الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 2 فبراير 2023

الطعن 12 لسنة 36 ق جلسة 27 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 أحوال شخصية ق 93 ص 614

جلسة 27 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، وحسين أبو الفتوح الشربيني.

-------------------

(93)
الطعن رقم 12 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "الزواج". "المعاشرة أو المساكنة". "الشهادة على الزواج". إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". "أنواع البينة وشروطها".
العشرة أو المساكنة. عدم اعتبارها وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش. الشهادة على النكاح. شرطها.
(ب) إثبات. "طرق الإثبات". "البينة". "أنواع البينة وشروطها". أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". النسب والنكاح.
الشهادة. شروطها.
النسب والنكاح. جواز الشهادة بالتسامع فيهما. شروط تحمل الشهادة.

---------------
1 - العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش، وإنما نص فقهاء الحنفية على أنه يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه متى اشتهر عنده ذلك بأحد نوعي الشهرة الشرعية الحقيقية أو الحكمية فمن شهد رجلاً وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وشهد لديه رجلان عدلان بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر وقت العقد، وهذا عند الصاحبين أما عند أبي حنيفة فلا يجوز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع إلا إذا اشتهر شهرة حقيقية وهي ما تكون بالتواتر.
2 - الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه - بالعين أو بالسماع - بنفسه واستثنى فقهاء الحنفية من هذا الأصل مواضع - منها بالنسب والنكاح أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحساناً إلا أنهم اختلفوا في شروط تحمل الشهادة بها، فعن أبي حنيفة لا يشهد حتى يسمع ذلك من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار، وعلى هذا إذا "أخبره" رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول لا تحل له الشهادة ما لم يدخل في حد التواتر ويقع في قلبه صدق الخبر. وعند الصاحبين إذا أخبره بذلك رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول يكفي وتحل له الشهادة والفتوى على قولهما، واشترطوا في الإخبار - هنا وعن العدلين - أن يكون بلفظ "أشهد" وبمعنى أن يشهدا عنده بلفظ الشهادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة سهير شوقي محمود الشهيرة "بناهد" قامت الدعوى رقم 151 سنة 1954 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد أحمد الرافعي علي محمد بصفته وصياً على القاصرين آمال ومنير منصور الجبلاوي تطلب الحكم بثبوت وفاة زوجها منصور أمين الجبلاوي وانحصار ميراثه الشرعي فيها وفي ابنه منها عبد المنعم القاصر المشمول بوصايتها مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقالت شرحاً لدعواها إن المرحوم منصور أمين الجبلاوي كان مسيحياً ثم أعتنق الدين الإسلامي بموجب إشهاد صادر من محكمة عابدين الشرعية بتاريخ 9/ 3/ 1942 وكانت له زوجة مسيحية تدعى إحسان عوض سليمان ورزق منها بولدين هما آمال ومنير. ثم طلقها بإشهاد رسمي أمام محكمة مصر الشرعية بتاريخ 9/ 5/ 1942 وتوفى بالمستشفى الإيطالي في 15/ 5/ 1952 وترك ما يورث عنه شرعاً تركة تقدر بمبلغ 36 ألف جنيه وانحصر ميراثه الشرعي فيها باعتبارها زوجته التي بقيت في عصمته إلى تاريخ وفاته وفي ابنه منها عبد المنعم دون شريك ولا وارث سواهما وتستحق الثمن فرضاً ويستحق ابنها باقي التركة تعصيباً أما ولداه آمال ومنير فلا يرثان شرعاً لاختلافهما ديانة مع المورث وإذ امتنع المدعى عليه عن تسليمها أعيان التركة دون حق فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها وبعد إلغاء المحاكم الشرعية أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 572 سنة 1956 وأنكر المدعي عليه نسب الولد عبد المنعم إلى المتوفى كما نفى قيام الزوجية بين المدعية والمتوفى المذكور وأضاف بأنها اصطنعت عقداً لإثبات زوجيتها من المورث وثبت تزويره وقدمت للمحاكمة في القضية رقم 2430 سنة 1953 جنح السيدة وبتاريخ 13/ 1/ 1957 قررت المحكمة وقف السير في الدعوى إلى أن يفصل نهائياً في الجنحة المذكورة وبعد أن تم الفصل فيها جددت المدعية السير في دعواها ضد آمال ومنير ولدي المتوفى لبلوغهما سن الرشد وضد أحمد الرافعي باعتباره واضعاً يده على التركة وقصرت طلباتها على نصيب ابنها عبد المنعم استناداً إلى أن الحكم بتزوير الورقة العرفية الدالة على الزواج لا تأثير له في دعوى النسب التي يصح إثباتها بكافة الطرق. وبتاريخ 25/ 5/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها ومن باب الاحتياط إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات نسب ابنها للمورث وقيد هذا الاستئناف برقم 90 سنة 81 قضائية وبتاريخ 21/ 2/ 1965 حكمت المحكمة حضورياً للمستأنف عليهما الأولى والثاني وغيابياً للمستأنف عليه الثالث بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المستأنفة بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أنها رزقت بالولد عبد المنعم من فراش المرحوم منصور أمين الجبلاوي ولتثبت كذلك بالطرق عينها ردة آمال ومنير منصور أمين الجبلاوي عن دين الإسلام ولينف المستأنف عليهم ذلك بالطرق عينها وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 30/ 1/ 1966 فحكمت حضورياً وفي موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القواعد الشرعية وأخطأ في تطبيقها من وجوه (أولها) أنه لم يعتد بالعشرة كدليل على ثبوت الزوجية في حين أنه من المقرر شرعاً أن العشرة متى ثبتت كانت عشرة الزوجية لا عشرة الصداقة التي لا تقرها الشريعة الإسلامية بحيث إذا رؤى رجل وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وسع كل من رآهما كذلك أن يشهد بالزوجية بينهما وعلى القاضي أن يقبل هذه الشهادة ويقضي بها. والثابت في الدعوى من أقوال الشهود إثباتاً ونفياً أن الطاعنة كانت تعاشر المتوفى في منزله بشارع أحمد بدوي ولا يوجد معهما أحد سواهما وتلك هي العشرة الشرعية التي أرادها الفقه واعتبرها دليلاً على حصول الزوجية. ولا وجه للقول بأن العشرة هي المخالطة الجنسية بين الزوجين إذ أن ذلك من الأسرار التي يحرص الإسلام على إخفائها إخفاء تاماً عن جميع الناس والإسلام في تقريره هذا يرى الواقع ويرتب عليه قواعده وأحكامه لأن الناس كافة وخاصة في المدن لا يكادون يعرفون الزواج بين الزوجين ويدركونه إلا على أنه سكنى الزوجين في مسكن واحد وإذ خالف الحكم هذه القاعدة فإنه يكون باطلاً شرعاً (وثانيها) أنه أهدر أقوال شهود الإثبات استناداً إلى ما قرره من أنه يشترط في الشهادة بالتسامع أن تكون متواترة أو مشهورة وهو تقرير مخالف للقواعد الشرعية ومقتضاها أن علم الشاهد بالزوجية عن طريق السماع يحصل بإخبار اثنين له بها وتقبل شهادته دون حاجة لاشتراط التواتر أو الشهرة وأن النسب حق من حقوق الله سبحانه فتجوز فيه الشهادة حسبة ويثبت بها وإذا ثبت لا يرتفع، والشهادة مظهرة للحكم الثابت لما في النسب من الصالح العام لكل من الناس (وثالثها) أنه اشترط لثبوت النسب ألا يكون الزوج عنيناً أو عقيماً وعول في نفي نسب الولد عبد المنعم على ما شهد به الدكتور يوسف رزق الله من أن مرض المتوفى جعله عنيناً بينما نص الفقه على أن زوجة العنين لو أتت بولد ثبت نسبه (ورابعها) أنه استند في قضائه إلى أقوال الشاهدين يوسف رزق الله وعدلي جرجس في حين أنهما مسيحيان ولا تصح شهادتهما شرعاً على المسلم لا باعتبارها شهادة ولا على أنها قرينة.
وحيث إن هذا السبب مردود في الوجه (الأول) منه بأن العشرة أو المساكنة لا تعتبر وحدها دليلاً شرعياً على قيام الزوجية والفراش وإنما نص فقهاء الحنفية على أنه يحل للشاهد أن يشهد بالنكاح وإن لم يعاينه متى اشتهر عنده ذلك بأحد نوعي الشهرة الشرعية الحقيقية أو الحكمية فمن شهد رجلاً وامرأة يسكنان في موضع أو بينهما انبساط الأزواج وشهد لديه رجلان عدلان بلفظ الشهادة أنها زوجته حل له أن يشهد بالنكاح وإن لم يحضر وقت العقد. وهذا عند الصاحبين أما عند أبي حنيفة فلا يجوز للشاهد أن يشهد على النكاح بالتسامع إلا إذا اشتهر شهرة حقيقية وهي ما تكون بالتواتر؛ إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يعتبر مجرد مساكنة للمتوفى دليلاً على ثبوت النكاح بينهما فإنه لا يكون قد خالف القواعد الشرعية. ومردود في الوجه (الثاني) بأن الأصل في الشهادة أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه بالعين أو بالسماع بنفسه واستثنى فقهاء الحنفية من هذا الأصل مواضع - منها النسب والنكاح - أجازوا فيها الشهادة بالتسامع استحساناً إلا أنهم اختلفوا في شروط تحمل الشهادة بها فعن أبي حنيفة لا يشهد حتى يسمع ذلك من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار وعلى هذا إذا "أخبره" رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول لا تحل له الشهادة ما لم يدخل في حد التواتر ويقع في قلبه صدق الخبر. وعند الصاحبين إذا أخبره بذلك رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول يكفي وتحل له الشهادة والفتوى على قولهما، واشترطوا في الإخبار - هنا وعن العدلين - أن يكون بلفظ "أشهد" وبمعنى أن يشهدا عنده بلفظ الشهادة، إذ كان ذلك وكان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أن "شهادة شهود المستأنفة لا تؤدي بحال إلى إثبات الزوجية والنسب لأنهم جميعاً عدا الأول والثاني سمعوا بالزوجية من المستأنفة أو نقلاً عنها إذ يقرر الشاهد الثالث عبد الفتاح إبراهيم أحمد حسين أن المستأنفة صديقة زوجته وأن بنت خاله المستأنفة هي الأخرى صديقة زوجته وأنه عرف من المستأنفة بوفاة منصور الجبلاوي سنة 1952 على دين الإسلام وعرف من زوجته وهي صديقة المستأنفة أن المستأنفة كانت حاملاً وعرف من بنت خاله المستأنفة أن منصور الجبلاوي متزوج من المستأنفة فأقواله بالنسبة للزوجية والحمل منقولة إما عن الزوجة مباشرة أو عن زوجة الشاهد نقلاً عن المستأنفة أو عن بنت خاله المستأنفة نقلاً عن المستأنفة أيضاً وكذلك الشاهد الرابع ماهر كامل إبراهيم إذ يقرر أن المستأنفة صديقة شقيقته كوثر كامل إبراهيم وأنه عرف بالزوجية والحمل نقلاً عن أخته بحكم صداقتها بالمستأنفة ومعنى ذلك أن المستأنفة هي مصدر العلم بالزوجية والحمل والشاهدتان الخامسة والسادسة تقرران أن مظهر حياة المستأنفة مع المتوفى كان مظهر حياة زوجية وقالت أولاهما أنها تعرف المستأنفة عن طريق بنت خالتها وقالت ثانيتهما أنها كانت تغسل ملابس المستأنفة بأجر وأنها حضرت الولادة فمصدر علم الاثنين هو إما المستأنفة ذاتها أو بنت خالة المستأنفة نقلاً عن المستأنفة أما الشاهدة السابقة من شهود المستأنفة فهي زوجة البواب الذي كان في خدمة المتوفى وطرده قبل وفاته بشهر واحد باعتراف نفس الشاهدة المذكورة فهي موتورة واعترفت بأن مصدر علمها بالحمل هو المستأنفة ذاتها أما الشاهد الأول من شهود المستأنفة فقد قال بأنه سمع بالزوجية من المترددين ولم يحدد هؤلاء المترددين ولم يذكر اسم واحد منهم ولم يبين مناسبة وظروف هذا العلم من المترددين وعبارته عامة لا تدل على شيء فضلاً عن ثبوت الخصومة بينه وبين المستأنف عليهما الأول والثاني بسبب دعوى تخفيض أجر سكنه وطلبه استرداد ما دفعه من زيادة من الأجر والشاهد الثاني من شهود المستأنفة وهو الوحيد من بين الشهود الذي انفرد بالقول بأنه سمع الزوجية من المتوفى فروايته في هذا الخصوص إن صحت لا تثبت زوجية ولا تثبت نسباً لأنه يقرر أنه ذهب لزيارة المتوفى لما علم بوجود زوجته الغضبى لديه وقد ضايقه أن تلجأ زوجته للمتوفى إذ أنها أقحمت على حياتهما الزوجية أجنبياً عنهما وضايقه وأحنقه أن المتوفى رجل موسر وأنه هو رقيق الحال ويقرر أن المتوفى نصحه وأعطاه درساً في الحياة الزوجية ثم نادى على المستأنفة ولما حضرت قدمها إليه على أنها زوجته وقدمت المستأنفة إليه الليموناده كتحية وقال إن هذه هي المرة الوحيدة التي زار فيها المتوفى ومن الغريب أن لا تكون المستأنفة إذا كانت حقاً زوجة المتوفى موجودة مع زوجة الشاهد عند دخول الشاهد، وترى المحكمة أن المتوفى إذا كان قد قدم المستأنفة للشاهد على أنها زوجته فهو قد فعل ذلك ليطمئن الشاهد الغاضب الحانق من لجوء زوجته لأجنبي عن الأسرة ووجودها معه وحدهما عند دخول الشاهد وإلا فكيف يعلل عدم تقديم المتوفى المستأنفة لطبيبه المعالج لمدة سنتين على أنها زوجته مع أن تقديمها للطبيب بصفتها زوجته أمر لازم للعلاج واتباع نظامه ولما لم يقل لوكيل أعماله والذي كان يتردد عليه في فترة مرضه ولصديقه الذي كان يزوره في منزله أثناء مرضه والذي نقله إلى المستشفى في اليوم السابق على وفاته وكلاهما كان يرى المستأنفة في خدمة المتوفى، لماذا لم يقل لها أو لأيهما أنها زوجته وإذا كان من المقرر فقهاً أن النكاح يثبت بالتسامع وكذلك يثبت النسب بالتسامع فإن شهادة شهود المستأنفة ليست شهادة بالتسامع لأن التطبيق الصحيح لقاعدة جواز الشهادة بالتسامع أن يشهد الشاهد بما هو متواتر ومشهور أي أن يكون الشاهد قد سمع بما يشهد به من الناس أو العامة بحيث يقع في نفسه صدق ما سمع به أما الشهادة نقلاً عن التي تدعي النكاح والنسب فهي ليست شهادة تسامع يجوز بها إثبات النكاح والنسب" وإن المستأنفة "قد عجزت عن إثبات زوجيتها بالمتوفى بل قدمت الأدلة على عدم قيام أو وجود تلك الزوجية ومتى انتفت الزوجية انتفى النسب" فإنه لا يكون خالف الراجح من مذهب أبي حنيفة أو أخطأ في تطبيقه. ومردود في الوجهين (الثالث والرابع) بأن الحكم قد أثبت في حدود سلطته الموضوعية عجز الطاعنة عن إقامة الدليل على صحة دعواها وفي ذلك وحده ما يكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن استناده إلى أقوال شهود النفي أو الشهادة الطبية يعتبر تزيداً والنعي عليه فيه غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم التمهيدي الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق استبعد التقارير الطبية الخاصة بالمتوفى استناداً إلى أن مبناها التقدير العلمي فلا ترقى إلى مرتبة اليقين في نفي النسب ثم عاد الحكم المطعون فيه فعول عليها وفي ذلك تناقض بين الحكمين. ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه رجح شهادة النفي على شهادة الإثبات وهذا منه خطأ وفساد في الاستدلال إذ أن مبنى شهادة النفي أن الطاعنة ليست زوجة ولم يعاشرها المتوفى معاشرة الأزواج وإنها كانت خادمة، في حين أن العشرة الزوجية من الأمور الخفية التي لا يمكن معرفتها إلا بالمظهر الخارجي وهو سكناهما معاً في مسكن واحد يضمهما ويغلق عليهما وهذه السكنى ثابتة في الدعوى ومسلمة بين الخصوم ومن ثم فإن القول بعدم الزوجية وأن الطاعنة خادمة للمتوفى هو استدلال فاسد ويتنافى مع القاعدة الشرعية التي تنص على أن من رأى اثنين يتعاشران وسعه أن يشهد بالزوجية بينهما.
وحيث إن النعي في هذين السببين مردود بما سبق الرد به على السبب الأول من أن الحكم مقام في أساسه على عجز الطاعنة عن إثبات دعواها وأن استدلاله بالتقارير الطبية وشهادة النفي هو من قبيل التزيد الذي لا يعيبه الخطأ فيه على فرض حدوث هذا الخطأ.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أنه ساند المطعون عليهم في دفاعهم ضابط الشرطة البير زكي زوج والدة المطعون عليها الأولى والثاني والضابط كمال الجبلاوي ابن أخ المتوفى وآخرون من الأقارب وأن الضابطين سالفي الذكر هما اللذان دبرا جميع الشكاوى الإدارية التي ركن إليها المطعون عليهم ونتيجة لذلك حررت المحاضر وفق مصلحة الخصوم دون عضد أو معين للطاعنة كما أثر تدخل الضابطين على شهود النفي مما يجعل شهادتهم غير مقبولة.
وحيث إن هذا السبب مرددو بأنه جدل يتعلق بتقدير الأدلة مما يستقل به قاضي الدعوى ولا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق