جلسة 24 ديسمبر سنة 1942
برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.
----------------
(9)
القضية رقم 22 سنة 12 القضائية
أ - إثبات.
حكم صادر في خصومة متصلة بالخصومة المعروضة على المحكمة. الاستئناس به في القضاء في الخصومة المعروضة. لا جناح في ذلك ولو مع اختلاف الخصوم.
ب - قسمة.
استخلاص حصولها بين الورثة من وقائع الدعوى ومن أن كل واحد من الورثة وضع يده على حصة مفرزة من التركة بصفته مالكاً المدة المكسبة للملكية. احترام آثارها في حق الغير ولو أنها ليست بعقد مسجل. لا مانع.
الوقائع
تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعنة تداين المطعون ضده الأخير في مبلغ 3654 ج مضمون برهن 12 ف، 14 ط، 18 س كائنة بمركز ملوى بمقتضى عقد رسمي محرر بقلم العقود الرسمية بمحكمة مصر الابتدائية المختلطة في 23 من إبريل سنة 1929 ومسجل في 14 من فبراير سنة 1931. وقد تعهد المدين في هذا العقد بوفاء الدين على أقساط تنتهي في أول أكتوبر سنة 1933 وأقر في العقد بأن الأطيان المرهونة مملوكة له بطريق الميراث عن والده وأنها خالية من جميع الحقوق العينية ما عدا اختصاصاً لصالح الخواجة كوستى أبو ستوليدى تعهد المدين بالحصول على شطبه لغاية 30 من أغسطس سنة 1930 وإلا أصبح الدين جميعه واجب الأداء حالاً. تأخر المدين عن الوفاء فشرعت المرتهنة في نزع ملكيته من الأطيان، وأعقب ذلك أن رفع المطعون ضدهم الثلاثة الأولون الدعوى الحالية رقم 288 كلي سنة 1940 لدى محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنة والمطعون ضده الأخير باستحقاقهم للأطيان المنزوعة ملكيتها على أساس أن المدين قد سبق أن نزعت ملكيته من جميع ميراثه أمام القضاء المختلط ورسا مزاده على ورثة كوستى أبو ستوليدى بتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1932 وأن الأطيان الباقية من تركة المورث وهي التي نزعت الطاعنة ملكيتها هي ملك مدعي الاستحقاق - الأول والثانية منهم بطريق الميراث عن والدهما والثالث بطريق الشراء من السيدة نفسية عبد الرحيم إحدى الورثة.
دفعت الطاعنة تلك الدعوى بأن ورثة أبو ستوليدى نزعوا ملكية مدينها من 20 ط و9 ف في ثلاث قطع معينة مفرزة محدودة بزمام ناحية نواي في حين أن أطيان المورث ما زالت شائعة بين الورثة في النواحي الخمس الموضحة بعقد الرهن ولم تحصل قسمة بين الورثة لا قبل الحكم برسو المزاد ولا بعده. وقد أقرت محكمة المنيا دفاع الطاعنة وقضت بتاريخ 6 من فبراير سنة 1931 برفض دعوى الاستحقاق.
استأنف المدعون في الاستحقاق هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر. فقضت المحكمة بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1941 بإلغائه وباستحقاق هؤلاء المدعين إلى 10 ف، 6 ط، 18 س وإلغاء ما اتخذته الطاعنة من الإجراءات عليها واعتبارها كأن لم تكن وإلزامها بمصاريف الدرجتين وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبنت محكمة الاستئناف حكمها على أن نصيب المدين في الأطيان المخلفة عن المورث قد أصبح بعد القسمة في ناحية نواي، وقد نزعت ملكيته ورسا مزاده على ورثة كوستى أبو ستوليدى في 30 من نوفمبر سنة 1932 على إثر الاختصاص المسجل قبل قيام دين الطاعنة.
أعلن هذا الحكم للطاعنة في 18 من مارس سنة 1942 فطعنت فيه بطريق النقض في 16 من إبريل سنة 1942 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم... إلخ إلخ.
المحكمة
وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه أخذ بحكم صادر من جهة القضاء المختلط في دعوى لم تكن الطاعنة طرفاً فيها، وفي هذا مخالفة لقاعدة عدم تعدي حجية الأحكام أطراف الخصومة فيما تفصل فيه من منازعات.
وحيث إنه يبين من مراجعة أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف استهدفت للفصل في الخصومة الوقوف على ما إذا كانت الأطيان المخلفة عن المورث الأصلي بقيت شائعة بين الورثة، كما تتمسك الطاعنة، أو أنها قسمت بينهم، كما يقول خصومها في الدعوى، وقد أدى بها هذا البحث إلى أن تعرض للنزاع ذاته حين قام لدى القضاء المختلط بمناسبة نزع ملكية علي عبد الرحيم مدين الطاعنة من نصيبه في تركة أبيه مفرزاً بمعرفة دائنه كوستى أبو ستوليدى بناءً على اختصاص مسجل قبل قيام دين الطاعنة. وأشارت في هذا المقام إلى الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في 12 من مايو سنة 1936 وإلى ما استند إليه في قضائه بحصول قسمة بين الورثة في سنة 1918 اختص بموجبها أولاد كل زوجة من زوجاته بأرض في جهات معينة ووقعت حصة مدين الطاعنة بناحية نواي وهي التي نزع ملكيتها كوستى أبو ستوليدى. ومن هذا يبين أن محكمة الاستئناف لم تعول على حكم القضاء المختلط إلا كسند من أسانيد الدعوى التي طرحت لديها وبنت قضاءها على ما استخلصته منها. ولذا لم يكن حكمها صادراً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بل على أساس أن القسمة حصلت فعلاً بين الورثة. وإذ كان لا جناح على محكمة الموضوع في أن تستأنس في قضائها بحكم تستمد من أسبابه دليلاً مؤيداً لوجهة نظرها في الخصومة المعروضة عليها لما بين النزاع الذي فصل فيه هذا الحكم وما هو مطروح لديها من رابطة يكون ما أثارته الطاعنة في هذا الصدد مما لا يعول عليه.
أما اعتراض الطاعنة على عدم إدخالها في الخصومة المختلطة رغم أنها كانت وقتئذ صاحبة حق مسجل فإن هذا الاعتراض لا محل له ما دام الحكم المختلط لم يحصل التمسك به ضدها دفعاً لدعواها بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها كما لو كانت طرفاً في الخصومة المفصول فيها، بل كان الاستناد إليه كدليل من أدلة الدعوى المطروحة على بساط البحث والتقدير. على أن ما أثبته الحكم المطعون فيه هو "أن دين أبو ستوليدى أخذ به حكم في سنة 1925 واختصاص في سنة 1926 "وشرع في نزع الملكية من سنة 1927 ورسا مزادها في 30 نوفمبر سنة 1932 "وأن دين الطاعنة نشأ بعقد رهن رسمي في 22 إبريل سنة 1929 ذكر فيه أسبقية "دين أبو ستوليد. وقد سجل هذا العقد في 14 فبراير سنة 1931 أي أثناء "قيام دعوى نزع الملكية، ولذلك لم يظهر دينها في كشف الشهادات العقارية "في تلك الدعوى...". وفي هذا الذي ذكره الحكم ما يكفي لبيان علة عدم إدخال الطاعنة في الدعوى التي فصل فيها من المحكمة المختلطة بالحكم السابق ذكره.
وحيث إن الوجه الثاني مبناه أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بقصور في الأسباب، فإنه حين تابع الحكم المختلط في القول بأن المدين اختص بحصته مفرزة في تركة أبيه لم يبين كيف كان هذا الاختصاص، فالقسمة لم تنعقد بين الورثة كتابة ولم يسجل عقدها حتى يصبح سارياً في حق الغير؛ وإذا كانت القسمة قد وقعت فعلاً فهي لا تتحقق إلا بوضع يد كل من الشركاء على نصيب معين محدود ثم استمرار هذه الحالة المدة الطويلة اللازمة للتملك بوضع اليد مع توافر الشروط القانونية، ويجب فوق ذلك أن تتغير صفة وضع اليد. والحكم المطعون فيه ليس فيه ما ينبئ بأن المحكمة الاستئنافية قد تقصت مسألة وضع اليد على هذا الأساس وتحققت من توافره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عني بتمحيص مسألة القسمة التي كانت أساس النزاع بين الخصوم سواء لدى القضاء المختلط أو الأهلي، وخلص من هذا البحث إلى أن الورثة اقتسموا الأرض المخلفة عن مورثهم من زمن يربو على المدة الطويلة للتملك بوضع اليد، وأن نصيب علي عبد الرحيم مدين الطاعنة وقع في جهة معينة هي ناحية نواي، وأن دائنه الأجنبي أخذ اختصاصاً على هذا النصيب، وقد ورد ذكر هذا الحق العيني في عقد الرهن الصادر للطاعنة. وأشار الحكم إلى التصرفات الصادرة من الورثة في أوقات مختلفة تأييداً للقسمة الحاصلة بينهم وإلى ما ذكره بعضهم في تصرفه من أنه يملك ما باع بمضي المدة الطويلة ولم يكن صدور الرهن من علي عبد الرحيم إلى الطاعنة على الشيوع في الأطيان إلا تالياً لذلك كله. وبهذا يكون الحكم المطعون فيه قد استظهر وضع يد مدين الطاعنة على ما اختص به في القسمة بصفته مالكاً المدة الطويلة المكسبة للملكية بشروطها القانونية، وفي هذا ما يغني عن حصول القسمة بعقد مسجل. ومتى تبين ذلك يكون الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون في شيء ما إذا هو رتب على هذه القسمة نتائجها القانونية ولم يعول على ما كان من علي عبد الرحيم من رهنه إلى الطاعنة أرضاً شائعة لم يكن يملك شيئاً فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق