جلسة 10 من ديسمبر سنة 2007
برئاسـة السيد المستشار / حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفي كامل ، هاني حنا ، علي
حسن ومحمد هلالي نواب رئيس المحكمة .
-------------
(147)
الطعن 8668 لسنة 71 ق
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
مثال لتسبيب سائغ في اطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات .
(2) تفتيش " إذن التفتيش . بياناته " . اختصاص " الاختصاص المكاني
" . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب
" .
كفاية ذكر وكيل النيابة مُصدر إذن التفتيش صفته به ملحقة
باسمه فيه . ذكر اختصاصه المكاني . غير لازم . العبرة في ذلك . بحقيقة الواقع .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لتوقيعه عليه . ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره .
توقيعه بتوقيع غير مقروء . لا يبطله .
مثال لتدليل سائغ في اطراح الدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه
من بيان الاختصاص المكاني لمُصدره وتوقيعه بتوقيع غير مقروء .
(3) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . حكم "
تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع بتجهيل الجهة محررة محضر التحريات .
(4) تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . استدلالات .
دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها
" .
صدور الإذن
بتفتيش المتهمين استناداً لما دلت إليه التحريات من حيازتهما وإحرازهما للمواد
المخدرة . مؤداه : صدوره لضبط جريمة تحقق وقوعها . النعي عليه بصدوره لضبط جريمة
مستقبلية . غير سديد .
(5) إجراءات " إجراءات
المحاكمة ". إثبات " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما
لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو
المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا ً. عدم حيلولة ذلك دون الاعتماد على أقوالهم في
التحقيقات . ما دامت مطروحة على بساط البحث .
مثال .
(6) عقوبة " الإعفاء منها " . أسباب الإباحة وموانع العقاب
" الإعفاء من العقوبة " . قانون " تطبيقه " " تفسيره
" . مواد مخدرة . نقض " أسباب الطعن . ما
لا يقبل منها ".
قصر الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من القانون 182
لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات على العقوبات الواردة بالمواد 33 ، 34 ، 35 منه .
تصدي المحكمة لبحث توافره . لا يكون إلا بعد إسباغها الوصف القانوني الصحيح لواقعة
الدعوى.
انتهاء الحكم إلى أن إحراز وحيازة الطاعنين للمخدر كان
بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وإعمال حكم المادة 38 في حقهما . أثره : عدم قبول
دعوى الإعفاء .
____________________
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان إذن النيابة
العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله : " فهو مردود بما
اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من محضر تحريات الرائد .... المؤرخ .... الذي تضمن أن
التحريات السرية المشتركة مع ضباط قسم مكافحة المخدرات وضباط مباحث مركز .... أكدت
أن المتهم .... ومقيم.....محافظة.... والمتهم الذي يعمل .... مقيم .... محافظة
.... ، يحرزان ويحوزان سوياً المواد
المخدرة ويترددان بها على دائرة مركز .... ويتخذان من شخصهما مكاناً لإخفائها ومن
ثم تكون هذه التحريات قد توافرت فيها مقومات وعناصر جديتها والتي من خلالها وقف من
أجراها على بيان غير مجهل لاسمي المتهمين ومحل إقامتهما وجهة عملهما وهو ما لم
يمار فيه واحد منهما بل أكد عليه في التحقيق الابتدائي كما وقف أيضاً على نشاطهما
المؤثم قانوناً بما جعل النيابة العامة تقتنع بها وتتخذها مسوغاً كافياً لإصدار
الإذن وهو عين ما قنعت به المحكمة ما دامت تطمئن إلى أن المتهمين ونشاطهما هما
محلها بما يندحر به الدفع المبدى بهذا الشأن " ، وكان من المقرر أن تقدير
جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل
فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت
بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت
النيابة العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع
لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع
ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعنان في أن لها
أصلها الثابت بالأوراق ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في شأن ما تقدم حرياً
بالاطراح .
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع ببطلان إذن النيابة العامة
بالضبط والتفتيش لتجهليه وخلوه من بيان اختصاص وكيل النيابة المكاني وتوقيعه
بتوقيع غير مقروء ورد عليه بقوله : " لما كان القانون لم يشترط شكلاً معيناً
لإذن التفتيش ولم يوجب القانون ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة
مُصدره إذ العبرة في الاختصاص المكاني لهذا الأخير إنما تكون بحقيقة الواقع وإن
تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم
يقم الدليل على خلاف ذلك ، وكان الثابت من مطالعة إذن التفتيش أنه صدر معنوناً
باسم السيد الأستاذ .... وكيل النيابة على ذات محضر التحري الذي طلب محرره الإذن
بضبط المتهمين وتفتيشهما حال ترددهما على دائرة مركز .... وأذن مُصدر الإذن بذلك
حال ترددهما على دائرة المركز وقد تم ضبط المتهمين بدائرة مركز .... و كان الدفاع
لم يمار في أن السيد الأستاذ .... يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة مركز .... ولم يثبت في
الأوراق غير ذلك ، فقد دل ذلك كله على أن مُصدر الإذن يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة
مركز .... وأنه حين أصدر الإذن بضبط وتفتيش المتهمين حال ترددهما بدائرة المركز
فإنه قد انصرف إلى دائرة مركز .... المختص به مكانياً ، أما قول الدفاع أن التوقيع
المذيل به الإذن غير مقروء فإنه لما كان من المقرر أن إذن النيابة العامة لمأمور
الضبط بالتفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره ويكفي لصحته أن
يكون ثابتاً بالكتابة لكى يبقى حجة قائمة يعامل الموظفون الآمرون منهم والمؤتمرون
على مقتضاها ولم يشترط القانون أن يكون التوقيع باسم مصدره أو بتوقيع الفورمة وكان
الدفاع لا يمار بشأن التوقيع المذيل به الإذن هو لشخص من أصدره فقد برأ الإذن من
كل عيب صدر صحيحا ممن يملك إصداره قانوناً صحت به كافة الإجراءات التي تلته بما
يندحر به الدفع المبدى بهذا الخصوص " ، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً
وسائغاً للرد على هذا الدفع ، إذ إنه بحسب وكيل النيابة مُصدر إذن التفتيش أن يذكر
صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن - وهو ما لم ينازع فيه الطاعنان - وكان ما قاله
الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة إنما تكون بحقيقة الواقع هو
قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة مركز....
فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم
وكيل النيابة مُصدر الإذن بالتفتيش ، هذا فضلاً عن أن القانون وإن أوجب أن يكـون
إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا
التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء
لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا
المنحى غير مقبول .
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع المبدى بتجهيل الجهة محررة
محضر التحريات ورد عليه بقوله : " أما قول الدفاع في مذكرته أن الجهة التي نسب إليها محرر التحريات جاءت مجهلة فهو قول مجحود
بما ثبت للمحكمة من مطالعة محضر التحريات أنه صدر باسم الرائد ... وكيل قسم مكافحة
المخدرات وقد أفصح المذكور في التحقيق الابتدائي أنه يعمل وكيلاً لقسم مكافحة
المخدرات .... فدل ذلك على أنه نسب إلى تلك الجهة " وكان ما رد به الحكم على
النحو السالف بيانه كافياً في اطراح هذا الدفع فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في
هذا الشأن يكون على غير أساس .
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره
لضبط جريمة مستقبلية واطرحه بما أثبته أن مأمور الضبط القضائي قد استصدر
إذن النيابة بالتفتيش بعد أن دلت التحريات أن المتهمين يحوزان ويحرزان المواد
المخدرة فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة
مستقبلية وإذ انتهى الحكم في الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة
بالفعل وليس عن جريمة مستقبلية فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى
الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لوروده على جريمة مستقبلية غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما
قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من
أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال
مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة بتاريخ ....أن النيابة
العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة
بتلاوتها فتليت ولم يثبت أن أيا من الطاعنين قد اعترض على ذلك فليس لهما من بعد أن
ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع أقوال العقيد .... ومن ثم يكون النعي في هذا
الخصوص في غير محله .
6 - لما كان
الأصل وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أن
الإعفاء مقصور على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون ، وتصدي
المحكمة لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني
الصحيح على واقعة الدعوى ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إحراز وحيازة
الطاعنين لنبات الحشيش المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي
، وأعمل في حقهما حكم المادة 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ في تقديره - فإن دعوى الإعفاء
تكون غير مقبولة ويكون النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون على غير سند
.
____________________
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما - المتهم الأول . 1 - :- حاز وأحرز بقصد الاتجار
نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 ــ:ـ أحرز أداة حادة "مقص" مما
تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يوجد لإحرازها وحملها مسوغ من الضرورة
الشخصية أو الحرفية . المتهم الثاني: 1 :- حاز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في
غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2: -
أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " . وأحالتهما
إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 29 ، 38/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة
1960 المعدل والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق به و 1/1 ، 25 مكرر/1 ، 30 /1 من
القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين 10 ، 11 من الجدول رقم 1 الملحق به
بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما خمسين ألف جنيه
ومصادرة النبات المخدر المضبوط عما أسند إليهما في التهمة الأولى وبالحبس شهراً
وتغريم كل منهما خمسين جنيهاً عما أسند إليهما عن التهمة الثانية ومصادرة السلاحين
الأبيضين المضبوطين باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردان من القصود المسماة .
فطعن المحكوم
عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
______________________
المحكمة
وحيث إن الطاعنين ينعيان على
الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي إحراز
وحيازة نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة في غير الأحوال المصرح بها
قانوناً وإحراز أداة دون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية وسلاح أبيض بدون
ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون؛
ذلك أنه رد بما لا يسوغ على دفوعهما ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه
على تحريات غير جدية ، ولعدم بيان الجهة محررة محضر التحريات ، ولصدوره عن جريمة
مستقبلة ، ومن غير مختص مكانياً ولكونه ممهوراً بتوقيع غير مقروء ، ولم تستجب
المحكمة إلى طلبهما سماع أقوال العقيد ... رغم أنه شاهد واقعة ، فضلاً عن أنها لم
تعمل في حقهما أثر حكم المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وانتفاعهما
بالإعفاء المقرر بموجبها ، رغم طلب المدافع عنهما إعمالها وتوافر شروطها في حقهما
، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما وأورد
على ثبوتهما في حقهما أدلة مستقاة من اعترافهما بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات
وتقرير المعمل الكيماوي وشهادة الوزن المؤرخة .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع
الطاعنين ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية ورد عليه بقوله
: " فهو مردود بما اطمأنت إليه المحكمة مما ثبت من محضر تحريات الرائد ....
المؤرخ .... الذي تضمن أن التحريات السرية المشتركة مع ضباط قسم مكافحة المخدرات
وضباط مباحث مركز .... أكدت أن المتهم .... ومقيم.....محافظة.... والمتهم الذي
يعمل .... مقيم .... محافظة .... يحرزان ويحوزان سوياً المواد المخدرة ويترددان
بها على دائرة مركز .... ويتخذان من شخصهما مكاناً لإخفائها ومن ثم تكون هذه
التحريات قد توافرت فيها مقومات وعناصر جديتها والتي من خلالها وقف من أجراها على
بيان غير مجهل لاسمي المتهمين ومحل إقامتهما وجهة عملهما وهو ما لم يمار فيه واحد
منهما بل أكد عليه في التحقيق الابتدائي كما وقف أيضاً على نشاطهما المؤثم قانوناً
بما جعل النيابة العامة تقتنع بها وتتخذها مسوغاً كافياً لإصدار الإذن وهو عين ما
قنعت به المحكمة ما دامت تطمئن إلى أن المتهمين ونشاطهما هما محلها بما يندحر به
الدفع المبدى بهذا الشأن ". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها
لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة
التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية
الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة
العامة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا
بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه
لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعنان في أن لها أصلها
الثابت بالأوراق ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في شأن ما تقدم حرياً بالاطراح .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع ببطلان إذن النيابة العامة
بالضبط والتفتيش لتجهليه وخلوه من بيان اختصاص وكيل النيابة المكاني وتوقيعه
بتوقيع غير مقروء ورد عليه بقوله : " لما كان القانون لم يشترط شكلاً معيناً
لإذن التفتيش ولم يوجب القانون ذكر الاختصاص المكاني مقروناً باسم وكيل النيابة
مُصدره إذ العبرة في الاختصاص المكاني لهذا الأخير إنما تكون بحقيقة الواقع وإن
تراخى ظهوره إلى وقت المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات حملها على الصحة ما لم
يقم الدليل على خلاف ذلك ، وكان الثابت من مطالعة إذن التفتيش أنه صدر معنوناً
باسم السيد الأستاذ.... وكيل النيابة على ذات محضر التحري الذي طلب محرره الإذن
بضبط المتهمين وتفتيشهما حال ترددهما على دائرة مركز .... وأذن مُصدر الإذن بذلك
حال ترددهما على دائرة المركز وقد تم ضبط المتهمين بدائرة مركز.... وكان الدفاع لم
يمار في أن السيد الأستاذ ..... يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة مركز .... ولم يثبت في
الأوراق غير ذلك ، فقد دل ذلك كله على أن مُصدر الإذن يعمل وكيلاً للنيابة بنيابة
مركز ..... وأنه حين أصدر الإذن بضبط وتفتيش المتهمين حال ترددهما بدائرة المركز فإنه
قد انصرف إلى دائرة مركز .... المختص به مكانياً ، أما قول الدفاع أن التوقيع
المذيل به الإذن غير مقروء فإنه لما كان من المقرر أن إذن النيابة العامة لمأمور
الضبط بالتفتيش يجب أن يكون مكتوباً موقعاً عليه بإمضاء من أصدره ويكفي لصحته أن
يكون ثابتاً بالكتابة لكى يبقى حجة قائمة يعامل الموظفون الآمرون منهم والمؤتمرون
على مقتضاها ولم يشترط القانون أن يكون التوقيع باسم مصدره أو بتوقيع الفورمة وكان
الدفاع لا يمار بشأن التوقيع المذيل به الإذن هو لشخص من أصدره فقد برأ الإذن من
كل عيب صدر صحيحا ممن يملك إصداره قانوناً صحت به كافة الإجراءات التي تلته بما
يندحر به الدفع المبدى بهذا الخصوص " وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً
وسائغاً للرد على هذا الدفع ، إذ إنه بحسب وكيل النيابة مُصدر إذن التفتيش أن يذكر
صفته هذه ملحقة باسمه في الإذن - وهو ما لم ينازع فيه الطاعنان - وكان ما قاله
الحكم من أن العبرة في الاختصاص المكاني لوكيل النيابة إنما تكون بحقيقة الواقع هو
قول صحيح وكانت المحكمة قد تحققت من أن مصدر الإذن هو من وكلاء نيابة مركز....
فإنه لا عيب يشوب الإجراءات إذ ليس في القانون ما يوجب ذكر هذا الاختصاص مقروناً باسم
وكيل النيابة مُصدر الإذن بالتفتيش ، هذا فضلاً عن أن القانون وإن أوجب أن يكـون
إذن التفتيش موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً لهذا
التوقيع ما دام موقعاً عليه فعلاً ممن أصدره وكون الإذن ممهوراً بتوقيع غير مقروء
لا يفصح عن شخص مصدره ليس فيه مخالفة للقانون ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا
المنحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى الدفع المبدى
بتجهيل الجهة محررة محضر التحريات ورد عليه بقوله : " أما قول الدفاع
في مذكرته أن الجهة التي نسب إليها محرر التحريات جاءت مجهلة فهو قول مجحود بما ثبت للمحكمة
من مطالعة محضر التحريات أنه صدر باسم الرائد .... وكيل قسم مكافحة المخدرات وقد
أفصح المذكور في التحقيق الابتدائي أنه يعمل وكيلاً لقسم مكافحة المخدرات .... فدل
ذلك على أنه نسب إلى تلك الجهة " وكان ما رد به الحكم على النحو السالف بيانه
كافياً في اطراح هذا الدفع فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن يكون على
غير أساس ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن لصدوره لضبط جريمة
مستقبلية واطرحه بما أثبته أن مأمور الضبط القضائي قد استصدر إذن النيابة بالتفتيش
بعد أن دلت التحريات أن المتهمين يحوزان ويحرزان المواد المخدرة فإن مفهوم ذلك أن
الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلية وإذ انتهى الحكم في
الرد على هذا الدفع بأن الإذن صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل وليس عن جريمة مستقبلية
فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعنين ببطلان إذن التفتيش لوروده
على جريمة مستقبلية غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى
عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن
يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في
التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث ، وكان الثابت بمحضر جلسة
المحاكمة بتاريخ .... أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة
بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم يثبت أن أيا من الطاعنين قد اعترض
على ذلك فليس لهما من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع أقوال العقيد السيد
.... ومن ثم يكون النعي في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل
وفقاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات أن الإعفاء
مقصور على العقوبات الواردة بالمواد 33، 34، 35 من ذلك القانون ، وتصدي المحكمة
لبحث توافر هذا الإعفاء أو انتفاء مقوماته إنما يكون بعد إسباغها الوصف القانوني
الصحيح على واقعة الدعوى ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن إحراز وحيازة
الطاعنين لنبات الحشيش المخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي
، وأعمل في حقهما حكم المادة 38 من القانون سالف الذكر - وهو ما لم يخطئ في تقديره - فإن دعوى الإعفاء
تكون غير مقبولة ويكون النعي على الحكم بقالة الخطأ في تطبيق القانون على غير سند
. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا ًرفضه موضوعا ً.
___________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق