الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 يناير 2025

الطعن 408 لسنة 40 ق جلسة 8 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 295 ص 1572

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار أحمد فتحي مرسي، وعضوية السادة المستشارين: محمد صالح أبو راس، وحافظ رفقي، وعبد اللطيف المراغي، وجميل الزيني.

-------------------

(295)
الطعن رقم 408 لسنة 40 القضائية

(1) تزوير. حكم. استئناف.
النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه بالتزوير. وجوب أن يتم قبل صدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير. علة ذلك. عدم قبول استئناف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإلغائه وإنهاء الإجراءات.
(2) بيع "البيع بالمزاد". التزام "سبب الالتزام". إثبات "الإثبات بالبينة". نظام عام.
الاتفاق على التخلي عن الاشتراك في المزايدة في البيوع الاختيارية. لا مخالفة فيه للنظام العام.. رفض طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات ذلك الاتفاق استناداً إلى مخالفته للنظام العام. خطأ.

-----------------
1 - مفاد نص المادة 57 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 289 من قانون المرافعات السابق أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الادعاء بالتزوير، أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل، وإذن فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون عليه إلا بعد صدور الحكم الابتدائي برد وبطلان ذلك المحرر، فليس له أن ينعى على المحكمة الابتدائية عدم قضائها بإنهاء الإجراءات كما ليس له أن يستأنف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإلغائه وإنهاء الإجراءات - استناداً إلى نزوله عن الورقة المطعون عليها - بعد صدوره.
2 - ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري طالما أن حرية التزايد متاحة لغيره من الراغبين في الاشتراك في المزاد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إجابة الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات اتفاقه مع المطعون ضده على عدم التقدم لمزاد بيع الأرز موضوع الدعوى على أن يبيعه المطعون ضده كمية من الأرز التي يرسو مزادها عليه استنادا إلى أن هذا الاتفاق مخالف للنظام العام لأنه يحد من حرية المزايدة مما يجعل إثباته بالبينة غير جائز قانوناً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 764 سنة 1965 تجاري كلي طنطا طلب فيها القضاء بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 29/ 6/ 1965 وتسليم الطاعن الأرز موضوع العقد، وأسس دعواه على أنه بموجب عقد تاريخه 29/ 6/ 1965 اتفق المطعون ضده على أن يبيعه هذا الأخير 3823 أردباً من الأرز الشعير بثمن قدره 6919 ج و630 م وذلك بعد أن رسا مزاد بيع هذه الكمية من وزارة الزراعة على المطعون ضده، ولكن المطعون ضده امتنع عن تسليمه الأرز المبيع وشرع في تهريبه رغم أنه تسلم منه مبلغ 993 ج كعربون للصفقة. طعن المطعون ضده بالتزوير في عقد الاتفاق المقدم من الطاعن والمؤرخ 29/ 6/ 1965، ومحكمة طنطا الابتدائية قضت في 17/ 11/ 1966 في موضوع الإدعاء بالتزوير برد وبطلان هذا العقد، وحددت لنظر الموضوع جلسة 22/ 12/ 1966، وفيها نزل الطاعن عن التمسك بالعقد موضوع الطعن، وبعد أن أحيلت الدعوى لمحكمة دمياط الابتدائية للاختصاص وقيدت برقم 6 سنة 1968 تجاري كلي دمياط، قضت تلك المحكمة في 19/ 1/ 1969 برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 20 سنة 21 تجاري ق ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 14/ 3/ 1970 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه قرر بعد صدور حكم محكمة الدرجة الأولى برد وبطلان العقد المؤرخ 29/ 6/ 1965 بنزوله عن التمسك بهذا العقد، وقد أشار إلى ذلك الحكم الابتدائي الصادر برفض الدعوى، كما أكد الطاعن أمام محكمة الاستئناف نزوله عن التمسك بهذا العقد وطلب صراحة إلغاء الحكم الابتدائي القاضي برد وبطلان هذا العقد وإنهاء إجراءات التزوير إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر في موضوع الدعوى دون أن ينهي إجراءات التزوير مخالفاً بذلك نص المادة 57 من قانون الإثبات التي توجب إنهاء إجراءات الإدعاء بالتزوير متى نزل المدعى عليه بالتزوير عن التمسك بالمحرر المطعون عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 57 من قانون الإثبات المقابلة للمادة 289 من قانون المرافعات السابق على أن "للمدعى عليه بالتزوير إنهاء إجراءات الإدعاء في أية حالة كانت عليها بنزوله عن التمسك بالمحرر المطعون فيه"، فإن مفاد هذا النص أن النزول عن التمسك بالمحرر المطعون فيه وما يترتب عليه من إنهاء الإجراءات ينبغي أن يتم قبل أن تنتهي هذه الإجراءات بصدور الحكم الفاصل في الإدعاء بالتزوير، أما بعد صدور هذا الحكم فلا وجه لإنهاء إجراءات قد انتهت بالفعل فمتى كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم ينزل عن التمسك بالمحرر المطعون عليه إلا بعد صدور الحكم الابتدائي برد وبطلان ذلك المحرر، فليس له أن ينعى على المحكمة الابتدائية عدم قضائها بإنهاء الإجراءات، كما ليس له أن يستأنف ذلك الحكم لمجرد القضاء بإنهاء الإجراءات استناداً إلى نزوله عن الورقة المطعون عليها بعد صدوره، ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات الاتفاق الذي تم بينه وبين المطعون ضده على ألا يزايد أحدهما على الآخر في مزاد بيع الأرز الذي أجرته وزارة الزراعة على أن يشتري الطاعن كمية الأرز التي يرسو مزادها على المطعون ضده، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الاستجابة إلى هذا الطلب بمقولة أن هذا الاتفاق يخالف النظام العام لأنه يعطل حرية المزايدة، وهو من الحكم خطأ في القانون لأن هذا الاتفاق ليس من شأنه أن يحد من حرية المزايدين العديدين الذين اشتركوا في المزاد وتزايدوا على الصفقة.
وحيث إن هذا النعي في محله، إذ ليس في القانون ما يمنع من الاتفاق على أن يتخلى أي شخص بإرادته واختياره عن الاشتراك في المزايدة في بيع اختياري طالما أن حرية التزايد متاحة لغيره من الراغبين في الاشتراك في المزاد، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إجابة الطاعن إلى طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات اتفاقه مع المطعون ضده على عدم التقدم لمزاد بيع الأرز موضوع الدعوى على أن يبيعه المطعون ضده كمية الأرز التي يرسو مزادها عليه استناداً إلى أن هذا الاتفاق مخالف للنظام العام لأنه يحد من حرية المزايدة مما يجعل إثباته بالبينة غير جائز قانوناً، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 519 لسنة 26 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 63 ص 358

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد وجمال السيد دحروج وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

---------------

(63)

الطعن رقم 519 لسنة 26 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - المخالفات التأديبية.
المادة 74 من القانونين رقمي 58 لسنة 1971 و47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - إذا انقطع العامل عن عمله فلا يستحق أجراً عن مدة انقطاعه - أساس ذلك: قاعدة الأجر مقابل العمل - لا يعتبر الحرمان من الأجر عقوبة تأديبية وبالتالي يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبياً - أساس ذلك: الحرمان من الأجر سببه عدم أداء العمل والمساءلة التأديبية سببها إخلاله بسير المرفق - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة – المخالفات التأديبية.
المادة 74 من القانونين رقمي 58 لسنة 1971 و47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة - المشرع أجاز للسلطة المختصة أن تصرف للعامل أجره عن مدة الانقطاع على أن تحسب هذه المدة من إجازاته - للجهة الإدارية أن تحدد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة - الأثر المترتب على ذلك: يتعين على العامل أن يؤدي الواجبات المنوطة به في هذه الأيام وخلال المواقيت المحددة - إذا انقطع العامل عن العمل خلال هذه الأيام أو تلك المواقيت فإنه لا يستحق أجراً عن فترة انقطاعه سواء كانت هذه المدة أياماً أو ساعات ويجوز حساب هذه المدد من إجازاته - الأثر المترتب على ذلك: إذا وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مؤداها حساب فترات التأخير عن مواعيد العمل المحددة أو الانصراف قبل انتهاء هذه المواعيد خصماً من الإجازات المستحقة للموظف فإن هذه القواعد تجد سندها من نصوص القانون ولا يعتبر تطبيق هذه القواعد جزاءات تأديبية تحول دون المساءلة التأديبية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 من فبراير سنة 1980 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الصحة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 519 لسنة 26 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للصحة والإسكان بجلسة 26 من ديسمبر سنة 1979 في الدعوى رقم 8 لسنة 12 القضائية المرفوعة من...... ضد وزير الصحة والذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 بمجازاة الطاعن بخصم أربعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الصحة بمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة.
وطلب الطاعن للأسباب التي بينها في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه محل الطعن، ورفض دعوى المطعون ضده.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن الأصلي رقم 8 لسنة 12 قضائية.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من مايو سنة 1984 فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 24 من أكتوبر سنة 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1977 أقام السيد........ الدعوى رقم 8 لسنة 12 القضائية ضد وزير الصحة أمام المحكمة الإدارية للصحة والإسكان طلب فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر بمجازاته بخصم أربعة أيام من راتبه قي قضية النيابة الإدارية رقم 9 لسنة 1977.
وشرح دعواه بأنه صدر قرار الإدارة العامة لتخطيط البرامج والمشروعات بوزارة الصحة متضمناً بمجازاته بالخصم من راتبه لمدة أربعة أيام في قضية النيابة الإدارية رقم 9 لسنة 1977، وقد شاب التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية قصور متعمد ذلك أن طرف الخصومة الآخر في هذه القضية وهو الدكتور......... مدير عام الإدارة العامة لتخطيط البرامج والمشروعات قد سبه بحضور المهندس مدير إدارة متابعة المشروعات السيد......... وباقي موظفي وموظفات الإدارة كما أن الدكتور........ قدم مذكر إلى السيد وكيل أول الوزارة ضمنها وصفه فيها بأنه "بلطجي ويفرض البلطجة على زملائه بالإدارة" وترتب على ذلك أن نقله وكيل أول الوزارة من إدارة التخطيط إلى إدارة السكرتارية، وكذلك قام الدكتور......... بإصدار أمر شفوي بمنعه من التوقيع بدفتر الحضور والانصراف دون أن يكون هناك قار بنقله حتى إذا انقضت خمسة عشر يوماً على عدم توقيعه أصدرت الجهة الإدارية قراراً بفصله.
وقد ردت وزارة الصحة على الدعوى المشار إليها بمذكرة تضمنت أن القرار المطعون فيه صدر مستنداً إلى الأسباب الآتية:
1 - أنه دأب من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 تاريخ نقله إلى إدارة السكرتارية على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف قبل هذا الميعاد بساعة.
2 - نزع بالقوة دفتر الحضور والانصراف من السيد......... الموظف بإدارة التخطيط في حين أنه نقل إلى إدارة السكرتارية.
3 - لم يتحر الدقة في شكواه ضد السيد الدكتور........ بأن ضمنها ألفاظاً غير لائقة.
وبجلسة 26 من ديسمبر سنة 1979 أصدرت المحكمة حكمها القاضي بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 بمجازاة الطاعن بخصم أربعة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام وزارة الصحة بمبلغ خمسة جنيهات أتعاب المحاماة.
وقد شيدت المحكمة قضاءها على أنه بالنسبة للمخالفة الأولى وهي أن العامل المذكور داوم اعتباراً من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف مبكراً لمدة ساعة، فالثابت من الأوراق أن الوزارة أصدرت في 18 من نوفمبر سنة 1976 القرار رقم 11 لسنة 76 متضمناً خصم أربعة أيام من الإجازات الاعتيادية للعامل المذكور عن هذه التأخيرات وهذا القرار صدر مخالفاً للقانون لأن خصم جزء من الإجازات المستحقة للعامل يعتبر عقوبة تأديبية غير مشروعة لخروجها عن حدود الجزاءات التي عددها المشرع على سبيل الحصر، وعلى مقتضى ذلك فإن الوزارة وقد عاقبت العامل المذكور بتلك العقوبة غير المشروعة، فإنه لا يجوز لها أن تحاسبه مرة أخرى عن هذه المخالفات بإدخالها كأحد أسباب القرار المطعون فيه لما في ذلك من توقيع عقوبتين عن الفعل الواحد وهو ما لا يجوز قانوناً.
وبالنسبة للمخالفة الثانية وهي ما نسب إلى العامل المذكور من أنه نزع دفتر الحضور والانصراف من السيد........ والتوقيع فيه بالقوة يوم 2 من أكتوبر سنة 1976، فإن الثابت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن أن السيد........ قرر أن العامل المذكور نقل من إدارة التخطيط إلى إدارة السكرتارية اعتباراً من 23 سبتمبر سنة 1979 وقد أشر مدير إدارة التخطيط بإخلاء طرفه وشطب اسمه من دفتر الحضور والانصراف، وقد حضر العامل المذكور يوم 2 من أكتوبر سنة 1976 وطلب التوقيع فأخبره بنقله إلى إدارة السكرتارية فرفض تنفيذ النقل وشد الدفتر ووقع فيه، ولما كان العامل المذكور لم يخطر بقرار نقله وبالتالي فهو يعد من عداد العاملين بالإدارة المنقول منها وله حق التوقيع بدفتر الحضور بها ويكون منعه من ذلك دون أن يخطر بالقرار الصادر بنقله هو المخالف للقانون والقواعد السليمة في حسن سير العمل.
وبالنسبة للمخالفة الثالثة وهي تجاوز العامل المذكور حق الشكوى بأن ضمن شكواه قيام الدكتور........ بالتعدي عليه وتوجيه ألفاظ غير لائقة إليه، فإنه بالاطلاع على الشكوى المقدمة من العامل المذكور المؤرخة 23 من سبتمبر سنة 1976 يبين أن الطاعن لم يتجاوز فيها حدود ومقتضيات الشكوى إلى التطاول على رؤسائه أو المساس بهم بل كل ما ورد في تلك الشكوى أن العامل المذكور يشكو من أن الدكتور...... وجه إليه ألفاظاً نابية وقبيحة أوردها في هذه الشكوى، ولم يتعد ذلك إلى المساس بالدكتور المذكور أو التطاول عليه, ولم يثبت من التحقيق الذي أجري في هذا الشأن عدم صحة ما ذكره العامل المذكور.
وخلصت المحكمة التأديبية في حكمها المطعون فيه أنه وقد تبين أن المخالفة الأولى المنسوبة للعامل المذكور، سبق أن جوزي عنها مما لا يجوز معه إعادة مجازاته، كذلك ثبت لديها عدم ثبوت المخالفتين الثانية والثالثة في حق العامل المذكور، ومن ثم فإن القرار الصادر بخصم أربعة أيام من راتبه يكون قد صدر فاقداً لركن السبب وجاء باطلاً ومخالفاً للقانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية:
بالنسبة للمخالفة الأولى، فإن ما ذهب إليه الحكم من أن خصم أربعة أيام من إجارة العامل المذكور يعتبر عقوبة تأديبية مقنعة تخالف صحيح حكم القانون ذلك أن العامل لا يستحق أجراً عن فترات انقطاعه طبقاً لقاعدة الأجر مقابل العمل ومن ثم إذا أمكن حساب فترات الانقطاع طبقاً للقاعدة التي تضعها الجهة الإدارية فإن العامل لا يستحق أجراً عن هذه الفترات وإذ أجاز قانون العاملين احتساب فترة الانقطاع من الإجازات المستحقة للعامل فإن خصم أربعة أيام من الإجازات المستحقة للعامل المذكور لا يعتبر عقوبة مقنعة كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه ولا يخل بحق الجهة الإدارية في مساءلته إدارياً.
وبالنسبة للمخالفة الثانية فلقد أخطأ الحكم المطعون فيه، إذ ذهب إلى عدم صحة هذه المخالفة لعدم علم العامل المذكور بقرار النقل، فالثابت أن الموظف المختص أخطره بهذا القرار ومن ثم كان يتعين عليه أن يتوجه إلى الإدارة المنقول إليها ويوقع بدفاترها دون أن يسلك هذا الطريق غير السوي.
وبالنسبة للمخالفة الثالثة فقد بينت من التحقيقات تجاوز العامل المذكور حق الشكوى إذ الثابت أن المذكور نسب إلى الدكتور/ ........ أنه وجه إليه ألفاظاً نابية ثبت عدم صدورها من المشكو في حقه، وقد قصد العامل المذكور بإيراد الألفاظ النابية ونسبتها لرئيسه الإساءة إليه والحط من قدره مما يعد تجاوزاً لحق الشكوى.
وانتهى الطاعن في تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى إلغاء قرار الجزاء رغم قيامه على أسباب تبرره يكون قد خالف القانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق والتحقيقات أنه نسبت إلى العامل المذكور مخالفات ثلاث الأولى هي أنه دأب اعتباراً من أول يوليه سنة 1976 حتى 2 من أكتوبر سنة 1976 على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية لمدة ساعة والانصراف مبكراً مدة ساعة، ولقد أصدرت الوزارة القرار رقم 11 لسنة 1976، في 18 من نوفمبر سنة 1976 بخصم أربعة أيام من الإجازات الاعتيادية المستحقة له، وارتكنت الوزارة في القرار الصادر في 31 من أغسطس سنة 1977 (المطعون عليه) إلى هذه المخالفة كسبب من أسباب هذا القرار.
ومن حيث إن المادة 74 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "إذا انقطع العامل من عمله يحرم من أجره عن مدة غيابه وذلك مع عدم الإخلال بالمسئولية التأديبية.
ويجوز للسلطة المختصة أن تقرر حساب مدة الانقطاع من إجازاته ومنحه أجره إذا كان له رصيد منها يسمح بذلك".
وقد أورد القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون العاملين المدنيين بالدولة والمعمول به اعتباراً من أول يوليه سنة 1978 الحكم المشار إليه في المادة 74 منه.
ومن حيث إن مفاد ذلك النص أن القاعدة هي أن الأجر مقابل العمل، وإذ لم يؤد العامل عملاً خلال مدة انقطاعه فإنه من الطبيعي ألا يستحق أجراً، وإلا كان ذلك إثراء له بلا سبب على حساب الدولة، وهو ما لا يجوز، وترتيباً على ذلك فلا يعتبر حرمانه من الأجر عقوبة تأديبية وبالتالي يجوز الجمع بينه وبين مساءلته تأديبياً فحرمانه من الأجر سببه عدم أدائه عملاً لانقطاعه عن العمل ومساءلته تأديبياً سببها إخلاله بسير العمل بالمرافق. وإذ كانت هذه هي القاعدة إلا أن المشرع أجاز أن يصرف للعامل أجره عن مدة الانقطاع على أن تحتسب هذه المدة من إجازاته.
ومن حيث إنه متى كان للجهة الإدارية أن تحدد أيام العمل في الأسبوع ومواقيته وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة فإنه يتعين على العامل أن يؤدي الواجبات المنوطة به في هذه الأيام وخلال المواقيت المحددة فإن انقطع عن العمل خلال هذه الأيام أو تلك المواقيت فإنه لا يستحق أجراً عن فترة انقطاعه سواء كانت هذه المدة أياماً أو ساعات ويجوز أن تحتسب هذه المدد من إجازاته وترتيباً على ذلك فإذا ما وضعت الجهة الإدارية قواعد تنظيمية عامة مؤداها حساب فترات التأخير عن مواعيد العمل المحددة أو الانصراف قبل انتهاء هذه المواعيد - من الإجازات المستحقة للموظف فإن هذه القواعد تجد سندها من نصوص القانون سالف الإشارة إليها ولا يعتبر تطبيق هذه القواعد جزاءات تأديبية تحول دون المساءلة التأديبية.
ومن حيث إنه لما تقدم فإذا كانت إحدى المخالفات المنسوبة إلى العامل المذكور أنه داوم خلال فترة معينة على الحضور متأخراً عن مواعيد العمل الرسمية والانصراف مبكراً فإن خصم أربعة أيام من إجازاته طبقاً للقواعد التي وضعتها الوزارة في هذا الشأن لا يعتبر عقوبة تأديبية تمنع من مساءلته تأديبياً.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الثانية المنسوبة إلى العامل المذكور (المطعون ضده) وهي أنه نزع دفتر الحضور والانصراف من السيد......... والتوقيع فيه بالقوة يوم 2 من أكتوبر سنة 1976 فلا مراء أن في هذا التصرف خروج عما يجب أن يتحلى به الموظف العام من سلوك سوي فلا يجوز له أن يؤدي واجباً عليه أو ينال حقاً له باتباع أساليب تأباها أصول التعامل في المجتمع ولا يجديه نفعاً أن يبرر فعله أن منع من التوقيع على دفتر الحضور قبل أن يخطر بقرار نقله إذ كان يتعين عليه أن يلجأ لرئيسه ليتكشف أسباب منعه ومن حقه التظلم والطعن على هذه الأسباب بالأساليب التي حددها القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة للمخالفة الثالثة وهي أن العامل المذكور (المطعون ضده) قدم شكوى ضمنها قيام الدكتور........ بالتعدي عليه بألفاظ غير لائقة أوردها في الشكوى فإنه من المسلم به أن حق الشكوى والتظلم كحق التقاضي يكفله القانون للكافة ويحميه الدستور على أنه من الحريات المتصلة بمصالح الأفراد ومن ثم فلكل فرد أن يتقدم للسلطات العامة بشكوى يتظلم فيها من أمر يهمه كدفع حيف وقع عليه - من تصرف جائر ابتغاء رد هذا الجور كل ذلك في إطار ألا يتخذ الموظف من حق الشكوى المكفول لكافة المواطنين ذريعة للتطاول على رؤسائه أو زملائه بما لا يليق بغية التشهير والتجريح والحط من قدر المشكو في حقه أو يضمن الموظف شكواه ألفاظاً بذيئة تنم عن سوء الخلق.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الشكوى التي قدمها العامل المذكور إلى وكيل أول وزارة الصحة في 22 من سبتمبر سنة 1976 أي سنة 1977 يبين أنها تضمن أن الدكتور......... قد وجه إليه في حوش الوزارة وأمام العاملين ألفاظاً وصفها بأنها وقحة وبذيئة وردد الألفاظ التي ادعى أنها وجهت إليه، كما ردد العامل المذكور هذه الشكوى في كتاب وجهه إلى وزير الصحة في 28/ 2/ 1977 تضمن هذه الألفاظ وتفسيراً لها على لسانه بعبارات يعف القلم عن ترديدها ولما كان الثابت من الأوراق أن العامل المذكور رفض الإدلاء بأقواله في هذا الشأن أمام إدارة التحقيقات بالوزارة طالباً إحالة التحقيق إلى النيابة الإدارية، فلما أحيل إليها رفض مرة ثانية الإدلاء بأقواله طالباً إحالة التحقيق إلى المستشار المدير العام للنيابة الإدارية، ولما كان الثابت أن أحداً ممن سمعت النيابة الإدارية أقواله لم يؤيد ما نسبه العامل المذكور إلى الدكتور...... فضلاً عن أن العبارات التي أوردها العامل المذكور في شكواه تفسيراً للعبارات التي ادعى أن الدكتور........ قذفه بها - هذه العبارات تعتبر في حد ذاتها بذاءة يجب أن ينأى عن النطق بها أو كتابتها موظف يتحلى بالخلق السوي الكريم.
ومن حيث إنه لما تقدم تكون جميع المخالفات التي نسبت إلى العامل المذكور ثابتة في حقه ومن ثم يكون القرار الصادر من الوزارة في 31 من أغسطس سنة 1977 بخصم أربعة أيام من راتبه قد قام على سببه ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بخلاف ما تقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ومن ثم يتعين إلغاؤه والحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى المقامة من العامل المذكور أمام المحكمة التأديبية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.

الطعن 41 لسنة 23 ق جلسة 12 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 62 ص 352

جلسة 12 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

-----------------

(62)

الطعن رقم 41 لسنة 23 القضائية

صناعة - تنظيم الصناعة وتشجيعها - اختصاصات وزير الصناعة في هذا الشأن. ترخيص – طبيعته - أثره.
القانون رقم 21 لسنة 1958 بشأن تنظيم الصناعة وتشجيعها - قرار وزير الصناعة باعتماد توصيات اللجنة المشكلة لمعاينة مصانع الصابون التي تعمل على البارد - يدخل في حدود السلطة المخولة لوزير الصناعة بمقتضى المادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها - القرار يتضمن تعديلاً في مواصفات وخامات إنتاج الصابون وتنبيهاً إلى إلغاء التراخيص المتعلقة بالمصانع التي لا تستجيب لهذا التعديل - القرار يتضمن بذلك تعديلاً لشروط التراخيص - جواز ذلك - الترخيص الصادر من جهة الإدارة تصرف إداري لا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 28 من نوفمبر سنة 1976 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن كل من وزير الصناعة ووزير التموين ومدير عام المشروعات الغذائية، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 41 لسنة 23 القضائية ضد عبد العزيز آدم أحمد عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 29 من سبتمبر سنة 1976 في الدعوى رقم 217 لسنة 27 القضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين الذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار الصادر بمنح المدعي مهلة لتطوير مصنع الصابون المرخص له في إقامته غايتها صرف الخامات المقررة له في الجمعية المقررة لمصنعه لشهر أكتوبر سنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت وزارة الصناعة بالمصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقرير طعنهم الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من يناير سنة 1980 وبجلسة الأول من ديسمبر سنة 1980 قدم الحاضر عن آدم أحمد عوض بصفته وارثاً للمطعون ضده صورة رسمية من قرار محكمة العطارين للأحوال الشخصية بتاريخ 27/ 8/ 1977 وتحقق وفاة المطعون ضده إلى رحمة الله بتاريخ 3/ 6/ 1977 وانحصار إرثه الشرعي في والده آدم أحمد عوض، وبجلسة 19 من أكتوبر سنة 1981 حكمت الدائرة بانقطاع سير الخصومة في الطعن، وبعد أن تم تصحيح شكل الطعن بتوجيهه ضد وارث المطعون ضده استأنف الطعن سيره أمام الدائرة إلى أن قررت بجلسة 7 من فبراير سنة 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 26 من مارس سنة 1983، فنظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 24/ 9/ 1973 أقام عبد العزيز آدم أحمد الدعوى رقم 217 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ضد كل من وزير الصناعة ووزير التموين ومدير عام المشروعات الغذائية طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر بتحديد مهلة حتى شهر أكتوبر سنة 1973 لتطوير مصنع الصابون المملوك له وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة بالمصروفات، واستند في ذلك إلى أن الهيئة العامة للتصنيع (المشروعات الغذائية) أخطرته بكتابها رقم 16395 المؤرخ في 15/ 7/ 1973 بأن وزير الصناعة وافق على صرف جميع الخامات المقررة له حتى حصة أكتوبر سنة 1973 كمهلة أخيرة لتطوير صناعة الصابون التي يقوم بها منفرداً أو مع آخرين طبقاً للشروط والمواصفات الواردة بكتاب الهيئة المشار إليه، وإذا كانت المادة 15 ( أ ) من القانون رقم 21 لسنة 1958 الخاص بتنظيم الصناعة وتشجيعها تعطي لوزير الصناعة سلطة اتخاذ قرارات ملزمة للمنشآت الصناعية فيما يتعلق بإيجاد وسائل موحدة تطبقها هذه المصانع في عملياتها الإنتاجية فإن وسائل التطوير التي ترى الهيئة العامة للتصنيع تطبيقها على مصنع المدعي تتجاوز نطاق هذا المصنع الصغير إلى تحديد قدراته مما يؤدي إلى إرهاق المدعي في تطبيق تلك الوسائل وإلى المساس بموجودات مصنعه الذي يلتزم طبقاً لترخيص إنشائه بإنتاج كميات معينة من الصابون حسب كمية الخامات المسلمة إليه وبمواصفات محددة سلفاً كما يخضع المصنع في إنتاجه لإشراف كل من مصلحة الرقابة الصناعية ومراقبة الغش التجاري بوزارة التموين ولم تثبت مخالفته لشروط ومواصفات صناعة الصابون ومتى كان الأمر كذلك فإن تحديد مهلة لتطوير المصنع حتى نهاية أكتوبر سنة 1973 ينطوي على تهديد مباشر للمدعي حيث يؤدي إلى أيلولة مصنعه الصغير إلى أصحاب المصانع الكبيرة مما يجعل القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون وهو ما ذهب إليه قسم التشريع بمجلس الدولة بكتابه رقم 83/ 1970 بمناسبة توليه أمر مراجعة مشروع القرار المطعون فيه بجلسته المنعقدة في 24/ 11/ 1970.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بأنه مراعاة لما تهدف إليه الدولة من جودة الإنتاج مسايرة لركب التطور الصناعي أصدر وزير الصناعة القرار رقم 206 في 6/ 3/ 1972 بتشكيل لجنة لمعاينة مصانع الصابون التي تعمل على البارد منذ عام 1965 وبتاريخ 25/ 7/ 1972 وافق الوزير على التوصيات التي انتهت إليها اللجنة ومن بينها عدم إمكان إنتاج صابون مطابق للمواصفات باستخدام التصبين على البارد ومنح مهلة مدتها سنة لأحد عشر مصنعاً للتطور بمقرراتها المحددة على أن يترك لها الخيار بين أن تعمل منفردة أو تتجمع مع غيرها وبعد فترة الانتقال تعتمد المصانع المتطورة وتلغى تراخيص المصانع التي لم تتطور. وقد قامت الهيئة بإخطار أصحاب المصانع التي تعمل على البارد ومن بينهم المدعي بتوصيات اللجنة لتطوير مصانعهم من الناحية الفنية محددة نهاية شهر أكتوبر سنة 1973 موعداً للتطوير ودون أن يقصد من ذلك إغلاق تلك المصانع أو يطلب منها الاندماج مع مصانع أخرى كبيرة أو التوقف عن العمل بل قصد تنظيم صناعة الصابون التي يستخدم فيها التصبين على البارد. وفيما يتعلق بالمهلة المشار إليها فقد صدر قرار من وزير الصناعة في 8/ 10/ 1973 بمدها سنة أخرى تنتهي في أكتوبر سنة 1974 الأمر الذي يجعل طلب المدعي إلغاء القرار المطعون فيه فاقداً لعنصر المنازعة وبالتالي تعتبر الخصومة منتهية.
وبجلسة 29 من سبتمبر سنة 1976 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل الذي قضى بإلغاء القرار الصادر بمنح المدعي مهلة لتطوير مصنع الصابون المرخص له في إقامته غايتها صرف الخامات المقررة له حتى الحصة المقررة لمصنعه عن شهر أكتوبر سنة 1974 وما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أن القرار الصادر بمد مهلة تطوير مصانع الصابون إلى أكتوبر سنة 1974، لا يعني الاستجابة إلى طلبات المدعي بالاستمرار في منحه الصحة المقررة لمصنعه طبقاً للكميات المحددة له، فقرار مد المهلة هو امتداد للقرار الأول ومكمل له وقد اختصمه المدعي أثناء تحضير الدعوى وفي مذكرة لاحقة، وعلى ذلك فلا سند من القانون لاعتبار الخصومة منتهية - وأنه ولئن كانت المادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها قد خولت وزير الصناعة سلطة إصدار قرارات ملزمة للمنشآت الصناعية في مجال إيجاد معايير موحدة تطبقها الصناعة في عملياتها الإنتاجية وتحديد مواصفات المنتجات والخامات المستعملة في الصناعة بقصد أن تكون السلع أو المواد أو المنتجات على مستوى من الجودة لتساير مثيلاتها في الدول الأخرى ولتكون أكثر ملاءمة لحاجة البلاد وجمهور المستهلكين، إلا أن هذه السلطة يحدها الغرض الذي شرعت من أجله ولا تتعدها إلى تحديد القدرات الإنتاجية للمصانع القائمة المرخص في إقامتها طبقاً للبيانات الواردة في طلب الترخيص ولما كان القرار الصادر بتحديد مهلة لتطوير مصنع الصابون المملوك للمدعي بالتطبيق للمادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 هو في حقيقته تحديد لقدرات هذا المصنع القائمة والمنتجة للصابون في حدود الترخيص السابق منحه للمدعي في إقامته فضلاً عن أن هذا القرار ينطوي على تجميع للوحدات المنتجة للصابون بقدرات معينة في وحدة واحدة الأمر الذي ينعكس أثره على كيان المنشأة ذاتها بما فيه من مساس بموجوداتها مما يمكن معه القول بانطوائه على إلغاء الترخيص الصادر بإقامتها في غير الحالات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون المشار إليه. ومن ثم يكون القرار المطعون فيه مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه استناداً إلى أن القرار مثار النزاع قد صدر في حدود السلطة المخولة لوزير الصناعة طبقاً للمادة 15 من القانون رقم 21/ 1958 مستهدفاً تحقيق الغايات التي قصد إليها المشرع إلا وهي رفع مستوى الإنتاج وتطوير الصناعة، وممارسة الوزير لهذه السلطة غير مقيدة بأن تكون قراراته التي تصدر في هذا الشأن في حدود قدرات المنشآت الصناعية لأن هذه القدرات لا يجوز أن تقف حائلاً دون تحقيق المصلحة العامة وإذ خلا القرار المذكور من إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قراراً صحيحاً بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة 28 من فبراير سنة 1981 في الطعنين رقمي 39، 40 لسنة 23 القضائية، بأن قرار وزير الصناعة باعتماد توصيات اللجنة المشكلة بناء على قراره رقم 206/ 1972 لمعاينة مصانع الصابون التي تعمل على البارد منذ عام 1965 استناداً إلى نص المادة 15 من القانون رقم 21 لسنة 1958 في شأن تنظيم الصناعة وتشجيعها، هو قرار مما يدخل في حدود السلطة المخولة لوزير الصناعة بمقتضى أحكام المادة المذكورة والتي تخوله قانوناً اتخاذ قرارات ملزمة للمنشآت الصناعية بإيجاد معايير موحدة تطبقها الصناعة في عملياتها الإنتاجية أو بتحديد مواصفات المنتجات والخامات المستخدمة في الصناعة، وأن تصوير هذا القرار تارة بأنه امتناع أو توقف عن صرف الخامات المقررة لمصنع المطعون ضده بعد انقضاء مهلة نهايتها شهر أكتوبر سنة 1974 وتارة أخرى بأنه ينطوي على تحديد للقدرات الإنتاجية لهذا المصنع القائمة والمنتجة للصابون في حدود الترخيص السابق قيام المصنع على مقتضاه مما ينعكس أثره على كيان المنشأة ذاتها بما فيه من مساس بموجوداتها الأمر الذي يتضمن إلغاء الترخيص الصادر بإقامتها في غير الحالات المنصوص عليها في المادة الرابعة من القانون رقم 21 لسنة 1958 - هذا التصوير - لا وجه له تأسيساً على أن القرار سالف الذكر لا يعدو أن يكون تعديلاً في مواصفات وخامات إنتاج الصابون وتنبيهاً في ذات الوقت إلى إلغاء التراخيص المتعلقة بالمصانع التي لا تستجيب لهذا التعديل وأنه لم يقصد بهذا القرار سوى تحقيق اعتبارات المصلحة العامة على وجه يكفل تطوير صناعة الصابون في البلاد، ومن ثم فإن كل ما يمكن أن يقال في شأن هذا القرار أنه تعديل لشروط التراخيص الخاصة بتصنيع الصابون على البارد وأنه تم بمقتضى السلطة المقررة لوزير الصناعة طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 21/ 1958 لأغراض تتعلق بالصالح العام وما يمليه من ضرورة النأي بصناعة الصابون عن مجال الجمود والتخلف ودفع عجلتها نحو النمو والتقدم، ومن المبادئ المسلمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه ولا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه طبقاً لسلطتها التقديرية ووفقاً لموجبات المصلحة العامة وبغير تعسف، وأنه لما كان القرار مثار النزاع - وهو ذات القرار التنازع فيه بمقتضى الدعوى والطعن الماثلين - قد صدر بناء على سلطة وزير الصناعة الثابتة له قانوناً على الوجه المبين فيما سبق وذلك لاعتبارات المصلحة العامة ودون شبهة إساءة استعمال السلطة فإنه يكون قراراً سليماً مطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه نزولاً على مقتضى ما قضت به هذه المحكمة على الوجه سالف البيان فإن الحكم المطعون فيه الآخذ بنظر مخالف يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.

الطعن 471 لسنة 28 ق جلسة 6 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 61 ص 347

جلسة 6 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين - المستشارين.

-------------------

(61)

الطعن رقم 471 لسنة 28 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - مدة خدمة سابقة.
يستمد العامل حقه في ضم مدة خدمته السابقة من أحكام القانون مباشرة - لا تسري مواعيد الطعن بالإلغاء على دعاوى ضم مدد الخدمة السابقة - القرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لحكم القانون يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بمواعيد الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24 من فبراير سنة 1982 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير الإنتاج الحربي ووزير المالية قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 471 لسنة 28 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 4 من يناير سنة 1982 في الدعوى رقم 1263 لسنة 33 القضائية المقامة من رؤوف أحمد علي الهواري ضدهما والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين رقمي 279 و254 لسنة 1971 الصادرين من رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية ومدير مصنع 135 فيما تضمناه من سحب القرارين رقمي 51، 220 على التفصيل الوارد بالأسباب وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرارين رقمي 279، 254 لسنة 1971 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص المطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من مارس سنة 1984 وفي هذه الجلسة حكمت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) حيث عين لنظره أمامها جلسة 8 من إبريل سنة 1984 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة 4 من نوفمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 11/ 3/ 1972 أقام السيد رؤوف أحمد الهوراي الدعوى رقم 490 لسنة 20 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الحربية ضد السيدين وزير الإنتاج الحربي ووزير المالية طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 279 لسنة 1971 الصادر من رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية والقرار رقم 254 الصادر في 30/ 12/ 1971 من مدير عام مصنع 135 مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه عين مدرساً بالتعليم الصناعي بالدرجة السادسة من 30/ 8/ 1960 وظل يعمل بوزارة التربية والتعليم حتى 23/ 8/ 1963 إلى أن عين اعتباراً من 24/ 8/ 1963 بذات الدرجة بالمؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية وصناعة الطيران وضمت مدة خدمته السابقة، وأرجعت أقدميته فيها إلى 30/ 8/ 1960 بالقرار رقم 232 لسنة 1965 ثم سويت حالته بالقرارين رقمي 51 لسنة 1969، 220 لسنة 1970 بإرجاع أقدميته في الدرجة الخامسة إلى 30/ 4/ 1964 بدلاً من 14/ 12/ 1965 ثم صدر قرار مدير عام المصنع 135 رقم 254 في 30/ 12/ 1971 بإلغاء القرارين المشار إليهما استناداً إلى قرار رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية وصناعة الطيران رقم 279 لسنة 1971 القاضي بسحب جميع التسويات وضم مدد الخدمة السابقة التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 وهو ما لا ينطبق على حالته.
وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأن الهيئة العامة للطيران المندمجة في المؤسسة كانت تخضع لنظام فترة الاختبار المنصوص عليه في القانون رقم 210 لسنة 1951 ومن بعده القانون رقم 46 لسنة 1964 وبناء عليه اعتبرت المصانع كل مدة خدمة سابقة سبباً للاستغناء عن فترة الاختبار بالمخالفة لحكم القانون لأنها أرجعت أقدمية بعض العاملين إلى تواريخ سابقة بمقولة أنهم كانوا مستوفين لشروط الترقية في هذا التاريخ لولا عائق فترة الاختيار وبناء عليه صدر القرار رقم 279 لسنة 1971 بسحب التسويات التي تمت بعد 1/ 5/ 1969 تاريخ اندماج العاملين بقطاع الطيران.
وبجلسة 24/ 3/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدول هذه المحكمة برقم 1263 لسنة 33 القضائية. وبجلسة 4/ 1/ 1982 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرارين رقمي 279، 254 لسنة 1971 فيما تضمناه من سحب القرارين رقمي 51، 220 لسنة 1970 وما يترتب على ذلك من آثار.
وأسست المحكمة قضاءها على أن المدعي اكتسب مركزاً قانونياً ذاتياً بترقيته إلى السادسة التخصصية من 14/ 12/ 1965 والخامسة التخصصية من 31/ 12/ 1969 وعدل هذا المركز برد أقدميته فيهما إلى 30/ 4/ 1964، 30/ 12/ 1968 بالقرارين رقمي 51، 220 لسنة 1970 ومن ثم يكون تعديل أقدمية المدعي بالقرارين سالفي الذكر هو في حقيقة أمره ترقية إلى الدرجتين المشار إليهما من التاريخين اللذين ردت الأقدمية إليهما وأن اتخذا سبباً لهما عدم احتساب سنة الاختبار. والثابت أن القرارين المطعون فيهما واللذين تضمنا سحب القرارين رقمي 51، 220 لسنة 1970 قد صدرا بعد مضي ما يقرب من سنة أي بعد المدة المقررة لسحب القرارات الإدارية المعيبة ومن ثم فقد غدا القراران المشار إليهما حصينين من السحب أو الإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الدعوى ليست من دعاوى الإلغاء بل هي من دعاوى الاستحقاق لأن النزاع يتمثل في مدى أحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة طبقاً لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 دون إسقاط سنة الاختبار. وتسوية حالة المدعي على النحو الذي تم لا يعدو أن يكون عملاً تنفيذياً للقرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ويحق لجهة الإدارة سحب هذه التسوية وإعادة تسوية حالة المدعي من جديد على النحو الذي يتفق وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه بالرجوع لملف خدمة المدعي يبين أنه عين بمصنع 135 بعقد اعتباراً من 24/ 8/ 1963 وبتاريخ 27/ 1/ 1964 عين بالدرجة السادسة الفنية بالهيئة المصرية العامة للطيران. ثم أرجعت أقدميته فيها إلى 24/ 8/ 1963 بعد ضم مدة خدمته التي قضاها بعقد بمصنع 135، ثم أرجعت أقدميته في الدرجة السابعة (ق 46 لسنة 1964) إلى 30/ 8/ 1960 بعد ضم مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم بالقرار رقم 232 لسنة 1965 ثم رقي إلى الدرجة السادسة اعتباراً من 14/ 12/ 1965 ورقي إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 31/ 12/ 1969 وبمقتضى القرارين رقم 51 لسنة 1970، ورقم 220 لسنة 1970 الصادرين من مدير عام مصنع 135 أرجعت أقديمته في الدرجة السادسة (ق 46 لسنة 1964) إلى 30/ 4/ 1964 وفي الدرجة الخامسة إلى 30/ 12/ 1968. وبناء على اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات على هذه التسويات لمخالفتها لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة المنصوص عليها في القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 ولمبدأ عدم جواز الترقية خلال سنة الاختبار، أصدر رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمصانع الحربية وصناعات الطيران القرار رقم 279 لسنة 1971 بسحب جميع قرارات التسوية التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 للعاملين بقطاع الطيران بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 والاقتصار في ضم المدد على أدنى درجات التعيين دون التدرج في الدرجات التالية. وسحب جميع قرارات التسوية التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 بالمخالفة لمبدأ عدم جواز الترقية خلال سنة الاختبار. وتنفيذاً لهذا القرار أصدر مدير عام مصنع 135 القرار رقم 254 لسنة 1971 بسحب قراري التسوية رقمي 51 لسنة 1970، 220 لسنة 1970.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن العامل يستمد حقه في ضم مدة خدمته السابقة من أحكام القانون وبالتالي فلا تسري مواعيد الطعن بالإلغاء على دعاوى ضم مدد الخدمة السابقة، وبالمقابل فإن القرارات الصادرة بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لحكم القانون يجوز سحبها في أي وقت دون التقيد بمواعيد الطعن بالإلغاء على القرارات الإدارية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن أقدمية المدعي أرجعت في الدرجة السادسة إلى 30/ 4/ 1964 بدلاً من 14/ 12/ 1965 وفي الدرجة الخامسة إلى 30/ 12/ 1968 بدلاً من 31/ 12/ 1969 كأثر من آثار ضم مدة خدمته السابقة. وإذ ثبت مخالفة هذا الضم لقواعد احتساب مدد الخدمة السابقة فإن إعادة الأمور إلى وضعها الصحيح يقتضي زوال كافة الآثار التي ترتبت على هذه المخالفة دون التقيد في ذلك بميعاد معين، وذلك بإعادة تحديد أقدمية المدعي في الدرجتين السادسة والخامسة إلى تاريخ استحقاقه لهما قانوناً. وهو ما التزمت به الإدارة عندما أصدرت قراريها رقم 279 لسنة 1971 ورقم 254 لسنة 1971 بسحب جميع التسويات التي صدرت بعد 1/ 5/ 1969 بضم مدد الخدمة السابقة بالمخالفة لأحكام القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 وتطبيقاً لمبدأ عدم جواز الترقية خلال سنة الاختبار. وتبعاً لذلك يكون القراران سالفا الذكر قد صدرا صحيحين ومتفقين مع أحكام القانون، ويكون طلب المدعي إلغاءهما لا أساس له متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بغير النظر السالف، فمن ثم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة، بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.

السبت، 4 يناير 2025

الطعن 1262 لسنة 27 ق جلسة 6 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 60 ص 342

جلسة 6 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والدكتور محمد عبد السلام مخلص وأحمد إبراهيم عبد العزيز - المستشارين.

-----------------

(60)

الطعن رقم 1262 لسنة 27 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام.
المادة 176 من قانون المرافعات - أسباب الحكم - يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي أقيم عليها - المشرع أوجب أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع - المشرع رتب البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية أو القانونية - لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً - الإحالة إلى أسباب حكم آخر دون بيان هذه الأسباب مؤداه أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور - الأثر المترتب على ذلك - بطلان الحكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 5/ 1981 أودع الأستاذ حنا ناروز المحامي المنتدب عن السيد/ عبد الفتاح أحمد إبراهيم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1262 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 22/ 12/ 1980 في الدعوى رقم 579 لسنة 32 القضائية المقامة من عبد الفتاح أحمد إبراهيم ضد وزارة الدفاع والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقيته في تسوية حالته طبقاً للقوانين رقم 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 و11 لسنة 1975 وقرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 2 لسنة 1976 بمقارنته بزميله الأحدث منه السيد/ محمد السيد سلامة ومنحه الدرجات وتدرج راتبه إلى أن يصل إلى 120 جنبهاً في 31/ 12/ 1974 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات والأتعاب.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي بالقانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه أولاً وبصفة أصلية بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الطاعن في الترقية إلى الفئة (684 - 1440 جنبهاً سنوياً) اعتباراً من 1/ 10/ 1958 مع ما يترتب على ذلك من آثار مع عدم صرف أية فروق مالية عن فترة سابقة على أول يوليو 1980 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الطاعن المصروفات.
ثانياً: وبصفة احتياطية ببطلان الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات إلى أن يفصل في موضوع الدعوى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 28/ 5/ 1984 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث تحدد لنظره أمامها جلسة 28/ 10/ 1984، وفيها استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحضرها ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ عبد الفتاح أحمد محمد إبراهيم أقام الدعوى رقم 579 لسنة 32 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعت قلم كتابها في 8/ 1/ 1978 وطلب فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته طبقاً للقوانين 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 و11 لسنة 1975 بمقارنته بزميله الأحدث منه المهندس/ السيد محمد السيد سلامه ومنحه الدرجات وتدرج راتبه حتى يصل إلى 120 جنبهاً شهرياً في 31/ 12/ 1974 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه حصل على دبلوم الفنون التطبيقية نظام حديث سنة 1938 وعين بخدمة الحكومة في 21/ 9/ 1938 وسويت حالته بالقانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 35 لسنة 1967 فمنح الدرجة الثالثة اعتباراً من 1/ 5/ 1969 وتدرج راتبه حتى وصل إلى 500 مليم و90 جنيه في 31/ 12/ 1974، وسويت حالته بالقانون رقم 11 لسنة 1975 فمنح الدرجة الثالثة اعتباراً من 1/ 10/ 1961 بنفس مرتبه 500 مليم و90 جنيه ومنح علاوة في 1/ 1/ 1975 وصل راتبه بها إلى 500 مليم و95 جنيه، وأضاف المدعي أن جهة الإدارة وقد أخطأت عند تطبيق القانون رقم 83 لسنة 1973 والقانون رقم 35 لسنة 1967 على حالته، إذ قارنته ببعض زملائه وكان من الواجب أن تقارنه بزميله المهندس/ السيد محمد السيد سلامة الذي عين ابتداء على الدرجة السادسة المخفضة براتب قدره 500 مليم و10 جنيه وتدرجت حالته الوظيفية بالدرجة السادسة في 8/ 12/ 1942 والخامسة 26/ 5/ 1949 والرابعة في 3/ 6/ 1953 والثالثة في 1/ 12/ 1956 والثانية في 22/ 7/ 1961 والثالثة (الجديدة) في 22/ 7/ 1961، والثانية في 25/ 4/ 1966 ووصل راتبه في 1/ 1/ 1972 (116 جنبهاً شهرياً) وفي 1/ 1/ 1976 (130) جنبهاً وبررت جهة الإدارة مسلكها بأن المهندس/ السيد محمد السيد سلامة نقل من الكادر المتوسط إلى الكادر العالي قبل المدعي وهذا القول لا أساس له من الناحية القانونية لأنهما اجتمعا عند سريان القانون رقم 35 لسنة 1967 و83 لسنة 1973 بالكادر العالي وقد قصد القانون رقم 11 لسنة 1975 إلى رفع الظلم الذي وقع على بعض العاملين بحيث يتساوى العامل مع زميله الذي دخل معه الخدمة، إلا أن جهة الإدارة قامت بمقارنته بزميله الذي عين في الدرجة السابعة ابتداء بمرتب 10 جنيه وهو إجراء غير سليم لأن القانون رقم 83 لسنة 1973 وقرار وزير التنمية رقم 2 لسنة 1967 سعراً مؤهله بالدرجة السادسة بمرتب 500 مليم و10 جنيه وهو ما يتوافر في زميله المذكور يحق له أن يطالب بتسوية حالته أسوة به.
وردت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة أوضحت فيها أن المدعي لم يكن زميلاً للسيد السيد محمد السيد سلامة الذي يطالب مساواته به، إذ أن المذكور حاصل على دبلوم الهندسة التطبيقية سنة 1941 وعين بالدرجة السادسة اعتباراً من 8/ 12/ 1941 ونقل إلى المجموعة التخصصية اعتباراً من 30/ 6/ 1953 حيث كان المدعي بالمجموعة الفنية.
وبجلسة 22/ 12/ 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً، ولم تتضمن مسودة الحكم الأسباب التي استندت إليها المحكمة في قضائها وأحالت إلى الأسباب الواردة في حكمها الصادر في الدعوى رقم 1894 لسنة 34 القضائية.
ويقوم الطاعن على أن الحكم المطعون فيه أخطأ وخالف القانون عندما قضى بعدم قبول تسوية حالة الطاعن بالتطبيق للقانون رقم 35 لسنة 1967، إذ لم يكن بإمكان الطاعن رفع دعوى المطالبة بتسوية حالته طبقاً لهذا القانون لأن مؤهل الطاعن (دبلوم الفنون والصناعات حديث) لم يسعر إلا بموجب قرار الوزير المختص بالتنمية الإدارية رقم 2 لسنة 1976 وقد قرر لهذا الدبلوم الدرجة السادسة المخفضة بالقرار المشار إليه، وبذلك يتساوى مؤهل الطاعن ومؤهل الزميل فضلاً عن أن الطاعن أقدم في التخرج وفي الالتحاق بالخدمة، فقد حصل الطاعن على دبلوم الفنون والصناعات نظام حديث سنة 1938 وعين بخدمة الحكومة في 21/ 9/ 1938، بينما حصل السيد محمد السيد سلامة على دبلوم الهندسة التطبيقية سنة 1941 وعين في خدمة الحكومة في 8/ 12/ 1941.
ومن حيث إن قانون المرافعات أوجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها ورتب البطلان على صدور الحكم غير مشتمل على الأسباب التي أقيم عليها، كما أوجب القانون حفظ مسودة الحكم المشتملة على منطوقه وأسبابه بملف الدعوى أو الطعن، وأوجب أيضاً أن تتضمن أسباب الحكم الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استندت إليها المحكمة في إصدار حكمها في النزاع ورتب المشرع البطلان على القصور في أسباب الحكم الواقعية والقانونية، وعلى ذلك لا يجوز للمحكمة أن تحيل إلى أسباب وردت في حكم آخر صادر عنها أو صادر عن محكمة أخرى في حكم آخر دون أن تبين ماهية هذه الأسباب تفصيلاً أو إجمالاً، لأن الإحالة إلى الأسباب التي يتضمنها حكم آخر دون بيان هذه الأسباب في الحكم المتضمن الإحالة مؤداها أن يكون الحكم المتضمن الإحالة خالياً من الأسباب أو مبنياً على أسباب يشوبها القصور، ويشترط القانون أن يكون ملف الدعوى أو الطعن محتوياً على مسودة الحكم الصادر من المحكمة والمشتملة هي بذاتها على منطوق الحكم وأسبابه التي بني عليها دون ما إحالة إلى حكم صادر في دعوى أو طعن آخر، إذ الأصل المسلم به في فقه المرافعات أن يكون كل حكم مستوفياً في ذاته أسبابه بحيث لا تصلح الإحالة في تسبيب حكم على ورقة أخرى ولو كانت أسباب حكم صادر في نزاع ومودع في ملف ذلك النزاع الآخر. ومتى كان الثابت من الأوراق أن مسودة الحكم المطعون فيه لم تشتمل على الأسباب التي بني عليها وتضمنت الإحالة إلى أسباب الحكم الصادر في الدعوى رقم 1894 لسنة 31 القضائية، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد اشتمل في مسودته على الأسباب التي بني عليها، ومن ثم يكون باطلاً طبقاً لحكم المادة 176 من قانون المرافعات ويتعين الحكم بإلغائه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً، مع إبقاء الفصل في المصروفات للحكم الذي تنتهي به الخصومة طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لما تقدم فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً مع إبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن، شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً، وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 743 لسنة 41 ق جلسة 4 / 12 / 1975 مكتب فني 26 ج 2 ق 291 ص 1554

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1975

برياسة السيد المستشار الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، وعز الدين الحسيني، وعبد العال السيد، ومحمدي الخولي.

-----------------

(291)
الطعن رقم 743 لسنة 41 القضائية

إعلان.
تسليم صورة صحيفة الاستئناف إلى إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة من محافظ الإسكندرية. لا حاجة لقيام المحضر بإخطار المعلن إليه بكتاب مسجل يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة. علة ذلك.

-------------------
إذ نص قانون المرافعات في المادة العاشرة على أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي بينها القانون وفي المادة 13 بفقراتها العشر على أنه فيما يتعلق بالدولة والأشخاص العامة والشركات التجارية والشركات المدنية والجمعيات والمؤسسات الخاصة وسائر الأشخاص الاعتبارية والشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر، وأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم والمسجونين وبحارة السفن التجارية أو العاملين بها، والأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج، والأشخاص الذين ليس لهم موطن معلوم - يكون تسليم الإعلان حسب المبين في كل فقرة إلى الشخص أو الهيئة أو في المركز أو الجهة المنصوص عليها، فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد أخرج إعلان الأشخاص المذكورين في المادة 13 سواء أكانوا طبيعيين أو معنويين من حكم المادة العاشرة بحيث يصح الإعلان لكل منهم إذا سلمت صورته بالكيفية المنصوص عليها فيها بالنسبة إليه وبحيث يمتنع تطبيق ما يخالفها من القواعد العامة في الإعلان. وإذ كان يبين من الأوراق أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم كتاب المحكمة المختصة وأعلنت إلى محافظ الإسكندرية بصفته بتسليم صورتها إلى فرع إدارة قضايا الحكومة بالإسكندرية طبقاً لما تقضي به المادة 13 بتاريخ .. .. .... قبل انقضاء ثلاثة أشهر على تاريخ تقديم الصحيفة، فإن إعلانها يكون قد وقع صحيحاً دون حاجة لقيام المحضر بإخطار المعلن إليه بكتاب مسجل يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 483 سنة 1969 مدني كلي الإسكندرية ضد المطعون عليه (محافظ الإسكندرية بصفته) بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المبرم بينه وبين المدعى عليه والمؤرخ 31/ 3/ 1961 برسو مزاد بيع قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى... وبإلزامه بأن يرد له مقدم الثمن وقدره 152 ج. وفي 26/ 5/ 1970 حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والقضاء بطلباته الأولى وقيد الاستئناف برقم 928 سنة 26 ق مدني. دفع الحاضر عن المطعون عليه (المستأنف عليه) باعتبار الاستئناف كأن لم يكن تأسيساً على أن صحيفة الاستئناف وإن كانت قد أعلنت بتسليم صورتها للموظف المختص بإدارة قضايا الحكومة بالإسكندرية خلال ثلاثة أشهر إلا أن هذا الإعلان لا يعتبر إعلاناً صحيحاً لعدم قيام المحضر بتوجيه كتاب مسجل إلى المستأنف عليه يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة. وفي 15/ 11/ 1971 حكمت المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبعدم صحة إعلان المطعون عليه (المستأنف عليه) بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب على أن المحضر قد اكتفى بتسليم صحيفة الاستئناف إلى إدارة قضايا الحكومة دون أن يوجه إلى شخص محافظ الإسكندرية المعلن إليه كتاباً مسجلاً يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة وهو خطأ ومخالفة للقانون ذلك أن إدارة قضايا الحكومة تعتبر طبقاً لنص المادة 13 من قانون المرافعات وكيلة قانونية عن الوزارة ورؤساء المصالح والمحافظين في استلام صحف الدعاوى والطعون والأحكام وأن الإعلان يقع صحيحاً بمجرد تسليمها صورة صحف الدعاوى دون حاجة لأي إجراء آخر.
وحيث إن هذا النص صحيح ذلك أن قانون المرافعات إذ نص في المادة العاشرة على أن تسليم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه ويجوز تسليمها في الموطن المختار في الأحوال التي بينها القانون وإذ نص في المادة 13 بفقراتها العشر على أنه فيما يتعلق بالدولة والأشخاص العامة والشركات التجارية والشركات المدنية والجمعيات والمؤسسات الخاصة وسائر الأشخاص الاعتبارية والشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر وأفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم والمسجونين وبحارة السفن التجارية أو العاملين بها والأشخاص الذين لهم موطن معلوم في الخارج والأشخاص الذين ليس لهم موطن معلوم يكون تسليم الإعلان حسب المبين في كل فقرة إلى الشخص المبين أو الهيئة المبينة أو في المركز المعين أو في الجهة المعين فيها فإنه بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يكون قد أخرج إعلان الأشخاص المذكورين في المادة 13 سواء أكانوا طبيعيين أو معنويين من حكم المادة العاشرة بحيث يصح الإعلان لكل منهم إذا سلمت صورته بالكيفية المنصوص عليها فيها بالنسبة إليه وبحيث يمتنع تطبيق ما يخالفها من القواعد العامة في الإعلان. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن صحيفة الاستئناف قدمت لقلم كتاب المحكمة المختصة بتاريخ 8/ 9/ 1971 وأعلنت إلى محافظ الإسكندرية بصفته بتسليم صورتها إلى فرع إدارة قضايا الحكومة بالإسكندرية طبقاً لما تقضي به المادة 13 بتاريخ 10/ 6/ 1970 قبل انقضاء ثلاثة أشهر على تاريخ تقديم الصحيفة، فإن إعلانها يكون قد وقع صحيحاً دون حاجة لقيام المحضر بإخطار المعلن إليه بكتاب مسجل يخبره فيه بمن سلمت إليه الصورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.

الطعن 1424 لسنة 30 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 59 ص 338

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

----------------

(59)

الطعن رقم 1424 لسنة 30 القضائية

اختصاص - توزيع الاختصاص بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا.
المادتان 183، 184 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 155 لسنة 1981.
مجلس تأديب الطلاب المشكل من عناصر غير قضائية لا يخرج عن كونه لجنة إدارية - مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 وناط به استئناف قرارات مجلس تأديب الطلاب - طبيعة قراراته - هي قرارات إدارية وليست أحكاماً تأديبية - نتيجة ذلك - اختصاص محكمة القضاء الإداري بطلب إلغائها، وعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بذلك - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق الثالث من إبريل سنة 1984 أودع الأستاذ محمد حسن شريف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد محمد مصطفى حسنين. قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدلها تحت رقم 1424 لسنة 30 القضائية ضد كل من: - رئيس جامعة عين شمس وعميد كلية التجارة جامعة عين شمس، في القرار الصاد من مجلس التأديب الاستئنافي لطلبة جامعة عين شمس بتاريخ 7/ 2/ 1984 القاضي بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار الصادر من مجلس التأديب الابتدائي يوم 29/ 9/ 1983 لأسبابه.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة قي تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه فيما تضمنه من فصل الطاعن نهائياً من السنة الرابعة بكلية التجارة جامعة عين شمس وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء قرار فصل الطاعن نهائياً من السنة الرابعة بكلية التجارة بجامعة عين شمس وبراءته مما نسب إليه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم.
أولاً: أصلياً - بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل فيه للاختصاص مع إبقاء الفصل في المصروفات.
ثانياً: - احتياطياً - بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافي بجامعة عين شمس فيما تضمنه من تأييد قرار مجلس تأديب طلاب كلية التجارة بالجامعة من فصل الطاعن فصلاً نهائياً من الكلية ومن الجامعات المصرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7 من مايو 1984 ثم قررت الدائرة بجلسة 27 من أغسطس سنة 1984 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى" لنظره بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1984 حيث نظرته المحكمة على النحو المبين بمحاضرها وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت بجلسة الأول من ديسمبر سنة 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن السيد محمد مصطفى حسنين الطالب بالفرقة بالرابعة (انتساب) بكلية التجارة جامعة عين شمس أحيل إلى المحاكمة التأديبية أمام مجلس تأديب طلاب الجامعة لما نسب إليه من عدم تسليمه ورقة الإجابة الخاصة بمادة الإحصاء يوم 16/ 5/ 1983 وقد قرر مجلس التأديب بجلسته المنعقدة في 29 من سبتمبر سنة 1983 فصله نهائياً من الكلية وإبلاغ الجهة التابع لها بهذا القرار مع طلب تحريز جميع كراسات الإجابة الخاصة بالطالب للرجوع إليها عند اللزوم مع إبلاغ جامعات جمهورية مصر العربية بهذا القرار من إعلان القرار في لوحة إعلانات الكلية. وبناء على الطلب المقدم من الطالب المذكور إلى السيد رئيس جامعة عين شمس طعناً في هذا القرار فقد تم عرضه على مجلس التأديب الأعلى الذي قرر بجلسته المنعقدة في 7 من فبراير 1984 قبول طلب الاستئناف المقدم من الطالب شكلاً وفي الموضوع بتأييد القرار لأسبابه نظراً لأنه لم يتبين للمجلس الاستئنافي جديداً ينفي هذه الأسباب وهذا القرار هو مثار المنازعة الماثلة.
ومن حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة حدد اختصاص المحكمة الإدارية العليا بالفصل في الطعون التي ترفع إليها في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية في الأحوال المبينة في المادة 23 من القانون المذكر، وطبقاً للمادتين 183، 184 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات قبل تعديلهما بالقانون رقم 155 لسنة 1981 كان مجلس تأديب الطلاب يتولى تأديبهم عما يقع منهم من مخالفات لأحكام القوانين واللوائح والتقاليد الجامعية، وكان للطالب الذي أدانه المجلس حق التظلم من قراره بطلب يقدم إلى رئيس الجامعة الذي يعرض ما يقدم إليه من تظلمات على مجلس الجامعة للنظر فيها، وفي ظل هذه الأحكام درج قضاء هذه المحكمة على أن القرارات التأديبية التي يصدرها مجلس تأديب الطلاب تتساوى في المرتبة مع القرارات الصادرة من السلطات التأديبية الرئاسية ولا ترقى إلى مرتبة الأحكام التأديبية التي يطعن فيها رأساً أمام المحكمة الإدارية العليا طبقاً للمادة 23 من قانون مجلس الدولة، وينعقد الاختصاص بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طبقاً للمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة التي ناطت بهذه المحكمة الاختصاص بالفصل في الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية.
ومن حيث إن البين من مطالعة نصوص القانون رقم 155 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات - وهو الذي صدر في ظله القرار المطعون فيه أنه استبدل بنص المادة 183 من هذا القانون نصاً يقضي بتشكيل مجلس تأديب الطلاب برئاسة عميد الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب وعضوية كل من وكيل الكلية أو المعهد المختص وأقدم أعضاء مجلس الكلية أو المعهد المختص. كما استبدل بنص المادة 184 من القانون المذكور نصاً يجري على أنه "لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف ويرفع الاستئناف بطلب كتابي يقدم من الطالب إلى رئيس الجامعة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار وعليه إبلاغ هذا الطلب إلى مجلس التأديب الأعلى خلال خمسة عشر يوماً. ويشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالي: -
- نائب رئيس الجامعة المختص رئيساً.
- عميد كلية الحقوق أو أحد الأساتذة بها.
- أستاذ من الكلية أو المعهد الذي يتبعه الطالب.
ويصدر باختيار الأساتذة الأعضاء قرار من رئيس الجامعة. وفي جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب الطلاب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل في الموضوع".
ومن حيث إن المستفاد من هذين النصين المعدلين أنه لم يترتب عليهما تغيير في الطبيعة الإدارية لقرارات تأديب الطلاب، ذلك أن السلطة التي خولها المشرع أمر تأديب الطلبة هي محض سلطة إدارية تتمثل في مجلس تأديب الطلاب المشكل من غير عناصر قضائية وبالتالي فهو لا يخرج عن كونه لجنة إدارية، كما أن مجلس التأديب الأعلى الذي استحدثه القانون رقم 155 لسنة 1981 المشار إليه وناط به استئناف النظر في قرارات مجلس تأديب الطلاب، لا يغاير في طبيعته القانونية الطبيعة الإدارية للمجلس الذي ينظر في قراراته، وممارسته مهمة التعقيب على هذه القرارات لا تجعل قراراته في صدد هذه المهمة أحكاماً تأديبية بل تعد بحسب التكييف السليم لها من القرارات الإدارية النهائية الصادرة من جهات إدارية ذات اختصاص قضائي مما ينعقد الاختصاص بالفصل في الطعون المقامة بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإداري عملاً بنص البند (ثامناً) من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة، وهو ما يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الدعوى الماثلة.
ومن حيث إن المادة 110 من قانون المرافعات قد أوجبت على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، ومن ثم يتعين القضاء بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر هذه الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مع إبقاء الفصل في المصروفات لمحكمة الموضوع.

فلهذه الأسباب

"حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري - (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) للفصل فيها وأبقت الفصل في المصروفات".

الطعن 1836 لسنة 27 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 58 ص 329

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

-----------------

(58)

الطعن رقم 1836 لسنة 27 القضائية

عاملون بالقطاع العام - انتهاء الخدمة - الاستقالة الحكمية.
المادة 100 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - المشرع حدد على سبيل الحصر الحالات التي تأخذ حكم الاستقالة الضمنية فافترض أنه بتوافر إحدى هذه الحالات الثلاث أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته استعاضة بذلك عن الاستقالة الصريحة - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز للشركة أن تبتدع أحوالاً أخرى وتوردها بلائحتها الداخلية وتفترض بتوافرها أن العامل مقدماً استقالته - إذا تضمنت اللائحة التنفيذية للشركة حكماً مؤداه أنه إذا رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول إليه فإنه يعتبر مستقيلاً وصدر قرار إنهاء خدمته استناداً إلى هذا الحكم فإنه يعتبر قرار باطلاً لمخالفته للقانون - أساس ذلك: حكم اللائحة الداخلية قد أضاف حالة رابعة للاستقالة الضمنية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 10 من يونيه سنة 1981 أودع الأستاذ مكرم حبيب المحامي نائباً عن الأستاذ نعيم حلمي المحامي الوكيل عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1836 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 20 من إبريل سنة 1981 في الدعوى رقم 166 لسنة 22 القضائية المرفوعة من الطاعن ضد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات - البيبسي كولا - بصفته والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبوله شكلاً وبقبوله وبرفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون عليه مع التصدي لموضوع الدعوى وإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتقدير التعويض المناسب.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بهذه المحكمة جلسة 6/ 6/ 1984 فقررت إحالته لنظره أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 2/ 10/ 1984 والتي أحالته لنظره أمام هذه الدائرة بجلسة 17/ 11/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 25 من يونيه سنة 1979 أقام الطاعن الدعوى رقم 852 لسنة 1979 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات (البيبسي كولا) بصفته طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع له مبلغاً قدره ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء القرار الصادر باعتباره مستقيلاً من الخدمة اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1979.
وشرح الطاعن دعواه مبيناً أنه التحق بخدمة الشركة في أول يونيه سنة 1950 ثم تدرج بوظائفها إلى أن شغل وظيفة رئيس أقسام شئون العاملين بمصنع اللبان بالدرجة الثامنة، وفي 8 من مايو سنة 1979 نقل للعمل بوظيفة رئيس أقسام التعبئة بنفس درجته ومرتبه بمصنع مصطفى كامل وذلك بمقتضى القرار رقم 59 لسنة 1979 فقام بتنفيذه وتسلم العمل المنقول إليه على الرغم من أن هذا القرار قد صدر جافياً لمقتضيات العمل ومشوباً بالتعسف لصدوره دون عرض على لجنة شئون العاملين فتظلم من هذا القرار إلا أن الشركة لم تستجب لتظلمه.
واستطرد الطاعن قائلاً أن الشركة تمادت في تعسفها ذلك أنه عرض له عذر قهري اقتضى تغيبه عن العمل فأرسل برقية طالباً إجازة سنوية غير أن الشركة اعتبرته متغيباً بدون إذن بالرغم من أن رصيد إجازاته يبلغ 57 يوماً، وقررت مجازاته بخصم ربع يوم من أجره وبتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 تقدم بطلب للحصول على إجازة لمدة ثلاثين يوماً من رصيد أجازته فتأشر عليه من رئيس مجلس الإدارة بالموافقة بعد انتهاء الإدارة القانونية من التحقيقات التي تقوم بها معه، وفي نفس هذا التاريخ أخطره مدير المصانع بنتيجة التحقيق الإداري رقم 6 لسنة 1979 الذي أجري في شأن ما نسب إليه من امتناعه عن العمل وتنفيذاً لقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 71 لسنة 1979 فقد تقرر اعتباره مستقيلاً من العمل اعتباراً من نهاية عمل يوم 6 من يونيه سنة 1979.
وانتهى الطاعن في عريضة دعواه سالفة الذكر إلى أن القرار المشار إليه يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته لحكم الفقرة الرابعة من المادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 والتي ناطت بمجلس إدارة الشركة الاختصاص في توقيع هذا الجزاء بالنسبة لشاغلي الدرجة الثانية فما فوق ومن ثم طلب الحكم بطلباته سالفة الذكر خاصة أنه سيبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 10 من ديسمبر سنة 1980.
وبجلسة 25 من مارس سنة 1980 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بالإسكندرية وقيدت الدعوى بسجل تلك المحكمة برقم 166 لسنة 22 القضائية.
وعين لنظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية الإسكندرية جلسة 26 من أكتوبر سنة 1980 وبهذه الجلسة حدد الطاعن طلباته في الطعن بأنها الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقته بسبب إنهاء خدمته اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1979.
وقد دفعت الشركة المطعون ضدها الدعوى فطلبت الحكم بعدم اختصاص المحكمة التأديبية ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المحكمة التأديبية لا تختص بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات التأديبية التي توقع على العاملين بالقطاع العام واحتياطياً بعدم قبول الطعن شكلاً لأن الطاعن أقام طعنه بطلب التعويض قبل أن يتظلم من القرار رقم 71 لسنة 1979 باعتباره مستقيلاً من الخدمة أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره به وفقاً للمادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام استناداً إلى القول بأن هذا القرار هو الذي بني عليه طلب التعويض في هذا الطعن ومن باب الاحتياط الكلي طلبت الشركة رفض الطعن.
وبجلسة 25 من إبريل سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبول وبرفضها موضوعاً.
واستندت المحكمة في قضائها إلى أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن فإن هذا الدفع مردود عليه بأنه طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها والفصل فيها حتى ولو كانت غير مختصة ولائياً بنظرها.
وبالنسبة للدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم التظلم من القرار الصادر بنقل المدعي خلال المواعيد القانونية فإن هذا مردود عليه بأن طلب التعويض عن القرارات المرتبطة والمترتبة على الجزاءات التأديبية لا يسري في شأنها شروط الطعن بالإلغاء.
وبالنسبة لموضوع الدعوى فقد أسست المحكمة حكمها على أن القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً قد صدر مستنداً في ذلك إلى أنه رفض استلام عهدة المخازن عقب نقله بالقرار رقم 59 لسنة 1971 وهذا الرفض يعتبر امتناعاً عن العمل ومن ثم يكون مقدماً استقالته طبقاً للمادتين 80، 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام.
ولقد ذهبت المحكمة إلى أن الطاعن كان قد تقدم بطلب للشركة بتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 للحصول على إجازة لمدة ثلاثين يوماً وأشر رئيس مجلس الإدارة على هذا الطلب "موافق بعد انتهاء الإدارة القانونية من التحقيقات التي تقوم بها معه" ولما كانت الإجراءات سالفة الذكر هي في حقيقة الأمر تطبيق لأحكام المواد 80، 81، 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه ومن ثم يعتبر القرار رقم 71 لسنة 1971 في التكييف القانوني الصحيح قراراً تأديبياً بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العامل المذكور، ولما كان هذا القرار قد صدر من رئيس مجلس الإدارة في حين أن القانون رقم 48 لسنة 1978 قد خص المحكمة التأديبية وحدها في المادة (84) منه بتوقيع عقوبة الفصل ومن ثم يكون رئيس مجلس إدارة الشركة بإصداره قرار إنهاء خدمة العامل المذكور قد اغتصب سلطة المحكمة التأديبية مما يترتب عليه انعدام القرار، ولما كان عيب عدم الاختصاص لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض عن القرار المشوب به ومن ثم فإن عيب عدم الاختصاص الذي شاب قرار رئيس مجلس الإدارة لا يعد عيباً مؤثراً في موضوع ذلك القرار إذ أنه قد صدر سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه المبررة له ومن ثم يتعين الحكم برفض طلبات العامل المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن القرار الصادر من رئيس مجلس الإدارة بإنهاء خدمة الطاعن قد صدر مخالفاً للقانون مفوتاً عليه كافة الضمانات الوجوبية التي كفلها المشرع للعامل مفصحاً عن تعسف الإدارة قبله مما يوجب الحكم بالتعويض الذي يراعى في تقديره مدة خدمته وحسن سيرته ومركزه الأدبي والاجتماعي وحرمانه من مورد رزقه.
ومن حيث إن المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالقطاع العام تنص على أنه "يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات الآتية:
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين الواردتين في البندين (1)، (2) يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة سبعة أيام في الحالة الأولى وخمسة عشر يوماً في الحالة الثانية.
3 - إذا التحق بخدمة أية جهة أجنبية بغير ترخيص من حكومة جمهورية مصر العربية وفي هذه الحالة تعتبر خدمة العامل منتهية من تاريخ التحاقه بالجهة الأجنبية.
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في الحالات الثلاث المتقدمة إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع عن العمل أو لالتحاقه بالخدمة في جهة أجنبية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه أنه بعد أن عدد حالات انتهاء الخدمة إجمالاً في المادة 96 منه، أفرد لكل حالة حكماً خاصاً، وبالنسبة للاستقالة نظمها في حكمين، الحكم الأول فصله في المادة 99 منه وهو حكم الاستقالة الصريحة ثم نظم حكم الاستقالة الضمنية في المادة (100) السالف الإشارة إليها فعدد على سبيل الحصر الحالات التي تأخذ حكم الاستقالة إذ افترض المشرع أنه بتوافر إحدى هذه الحالات الثلاث أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته استعاضة بذلك عن الاستقالة الصريحة ولم يكن هناك مفر من تقرير هذا الحكم إذ أن دوام نشاط منشآت القطاع العام وانتظامها أمر تجب له الرعاية وهذا يقتضي أن يكون من حق الإدارة إنهاء خدمة العامل إذا بدرت منه بوادر تدل على عزوفه عن العمل والحالات التي افترض المشرع أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته وهي كما سلف القول - حالات محددة على سبيل الحصر ومن ثم لا يجوز لإدارة هذه المنشآت أن تضيف إلى هذه الحالات حالات أخرى تفترض بتوافرها أن العامل يعتبر مقدماً استقالته فإن فعلت كان قرارها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 20 من مايو سنة 1979 قدم مدير مصنع مصطفى كامل التابع للشركة المطعون ضدها مذكرة إلى مدير المصانع أبدى فيها أنه صدر القرار رقم 59 لسنة 1978 بنقل السيد....... إلى وظيفة رئيس أقسام التعبئة بالمصنع اعتباراً من 12 مايو سنة 1979 إلا أن المذكور قد تغيب عن العمل لعدة أيام وعند حضوره رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة طبقاً لما هو متبع وطلب في مذكرته اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وقد باشرت الإدارة القانونية بالشركة التحقيق وانتهت في مذكرتها - بدون تاريخ - إلى الآتي:
أولاً: قيد الواقعة مخالفة إدارية بالمواد 78 (1، 8)، 80، 84، 85 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ضد الطاعن لأنه في خلال المدة من 12 مايو سنة 1979 وحتى تاريخه بمصنع الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات بمصطفى كامل بالإسكندرية خرج على مقتضى واجب تأدية عمله بدقة وأمانة وواجب تنفيذ الأوامر الصادرة إليه بشأن العمل طبقاً للنظم المعمول بها بأن امتنع دون مبرر مشروع عن أداء ما أسند إليه من عمل يدخل في اختصاصات وظيفته الأصلية ورفض تنفيذ القرار الصادر بنقله بصورة إيجابية واستلام عهدة مخازن التعبئة بصفته الوظيفة الجديدة مما أدى إلى عرقلة العمل والإخلال بحسن سيره.
ثانياً: اعتبار العامل المذكور مستقيلاً من تاريخ اعتماد هذا القرار.
وقد تأشر على هذه المذكرة بتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 بالموافقة.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الإدارة القانونية قد قيدت الواقعة التي نسبها مدير مصنع مصطفى كامل إلى الطاعن طبقاً لمواد قانون العاملين بالقطاع العام والتي عددت واجبات الوظيفة وخولت السلطات التأديبية توقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها بالقانون ولم تكيف الواقعة على أنها انقطاع عن العمل بدون إذن يستوجب تطبيق المادة رقم 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 يؤكد ذلك أن الواقعة محل التحقيق هي بحسب ما تضمنته المذكرة المقدمة من مدير مصنع مصطفى كامل أن العامل المذكور رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة من يوم 12 من مايو سنة 1979 حتى تاريخ تقديم المذكرة في 20 من مايو سنة 1979 وهي دون مدة الانقطاع التي يعتبر معها العامل مقدماً استقالته فضلاً عما هو ثابت أن العامل المذكور قد حصل على إجازة يوم 12 من مايو سنة 1979 وانقطع عن عمله أيام 14، 15، 16، 17 من مايو سنة 1979 وتم مجازاته عن هذا الغياب بخصم ربع يوم من مرتبه ومن ثم فحقيقة المخالفة المنسوبة إليه أنه رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة وهذه الواقعة لا تعتبر قرينة ضمنية على الاستقالة طبقاً للمادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه فالانقطاع عن العمل بدون إذن المعول عليه لترتيب أحكام الاستقالة هو عدم تواجد العامل في مقر عمله خلال الساعات المحددة لذلك وهو أمر يختلف عن تواجد العامل في مقر عمله وعدم قيامه به على الوجه الأكمل أو الخروج على مقتضيات عمله، فالأول يفترض معه أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته ومن ثم يقتصر دور الجهة الإدارية على تسجيل واقعة الانقطاع وإنهاء خدمة العامل إن شاءت وبعد اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها وأما الأمر الثاني فهو مخالفة تأديبية تتيح للإدارة سلطة تقديرية في توقيع عقوبة من العقوبات التي عينها القانون دون إلزام عليها بتوقيع عقوبة معينة.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن المخالفة المنسوبة إلى العامل المذكور لا تعتبر انقطاعاً عن العمل في حكم المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 كذلك فلا حجة لما تذهب إليه الشركة المطعون ضدها من أن هذه المخالفة تؤدي إلى اعتبار العامل المذكور مستقيلاً طبقاً لنص المادة 46 من اللائحة الداخلية للشركة والتي تقضي بأن رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول إليه وبشرط ألا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله يستوجب إثبات هذا الامتناع بمحضر واعتبار العامل مستقيلاً - لا حجة في ذلك لأن المادة 109 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه تقضي أنه على مجالس إدارة الشركات الداخلة في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون أن تصدر اللوائح والقرارات المنفذة له ولما كان من المسلم به أنه لا يجوز تضمين اللوائح التنفيذية أحكاماً تخالف أحكام القانون الصادرة تنفيذاً له ومن ثم فإذا كان القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه قد حدد حالات ثلاثة يفترض بتحقق إحداها أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته وأن هذه الحالات قد وردت في القانون على سبيل الحصر ومن ثم فإنه لا يجوز للائحة الداخلية للشركة أن تبتدع أحوالاً أخرى بتحققها يفترض أن العامل قدم استقالته ومن ثم إذا ما قضت اللائحة التنفيذية للشركة المطعون ضدها في المادة 46 منها أن رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول له يعتبر مستقيلاً فإن مؤدى ذلك أنها أضافت حالة رابعة للاستقالة الضمنية لم ينص عليها القانون رقم 48 لسنة 1978 في المادة 100 منه ومن ثم يكون القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها استناداً لنص المادة 46 من اللائحة المشار إليها قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لما تقدم وكانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن لا تعتبر انقطاعاً عن العمل بدون إذن في مفهوم المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 كما لا تؤدي إلى اعتباره مستقيلاً طبقاً لما تقضي به اللائحة الداخلية للشركة ومن ثم يكون القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها رقم 71 لسنة 1979 باعتباره مستقيلاً قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن أساس مسئولية الشركة المطعون ضدها عن القرارات الصادرة منها هو تحقق خطأ من جانبها بأن يكون القرار الذي أصدرته مخالفاً للقانون وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من جرائه وتقوم علاقة السببية بين الخطأ وذلك الضرر.
ومن حيث إن خطأ الشركة المطعون ضدها ثابت قبلها على ما سلف إيضاحه بإصدار القرار رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً اعتباراً من 6 يونيه سنة 1979 وقد لحق بالطاعن أضرار مادية تتمثل في حرمانه من راتبه المدة من تاريخ نفاذ هذا القرار حتى تاريخ بلوغه السن القانونية لانتهاء خدمته في 10 من ديسمبر سنة 1980 فضلاً عن الأضرار الأدبية التي تلحق بكل من تنهى خدمته بالمخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه وقد تبين من الأوراق أن الطاعن قد ساهم بخطئه وهو الامتناع عن تسلم العهدة في دفع جهة الإدارة إلى إنهاء خدمته دون اتباع الإجراءات القانونية ومن ثم فإن الأضرار التي لحقته كانت وليدة خطأ مشترك منهما معاً ومن ثم يتعين أخذ ذلك في الاعتبار عند تقدير التعويض الذي يستحق للطاعن والذي تقدره المحكمة بمبلغ ألف جنيه.
لما كان ما تقدم وكان القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً قد صدر مخالفاً للقانون وقد سبب هذا القرار ضرراً بالطاعن ساهم بفعله في تحققه ومن ثم يستوجب الأمر تعويض الطاعن عن هذا الضرر وبمراعاة خطئه بمبلغ ألف جنيه وحيث قضى الحكم المطعون فيه بغير ما تقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويقتضى الأمر إلغاءه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات (البيبسي كولا) بصفته بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ ألف جنيه.

الطعن 484 لسنة 26 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 57 ص 320

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وعادل محمود فرغلي - المستشارين.

----------------

(57)

الطعن رقم 484 لسنة 26 القضائية

(أ) اختصاص - ما يدخل في اختصاص القضاء الإداري.
بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 أصبح القضاء الإداري يختص بكافة المنازعات الإدارية ومن بينها القرارات الصادرة بنقل العاملين وندبهم من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى - رقابة القضاء الإداري تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت هذه القرارات قد صدرت من الجهة المختصة في حدود السلطة المخولة لها ولا تحركها في إصدارها سوى حوافز الصالح العام وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء إصدارها إلى غمط حقوق أصحاب الشأن بإلحاقهم بوحدات إدارية للتنزيل من وظائفهم أو التهوين من مراكزهم أو استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية أو زعزعة الثقة في قدراتهم - إذا أساءت الإدارة سلطتها كان قرار النقل أو الندب معيباً بحسبانه وسيلة مستورة للأضرار بأصحاب الشأن وحرمانهم من المزايا المادية والأدبية - تطبيق.
(ب) قرار إداري - عيوبه - عيب إساءة استعمال السلطة.
شواهد الانحراف بالسلطة بحسبانه عيب قصدي يقوم بمصدر القرار - ينبغي أن توجه إلى ما شاب مسلكه في إصدار القرار المطعون فيه دون أن يجاوزه إلى تقويم سلوك مصدر القرار - أساس ذلك: لا يجوز مجاوزة القضاء الإداري حدود اختصاصه في الرقابة على القرارات الإدارية إلى التغول في اختصاص السلطة التنفيذية في أداء وظيفتها الدستورية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء 19/ 2/ 1980 أودع الأستاذ مصطفى خفاجي المحامي نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بسجلاتها تحت رقم 484 لسنة 26 ق وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 12/ 1979 والقاضي أولاً: برفض طلب المدعي بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزامه مصروفات الطلب ثانياً: بإثبات ترك المدعي للخصومة فيما يتعلق بطلب التعويض في ذلك في الدعوى رقم 1079 لسنة 33 ق المقامة من الطاعن..... ضد رئيس مجلس الوزراء، وطلب في ختام طعنه وللأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 654 لسنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من نقل الطاعن من وظيفة الأمين العام المساعد لمجلس الوزراء إلى أمانة شئون السودان مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة.
وبعد أن تم إعلان الطعن إلى أصحاب الشأن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانون انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة جلسة 2/ 11/ 1983 حيث نظرته الدائرة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية وبجلسة 1/ 2/ 1984 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - "الدائرة الثانية" - لنظره بجلسة 13/ 3/ 1984 وبجلسة 2/ 10/ 1984 قررت هذه الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة لنظره بجلسة 29/ 5/ 1984، وقد استمعت المحكمة بالجلسة المذكورة والجلسات التالية ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق في أنه بتاريخ 12/ 8/ 1978 أقام الطاعن الدعوى رقم 6 لسنة 12 ق أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بتاريخ 12/ 8/ 1978 طلب في ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 654 لسنة 1978 الصادر في 19/ 7/ 1978 فيما تضمنه من نقله من وظيفة الأمين العام المساعد إلى وظيفة بالأمانة العامة لشئون السودان مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات وقال شرحاً لدعواه بأنه عين في وظيفة أمين عام مساعد لمجس الوزراء بدرجة وكيل وزارة في عام 1972، وبتاريخ 18/ 7/ 1977 رقي إلى وظيفة وكيل أول وزارة وكان حريصاً دائماً على القيام بواجبات وظيفته ومسئولياتها وما تستلزمه من أعباء وقد أدت يقظته الدائبة إلى صدور عدة قرارات تسيء إلى المدعي، فقد منعته الجهة الإدارية من ممارسة اختصاصات وظيفته فاضطر إلى رفع الدعوى رقم 822/ 31 ق طالباً إلغاء القرار السلبي بعدم تمكنيه من ممارسة اختصاصاته ثم لجأت إلى تنزيله في الوظيفة فأصدرت قراراً بترقية أحد مرؤوسيه إلى درجة أعلى في جهة أخرى على الورق ثم عادت وعينته في وظيفة بالمجلس، فاضطر المدعي إلى رفع الدعوى رقم 1033 لسنة 31 ق لإلغاء القرار الصادر بالتحايل على القانون إضراراً بوضعه الوظيفي، كما لجأت إلى محاولة أخرى لتنزيله في الوظيفة فنقلت أحد وكلاء وزارة الأوقاف بدرجته إلى المجلس وأصدر القضاء الإداري حكمه بإلغاء ترقية هذا الوكيل المنقول إلغاء مجرداً ثم عادت الإدارة إلى ترقية الوكيل المذكور بالمخالفة للقانون مما اضطره إلى رفع الدعوى رقم 88 لسنة 32 ق بطلبه إلغاء هذه الترقية وما زالت الدعاوى الثلاث المذكورة منظورة أمام القضاء الإداري، وكما تبين له بصفته الوظيفية بعض الجرائم التي تقع تحت طائلة القانون العام، تتلخص في اختلاس أموال عامة وفي تغيير الحقيقة بالكشط في سجل قيد قرارات رئيس مجلس الوزراء وإزالة قرارين بتحشير قرار باطل بمد خدمة السيد.... وكيل أول وزارة سابق بمجلس الوزراء لمدة عام آخر من تاريخ انتهاء خدمته في شهر ديسمبر سنة 1978، وذلك لصدوره بعد العمل بأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 الذي منع مد الخدمة وقد تم الكشط والتحشير ليكون الإصدار بتاريخ سابق على صدور القانون الجديد وقد عرض المدعي الأمر على الوزير المختص فلما لم يحرك ساكناً أبلغ النائب العام في 13/ 7/ 1978 وبتاريخ 18/ 7/ 1978 وافق كل من وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ووزير المالية على نقل المدعي بدرجته إلى أمانة شئون السودان للصالح العام بدعوى أن درجته تفيض عن حاجة مجلس الوزراء وبتاريخ 19/ 7/ 1978 صدر القرار المطعون فيه بنقل المدعي إلى الأمانة العامة لشئون السودان ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره مخالفاً للقانون، ومشوباً بإساءة استعماله السلطة لعدم استهدافه وجه الصالح العام.
وقد عقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى استناداً إلى أن الطاعن قد نقل نظراً إلى أن درجته تزيد على حاجة مجلس الوزراء حيث تضمنت ميزانية مجلس الوزراء أربع درجات وكيل أول وزارة وهي تزيد عن حاجة العمل الفعلي بالمجلس وقد نقل المدعي "الطاعن" إلى أمانة شئون السودان بدرجته المالية وإلى وظيفة من الفئة الممتازة وهي ذات الوظيفة التي كان يشغلها بالمجلس وقد صدر هذا القرار بالاتفاق بين وزير المالية ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء طبقاً للقانون مستهدفاً وجه الصالح العام وتحقيقاً لمصلحة العمل بالأمانة العامة لشئون السودان ولا ينطوي القرار على أي جزاء مقنع، وأن ما أثاره المدعي من أن القرار قد تضمن جزاء تأديبياً نظراً لأنه تقدم ببلاغ للنائب العام بوقائع معينة ضد موظف متغيب فإن ذلك ليس من شأنه أن يثير حفيظة الوزير المختص أو رئيس مجلس الوزراء ضده طالما أن البلاغ لم يتضمن إساءة إليه فضلاً عن أن المجلس لم يسبق له أن قام بالتحقيق في أية واقعة منسوبة إلى المدعي حتى يمكن القول أن القرار كان بمثابة قرار تأديبي كما أن المدعي قد استقال من عمله بالأمانة العامة لشئون السودان اعتباراً من 20/ 8/ 1978 وصدر قرار الوزير المختص بقبول استقالته الأمر الذي ينفي أية مصلحة له في الطعن في القرار المطعون فيه وبجلسة 17/ 3/ 1979 قضت المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وتنفيذاً للحكم المذكور أحليت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1079 لسنة 33 ق بعد أن أضاف المدعي "الطاعن" إليها طلباً جديداً متضمناً إلزام الجهة الإدارية بأن تدفع له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والذي تنازل عنه في أول جلسة من جلسات المرافعة.
وبجلسة 27/ 12/ 1979 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه القاضي برفض طلب المدعي الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزامه مصروفات الطلب وإثبات ترك المدعي للخصومة فيما يتعلق بطلب التعويض، وأقامت قضاءها على أنه ليس للعامل حق مكتسب في أن يبقى في وظيفة معينة بجهة معينة بل يجوز للجهة الإدارية أن تنقله إلى أية جهة أو أية وظيفة وفقاً للضوابط الواردة في المادة 26 من قانون العاملين كما يجوز لها طبقاً للمادة 27 من القانون المذكور وبعد موافقة وزير المالية نقل العامل من وحدة إلى أخرى إذا كان زائداً عن حاجة العمل بالوحدة فإذا كانت الجهة الإدارية قد نقلت المدعي وهو وكيل أول وزارة - بوظيفته ودرجته إلى الأمانة العامة لشئون السودان نظراً لأن وظيفته تزيد عن حاجة العمل الفعلي بالأمانة العامة لمجلس الوزراء طبقاً للإجراءات والضوابط الواردة بالمادتين 26، 27 من قانون العاملين فإن القرار الطعين يكون قائماً على سببه الذي يبرره قانوناً ولا يقدح في صحة هذا القرار قول المدعي أنه صدر مشوباً بالانحراف وإساءة استعمال السلطة ذلك أن هذا العيب عيب قصدي يقوم بنفس مصدر القرار وليس في الأوراق دليل على قيام نوازع الانحراف برئيس مجلس الوزراء، كما لا يجدي المدعي قوله أنه أبلغ النائب العام عن بعض المخالفات التي اكتشفها بحكم وظيفته وذلك أن التحقيق في البلاغ لم يتم بعد، ولم يقل المدعي بأن هذا التحقيق قد أسفر عن إدانة أحد وهو بالقطع لا يمس رئيس الوزراء.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباً بالقصور في الأسباب والخطأ في فهم الواقع والتطبيق القانوني وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم الطعين قد انتهى إلى أن صدور القانون رقم 47 لسنة 1978 لا يؤثر على سلامة القرار أو صحته، مع أن القانون المذكور قد نص صراحة في المادة الثانية منه على إلغاء كل حكم ورد في القانون رقم 58 لسنة 1971 ومن ثم فإنه اعتباراً من 1/ 7/ 1978 تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 47 المشار إليه، ألغى كل حكم في القانون 58 لسنة 1971 المشار إليه، ومن ثم فإن استناد القرار المطعون فيه إلى القانون رقم 58 لسنة 1971 في 19/ 7/ 1978 قبل نشر القانون الجديد بيوم واحد يدل على التسرع الواضح في إصدار القرار بقصد الإضرار بالطاعن ومؤشر مبدئي على الانحراف بالسلطة وعدم تغيي الصالح العام.
ثانياً: أنه من غير المستساغ منطقاً أو قانوناً أن تدعي رئاسة مجلس الوزراء أن الطاعن زائد عن حاجة العمل بها، وفي نفس الوقت وقبل أيام تعد مذكرة بمد خدمة السيد...... وكيل أول وزارة برئاسة مجلس الوزراء الذي بلغ سن الستين في يوم 7/ 12/ 1978 وكان يكفي إلغاء درجة من انتهت خدمته، إلا أن المحكمة أغفلت المستندات الجوهرية التي قدمها المدعي بما يفيد وجود هذه المذكرة.
ثالثاً: أنه كان يتعين على المحكمة أن تستشف الانحراف بالسلطة من واقع السرعة الزائدة التي لازمت القرار المطعون فيه، وفي عدم تحديد وظيفة ينقل إليها، إذ تقرر نقل المدعي قبل أن تحدد الوظيفة المنقول إليها وبعد أن أعد عدد من الوزراء مذكرات وأصدره رئيس مجلس الوزراء في ساعات قليلة.
رابعاً: أن المحكمة قد أغفلت أوجه الدفاع الجوهرية للمدعي والبيانات الهامة التي قدمها دليلاً على الانحراف ومن بينها على سبيل المثال ما نصت عليه المادة 95 من القانون رقم 47 لسنة 1978 التي استحدثت الحظر الخاص بعدم جواز مد الخدمة بعد بلوغ السن القانونية وهو القانون الذي أصبح معمولاً به اعتباراً من 1/ 7/ 1978، ولما لم تكن خدمة السيد........ قد مدت بصدور القرار قبل هذا التاريخ فقد حشر القرار في سجل القرارات الخاصة بمجلس الوزراء وكان يتعين على المحكمة أن تطلب هذا السجل لتطلع عليه وتتأكد من صدق أقوال المدعي.
ومن حيث إنه ولئن كانت رقابة القضاء الإداري قد أضحت بصدور القانون رقم 47 لسنة 1972 مبسوطة على كافة المنازعات الإدارية ومن بينها القرارات الصادرة بنقل العاملين وندبهم من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى، إلا أن هذه الرقابة لا تزال تجد حدها الطبيعي في التأكد مما إذا كانت هذه القرارات قد صدرت من الجهة المختصة في حدود السلطة المخولة لها لا تحركها في إصدارها سوى حوافز الصالح وحسن التنظيم المرفقي المبرر لإعادة توزيع عمال المرافق العامة أو ما إذا كانت الجهة الإدارية ترمي من وراء إصدارها إلى غمط حقوق أصحاب الشأن من العاملين بإلحاقهم بوحدات إدارية للتنزيل من وظائفهم أو التوهين من مراكزهم أو استبعادهم من دائرة المتطلعين للترقية أو زعزعة الثقة في قدرتهم على الاضطلاع بوظائفهم تجاه المجتمع وفي هذه الأحوال يكون قرار النقل أو الندب معيباً بحسبانه وسيلة مستورة للأضرار بأصحاب الشأن وحرمانهم من المزايا المادية أو الأدبية التي يحصلون عليها في وظائفهم وما يتمتعون به من ثقة لا يجوز النيل منها أما إذا تم النقل وفقاً لمقتضيات الصالح العام ومتطلبات العمل فإن للإدارة الحق في أن تجريه بما تتمتع به من سلطة تقديرية بغير معقب عليها في ذلك ما دامت قد تغيت عند إصدار القرار وجه الصالح العام ولم تتعسف في استعمال سلطتها أو تخالف القانون.
ومن حيث إن الثابت في خصوصية هذه المنازعة أن كلاً من وزير الدولة لشئون السودان ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء قد رفعا مذكرة في 18/ 7/ 1978 إلى السيد رئيس الوزراء ذكرا فيها أنه تحقيقاً لصالح العمل في الأمانة العامة لمجلس الوزراء والأمانة العامة لشئون السودان سبق أن وافق السيد رئيس الوزراء من حيث المبدأ على اتخاذ إجراءات نقل السيد........ وكيل أول الوزارة....... للمعاونة في أعمال الأمانة العامة لشئون السودان خاصة وأنه توجد بموازنة رئاسة مجلس الوزراء أربع فئات وكيل أول وهي تزيد عن حاجة العمل الفعلي بالمجلس كما أرسل السيد وزير الدولة لشئون التنمية الإدارية خطاباً إلى السيد وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء يفيد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على هذا النقل كما أرسل السيد وزير المالية في ذات التاريخ خطاباً يفيد موافقته على نقل السيد...... إلى الأمانة العامة لشئون السودان تبعاً لنقل درجته طبقاً للمادة 14 من التأشيرات العامة المرافقة لقانون ربط الموازنة العامة للدولة واستناداً إلى هذه الإجراءات صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 654 لسنة 1978 المطعون فيه متضمناً نقل الطاعن بفئته المالية من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى وظيفة من الفئة الممتازة وكيل أول وزارة بالأمانة العامة لشئون السودان.
ومن حيث إنه يبين من الإجراءات والضمانات التي أحاطت بها الجهة الإدارية قرارها الطعين أن رئيس مجلس الوزراء لم يستهدف من قرار النقل الإضرار بحقوق الطاعن المشروعة وحيث تم النقل إلى وظيفة لا تقل عن درجة وظيفته، وروعيت في إصداره كافة الإجراءات والقيود الواردة في شأن النقل بقانون العاملين، للإفادة بخبراته في الأمانة العامة لشئون السودان بعد نقل وظيفته إلى ميزانية الأمانة المذكورة لزيادته عن حاجة مجلس الوزراء الأمر الذي يشكل السبب الصحيح للقرار المذكور وينفي عن مصدر القرار قصد الإضرار بالطاعن إذ لا يكفي لإثبات هذا القصد في حق مصدر القرار الادعاء بسرعة اتخاذ الإجراءات الخاصة بإصداره حتى يصدر قبل نشر القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة الذي فرض قيوداً جديدة على نقل العاملين من وحدة إدارية إلى وحدة إدارية أخرى، ما دامت الجهة الإدارية قد حرصت على اتباع كافة الإجراءات الواردة في القانون الجديد ومن بينها الحصول على موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الأمر الذي يجعل قرارها سواء طبقاً للقانون الملغي أو القانون المعمول به سليماً ومطابقاً للقانون وينفي عنها أي رغبة في الإفلات من أحكام القانون أو الإساءة للطاعن سيما وقد ثبت من الأوراق أن الإجراءات التي اتخذت لإصدار القرار قد تمت بعد موافقة سابقة من السيد رئيس الوزراء على نقل الطاعن تبعاً لنقل وظيفته إلى الأمانة العامة لشئون السودان، فما كانت السرعة في اتخاذ الإجراءات أو إصدار القرارات بذاتها سبباً في بطلانها أو مؤشراً يصم مصدرها بالانحراف أو إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن القرار المطعون فيه قد صدر سليماً مطابقاً للقانون قائماً على سببه الذي يبرره قانوناً وهو زيادة وظيفة الطاعن عن حاجة العمل بمجلس الوزراء فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من رفض الطلب المدعى بإلغائه ولا يكفي الطاعن للنعي عليه التحمل في أن رئيس الوزراء قد أصدر القرار المطعون فيه في الوقت الذي أصدر فيه قراراً آخر بمد مدة خدمة السيد...... وكيل أول الوزارة برئاسة مجلس الوزراء بعد بلوغه سن الستين وذلك أنه فضلاً عن أن هذا القرار لم يكن مطعوناً فيه أمام المحكمة فإن مد خدمة المذكور لا يتضمن تناقضاً مع القرار المطعون فيه لتعلقه بصميم اختصاص الإدارة في استيفاء العامل الذي يتوافر في حقه خبرات خاصة قد لا تتوافر في باقي العاملين وترى الإدارة أنها في حاجة إليها ما دامت لم تجد في خبرات الطاعن أو غيره من العاملين ما يعوضها عن هذه الخبرات التي أفصحت عن بعضها في المذكرة الإيضاحية المرافقة لقرار مد خدمته وهي على أية حال لا تنهض دليلاً على انحراف السلطة المختصة أو إساءتها لاستعمال سلطتها ذلك أن شواهد الانحراف بحسبانه عيب قصدي يقوم بمصدر القرار ينبغي أن توجه إلى ما شاب مسلكه في إصدار القرار المطعون فيه دون أن يجازوه إلى تقويم سلوكه في إصدار القرارات الإدارية وإلا يجاوز القضاء بذلك حدود اختصاصه في الرقابة على القرارات الإدارية ويغول على اختصاص السلطة التنفيذية في أداء وظائفها الدستورية.
ومن حيث إنه لا وجه لما نعاه الطاعن من أن الحكم الطعين قد أغفل تحقيق أوجه دفاعه الجوهرية وهي بينها الاطلاع على سجل قرارات رئيس مجلس الوزراء للتأكد من مدى صحة القرار الصادر بمد مدة خدمة السيد...... بعد بلوغه السن القانونية وذلك أن المحكمة غير ملزمة بتعقب دفاع الطاعن والمبادرة إلى تحقيق ما يشتهيه من طلبات ولو كانت غير منتجة في الدعوى وألا تكون قد تركت زمام المبادرة للخصوم يجروها معصوبة العينين إلى مستقر لها من مجهول بل إن للمحكمة أن توجه إجراءات الدعوى الإدارية على النحو الذي يكشف عن مقطع النزاع فيها ويجلو لها وجه الحق كاملاً بما يطمئن إليه وجدانها ويطرح عنه ما يتطرق إليه الشك فيها.
ومن ثم فإن المحكمة تكون قد أصابت في عدم الانصياع إلى طلبات المدعي في ضم سجلات لا جدوى من ورائها يفيد إلزامها بالبحث في سلامة قرار غير مطروح عليها وغير مؤثر في سلامة القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى سلامة القرار الصادر بنقل الطاعن إلى الأمانة العامة لشئون السودان قد صدر سليماً مطابقاً للقانون ويكون الطعن فيه غير قائم على أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن بالمصروفات.


يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا - الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرر من القانون رقم 47 لسنة 1972 الصادر بجلسة 15/ 12/ 1985 والذي يقضي بعدم اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في قرارات النقل والندب.