الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 مارس 2015

الطعن 30455 لسنة 69 ق جلسة 6 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 146 ص 779

جلسة 6 من ديسمبر سنة 2007

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. وفيق دهشان ، نير عثمان ، أحمد عبد القوي أحمد ومحمد منيعم نواب رئيس المحكمة .

--------------
(146)
الطعن 30455 لسنة 69 ق
رجال السلطة العامة . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . قبض . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
القبض . ماهيته ؟
حظر القانون القبض على أي إنسان إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة .
الشرطي السري من رجال السلطة العامة وليس من مأموري الضبط القضائي . ليس له أن يجري قبضاً . له إحضار الجاني في الجرائم المتلبس بها وتسليمه إلى أقرب مأمور ضبط قضائي . أساس ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ في حكم صادر بالبراءة لبطلان القبض لانتفاء حالة التلبس وبطلان الدليل المستمد منه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد أدلة الاتهام التي تدور حول ما شهـد بـه النقيب / ..... من حضور الشرطي السري / ..... ومعه المطعون ضده وأخبره الأول بأنه أثناء تواجده بالخدمة بسوق ..... جاءه شخص ممسكاً بالمطعون ضده وسلمه له بمقولة أنه سرقه قبل يومين وقدم المطعون ضده له بطاقته ، وأنه حال تفتيش الضابط للمطعون ضده وقائياً لاحظ على ذراعه – بالوشم – اسماً مغايراً للاسم المدون بالبطاقة أقر المطعون ضده للضابط بأن اسمه على يده هو الصحيح وأن البطاقة لا تخصه وأنه استبدل صورته بصورة صاحب البطاقة . عرض لدفع المطعون ضده ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس وبطلان الدليل المستمد منه بقوله : " وحيث إنه لما كان المشرع في إطار حرصه على صون حرمات المواطنين وحمايتها من العدوان قد نظم في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجنائية أحوال القبض على المتهم فنص في المادة 40 من هذا القانون على أنه لا يجوز القبض على إنسان وحبسه إلا بأمر السلطات المختصة ، ولا يرد على هذا الحظر إلا ما أجازه المشرع لمأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم الحاضر في أحوال التلبس بالجرائم ومما هو منصوص عليه في المادة 34 من ذات القانون وما أجازه للكافة من سلطة التحفظ المادي على المتهم وتسليمه لأقرب رجل من رجال السلطة العامة وذلك في أحوال التلبس بالجرائم بالتحفظ المادي على المتهمين وتسليمهم لأقرب مأمور من مأموري الضبط المنصوص عليه في المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولما كان القبض على المتهم .... قد جرى في غير حالة من حالات التلبس بالجرائم المنصوص عليها في المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يكون قد وقع باطلاً لما فيه من افتئات على حريته ومخالفته الصريحة لنصوص الدستور والقانون ، ولما كانت سائر الإجراءات اللاحقة لذلك القبض الباطل من تفتيش أسفر عن كشف الجريمة المنسوبة إلى المتهم ومن سؤال بمحضر جمع الاستدلالات تجاوز الحد القانوني لسلطة مأمور الضبط القضائي قد بنيت على ذلك الإجراء الباطل سالف الذكر واتصلت به اتصالاً وثيقاً لا يقبل الانفصام ولم تكن تقم لها قائمة بدونه ، الأمر الذي تبطل معه أيضا تلك الإجراءات اللاحقة وكذلك الدليل المستمد منها بما يتعين معـه إهـداره ومـن ثم فلا تعول عليه المحكمة في الإثبات الجنائي وإذ كانت الأوراق قد خلت من ثمة دليل آخر صحيح قانوناً ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المتهم ". لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن شخصاً حضر إلى الشرطي السري ممسكاً بالمطعون ضده بمقولة أنه سرقه قبل يومين فقام الشرطي السري باقتياد المطعون ضده – بعد أخذه لبطاقته – إلى قسم الشرطة ، وكان هذا الذي أثبته الحكم إنما يفيد أن الشرطي السري قد قبض بالفعل على المطعون ضده ، إذ القبض على الإنسان إنما يعني تقييد حريته والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده ، وكان القانون قد حظر القبض على أي إنسان إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، وكان لا يجيز لمثل الشرطي المذكور – وهو ليس من مأموري الضبط القضائي – أن يباشر هذا الإجراء ، وكل ما خوله القانون إياه – باعتباره من رجال السلطة العامة – أن يحضر الجاني – في الجرائم المتلبس بها – بالتطبيق لأحكام المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية ويسلمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي وليس له أن يجري قبضاً على نحو مما فعل في واقعة الدعوى . لما كان ذلك ، وكان الثابت في الحكم – على الوجه المتقدم – يدل على أن قبضاً وقع على المطعون ضده في غير حالاته القانونية ومن ثم فإنه يكون قد وقع باطلاً ، وكان الحكم المطعون فيه – لم يخالف هذا النظر – بما انتهى إليه من بطلان القبض على المطعون ضده وبطلان ما أسفر عنه من أثار وما ارتبط به من إجراءات ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تأويل القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد لا محل له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــــع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه :- أولاً : وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو بدل فاقد البطاقة الشخصية رقم ..... سجل مدني .... برقم مطبوع ..... والخاصة ..... وذلك بأن نزع صورة صاحبها ووضع صورته بدلاً منها . ثانياً : استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه للشرطي السري .... مع علمه بتزويره .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ببراءة .... مما نسب إليه وإعدام المحرر المزور المضبوط .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقـض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة تزوير بطاقة شخصية واستعمالها قد أخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأن قبضاً على المطعون ضده – بالمعنى القانوني – لم يقع بل هو الذي قدم لرجل السلطة العامة البطاقة المزورة إثر استيقافه له لاستكناه أمره عندما كان آخر – يتهمه بالسرقة – ممسكاً به، مما يكون معه ما أجراه رجل السلطة هو مجرد استيقاف – وليس قبضاً – للمطعون ضده يجيز اصطحابه إلى قسم الشرطة ، وهذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد أدلة الاتهام التي تدور حول ما شهد بـه النقيب / ..... من حضور الشرطي السري / ..... ومعه المطعون ضده وأخبره الأول بأنه أثناء تواجده بالخدمة بسوق ..... جاءه شخص ممسكاً بالمطعون ضده وسلمه له بمقولة أنه سرقه قبل يومين وقدم المطعون ضده له بطاقته ، وأنه حال تفتيش الضابط للمطعون ضده وقائياً لاحظ على ذراعه – بالوشم – اسماً مغايراً للاسم المدون بالبطاقة أقر المطعون ضده للضابط بأن اسمه على يده هو الصحيح وأن البطاقة لا تخصه وأنه استبدل صورته بصورة صاحب البطاقة . عرض لدفع المطعون ضده ببطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس وبطلان الدليل المستمد منه بقوله : " وحيث إنه لما كان المشرع في إطار حرصه على صون حرمات المواطنين وحمايتها من العدوان قد نظم في الفصل الثالث من الباب الثاني من الكتاب الأول من قانون الإجراءات الجنائية أحوال القبض على المتهم فنص في المادة 40 من هذا القانون على أنه لا يجوز القبض على إنسان وحبسه إلا بأمر السلطات المختصة ، ولا يرد على هذا الحظر إلا ما أجازه المشرع لمأمور الضبط القضائي من القبض على المتهم الحاضر في أحوال التلبس بالجرائم ومما هو منصوص عليه في المادة 34 من ذات القانون وما أجازه للكافة من سلطة التحفظ المادي على المتهم وتسليمه لأقرب رجل من رجال السلطة العامة وذلك في أحوال التلبس بالجرائم بالتحفظ المادي على المتهمين وتسليمهم لأقرب مأمور من مأموري الضبط المنصوص عليه في المادة 38 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولما كان القبض على المتهم .... قد جرى في غير حالة من حالات التلبس بالجرائم المنصوص عليها في المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم يكون قد وقع باطلاً لما فيه من افتئات على حريته ومخالفته الصريحة لنصوص الدستور والقانون ، ولما كانت سائر الإجراءات اللاحقة لذلك القبض الباطل من تفتيش أسفر عن كشف الجريمة المنسوبة إلى المتهم ومن سؤال بمحضر جمع الاستدلالات تجاوز الحد القانوني لسلطة مأمور الضبط القضائي قد بنيت على ذلك الإجراء الباطل سالف الذكر واتصلت به اتصالاً وثيقاً لا يقبل الانفصام ولم تكن تقم لها قائمة بدونه ، الأمر الذي تبطل معه أيضا تلك الإجراءات اللاحقة وكذلك الدليل المستمد منها بما يتعين معـه إهـداره ومـن ثم فلا تعول عليه المحكمة في الإثبات الجنائي وإذ كانت الأوراق قد خلت من ثمة دليل آخر صحيح قانوناً ومن ثم تقضي المحكمة ببراءة المتهم ". لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن شخصاً حضر إلى الشرطي السري ممسكاً بالمطعون ضده بمقولة أنه سرقه قبل يومين فقام الشرطي السري باقتياد المطعون ضده – بعد أخذه لبطاقته – إلى قسم الشرطة ، وكان هذا الذي أثبته الحكم إنما يفيد أن الشرطي السري قد قبض بالفعل على المطعون ضده ، إذ القبض على الإنسان إنما يعني تقييد حريته والتعرض له بإمساكه وحجزه ولو لفترة يسيرة تمهيداً لاتخاذ بعض الإجراءات ضده ، وكان القانون قد حظر القبض على أي إنسان إلا بترخيص منه أو بإذن من سلطة التحقيق المختصة ، وكان لا يجيز لمثل الشرطي المذكور – وهو ليس من مأموري الضبط القضائي – أن يباشر هذا الإجراء ، وكل ما خوله القانون إياه – باعتباره من رجال السلطة العامة – أن يحضر الجاني – في الجرائم المتلبس بها – بالتطبيق لأحكام المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية ويسلمه إلى أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي وليس له أن يجري قبضاً على نحو مما فعل في واقعة الدعوى . لما كان ذلك، وكان الثابت في الحكم – على الوجه المتقدم – يدل على أن قبضاً وقع على المطعون ضده في غير حالاته القانونية ومن ثم فإنه يكون قد وقع باطلاً ، وكان الحكم المطعون فيه – لم يخالف هذا النظر – بما انتهى إليه من بطلان القبض على المطعون ضده وبطلان ما أسفر عنه من أثار وما ارتبط به من إجراءات ، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تأويل القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الصدد لا محل له . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8668 لسنة 71 ق جلسة 10 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 147 ص 784

جلسة 10 من ديسمبر سنة 2007
برئاسـة السيد المستشار / حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفي كامل ، هاني حنا ، علي حسن ومحمد هلالي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(147)
الطعن 8668 لسنة 71 ق
 (1) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات .
(2) تفتيش " إذن التفتيش . بياناته " . اختصاص " الاختصاص المكاني " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
كفاية ذكر وكيل النيابة مُصدر إذن التفتيش صفته به ملحقة باسمه فيه . ذكر اختصاصه المكاني . غير لازم . العبرة في ذلك . بحقيقة الواقع . عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتوقيعه عليه . ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره . توقيعه بتوقيع غير مقروء . لا يبطله .
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من بيان الاختصاص المكاني لمُصدره وتوقيعه بتوقيع غير مقروء .
(3) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بتجهيل الجهة محررة محضر التحريات .
 (4) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
صدور الإذن بتفتيش المتهمين استناداً لما دلت إليه التحريات من حيازتهما وإحرازهما للمواد المخدرة . مؤداه : صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها . النعي عليه بصدوره لضبط جريمة مستقبلية . غير سديد .
 (5) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا ً. عدم حيلولة ذلك دون الاعتماد على أقوالهم في التحقيقات . ما دامت مطروحة على بساط البحث .
مثال . 
(6) عقوبة " الإعفاء منها " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . قانون " تطبيقه " " تفسيره " . مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
قصر الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات على العقوبات الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 منه . تصدي المحكمة لبحث توافره . لا يكون إلا بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح لواقعة الدعوى.
انتهاء الحكم إلى أن إحراز وحيازة الطاعنين للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وإعمال حكم المادة 38 في حقهما . أثره : عدم قبول دعوى الإعفاء .
____________________
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله : " فهو مردود بما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من محضر تحريات الرائد .... المؤرخ .... الذي تضمن أن التحريات السرية المشتركة مع ضباط قسم مكافحة المخدرات وضباط مباحث مركز .... أكدت أن المتهم .... ومقيم.....محافظة.... والمتهم الذي يعمل .... مقيم .... محافظة .... ، يحرزان ويحوزان سوياً المواد المخدرة ويترددان بها على دائرة مركز .... ويتخذان من شخصهما مكاناً لإخفائها ومن ثم تكون هذه التحريات قد توافرت فيها مقومات وعناصر جديتها والتي من خلالها وقف من أجراها على بيان غير مجهل لاسمي المتهمين ومحل إقامتهما وجهة عملهما وهو ما لم يمار فيه واحد منهما بل أكد عليه في التحقيق الابتدائي كما وقف أيضاً على نشاطهما المؤثم قانوناً بما جعل النيابة العامة تقتنع بها وتتخذها مسوغاً كافياً لإصدار الإذن وهو عين ما قنعت به المحكمة ما دامت تطمئن إلى أن المتهمين ونشاطهما هما محلها بما يندحر به الدفع المبدى بهذا الشأن " ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعنان في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في شأن ما تقدم حرياً بالاطراح .
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لتجهليه وخلوه من بيان اختصاص وكيل النيابة المكاني وتوقيعه بتوقيع غير مقروء ورد عليه بقوله : " لما كان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش ولم يوجب القانون ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مُصدره إذ العبرة في الاختصاص المكاني لهذا الأخير إنما تكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك ، وكان الثابت من مطالعة إذن التفتيش أنه صدر معنوناً باسم السيد الأستاذ .... وكيل النيابة على ذات محضر التحري الذي طلب محرره الإذن بضبط المتهمين وتفتيشهما حال ترددهما على دائرة مركز .... وأذن مُصدر الإذن بذلك حال ترددهما على دائرة المركز وقد تم ضبط المتهمين بدائرة مركز .... و كان الدفاع لم يمار في أن السيد الأستاذ .... يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة مركز .... ولم يثبت في الأوراق غير ذلك ، فقد دل ذلك كله على أن مُصدر الإذن يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة مركز .... وأنه حين أصدر الإذن بضبط وتفتيش المتهمين حال ترددهما بدائرة المركز فإنه قد انصرف إلى دائرة مركز .... المختص به مكانياً ، أما قول الدفاع أن التوقيع المذيل به الإذن غير مقروء فإنه لما كان من المقرر أن إذن النيابة العامة لمأمور الضبط بالتفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره ويكفي لصحته أن يكون ثابتاً بالكتابة لكى يبقى حجة قائمة يعامل الموظفون الآمرون منهم والمؤتمرون على مقتضاها ولم يشترط القانون أن يكون التوقيع باسم مصدره أو بتوقيع الفورمة وكان الدفاع لا يمار بشأن التوقيع المذيل به الإذن هو لشخص من أصدره فقد برأ الإذن من كل عيب صدر صحيحا ممن يملك إصداره قانوناً صحت به كافة الإجراءات التي تلته بما يندحر به الدفع المبدى بهذا الخصوص " ، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً للرد على هذا الدفع ، إذ إنه بحسب وكيل النيابة مُصدر إذن التفتيش أن يذكر صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن - وهو ما لم ينازع فيه الطاعنان - وكان ما قاله الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة إنما تكون بحقيقة الواقع هو قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة مركز.... فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مُصدر الإذن بالتفتيش ، هذا فضلاً عن أن القانون وإن أوجب أن يكـون إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا المنحى غير مقبول .
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع المبدى بتجهيل الجهة محررة محضر التحريات ورد عليه بقوله : " أما قول الدفاع في مذكرته أن الجهة التي نسب إليها محرر التحريات جاءت مجهلة فهو قول مجحود بما ثبت للمحكمة من مطالعة محضر التحريات أنه صدر باسم الرائد ... وكيل قسم مكافحة المخدرات وقد أفصح المذكور في التحقيق الابتدائي أنه يعمل وكيلاً لقسم مكافحة المخدرات .... فدل ذلك على أنه نسب إلى تلك الجهة " وكان ما رد به الحكم على النحو السالف بيانه كافياً في اطراح هذا الدفع فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره لضبط جريمة مستقبلية واطرحه بما أثبته أن مأمور الضبط القضائي قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات أن المتهمين يحوزان ويحرزان المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلية وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلية غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بتاريخ ....أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم يثبت أن أيا من الطاعنين قد اعترض على ذلك فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع أقوال العقيد .... ومن ثم يكون النعي في هذا الخصوص في غير محله .
6 - لما كان الأصل وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أن الإعفاء مقصور على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون ، وتصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إحراز وحيازة الطاعنين لنبات الحشيش المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي ، وأعمل في حقهما حكم المادة 38 من القانون سالف الذكر -  وهو ما لم يخطئ في تقديره - فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة ويكون النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون على غير سند .
____________________
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما -  المتهم الأول . 1 - :- حاز وأحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 ــ:ـ أحرز أداة حادة "مقص" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازها وحملها مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية . المتهم الثاني: 1 :- حاز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2: - أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " . وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 29 ، 38/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق به و 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين 10 ، 11 من الجدول رقم 1 الملحق به بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما خمسين ألف جنيه ومصادرة النبات المخدر المضبوط عما أسند إليهما في التهمة الأولى وبالحبس شهراً وتغريم كل منهما خمسين جنيهاً عما أسند إليهما عن التهمة الثانية ومصادرة السلاحين الأبيضين المضبوطين باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردان من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
______________________
المحكمة
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي إحراز وحيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحراز أداة دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية وسلاح أبيض بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك أنه رد بما لا يسوغ على دفوعهما ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، ولعدم بيان الجهة محررة محضر التحريات ، ولصدوره عن جريمة مستقبلة ، ومن غير مختص مكانياً ولكونه ممهوراً بتوقيع غير مقروء ، ولم تستجب المحكمة إلى طلبهما سماع أقوال العقيد ... رغم أنه شاهد واقعة ، فضلاً عن أنها لم تعمل في حقهما أثر حكم المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وانتفاعهما بالإعفاء المقرر بموجبها ، رغم طلب المدافع عنهما إعمالها وتوافر شروطها في حقهما ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد على ثبوتهما في حقهما أدلة مستقاة من اعترافهما بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وشهادة الوزن المؤرخة .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله : " فهو مردود بما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من محضر تحريات الرائد .... المؤرخ .... الذي تضمن أن التحريات السرية المشتركة مع ضباط قسم مكافحة المخدرات وضباط مباحث مركز .... أكدت أن المتهم .... ومقيم.....محافظة.... والمتهم الذي يعمل .... مقيم .... محافظة .... يحرزان ويحوزان سوياً المواد المخدرة ويترددان بها على دائرة مركز .... ويتخذان من شخصهما مكاناً لإخفائها ومن ثم تكون هذه التحريات قد توافرت فيها مقومات وعناصر جديتها والتي من خلالها وقف من أجراها على بيان غير مجهل لاسمي المتهمين ومحل إقامتهما وجهة عملهما وهو ما لم يمار فيه واحد منهما بل أكد عليه في التحقيق الابتدائي كما وقف أيضاً على نشاطهما المؤثم قانوناً بما جعل النيابة العامة تقتنع بها وتتخذها مسوغاً كافياً لإصدار الإذن وهو عين ما قنعت به المحكمة ما دامت تطمئن إلى أن المتهمين ونشاطهما هما محلها بما يندحر به الدفع المبدى بهذا الشأن ". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعنان في أن لها أصلها الثابت بالأوراق ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في شأن ما تقدم حرياً بالاطراح . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالضبط والتفتيش لتجهليه وخلوه من بيان اختصاص وكيل النيابة المكاني وتوقيعه بتوقيع غير مقروء ورد عليه بقوله : " لما كان القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش ولم يوجب القانون ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة مُصدره إذ العبرة في الاختصاص المكاني لهذا الأخير إنما تكون بحقيقة الواقع وإن تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك ، وكان الثابت من مطالعة إذن التفتيش أنه صدر معنوناً باسم السيد الأستاذ.... وكيل النيابة على ذات محضر التحري الذي طلب محرره الإذن بضبط المتهمين وتفتيشهما حال ترددهما على دائرة مركز .... وأذن مُصدر الإذن بذلك حال ترددهما على دائرة المركز وقد تم ضبط المتهمين بدائرة مركز.... وكان الدفاع لم يمار في أن السيد الأستاذ ..... يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة مركز .... ولم يثبت في الأوراق غير ذلك ، فقد دل ذلك كله على أن مُصدر الإذن يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة مركز ..... وأنه حين أصدر الإذن بضبط وتفتيش المتهمين حال ترددهما بدائرة المركز فإنه قد انصرف إلى دائرة مركز .... المختص به مكانياً ، أما قول الدفاع أن التوقيع المذيل به الإذن غير مقروء فإنه لما كان من المقرر أن إذن النيابة العامة لمأمور الضبط بالتفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره ويكفي لصحته أن يكون ثابتاً بالكتابة لكى يبقى حجة قائمة يعامل الموظفون الآمرون منهم والمؤتمرون على مقتضاها ولم يشترط القانون أن يكون التوقيع باسم مصدره أو بتوقيع الفورمة وكان الدفاع لا يمار بشأن التوقيع المذيل به الإذن هو لشخص من أصدره فقد برأ الإذن من كل عيب صدر صحيحا ممن يملك إصداره قانوناً صحت به كافة الإجراءات التي تلته بما يندحر به الدفع المبدى بهذا الخصوص " وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً للرد على هذا الدفع ، إذ إنه بحسب وكيل النيابة مُصدر إذن التفتيش أن يذكر صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن - وهو ما لم ينازع فيه الطاعنان - وكان ما قاله الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة إنما تكون بحقيقة الواقع هو قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة مركز.... فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم وكيل النيابة مُصدر الإذن بالتفتيش ، هذا فضلاً عن أن القانون وإن أوجب أن يكـون إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا المنحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع المبدى بتجهيل الجهة محررة محضر التحريات ورد عليه بقوله : " أما قول الدفاع في مذكرته أن الجهة التي نسب إليها محرر التحريات جاءت مجهلة فهو قول مجحود بما ثبت للمحكمة من مطالعة محضر التحريات أنه صدر باسم الرائد .... وكيل قسم مكافحة المخدرات وقد أفصح المذكور في التحقيق الابتدائي أنه يعمل وكيلاً لقسم مكافحة المخدرات .... فدل ذلك على أنه نسب إلى تلك الجهة " وكان ما رد به الحكم على النحو السالف بيانه كافياً في اطراح هذا الدفع فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره لضبط جريمة مستقبلية واطرحه بما أثبته أن مأمور الضبط القضائي قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات أن المتهمين يحوزان ويحرزان المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلية وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلية غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم يثبت أن أيا من الطاعنين قد اعترض على ذلك فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع أقوال العقيد السيد .... ومن ثم يكون النعي في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أن الإعفاء مقصور على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون ، وتصدي المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح على واقعة الدعوى ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إحراز وحيازة الطاعنين لنبات الحشيش المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي ، وأعمل في حقهما حكم المادة 38 من القانون سالف الذكر -  وهو ما لم يخطئ في تقديره - فإن دعوى الإعفاء تكون غير مقبولة ويكون النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون على غير سند . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا ًرفضه موضوعا ً.
___________________________

الطعن 19830 لسنة 77 ق جلسة 12 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 148 ص 794

جلسة 12 من ديسمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عاطف عبد السميع ، محمد عيد سالم ومصطفي حسان نواب رئيس المحكمة ومحمد سليمان .
---------------
(148)
الطعن 19830 لسنة 77 ق
(1) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها . علة ذلك ؟
(2) قتل عمد . قصد جنائي . جريمة " أركانها " . سلاح . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
تميز جناية القتل العمد بعنصر خاص . هو قصد إزهاق الروح . اختلافه عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم . وجوب التحدث عنه استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تثبت توافره.
استعمال سلاح قاتل وإصابة المجني عليه في مقتل . غير كاف بذاته لثبوت نية القتل . ما لم يكشف الحكم عنها .
مثال لتسبيب معيب في استظهار نية القتل في جريمة القتل العمد .
(3) سبق إصرار . ظروف مشددة . اتفاق . قتل عمد . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب".
سبق الإصرار . ماهيته ومناط تحققه ؟
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار . موضوعي . ما دام سائغاً.
إيراد الحكم ما يفيد اتفاق المحكوم عليهما على الاعتداء على المجني عليه . لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهما على قتله . انتهاؤه لتوافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل وخلو الأوراق من دليل يقيني على توافره . قصور .
مثال لتسبيب معيب على توافر سبق الإصرار في جريمة القتل العمد.
(4) إثبات " خبرة " " شهود " . قتل عمد . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بالتناقض في وقت وفاة المجني عليه بين ما حدده شهود الإثبات وما جاء بتقرير الصفة التشريحية . إخلال بحق الدفاع . علة ذلك ؟
(5) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها ".
وجوب سماع شاهد الإثبات الذي طلب دفاع الطاعنين مناقشته أمام المحكمة . ما لم تقضي بالبراءة . تعويل الحكم بالإدانة على أقواله دون الاستجابة لطلب الدفاع في هذا الشأن . إخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما ... و ... دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله : " وحيث إن جريمة القتل العمد تستلزم قصداً جنائياً خاصاً هو اتجاه إرادة المتهمين إلى إزهاق روح المجني عليه وقد حفلت أوراق الدعوى بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهمين اتجهت إرادتهم إلى إزهاق روح المجني عليه ويؤكد ذلك استعمالهم أدوات قاتلة بطبيعتها وتكرار استخدامها وتعدد تصويب الضربات للمجنى عليه وكلها في مواضع من جسده قاتلة مما يؤكد اتجاه إرادة المتهمين وانتواءهم إزهاق روح المجني عليه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعنان وأن ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لديهما من استعمالهما سلاحاً من شأنه إحداث القتل وإصابة المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعنين ارتكاب الفعل المادي وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل على القصد الخاص وتكشف عنه ومن ثم يكون الحكم معيباً في هذا الصدد بالقصور.
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين والمتهم المجهول في قوله : " وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط وقد حفلت أوراق الدعوى بما يؤكد أن المتهمين عقدوا العزم وبيتوا النية على إزهاق روح المجني عليه وذلك بعد أن ترصدوا خطاه وجمعوا أمرهم وأسلحتهم وانهالوا بها عليه في مواضع قاتلة من جسده فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته " وكان سبق الإصرار - كما هو معرف به في القانون - يقتضي أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية ، وكان البحث في توافر هذا الظرف ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان ما ساقه الحكم المطعون فيه استظهاراً لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما وإن كان يوحى في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه مما لا يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهما على الاعتداء على المجني عليه وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهما على قتله وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث وباقي شهود الإثبات قد خلا مما يدل يقيناً على توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم أن يوضح كيف انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهما وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب أيضاً بالقصور .
4- لما كان دفاع الطاعنين قد قام على أن المجني عليه قتل في وقت سابق على الوقت الذي حدده شهود الإثبات ودلل على ذلك بما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجني عليه وجدت في دور تمام التيبس الرمي رغم حصول التشريح في ذات اليوم الذي حدده الشهود للوفاة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية دفاع الطاعنين رغم جوهريته لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى والمستمد من أقوال شهود الإثبات وينبى عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع .
5- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب مناقشة شاهد الإثبات الثاني... فأجلت المحكمة الدعوى أكثر من مرة لإعلانه لسؤاله وبجلسة ... التي حجزت فيها الدعوى للحكم طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة احتياطياً استدعاء شاهد الإثبات لمناقشته ، وكان من المقرر أن طلب الدفاع في هذا الصدد يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة وكانت المحكمة لم تجب الدفاع إلى طلبه سماع الشاهد المذكور - كما أوردت في مدونات حكمها - استناداً إلى تنازل الدفاع عن الطاعنين عن سماع شهادته بما لا أصل له في الأوراق ، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الثاني دون الاستجابة إلى طلب سماعه فإنه يكون معيباً أيضاً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر في قضية الجناية بأنهما ...:1- قتلا وثالث مجهول عمداً ... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك وأعدو لذلك الغرض سلاحين أبيضين " سكينتين " وأنبوباً حديدياً وكمنوا له في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره به وما إن ظفروا به إلا وانهال عليه المتهم الأول والثاني طعناً في أجزاء متفرقة من جسده بينما قام الثالث بالتعدي عليه بالأنبوب الحديدي قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته . 2- أحرز كل منهما سلاحاً أبيض " سكينتين " دون أن يكون لإحرازهما مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية ، وأحالتهما إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ، وادعى ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ... عملاً بالمواد 230 من قانون العقوبات 1/1 ، 25 مكرراً /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981 والبند رقم (11) من الجدول رقم (1) المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726 لسنة 1998 بمعاقبتهما بالإعدام شنقاً لما أسند إليهما وبإلزامهما بأن يؤديا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ... على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
من حيث إن النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما ... و... دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح أبيض بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ؛ ذلك بأن ما أورده بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها ودلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه أو يؤدى لثبوته وأغفل الحكم الرد على دفاع الطاعنين بأن المجني عليه قتل في وقت سابق على زمان الحادث الذي حدده شهود الإثبات بدلالة ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن الجثة وجدت في دور تمام التيبس الرمي رغم انتقال الطبيب الشرعي لتشريحها في ذات اليوم الذي حدده الشهود للوفاة ، وأخيراً اختتم المدافع عن الطاعنيـــن مرافعته طالباً أصلياً القضاء ببراءتهما واحتياطياً سماع شاهد الإثبات الثاني بيد أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه بدعوى تنازله عن سماع شهادته بما لا أصل له في الأوراق كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله : " وحيث إن جريمة القتل العمد تستلزم قصداً جنائياً خاصاً هو اتجاه إرادة المتهمين إلى إزهاق روح المجني عليه وقد حفلت أوراق الدعوى بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهمين اتجهت إرادتهم إلى إزهاق روح المجني عليه ويؤكد ذلك استعمالهم أدوات قاتلة بطبيعتها وتكرار استخدامها وتعدد تصويب الضربات للمجنى عليه وكلها في مواضع من جسده قاتلة مما يؤكد اتجاه إرادة المتهمين وانتواءهم إزهاق روح المجني عليه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعنان وأن ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لديهما من استعمالهما سلاحاً من شأنه إحداث القتل وإصابة المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعنين ارتكاب الفعل المادي وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل على القصد الخاص وتكشف عنه ومن ثم يكون الحكم معيباً في هذا الصدد بالقصور . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين والمتهم المجهول في قوله : " وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط وقد حفلت أوراق الدعوى بما يؤكد أن المتهمين عقدوا العزم وبيتوا النية على إزهاق روح المجني عليه وذلك بعد أن ترصدوا خطاه وجمعوا أمرهم وأسلحتهم وانهالوا بها عليه في مواضع قاتلة من جسده فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته " لما كان ذلك ، وكان سبق الإصرار - كما هو معرف به في القانون - يقتضى أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية ، وكان البحث في توافر هذا الظرف ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان ما ساقه الحكم المطعون فيه استظهاراً لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما وإن كان يوحى في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه مما لا يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهما على الاعتداء على المجني عليه وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهما على قتله وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث وباقي شهود الإثبات قد خلا مما يدل يقيناً على توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم أن يوضح كيف انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهما وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب أيضاً بالقصور . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعنين قد قام على أن المجني عليه قتل في وقت سابق على الوقت الذي حدده شهود الإثبات ودلل على ذلك بما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجني عليــــــه وجدت في دور تمام التيبس الرمي رغم حصول التشريح في ذات اليوم الذي حدده الشهود للوفاة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية دفاع الطاعنين رغم جوهريته لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى والمستمد من أقوال شهود الإثبات وينبني عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب مناقشة شاهد الإثبات الثاني ... فأجلت المحكمة الدعوى أكثر من مرة لإعلانه لسؤاله وبجلسة ... التي حجزت فيها الدعوى للحكم طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة احتياطياً استدعاء شاهد الإثبات لمناقشته ، وكان من المقرر أن طلب الدفاع في هذا الصدد يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة وكانت المحكمة لم تجب الدفاع إلى طلبه سماع الشاهد المذكور - كما أوردت في مدونات حكمها - استناداً إلى تنازل الدفاع عن الطاعنين عن سماع شهادته بما لا أصل له في الأوراق ، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الثاني دون الاستجابة إلى طلب سماعه فإنه يكون معيباً أيضاً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق . لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 59 لسنة 24 ق جلسة 17/ 5/ 1954 مكتب فني 5 ق 213 ص 633


جلسة 17 من مايو سنة 1954
برياسة السيد الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة، وحضور السادة: مصطفى حسن، ومحمود ابراهيم إسماعيل، وأنيس غالى، ومصطفى كامل المستشارين.
---------------
(213)

القضية رقم 59 سنة 24 القضائية

تبديد. 
لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود التي سلمت بموجبها الأموال محل تهمة التبديد.
------------
لمحكمة الموضوع وهى بصدد البحث في تهمة تبديد الأقطان المنسوبة إلى المتهم سلطة تفسير العقود التي بموجبها سلمت هذه الأقطان للوصول إلى مقصود المتعاقدين منها مستعينة في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها إلى جانب نصوص تلك العقود، فإذا هي فسرت هذه العقود بأنها لا تندرج تحت عقد الرهن الوارد في المادة 341 من قانون العقوبات بل هي من عقود النمو بل على القطن وكان استخلاصها لما انتهت إليه عن وصف العقود سائغا، فإن الطعن يكون غير مقبول.


الوقائع
رفع المدعى بالحق المدني نوار ابراهيم (الطاعن) هذه الدعوى مباشرة على المطعون ضده فيكتور طوربيل (المتهم) أمام محكمة الفشن الجزئية متهما إياه بأنه بدد 860 قنطار و47 رطلا من القطن سلمت إليه من الدكتور نوار إبراهيم على سبيل الوديعة. وطلبت عقابه طبقا للمادة 341 من قانون العقوبات كما طلب القضاء له بمبلغ ستين جنيها مصريا على سبيل التعويض المؤقت وفى أثناء نظرها أمام المحكمة المشار إليها دفع الحاضر مع المتهم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وبعد أن أتمت نظرها قضت فيها برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة وباختصاصها بنظرها وفى الموضوع ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه وبرفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها بالمصروفات. فاستأنفت النيابة والمدعى بالحق المدني هذا الحكم، وأمام محكمة بنى سويف الابتدائية قال الحاضر مع المتهم "دفعنا في مذكرة قدمناها للمحكمة بسقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة" وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت حضوريا بقبولهما شكلا ورفض الدفع بسقوط الدعوى الجنائية ورفض الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى بالحق المدني بالمصروفات المدنية بلا مصروفات جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ..... الخ.


المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الأول أنه أخطأ في تطبيق القانون فقد ذهب المحكمة إلى القول بأن العقود التي سلمت بموجبها الأقطان هي من عقود التمويل لا عقود الرهن مع أن أحد هذه العقود معنون بأنه عقد تسليف على أقطان ومذكور فيه أن لصاحب الأقطان الحق في استردادها في أي وقت وبيعها لمن يشاء ، والعقدان الآخران يعنونان "شروط إيداع أقطان" ومؤدى ذلك إن قصد المتعاقدين لم ينصرف إلا إن رهن الأقطان ضمانا لما افترضه الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تناول دفاع الطاعن بشأن العقود التي سلمت بموجبها الأقطان محل تهمة التبديد، وهو الدفاع الذى ردده الطاعن في هذا الوجه من طعنه، وأورد الحكم في الرد عليه ما يلي "ومن حيث وإن كان ذكر في العقد الأول من عقود الاتفاق أن للمدعى الحق في استلام الأقطان في أي وقت يشاء وأن عنوان العقدين الآخرين" شروط إيداع أقطان" إلا أنه نص في العقد الأول على تحديد عمولة عن الأقطان التي تنيها الشركة وعمولة أخرى تختلف عنها عن الأقطان التي يتسلمها المدعى ونوران النقدية وتحديد السلفة بمبلغ 700 قرش عن كل قنطار قابلة للزيادة والنقصان حسب تقلبات السوق كما اتفق في العقدين الآخرين على غطاء مقدار مبلغ 150 قرشا وهذا يؤيد ما ذهب إليه الحكم المستأنف وبعض الأحكام الأخرى المشار إليها في مذكرات المتهم من أن هذا النوع من العقود لا يندرج تحت عقد الرهن الوارد في المادة 241 ع بل هي من عقود التمويل على القطن". لما كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود للوصول إلى مقصود المتعاقدين منها مستعينة في ذلك بظروف الدعوى وملابساتها إلى جانب نصوص تلك العقود، وكان استخلاص الحكم لما انتهى إليه عن وصف العقود استخلاصا سائغا، فإن هذا الوجه يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني أن الطاعن تمسك في مرافعته ومذكراته بأن المطعون ضده هو الذى تصرف في الأقطان وقدم تدليلا على ذلك برقية بتوقيع "طوربيل" يسجل فيها أنه باع لوطا يبلغ مقداره خمسة ريالات ولم ترد المحكمة على هذا الدفاع إلا بقولها إن التوقيع على البرقية باسم طوربيل لا يقطع بأن المتهم هو المتصرف في الأقطان المبيعة، مع أنه هو المسئول عن هذا التصرف باعتباره مديرا للشركة. وهذا الرد يجعل الحكم سنويا بالقصور.
وحيث إن محكمة الموضوع قد أثبت في حكمها المطعون فيه إنها لا ترى دليلا في التوقيع على البرقية باسم "طوربيل" على أن المطعون ضده هو الذى تصرف في اللوط رقم 12، كما قالت في موضوع آخر إن الشركة هي التي باعت الأقطان لأن الفرق بين ما تسلمه المدعى من ثمن قنطار القطن وسعره في السوق زاد على مائة وخمسين قرشا، وكانت الشركة تقوم بإخطار الطاعن وتطالبه بالتغطية قبل إجراء البيع، وأن المبالغ التي تحصلت من الثمن قيدت لحسابه، ولما كان ما أثبته الحكم مما تقدم فيه الرد الكافي على ما أبداه الطاعن، فإن ما ينعاه من قصور الحكم لا يكون سديدا.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث أن المحكمة أخطأت حين نفت قيام القصد الجنائي، ولو أنها طبقت القانون تطبيقا سليما لكانت انتهت إلى توافر هذا القصد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن ركن القصد الجنائي في جريمة خيانة الأمانة وقال إن وقائع القضية لا يمكن معها القول بتوافره ثم انتهى من ذلك وبناء على الأسباب الأخرى التي أوردتها المحكمة إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي ببراءة المتهم لعدم توافر العناصر القانونية للجريمة المرفوعة بها الدعوى، لما كان ذلك، فإنه لا أساس لما يثيره الطاعن من خطأ المحكمة في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

الطعن 23867 لسنة 71 ق جلسة 26 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 151 ص 810

جلسة 26 من ديسمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة عضوية السادة المستشارين / محمد عيد سالم ومصطفي حسان نائبي رئيس المحكمة ومحمد سليمان ، عبد الرحيم الفيل .
-------------
(151)
الطعن 23867 لسنة 71 ق
 تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير التحريات " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
الإذن بالتفتيش . ما يشترط لإصداره ؟
تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش . موضوعي .
اطراح الحكم المطعون فيه الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها لسفر الطاعن خارج البلاد خلال فترة التحري والتفاته عن دلالة جواز سفره المثبت به ذلك . قصور . علة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها وقد حصَّل الحكم هذا الدفع ورد عليه في قوله : " وحيث إنه وعن بطلان محضر التحري لقوله أن المتهم كان خارج البلاد . فإن الثابت أن الدفاع لم يقدم دليلاً على صحة دفعه سوى هذا القول .... " لما كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة " جناية أو جنحة " واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن تقول كلمتها فيه بأسباب كافية وسائغة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قدم جواز سفره الثابت به سفره خارج البلاد خلال فترة التحري وإذ التفتت المحكمة عن دلالة ذلك المستند وقالت بخلو الأوراق من الدليل على صحة الدفع - على خلاف الثابت بها - وقطعت برأيها في سلامة الإجراءات قبل أن تتولى بنفسها تحقيق ما أثاره الطاعن في هذا الشأن ونكلت عن ذلك وعولت في الإدانة - من بين ما عولت عليه - على الدليل المستمد من التفتيش فإن حكمها يكون فضلاً عن خطئه في الإسناد مشوباً بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية بأنه ...: حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين " أفيوناً ، ميثامفيتامين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين رقمي 9 ، 91 من القسم الثاني من الجدول الملحق بالقانون الأول بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة مجردة من القصد .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بمذكرتي أسباب طعنه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر الأفيون المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد انطوى على خطأ في الإسناد وشابه قصور في التسبيب ؛ ذلك بأنه دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بنى عليها لسفره خارج البلاد خلال فترة التحري إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع استناداً إلى أنه قول مرسل بلا دليل وهو ما يخالف الثابت بمحضر جلسة المحاكمة من أنه قدم جواز سفره المثبت به ما يؤيد هذا الدفع ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن البين من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها وقد حصَّل الحكم هذا الدفع ورد عليه في قوله : " وحيث إنه وعن بطلان محضر التحري لقوله أن المتهم كان خارج البلاد . فإن الثابت أن الدفاع لم يقدم دليلاً على صحة دفعه سوى هذا القول .... " لما كان ذلك ، وكان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره إلا لضبط جريمة " جناية أو جنحة " واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن تقول كلمتها فيه بأسباب كافية وسائغة . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قدم جواز سفره الثابت به سفره خارج البلاد خلال فترة التحري وإذ التفتت المحكمة عن دلالة ذلك المستند وقالت بخلو الأوراق من الدليل على صحة الدفع - على خلاف الثابت بها - وقطعت برأيها في سلامة الإجراءات قبل أن تتولى بنفسها تحقيق ما أثاره الطاعن في هذا الشأن ونكلت عن ذلك وعولت في الإدانة - من بين ما عولت عليه - على الدليل المستمد من التفتيش فإن حكمها يكون فضلاً عن خطئه في الإسناد مشوباً بالقصور في التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 7562 لسنة 70 ق جلسة 26 / 12 / 2007 مكتب فني 58 ق 150 ص 806

جلسة 26 من ديسمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد محمـود ومنصور القاضي نائبي رئيس المحكمة ومحمد سليمان وعبد الرحيم الفيل .
-------------
(150)
الطعن 7562 لسنة 70 ق
رد اعتبار . عقوبة " وقف تنفيذها " . حكم " تسبيه . تسبيب معيب " " سقوطه " . محكمة النقض " سلطتها " " نظرها الطعن والحكم فيه" . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون".
رد الاعتبار القضائي . شرطه ؟
انقضاء مدة إيقاف تنفيذ العقوبة دون صدور حكم خلالها بإلغائه . أثره : رد اعتبار المحكوم عليه . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفضه طلب رد الاعتبار لعدم مرور المدة المنصوص عليها في المادة 537 /2 إجراءات . خطأ في تطبيق القانون . وجوب نقضه والقضاء برد اعتبار المحكوم عليه . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كانت المادة 537/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية قد تضمنت أنه يجب لرد الاعتبار القضائي إلى المحكوم عليه أن يكون قد انقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة أو العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية أو ثلاث سنوات إذا كانت عقوبة جنحة وتضاعف هذه المدد في حالة الحكم للعود ، ولما كانت المادة 59 من قانون العقوبات تنص على أنه " إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن " ، وكان الأصل أن إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً هو إجراء يرمي إلى إنذار المحكوم عليه بعدم العودة إلى مخالفة القانون خلال مدة الإيقاف فإذا انقضت هذه المدة من تاريخ صيرورة الحكم بوقف التنفيذ نهائياً ولم يكن قد صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن فيسقط بكل آثاره الجنائية ويعتبر سقوطه بمثابة رد اعتبار للمحكوم عليه . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم محل طلب رد الاعتبار قد صدر بتاريخ 9/2 /1992 بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر ووقف تنفيذ العقوبة وقد تصدق على هذا الحكم في 9/7/1992 ، وأنه لم تصدر ضد طالب رد الاعتبار خلال مدة الثلاث سنوات الموقوف فيها تنفيذ العقوبة أية أحكام - وهو ما تسلم به النيابة الطاعنة - فإنه بفوات تلك المدة لا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن فيسقط بكل آثاره الجنائية ويعتبر سقوطه بمثابة رد اعتبار قانوني للمحكوم عليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الطلب تأسيساً على عدم مرور مدة الست سنوات المنصوص عليها في المادة 537 /2 من قانون الإجراءات الجنائية محتسباً إياها من تاريخ نهاية مدة وقف تنفيذ العقوبة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه . ولما كان موضوع الطلب صالحاً للفصل فيه وهو خطأ الحكم المطعون فيه في قضائه برفض طلب رد اعتبار المحكوم عليه ... مما يتعين معه الحكم بقبول طلبه برد اعتباره وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برد اعتبار المحكوم عليه  .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
    تقدمت الطاعنة – النيابة العامة - بالطلب رقم ... رد اعتبار ... والمقدم من ... بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1999 إلى محكمة جنايات ... برد الاعتبار إليه من أثر العقوبة المقضي بها عليه في الجناية رقم... والمقضي فيها بجلسة 9 من فبراير سنة 1992 بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر مع الشغل ووقف تنفيذ العقوبة وقد تصدق على هذا الحكم في 9 من يوليه سنة 1992 ، وقدمت النيابة العامة تقريراً بالموافقة على رد اعتبار الطالب إليه ، ومحكمة جنايات ... قضت حضورياً.... برفض الطلب .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض طلب رد الاعتبار المقدم من / .... على سند أن المدة المقررة لرد الاعتبار بحكم القانون لم تمض بعد قد شابه خطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اشترط مضي المدة اللازمة لرد الاعتبار القانوني في مجال رد الاعتبار القضائي بعد انتهاء المدة المقررة لوقف التنفيذ مما يعيبه ويوجب نقضه .                  
وحيث إنه لما كانت المادة 537 /2 من قانون الإجراءات الجنائية قد تضمنت أنه يجب لرد الاعتبار القضائي إلى المحكوم عليه أن يكون قد انقضى من تاريخ تنفيذ العقوبة أو العفو عنها مدة ست سنوات إذا كانت عقوبة جناية أو ثلاث سنوات إذا كانت عقوبة جنحة وتضاعف هذه المدد في حالة الحكم للعود ، ولما كانت المادة 59 من قانون العقوبات تنص على أنه " إذا انقضت مدة الإيقاف ولم يكن صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن " ، وكان الأصل أن إيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم نهائياً هو إجراء يرمي إلى إنذار المحكوم عليه بعدم العودة إلى مخالفة القانون خلال مدة الإيقاف فإذا انقضت هذه المدة من تاريخ صيرورة الحكم بوقف التنفيذ نهائياً ولم يكن قد صدر في خلالها حكم بإلغائه فلا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن فيسقط بكل آثاره الجنائية ويعتبر سقوطه بمثابة رد اعتبار للمحكوم عليه . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم محل طلب رد الاعتبار قد صدر بتاريخ 9/2 / 1992 بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر ووقف تنفيذ العقوبة وقد تصدق على هذا الحكم في 9/7/1992 ، وأنه لم تصدر ضد طالب رد الاعتبار خلال مدة الثلاث سنوات الموقوف فيها تنفيذ العقوبة أية أحكام - وهو ما تسلم به النيابة الطاعنة - فإنه بفوات تلك المدة لا يمكن تنفيذ العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن فيسقط بكل آثاره الجنائية ويعتبر سقوطه بمثابة رد اعتبار قانوني للمحكوم عليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الطلب تأسيساً على عدم مرور مدة الست سنوات المنصوص عليها في المادة 537 /2 من قانون الإجراءات الجنائية محتسباً إياها من تاريخ نهاية مدة وقف تنفيذ العقوبة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه . ولما كان موضوع الطلب صالحاً للفصل فيه وهو خطأ الحكم المطعون فيه في قضائه برفض طلب رد اعتبار المحكوم عليه ... مما يتعين معه الحكم بقبول طلبه برد اعتباره وإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برد اعتبار المحكوم عليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 34676 لسنة 69 ق جلسة 26 /12 /2007 مكتب فني 58 ق 149 ص 802

جلسة 26 من ديسمبر سنة 2007
برئاسة السيد المستشار / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد عيد سالم ، محمد محمود ، ومحمود قزامل نواب رئيس المحكمة وعبد الرحيم الفيل . 
--------------
(149)
الطعن 34676 لسنة 69 ق
(1) شهادة زور . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
عدول الشاهد عما أبداه من أقوال كاذبة بعد توجيه تهمة شهادة الزور وقبل قفل باب المرافعة في الدعوى . القضاء ببراءته من تلك الجريمة . صحيح .
مثال .
(2) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
لمحكمة الموضوع القضاء بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت . حد ذلك ؟
إغفال الحكم التعرض للتهم المنسوبة لباقي المطعون ضدهم عدا الأول واقتصاره في تبرير القضاء ببراءتهم إلى ما ساقه بالنسبة للأول دون إحاطة بظروف الدعوى . قصور . وجوب نقضه والإعادة بالنسبة لهم عدا الأول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم في قوله : "... وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن المتهم الأول ... قدم إقراراً للمحكمة المدنية الشرعية بجلسة ... يتضمن عدوله عن أقواله السابقة والذي تخالف الحقيقة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن المتهم الأول قد عدل عن شهادته قبل إقفال باب المرافعة ، ومن ثم فإن جريمة شهادة الزور تكون غير مكتملة ويضحى الاتهام وقد أقيم على غير ما يؤيده وتقضي المحكمة ببراءة المتهمين مما نسب إليهم عملاً بالمادة 304 /1 من قانون الإجراءات الجنائية " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان الشاهد قد عدل في الجلسة عما سبق له أن أبداه من الأقوال الكاذبة إلى ما قرره في شهادته الأولى ، وقد جاء عدوله بعد توجيه تهمة شهادة الزور وقبل قفل باب المرافعة في الدعوى - وهو ما سلمت به النيابة الطاعنة بأسباب طعنها - فإن القضاء ببراءة الأول من جريمة شهادة الزور تكون صحيحة في القانون .
2- من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أغفل التهم المنسوبة لباقي المطعون ضدهم عدا الأول فلم يعرض لها البتة ولم يدل برأيه في الأدلة القائمة بخصوصها بما يفيد أنه على الأقل فطن إليها ، واقتصر في تبرير ما قضى به من براءة المطعون ضدهم من هذه الجرائم على ما ساقه بالنسبة للمطعون ضده الأول ، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف الدعوى وتمحيص لأدلتها مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم في قضية الجناية بأنهم ...المتهمان الأول والثاني (1) قبلا عطية لقاء الشهادة زوراً في الدعوى المدنية الرقيمة .... شرعي .... 2- شهدا زوراً في الدعوى المدنية سالفة الذكر . ثانياً:- المتهمان الثالث والرابع : أعطيا وعداً وعطية للمتهمين الأول والثاني لقاء الشهادة الزور في الدعوى المدنية سالفة الذكر . (2) اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الثانية المنسوبة إليهما فتمت هذه الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة ، وأحالتهم إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني والرابع وغيابياً للأول والثالث ببراءتهم مما نسب إليهم .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من جرائم الشهادة الزور وإعطاء وقبول عطية لقاء الشهادة الزور والاشتراك فيها قد شابه الفساد في الاستدلال ؛ ذلك أنه استدل على القضاء بالبراءة على مجرد عدول أولهم عن شهادته مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم في قوله : "... وحيث إنه لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن المتهم الأول ... قدم إقراراً للمحكمة المدنية الشرعية بجلسة ... يتضمن عدوله عن أقواله السابقة والذي تخالف الحقيقة الأمر الذي ترى معه المحكمة أن المتهم الأول قد عدل عن شهادته قبل إقفال باب المرافعة ، ومن ثم فإن جريمة شهادة الزور تكون غير مكتملة ويضحى الاتهام وقد أقيم على غير ما يؤيده وتقضي المحكمة ببراءة المتهمين مما نسب إليهم عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه إذا كان الشاهد قد عدل في الجلسة عما سبق له أن أبداه من الأقوال الكاذبة إلى ما قرره في شهادته الأولى ، وقد جاء عدوله بعد توجيه تهمة شهادة الزور وقبل باب قفل المرافعة في الدعوى - وهو ما سلمت به النيابة الطاعنة بأسباب طعنها - فإن القضاء ببراءة الأول من جريمة شهادة الزور تكون صحيحة في القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أغفل التهم المنسوبة لباقي المطعون ضدهم عدا الأول فلم يعرض لها البتة ولم يدل برأيه في الأدلة القائمة بخصوصها بما يفيد أنه على الأقل فطن إليها ، واقتصر في تبرير ما قضى به من براءة المطعون ضدهم من هذه الجرائم على ما ساقه بالنسبة للمطعون ضده الأول ، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف الدعوى وتمحيص لأدلتها مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني للأخير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ