جلسة 5 من يناير سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة،
وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد،
ومحمد أسعد محمود.
----------------
(2)
الطعن
رقم 268 لسنة 36 القضائية
(أ ) حكر "تقدير أجرة الحكر" إيجار. قانون.
أجرة الحكر عند طلب
تصقيعه تقدر بأجرة المثل، وباعتبار أن الأرض المحكرة خالية من البناء. إقامة
المحتكر بناء على الأرض لا أثر له. نبذ المشرع نظرية "النسبة" بين أجرة
الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض". حكر.
تقرير الحكم في أسبابه
أنه يأخذ بأجرة المثل في تقدير أجرة الحكر. استناده من بعد في تقدير أجرة الحكر
إلى تقرير خبير لم يلتزم هذه القاعدة الصحيحة وأخذ بنظرية "النسبة"
تناقض.
---------------
1 - القاعدة الصحيحة الواجبة الاتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب
تصقيعه هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أخذاً من المبادئ الشرعية
أن يكون التقدير على اعتبار أن الأرض المحكرة حرة خالية من البناء، وأن لا يلاحظ
فيه سوى حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها، وأن يصرف النظر عن
التحسين اللاحق بذات الأرض وبصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر، وأن لا
يكون لحق البناء والقرار الذي للمحتكر تأثيره في التقدير، وأنه لا محل للأخذ
بنظرية "النسبة" التي تقضي بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت
التحكير وقيمة الأرض في ذلك الوقت، إذ لا أصل لها في الشريعة الإسلامية، وأن أجرة
الحكر يجب أن تكون دائماً هي أجرة المثل. وقد أخذ المشرع بهذه القاعدة وقننها في
المادة 1005 من القانون المدني.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أنه يأخذ بأجرة
المثل في تقدير أجرة الحكر، كما أورد أيضاً أنه يقدر مقابل الانتفاع بأرض النزاع
عن المدة اللاحقة على تاريخ إنهاء الحكر بتلك الأجرة كذلك، وكان تقرير الخبير الذي
استند إليه الحكم في تقدير أجرة الحكر لم يلتزم قاعدة أجرة المثل، بل أخذ بنظرية
النسبة، ولم تراع فيه الأسس الصحيحة لتقدير أجرة المثل، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأوقاف -
المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 1713 سنة 1950 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد
الطاعن طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 780 مليماً أجرة الحكر المتأخرة
عن السنوات من سنة 1947 إلى سنة 1949 وبجعل أجرة الحكر مبلغ 153 جنيهاً، 806
مليمات سنوياً ابتداء من سنة 1950 مع إلزام الطاعن بأن يدفع لها هذا المبلغ سنوياً
حتى آخر فبراير سنة 1955، وبأن يدفع لها مقابل الانتفاع بهذه الأرض بواقع 205
جنيهات، 75 مليماً سنوياً ابتداءً من أول مارس سنة 1955 وهو تاريخ إنهاء هذا الحكر
بموجب القرار الوزاري رقم 95 لسنة 1955 وما يستجد بعد ذلك حتى صدور الحكم في
إجراءات البيع الاختياري، وقالت شرحاً لدعواها إن لوقف سيدي جابر المشمول بنظرها
قطعة أرض مساحتها 854.48 ذراعاً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى محكرة
للطاعن بأجرة سنوية قدرها 260 مليماً، ولما كان الحكر يتغير بتغير الصقع والزمان
فقد قدر قومسيون الوزارة الأجرة السنوية لهذا الحكر بمبلغ 153.806 جنيه. وإذ لم
يدفع الطاعن أجرة الحكر المتأخرة عن المدة من سنة 1947 إلى سنة 1949، كما أنه
مسئول عن دفع أجرة الحكر بواقع 153.806 جنيه ابتداءً من سنة 1950 حتى آخر فبراير
سنة 1955 تاريخ إنهاء الحكر بموجب القرار الوزاري رقم 95 لسنة 1955، ومسئول أيضاً
عن مقابل الانتفاع بهذه الأرض بعد ذلك التاريخ حتى صدور الحكم في إجراءات البيع
الاختياري، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 12/ 1/ 1960 حكمت محكمة أول
درجة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لمعاينة الأرض موضوع النزاع وتقدير أجرة تحكيرها
من سنة 1950 مراعياً في ذلك ما لتلك الأرض من قيمة إيجارية في ذلك الوقت وصقعها
ورغبات الناس فيها بغض النظر عما قد يوجد فيها من بناء أو غراس ودون اعتبار لما
أحدثه الطاعن فيها أو في صقع الجهة من تحسين أو إتلاف، ودون تأثر بما له عليها من
حق القرار مع تقدير غلة هذه الأرض من تاريخ صدور القرار الوزاري رقم 95 لسنة 1955
بإنهاء تحكيرها. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 23/ 1/ 1962
بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها مبلغ 780 مليماً أجرة الحكر المتأخرة من
سنة 1947 إلى سنة 1949 وباعتبار أجرة الحكر مبلغ 43.724 جنيه سنوياً عن المدة من
سنة 1950 حتى آخر فبراير سنة 1955 وبإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها مبلغ
220.740 جنيه أجرة الحكر عن تلك المدة، وبأن يدفع لها مبلغ 350.338 جنيه مقابل
الانتفاع بأرض النزاع عن المدة من مارس سنة 1955 حتى آخر ديسمبر سنة 1961 ورفضت ما
عدا ذلك من الطلبات. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 402 سنة 18 ق
مدني الإسكندرية. وبتاريخ 22/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام
الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها مبلغ 794.660 جنيه أجرة الحكر عن الأرض المحكرة
عن المدة من سنة 1950 حتى آخر فبراير سنة 1955ومبلغ 1051 جنيهاً مقابل انتفاعه
بتلك الأرض في المدة من أول مارس سنة 1955 حتى آخر ديسمبر سنة 1961 وبتأييد الحكم
فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي
بيان ذلك يقول إن الحكم استند في تقدير أجرة المثل للأرض موضوع النزاع إلى تقرير
خبير مقدم في الدعوى رقم 982 سنة 1951 الإسكندرية الابتدائية بتقدير أجرة الحكر عن
أرض مجاورة لأرض النزاع، في حين أن هذا الخبير أخذ في تقريره بنظرية
"النسبة" التي تقضي بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير
وقيمة الأرض في ذلك الوقت، مخالفاً بذلك ما تقرره المادة 1005 من القانون المدني
من أن أجرة الحكم يجب أن تكون هي أجرة المثل، وفي حين أن الحكم الصادر في تلك
الدعوى قد نقض وأن محكمة الاستئناف بعد أن أحيلت إليها الدعوى استبعدت تقرير
الخبير المشار إليه وعينت خبيراً آخر لتقدير أجرة المثل على هدى الأسس التي وضعتها
المادة سالفة البيان، مما لا يجوز معه للحكم المطعون فيه أن يستند إلى التقرير
المذكور.
وحيث إن هذا النعي صحيح،
ذلك أنه لما كانت القاعدة الصحيحة الواجبة الإتباع في تقدير أجرة الحكر عند طلب
تصقيعه هي - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أخذاً من المبادئ الشرعية أن يكون
التقدير على اعتبار أن الأرض المحكرة حرة خالية من البناء، وأن لا يلاحظ فيه سوى
حالة الصقع الذي فيه الأرض المحكرة ورغبات الناس فيها، وأن يصرف النظر عن التحسين
اللاحق بذات الأرض وصقع الجهة بسبب البناء الذي أقامه المحتكر، وأن لا يكون لحق
البناء والقرار الذي للمحتكر تأثيره في التقدير، وأنه لا محل للأخذ بنظرية
"النسبة" التي تقضي بالمحافظة على النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير
وقيمة الأرض في ذلك الوقت إذ لا أصل لها في الشريعة الإسلامية. وأن أجرة الحكر يجب
أن تكون دائماً هي أجرة المثل، وقد أخذ المشرع بهذه القاعدة وقننها بما نص عليه في
المادة 1005 من القانون المدني من أنه "يرجع في تقدير الزيادة أو النقص إلى
ما للأرض من قيمة إيجاريه وقت التقدير ويراعى في ذلك صقع الأرض ورغبات الناس فيها
بغض النظر عما يوجد فيها من بناء أو غراس ودون اعتبار لما أحدثه المحتكر فيها من
تحسين أو إتلاف في ذات الأرض أو في صقع الجهة ودون تأثر بما للمحتكر على الأرض من
حق القرار"، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قدر أجرة الحكر عن الأرض
موضوع الدعوى في المدة من أول سنة 1950 إلى آخر فبراير سنة 1955 - تاريخ إنهاء
الحكر - بواقع 150 مليماً سنوياً للذراع المربع باعتبار أنه أجرة المثل لهذه
العين، واستند الحكم في هذا الخصوص إلى تقرير خبير مقدم في الدعوى رقم 982 سنة
1951 الإسكندرية الابتدائية عن أرض مجاورة لأرض النزاع، وإذ يبين الحكم الابتدائي
الصادر في الدعوى الحالية أنه رفض الأخذ في تقدير أجرة الحكر بتقرير الخبير المشار
إليه لأنه تم على أساس مراعاة النسبة بين أجرة الحكر وقت التحكير وقيمة الأرض في
ذلك الوقت، وكان الثابت أن محكمة الاستئناف بعد نقض الحكم الصادر في الدعوى الأخرى
وإحالتها إليها قد رفضت الأخذ بتقرير الخبير المذكور وأصدرت حكماً بتاريخ 3/ 2/ 1964
صرحت فيها "أنها لا تساير محكمة أول درجة فيما رسمته للخبير في حكمها الصادر
بجلسة 28/ 6/ 1953 من تقدير أجرة الحكر على أساس نظرية "النسبة" ثم ندبت
محكمة الاستئناف المشار إليها خبيراً آخر لتقدير أجرة الحكر في تلك الدعوى طبقاً
للأسس التي أوردتها المادة 1005 من القانون المدني سالفة الذكر، وكان مفاد ما تقدم
أن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه أنه يأخذ بأجرة المثل في تقدير أجرة الحكر عن
المدة المشار إليها إلا أن تقرير الخبير المقدم في الدعوى رقم 982 سنة 1951
الإسكندرية الابتدائية والذي استند إليه الحكم في التقدير لم يلتزم هذه القاعدة
الصحيحة، بل أخذ بنظرية النسبة التي رفض المشرع أن يأخذ بها في التقنين المدني على
ما سلف بيانه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قرر أيضاً أنه يقدر مقابل
الانتفاع بأرض النزاع عن المدة من أول مارس سنة 1955 وهو تاريخ إنهاء الحكر حتى
آخر ديسمبر سنة 1961، بواقع 150 مليماً سنوياً للذارع المربع باعتبار أنه أجرة
المثل لتلك الأرض، وكان هذا التقرير على ما سلف بيانه لم تراع فيه الأسس الصحيحة
لتقدير أجرة المثل. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ في تقدير أجرة
الحكر ومقابل الانتفاع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى الأخرى سالفة الذكر، فإنه
يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
(1) نقض 16/ 4/ 1964 مجموعة
المكتب الفني. السنة 15. ص 556.
نقض 27/ 1/ 1970 مجموعة
المكتب الفني. السنة 21. ص 202.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق