الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 فبراير 2023

الطعن 14029 لسنة 85 ق جلسة 18 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 89 ص 571

جلسة 18 من مايو سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى ثابت عبد العال وياسر محمود بطور نواب رئيس المحكمة.

--------------

(89)

الطعن 14029 لسنة 85 ق

(1) نقض "أسباب الطعن بالنقض: أسباب قانونية يخالطها واقع".
السبب الواقعي أو القانوني الذي يخالطه واقع. عدم جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. عله ذلك. اعتباره سببا جديدا غير مقبول.

(2) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة".
القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية. تقييد هذه الولاية. استثناء. يجب عدم التوسع في تفسيره.

(3 - 6) بنوك "بنك الاستثمار القومي". دعوى "شروط قبول الدعوى: مناط خضوع المنازعات لأحكام ق 7 لسنة 2000". محاكم اقتصادية" اختصاص المحاكم الاقتصادية: الاختصاص النوعي".
(3) المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة. عدم خضوعها لأحكام ق 7 لسنة 2000. المادتين 1، 4 ق 7 لسنة 2000. عله ذلك.

(4) اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر المنازعة. مؤداه. استثنائها من العرض على اللجان المنصوص عليها في ق 7 لسنة 2000. عله ذلك.

(5) الدعوى المقامة من بنك الاستثمار القومي. استثناؤها من العرض على لجان التوفيق المنصوص عليها في ق 7 لسنة 2000 وكذا اللجان المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 494 لسنة 2011. عله ذلك.

(6) الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية. مناطه. تعلق الدعوى بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة السادسة ق 120 لسنة 2008. الاستثناء. الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة.

(7 - 10) دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى الضمان". محاكم اقتصادية" اختصاص المحاكم الاقتصادية: الاختصاص النوعي".
(7) دعوى الضمان الفرعية. ماهيتها. استقلالها عن الدعوى الأصلية. مؤداه. عدم اعتبارها دفعا أو دفاعا فيها.

(8) الارتباط بين دعوى الضمان والدعوى الأصلية. شرطه. توقف الفصل في الدعوى الأولى على الحكم في الثانية. عله ذلك.

(9) الارتباط بين طلب الضمان أو الطلب العارض وبين الدعوى الأصلية الذي يخضع لتقدير المحكمة. مقصوده. قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة والحكم فيهما معا. عله ذلك. توافر الارتباط. مناطه. أن يكون من شأن الفصل بينهما احتمالية الإضرار بحسن سير العدالة. اختلافه عن الارتباط الذي لا يقبل التجزئة ويوجب الجمع بين الطلبين. خضوع الأول دون الثاني لتقدير المحكمة بشأن الارتباط بينهما.

(10) دعوى الضمان الفرعية المرتبطة بدعوى أساسها عقد القرض والعلاقة البنكية بين الطرفين اختصاص المحكمة الاقتصادية بنظرها. عله ذلك. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.

(11 ، 12) حوالة "دعوى الحلول". قانون "القانون واجب التطبيق: سريان القانون: سريان القانون من حيث الزمان".
(11) النصوص التشريعية أيا كانت صورتها. سريانها على جميع المسائل التي تتناولها في لفظها أو فحواها. إلغاء النص التشريعي لا يتم إلا بتشريع لاحق ينص على إلغائه صراحة أو يدل عليه ضمنا أو ينظم من جديد وضعا سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.

(12) منح القرض في تاريخ لاحق على التاريخ المحدد لحلول الطاعن بصفته محل الهيئة المطعون ضدها وفقا لقرار رئيس الجمهورية المعدل وذلك في سداد القروض التي تحصلت عليها وفوائدها التي صرفت على أعمال البنية الأساسية والاستصلاح بنهاية الخطة الخمسية محل التداعي. مؤداه. عدم حلول الطاعن بصفته محل الهيئة في سداد القرض. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ ومخالفة للقانون.

-----------------

1 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع ببطلان صحيفة دعوى الضمان وخلوها من التفويض الخاص بدعوى الضمان لأعضاء هيئة قضايا الدولة، كما لم يقدم رفق طعنه ما يؤيد صحة دفاعه وهو دفاع قانوني يخالطه واقع، ومن ثم فإن النعي به يعد سببا جديدا لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة ويضحى غير مقبول.

2  - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف أحكام الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن مفاد نص المادتين 1, 4 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون القرارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، أن المشرع قد استثنى المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية من العرض على تلك اللجان قبل رفع الدعوى.

4 - إذ كان المشرع- رغبة منه في تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في البلاد- أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية مستهدفا منه وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية سرعة حسم المنازعات المتعلقة بهذا المجال، واستعان في سبيل ذلك بآليات عدة فقام بحصر القوانين التي أباح نظرها أمام المحاكم التي أنشأها لهذا الغرض وأنشأ بكل محكمة منها هيئة لتحضير المنازعات والدعاوى التي تختص بها هذه المحكمة، مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون سالف الذكر نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية وحدد اختصاصها بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيق قوانين معينة وألزم عرضها على هيئة التحضير قبل عرضها على دوائر المحكمة، كما ميز في النصاب القيمي بين دوائرها الابتدائية والاستئنافية عنه في المحاكم العادية الأمر الذي يفصح بجلاء عن قصد المشرع إفراد المنازعات الداخلة في اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظام خاص يجعلها من تلك المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000.

5 - النص في المادة 11 من القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي- المطعون ضده الثاني- والمواد الأولى والثانية والثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 494 لسنة 2011 لم تتضمن حسب صريح عباراتها ثمة قيد على حق البنك في اللجوء إلى القضاء مباشرة أو شروطا أوجبت عليه إتباعها لقبول دعواه أو رتبت جزاء أوجبت إعماله إذا ما رفعت الدعوى إلى القضاء مباشرة دون مراعاة الإجراءات التي أوردتها تلك النصوص، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يقض بعدم قبول الدعوى لأي من تلك الأسباب فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي في هذا الخصوص (مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لمخالفته إجراءات التقاضي إذ لم يقض بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم سبق عرض المنازعة على لجان التوفيق المنصوص عليها في قانون إنشائها رقم 7 لسنة 2000 وكذا لعدم عرضها على اللجنة المختصة بفض المنازعات بين الوزارات والأجهزة والجهات الحكومية المشكلة بقرار رئيس الوزراء رقم 494 لسنة 2011 ولرفعها قبل الأوان وفقا للمادة 11 من القانون رقم 119 بإنشاء بنك الاستثمار القومي والبند 18 من عقد القرض سند التداعي وهو ما يعيب الحكم) على غير أساس.

6 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيا، دون غيرها من المحاكم المدنية، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه- فيما عدا المنازعات والدعاوى التي تختص بها مجلس الدولة- وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث يختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق تلك القوانين.

7 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن دعوى الضمان الفرعية هي تلك التي يكلف بها طالب الضمان ضامنة بالدخول في خصومة قائمة بينه وبين الغير ليسمع الحكم بإلزامه بتعويض الضرر الذي يصيب مدعي الضمان من الحكم عليه في الدعوى الأصلية، فإنها بهذه المثابة تكون مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعا أو دفعا فيها ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلا في دعوى الضمان.

8 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الأصل هو الارتباط بين دعوى الضمان الفرعية والدعوى الأصلية متى كان الفصل في الأولى يتوقف على الحكم في الدعوى الأصلية، ذلك بأن المشرع في قانون المرافعات حرص على جمع أجزاء الخصومة وإن تغايرت عناصرها.

9 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن المقصود بالارتباط بين طلب الضمان أو أي طلب عارض وبين الدعوى الأصلية الذي يخضع لتقدير المحكمة هو قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة لتحققهما وتحكم فيهما معا قصرا في الوقت والجهد والنفقات والإجراءات، مما مفاده أن الارتباط يتوافر كلما بدا للمحكمة أن من شأن فصل الطلب العارض أو المرتبط عن الدعوى الأصلية احتمال الإضرار بحسن سير العدالة، ولا يجوز الخلط بين هذا النوع من الارتباط وبين الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي يوجب الجمع بين الطلبين دون أن تكون للمحكمة سلطة تقديرية في هذا الخصوص في حين أن الارتباط الذي يخضع لتقدير المحكمة يبرر الجمع بينهما ولا يوجبه.

10 - إذ كان المطعون ضده الأول وجه دعوى ضمان فرعية للحكم على الطاعن بصفته بما عسى أن يقضي به عليه في الدعوى الأصلية- التي أساسها عقد القرض والعلاقة البنكية بين المطعون ضدهما- فإن دعوى الضمان الفرعية تكون مرتبطة بالدعوى الأصلية ويجب نظرها أمام ذات المحكمة الاقتصادية وينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الاقتصادية طبقا لحكم الفقرة السادسة من المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 السالف ذكرها واستهداء بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 47 من قانون المرافعات التي عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالحكم في سائر الطلبات العارضة وكذلك المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها وذلك لجمع شتات المنازعة المتداخلة واقتصادا في الإجراءات وتيسيرا للفصل فيها جملة واحدة وتوقيا من تضارب الأحكام، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في دعوى الضمان الفرعية المرتبطة بالدعوى الأصلية التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الاقتصادية فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي بهذا السبب (النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ قضى في دعوى الضمان الفرعية بالمخالفة لقواعد الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية بما يعيبه) على غير أساس.

11 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن الأصل في النص التشريعي أيا كانت صورته قانون أو لائحة أو قرار أن يسري على جميع المسائل التي يتناولها في لفظها أو في فحواها، وأن التشريع في هذه الصور لا يجوز إلغاؤه إلا بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمنا أو ينظم من جديد الوضع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع.

12 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه في دعوى الضمان الفرعية بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للهيئة المطعون ضدها المبالغ المحكوم بها في الدعوى الأصلية إلى نص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 432 لسنة 1982 بحلول وزارة المالية محل الهيئة المطعون ضدها في سداد القروض التي حصلت أو تحصل عليها الأخيرة وفوائدها التي تصرف على الأبنية الأساسية اعتبارا من 1/7/1980 في حين أن هذا القرار قد تم تعديله بالقرار الجمهوري رقم 461 لسنة 1987 الصادر في الأول من نوفمبر سنة 1987 الذي نصت مادته الأولى على أن "يستبدل بنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 432 لسنة 1982 المشار إليه النص التالي: وتتخذ الإجراءات اللازمة لتحل وزارة المالية محل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في سداد القروض المحلية وفوائدها التي حصلت عليها حتى نهاية الخطة الخمسية الأولى في 30/6/1987، والتي صرفت على أعمال البنية الأساسية وأعمال الاستصلاح الداخلي "يدل على أن النطاق الزمني لحلول وزارة المالية- الطاعن بصفته- محل الهيئة المطعون ضدها في سداد القروض المحلية وفوائدها محدد بنهاية الخطة الخمسية الأولى في 30/6/1987 وبشرط أن تكون تلك القروض قد صرفت على أعمال البنية الأساسية وأعمال الاستصلاح الداخلي، وإذ كان القرض محل المطالبة قد منح للهيئة المطعون ضدها في 10/11/2008 أي في تاريخ لاحق على التاريخ المحدد بالقرار رقم 461 لسنة 1987 الذي تسري أحكامه على واقعة التداعي، ومن ثم لا يكون الطاعن بصفته ملزم بالحلول محل الهيئة المطعون ضدها في سداد هذا القرض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للهيئة المطعون ضدها قيمة القرض وفوائده المحكوم بها عليها في الدعوى الأصلية استنادا إلى حكم القرار الجمهوري رقم 432 لسنة 1982 دون أن يفطن إلى تعديل هذا القرار- على نحو ما سلف- بالقرار 461 لسنة 1987 والذي بموجبه لم يعد الطاعن بصفته ملزم بسداد القرض المطالب به فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يعيبه ويوجب نقضه في خصوص قضائه في الدعوى الفرعية.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن البنك المطعون ضده الثاني- بعد رفض أمر الأداء الذي تقدم به- أقام على الهيئة المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم ... لسنة 5ق اقتصادية القاهرة- الدائرة الاستئنافية- بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ 23.177.117.000 جنيه قيمة المستحق له بموجب السند الإذني المؤرخ 10/11/2008 وفوائده بواقع 13% سنويا وفوائد التأخير بواقع 16% سنويا من تاريخ الاستحقاق، وقال بيانا لدعواه إنه بموجب عقد قرض مؤرخ 10/11/2008 منح الهيئة المطعون ضدها الأولى مبلغ 21501410162.57 جنيه لتمويل المشروعات المدرجة بالخطة العامة للدولة بضمان السند محل المطالبة، وإذ امتنعت عن السداد أقام الدعوى، أدخلت الهيئة المطعون ضدها الطاعن بصفته- وزير المالية- خصما في الدعوى للحكم عليه بما عسى أن يقضي به عليها في الدعوى الأصلية وذلك على سند من أن وزارة المالية حلت محل الهيئة المطعون ضدها في الدعوى الأصلية في سداد القرض محل المطالبة وفقا للمادة الخامسة من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية، ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 10/6/2015 في الدعوى الأصلية بإلزام الهيئة المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للبنك المطعون ضده الثاني مبلغ 23.177.117.000 جنيه وفي دعوى الضمان الفرعية بإلزام وزارة المالية بأن تؤدي للهيئة المطعون ضدها المبالغ المحكوم بها في الدعوى الأصلية، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية لهذه المحكمة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، ورأي دائرة فحص الطعون الاقتصادية وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلان صحيفة دعوى الضمان لتوقيعها من أعضاء قسم هيئة قضايا الدولة دون تفويض خاص من مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها إذ إن التفويض العام الممنوح لقسم الهيئة مقيد بالخصومة الصادر عنها ولا يتسع لغيرها بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع ببطلان صحيفة دعوى الضمان وخلوها من التفويض الخاص بدعوى الضمان لأعضاء هيئة قضايا الدولة، كما لم يقدم رفق طعنه ما يؤيد صحة دفاعه وهو دفاع قانوني يخالطه واقع، ومن ثم فإن النعي به يعد سببا جديدا لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة ويضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالأوجه الأربعة الأول للسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه لمخالفته إجراءات التقاضي، إذ لم يقض بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم سبق عرض المنازعة على لجان التوفيق المنصوص عليها في قانون إنشائها رقم 7 لسنة 2000 وكذا لعدم عرضها على اللجنة المختصة بفض المنازعات بين الوزارات والأجهزة والجهات الحكومية المشكلة بقرار رئيس الوزراء رقم 494 لسنة 2011 ولرفعها قبل الأوان وفقا للمادة 11 من القانون رقم 119 بإنشاء بنك ....... والبند 18 من عقد القرض سند التداعي وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية وأن أي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف أحكام الدستور يعتبر استثناء واردا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، كما أنه من المقرر أن مفاد نص المادتين 1, 4 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون القرارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها، أن المشرع قد استثنى المنازعات التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية من العرض على تلك اللجان قبل رفع الدعوى. لما كان ذلك، وكان المشرع- رغبة منه في تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في البلاد- أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية مستهدفا منه وفق ما جاء بالمذكرة الإيضاحية سرعة حسم المنازعات المتعلقة بهذا المجال، واستعان في سبيل ذلك بآليات عدة فقام بحصر القوانين التي أباح نظرها أمام المحاكم التي أنشأها لهذا الغرض وأنشأ بكل محكمة منها هيئة لتحضير المنازعات والدعاوى التي تختص بها هذه المحكمة، مما مؤداه أن المشرع بموجب القانون سالف الذكر نظم المحاكم الاقتصادية ككيان قضائي خاص داخل جهة المحاكم على شكل يختلف عن تشكيل جهة المحاكم العادية وحدد اختصاصها بالمنازعات التي تنشأ عن تطبيق قوانين معينة وألزم عرضها على هيئة التحضير قبل عرضها على دوائر المحكمة، كما ميز في النصاب القيمي بين دوائرها الابتدائية والاستئنافية عنه في المحاكم العادية الأمر الذي يفصح بجلاء عن قصد المشرع إفراد المنازعات الداخلة في اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظام خاص يجعلها من تلك المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000، وكان النص في المادة 11 من القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك ..... - المطعون ضده الثاني- على أن "على جميع الجهات التي تقوم بتنفيذ المشروعات التي يمولها البنك أن تلتزم بالبرامج التنفيذية للمشروعات المقررة طبقا للخطة وأحكام هذا القانون، وفي حالات الاختلاف بين الجهات المختصة والبنك يجب عرض الأمر على رئيس مجلس الوزراء ويكون قراره في هذا الشأن ملزما لجميع الجهات والبنك"، وجرى النص في المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 494 لسنة 2011 على أن "تشكل لجنة فنية لفض المنازعات بين الوزارات والأجهزة والجهات الحكومية والهيئات العامة ....."، وفي المادة الثانية منه على أن "يحظر على الوزارات والجهات المشار إليها بالمادة الأولى إقامة أو الاستمرار في دعاوى أو منازعات أمام الهيئات القضائية قبل العرض على اللجنة المشار إليها"، وفي المادة الثالثة على أن "تلتزم الجهات المشار إليها في المادة الأولى بما تقرره اللجنة بعد اعتماد قرارها من رئيس مجلس الوزراء". وكانت نصوص تلك المواد لم تتضمن حسب صريح عباراتها ثمة قيد على حق البنك في اللجوء إلى القضاء مباشرة أو شروطا أوجبت عليه إتباعها لقبول دعواه أو رتبت جزاء أوجبت إعماله إذا ما رفعت الدعوى إلى القضاء مباشرة دون مراعاة الإجراءات التي أوردتها تلك النصوص، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يقض بعدم قبول الدعوى لأي من تلك الأسباب فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى في دعوى الضمان الفرعية بالمخالفة لقواعد الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها خمسة ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية: ..... 6- قانون التجارة في شأن نقل التكنولوجيا والوكالة التجارية وعمليات البنوك والإفلاس والصلح الواقي منه ... وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداء في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة إذا جاوزت قيمتها خمسة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة" مفاده- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيا، دون غيرها من المحاكم المدنية، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه- فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة- وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق تلك القوانين، كما أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن دعوى الضمان الفرعية هي تلك التي يكلف بها طالب الضمان ضامنة بالدخول في خصومة قائمة بينه وبين الغير ليسمع الحكم بإلزامه بتعويض الضرر الذي يصيب مدعي الضمان من الحكم عليه في الدعوى الأصلية، فإنها بهذه المثابة تكون مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعا أو دفعا فيها ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلا في دعوى الضمان، وأن الأصل هو الارتباط بين دعوى الضمان الفرعية والدعوى الأصلية متى كان الفصل في الأولى يتوقف على الحكم في الدعوى الأصلية، ذلك بأن المشرع في قانون المرافعات حرص على جمع أجزاء الخصومة وإن تغايرت عناصرها، وأن المقصود بالارتباط بين طلب الضمان أو أي طلب عارض وبين الدعوى الأصلية الذي يخضع لتقدير المحكمة هو قيام صلة بينهما تجعل من المناسب وحسن سير العدالة جمعهما أمام ذات المحكمة لتحققهما وتحكم فيهما معا قصرا في الوقت والجهد والنفقات والإجراءات، مما مفاده أن الارتباط يتوافر كلما بدا للمحكمة أن من شأن فصل الطلب العارض أو المرتبط عن الدعوى الأصلية احتمال الإضرار بحسن سير العدالة، ولا يجوز الخلط بين هذا النوع من الارتباط وبين الارتباط الذي لا يقبل التجزئة الذي يوجب الجمع بين الطلبين دون أن تكون للمحكمة سلطة تقديرية في هذا الخصوص في حين أن الارتباط الذي يخضع لتقدير المحكمة يبرر الجمع بينهما ولا يوجبه. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده الأول وجه دعوى ضمان فرعية للحكم على الطاعن بصفته بما عسى أن يقضى به عليه في الدعوى الأصلية- التي أساسها عقد القرض والعلاقة البنكية بين المطعون ضدهما- فإن دعوى الضمان الفرعية تكون مرتبطة بالدعوى الأصلية ويجب نظرها أمام ذات المحكمة الاقتصادية وينعقد الاختصاص بنظرها للمحكمة الاقتصادية طبقا لحكم الفقرة السادسة من المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008 السالف ذكرها واستهداء بحكم الفقرة الأخيرة من المادة 47 من قانون المرافعات التي عقدت الاختصاص للمحكمة الابتدائية بالحكم في سائر الطلبات العارضة وكذلك المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها وذلك لجمع شتات المنازعة المتداخلة واقتصادا في الإجراءات وتيسيرا للفصل فيها جملة واحدة وتوقيا من تضارب الأحكام، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في دعوى الضمان الفرعية المرتبطة بالدعوى الأصلية التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الاقتصادية فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ لم يقض بعدم قبول دعوى الضمان الفرعية لرفعها على غير ذي صفة لأنه لم يكن طرفا في عقد القرض المؤرخ 10/8/2008 والسند الإذني المؤرخ 30/6/2010 محل المطالبة في الدعوى الأصلية، وأن القرار الجمهوري رقم 432 لسنة 1982 الذي استند إليه الحكم ليس كافيا بذاته لإلزامه بالمديونية وحلوله محل الهيئة المطعون ضدها إذ إنه يستلزم لتفعيله اتخاذ الإجراءات اللازمة لهذا الحلول بعد التحقق من صرف المبالغ المقترضة على البنية الأساسية، وأن الالتزام الوارد به يتمثل في قيام رئاسة مجلس الوزراء بتشكيل لجان حصر أعمال البنية الأساسية التي قامت الهيئة بتنفيذها والتحقق من استخدام القروض في تلك المشروعات ثم الاتفاق على القروض التي تلتزم وزارة المالية بسدادها، وإذ قضى الحكم بإلزامه بقيمة القرض باعتباره في مركز الكفيل الضامن للهيئة دون أن يتثبت من أن اللجان المشكلة لهذا الغرض قد انتهت من عملها وتحققت من أن تلك المبالغ قد تم صرفها على البنية الأساسية فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن الأصل في النص التشريعي أيا كانت صورته قانون أو لائحة أو قرار أن يسري على جميع المسائل التي يتناولها في لفظها أو في فحواها، وأن التشريع في هذه الصور لا يجوز إلغاؤه إلا بتشريع لاحق ينص على الإلغاء صراحة أو يدل عليه ضمنا أو ينظم من جديد الوضع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه في دعوى الضمان الفرعية بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للهيئة المطعون ضدها المبالغ المحكوم بها في الدعوى الأصلية إلى نص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 432 لسنة 1982 بحلول وزارة المالية محل الهيئة المطعون ضدها في سداد القروض التي حصلت أو تحصل عليها الأخيرة وفوائدها التي تصرف على الأبنية الأساسية اعتبارا من 1/7/1980 في حين أن هذا القرار قد تم تعديله بالقرار الجمهوري رقم 461 لسنة 1987 الصادر في الأول من نوفمبر سنة 1987 الذي نصت مادته الأولى على أن "يستبدل بنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 432 لسنة 1982 المشار إليه النص التالي: وتتخذ الإجراءات اللازمة لتحل وزارة المالية محل الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في سداد القروض المحلية وفوائدها التي حصلت عليها حتى نهاية الخطة الخمسية الأولى في 30/6/1987، والتي صرفت على أعمال البنية الأساسية وأعمال الاستصلاح الداخلي "يدل على أن النطاق الزمني لحلول وزارة المالية- الطاعن بصفته- محل الهيئة المطعون ضدها في سداد القروض المحلية وفوائدها محدد بنهاية الخطة الخمسية الأولى في 30/6/1987 وبشرط أن تكون تلك القروض قد صرفت على أعمال البنية الأساسية وأعمال الاستصلاح الداخلي، وإذ كان القرض محل المطالبة قد منح للهيئة المطعون ضدها في 10/11/2008 أي في تاريخ لاحق على التاريخ المحدد بالقرار رقم 461 لسنة 1987 الذي تسري أحكامه على واقعة التداعي، ومن ثم لا يكون الطاعن بصفته ملزم بالحلول محل الهيئة المطعون ضدها في سداد هذا القرض، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للهيئة المطعون ضدها قيمة القرض وفوائده المحكوم بها عليها في الدعوى الأصلية استنادا إلى حكم القرار الجمهوري رقم 432 لسنة 1982 دون أن يفطن إلى تعديل هذا القرار- على نحو ما سلف- بالقرار 461 لسنة 1987 والذي بموجبه لم يعد الطاعن بصفته ملزم بسداد القرض المطالب به فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يعيبه ويوجب نقضه في خصوص قضائه في الدعوى الفرعية.
وحيث إن الموضوع- في حدود ما تم نقضه- متعين الفصل فيه وفقا لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق