جلسة 15 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
----------------
(211)
القضية رقم 458 سنة 20 القضائية
أ - رفع الدعوى الجنائية.
النيابة صاحبة الحق في ذلك على وفق ما رسمه القانون من أوضاع. المحكمة الجنائية لا تتقيد في الفصل في الدعوى المرفوعة إليها بما صدر من أحكام مدنية ولا تعلق قضاءها على ما عساه يصدر من أحكام.
ب - نقض.
استعمال محرر مزور. عدم مجادلة المتهم في قيام هذه الجريمة. إدانته في التزوير والاستعمال وتوقيع عقوبة داخلة في نطاق العقوبة المقررة للاستعمال عليه. طعنه بسقوط دعوى التزوير. لا جدوى له منه.
جـ- حكم. تسبيبه.
حكم بإدانة المتهم في تزوير واستعمال. اتفاق أسبابه مع أسباب حكم المحكمة المدنية برد وبطلان الورقة المزورة. لا يضيره.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه بدائرة بندر طنطا (أولا): ارتكب تزويراً في محررين عرفيين هما سند مديونية بمبلغ 654 جنيهاً مؤرخ 12/2/1936 وخطاب مؤرخ 2/3/1939 نسب صدورهما إلى متري صليب جرجس أفندي بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اصطنع إمضاءات وكلمات مزورة لمتري صليب أفندي ووقع بها على السند والخطاب. (ثانيا): استعمل السند والخطاب المزورين مع علمه بتزويرهما بأن قدمهما إلى محكمة طنطا وتمسك بهما.
وطلبت عقابه بالمادتين 213، 215 من قانون العقوبات.
سمعت محكمة بندر طنطا الجزئية هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات للارتباط، بحبس المتهم أربعة شهور مع الشغل وكفالة 300 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف، فاستأنفت النيابة هذا الحكم، وبجلسة 5/4/1945 أمام محكمة طنطا الابتدائية طلب وكيل المتهم تصحيح وصف الحكم واعتباره غيابيا لأن المتهم لم يحضر بجلسة المرافعة ولا يزال باب المعارضة مفتوحا وقد صدر الحكم باعتباره غيابيا بالجلسة المذكورة.
فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم الغيابي وقضي في معارضته بتاريخ 31/10/1945 بتأييد الحكم المعارض فيه.
فاستأنف المتهم هذا الحكم وكان قد استأنفته النيابة.
ومحكمة طنطا المشار إليها قعد أن أتمت سماعهما قضت فيهما غيابيا بتاريخ 3/1/1946 بتأييد الحكم المستأنف.
فعارض في هذا الحكم الغيابي وقضي في معارضته بتاريخ 16/2/1950 برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الطاعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض الخ.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأول من وجهي الطعن يتحصل في القول بأن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون (أولا) لأن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن قبل أن يصبح الحكم المدني الصادر برد وبطلان السند والخطاب المطعون عليهما بالتزوير نهائيا، فضلا عن أن الطاعن رفع نقضا عن الحكم المدني الذي تأيد استئنافيا، وطلب إلى المحكمة الاستئنافية إرجاء البت في الدعوى الجنائية حتى يفصل في النقض المرفوع عن الحكم المدني وحتى لا يتأثر القضاء المدني بما يحكم به جنائيا، ولكن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب. (ثانيا) إن جريمة التزوير قد سقطت بمضي ثلاث سنوات على وقوعه إذ أن التاريخ العرفي للسند المطعون فيه هو 12/3/1936 والتاريخ الثابت هو 17/2/1937. وما دام أن المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط جريمة الاستعمال بالتزوير وقضت بعقوبة واحدة عن الجريمتين وقد انهارت إحداهما فإن الثانية تسقط تبعا لها وكان واجبا القضاء بالبراءة. (ثالثا) إن تهمة التزوير المنسوبة إلى الطاعن ليست صحيحة، ذلك لأنه قدم للمحكمة خطابا مؤيداً للسند المقول بتزويره وقد عرض على الخبراء الذين عينوا للمضاهاة فأيدوا صحة صدوره من المجني عليه مما جعل النيابة العامة تغفل رفع الدعوى عنه، ومتى كان الثابت أن هذا الخطاب صدر صحيحا من المجني عليه فإن السند يكون صحيحا تبعا له ولا يكون في الأمر جريمة.
وحيث إنه لا محل لما يثيره الطاعن من ذلك؛ لأن القانون لم يضع قيوداً على حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية فهي صاحبة الحق في رفعها وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون. ومتى رفعت الدعوى على هذه الصورة فإن المحكمة تصبح- وقد اتصلت بها- ملزمة بالفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان أو انعدامها، وعلى هدى ما تستلهمه في تكوين عقيدتها من شتى الأدلة والعناصر الجريمة دون أن تتقيد بالأحكام المدنية التي صدرت أو تعلق قضاءها على ما عساه أن يصدر من أحكام بشأن الأوراق المطعون عليها بالتزوير. أما ما يقوله الطاعن من سقوط جريمة التزوير وما يزعمه من سقوط جريمة الاستعمال تبعاً لها فلا جدوى له من ذلك؛ إذ أنه لا يجادل في سقوط تهمة الاستعمال بالتقادم وقد طبقت المحكمة في حقه المادة 32 من قانون العقوبات والعقوبة المقضى بها تدخل في حدود العقاب الذي نص عليه القانون لجريمة الاستعمال وهي جريمة قائمة بذاتها مستقلة عن جريمة التزوير أفرد لها القانون مادة وعقوبة خاصة. كما أنه لا محل أيضاً لما يذهب إليه من القول بصحة السند استناداً إلى الخطاب المشار إليه بوجه الطعن لأنه لم يكن مطروحاً أمام المحكمة ولا أثر له على ما استظهرته من تزوير الأوراق موضوع الدعوى.
وحيث إن الوجه الآخر يتحصل في القول ببطلان الحكم المطعون فيه لخلوه من الأسباب بمقولة إنه نقل صورة من الحكم المدني دون أن يعني استقلالا باستظهار الأدلة التي آخذ بها الطاعن أو يرد على ما تمسك به من دفاع.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى التي دان بها الطاعن وأورد الأدلة على ثبوت وقوعها منه، وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، ثم تعرض لدفاعه وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها. لما كان ذلك وكان الحكم ليس فيه ما يعيبه من ناحية بيان الأسباب التي يتطلبها القانون والتي خلص منها إلى ما انتهى إليه من إدانة الطاعن - فلا يضيره أن تكون الأسباب التي اعتمد عليها القاضي الجنائي في الإدانة متفقة مع تلك التي اعتمد عليها القاضي المدني في رد الورقتين المزورتين وبطلانهما ما دام أن المحكمة الجنائية قد اقتنعت بالإدانة بناء على تلك الأسباب التي أوردتها في حكمها، وإذن فإن الطعن على هذه الصورة لا يكون مقبولا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق