جلسة 15 من نوفمبر سنة 1956
برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد ومحمد عبد الرحمن يوسف وأحمد قوشه ومحمد متولى عتلم المستشارين.
-------------------
(127)
القضية رقم 12 سنة 23 القضائية
(أ) دعوى. رسوم الدعوى.
قيام النزاع بشأن أطيان ليست فى ضواحى المدن. التجاء قلم الكتاب عند تقدير رسوم الدعوى إلى التحرى فى تقديره للاطيان دون إجراء التقدير بمعرفة خبير. الحكم بالغاء قائمة الرسوم المبنية على التحرى. لا خطأ.
(ب) دعوى. رسوم الدعوى. قسمة.
دعوى صحة عقد القسمة ونفاذه. وجوب اشتمال رسمها القدر المبين بالعقد جميعه. القانون رقم 90 سنة 1944.
2 - رسم الدعوى التى ترفع بصحة عقد القسمة ونفاذه يجب أن يكون شاملا للقدر المبين بالعقد جميعه لأن الحكم فى الدعوى يكون قد حسم النزاع بين الشريكين فى هذا القدر بأكمله وذلك وفقا للفقرة الثالثة من المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى - على ما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 134 سنة 1951 كلى الفيوم على خصمه عزيز أبو سيف ابراهيم طلب فيها الحكم بصحة التعاقد عن عقد القسمة الابتدائى المؤرخ فى 12 من نوفمبر سنة 1949 المحرر بينهما والمتضمن اختصاص المطعون عليه بمقدار 30 فدانا و10 قراريط و13 سهما من بين 45 فدان و9 قراريط و10 اسهم الموضحة بذلك العقد. وقضت المحكمة فى 27/ 2/ 1952 بصحة عقد القسمة ونفاذه وألزمته بالمصروفات. وبعد الحكم فى الدعوى قام قلم الكتاب بالتحرى عن طريق رجال الإدارة عن قيمة الأطيان وقدر الرسم المستحق على ضوء ما أسفرت عنه هذه التحريات التى أفادت أن ثمن الفدان 200 جنيه فيكون ثمن الأطيان جميعها 9078 جنيها و820 مليما ويكون الرسم المستحق عنها 191 جنيها و580 مليما يخصم منه بمبلغ 18 جنيها دفعه المطعون عليه عند قيد الدعوى والباقى 173 جنيها و580 مليما استصدر به قلم الكتاب قائمتين الأولى بمبلغ 113 جنيها و760 مليما والثانية بمبلغ 59 جنيها و120 مليما تكملة للقائمة الأولى وتصحيحا لخطأ كان قد وقع فيه قلم الكتاب عند تقديره فى أول الأمر - عارض المطعون عليه فى القائمتين أمام محكمة الفيوم الابتدائية بحجة أن التقدير الوارد بالتحريات الإدارية يزيد كثيرا عن حقيقة ثمن الأطيان مستدلا بعقود شراء هذه الأطيان فقضت المحكمة برفض معارضته استنادا إلى المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم إذ تبيح لقلم الكتاب متى عرف القيمة الحقيقية للأطيان الزراعية تحصيل الرسم على هذه القيمة الزائدة. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه بجدولها برقم 363 سنة 69 ق طالبا تعديل الحكم المستأنف أساس محاسبته على تقدير ثمن نصيبه فى الأطيان بواقع الضريبة المقررة عليها مضروبة فى 60 مثلا وقد أخذت محكمة الاستئناف بوجهة نظر المطعون عليه وقضت بتاريخ 4 من نوفمبر سنة 1952 بإلغاء الحكم المستأنف وبتعديل أمر التقدير بقائمة الرسوم الأولى فى الدعوى رقم 134 سنة 1951 كلى الفيوم إلى مبلغ 44 جنيها و348 مليما وبإلغاء أمر التقدير الثانى واعتباره كأن لم يكن مع إلزام الطاعن بالمصروفات عن الدرجتين. فطعن قلم الكتاب على هذا الحكم بطريق النقض. وبعد أن عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وتقديم النيابة مذكرة برأيها نقض الحكم المطعون فيه أحيل إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة أول نوفمبر سنة 1956.
ومن حيث إن هذا الطعن بنى على سبب واحد يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون من وجهين أولهما - أنه إذ أقام قضاءه على أن مؤدى نصوص البندين الأول والثالث من المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية يفيد التفرقة فى تقدير القيمة بالنسبة للأراضى الزراعية والأراضى الزراعية التى فى ضواحى المدن فتقدر الأولى بحاصل الضريبة فى ستين بينما تقدر الثانية بحسب ما يظهر من التحريات فلا يصح لقلم الكتاب أن يلجأ إلى التحريات عن قيمة الأراضى الزراعية بل يجب أن يكون تقدير قيمتها على أساس الضريبة وحدها فإن هذا الذى انتهى إليه الحكم مخالف للقانون ذلك أن البند رقم 2 فقرة 1 من المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 المشار اليه وضعت قاعدة عامة للتقدير هى تحصيل الرسوم على القيمة الحقيقية للعقارات المتنازع عليها بشرط ألا يقل التقدير بالنسبة للأراضى الزراعية عن الضريبة السنوية مضروبة فى ستين كحد أدنى للتقدير لا يجوز الهبوط به إلى أقل منه. وأما الفقرة رقم 3 من المادة المذكورة فقد أوردت أحكاما لبعض من أنواع العقارات وهى الأراضى المعدة للبناء والمبانى التى لم تربط عليها عوائد وكلاهما لا يكون مربوطا عليه عوائد أو ضرائب تساعد على التقدير فنص المشرع على أن تحصل مبدئيا الضريبة على القيمة التى يوضحها الطالب وبعد التحرى يحصل رسم على الزيادة إن وجدت وأما الأراضى الزراعية فى ضواحى المدن وهى وإن كان مربوطا عليها ضريبة إلا أن قيمتها تكون مرتفعة بسبب قربها من المدن مما يجعل هذه القيمة لو احتسبت على أساس الضريبة وحدها فلا تكون متفقة مع قيمتها الحقيقية فأوجب الشارع عمل التحريات لبيان حقيقة قيمتها وتحصيل الرسم على ما يظهر من زيادة وهذه الفقرة لا حظر فيها من تحصيل رسوم على أساس القيمة الحقيقة كما لا يفيد نصها قصر التحرى على الأطيان الزراعية المجاورة للمدن دون غيرها من الأراضى الزراعية الأخرى البعيدة عنها يؤيد ذلك أن الفقرة الأخيرة من المادة 75 المشار إليها قد أباحت لقلم الكتاب فى جميع الأحوال الاستعانة بخبير التقدير قيمة العقارات الحقيقية مما يدل بوضوح على أن العبرة بالقيمة الحقيقية للعقار لا بقيمته على أساس الضريبة التى لا تعدو أن تكون وسيلة من وسائل التقدير كحد أدنى وأما الوجه الثانى - فإن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المطعون عليه طلب فى دعواه صحة ونفاذ عقده ولم يطلب قسمة حصته فيجب تكييف دعواه بحسب طلبه فيها وتقدير رسومها وفقا للفقرة الثالثة من المادة 75 المشار إليها أى بحسب نصيبه فى الأرض المقتسمة فى ذلك العقد وهذا خطأ لأن دعاوى طلب الحكم بصحة العقد أو إبطاله أو فسخه تقدر قيمتها بقيمة الشئ المتنازع فيه والدعوى المتنازع على رسومها دعوى صحة ونفاذ عقد قسمة عن 45 ف و9 ط و11 س بين شريكين والشئ المتنازع فيه بينهما هو الأطيان برمتها لا نصيب شريك منهما ولأن النزاع فى حصة كل شريك شائعا فى القدر كله يعنى المساس بالقدر جميعه والحكم فى الدعوى سوف ينتج أثره بالنسبة للقدر جميعه مما كان يستتبع تقدير الرسوم على العقد بأكمله لا فى جزء منه وهو ما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن هذا النعى مردود فى شطره الأول بأن المشرع إذ نص فى المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية على تحصيل الرسوم "على قيم العقارات... فإذا لم توضح هذه القيم أو توضحت وكانت فى نظر قلم الكتاب أقل من قيمتها الحقيقية قدرها الأخير مع مراعاة ما يأتى: 1 - ألا تقل قيمة الأطيان الزراعية عن الضريبة السنوية مضروبة فى ستين"... إنما قصد أن يكون المناط فى تحصيل الرسوم للقيمة الحقيقية للعقار وبشرط ألا تقل هذه القيمة عن الضريبة السنوية مضروبة فى ستين أى أنه راعى وجوب اتخاذ الضريبة السنوية كحد أدنى للتقدير لا يجوز النزول عنه إلى أقل منه فيما لو ظهر أن القيمة الحقيقة أقل من الضريبة مضروبة فى ستين كما لا يمنع ذلك من تحصيل رسم أزيد إذا ظهرت زيادة القيمة عن حد الضريبة من واقع تقدير صاحب الشأن نفسه باعتبار أن ذلك أرجح لصالح الخزانة. وقد رسم المشرع طريق التعرف على القيمة الحقيقية بأن خول قلم الكتاب فى جميع الأحوال بعد موافقة النيابة طلب التقدير بمعرفة خبير ولا يجوز الطعن فى تقديره كما خوله حق إجراء التحرى عن القيمة الحقيقية فى شأن الأراضى المعدة للبناء أو المبنية التى لم تربط عليها عوائد وكذا الأراضى الزراعية التى فى ضواحى المدن بعد أن أباح له تحصيل الرسم مبدئيا على ما يوضحه الطالب بشأنها وفقا للبند الثالث من الفقرة الثانية من المادة 75 من القانون رقم 90 سنة 1944 المشار إليه والنص على التحرى فى هذا الخصوص يعتبر استثناء من الأصل الذى قرره المشرع كوسيلة أصلية للتقدير وهو التقدير بمعرفة خبير تتوافر معه الضمانات الفنية بما يكفل سلامة هذا التقدير ولعله روعى فى إباحة التحرى فى هذا الصدد أن هذا النوع من الأراضى بسبب قربه من المدن - تكون قيمته الحقيقية أزيد من قيمته محتسبة على أساس الضريبة المقررة وهو ما رئى إمكان تحقيقه عن طريق التحرى وحصره فى هذا النطاق المحدود - فإذا كان الثابت من الأوراق أن قلم الكتاب لجأ فى تقديره - للأطيان موضوع النزاع - وهى ليست فى ضواحى المدينة - إلى التحرى ولم يشأ أن يطلب التقدير بمعرفة خبير وكان الحكم المطعون فيه قد ألغى قائمة الرسوم المبنية على أساس هذه التحريات فلا يكون قد خالف القانون وإذا كان الحكم لم يخطئ فى تطبيق القانون فى هذا الصدد فإنه أخطأ إذ قضى بوجوب قصر تحصيل الرسوم على نصيب المطعون عليه فى الأرض المقتسمة المبينة بالعقد محل النزاع حسب تكييفه لدعواه وطلبه فيها على اعتبار أن هذه الحصة هى وحدها المتنازع بشأنها - ذلك لأن طلب الحكم بصحة عقد القسمة ونفاذه باختصاص المطعون عليه بنصيبه مؤاده أن فرز وتجنيب حصة المطعون عليه التى تم التراضى على فرزها بذلك العقد ينبنى عليه حتما فرز حصة الشريك الآخر أى أن النزاع شمل القدر المقتسم بأكمله وأن الحكم الذى صدر قد حسم النزاع بين الشريكين فى شأن الأطيان موضوع العقد جميعها لا حصة شريك بمفرده مما يستتبع أن يكون الرسم شاملا للقدر المبين بالعقد جميعه وفقا للفقرة الثالثة من المادة 75 المشار إليها وهو ما يتعين معه نقض الحكم نقضا جزئيا فى هذا الخصوص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق