جلسة 20 من نوفمبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ فرغلي عبد الرحيم زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد سعيد، عثمان متولي حسن، محمد متولي عامر، محمود محمود عبد السلام نواب رئيس المحكمة.----------------
(132)
الطعن رقم 3225 لسنة 81 القضائية
القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) تلبس. مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع الجريمة. تبين ماهية المادة المخدرة قبل التفتيش. عدم لزومه. شرط ذلك؟
قيام دلائل كافية على اتهام الطاعنين بجريمة إحراز مخدر. أثره: جواز القبض عليهما وتفتيش ما معهما. أساس ذلك؟
مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس بإحراز مادة مخدرة.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم جدية التحريات.
(4) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بعدم ضبط الطاعنين على مسرح الجريمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(5) إثبات "خبرة". مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اطمئنان المحكمة إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيميائية هو الذي صار تحليله وإلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل. أثره؟
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع. لا يمنع من القضاء بالإدانة. متى كانت أدلة الدعوى كافية.
مثال.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات الشاهد إن تعددت. حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(8) بطلان. نقض "الصفة في الطعن" "المصلحة في الطعن".
لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
(9) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً.
---------------
1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.2- لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود المتهمين الأولى والثاني في حالة من حالات التلبس فإن المحكمة تقرر أن من حق مأمور الضبط القضائي أن يتتبع ما يحوزه أو يحرزه المتهم المأذون بتفتيشه متى سبق واقعة الضبط إذن من النيابة العامة بضبط ما يحوزه أو يحرزه المتهم حتى ولو انتقلت الحيازة أو الإحراز إلى غير المتهم المأذون بتفتيشه وذلك للكشف عن الجريمة التي صدر من أجلها الإذن بالتفتيش بشرط بأن يتثبت مأمور الضبط من أن حيازة أو إحراز المضبوطات كانت للمتهم المأذون بتفتيشه أولاً ويشاهد ذلك بنفسه وذلك لكونها قد سبق صدور إذن النيابة العامة بضبطها وأن ضبط تلك الأشياء في يد الغير بعد ذلك يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق من شهادة شاهد الإثبات أن الحقيبة "الشنطة" التي تم ضبط المخدر بداخلها كانت المتهمة المأذون بتفتيشها تحرزها بنفسها ثم قامت بنقل حيازتها إلى المتهمة الأخرى والتي نقلتها بدورها إلى المتهم الثاني ومن ثم فإن قيام مأمور الضبط القضائي شاهد الإثبات بضبط تلك الشنطة بحوزة المتهم الثاني يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش الصادر بضبط ما يحوزه أو تحرزه المتهمة الثالثة من مواد مخدرة حتى ولو كانت تلك الشنطة لا يظهر منها المخدر المضبوط إذ لا مجال هنا لإعمال حالة التلبس في حالتها الأولى إذ إن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة، هذا فضلاً عن أن ما تلقاه ضابط الواقعة من أن المتهمة المأذون بتفتيشها على موعد لتسلم المواد المخدرة بمكان الضبط وما شاهده من انتقال حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين المتهمين الثلاثة بمثابة توافر الدلائل الكافية على أن ما أحرزه المتهمون وتناقلوه فيما بينهم يفيد في كشف الجريمة التي صدر إذن النيابة العامة للكشف عنها، ومن ثم يضحى دفع المتهمين الأولى والثاني سالف الذكر لا يستند إلى سند جدي صحيح من الواقع أو القانون متعيناً القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين الطاعنين الثلاثة فقام بضبطهم فإن هذه الظروف تعتبر قرينة قوية على أن الطاعنين معهما شيء يفيد في كشف الحقيقة مما يجيز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشهما عملاً بالمادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن مؤدى ما تقدم يدل بذاته من ناحية أخرى وبغض النظر عما إذا كان إذن التفتيش يشمل الطاعنين أم لا على قيام دلائل كافية على اتهامهما بجريمة إحراز مخدر مما يسوغ لرجل الضبط القضائي القبض عليهما وتفتيش الشنطة المضبوطة معهما طبقاً لأحكام المادتين 34/ 1، 46 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ضبط المخدر معهما يكون بمنأى عن البطلان.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة الثالثة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وذلك لخطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات أن المتحري عنه الثاني نجل المتهمة المأذون بتفتيشها فإنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينال من جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن مجرد الخطأ في بعض البيانات التي لا يتطلبها القانون لاستصدار إذن النيابة العامة بالتفتيش ولما كان ما تقدم وكان مجرد خطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات المتهم المتحري عنه نجل المتهمة المأذون بتفتيشها لا يعد من البيانات التي تطلبها القانون لصحة صدور إذن النيابة العامة ومن ثم فهو لا ينال من جدية التحريات ولا يعيب الإجراءات وإذ كان ذلك وكانت التحريات التي أجراها ضابط الواقعة قد تضمنت اسم المتهمة المأذون بتفتيشها كاملاً ومحل إقامتها والجريمة التي اقترفتها من حيازة وإحراز المواد المخدرة وأن تحرياته قد أسفرت عن صحة المعلومات التي وردت إليه من عدة مصادر مختلفة على النحو السالف بيانه بأسباب الحكم وأن تلك التحريات قد تأكدت لديه من خلال المراقبة ومن ثم فإن استناد النيابة العامة إلى تلك التحريات واستصدارها الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهمة الثالثة سائغ وتطمئن المحكمة إلى صحة صدور ذلك الإذن بناء على تلك التحريات الجدية ومن ثم يضحى دفاع المتهمة الثالثة وباقي المتهمين بعدم جدية التحريات لا يستند إلى سند جدي صحيح متعيناً القضاء برفضه" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنُي عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
4- لما كان ما أثاره كل من الطاعنتين الأولى والثالثة من عدم ضبطهما على مسرح الجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقطاع صلة كل من الطاعنتين الأولى والثالثة بالمخدر المضبوط واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع بانقطاع صلة المتهمين بالحرز الذي تم إرساله إلى المعامل الكيماوية فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن المخدر الذي تم ضبطه مع المتهمين بمعرفة الضابط هو بذاته الذي أرسل إلى معامل التحليل وهو بذاته الذي تم فحصه معملياً وأن سبب الاختلاف في الوزن بين ما هو ثابت بمحضر الضبط وتقرير المعمل الكيماوي يرجع إلى نوع الميزان الذي تم استعماله في الوزن فهو ميزان غير حساس تم استعماله في الوزن بمعرفة الشرطة بينما الميزان الذي تم الوزن به بواسطة المعمل الكيماوي هو ميزان حساس ويؤيد ذلك أن الفرق في الوزن بين الجهتين فارق ضئيل يمكن حدوثه من جراء ذلك السبب" لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك دون النظر للخلاف في الوزن المقول به، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن وزن الشرطة للمخدر على ميزان غير حساس كان 206 جرامات وأن وزن النيابة العامة على ميزان حساس 30.194 جرام وأن الثابت بتقرير المعامل الكيماوية أن وزن المخدر 30.194 جراماً، ومن ثم يكون ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن وزن المخدر 30.394 جراماً هو خطأ مادي في الكتابة وسهو واضح لا يخفي على من يراجع الحكم، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
6- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع طلب ضم دفتر الأحوال وكانت المحكمة قد استجابت إلى هذا الطلب وأمرت بضمه فتعذر تنفيذ ذلك، فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي فصلت في الدعوى دون أن تضم دفتر الأحوال ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع لما هو مقرر من أن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالإدانة ما دامت أدلة الدعوى كافية للثبوت، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
7- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، فإن النعي على الحكم في شأن إغفال أقوال شاهد الإثبات بمحضر الجلسة يكون في غير محله.
8- لما كانت التحريات وإذن التفتيش عن الطاعنة الثالثة فلا صفة للطاعن الثاني في النعي على الحكم بعدم تفتيش مسكن المأذون بتفتيشها لما هو من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقيق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
9- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن الثاني لم يبين ماهية الدفاع الذي أبداه والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه بل أرسل القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: أحرزوا بقصد الاتجار جوهر (الهيروين) المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات. باعتبار أن الإحراز بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمهم مبلغ مائة ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط.فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعنين ينعون بمذكرتي أسبابهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة إحراز مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ذلك أنه خلا من بيان الواقعة وأدلتها، واطرح دفاع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان القبض والتفتيش المؤسس على عدم توافر حالة التلبس، ودفاع الطاعنة الثالثة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية، وعدم ضبط أي من الطاعنتين الأولى والثالثة على مسرح الجريمة ما لا يسوغ به اطراحه، كما أغفل دفاع الطاعنتين الأولى والثالثة بشأن انقطاع صلتهما بالمخدر المضبوط لاختلاف وزنه بمحضر الضبط والحكم المطعون فيه وتقرير المعمل الكيماوي، كما لم يجبهم إلى طلب ضم دفتر الأحوال بإدارة مكافحة مخدرات ....... استناداً إلى إفادة بفقد دفتر الأحوال، وأغفل أقوال ضابط الواقعة بجلسة المحاكمة ومما حملته من أسباب براءة الطاعن الثاني، كما لم يتم استكمال تنفيذ إذن النيابة العامة بتفتيش مسكن المأذون بتفتيشها الطاعنة الثالثة، كما أغفل باقي ما أبداه دفاع الطاعن الثاني بجلسة المحاكمة إيراداً ورداً. مما يعيبه ويستوجب نقضه.ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة استقاها من أقوال شاهد الإثبات ومما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة. وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين الأولى والثاني ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله: (وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم وجود المتهمين الأولى والثاني في حالة من حالات التلبس فإن المحكمة تقرر أن من حق مأمور الضبط القضائي أن يتتبع ما يحوزه أو يحرزه المتهم المأذون بتفتيشه متى سبق واقعة الضبط إذن من النيابة العامة بضبط ما يحوزه أو يحرزه المتهم حتى ولو انتقلت الحيازة أو الإحراز إلى غير المتهم المأذون بتفتيشه وذلك للكشف عن الجريمة التي صدر من أجلها الإذن بالتفتيش بشرط بأن يتثبت مأمور الضبط من أن حيازة أو إحراز المضبوطات كانت للمتهم المأذون بتفتيشه أولاً ويشاهد ذلك بنفسه وذلك لكونها قد سبق صدور إذن النيابة العامة بضبطها وأن ضبط تلك الأشياء في يد الغير بعد ذلك يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق ومن شهادة شاهد الإثبات أن الحقيبة "الشنطة" التي تم ضبط المخدر بداخلها كانت المتهمة المأذون بتفتيشها تحرزها بنفسها ثم قامت بنقل حيازتها إلى المتهمة الأخرى والتي نقلتها بدورها إلى المتهم الثاني ومن ثم فإن قيام مأمور الضبط القضائي شاهد الإثبات بضبط تلك الشنطة بحوزة المتهم الثاني يعد تنفيذاً لإذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش الصادر بضبط ما يحوزه أو تحرزه المتهمة الثالثة من مواد مخدرة حتى ولو كانت تلك الشنطة لا يظهر منها المخدر المضبوط إذ لا مجال هنا لإعمال حالة التلبس في حالتها الأولى إذ إن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة، هذا فضلاً عن أن ما تلقاه ضابط الواقعة من أن المتهمة المأذون بتفتيشها على موعد لتسلم المواد المخدرة بمكان الضبط وما شاهده من انتقال حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين المتهمين الثلاثة بمثابة توافر الدلائل الكافية على أن ما أحرزه المتهمون وتناقلوه فيما بينهم يفيد في كشف الجريمة التي صدر إذن النيابة العامة للكشف عنها، ومن ثم يضحى دفع المتهمين الأولى والثاني سالف الذكر لا يستند إلى سند جدي صحيح من الواقع أو القانون متعيناً القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي للقول بقيام حالة التلبس بإحراز المخدر أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ولا يشترط أن يكون من شهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها، وكان الحكم قد أثبت أن الضابط المأذون له بالتفتيش قد شاهد انتقال حيازة الشنطة التي تحوي المخدر المضبوط بين الطاعنين الثلاثة فقام بضبطهم فإن هذه الظروف تعتبر قرينة قوية على أن الطاعنين معهما شيء يفيد في كشف الحقيقة مما يجيز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشهما عملاً بالمادة 49 من قانون الإجراءات الجنائية، كما أن مؤدى ما تقدم يدل بذاته من ناحية أخرى وبغض النظر عما إذا كان إذن التفتيش يشمل الطاعنين أم لا على قيام دلائل كافية على اتهامهما بجريمة إحراز مخدر مما يسوغ لرجل الضبط القضائي القبض عليهما وتفتيش الشنطة المضبوطة معهما طبقاً لأحكام المادتين 34/ 1، 46 من قانون الإجراءات الجنائية، ومن ثم فإن ضبط المخدر معهما يكون بمنأى عن البطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنة الثالثة ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وذلك لخطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات أن المتحري عنه الثاني نجل المتهمة المأذون بتفتيشها فإنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأنه لا ينال من جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن مجرد الخطأ في بعض البيانات التي لا يتطلبها القانون لاستصدار إذن النيابة العامة بالتفتيش ولما كان ما تقدم وكان مجرد خطأ الضابط مجرى التحريات في إثبات المتهم المتحري عنه نجل المتهمة المأذون بتفتيشها لا يعد من البيانات التي تطلبها القانون لصحة صدور إذن النيابة العامة ومن ثم فهو لا ينال من جدية التحريات ولا يعيب الإجراءات وإذ كان ذلك وكانت التحريات التي أجراها ضابط الواقعة قد تضمنت اسم المتهمة المأذون بتفتيشها كاملاً ومحل إقامتها والجريمة التي اقترفتها من حيازة وإحراز المواد المخدرة وأن تحرياته قد أسفرت عن صحة المعلومات التي وردت إليه من عدة مصادر مختلفة على النحو السالف بيانه بأسباب الحكم وأن تلك التحريات قد تأكدت لديه من خلال المراقبة ومن ثم فإن استناد النيابة العامة إلى تلك التحريات واستصدارها الإذن بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهمة الثالثة سائغ وتطمئن المحكمة إلى صحة صدور ذلك الإذن بناء على تلك التحريات الجدية ومن ثم يضحى دفاع المتهمة الثالثة وباقي المتهمين بعدم جدية التحريات لا يستند إلى سند جدي صحيح متعيناً القضاء برفضه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لاستصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنُي عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما أثاره كل من الطاعنتين الأولى والثالثة من عدم ضبطهما على مسرح الجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانقطاع صلة كل من الطاعنتين الأولى والثالثة بالمخدر المضبوط واطرحه في قوله: "وحيث إنه بالنسبة للدفع بانقطاع صلة المتهمين بالحرز الذي تم إرساله إلى المعامل الكيماوية فمردود عليه بأن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أن المخدر الذي تم ضبطه مع المتهمين بمعرفة الضابط هو بذاته الذي أرسل إلى معامل التحليل وهو بذاته الذي تم فحصه معملياً وأن سبب الاختلاف في الوزن بين ما هو ثابت بمحضر الضبط وتقرير المعمل الكيماوي يرجع إلى نوع الميزان الذي تم استعماله في الوزن فهو ميزان غير حساس تم استعماله في الوزن بمعرفة الشرطة بينما الميزان الذي تم الوزن به بواسطة المعمل الكيماوي هو ميزان حساس ويؤيد ذلك أن الفرق في الوزن بين الجهتين فارق ضئيل يمكن حدوثه من جراء ذلك السبب". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك دون النظر للخلاف في الوزن المقول به، وكان البين من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن وزن الشرطة للمخدر على ميزان غير حساس كان 206 جرامات وأن وزن النيابة العامة على ميزان حساس 30.194 جراما وأن الثابت بتقرير المعامل الكيماوية أن وزن المخدر 30.194 جراماً، ومن ثم يكون ما ورد بالحكم المطعون فيه من أن وزن المخدر 30.394 جراماً هو خطأ مادي في الكتابة وسهو واضح لا يخفى على من يراجع الحكم، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع طلب ضم دفتر الأحوال وكانت المحكمة قد استجابت إلى هذا الطلب وأمرت بضمه فتعذر تنفيذ ذلك، فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي فصلت في الدعوى دون أن تضم دفتر الأحوال ولا تكون قد أخلت بحق الدفاع لما هو مقرر من أن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من القضاء بالإدانة ما دامت أدلة الدعوى كافية للثبوت، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، فإن النعي على الحكم في شأن إغفال أقوال شاهد الإثبات بمحضر الجلسة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكانت التحريات وإذن التفتيش عن الطاعنة الثالثة فلا صفة للطاعن الثاني في النعي على الحكم بعدم تفتيش مسكن المأذون بتفتيشها لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقيق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً وكان الطاعن الثاني لم يبين ماهية الدفاع الذي أبداه والتفت الحكم المطعون فيه عن الرد عليه بل أرسل القول إرسالاً مما لا يمكن معه مراقبة ما إذا كان الحكم قد تناوله بالرد أو لم يتناوله وهل كان دفاعاً جوهرياً مما يجب على المحكمة أن تجيبه أو ترد عليه أو هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم في الأصل رداً بل الرد عليه مستفاد من القضاء بالإدانة للأدلة التي أوردتها المحكمة في حكمها، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق