الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 1 أكتوبر 2016

الطعن 3225 لسنة 81 ق جلسة 20 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 132 ص 742

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ فرغلي عبد الرحيم زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد سعيد، عثمان متولي حسن، محمد متولي عامر، محمود محمود عبد السلام نواب رئيس المحكمة.

----------------

(132)
الطعن رقم 3225 لسنة 81 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تلبس. مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع الجريمة. تبين ماهية المادة المخدرة قبل التفتيش. عدم لزومه. شرط ذلك؟
قيام دلائل كافية على اتهام الطاعنين بجريمة إحراز مخدر. أثره: جواز القبض عليهما وتفتيش ما معهما. أساس ذلك؟
مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس بإحراز مادة مخدرة.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات.
(4) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بعدم ضبط الطاعنين على مسرح الجريمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) إثبات "خبرة". مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيميائية هو الذي صار تحليله وإلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل. أثره؟
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع. لا يمنع من القضاء بالإدانة. متى كانت أدلة الدعوى كافية.
مثال.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات الشاهد إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(8) بطلان. نقض "الصفة في الطعن" "المصلحة في الطعن".
لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
---------------
1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
2- لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود المتهمين الأولى والثاني في حالة من حالات التلبس فإن المحكمة تقرر أن من حق مأمور الضبط القضائي أن يتتبع ما يحوزه أو يحرزه المتهم المأذون بتفتيشه متى سبق واقعة الضبط إذن من النيابة العامة بضبط ما يحوزه أو يحرزه المتهم حتى ولو انتقلت الحيازة أو الإحراز إلى غير المتهم المأذون بتفتيشه وذلك للكشف عن الجريمة التي صدر من أجلها الإذن بالتفتيش بشرط بأن يتثبت مأمور الضبط من أن حيازة أو إحراز المضبوطات كانت للمتهم المأذون بتفتيشه أولاً ويشاهد ذلك بنفسه وذلك لكونها قد سبق صدور إذن النيابة العامة بضبطها وأن ضبط تلك الأشياء في يد الغير بعد ذلك يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق من شهادة شاهد الإثبات أن الحقيبة "الشنطة" التي تم ضبط المخدر بداخلها كانت المتهمة المأذون بتفتيشها تحرزها بنفسها ثم قامت بنقل حيازتها إلى المتهمة الأخرى والتي نقلتها بدورها إلى المتهم الثاني ومن ثم فإن قيام مأمور الضبط القضائي شاهد الإثبات بضبط تلك الشنطة بحوزة المتهم الثاني يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش الصادر بضبط ما يحوزه أو تحرزه المتهمة الثالثة من مواد مخدرة حتى ولو كانت تلك الشنطة لا يظهر منها المخدر المضبوط إذ لا مجال هنا لإعمال حالة التلبس في حالتها الأولى إذ إن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة، هذا فضلاً عن أن ما تلقاه ضابط الواقعة من أن المتهمة المأذون بتفتيشها على موعد لتسلم المواد المخدرة بمكان الضبط وما شاهده من انتقال حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين المتهمين الثلاثة بمثابة توافر الدلائل الكافية على أن ما أحرزه المتهمون وتناقلوه فيما بينهم يفيد في كشف الجريمة التي صدر إذن النيابة العامة للكشف عنها، ومن ثم يضحى دفع المتهمين الأولى والثاني سالف الذكر لا يستند إلى سند جدي صحيح من الواقع أو القانون متعيناً القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين الطاعنين الثلاثة فقام بضبطهم فإن هذه الظروف تعتبر قرينة قوية على أن الطاعنين معهما شيء يفيد في كشف الحقيقة مما يجيز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشهما عملاً بالمادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن مؤدى ما تقدم يدل بذاته من ناحية أخرى وبغض النظر عما إذا كان إذن التفتيش يشمل الطاعنين أم لا على قيام دلائل كافية على اتهامهما بجريمة إحراز مخدر مما يسوغ لرجل الضبط القضائي القبض عليهما وتفتيش الشنطة المضبوطة معهما طبقاً لأحكام المادتين 34/ 1، 46 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ضبط المخدر معهما يكون بمنأى عن البطلان.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة الثالثة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وذلك لخطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات أن المتحري عنه الثاني نجل المتهمة المأذون بتفتيشها فإنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينال من جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن مجرد الخطأ في بعض البيانات التي لا يتطلبها القانون لاستصدار إذن النيابة العامة بالتفتيش ولما كان ما تقدم وكان مجرد خطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات المتهم المتحري عنه نجل المتهمة المأذون بتفتيشها لا يعد من البيانات التي تطلبها القانون لصحة صدور إذن النيابة العامة ومن ثم فهو لا ينال من جدية التحريات ولا يعيب الإجراءات وإذ كان ذلك وكانت التحريات التي أجراها ضابط الواقعة قد تضمنت اسم المتهمة المأذون بتفتيشها كاملاً ومحل إقامتها والجريمة التي اقترفتها من حيازة وإحراز المواد المخدرة وأن تحرياته قد أسفرت عن صحة المعلومات التي وردت إليه من عدة مصادر مختلفة على النحو السالف بيانه بأسباب الحكم وأن تلك التحريات قد تأكدت لديه من خلال المراقبة ومن ثم فإن استناد النيابة العامة إلى تلك التحريات واستصدارها الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهمة الثالثة سائغ وتطمئن المحكمة إلى صحة صدور ذلك الإذن بناء على تلك التحريات الجدية ومن ثم يضحى دفاع المتهمة الثالثة وباقي المتهمين بعدم جدية التحريات لا يستند إلى سند جدي صحيح متعيناً القضاء برفضه" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنُي عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
4- لما كان ما أثاره كل من الطاعنتين الأولى والثالثة من عدم ضبطهما على مسرح الجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقطاع صلة كل من الطاعنتين الأولى والثالثة بالمخدر المضبوط واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع بانقطاع صلة المتهمين بالحرز الذي تم إرساله إلى المعامل الكيماوية فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن المخدر الذي تم ضبطه مع المتهمين بمعرفة الضابط هو بذاته الذي أرسل إلى معامل التحليل وهو بذاته الذي تم فحصه معملياً وأن سبب الاختلاف في الوزن بين ما هو ثابت بمحضر الضبط وتقرير المعمل الكيماوي يرجع إلى نوع الميزان الذي تم استعماله في الوزن فهو ميزان غير حساس تم استعماله في الوزن بمعرفة الشرطة بينما الميزان الذي تم الوزن به بواسطة المعمل الكيماوي هو ميزان حساس ويؤيد ذلك أن الفرق في الوزن بين الجهتين فارق ضئيل يمكن حدوثه من جراء ذلك السبب" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك دون النظر للخلاف في الوزن المقول به، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن وزن الشرطة للمخدر على ميزان غير حساس كان 206 جرامات وأن وزن النيابة العامة على ميزان حساس 30.194 جرام وأن الثابت بتقرير المعامل الكيماوية أن وزن المخدر 30.194 جراماً، ومن ثم يكون ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن وزن المخدر 30.394 جراماً هو خطأ مادي في الكتابة وسهو واضح لا يخفي على من يراجع الحكم، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
6- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع طلب ضم دفتر الأحوال وكانت المحكمة قد استجابت إلى هذا الطلب وأمرت بضمه فتعذر تنفيذ ذلك، فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي فصلت في الدعوى دون أن تضم دفتر الأحوال ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع لما هو مقرر من أن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالإدانة ما دامت أدلة الدعوى كافية للثبوت، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
7- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، فإن النعي على الحكم في شأن إغفال أقوال شاهد الإثبات بمحضر الجلسة يكون في غير محله.
8- لما كانت التحريات وإذن التفتيش عن الطاعنة الثالثة فلا صفة للطاعن الثاني في النعي على الحكم بعدم تفتيش مسكن المأذون بتفتيشها لما هو من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقيق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن الثاني لم يبين ماهية الدفاع الذي أبداه والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه بل أرسل القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أحرزوا بقصد الاتجار جوهر (الهيروين) المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات. باعتبار أن الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمهم مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون بمذكرتي أسبابهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة إحراز مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك أنه خلا من بيان الواقعة وأدلتها، واطرح دفاع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان القبض والتفتيش المؤسس على عدم توافر حالة التلبس، ودفاع الطاعنة الثالثة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، وعدم ضبط أي من الطاعنتين الأولى والثالثة على مسرح الجريمة ما لا يسوغ به اطراحه، كما أغفل دفاع الطاعنتين الأولى والثالثة بشأن انقطاع صلتهما بالمخدر المضبوط لاختلاف وزنه بمحضر الضبط والحكم المطعون فيه وتقرير المعمل الكيماوي، كما لم يجبهم إلى طلب ضم دفتر الأحوال بإدارة مكافحة مخدرات ....... استناداً إلى إفادة بفقد دفتر الأحوال، وأغفل أقوال ضابط الواقعة بجلسة المحاكمة ومما حملته من أسباب براءة الطاعن الثاني، كما لم يتم استكمال تنفيذ إذن النيابة العامة بتفتيش مسكن المأذون بتفتيشها الطاعنة الثالثة، كما أغفل باقي ما أبداه دفاع الطاعن الثاني بجلسة المحاكمة إيراداً ورداً. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة استقاها من أقوال شاهد الإثبات ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله: (وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود المتهمين الأولى والثاني في حالة من حالات التلبس فإن المحكمة تقرر أن من حق مأمور الضبط القضائي أن يتتبع ما يحوزه أو يحرزه المتهم المأذون بتفتيشه متى سبق واقعة الضبط إذن من النيابة العامة بضبط ما يحوزه أو يحرزه المتهم حتى ولو انتقلت الحيازة أو الإحراز إلى غير المتهم المأذون بتفتيشه وذلك للكشف عن الجريمة التي صدر من أجلها الإذن بالتفتيش بشرط بأن يتثبت مأمور الضبط من أن حيازة أو إحراز المضبوطات كانت للمتهم المأذون بتفتيشه أولاً ويشاهد ذلك بنفسه وذلك لكونها قد سبق صدور إذن النيابة العامة بضبطها وأن ضبط تلك الأشياء في يد الغير بعد ذلك يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق ومن شهادة شاهد الإثبات أن الحقيبة "الشنطة" التي تم ضبط المخدر بداخلها كانت المتهمة المأذون بتفتيشها تحرزها بنفسها ثم قامت بنقل حيازتها إلى المتهمة الأخرى والتي نقلتها بدورها إلى المتهم الثاني ومن ثم فإن قيام مأمور الضبط القضائي شاهد الإثبات بضبط تلك الشنطة بحوزة المتهم الثاني يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش الصادر بضبط ما يحوزه أو تحرزه المتهمة الثالثة من مواد مخدرة حتى ولو كانت تلك الشنطة لا يظهر منها المخدر المضبوط إذ لا مجال هنا لإعمال حالة التلبس في حالتها الأولى إذ إن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة، هذا فضلاً عن أن ما تلقاه ضابط الواقعة من أن المتهمة المأذون بتفتيشها على موعد لتسلم المواد المخدرة بمكان الضبط وما شاهده من انتقال حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين المتهمين الثلاثة بمثابة توافر الدلائل الكافية على أن ما أحرزه المتهمون وتناقلوه فيما بينهم يفيد في كشف الجريمة التي صدر إذن النيابة العامة للكشف عنها، ومن ثم يضحى دفع المتهمين الأولى والثاني سالف الذكر لا يستند إلى سند جدي صحيح من الواقع أو القانون متعيناً القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها، وكان الحكم قد أثبت أن الضابط المأذون له بالتفتيش قد شاهد انتقال حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين الطاعنين الثلاثة فقام بضبطهم فإن هذه الظروف تعتبر قرينة قوية على أن الطاعنين معهما شيء يفيد في كشف الحقيقة مما يجيز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشهما عملاً بالمادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن مؤدى ما تقدم يدل بذاته من ناحية أخرى وبغض النظر عما إذا كان إذن التفتيش يشمل الطاعنين أم لا على قيام دلائل كافية على اتهامهما بجريمة إحراز مخدر مما يسوغ لرجل الضبط القضائي القبض عليهما وتفتيش الشنطة المضبوطة معهما طبقاً لأحكام المادتين 34/ 1، 46 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ضبط المخدر معهما يكون بمنأى عن البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة الثالثة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وذلك لخطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات أن المتحري عنه الثاني نجل المتهمة المأذون بتفتيشها فإنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينال من جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن مجرد الخطأ في بعض البيانات التي لا يتطلبها القانون لاستصدار إذن النيابة العامة بالتفتيش ولما كان ما تقدم وكان مجرد خطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات المتهم المتحري عنه نجل المتهمة المأذون بتفتيشها لا يعد من البيانات التي تطلبها القانون لصحة صدور إذن النيابة العامة ومن ثم فهو لا ينال من جدية التحريات ولا يعيب الإجراءات وإذ كان ذلك وكانت التحريات التي أجراها ضابط الواقعة قد تضمنت اسم المتهمة المأذون بتفتيشها كاملاً ومحل إقامتها والجريمة التي اقترفتها من حيازة وإحراز المواد المخدرة وأن تحرياته قد أسفرت عن صحة المعلومات التي وردت إليه من عدة مصادر مختلفة على النحو السالف بيانه بأسباب الحكم وأن تلك التحريات قد تأكدت لديه من خلال المراقبة ومن ثم فإن استناد النيابة العامة إلى تلك التحريات واستصدارها الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهمة الثالثة سائغ وتطمئن المحكمة إلى صحة صدور ذلك الإذن بناء على تلك التحريات الجدية ومن ثم يضحى دفاع المتهمة الثالثة وباقي المتهمين بعدم جدية التحريات لا يستند إلى سند جدي صحيح متعيناً القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنُي عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما أثاره كل من الطاعنتين الأولى والثالثة من عدم ضبطهما على مسرح الجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقطاع صلة كل من الطاعنتين الأولى والثالثة بالمخدر المضبوط واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع بانقطاع صلة المتهمين بالحرز الذي تم إرساله إلى المعامل الكيماوية فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن المخدر الذي تم ضبطه مع المتهمين بمعرفة الضابط هو بذاته الذي أرسل إلى معامل التحليل وهو بذاته الذي تم فحصه معملياً وأن سبب الاختلاف في الوزن بين ما هو ثابت بمحضر الضبط وتقرير المعمل الكيماوي يرجع إلى نوع الميزان الذي تم استعماله في الوزن فهو ميزان غير حساس تم استعماله في الوزن بمعرفة الشرطة بينما الميزان الذي تم الوزن به بواسطة المعمل الكيماوي هو ميزان حساس ويؤيد ذلك أن الفرق في الوزن بين الجهتين فارق ضئيل يمكن حدوثه من جراء ذلك السبب". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك دون النظر للخلاف في الوزن المقول به، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن وزن الشرطة للمخدر على ميزان غير حساس كان 206 جرامات وأن وزن النيابة العامة على ميزان حساس 30.194 جراما وأن الثابت بتقرير المعامل الكيماوية أن وزن المخدر 30.194 جراماً، ومن ثم يكون ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن وزن المخدر 30.394 جراماً هو خطأ مادي في الكتابة وسهو واضح لا يخفى على من يراجع الحكم، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع طلب ضم دفتر الأحوال وكانت المحكمة قد استجابت إلى هذا الطلب وأمرت بضمه فتعذر تنفيذ ذلك، فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي فصلت في الدعوى دون أن تضم دفتر الأحوال ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع لما هو مقرر من أن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالإدانة ما دامت أدلة الدعوى كافية للثبوت، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، فإن النعي على الحكم في شأن إغفال أقوال شاهد الإثبات بمحضر الجلسة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت التحريات وإذن التفتيش عن الطاعنة الثالثة فلا صفة للطاعن الثاني في النعي على الحكم بعدم تفتيش مسكن المأذون بتفتيشها لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقيق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن الثاني لم يبين ماهية الدفاع الذي أبداه والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه بل أرسل القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4663 لسنة 81 ق جلسة 19 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 131 ص 734

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ إيهاب عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نبيه زهران، عطية أحمد عطية نائبي رئيس المحكمة، حسين النخلاوي والسيد أحمد.

-------------

(131)
الطعن رقم 4663 لسنة 81 القضائية

 (1)نقض "نظر الطعن والحكم فيه" "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام" "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". حكم "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام" "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". عقوبة "تطبيقها".
جواز الطعن بالنقض من عدمه. مسألة سابقة على النظر في شكله. مؤدي ذلك؟ الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة. مقصور على الغرامة التي تجاوز العشرين ألف جنيه. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959. عدم جواز الطعن بالنقض في الجريمة المعاقب عليها بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه. أساس ذلك؟
خطأ الحكم في ذكر مادة العقاب الواجبة التطبيق. لا ينال منه. ما دامت العقوبة لم تخرج عن حدود تلك المادة
.
 (2)
نقض "سقوط الطعن".
عدم تقدم الطاعن لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية. أثره: سقوط الطعن.
(3)
سب. قذف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". نشر.
عنصر العلانية في جريمتي السب والقذف. يكفي لتوافره أن يكون الجاني قصد إلى إذاعة ما أسند إلى المجني عليه. عدم استظهار توافر ذلك القصد. قصور.
مثال
.
(4)
سب. قذف. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "ما يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. تناقض يعيبه. مثال.

----------------
1 - من المقرر أن جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله ومن ثم يتعين الفصل في ذلك بداءة. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وكانت الجريمة التي دان بها الحكم المطعون فيه الطاعن الأول معاقباً عليها بالفقرة الثانية من المادة 200 مكرر (أ) وكان نص المادة سالفة البيان قد جرى على أنه "..... وتكون مسئولية رئيس التحرير أو من يقوم مقامه في الإشراف على النشر مسئولية شخصية ويعاقب على أي من الجرائم المشار إليها في الفقرة السابقة بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وذلك إذا ثبت أن النشر كان نتيجة إخلاله بواجب الإشراف". وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ومن ثم لا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن الأول مع تغريمه مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة أيضاً بالقانون رقم 74 لسنة 2007 ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد أورد خطأ مادة العقاب 200 مكرر بدلاً من المادة 200 مكرر (أ) من قانون العقوبات ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق.
2 - لما كان الطاعن الثاني - على ما أفصحت عنه النيابة العامة - لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى ودفاع الطاعنة وعبارات المقال انتهى إلى أنها ".... تشكل طعنة مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه وأن الطاعنة قد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفاً وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". ولما كان يجب لتوافر العلانية في جريمتي السب والقذف أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسند إلى المجني عليه وكانت المحكمة لم تستظهر توافر ذلك القصد، ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.
4 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيل الصوتي المتعلق بالحوار المنشور محل الاتهام القول أن "المحكمة يهمها أن تشير في هذا الصدد إلى أنه وبعد استماعها للحديث المسجل والذي جاء مبتوراً في مقدمته ونهايته وخالياً من اسم المتهم الثاني وصفته والغرض من المحادثة ومن رضاء صريح من المتهمة بالنشر أو التسجيل وحسب البين من الاطلاع على محضر تفريغ التسجيل الصوتي الذي أجراه المتهم الثاني أن الحديث لا يعدو أن يكون محادثة شخصية تمت في مكان خاص". كما أورد في مقام إدانة المتهم الثاني القول "وحيث إنه وعن مسئولية المتهم الثاني "المحرر" فهي ثابتة من وضع اسمه على المقال موضوع الاتهام والذي قام بنشره كما أنه قام بإضافة عبارات شائنة وقاسية لم تصدر عن المتهمة مثل (مجنون) وأنه يساند جماعة محظورة أو تيارات إسلامية .... وأن ما قاله ........ أشبه بنكتة غير مقبولة ومضحكة وأن ما فعله نكتة سخيفة وغير محبوكة قاصداً من ذلك الإمعان في التشهير بالقاضي المجني عليه والهيئة التي ينتمي إليها – فضلاً عن تعمد استفزاز المتهمة واستنطاقها بالألفاظ المشينة". ثم عاد الحكم في معرض إدانة الطاعنة وأورد "وحيث إنه وعن مسئولية المتهمة الثالثة فهي ثابتة أيضاً فالمتهمة أستاذة جامعية سابقة وتدير مؤسسة طبية وتتبوأ مناصب حزبية وهي أيضاً عضو بمجلس الشعب وقد أقرت بالتحقيقات ما ورد بالمقال والذي يشكل طعنه مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه فقد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفاً وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين لواقعة علم الطاعنة بالتسجيل وموافقتها على نشر المقال موضوع الجريمة، وواقعة تفوهها بالعبارة موضوع تهمة القذف وهي مناط التأثيم يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى. فضلاً عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أولاً: أهانوا بالقول موظفاً عاماً مكلفاً بخدمة عامة المجني عليه ...... عضو اللجنة العامة المشرفة على انتخابات مجلس الشعب بدائرة ..... وكان ذلك بسبب تأديته لتلك الخدمة بأن أسندوا إليه عن طريق النشر بإحدى الصحف "جريدة ..... " بعددها الصادر بتاريخ ...... عبارات الإهانة موضوع التهمتين الثانية والثالثة. ثانياً: قذفوا بإحدى طرق العلانية المجني عليه سالف الذكر بأن أسندوا إليه عن طريق النشر بالصحف أموراً لو صحت لأوجبت عقابه قانوناً واحتقاره عند أهل وطنه وذلك في الموضوع الذي حرره المتهم الأول ونشره الثاني بالعدد رقم ..... الصادر بتاريخ ...... من جريدة ..... تحت عنوان القاضي ..... "يساند تيار الإخوان وتيارات إسلامية أخرى وأنه يريد أن يضرب الحزب الوطني في الدائرة وأنه لم يستطع قول ذلك على مرشحي الحزب الوطني الرجال في الدائرة لأنه خائف منهم وهيدولوا فوق دماغه" وكان ذلك بسوء قصد وبلا سند لما نشروه وأسندوه إليه على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثا: سبوا علناً وبطريق النشر المجني عليه سالف الذكر بأن أسندوا إليه أموراً خادشة لشرفه واعتباره في ذات الموضوع المنشور محل الاتهام الثاني بأن "نعتوه بأنه مجنون وكاذب ومختل عقلياً وأهوج وأن ما قاله أشبه بنكتة غير مقبولة ومضحكة وأن ما فعله لعبة سخيفة وغير محبوكة" وكان ذلك بسوء قصد على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ..... على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 133/ 1، 134، 171/ 5، 185، 200 مكرر، 302/ 1، 303/ 2، 306، 307 من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32 من القانون ذاته. أولا: بمعاقبة المتهم الأول بتغريمه خمسة آلاف جنيه عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة المتهمين الثاني والثالثة بالحبس لمدة شهر واحد وبتغريم كل منهما عشرة آلاف جنيه عما أسند إليهما. ثالثا: أمرت بإحالة الدعوى المدنية بحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليهم بوكيل عن كل منهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

أولاً: في الطعن المقدم من الطاعن الأول ..... .
حيث إنه من المقرر أن جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على النظر في شكله ومن ثم يتعين الفصل في ذلك بداءة. لما كان ذلك، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدل بالقانون رقم 74 لسنة 2007 لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه وكانت الجريمة التي دان بها الحكم المطعون فيه الطاعن الأول معاقباً عليها بالفقرة الثانية من المادة 200 مكرر (أ) وكان نص المادة سالفة البيان قد جرى على أنه ".... وتكون مسئولية رئيس التحرير أو من يقوم مقامه في الإشراف على النشر مسئولية شخصية ويعاقب على أي من الجرائم المشار إليها في الفقرة السابقة بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه، وذلك إذا ثبت أن النشر كان نتيجة إخلاله بواجب الإشراف". وكان مفاد ذلك أن تلك الجريمة جنحة معاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه ومن ثم لا يجوز الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من الطاعن الأول مع تغريمه مبلغاً مساوياً لمبلغ الكفالة عملاً بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة أيضاً بالقانون رقم 74 لسنة 2007، ولا ينال من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد أورد خطأ مادة العقاب 200 مكرر بدلاً من المادة 200 مكرر (أ) من قانون العقوبات ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق.
ثانياً: في الطعن المقدم من الطاعن الثاني ......
من حيث إن الطاعن الثاني على ما أفصحت عنه النيابة العامة لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليه قبل يوم الجلسة المحددة لنظر طعنه فيتعين الحكم بسقوطه.
ثالثاً: في الطعن المقدم من الطاعنة الثالثة .....
وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم القذف والسب في حق موظف عام بطريق النشر وإهانته بالكتابة أثناء وبسبب تأدية أعمال وظيفته قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ذلك بأنها تمسكت بانتفاء ركن العلانية إذ لم تقصد من حديثها هاتفياً مع الطاعن الثاني إلى إذاعة ما أسندته إلى المجني عليه ولم تكن تعلم بتسجيل المحادثة ولم تأذن بنشرها وأن تلك المحادثة لا تعدو أن تكون حديثاً خاصاً بينهما وكانت وليدة غش وخداع من الطاعن الثاني إلا أن المحكمة أغفلت ذلك الدفاع، كما أن الحكم في معرض رده على دفاعها ببطلان التسجيل اعتنق صورة للواقعة مفادها خلو الحديث المسجل لها من علمها بالتسجيل ورضائها بالنشر وأن حديثها مع الطاعن الثاني لا يعدو أن يكون حديثاً خاصاً ثم عاد وانتهى إلى مسئوليتها عما تم نشره، كما نفى عنها - في معرض إدانة الطاعن الثاني - إصدار العبارة موضوع تهمة القذف وأسند للأخير إضافتها إلى المقال محل الواقعة ثم عاد وأسند للطاعنة التفوه بها ودانها عنها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى ودفاع الطاعنة وعبارات المقال انتهى إلى أنها "..... تشكل طعنة مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه وأن الطاعنة قد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفا وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". ولما كان يجب لتوافر العلانية في جريمتي السب والقذف أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسند إلى المجني عليه وكانت المحكمة لم تستظهر توافر ذلك القصد، ولما كان الأمر كذلك فإن الحكم يكون قاصراً قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيل الصوتي المتعلق بالحوار المنشور محل الاتهام القول أن "المحكمة يهمها أن تشير في هذا الصدد إلى أنه وبعد استماعها للحديث المسجل والذي جاء مبتوراً في مقدمته ونهايته وخالياً من اسم المتهم الثاني وصفته والغرض من المحادثة ومن رضاء صريح من المتهمة بالنشر أو التسجيل وحسب البين من الاطلاع على محضر تفريغ التسجيل الصوتي الذي أجراه المتهم الثاني أن الحديث لا يعدو أن يكون محادثة شخصية تمت في مكان خاص". كما أورد في مقام إدانة المتهم الثاني القول "وحيث إنه وعن مسئولية المتهم الثاني "المحرر" فهي ثابتة من وضع اسمه على المقال موضوع الاتهام والذي قام بنشره كما أنه قام بإضافة عبارات شائنة وقاسية لم تصدر عن المتهمة مثل (مجنون) وأنه يساند جماعة محظورة أو تيارات إسلامية. وأن ما قاله ....... أشبه بنكته غير مقبولة ومضحكة وأن ما فعله نكتة سخيفة وغير محبوكة قاصداً من ذلك الإمعان في التشهير بالقاضي المجني عليه والهيئة التي ينتمي إليها فضلاً عن تعمد استفزاز المتهمة واستنطاقها بالألفاظ المشينة". ثم عاد الحكم في معرض إدانة الطاعنة فأورد "وحيث إنه وعن مسئولية المتهمة الثالثة فهي ثابتة أيضاً فالمتهمة أستاذة جامعية سابقة وتدير مؤسسة طبية وتتبوأ مناصب حزبية وهي أيضاً عضو بمجلس الشعب وقد أقرت بالتحقيقات ما ورد بالمقال والذي يشكل طعنة مسمومة في الجهاز القضائي الذي ينتمي إليه المجني عليه فقد خرجت على الحدود التي رسمها القانون في التعبير عن رأيها باستخدام ألفاظ وعبارات في حق المجني عليه تنم على الغطرسة والاستعلاء وذلك لقيامه بأداء واجبه المنوط به في حماية شرعية الانتخابات باعتباره مكلفاً بها فوصفته بأقذع الألفاظ الشائنة بذاتها تضمنت سباً وقذفاً وإهانة وافتراء وقد وقعت هذه الإهانة أثناء تأدية المجني عليه لوظيفته وبسببها وهي وظيفة أساسها ثقة المتقاضين واطمئنانهم لقاضيهم كما أن ما تفوهت به إنما ينقص من هيبة القضاء والقضاة أمام الملأ الذي شاهد وقرأ المقال موضوع الاتهام وهو ما يؤدي إلى اهتزاز الثقة بالقضاء وحيث إن الجريدة التي نشرت المقال محل الاتهام يتم توزيعها على جمهور القراء في أغلب محافظات الجمهورية ومن ثم يكون ركن العلانية في جريمتي السب والقذف متوافراً". لما كان ما تقدم، فإن اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين لواقعة علم الطاعنة بالتسجيل وموافقتها على نشر المقال موضوع الجريمة، وواقعة تفوهها بالعبارة موضوع تهمة القذف وهي مناط التأثيم يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى. فضلاً عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة لديها بالقدر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسئولية الطاعنة ومن ثم يكون حكمها متخاذلاً في أسبابه متناقضاً في بيان الواقعة تناقضاً يعيبه ويوجب نقضه أيضاً. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه طعنها.

الطعن 53096 لسنة 74 ق جلسة 19 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 130 ص 730

جلسة 19 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ هاني خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عاطف خليل، النجار توفيق، يوسف قايد نواب رئيس المحكمة وزكريا أبو الفتوح.

----------------

(130)
الطعن رقم 53096 لسنة 74 القضائية

بطلان. قبض. تلبس. مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
التعرض للحرية الشخصية. غير جائز بدون إذن من السلطة المختصة إلا في حالة التلبس. 
التلبس. حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها. وجوب أن يدرك مأمور الضبط القضائي وقوع الجريمة بما لا يحمل شكاً أو تأويلاً.
عدم تبين ضابط الواقعة محتوى لفافة سقطت عرضاً من الطاعن حال قيامه بالعدو هرباً. لا يوفر حالة التلبس. علة وأساس ذلك؟
بطلان القبض والتفتيش. مقتضاه: عدم التعويل في الإدانة على الدليل المستمد منهما ولا على شهادة من أجراهما. أثر ذلك؟
----------------
لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش بقالة انتفاء حالة التلبس فمردود بأن الثابت بالأوراق الذي يطمئن إليه وجدان المحكمة أن المتهم ما أن أبصر ضابط الواقعة حتى قام بالعدو هربا وقد سقطت من حقيبة يحملها لفافة فتركها متخلياً عنها نهائياً واستمر في العدو فإذ ما قام الضابط المذكور بالتقاط تلك اللفافة المتروكة أرضاً وفضها فأبصر محتواها من نبات مخدر فإن الجريمة تكون في حالة تلبس قانوناً إعمالاً لنص المادة 30 إجراءات جنائية الأمر الذي يكون معه القبض على المتهم بعد ذلك وتفتيشه قد وقع في سياج من الشرعية الإجرائية بمنأى عن البطلان سيما وأن المحكمة قد اطمأن وجدانها لمصداقية ضابط الواقعة في هذا الشأن" وكان من المقرر أنه ليس لمأمور الضبط القضائي بغير إذن من النيابة العامة أو سلطة التحقيق أن يتعرض للحرية الشخصية لآحاد الناس إلا في حالة التلبس بالجريمة، وباعتبار أن التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها، وأنه يتعين أن يدرك مأمور الضبط القضائي بإحدى حواسه وقوع الجريمة بما لا يحتمل شكاً أو تأويلاً، ولا يغني في ذلك القرائن أو الشبهات أو الخشية أو الارتباك التي يقررها مأمور الضبط القضائي. لما كان ذلك، وكان سقوط اللفافة عرضاً من الطاعن حال قيامه بالعدو هرباً عند رؤيته ضابط الواقعة لا يعتبر تخلياً منه عن حيازتها بل تظل رغم ذلك في حيازته القانونية، وإذ كان الضابط لم يستبين محتوى اللفافة قبل فضها فإن الواقعة على هذا النحو لا تعتبر من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ولا تعد في صورة الدعوى من المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتبيح بالتالي لمأمور الضبط القضائي إجراء التفتيش وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "ناتج تجفيف سيقان وفروع وزهور وأوراق نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقراري وزير الصحة رقمي 46 لسنة 1997، 269 لسنة 2002 بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه عما أسند إليه وبمصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.

المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب. ذلك بأنه اطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة وفي غير حالات التلبس بما لا يسوغ اطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش بقالة انتفاء حالة التلبس فمردود بأن الثابت بالأوراق الذي يطمئن إليه وجدان المحكمة أن المتهم ما أن أبصر ضابط الواقعة حتى قام بالعدو هرباً وقد سقطت من حقيبة يحملها لفافة فتركها متخلياً عنها نهائياً واستمر في العدو فإذ ما قام الضابط المذكور بالتقاط تلك اللفافة المتروكة أرضاً وفضها فأبصر محتواها من نبات مخدر فإن الجريمة تكون في حالة تلبس قانوناً إعمالاً لنص المادة 30 إجراءات جنائية الأمر الذي يكون معه القبض على المتهم بعد ذلك وتفتيشه قد وقع في سياج من الشرعية الإجرائية بمنأى عن البطلان سيما وأن المحكمة قد اطمأن وجدانها لمصداقية ضابط الواقعة في هذا الشأن" وكان من المقرر أنه ليس لمأمور الضبط القضائي بغير إذن من النيابة العامة أو سلطة التحقيق أن يتعرض للحرية الشخصية لآحاد الناس إلا في حالة التلبس بالجريمة، وباعتبار أن التلبس حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها، وأنه يتعين أن يدرك مأمور الضبط القضائي بإحدى حواسه وقوع الجريمة بما لا يحتمل شكاً أو تأويلاً، ولا يغني في ذلك القرائن أو الشبهات أو الخشية أو الارتباك التي يقررها مأمور الضبط القضائي. لما كان ذلك، وكان سقوط اللفافة عرضاً من الطاعن حال قيامه بالعدو هرباً عند رؤيته ضابط الواقعة لا يعتبر تخلياً منه عن حيازتها بل تظل رغم ذلك في حيازته القانونية، وإذ كان الضابط لم يستبن محتوى اللفافة قبل فضها فإن الواقعة على هذا النحو لا تعتبر من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ولا تعد في صورة الدعوى من المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتبيح بالتالي لمأمور الضبط القضائي إجراء التفتيش وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة هذا الإجراء، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان بطلان التفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمداً منه، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.

الطعن 122 لسنة 81 ق جلسة 18 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 129 ص 724

جلسة 18 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عاصم عبد الجبار، هاني عبد الجابر، معتز زايد وخالد صالح نواب رئيس المحكمة.

---------------

(129)
الطعن رقم 122 لسنة 81 القضائية

(1) قتل عمد. سبق إصرار. حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده الأدلة السائغة التي استخلص منها الإدانة. النعي عليه بخلاف ذلك. غير مقبول.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.
(2) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتتم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتدليل سائغ على توافر قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(3) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة" "الدفع بكيدية الاتهام" "الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن الرد على دفاعه بعدم معقولية تصوير الواقعة وبتلفيق الاتهام وكيديته والذي لم يبده أمامها. غير مقبول.
إثارة الطاعن دفاعه بعدم معقولية تصوير الواقعة وبتلفيق الاتهام وكيديته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
----------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه: "أن خلافاً شجر بين المتهم ووالده المجني عليه إذ دأب الأخير على إساءة معاملته هو وأشقاؤه ووالدته مما أثار حفيظة المتهم فأصر على التخلص من والده وانتهز فرصة نومه بمفرده في حجرته الخاصة لمبيته فاقتحمها حاملاً بيده عصا وسكيناً بجيبه قاصداً قتله أثناء نومه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ثم قام بمحاولة التخلص من الجثة بإحراقها إلا أنه خشي افتضاح أمره فقام بالتخلص منها بإلقائها عارية بمصرف العامية أمام مسكنه"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال وتحريات شاهد الإثبات ضابط المباحث ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وبجلستي المحاكمة، ومن تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له.
2- لما كان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فقد توافرت لدى المتهم من ضرب المجني عليه بعصا خشبية على رأسه ضربتين بقوة وعنف - وهي في مقتل - ثم لاحقه مرة أخرى بعدة ضربات على رأسه وذراعه وعندما استيقظ من نومه محاولاً الاستغاثة اعتدى بالضرب بالسكين في رقبته ووجهه مما أدى ذلك إلى إصابته بأربعة جروح قطعية بمقدم فروة الرأس وجرح قطعي بأعلى يسار الصدر وآخر بمقدم الكتف الأيمن وآخر بأعلى يمين الرقبة بما أدت إلى كسور بالجمجمة ونزيف بالمخ بما لا يدع مجالاً للشك في توافر نية إزهاق روح المجني عليه لدى المتهم وبدافع الانتقام والتخلص منه وينم عن وحشية لا حد لها بما قام به في هدوء وروية من إحراق جثة المجني عليه وإلقائه عارياً كاشفاً عورة أبيه بمصرف العامية لإخفاء ما ارتكبه من إثم عظيم وليس هناك ما يحول دون أن تنشأ هذه النية لدى الجاني إثر الخلافات التي نشأت بينه وبين والده"، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً في استظهار نية القتل، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
3- لما كان الثابت من مطالعة محضري جلستي المحاكمة أنهما قد خليا مما يثيره الطاعن في أسباب طعنه من أوجه دفاع موضوعية تتعلق بعدم معقولية تصوير الواقعة أو بتلفيق الاتهام وكيديته، فإنه ليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها، ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن في غير محله.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى قضي ببراءتها بأنهما: المتهم الأول: (1) قتل ..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وأعد لذلك الغرض أسلحة بيضاء "سكين، شومة" وتوجه إلى غرفته وما أن تيقن من استغراقه في النوم حتى انهال عليه ضرباً بالشومة أعقبها بعدة طعنات بالسكين قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (2) أحرز بغير ترخيص أسلحة بيضاء "سكيناً، شومة" بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. المتهمة الثانية: اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن اتفقت معه وساعدته على ارتكابها بأن اصطحبت أبناءها للنوم في غرفة بعيدة عن غرفة المجني عليه وقد تمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمي 6، 7 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول، مع إعمال المادتين رقمي 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالسجن المؤبد عما أسند إليه. ثانياً: ببراءة المتهمة الثانية.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه قد اعتوره الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر نية القتل في حق الطاعن، وأغفل إيراداً ورداً دفاع الطاعن بعدم معقولية تصوير الواقعة، وبتلفيق الاتهام وكيديته، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مؤداه: "أن خلافاً شجر بين المتهم ووالده المجني عليه إذ دأب الأخير على إساءة معاملته هو وأشقاؤه ووالدته مما أثار حفيظة المتهم فأصر على التخلص من والده وانتهز فرصة نومه بمفرده في حجرته الخاصة لمبيته فاقتحمها حاملاً بيده عصا وسكيناً بجيبه قاصداً قتله أثناء نومه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ثم قام بمحاولة التخلص من الجثة بإحراقها إلا أنه خشى افتضاح أمره فقام بالتخلص منها بإلقائها عارية بمصرف العامية أمام مسكنه"، وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال وتحريات شاهد الإثبات - ضابط المباحث - ومن اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وبجلستي المحاكمة، ومن تقرير الصفة التشريحية. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بهما والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعن بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فقد توافرت لدى المتهم من ضرب المجني عليه بعصا خشبية على رأسه ضربتين بقوة وعنف - وهي في مقتل - ثم لاحقه مرة أخرى بعدة ضربات على رأسه وذراعه وعندما استيقظ من نومه محاولاً الاستغاثة اعتدى بالضرب بالسكين في رقبته ووجهه مما أدى ذلك إلى إصابته بأربعة جروح قطعية بمقدم فروة الرأس وجرح قطعي بأعلى يسار الصدر وآخر بمقدم الكتف الأيمن وآخر بأعلى يمين الرقبة بما أدت إلى كسور بالجمجمة ونزيف بالمخ بما لا يدع مجالاً للشك في توافر نية إزهاق روح المجني عليه لدى المتهم وبدافع الانتقام والتخلص منه وينم عن وحشية لا حد لها بما قام به في هدوء وروية من إحراق جثة المجني عليه وإلقائه عارياً كاشفاً عورة أبيه بمصرف العامية لإخفاء ما ارتكبه من إثم عظيم وليس هناك ما يحول دون أن تنشأ هذه النية لدى الجاني إثر الخلافات التي نشأت بينه وبين والده"، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما سلف كافياً في استظهار نية القتل، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضري جلستي المحاكمة أنهما قد خليا مما يثيره الطاعن في أسباب طعنه من أوجه دفاع موضوعية تتعلق بعدم معقولية تصوير الواقعة أو بتلفيق الاتهام وكيديته، فإنه ليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها، ولا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 44982 لسنة 75 ق جلسة 17 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 128 ص 719

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ عاطف عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. صلاح البرعي، محمد جمال الشربيني، علاء مدكور نواب رئيس المحكمة وكمال صقر.

--------------

(128)
الطعن رقم 44982 لسنة 75 القضائية

تقليد. عقوبة "الإعفاء منها". مسئولية جنائية. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب" "الإعفاء من العقوبة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جواز إعفاء الجاني من العقوبة عن جريمة الشروع في تقليد عملة ورقية متداولة قانوناً. شرط ذلك؟ المادة 205 عقوبات. 
رفض الحكم إعفاء الطاعن من العقاب لعدم تمكن السلطات من القبض على من أخبر عنه أو إخباره عن باقي المتهمين الواردة أسماؤهم بالتحريات. دون التدليل على أن عدم ضبطهم راجعاً إلى عدم صدق أقواله. قصور. أثر ذلك؟
----------------
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق المتهم، عرض للدفع بإعفاء الطاعن من العقاب طبقاً لنص المادة 205 من قانون العقوبات ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن القول بأن المتهم يتمتع بالإعفاء المقرر بنص المادة 205 من قانون العقوبات بحالتيه الوجوبية والجوازية وأنه أرشد عن باقي المتهمين فمردود عليه بأن المادة 205 من قانون العقوبات نصت على أنه يعفى من العقوبات المقررة في المادتين 202، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء في فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع في التحقيق أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي إن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع في التحقيق إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء, ولما كان المتهم قد أخبر عن شخص أثناء التحقيق معه يدعى .... ولم تتمكن السلطات من القبض عليه فلا إعفاء له من العقوبة كما أنه لم يخبر عن باقي المتهمين الآخرين والوارد أسماؤهم بمحضر التحريات المؤرخ ..... والمحرر بمعرفة النقيب .... المفتش بالإدارة وكان ضبطهم بعيداً عن إخبار المتهم والقبض عليهما كان من غير هذا الطريق ومن ثم يكون قول المتهم في هذا الصدد غير صحيح ويتعين الالتفات عنه، لتخلف شرائط الإعفاء بحالتيه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أنه "ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة "فهي وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار، إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة, فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة حتى يصبح الجاني جديراً بالإعفاء المنصوص عليه, فإذا لم يتحقق صدق الإخبار بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبها الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب واطراحه على السياق المتقدم لا يعد كافياً للرد على ذلك الدفع ومسوغاً لاطراحه، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط من يدعى .... كان راجعاً إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عنه حتى تستقيم قالة الحكم في هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لم تسهم إسهاماً إيجابياً في معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقي مرتكبي الجريمة وتحمل عليها النتيجة التي انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي يوجب نقضه والإعادة, دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم: أولاً: قلدوا الأوراق المالية محل الضبط وهي "مائتان وثمانية وثلاثون ورقة مالية مقلدة من فئة العشرين جنيهاً المصرية" والمتداولة قانوناً داخل البلد وذلك بأن اصطنعوها على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة عن طريق الطباعة الكمبيوترية محل الضبط على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي مع علمهم بأمر تقليدها على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: شرعوا في تقليد أوراق مالية من فئة العشرين جنيهاً المصرية ومن فئة الخمسين جنيهاً المصرية والمتداولة قانوناً داخل البلاد وذلك بأن اصطنعوها على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة متلبساً بها على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: حازوا بقصد الترويج الأوراق المالية المقلدة محل التهمة الأولى وذلك مع علمهم بأمر تقليدها على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: حازوا أدوات مما تستخدم في عملية التقليد بغير مسوغ قانوني على النحو المبين بالأوراق.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 3، 202/ 1، 202 مكرراً، 203، 204 مكرر/ ب من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة الأوراق المزيفة والأدوات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تقليد عملة ورقية محلية والشروع فيها وحيازتها بقصد الترويج وحيازة أدوات مما تستخدم في ذلك التقليد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عنه طلب إعفاءه من العقاب المقرر بنص المادة 205 من قانون العقوبات بحالتيه الوجوبية والجوازية غير أن الحكم اطرح هذا الدفع برد غير سائغ مما يعيبه بما يوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق المتهم، عرض للدفع بإعفاء الطاعن من العقاب طبقاً لنص المادة 205 من قانون العقوبات ورد عليه في قوله "وحيث إنه عن القول بأن المتهم يتمتع بالإعفاء المقرر بنص المادة 205 من قانون العقوبات بحالتيه الوجوبية والجوازية وأنه أرشد عن باقي المتهمين فمردود عليه بأن المادة 205 من قانون العقوبات نصت على أنه يعفى من العقوبات المقررة في المادتين 202، 203 كل من بادر من الجناة بإخبار الحكومة، بتلك الجنايات قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة وقبل الشروع في التحقيق ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة فالقانون قد قسم أحوال الإعفاء في فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار قبل استعمال العملة المقلدة أو المزيفة أو المزورة أن يصدر الإخبار قبل الشروع في التحقيق، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي إن لم تستلزم المبادرة بالإخبار قبل الشروع في التحقيق إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة فموضوع الإخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة فإن كانت السلطات قد تمكنت من معرفة الجناة والقبض عليهم من غير هذا الطريق فلا إعفاء، ولما كان المتهم قد أخبر عن شخص أثناء التحقيق معه يدعى ..... ولم تتمكن السلطات من القبض عليه فلا إعفاء له من العقوبة كما أنه لم يخبر عن باقي المتهمين الآخرين والوارد أسماؤهم بمحضر التحريات المؤرخ ..... والمحرر بمعرفة النقيب ..... المفتش بالإدارة وكان ضبطهم بعيداً عن إخبار المتهم والقبض عليهما كان من غير هذا الطريق ومن ثم يكون قول المتهم في هذا الصدد غير صحيح ويتعين الالتفات عنه، لتخلف شرائط الإعفاء بحالتيه". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 205 من قانون العقوبات تنص على أنه "ويجوز للمحكمة إعفاء الجاني من العقوبة إذا حصل الإخبار بعد الشروع في التحقيق متى مكن السلطات من القبض على غيره من مرتكبي الجريمة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة" فهي وإن لم تستلزم المبادرة بالإخبار، إلا أن القانون اشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من القبض على غيره من الجناة أو على مرتكبي جريمة أخرى مماثلة لها في النوع والخطورة، فموضوع الأخبار في هذه الحالة يجاوز مجرد التعريف بالجناة إلى الإفضاء بمعلومات جدية صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على مرتكبي الجريمة حتى يصبح الجاني جديراً بالإعفاء المنصوص عليه، فإذا لم يتحقق صدق الإخبار بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبها الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء وهي تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض الرد على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء من العقاب واطراحه على السياق المتقدم لا يعد كافياً للرد على ذلك الدفع ومسوغاً لاطراحه، إذ لم تدلل المحكمة على أن عدم تمكن السلطات من ضبط من يدعى ..... كان راجعاً إلى عدم صدق أقوال الطاعن وعدم صحة ما أخبر به من معلومات عنه حتى تستقيم قالة الحكم في هذا الخصوص من أن أقوال الطاعن لم تسهم إسهاماً إيجابياً في معاونة السلطات العامة إلى ضبط باقي مرتكبي الجريمة وتحمل عليها النتيجة التي انتهى إليها من عدم تحقق موجب تمتعه بالإعفاء من العقاب. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي يوجب نقضه والإعادة، دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 23589 لسنة 75 ق جلسة 17 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 127 ص 714

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ عاطف عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. صلاح البرعي، طلعت عبد الله، علاء مدكور نواب رئيس المحكمة وكمال صقر.

---------------

(127)
الطعن رقم 23589 لسنة 75 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". استيقاف. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قبض. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
شروط الاستيقاف؟
انتهاء الحكم المطعون فيه إلى مشروعية استيقاف الضابط للطاعن دون بيان الحالة التي كان عليها الأخير قبل استيقافه. قصور. أثر ذلك؟
تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها. موضوعي. شرط ذلك؟ 
مجرد محاولة الطاعن الهرب إثر استيقاف الضابط له. لا تتوافر به حالة التلبس. مخالفة الحكم ذلك. خطأ في تطبيق القانون.
مثال لتسبيب غير سائغ في إثبات توافر المبرر للاستيقاف.
(2) دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
قبض. بطلان القبض والتفتيش. مقتضاه: بطلان الدليل المستمد منهما وشهادة من قام بهما. خلو الأوراق من دليل آخر. أثره؟
---------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنه بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ .... وحال مرور الملازم أول شرطة .... معاون مباحث مركز ... بدائرة المركز رفقة قوة من الشرطة السريين بسيارة الشرطة شاهد المتهم ... جالساً على جانب الطريق في وقت متأخر من الليل فاتجه نحوه لسؤاله عن هويته ووجهته والذي ما أن شاهده حتى لاذ بالفرار متخلياً عن شيء كان بيده أرضاً فقام بالتقاطه بعد تتبعه وتمكن من اللحاق به والسيطرة عليه، وبسؤاله عن سبب هروبه لم يبد له سبباً معقولاً وتبين عدم حمله تحقيق شخصية وبفض الكيس الذي ألقاه أرضاً في مواجهته تبين أن بداخله اثني عشر لفافة ورقية من ورق المجلات بداخل كل لفافة نبات جاف أخضر اللون يشبه نبات البانجو المخدر وبتفتيشه عثر معه على مائة وعشرين جنيهاً كما عثر معه على سلاح أبيض وبمواجهة المتهم بالمضبوطات أقر بإحرازها والمبلغ النقدي، وثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن اللفافات تحوي أجزاء نباتية خضراء اللون وجافة عبارة عن أجزاء من سيقان وفروع وأوراق وقمم زهرية وبذور وزنت قائماً باللفافات الورقية 83 جراماً ثبت أنها لفافات الحشيش "القنب" وتحتوي على المادة الفعالة" وحصل الحكم أقوال الضابط بما لا يخرج عن مؤدى ما أورده في معرض سرده لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان للاستيقاف شروط ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي أن يضع الشخص نفسه طواعيةً منه، واختياراً في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن صورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى مشروعية استيقاف الضابط لمجرد اشتباهه فيه دون أن يبين الحالة التي كان عليها الطاعن قبل استيقافه وما إذا كانت تستلزم تدخل الضابط ليستطلع جلية أمره ذلك أنه إذا ما انتفت المظاهر التي تبرر الاستيقاف فإنه يكون على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون فهو باطل ولا يعتد بما أسفر عنه من دليل ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال هذا إلى أنه ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض بيانه لواقعة الدعوى وما حصله من أقوال الضابط على السياق المتقدم لا يبين منه توافر حالة التلبس، ذلك أن مجرد محاولة الطاعن الهرب إثر استيقاف الضابط له ليس فيه ما يبرر القبض عليه لعدم توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة هذا الإجراء ورفض الدفع ببطلان الضبط فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
2- من المقرر أن بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منهما، وبالتالي لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصل الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سوى شهادة الضابط فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ناتجاً عن تجفيف نبات الحشيش المخدر "القنب" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقراري وزير الصحة والسكان رقمي 46 لسنة 1997، 269 لسنة 2002 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المصاريف باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان القبض وضبط المحرر على أساس أن الجريمة كانت في حالة تلبس في حين أن مؤدى أقوال الشاهد الملازم ..... معاون مباحث مركز ..... أنه قبض على الطاعن قبل أن يتبين كنة المادة المخدرة بداخل الكيس المضبوط وهو ما يعد قبضاً قبل أن تتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع الجريمة وبالتالي فإن ما أسفر عنه القبض من ضبط المادة المخدرة يكون باطلاً. كما اطرح برد قاصر دفع الطاعن ببطلان استيقافه لانتفاء مبرراته مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "حيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنه بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ ..... وحال مرور الملازم أول شرطة ..... معاون مباحث مركز ..... بدائرة المركز رفقة قوة من الشرطة السريين بسيارة الشرطة شاهد المتهم ..... جالساً على جانب الطريق في وقت متأخر من الليل فاتجه نحوه لسؤاله عن هويته ووجهته والذي ما إن شاهده حتى لاذ بالفرار متخلياً عن شيء كان بيده أرضاً فقام بالتقاطه بعد تتبعه وتمكن من اللحاق به والسيطرة عليه، وبسؤاله عن سبب هروبه لم يبد له سبباً معقولاً وتبين عدم حمله تحقيق شخصية وبفض الكيس الذي ألقاه أرضاً في مواجهته تبين أن بداخله اثني عشر لفافة ورقية من ورق المجلات بداخل كل لفافة نبات جاف أخضر اللون يشبه نبات البانجو المخدر وبتفتيشه عثر معه على مائة وعشرين جنيهاً كما عثر معه على سلاح أبيض وبمواجهة المتهم بالمضبوطات أقر بإحرازها والمبلغ النقدي، وثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن اللفافات تحوي أجزاء نباتية خضراء اللون وجافة عبارة عن أجزاء من سيقان وفروع وأوراق وقمم زهرية وبذور وزنت قائماً باللفافات الورقية 83 جراماً ثبت أنها لفافات الحشيش "القنب" وتحتوي على المادة الفعالة" وحصل الحكم أقوال الضابط بما لا يخرج عن مؤدى ما أورده في معرض سرده لواقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان للاستيقاف شروط ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي أن يضع الشخص نفسه طواعيةً منه، واختياراً في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن صورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى مشروعية استيقاف الضابط لمجرد اشتباهه فيه دون أن يبين الحالة التي كان عليها الطاعن قبل استيقافه وما إذا كانت تستلزم تدخل الضابط ليستطلع جلية أمره ذلك أنه إذا ما انتفت المظاهر التي تبرر الاستيقاف فإنه يكون على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون فهو باطل ولا يعتد بما أسفر عنه من دليل ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال هذا إلى أنه ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التي تبني عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض بيانه لواقعة الدعوى وما حصله من أقوال الضابط على السياق المتقدم لا يبين منه توافر حالة التلبس، ذلك أن مجرد محاولة الطاعن الهرب إثر استيقاف الضابط له ليس فيه ما يبرر القبض عليه لعدم توافر المظاهر الخارجية التي تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التي تبيح لمأمور الضبط القضائي القبض والتفتيش، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة هذا الإجراء ورفض الدفع ببطلان الضبط فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله. لما كان ذلك، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل يكون مستمداً منهما، وبالتالي لا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصل الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سوى شهادة الضابط فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بالمادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966.

الطعن 23236 لسنة 75 ق جلسة 17 / 11 / 2012 مكتب فني 63 ق 126 ص 706

جلسة 17 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ عاطف عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. صلاح البرعي، طلعت عبد الله، محمد جمال الشربيني، علاء مدكور نواب رئيس المحكمة.

---------------

(126)
الطعن رقم 23236 لسنة 75 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
مثال.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المحكمة غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
سرد روايات الشاهد وإن تعددت. غير لازم. حد ذلك؟
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى. شرط ذلك؟
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة" "شهود".
تطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني. غير لازم. شرط ذلك؟
كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
التقارير الطبية لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات. صلاحيتها كدليل مؤيد لأقوال الشهود.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
متابعة المحكمة للمتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا. غير لازم. استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) دفوع "الدفع بنفي التهمة" "الدفع بكيدية الاتهام" "الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بنفي التهمة وكيدية الاتهام وعدم معقولية الواقعة. موضوعي. استفادة الرد عليها من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". تزوير "الادعاء بالتزوير".
الأصل في الإجراءات الصحة. عدم جواز الادعاء بما يخالف الثابت منها إلا بالطعن بالتزوير.
(8) تقرير التلخيص. إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها".
وضع محكمة الجنايات تقرير تلخيص. غير لازم. أساس ذلك؟
---------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله: "إنه في يوم ... وعقب علم المجني عليه .... بحدوث مشاجرة بين عائلة المتهم وبين شقيقته وأنجالها توجه إلى منزل شقيقته، وقبل وصوله شاهد المتهم قادماً في اتجاهه وحاملاً لسلاح أبيض "سكين جريد" وقام بطعنه به في أصبع البنصر لليد اليمني وأحدث إصابته التي تخلف لديه منها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزئي للسلامية الأخيرة الطرفية لإصبع البنصر الأيمن، وإعاقة بمنتصف حركة الثني للمفصل البنصر الأيمن وتقدر بنسبة اثنان في المائة". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم لم يحط بواقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها ووجه استشهاده بها يكون ولا محل له.
2- من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم مادامت قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه وهو الحال في الدعوى فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض.
3- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كانت أقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم والتي لا ينازع الطاعن في مأخذها من أوراق الدعوى لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين مادام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، وكان من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص فلا يعيب الحكم استناده إليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
4- من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعن بشأن وجود السلاح المستعمل في الحادث بيد شقيق المجني عليه وأنه هو المتسبب في إصابة الأخير يكون غير مقبول.
6- من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وكيدية الاتهام وبعدم معقولية الواقعة كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه صدر علناً وكان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها سواء في محضر الجلسة أو في الحكم إلا بالطعن بالتزوير فإنه لا يقبل من الطاعن قوله أن الحكم صدر بجلسة غير علنية مادام لم يتخذ من جانبه إجراءات الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد.
8- من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص، قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات، يدل على ذلك أن المادة 381/ 1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها الإجراءات التي تتبع في الجنح والمخالفات، وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولاً: ضرب المجني عليه ...... بأداة حادة "سكينة - مقشط جريد" على يده اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي فقد جزئي للسلامية الأخيرة الطرفية للأصبع البنصر الأيمن وإعاقة في نهاية حركة الثني للمفصل المشطي السلامي للأصبع البنصر الأيمن وهي تقدر بنسبة عجز مئوية حوالي (2%) اثنين في المائة. ثانياً: أحرز أداة "سكيناً" استخدمها في الاعتداء على المجني عليه دون أن يوجد لإحرازها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1/ 1، 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 11 من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال نص المادتين 17، 2/ 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحداث عاهة مستديمة وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ من القانون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى وأدلتها ووجه استشهاده بتلك الأدلة، هذا إلى أن دفاع الطاعن دفع بتناقض أقوال شهود الإثبات وعدم رؤيتهم للواقعة وبتعدد رواية المجني عليه في محضر الشرطة عنها في تحقيقات النيابة العامة، كما دفع بتناقض الدليلين القولي والفني الذي لا يدل إلا على وجود إصابة فحسب ولا يصلح وحده دليلاً على إدانة الطاعن، ودفع بكيدية الاتهام وإنكاره، وبعدم معقولية الواقعة وبأن السلاح المستعمل في الجريمة لم يكن في يده هو بل كان بيد شقيق المجني عليه وأنه هو محدث الإصابة محل الاتهام بيد أن الحكم أغفل الرد على بعض أوجه دفاعه وجاء رده قاصراً على البعض الآخر، ولم يتم النطق بالحكم في جلسة علنية مخالفاً بذلك نص المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية، كما خالف نص المادة 411 من القانون ذاته التي أوجبت وضع تقرير تلخيص يشتمل على وقائع الدعوى وأدلتها وجميع المسائل الفرعية فيها والإجراءات التي تمت، وأوجبت تلاوته، كل ذلك يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله: "إنه في يوم ..... وعقب علم المجني عليه ..... بحدوث مشاجرة بين عائلة المتهم وبين شقيقته وأنجالها توجه إلى منزل شقيقته، وقبل وصوله شاهد المتهم قادماً في اتجاهه حاملاً لسلاح أبيض "سكين جريد" وقام بطعنه به في أصبع البنصر لليد اليمنى وأحدث إصابته التي تخلف لديه منها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد جزئي للسلامية الأخيرة الطرفية لإصبع البنصر الأيمن، وإعاقة بمنتصف حركة الثني للمفصل البنصر الأيمن وتقدر بنسبة اثنين في المائة". لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم لم يحط بواقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها ووجه استشهاده بها يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وأن لها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى مادامت قد اطمأنت إليها، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله لا يعيب الحكم مادامت قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه وهو الحال في الدعوى فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى، وهو من إطلاقاتها، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، ولما كانت أقوال شهود الإثبات كما أوردها الحكم والتي لا ينازع الطاعن في مأخذها من أوراق الدعوى لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين مادام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، وكان من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل بذاتها على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص فلا يعيب الحكم استناده إليها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة، فإن النعي على الحكم بالالتفات عما أثاره الطاعن بشأن وجود السلاح المستعمل في الحادث بيد شقيق المجني عليه وأنه هو المتسبب في إصابة الأخير يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وكيدية الاتهام وبعدم معقولية الواقعة كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه صدر علناً، وكان الأصل في الإجراءات الصحة ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما ثبت منها سواء في محضر الجلسة أو في الحكم إلا بالطعن بالتزوير فإنه لا يقبل من الطاعن قوله أن الحكم صدر بجلسة غير علنية مادام لم يتخذ من جانبه إجراءات الطعن بالتزوير فيما دون بالحكم ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص، ذلك أنه أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص، قد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات، يدل على ذلك أن المادة 381/ 1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها الإجراءات التي تتبع في الجنح والمخالفات، وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.