جلسة 20 من أكتوبر سنة 1969
برياسة السيد المستشار/
محمد أبو الفضل حفني، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم أحمد الديواني، ومحمد
السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة، ومحمد ماهر محمد حسن.
-----------------------
(220)
الطعن رقم 1197 لسنة 39
القضائية
(أ) إثبات. "إثبات
بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق
الدفاع. ما يوفره". تزوير. "أوراق عرفية". "أوراق موقعة على
بياض". كمبيالة. "تظهيرها". مسئولية جنائية.
إيراد أدلة الثبوت التي
تسوغ القضاء بالإدانة وبيان مدى تأييدها لواقعة الدعوى. واجب.
دفاع المتهم بحقه في
تظهير الكمبيالة - المسلمة إليه موقعة على بياض - تظهيراً ناقلاً للملكية. متى
يكون جوهرياً في تهمة تزوير صيغة التحويل المتروكة على بياض: إذا كان ذا أثر في
انتفاء أو ثبوت هذه التهمة.
(ب) حكم. "تسبيبه.
تسبيب معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام". تزوير. "استعمال محرر
مزور". عقوبة. "العقوبة المبررة". طعن. "المصلحة في
الطعن". نقض. "المصلحة في الطعن".
فساد استدلال الحكم كله.
لا يبرره تطبيقه للمادة 32 عقوبات وإيقاع عقوبة مقررة لأي من التهمتين المسندتين
إلى المتهم. توافر مصلحة المتهم في الطعن على هذا الحكم. مثال.
-----------------
1 - إن القانون قد أوجب
في كل حكم بالإدانة أن يورد أدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في
بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى. وإذ كان ذلك، وكان النزاع المردد بين طرفي
الخصومة يدور حول وجود السبب المبرر للتظهير الناقل للملكية، فقد كان لزاماً على
المحكمة أن تتقصى سبب التظهير وأن تتحدث بشيء عنه، وتدلي برأيها في هذا الشأن، لما
يترتب عليه من أثر في انتفاء الجريمة أو ثبوتها، أما وهي لم تمحص هذا الدفاع
الجوهري وتقول كلمتها فيه، وكان ما أورده الحكم من أن المدعي بالحق المدني لو قصد
نقل ملكية السندين لملأ بيانات التظهير، لا يكفي للرد على هذا الدفاع ولا يعتبر من
قبيل الأسباب السائغة التي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها قضاؤه من أن سبب
التظهير لا يدل بطريق اللزوم على أنه ضالع فيما نسب إليه من التزوير - بفرض وقوعه
- خصوصاً إذا كان المحامي قد أضاف عبارة التظهير من عنده في غيبة موكله وبغير
مشورته، لما وقر في نفسه من ثبوت حقه في التظهير الكامل الناقل للملك، بناء على
اجتهاده هو في تفهم نص المادة 135 من قانون التجارة، ومن ثم فإن الحكم يكون قاصراً
بما يعيبه.
2 - متى كان الحكم
المطعون فيه فاسد الاستدلال في جريمة التزوير التي نسب إلى الطاعن ارتكابها، وكان
قد استدل في خصوص جريمة استعمال المحرر المزور على علم الطاعن بالتزوير من كونه
الفاعل له، فإن الخطأ يشمل استدلال الحكم كله بما يعيبه، ويوفر المصلحة في التمسك
بهذا الطعن، دون أن يحاج بتطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهمتين
معا وإيقاع عقوبة واحدة مقررة لأيهما.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في المدة ما بين 10 فبراير سنة 1960 و27 يوليه سنة 1960 بدائرة قسم
الدرب الأحمر: محافظة القاهرة ارتكب جريمة التزوير في محررين عرفيين على النحو
الوارد بعريضة الدعوى إضراراً بالمدعي بالحق المدني. وطلبت عقابه بالمادتين 212،
و225 من قانون العقوبات. وادعى مدنياً مصطفى أحمد جاد وطلب القضاء له قبل المتهم
بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضورياً
عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة 10 ج لوقف التنفيذ
وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ ألف وخمسمائة جنيه والمصاريف
المدنية المناسبة و500 ق أتعاب محاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها مدة ثلاث
سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق
النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانه بجريمة التزوير في محررين عرفيين قد شابه
القصور ذلك بأنه أغفل الرد على دفاع الطاعن الذي تمسك به بشأن سبب تظهير السندين
الإذنين المطعون فيهما بالتزوير, وعلى ما أثاره الطاعن من أن التظهير لم يكن
لتحصيل القيمة لحساب المدعي بالحق المدني وإنما كان بقصد قبض قيمتهما لنفسه مقابل
ثمن البضاعة التي اشتراها منه.
وحيث إنه يبين من
الأوراق، أن مما أسس عليه الطاعن دفاعه في مذكرته التي قدمها في جلسة 9/ 3/ 1967
إلى محكمة الجنح المستأنفة، أن تظهير السندين الإذنين على بياض كان القصد منه نقل
ملكية الحق الثابت بهما إلى الطاعن وليس التوكيل في القبض، ذلك بأن المطعون ضده
مدين له في مبالغ تربو على قيمة السندين المذكورين، كما يبين أن الحكم المطعون فيه
بعد أن حصل مؤدى الوقائع خلص إلى "أن المدعي بالحق المدني قام بتظهير
الكمبيالتين المطعون عليهما على بياض وسلمهما للمتهم (الطاعن) للتحصيل وبعد أن
قدمهما المتهم للتحصيل بالبروتستو ولما لم يسددهما المدنيين فيهما قام وكيل المتهم
الأستاذ............ بإضافة صيغة التظهير المطعون عليها في كل من الكمبيالتين
وأعطى لهذا التظهير تاريخاً صورياً كاذباً على النحو الثابت بتقرير الخبير".
ثم عرض الحكم بعد ذلك إلى دفاع الطاعن القانوني ورد عليه في قوله أما بالنسبة
للمسالة الثانية التي أثارها المتهم (الطاعن) في دفاعه والتي تتضمن أن ما وقع منه
لا يكون جريمة لثبوت حقه في إضافة عبارة التظهير عملاً بالمادة 135/ 2 تجاري التي
تنص على أن "صيغة التحويل المتروكة على بياض وقت التحويل يجوز أن تكتب فيما
بعد وإنما يلزم أن يكون ما كتب مطابقاً لعمل حصل حقيقة في التاريخ الموضوع في صيغة
التحويل" ويتضح من نص المادة سالفة الذكر إنها أجازت أن تملأ بيانات التظهير
على بياض فيما بعد ولكنها استلزمت لذلك شروطاً ثلاثة، الأولان نصت عليهما المادة
المذكورة والثالث مستفاد من نص المادة 136 تجاري، أما الشرط الأول فهو أن تكون
البيانات المضافة مطابقة لعمل حصل حقيقة والثاني أن يكون هذا العمل قد حصل في تاريخ
الإضافة والثالث أن تؤرخ البيانات المضافة بالتاريخ الذي تمت الإضافة حتى لا تنسحب
إلى تاريخ التوقيع على بياض ومن ثم يضار الغير. ومن الواضح تخلف هذه الشروط إذ أن
المدعي بالحق المدني لم يعمد إلى تسليم الكمبيالتين إلى المتهم (الطاعن) بقصد نقل
ملكيتهما إليه وإلا لملأ بيانات التظهير" وهذا الذي أورده الحكم ينطوي على
الفساد في الاستدلال والقصور ذلك بأن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يورد
أدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده
واقعة الدعوى، ولما كان النزاع المردد بين طرفي الخصومة يدور حول وجود السبب
المبرر للتظهير الناقل للملكية، فقد كان لزاماً على المحكمة أن تتقصى سبب التظهير
وأن تتحدث بشيء عنه وتدلي برأيها في هذا الشأن لما يترتب عليه من أثر في انتفاء
الجريمة أو ثبوتها، أما وهي لم تمحص هذا الدفاع الجوهري وتقول كلمتها فيه، وكان ما
أورده الحكم - من أن المدعي بالحق المدني لو قصد نقل ملكية السندين لملأ بيانات
التظهير - لا يكفي للرد على هذا الدفاع ولا يعتبر من قبيل الأسباب السائغة التي من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها قضاؤه من أن سبب التظهير لا يدل بطريق اللزوم على
أنه ضالع فيما نسب إليه من التزوير بفرض وقوعه خصوصاً إذا كان المحامي قد أضاف
عبارة التظهير من عنده في غيبة موكله وبغير مشورته لما وقر في نفسه من ثبوت حقه في
التظهير الكامل الناقل للملك بناء على اجتهاده هو في تفهم نص المادة 135 من قانون
التجارة ومن ثم فإن الحكم يكون قاصراً بما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل في خصوص جريمة الاستعمال على علم الطاعن
بتزوير الظهيرين في المحررين التجاريين بما لا ينتجه، فإن الخطأ يشمل استدلال
الحكم كله بما يعيبه، ويوفر المصلحة في التمسك بهذا الطعن، دون أن يحاج بتطبيق
المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى التهمتين معاً وإيقاع عقوبة واحدة مقررة
لأيهما