصته لأخويه نجيب بك وزكي بك مناصفة، وحرر المشتري سنداً بباقي الثمن وقدره 300 جنيه إلى نجيب بك وهو قيمة حصته. وحرر بهذا البيع عقد ابتدائي في تاريخ 18 سبتمبر سنة 1931 وعقد نهائي بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1931. ونظراً لأنه كان قد نزع جزء من الأرض الموقوفة للمنفعة العامة وأودع ثمنه البالغ قدره 339 جنيهاً و840 مليماً بخزانة محكمة مصر الشرعية تقدّم زكي فهمي بك لهيئة التصرفات بتلك المحكمة للإذن بصرف المبلغ المودع لتسديده لبائعي المنزل المتقدّم الذكر على أن يلحقه بالوقف، فرفضت محكمة مصر الشرعية هذا الطلب في 11 من نوفمبر سنة 1931 بانية قرارها بالرفض على أن هذا المنزل قد أنشأه الواقف بدلاً من المنزل الموقوف الذي تهدم وليستعمل كما كان يستعمل المنزل الأوّل.
لذلك رفع زكي فهمي بك على أخويه نجيب بك وتوفيق أفندي دعوى أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية قيدت بجدولها برقم 845 سنة 1932 كلي طلب فيها الحكم: (أوّلاً) ببطلان البيع الصادر منهما له بالعقد المؤرخ في 24 أكتوبر سنة 1931 المسجل في 4 نوفمبر سنة 1931. (ثانياً) ببطلان الكمبيالة المحررة عليه لأخيه نجيب فهمي بك المدعى عليه الأوّل في ذلك التاريخ بمبلغ 300 جنيه وبراءة ذمته منها. (ثالثاً) إلزام المدعى عليه الثاني توفيق فهمي أفندي بأن يرد للطالب المائتي جنيه السابق دفعها له مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة.
فدفع المدعى عليهما بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى على اعتبار أن النزاع في المنزل المذكور يتعلق بأصل الوقف، ثم بعدم قبول الدعوى، ثم طلبا أخيراً الحكم بإيقافها حتى تفصل المحكمة الشرعية فيما إذا كان المنزل يعتبر وقفاً أو لا يعتبر.
وبتاريخ 11 من إبريل سنة 1932 حكمت محكمة مصر الابتدائية: (أوّلاً) برفض الدفعين الفرعيين بعدم الاختصاص وعدم قبول الدعوى. (ثانياً) بإيقاف الدعوى حتى يفصل من الجهة المختصة فيما يتعلق بوقف المنزل موضوع هذه الدعوى وعلى صاحب المصلحة رفع الدعوى أمام المحكمة الشرعية. وتنفيذاً لحكم الإيقاف رفع زكي فهمي بك أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية دعوى على أخويه المدعى عليهما وقيدت بجدولها برقم 24 كلي سنة 1932 - 1933، وحل فيها محله جورجي جيعه أفندي الذي عينته المحكمة الشرعية ناظر خصومة. وقد ادعى هذا الناظر على المدعى عليهما أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه، ثم على ولديه زكي فهمي بك ونجيب فهمي بك مناصفة بينهما على ما جاء بالحجة الصادرة بتاريخ 6 يوليه سنة 1918 وبحجة التغيير الصادرة بتاريخ 5 يناير سنة 1928، ثم قسم أعيان الوقف بين ولديه بمقتضى حجة القسمة الصادرة بتاريخ 21 فبراير سنة 1929 بعد أن ندب لذلك خبيرين قاما بعملية القسمة وقدّما له تقريراً بذلك اعتمده ورتب عليه إشهاد القسمة فجعل لابنه زكي بك القسم الثاني ومنه قطعة الأرض التي مساحتها فدان وأربعة قراريط المعروفة بالجنينة كما جعل له بناء المنزل المقام على بعض هذه القطعة المكوّن من بدروم ودور فوقه، وأن المدعى عليهما يتعرّضان في جريان هذا البناء فيما هو موقوف على زكي بك من والده بغير حق وطلب الحكم له بصفته المبينة بجريان بناء هذا المنزل فيما هو موقوف على زكي بك من والده المشمول بنظره وأمر المدعى عليهما بعدم التعرّض له في ذلك. وقد أجاب المدّعى عليهما على هذه الدعوى الشرعية بإنكار وقف هذا البناء، وقالا إنه لم يرد عليه الوقف لا بمقتضى حجة الوقف الصادرة في سنة 1918 لأنه لم يكن قد وجد، ولا بمقتضى حجة القسمة الصادرة في سنة 1929 لأنه لم يرد فيها ما يفيد وقفه ولا ما يفيد إنشاء وقف جديد به. وبتاريخ 16 يوليه سنة 1934 حكمت المحكمة الشرعية المذكورة بجريان بناء المنزل القائم على بعض قطعة الأرض رقم واحد المعروفة بالجنينة الكائنة بحوض الوطيات بزمام زاوية دهشور مركز العياط المحدودة بالحدود السابقة - جريانه فيما هو موقوف على زكي فهمي بك من قبل والده إسكندر فهمي باشا وأمرنا المدعى عليهما بعدم التعرّض في ذلك حضورياً.
وبتاريخ 18 من أغسطس سنة 1934 استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم الشرعي لدى المحكمة العليا الشرعية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وقيد هذا الاستئناف بجدول تلك المحكمة برقم 160 سنة 1933 - 1934.
وبتاريخ 30 أكتوبر سنة 1934 حكمت المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف المذكور بقبوله شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف.
وبإعلان تاريخه 21 إبريل سنة 1935 عجل زكي فهمي بك دعواه الموقوفة أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية. وبإعلان آخر عدّل بعض طلباته. ثم شطبت الدعوى بجلسة 28 أكتوبر سنة 1935 رجاء الصلح. ثم جدّدت لجلسة 4 مايو سنة 1936. وبعد تأجيلها عدّة مرات رفع نجيب بك وأخوه استئنافاً عن حكم الإيقاف الصادر بتاريخ 11 إبريل سنة 1932 طالبين إلغاءه وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتفصل في موضوعها على أنها هي المختصة بالفصل فيما إذا كان بناء المنزل المتنازع فيه ملكاً أو وقفاً. وقيد هذا الاستئناف بجدول محكمة استئناف مصر برقم 245 سنة 54 قضائية. فدفع زكي فهمي بك بعدم قبول هذا الاستئناف أو عدم جوازه واحتياطياً بسقوط الحق في إقامته. فحكمت المحكمة بتاريخ 6 مايو سنة 1937 برفض الدفوع المقدّمة وبجواز الاستئناف وبقبوله شكلاً وحدّدت لنظر موضوعه جلسة 29 مايو سنة 1937 وأبقت الفصل في المصاريف.
وبتاريخ 27 من يونيه سنة 1937 حكمت المحكمة حضورياً في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتفصل في موضوعها لأنها هي المختصة بالفصل فيما إذا كان المنزل موضوع النزاع يعتبر وقفاً أم ملكاً وألزمت المستأنف عليه بمصاريف هذا الاستئناف وبخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنه للمستأنفين.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعن في 4 من يوليه سنة 1937، فطعن فيه وكيله بطريق النقض في 26 من ذلك الشهر بتقرير أعلن إلى المدّعى عليهما فيه في 27 و28 منه الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد قضت بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بإيقاف الفصل في الدعوى حتى يفصل من الجهة المختصة فيما يتعلق بأصل وقف المنزل موضوع الدعوى، وبنت قضاءها هذا على أن الحكم المستأنف يعتبر في واقع الأمر صادراً بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر هذه المسألة التي كان متنازعاً فيها أمام المحكمة الابتدائية مع أنها لا تتعلق بأصل الوقف ما دام الفصل فيها لا يستلزم التعرّض لأي نص من نصوص كتب الوقف، وما دامت هذه النصوص واضحة لا غموض فيها، وما دام كل ما يقتضيه الفصل فيها هو مراجعة هذه الحجج وتطبيقها على الأعيان الموقوفة، ثم تطبيق الحكم الشرعي فيما إذا اتضح أن هذا المنزل قد بناه الواقف بعد إنشاء الوقف دون أن يدخل فيه. ويقول الطاعن إن محكمة الاستئناف قد أخطأت في تصوير ما كان متنازعاً فيه بين طرفي الخصومة فذكرت بصدر حكمها أن النزاع بين الخصوم كان يدور حول معرفة ما إذا كان المنزل يدخل أو لا يدخل في حجة الوقف الصادرة في 6 يوليه سنة 1918 وحجة التغيير الصادرة في 5 يناير سنة 1928 وإشهاد القسمة الصادر في 21 فبراير سنة 1929، وإن كان لا يدخل فيها وإنما بناه الواقف على أرض موقوفة فهل يعتبر وقفاً أم لا؟ ثم جعلت هذا النزاع بعد إيراده على هذه الصورة مما لا يتعلق بأصل الوقف ما دام الفصل فيه لا يفتقر إلا إلى تطبيق نصوص كتب الوقف الواضحة على الطبيعة والأخذ بعد ذلك بحكم الشريعة الإسلامية. ووجه الخطأ أنه كان مسلماً بين الخصوم أن لا حجة 6 يوليه سنة 1918 ولا حجة التغيير المؤرّخة في 5 يناير سنة 1928 دخل في أيهما بناء هذا المنزل الجديد المتنازع في وصفه لوقوع بنائه قبل تحرير إشهاد القسمة على بعض القطعة الموقوفة التي مساحتها فدان و4 قراريط، وإنما كان النزاع منحصراً فيما إذا كان بناء المنزل المذكور تم قبل إشهاد القسمة المؤرخ في 21 فبراير سنة 1929 أو تم بعد ذلك، ثم فيما إذا كان هذا البناء مما هو موقوف على زكي فهمي بك أو ملك لإسكندر باشا تركه ميراثاً عنه. فكان يدعي الطاعن الأمر الأوّل في الموضعين، ويدعي المدّعى عليهما الأمر الثاني. وكان كل طرف يؤيد وجهة نظره بإشهاد القسمة وتقرير الخبيرين وبما قدّمه من الأوراق، وذلك بتفسيرها على الوجه المناسب لمركزه في الدعوى. ويقول الطاعن إنه لا شك في أن النزاع على تفسير إشهاد قسمة الوقف وتقرير الخبيرين الملحق به والمحفوظ بالمحكمة الشرعية مرافقاً له، وتعرّف مقصود الواقف من جميع ذلك للحكم من بعد بجريان بناء المنزل الذي بناه الواقف على بعض وقفه مجرى أصله أو باعتباره ملكاً للواقف تركه لورثته - إن النزاع في ذلك كله يتعلق بأصل الوقف مما المحاكم الأهلية ممنوعة من نظره بمقتضى المادة 16 من لائحة ترتيبها.
وحيث إنه يبين من الوقائع التي عنيت هذه المحكمة بتدوينها بصدر هذا الحكم نقلاً عن حجج الوقف والأحكام الشرعية ومذكرات الخصوم أن النزاع بين الطرفين كان منحصراً حقيقة فيما إذا كان بناء المنزل المذكور تم قبل إشهاد القسمة المؤرّخ في 21 فبراير سنة 1929 أو أنه لم يتم إلا بعد ذلك، ثم فيما إذا كان هذا البناء على موجب إشهاد القسمة وتقرير خبيري القسمة المعتمد من الواقف هو مما هو موقوف على زكي فهمي بك الطاعن أو مما تركه الواقف ميراثاً عنه لورثته. ومثل هذا النزاع لا يفصل فيه إلا على ضوء إشهاد القسمة وتقرير خبيرها المذكورين بعد تعرّف مقصود الواقف من عباراته فيهما وهو ما عنيت المحكمة الشرعية بإبراز ما فيه من حق ومن باطل، وخرجت منه إلى الحكم بجريان بناء المنزل المتنازع عليه فيما هو موقوف على الطاعن.
وحيث إنه ما كان ينبغي لمحكمة الاستئناف بعد وضوح كل ذلك أمامها أن تلغي الحكم المستأنف وتعيد القضية إلى المحكمة الابتدائية لتفصل في نقطة النزاع هذه على اعتبار أنها من اختصاص المحاكم الأهلية. ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد الحكم المستأنف. ولمن أراد التعجيل في الدعوى أن يقدّمها إلى المحكمة الابتدائية لتحكم في موضوعها الأصلي الذي كانت أوقفت الفصل فيه حتى تحكم المحكمة الشرعية فيما جعلته من اختصاصها لتعلقه بأصل الوقف. وذلك على أساس ما قضت به المحكمة الشرعية المختصة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق