الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 12 يناير 2015

طعن 303 لسنة 25 ق جلسة 24 /4 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق ابو الحسن وعلي الدميري .
1- الاستئناف ناقل الدعوى كما هي مطروحة امام محكمة اول درجة في حدود ما هو وارد في التقرير بالاستئناف.
2- قصر المطعون ضده في تقرير الاستئناف على الغاء تدبير الابعاد وحده دون التعرض الى الحكم الصادر بحقه مؤد الى صحة قضاء المحكمة برفض استئنافه لوجوب النص بالابعاد.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
استئناف . محكمة الاستئناف . طعن . دعوى جزائية . إبعاد . نقض .
الاستئناف مناطه ينصرف إلى موضوع الدعوى الجزائية كما طرح على محكمة أول درجة - في التقرير بالاستئناف يحدد المحكوم عليه الجزء من الحكم الذي يطعن فيه مفاده التزام المحكمة الاستئنافية بما جاء في تقرير الاستئناف وإلا تنظر في غيره . مثال : قصر المطعون ضده في تقرير الاستئناف على إلغاء تدبير الإبعاد وحده وعدم اعتراضه على الحكم الصادر بحقه . انتهاء المحكمة الاستئنافية لرفض استئنافه لوجوب النص بالابعاد في الجنايات الواقعة على العرض م 121/1 عقوبات – قضاء صحيح .
أن الاستئناف ينصرف إلى موضوع الدعوى الجزائية برمته ، كما طرح على محكمة أول درجة إذا كان التقرير بالإستئناف شاملاً لجميع عناصر الحكم المستأنف سواء بالنسبة للدعوى الجزائية أم المدنية . غير أنه لما كان الاستئناف حقا إختياريا للمحكوم عليهم فلهم أن يقبلوا الحكم ولا يستأنفوه . كما لهم أن يستأنفوه كله أو يستأنفوا بعضه . وأن التقرير بالإستئناف هو الذي يحدد فيه المحكوم عليه الجزء من الحكم الذي يطعن فيه . ويجب أن تتقيد المحكمة الاستئنافيه عند نظرها لموضوع الدعوى بما جاء في تقرير الاستئناف . وألا تنظر في غيره . وإلا تعدت حدود اختصاصها . وتكون قد فصلت في غير ما طلب منها . ويكون قضاؤها باطلاً . أخذاً بقاعدة (( لا سلطة للقاضي إلا فيما استؤنف فيه خاصة )) فاستئناف المتهم يقيد المحكمة بما جاء في تقريره . كما إذا حكم على المتهم في تهمتين بحكم واحد وقصر استئنافه على إحداهما ، لم يجز للمحكمة الإستئنافية أن تنظر الأخرى .
لما كان ذلك وكان تدبير الإبعاد عقوبة تبعية يتوقف الأمر به في حق الأجنبي على ثبوت الجريمة سواء كانت جناية أو جنحة حكم فيها بعقوبة مقيده للحرية . وهو وجوبي في الجنايات الواقعة على العرض ، وفق مقتضيات المادة ( 121/1 ) من قانون العقوبات الاتحادي 3/1987 . وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قرر بالإستئناف ، وقصر طلباته في صحيفة دفاعه على إلغاء تدبير الإبعاد وحده . مقرراً فيها أنه أنهى مدة حكم أول درجة ، ويلتمس الرحمة وإلغاء الإبعاد لظروف اسرته . ولم يبد أي اعتراض على الحكم الصادر بحقه . وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على طلبه بتقرير الإستئناف ، وقضي برفضه ، معللاً بأن المتهم ابتغى من استئنافه إلغاء تدبير الإبعاد . ومن المقرر طبقاً للمادة 121/1 ق ع أن الإبعاد وجوبي في الجنايات الواقعة على العرض فيتعين رفض الاستئناف ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر ، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده شاهد نظير وأخرى لأنهما في 28/1 / 2003 بدائرة العين : -
أولاً : - المتهمان ( 1 ) ارتكبا جريمة هتك العرض بالرضا بأن مكنت الثانية المتهم الأول من تقبيلها وملامسة موطن العفة منها ( 2 ) أخلا بآداب المسلمين بأن اختلى كل منهما بالآخر خلوة محرمة بمنزل الشاكي هادي ..........، دون وجود رابطة شرعية تبيح لهما ذلك . ثانياً : - المتهم الأول _ ( 1 ) دخل مسكن المجني عليه سالف الذكر خلافا لإرادته . وفي غير الأحوال المبينة في القانون ، وذلك ليلاً . وطلبت عقابهما طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية والمادتين 356/1 ، 434/2 / 1 من قانون العقوبات الاتحادي 3/1987 . والمادة 58 بند ( 2 ) من قانون العقوبات المحلي لسنة 1970 وتعديلاته .
وبجلسة 21/4 / 2003 حكمت محكمة أول درجة الشرعية بالعين بإدانتهما بما أسند اليهما وبحبسهما تعزيراً مدة أربعة أشهر لكل واحد منهما ، وإبعادهما ، فاستأنف المطعون ضده برقم 273/2003 . وبجلسة 18/5 / 2003 حكمت المحكمة برفض الإستئناف وتأييد الحكم المستأنف . فطعنت النيابة بالنقض .
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه القصور والإخلال بحق الدفاع . وتقول في بيان ذلك إن المستأنف هو المتهم واستئنافه يطرح الدعوى أمام محكمة الإستئناف . وقد تعرض الحكم المطعون فيه لموضوع التدبير بالإبعاد ، ولم يتعرض من قريب أو بعيد لموضوع الدعوى الجزائية . الذي طرح على المحكمة ، فتخلت عن وظيفتها في مراقبة التطبيق الصحيح للقانون ، وتفادى ما وقع فيه حكم أول درجة من قصور . فخالف الحكم المطعون فيه المادة ( 241/1 ) إجراءات جزائية وشابه القصور بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير قويم .
ذلك أن الاستئناف ينصرف الى موضوع الدعوى الجزائية برمته ، كما طرح على محكمة أول درجة إذا كان التقرير بالإستئناف شاملاً لجميع عناصر الحكم المستأنف سواء بالنسبة للدعوى الجزائية أم المدنية . غير أنه لما كان الاستئناف حقا إختياريا للمحكوم عليهم فلهم أن يقبلوا الحكم ولا يستأنفوه . كما لهم أن يستأنفوه كله أو يستأنفوا بعضه . وأن التقرير بالإستئناف هو الذي يحدد فيه المحكوم عليه الجزء من الحكم الذي يطعن فيه . ويجب أن تتقيد المحكمة الاستئنافيه عند نظرها لموضوع الدعوى بما جاء في تقرير الاستئناف . والا تنظر في غيره . وإلا تعدت حدود اختصاصها . وتكون قد فصلت في غير ما طلب منها . ويكون قضاؤها باطلاً . أخذاً بقاعدة (( لا سلطة للقاضي إلا فيما استؤنف فيه خاصة )) فاستئناف المتهم يقيد المحكمة بما جاء في تقريره . كما إذا حكم على المتهم في تهمتين بحكم واحد وقصر استئنافه على إحداهما ، لم يجز للمحكمة الإستئنافية أن تنظر الأخرى .
لما كان ذلك وكان تدبير الإبعاد عقوبة تبعية يتوقف الأمر به في حق الأجنبي على ثبوت الجريمة سواء كانت جناية أو جنحة حكم فيها بعقوبة مقيدة للحرية . وهو وجوبي في الجنايات الواقعة على العرض ، وفق مقتضيات المادة ( 121/1 ) من قانون العقوبات الاتحادي 3/1987 . وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قرر بالاستئناف ، وقصر طلباته في صحيفة دفاعه على إلغاء تدبير الإبعاد وحده . مقرراً فيها أنه أنهى مدة حكم أول درجة ، ويلتمس الرحمة وإلغاء الإبعاد لظروف اسرته . ولم يبد أي اعتراض على الحكم الصادر بحقه . وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على طلبه بتقرير الاستئناف ، وقضي برفضه ، معللاً بأن المتهم ابتغى من استئنافه إلغاء تدبير الإبعاد . ومن المقرر طبقاً للمادة 121/1 ق ع أن الإبعاد وجوبي في الجنايات الواقعة على العرض فيتعين رفض الاستئناف ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون ، ويكون النعي في غير محله فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن المحكمة سألت المتهم عن الاتهامات المسندة إليه فأنكرها وأنه يتعين رفض الإستئناف وتأييد الحكم المستأنف محمولاً على أسبابه السائغة التي أوردها . بما مؤاده _ أن الحكم المطعون قد استعرض احتياطا الواقعة المسندة إلى المطعون ضده وناقشها ، وكون قناعته بثبوتها في حقه أخذا بأسباب حكم أول درجة مما يكون معه النعي غير قائم على أساس متعين الرفض .

ولما تقدم يتعين رفض الطعن .

طعن 111 لسنة 24 ق جلسة 24 /4 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق ابو الحسن وامام البدري .
1- اختصاص المحاكم الشرعية بجرائم القصاص والدية باستثناء ما هو داخل ضمن اختصاص المحكمة العليا اضافة الى اختصاصاتها الاخرى.
2- اولياء الدم الجائز لهم المطالبة بالقصاص هم العصبة الوارثون من الرجال دون غيرهم.
3- عدم مسؤولية الصبي غير المميز او المجنون.
4- للقاضي الرجوع الى اهل الاختصاص والخبرة ومنهم الاطباء في الحالات المتعذر عليه فهمها كالجنون وفقد الادراك.
5- الزام المجنون والصبي غير المميز بالتعويض في حال اتلافه نفسا او مالا.
6- تعويض النفس هو الدية.
7- الزام المتهم بالدية بعد القضاء بامتناع مسؤوليته لزوال عقله وقت ارتكاب الجريمة مفاده الالتزام بأحكام الشريعة.
8- عدم جواز التعديل في مقدار دية القتل الخطأ كونها محددة شرعا
9- قانون تعديل مقدار الدية الشرعية للمتوفي خطأ رقم 9/2003 غير معتبر تدخلا من المشرع الوضعي في تحديد مقدار الدية المحددة شرعا بل هو مجرد معادلة لقيمتها بالعملة المحلية المتعرضة قوتها الشرائية للتغيير اضافة الى سريان هذا القانون على الدعاوى غير الفصول فيها بحكم بات.
10- عدم استحقاق الدية لخزانة الدولة بل هي داخلة في ذمة ورثة المجني عليه.
11- عدم تحديد دية القتل العمد شرعا مؤد الى جواز تراضي اولياء الدم عليها مع القاتل
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) قتل . قصاص . اختصاص . محكمة شركية . مسئولية جنائية . أسباب الإباحة وموانع العقاب . شريعة إسلامية . أولياء الدم . تعويض . دية .
اختصاص المحاكم الشرعية – فيما عدا ما تختص به المحكمة العليا – بجرائم القصاص والدية بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى ، وبتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليها حداً أو تعزيراً . م / 1 عقوبات والمادتين 1 ، 2 من قانون اتحادي بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم رقم 3 لسنة 1996 .
- أولياء الدم الذين يحل لهم المطالبة بالقصاص هم العصبة الوارثون من الرجال دون غيرهم . أساس ذلك شرعاً وقانوناً .
- عدم مسئولية الصبي غير المميز أو المجنون سواء كان دائماً أو متقطعاً وارتكب الفعل حال زوال عقلة . لازمه التزام كل منهما بالتعويض م 60/1 عقوبات .
- مثال لعدم توافر شروط المسئولية قبل المتهم لكونه وقت ارتكاب الجريمة مصاباً باللوثة العقلية التي تفقده السيطرة على التفكير الصحيح ومن ثم غاب شرط من شروط القصاص وهو العقل . وجوب التزامه بالدية .
( 2 ) خبرة . إثبات . محكمة الموضوع . أسباب الإباحة وموانع العقاب ..
للقاضي أن يرجع لأهل الاختصاص والخبرة ومنهم الأطباء فيما لا يمكن له فهمه كحالات الجنون وتقرير فقد الإدراك .
مثال : لاستعانة محكمة الموضوع بأكثر من لجنة طبية لفحص المتهم حيث تبين اقترافه للجريمة تحت تأثير لوثة عقلية حادة .
( 3 ) تعويض . دية . شريعة إسلامية . أسباب الإباحة وموانع العقاب . عقوبة . أولياء الدم .
- المجنون والصبي غير المميز إذا أتلفا نفساً أو مالاً . التزامهما تعويض ما أتلفا .
- تعويض النفس مقابلة الدية . أساس ذلك م 282 من قانون المعاملات المدنية .
- إلزام المتهم بالدية بعد القضاء بامتناع مسئوليته لزوال عقله وقت ارتكاب الجريمة . مفاده الالتزام بأحكام الشريعة .
- دية القتل العمد غير محددة شرعاً . مفاده تجوز بما يتراضى عليه أولياء الدم مع القاتل . مؤدى عدم اتفاقهم على مقدار محدد معاملتهم مدية القتل الخطأ .
- قانون تعديل مقدار الدية الشرعية للمتوفى خطأ رقم 9 لسنة 2003 لا يعد تدخلاً من المشرع الوضعي في تحديد مقدار الدية المحددة شرعاً . مفاده أنه مجرد معادلة لقيمتها بالعملة المحلية التي تتعرض للتغيير في قوتها الشرائية . مؤداه أن هذا القانون يسري على الدعاوى التي لم يفصل فيها بحكم بات .
1 - من المقرر قانوناً وفق المادة 101 من قانون العقوبات الاتحادي 3/87 والمادتين ( 1 ، 2 ) من القانون 3/96 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية أنه فيما عدا ما تختص به المحكمة الاتحادية العليا من الجرائم تختص المحاكم الشرعية دون غيرها ، بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى ، بنظر الجرائم الآتية : وكل ما يتصل بها أو يتفرع عنها ، أو يكون مقدمة لها : ( 2 ) جرائم القصاص والدية .....) وبتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليها حداً أو تعزيراً . وأنه وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق أن أولياء الدم الذين يحل لهم المطالبة بالقصاص وفق المذهب المالكي المعمول به ، وعلى ما استقر في قضاء هذه المحكمة هم العصبة الوارثون من الرجال دون غيرهم . فلا تكون ولاية الدم للزوجين أو أصحاب الفروض من غير العصبات . ولا النساء ، إلا إذا كان معهن ذكر كُنَّ عصبة به . ( وموجب القصاص ثلاثة : جان وشرطة التكليف ) الشرح الصغير : 4 : 331 ( فلا يقتص من صبي ولا مجنون لحديث : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يكبر ، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق ... فإن كان المجنون يفيق أحياناً وجنى حال إفاقته أقتص منه في حال إفاقته فإن جُنَّ بعد الإفاقة انتظرت إفاقته . فإن لم يفق فالدية في ماله ) تبيين المسالك ـ شرح الشيباني 4 : 191 ، 392 فإنه " يشترط في صحة التكليف بالأمور الشرعية فهم المكلف لما كلف به . بمعنى تصوره ، بأن يفهم من الخطاب القدر الذي يتوقف عليه الامتثال .... فتقرر بهذا أن المجنون غير مكلف . وكذلك الصبي الذي لم يميز ، لأنهما لا يفهمان خطاب التكليف على الوجه المعتبر . وأما لزوم ارش جنايتهما ونحو ذلك فمن أحكام الوضع لا من أحكام التكليف ....) إرشاد الفحول للشوكاني ص 11 ـ دار المعرفة بيروت ـ ( وجنون بصرع أو استيلاء وسواس ... وهو الذي يخيل إليه ، وسواء كان كل منهما دائماً أو متقطعاً ، الشرح الصغير 3 : 381 ومؤدى ذلك ألا يسأل جنائياً عن أفعاله كل صبي غير مميز أو مجنون سواء ، كان جنونه دائماً أو متقطعاً ، وارتكب الفعل حال زوال عقله . إلا أنه يلزم كل منهما تعويض ما يتلفه . وهو نص المادة ( 60/1 ) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3/1987 ( لا يسأل جنائياً من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقداً الإدراك أو الإرادة لجنون أو عاهة في العقل أو غيبوبة ناشئة عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة أياً كان نوعها أعطيت له قسراً عنه ، أو تناولها بغير علم منه بها أو لأي سبب آخر يقرر العلم أنه يفقد الإدراك أو الإرادة ).
2 - المقرر شرعاً أن ما لا يمكن للقاضي فهمه يرجع فيه لأهل الخبرة ومنهم الأطباء قال ابن قدامه الحنبلي في المغنى 12 : 161 ( إذا اختلف في الشجة هل هي موضحة أم لا ، أو فيما كان أكبر منها كالهاشمة ، أو أصغر كالباضعة ، أو غيرها من الجراح التي لا يعرفها إلا الأطباء أو اختلف في دواء يختص بمعرفته الأطباء ، أو في داء الدابة ، فظاهر كلام الخرقي أنه إذا قدر على طبيبين أو بيطارين لا يجزئ واحد ، وإن لم يقدر على اثنين أجزأ ) ويقول ابن القيم في الطرق الحكمية ص 84 ( وتقبل شهادة الطبيب العدل في الموضحة إذا لم يقدر على طبيبين . وكذلك البيطار في داء الدابة ) ومفاد ذلك أن كل ما لا يحيط به علم القاضي في المسائل الفنية يرجع في فهمه وتقديره إلى أهل الاختصاص والخبرة . وإن تعارضت إفادتهم يستعين بأكثر من خبير ـ ومن ذلك حالات الجنون وتقرير فقد الإدراك . وقد فعلت محكمة الموضوع ، فاستعانت بأكثر من لجنة طبية . فصادف قضاؤها صحيح الشرع والقانون .
3 - المقرر شرعاً أن المجنون والصبي غير المميز إذ أتلفا نفساً أو مالاً ، يلزمهما تعويض ما أتلفا ، كل بحسبه ، وتعويض النفس هو الدية سواء في مالهما أو على العاقلة ـ إذ ( قال بعض المحققين ـ وعليه فالدية ثابتة في الجميع فلا يشترط فيها التمييز فضلاً عن التكليف ) كما جاء بالشرح الصغير 3 : 381 فضلاً عما تقرره المادة 282 من قانون المعاملات المدنية أن الجاني مرتكب الفعل الضار ملزم بضمان الضرر ولو كان غير مميز ، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالدية بعد قضائه بامتناع مسئوليته فإنه يكون قد التزم أحكام الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق وأنه وإن كانت القاعدة المقررة أن الطاعن لا يضار بطعنه إلا أن المقرر شرعاً أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لا يضير أحداً ـ لتعلقه بالنظام العام وكانت دية القتل الخطأ المحددة شرعاً هي مائة من الإبل أو ألف دينار من الذهب أو اثني عشر ألف درهم من الفضة ، بحيث لا يجوز لولي الأمر ولا للقاضي أن ينقص منها شيئاً أو يزيد في مقدارها . وهي عقوبة وتعويض ـ وقد صدر القانون الاتحادي رقم 9/2003 بتعديل مقدارها للمتوفى خطأ من الأشخاص ـ المنصوص عليه في القانون الاتحادي رقم 17/1991 بحيث يكون ( 000ر200 ) درهم وأن يلغي كل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون ، الذي صدر في 29/11/2003 ـ المعمول به من تاريخ نشره في 13/12/2003 لا يعد تدخلاً من المشرع الوضعي في تحديد مقدارها كعقوبة أو تشديدها . وإنما هو مجرد معادلة لقيمتها بالعملة الورقية المحلية التي تتعرض للتغيير من حيث قوتها الشرائية . ومن ثم فإن القانون رقم 9/2003 الذي عدل قيمتها من ( 000ر150 ) إلى ( 000ر200 ) درهم لا يعد من القوانين المشددة للعقوبة ، التي لا تسري إلا على الوقائع التي تقع في ظل العمل بها . بل إن أحكامه تسري على الدعاوى التي لم يفصل فيها بعد ، بحكم بات ، ولو أقيمت عن وقائع سابقة على صدوره ، على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة . ولما كانت الدية لا تستحق لخزانة الدولة بل تدخل في ذمة ورثة المجني عليه فإنه يتعين إعمال أثر القانون الجديد إذ لم تنته الدعوى بحكم بات . وما زالت مطروحة على محكمة النقض فإن هذه المحكمة تتصدى لتعديل ما قضى به بشأنها .
وإذ كان من المقرر أن دية العمد غير محددة شرعاً ، وتجوز بما يتراضى عليه أولياء الدم مع القاتل قليلاً أو كثيراً ، فإن لم يحددوا مقداراً معيناً . وجهل مقدارها فتكون بقدر دية القتل الخطأ . لما جاء بكتاب القوانين الفقهية لابن جزي ص 342 ( وأما دية العمد فهي غير محددة فيجوز ما اتفق عليه من قليل أو كثير ، فإن انبهمت كانت مثل دية الخطأ ) وإذ لم يتفق أولياء الدم على مقدار محدد وانتفت مسئولية الجاني جنائياً لزوال عقله فسقط عنه القصاص وقضى الحكم المطعون فيه بإلزامه 000ر150 درهم فإن هذه المحكمة تعاملها كدية الخطأ وتعدل المقدار المحكوم به إلى 000ر200 درهم وفق القانون 9/2003 ومن ثم يكون النعي وعلى ما سلف بيانه على غير أساس متعين الرفض فيما عدا ما تقضي به المحكمة من تعديل الدية .
المحكمة ،
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر الصديق أبو الحسن وبعد المداولة :
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الواقعة ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق ـ تجمل في أن النيابة العامة أحالت الطاعن على محكمة أبوظبي الشرعية لمحاكمته طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، والمواد 34/1 ، 2 ، 35/1 ، 121/1 ، 322/1 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3/1987 لأنه في يوم 29/3 / 2000 ـ قتل ..... عمداً ، بأن انهال عليه ضرباً بآلة حادة صلبة ، راضة على رأسه ( بلطة ) قاصداً قتله . فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي ، التي أودت بحياته . وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى ، في ذات الزمان والمكان ، بأن شرع في قتل .....، بأن انهال عليه ضرباً بذات الآلة سالفة الذكر ، قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الواردة بالتقرير الطبي . وأوقف أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه ، هو مقاومة المجني عليه .
وتتلخص في أنه في الساعة 30ر4 مساء يوم 29/3 / 2000 ، وبناء على اتصال لغرفة عمليات شرطة النجدة عن وجود مشاجرة في الطابق الثامن ، في بناية رشيد محمد رشيد الهاملي ، بمدينة زايد ، وتم الانتقال ، وضبط المتهم والمصاب . وشوهد المجني عليه ينزف على أرضية الشقة ، وتبين أنه فارق الحياة . وبالتحقيق مع المتهم بمحضر جمع الاستدلالات بذات التاريخ في الساعة 11 مساءً أفاد بأنه ضرب ............ ـ باكستانيين ـ بواسطة آلة حادة ورفض الإدلاء بتفاصيل الواقعة ـ وأفاد في أقواله بذات المحضر في يوم 30/3 / 2000 الساعة 9 صباحاً ـ أن الحاصل أنه في عصر الأمس أثناء وجوده مع .........، وعبد الغني سحب حديدة كانت موجودة داخل الغرفة . وقام بالتعدي بها على كل منهما ـ ثم توقف عن سرد كيفية الضرب وفقاً لملاحظة المحقق المثبتة بسؤاله عما أفاد به ....... من أنه تعدى على المدعو .......... و ......... بمطرقة أجاب - نعم هذا صحيح . وأن الواقعة بعد الظهر . ولا يدري في أي ساعة تحديداً . وأن خير الرحمن ابن عمه . ولا صلة له بغني رحمن - ويقيم معه منذ أسبوعين . ولا توجد بينهما مشاكل ، أو خلافات قبلية أو عشائرية ـ وأبدى المحقق ملاحظة أنه عند هذا الحد امتنع المستجوب عن الإدلاء بأي أقوال . ورفض لاحقاً التوقيع على أقواله .
وفي التحقيق معه بواسطة النيابة العامة بتاريخ 31/3 / 2000 الساعة واحدة صباحاً في مقر " شرطة الشعبية " أنكر تهمة القتل المنسوبة إليه . وأفاد في تفاصيل أقواله أنهم كانوا في الغرفة ثلاثة أشخاص ـ هو وغنى الرحمن ، وخير الرحمن في يوم الحادث وتناولوا الغذاء سوياً . وذهب بعد ذلك برفقة خير الرحمن إلى المسجد . ورجعا إلى البيت ولا يعرف ما الذي حدث بالضبط ولا يتذكر أنه أمسك بقطعة حديدية كانت موجودة بداخل الغرفة وضرب بها ........، ولا أين وقعت الضربة ، ولا يتذكر إن كانت ضربة واحد أم اثنتين . وأن .......... أمسكه وضربه فقام بضربه على رأسه وتمكن خير الرحمن من السيطرة عليه . ثم حضرت مجموعة من الأشخاص وسلموه إلى الشرطة . ولا يعرف سبب اعتدائه على المجني عليهما ، إلا أنه يعاني من مشاكل عائلية ونفسية . ويفكر كثيراً في مشاكله الخاصة ، واستغنت الشركة التي يعمل بها عن خدماته وأنه يعاني من بعض الأمراض ، ولا يعرف ماهيتها . ويستخدم بعض الحبوب المنومة . ويعاني في فترات متقطعة بآلام بالقلب . وأنه قام بالاعتداء عليهما شخصياً بدون تخطيط ، ولم يفكر في ذلك . وحدث الاعتداء بدون سبق إصرار منه وأن ...... ابن عمته ، وصهره ، وغنى الرحمن يسكن معه . ولا صلة له به ، ولا توجد بينه وبينهما مشاكل . ولا يعرف شيئاً مما أدلى به ....... لدى الشرطة . وأن الإصابات التي به أحدثها خير الرحمن لأن الأخير قام بالاعتداء عليه ، وعلى المدعو غنى الرحمن . ولم يحصل اشتباك بينه وبين المجني عليهما . ولم يبد ......... أي مقاومة وأنه لم يقصد إزهاق روحيهما . وكان في حالة غضب وعدم استقرار نفسي لا يعرف سببه . واستمعت النيابة العامة إلى أقوال المجني عليه الثاني خير الرحمن كشاهد على النحو المفصل بمحاضرها .
وبسؤال المتهم لدى محكمة أول درجة أفاد بأنه لا يتذكر ماذا فعل . وأن الشرطة أخبرته بأنه قتل ...... ولا يذكر بأنه ضرب خير الرحمن . واستمعت ذات المحكمة إلى أقوال ..... فقرر بأن ثلاثتهم كانوا نائمين في غرفة واحدة وأثناء نومه شعر بضرب ثقيل عليه فاستيقظ ، ووجد في يد المتهم حديدة يضربه بها فأمسكه . ونادى على المجني عليه فتبين له أنه توفي ، والدم تحت سريره . فسحب المتهم للخارج واستغاث ، وطلب من شخص إبلاغ الشرطة وحارس المبنى وأثبت تقرير الطب الشرعي عن الصفة التشريحية أن برأس المجني عليه غنى الرحمن علي ـ جرح رضي متهتك . وصيوان الأذن اليمنى ، وجلد الفروه حوله ، مصحوب بانسكاب دموي شديد بأنسجة الفروة الداخلية ، ونزيف دموي داخلي كبير الحجم منتشر أسفل الفروة على سطح الجمجمة مباشرة . ووجود كسر محدد ومنخفس بمنطقة العظم الصدغي الأيمن ، مقابل الجرح الرضي المذكور له شكل بيضاوي أبعاده 3 × 2 سم شبه متعرض الوضع ينتشر منه ـ خاصة من قطبيه ـ كسور شرخية عديدة ، تمتد من قطبه الخلفي بميل لأعلى .... وبفتح الجمجمة تبين أن الكسر المحدد المنخفس وجدت العظام بموقعه مفتتة ومنخفضة للداخل ، وغائرة داخل نسيج المخ .. ومصحوبة بتهتك في المخ في منطقة الفص الصدغي الأيمن للمخ ، ونزيف دموي من انسكاب متجلط ... وأن الوفاة جنائية حدثت بسبب إنضغاط وتهتك المخ في المنطقة الصدغية اليمنى المصاحب للكسر المنخفس بعظام المنطقة الصدغية اليمنى ، والنزيف الشديد داخل الجمجمة نتيجة للضرب بجسم صلب راض ، ذي سطح محدد صغير تقدر أبعاده في حدود 3 سم تقريباً . وحدثت بتوقيت وتاريخ يتفق مع الثابت بالأوراق أي بعد ظهر 29/3 / 2000 .
وفي 3/4 / 2000 انتدبت النيابة العامة استشاري الطب الشرعي الدكتور علي جمال الدين لإجراء الكشف الطبي على المتهم ـ الطاعن ـ لمعرفة مدى قواه العقلية لحظة وقوع الحادث ـ وفق قرار الندب ـ وقد خاطبت اللجنة الطبية المكونة من الدكاترة ........ ـ استشاري ، و ...... ـ أخصائي ، و ....... ـ استشاري ، و ........ ـ أخصائي ، و ....... ـ استشاري الطب النفسي ، رئيس اللجنة بخطابها رقم 173/2000 المؤرخ 24/4 / 2000 الدكتور ....... رداً على كتابه رقم 204 / ب ط ش سنة 2000 بتاريخ 2/4 / 2000 بأنه تم فحص ـ المتهم ......... اليوم 24/4 / 2000 من قبل اللجنة الطبية واستعرضت ملفه في مستشفى الطب النفسي ، فتبين أنه أدخل بتاريخ 4/4 / 2000 ووضع تحت الملاحظة ، وعملت له الفحوصات الضرورية وتمت معاينته عدة مرات . فتبين أنه يعاني من أفكار وأوهام اضطهادية اقترف على أثرها الجريمة المنسوبة إليه . و ما يزال قيد العلاج من تاريخه . وعند تحسن حالته سيوافون استشاري الطب الشرعي ـ بتقرير آخر . وبتاريخ 22/7 / 2000 أفادت اللجنة الطبية المكونة من الدكاترة عابد أبو مفيسيب ، ومحمد رشوان ، وسعيد لعراب والأمين أحمد إسماعيل ـ أخصائي ـ وبرئاسة د ........ ـ استشاري ومدير مستشفى الطب النفسي الجديد بأنه إلحاقاً لكتابها رقم 173/2000 المؤرخ 29 /5 / 2000 ـ تم فحص المتهم ...... اليوم 22 /7 / 2000 من قبل اللجنة . وتبين أنه خال من أعراض المرض العقلي الحادة في الوقت الحاضر . وقد استعاد رشده وبصيرته . وتوصي اللجنة بإخراجه من المستشفى على أن يستمر في تناول العقاقير الطبية الموصوفة له تجنباً لحدوث انتكاسه حادة مستقبلاً . وقد ندبت له المحكمة محامياً للدفاع عنه . ومثل أمامها والد المجني عليه الثابت ارثه بمرسوم الحكم الصادر في التركة 290/2000 بتاريخ 9/7 / 2000 شرعي أبوظبي في ـ والده علي .....، وأمه بيبي ..... ـ دون سواهما . وطلب الحكم على الجاني بالقصاص .
وبجلسة 14/11/2000 حكمت محكمة أول درجة حضورياً ببراءته من الجريمة المسندة إليه لعدم المسئولية الجنائية . وأمرت بإيداعه في مأوى علاجي . فاستأنف والد المجني عليه برقم 1786/2000 جزائي شرعي أبوظبي . طالباً إحالته إلى أهل الاختصاص لإعداد تقرير مفصل عن حالته العقلية . وسماع شهادة الشاهدين اللذين سمعا مكالمته مع والده قبل الحادث واستدعاء ثلاثة من عمال الشركة التي كان يعمل بها لسؤالهم عن حالته العقلية . ومخاطبة الشرطة للإفادة عن واقعة السرقة . فانتدبت له المحكمة محامياً للدفاع عنه وقررت في 19/2 / 2001 عرضه على لجنة من الأطباء المختصين بالطب النفسي لتحديد مدى إدراكه ومسئوليته الجنائية وقت ارتكاب الجريمة مع عرض التقارير السابقة عليها ـ فورد إليها تقرير اللجنة ، وتبين للمحكمة أن أعضاءها هم الذين أصدروا تقريراً عن الطاعن ، فقررت ندب لجنة طبية محايدة . فورد تقريرها المؤرخ 18/6/2001 . وجاء به ( أنه قد مضى على وجوده بالدولة حوالي 8 سنوات بقصد العمل ، ولا توجد معلومات مؤكدة عن إصابته بمرض نفسي ، أو عقلي في السابق ، أو تعاطى مواد مؤثرة بالعقل . وعند دخوله المستشفى كان مستنكراً للأمر . إلا أنه بسؤاله أوضح أن نومه متقطع . وأن شهيته للطعام ضعيفة وأكد كذلك أنه قام بالاعتداء على أحد الباكستانيين من معارفه ، بعد مشادة كلامية ، لاقتناعه الشديد بأن هذا الشخص بالتعاون مع ثلاثة باكستانيين آخرين يقومون بإيذاء أسرته في باكستان . وكذلك قاموا بحرق عيونهم ودمروا أمتعتهم . وذكر أن الله قد أعلمه بذلك . وللتستر على فعلتهم كانوا يمنعونه من الاتصال تلفونياً بباكستان ومنعوه من السفر إلى باكستان لكي لا يعرف الحقيقة . وأظهر بعض التضجر عن مساءلته عن ذلك الشخص بدلاً من الاهتمام بما حدث لأسرته . وطالب تحويله للمحكمة للنظر في الأمر بدلاً من حجزه في المستشفى ... بعد استعراض كل هذه المعلومات من سجله الخاص بالمستشفى عرض السجين على اللجنة الطبية الاستئنافية . وعند سؤاله كان ينفي علمه بأي شيء ، وينكر كل شيء ، ويجيب على كل شيء بعبارة " الله أعلم " ويبدوا أنه استعاد بصيرته وأدرك حجم المشكلة التي يواجهها ومضاعفاتها . وهذا يتناسب مع حدوث ( اللوثة العقلية ) المؤقتة ، والتي تنجلي مع العلاج ويستعيد المريض بصيرته . وعندما ينتكس تعود هذاءاته ، واعتقاداته الخاطئة ، ثم يستجيب للعلاج الكهربائي بصورة استثنائية تمنح المريض قدراً من البصيرة ، يستعيد بها عواطفه الوجدانية وسرعان ما تنتكس نتيجة التوقف عن العلاج ، أو التعرض لضغوط نفسية شديدة ، وهذا ما يفسر تضارب أفكاره بين الشعور بالاضطهاد ، وفقدان المنطق ، والشعور بالكآبة والذنب والندم ، وطلب الغفران ، ثم العودة إلى الدفاع عن نفسه وتبرير أفعاله ، واستنكار حجزه بالمستشفى ـ وتعتقد اللجنة أن المذكور يعاني من مرض عقلي ذهاني يستجيب للعلاج . وقد ارتكب الحادث تحت تأثير لوثة عقلية حادة زالت مع مضادات الذهان والجلسات الكهربائية وأنه الآن يتماثل للشفاء . وقد ينتكس مرة أخرى إذا طال توقيفه ، أو توقف علاجه . وأفكاره خاطئة في الشكل والمحتوى ، تتذبذب مع درجة بصيرته التي تعتمد على استمرارية العلاج وتخفيف الضغوط النفسية عليه . والبت في أمره في الوقت الراهن ). وطلب وكيل الورثة على سبيل الاحتياط استدعاء رئيس اللجنة الطبية لمناقشته ، فأفاد رئيسها د / الزين عباس بأن الذي باشر علاج ومتابعة المتهم هو الدكتور أمين أحمد إسماعيل ـ فاستدعته محكمة الاستئناف واستمعت إليه بعد أداء اليمين . وتوجز شهادته في أن ملف المتهم قيد بعد إحالته من النيابة العامة للمستشفى في 4/4 / 2000 بعد شهرين . ووقع الحادث في 29/3 / 2000 وكان مفروضاً أن يحال للمستشفى مباشرة أو بعد أيام ـ إن الإفادة عن حاله استنتاج منطقي لسرد الوقائع نظراً لأنه تم الكشف عليه بعد أن تم تحويله بعد فترة طويلة من ارتكاب الجريمة . وكان يعتقد اعتقاداً جازماً بأن أهله تعرضوا للإيذاء من زملائه . وأنه يعرف أنه قام بطعن شخص . ولكنه لا يعرف إن كان حياً أم ميتاً ، ويتصور أنه الضحية . وهو يدرك فعله ، ولكنه لا يدرك إن كان ما فعله خطأ أم صواباً . وأجاب الشاهد بأنه يعتقد بأن المتهم كان يعاني من حالة قبل الواقعة بدليل ما كان يسرده من وقائع نتيجة لاعتقادات وتصورات خاطئة ـ وأضاف أنه كان الطبيب المعالج للمتهم . ثم استدعت المحكمة عضو اللجنة الدكتور طلعت مطر ، استشاري الطب النفسي . ومما جاء بشهادته . بعد سؤاله إن كان المتهم مسئولاً عن أفعاله وتصرفاته ـ بأنه كشف عليه في اللجنة الاستئنافية ، وكون فكرة بأنه كان تحت تأثير أعراض مرضية . وأنه لا يتذكر ما قام به ، ولكن قيل له ـ ومرض اللوثة العقلية غالباً ما يظهر فجأة ـ وباقي شهادته كما جاء بالتقرير .
وبجلسة 4/12/2001 حكمت المحكمة بالإجماع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم مجدداً بعدم مسئولية المستأنف ضده ـ الطاعن ـ جنائياً عن الجريمة المنسوبة إليه . وبإلزامه بالدية الشرعية 000ر150 درهم تدفع لورثة المجني عليه . فطعن بالنقض وأودعت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطاعن أقام طعنه على ثلاثة أسباب ينعي فيها على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله . ويقول في بيان ذلك ، أن العبرة بطلبات الخصوم . وقد حضر المطعون ضده الأول ـ والد المجني عليه بجلسة 21/10/2000 وحدد طلبات الورثة في القصاص ، ولم يطلب الدية . ورغم ذلك قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وحكم مجدداً ببراءة الطاعن ، وإلزامه الدية للورثة مع أنهم لم يطلبوها . وقول الحكم إن محامي الورثة طلب الدية قول خطأ لأن هذا طلب جديد لم يطرح أمام أول درجة . وسواء كانت الدية حق متعلق بالخصوم ، أو شأن تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ، فهو طلب لم يبحثه الحكم المستأنف ، وأغفل الفصل فيه . ولا يجوز الطعن في الإغفال بطرق الطعن بالنقض . فيكون استئناف المطعون ضده الأول خطأً قانونياً سايره الحكم المطعون فيه مما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر قانوناً وفق المادة 101 من قانون العقوبات الاتحادي 3/87 والمادتين ( 1 ، 2 ) من القانون 3/96 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية أنه فيما عدا ما تختص به المحكمة الاتحادية العليا من الجرائم تختص المحاكم الشرعية دون غيرها ، بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى ، بنظر الجرائم الآتية : وكل ما يتصل بها أو يتفرع عنها ، أو يكون مقدمة لها : ( 2 ) جرائم القصاص والدية .....) وبتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية عليها حداً أو تعزيراً .
وأنه وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق أن أولياء الدم الذين يحل لهم المطالبة بالقصاص وفق المذهب المالكي المعمول به ، وعلى ما استقر في قضاء هذه المحكمة هم العصبة الوارثون من الرجال دون غيرهم . فلا تكون ولاية الدم للزوجين أو أصحاب الفروض من غير العصبات . ولا النساء ، إلا إذا كان معهن ذكر كُنَّ عصبة به . ( وموجب القصاص ثلاثة : جان وشرطة التكليف )
الشرح الصغير : 4 : 331 ( فلا يقتص من صبي ولا مجنون لحديث : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصغير حتى يكبر ، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق ... فإن كان المجنون يفيق أحياناً وجنى حال إفاقته أقتص منه في حال إفاقته فإن جُنَّ بعد الإفاقة انتظرت إفاقته . فإن لم يفق فالدية في ماله ) تبيين المسالك ـ شرح الشيباني 4 : 191 ، 392 فإنه " يشترط في صحة التكليف بالأمور الشرعية فهم المكلف لما كلف به . بمعنى تصوره ، بأن يفهم من الخطاب القدر الذي يتوقف عليه الامتثال .... فتقرر بهذا أن المجنون غير مكلف . وكذلك الصبي الذي لم يميز ، لأنهما لا يفهمان خطاب التكليف على الوجه المعتبر . وأما لزوم ارش جنايتهما ونحو ذلك فمن أحكام الوضع لا من أحكام التكليف ....) إرشاد الفحول للشوكاني ص 11 ـ دار المعرفة بيروت ـ ( وجنون بصرع أو استيلاء وسواس ... وهو الذي يخيل إليه ، وسواء كان كل منهما دائماً أو متقطعاً ، الشرح الصغير 3 : 381 ومؤدى ذلك ألا يسأل جنائياً عن أفعاله كل صبي غير مميز أو مجنون سواء ، كان جنونه دائماً أو متقطعاً ، وارتكب الفعل حال زوال عقله . إلا أنه يلزم كل منهما تعويض ما يتلفه . وهو نص المادة ( 60/1 ) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3/1987 ( لا يسأل جنائياً من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقداً الإدراك أو الإرادة لجنون أو عاهة في العقل أو غيبوبة ناشئة عن عقاقير أو مواد مخدرة أو مسكرة أياً كان نوعها أعطيت له قسراً عنه ، أو تناولها بغير علم منه بها أو لأي سبب آخر يقرر العلم أنه يفقد الإدراك أو الإرادة ).
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أحاط بواقعة الدعوى وظروفها وملابساتها . وحقق أركان الجريمة ومدى توافر شروط المسئولية أو عدم توافرها في من ارتكبها وانتهى إلى إلغاء الحكم المستأنف جزئياً والقضاء مجدداً بإلزام الطاعن بالدية فقط . وخلص في أسبابه إلى أن الاستئناف قد انصب في مجمله على الاعتراض على ما جاء بالتقارير الطبية من أن الطاعن غير مسئول جنائياً . وأن الثابت مما ورد بتقرير الطبيب الشرعي واللجنة الطبية بالمستشفى النفسي ، وما طلبته محكمة الاستئناف من تقرير من لجنة محايدة جاء بتقريرها أن الطاعن كان وقت ارتكاب الجريمة مصاباً باللوثة العقلية التي تفقده السيطرة على التفكير الصحيح وأنه كانت تنتابه أوهام سيطرت عليه . كما أن محكمة الاستئناف أحضرت الطبيب المعالج وناقشته . كما أحضرت أحد أعضاء اللجنة الطبية ـ الاستئنافية ـ وناقشته ومن كل ما تقدم فإن محكمة الاستئناف ترى أن ما توصلت إليه محكمة أول درجة من عدم مسئولية الطاعن جنائياً مصادف لصحيح القانون . وقد استوثقت محكمة الاستئناف من ذلك من بسطها للموضوع وسماعها للخبراء والأطباء الذين أعدوا التقارير . واطمأنت لما قدم أمامها . وقد غاب شرط من شروط الحكم بالقصاص وهو العقل ـ فلا قصاص من صبي أو مجنون ، لأنه عقوبة ، وهما ليس من أهلها . وقد تحققت محكمة البداية ومن بعدها محكمة الاستئناف من انعدام مسئولية المستأنف ـ الطاعن ـ لوجود آفة في عقله ولم يقدم الورثة الدليل على عكس ذلك . فيسقط حقهم في طلب القصاص كما أن محاميهم طلب في الجلسة الأخيرة إلزام الطاعن بالدية التي هي حق مقرر شرعاً ، إذا سقط القصاص ـ لا يتوقف القضاء بها على سلامة عقل الجاني وهذه أسباب لها معينها من الأوراق ومؤصلة على تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية والقانون السالفة البيان .
إذ الثابت من التقارير الطبية وسماع شهادة بعض الأطباء الذين استمعت إليهم محكمة الاستئناف أن الطاعن ارتكب الجريمة في حال لوثه عقلية ـ وهي من مصطلح الفقه بمعنى الجنون المتقطع ـ فلا يسأل الجاني جنائياً عما ارتكبه حال جنونه سواء كان جنوناً دائماً أو متقطعاً والفيصل في كشف ذلك الاستعانة بأهل الخبرة . وقد استعانت بهم محكمة الموضوع .
إذ المقرر شرعاً أن ما لا يمكن للقاضي فهمه يرجع فيه لأهل الخبرة ومنهم الأطباء قال ابن قدامه الحنبلي في المغنى 12 : 161 ( إذا اختلف في الشجة هل هي موضحة أم لا ، أو فيما كان أكبر منها كالهاشمة ، أو أصغر كالباضعة ، أو غيرها من الجراح التي لا يعرفها إلا الأطباء أو اختلف في دواء يختص بمعرفته الأطباء ، أو في داء الدابة ، فظاهر كلام الخرقي أنه إذا قدر على طبيبين أو بيطارين لا يجزئ واحد ، وإن لم يقدر على اثنين أجزأ ) ويقول ابن القيم في الطرق الحكمية ص 84 ( وتقبل شهادة الطبيب العدل في الموضحة إذا لم يقدر على طبيبين . وكذلك البيطار في داء الدابة ) ومفاد ذلك أن كل ما لا يحيط به علم القاضي في المسائل الفنية يرجع في فهمه وتقديره إلى أهل الاختصاص والخبرة . وإن تعارضت إفادتهم يستعين بأكثر من خبير ـ ومن ذلك حالات الجنون وتقرير فقد الإدراك . وقد فعلت محكمة الموضوع ، فاستعانت بأكثر من لجنة طبية . فصادف قضاؤها صحيح الشرع والقانون .
لما كان ذلك وكان المقرر شرعاً أن المجنون والصبي غير المميز إذ أتلفا نفساً أو مالاً ، يلزمهما تعويض ما أتلفا ، كل بحسبه ،
وتعويض النفس هو الدية سواء في مالهما أو على العاقلة ـ إذ ( قال بعض المحققين ـ وعليه فالدية ثابتة في الجميع فلا يشترط فيها التمييز فضلاً عن التكليف ) كما جاء بالشرح الصغير 3 : 381 فضلاً عما تقرره المادة 282 من قانون المعاملات المدنية أن الجاني مرتكب الفعل الضار ملزم بضمان الضرر ولو كان غير مميز ،
لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزام الطاعن بالدية بعد قضائه بامتناع مسئوليته فإنه يكون قد التزم أحكام الشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق وأنه وإن كانت القاعدة المقررة أن الطاعن لا يضار بطعنه إلا أن المقرر شرعاً أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لا يضير أحداً ـ لتعلقه بالنظام العام
وكانت دية القتل الخطأ المحددة شرعاً هي مائة من الإبل أو ألف دينار من الذهب أو اثني عشر ألف درهم من الفضة ، بحيث لا يجوز لولي الأمر ولا للقاضي أن ينقص منها شيئاً أو يزيد في مقدارها . وهي عقوبة وتعويض ـ
وقد صدر القانون الاتحادي رقم 9/2003 بتعديل مقدارها للمتوفى خطأ من الأشخاص ـ المنصوص عليه في القانون الاتحادي رقم 17/1991 بحيث يكون ( 000ر200 ) درهم وأن يلغى كل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القانون ، الذي صدر في 29/11/2003 ـ المعمول به من تاريخ نشره في 13/12/2003 لا يعد تدخلاً من المشرع الوضعي في تحديد مقدارها كعقوبة أو تشديدها . وإنما هو مجرد معادلة لقيمتها بالعملة الورقية المحلية التي تتعرض للتغيير من حيث قوتها الشرائية . ومن ثم فإن القانون رقم 9/2003 الذي عدل قيمتها من ( 000ر150 ) إلى ( 000ر200 ) درهم لا يعد من القوانين المشددة للعقوبة ، التي لا تسري إلا على الوقائع التي تقع في ظل العمل بها . بل إن أحكامه تسري على الدعاوى التي لم يفصل فيها بعد ، بحكم بات ، ولو أقيمت عن وقائع سابقة على صدوره ، على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة .
ولما كانت الدية لا تستحق لخزانة الدولة بل تدخل في ذمة ورثة المجني عليه فإنه يتعين إعمال أثر القانون الجديد إذ لم تنته الدعوى بحكم بات . وما زالت مطروحة على محكمة النقض فإن هذه المحكمة تتصدى لتعديل ما قضى به بشأنها . 
وإذ كان من المقرر أن دية العمد غير محددة شرعاً ، وتجوز بما يتراضى عليه أولياء الدم مع القاتل قليلاً أو كثيراً ، فإن لم يحددوا مقداراً معيناً . وجهل مقدارها فتكون بقدر دية القتل الخطأ . لما جاء بكتاب القوانين الفقهية لابن جزي ص 342 ( وأما دية العمد فهي غير محددة فيجوز ما اتفق عليه من قليل أو كثير ، فإن انبهمت كانت مثل دية الخطأ ) وإذ لم يتفق أولياء الدم على مقدار محدد وانتفت مسئولية الجاني جنائياً لزوال عقله فسقط عنه القصاص وقضى الحكم المطعون فيه بإلزامه 000ر150 درهم فإن هذه المحكمة تعاملها كدية الخطأ وتعدل المقدار المحكوم به إلى 000ر200 درهم وفق القانون 9/2003 ومن ثم يكون النعي وعلى ما سلف بيانه على غير أساس متعين الرفض فيما عدا ما تقضي به المحكمة من تعديل الدية .

طعن 249 لسنة 31 ق جلسة 19/ 4 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس عمر بخيت العوض والمستشاران شهاب عبد الرحمن الحمادي ومحمد محرم محمد .
1- لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر المتوافرة دلائل كافية على ارتكابه الجريمة سندا للمادة 45 اجراءات جزائية.
2- المقصود بالدلائل الكافية وفق مفهوم المادة 45 اجراءات جزائية هي العلامات المستفادة من ظاهر الحال دون ضرورة التعمق في تمحيصها وتغليب وجه الرأي فيها وهي غير معتبرة ادلة.
3- سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدلائل المجيزة القبض والتفتيش.
4- سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من العناصر المطروحة امامها حسب اقتناعها دون التقيد بدليل معين الا في الاحوال المنصوص عليها قانونا.
5- الادلة في المواد الجزائية متساندة مكمل بعضها وتكون عقيدة القاضي منها مجتمعة.
6- عدم التزام محكمة الموضوع بايراد الادلة المطمئنة اليها والمقتنعة بها.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) أمن دولة . مأمورو الضبط القضائي . إثبات . محكمة الموضوع . تفتيش . قبض . تزييف عملة . ترويج .
- لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على ارتكابه جريمة .
- ماهية الدلائل الكافية العلامات المستفادة من ظاهر الحال دون ضرورة التعمق في تمحيص وتغليب وجوه الرأي فيها . مفاده أنها لا ترقى إلى مرتبة الأدلة . وقد تستنتج من وقائع لا تؤدي إلى ثبوت الجريمة بالضرورة م 45 إجراءات جزائية .
- سلطة محكمة الموضوع في تقدير جدية الدلائل التي تجيز القبض والتفتيش .
مثال : لصحة القبض على المتهم لتوافر دلائل كافية تنبئ عن ارتكابه جريمة ترويج عملة مقلدة .
( 2 ) محكمة الموضوع . إثبات .
- لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها دون التزام بدليل معين ما لم يقيده القانون .
- عدم لزوم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم قاطعة في كل جزء من جزئيات الدعوى . أساس ذلك أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي .
- محكمة الموضوع غير ملتزمة إلا بإيراد الأدلة التي اطمأنت إليها واقتنعت بها .
مثال : لاستخلاص سائغ لاقتراف المتهم جريمة ترويج عملة مقلدة .
1 - إن المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية أجازت لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على ارتكابه جريمة ، والمقصود بوجود دلائل كافية على ارتكاب الجريمة هي العلامات المستفادة من ظاهر الحال دون ضرورة التعمق في تمحيصها وتغليب وجوه الرأي فيها وهي لا ترقى إلى مرتبة الأدلة ، وقد يقوم استنتاجها من وقائع قد لا تؤدي إلى ثبوت الجريمة بالضرورة طالما كان لها ما يبررها في ذهن من اتخذ إجراء القبض بما لديه من سلطة تقديرية ، ولمحكمة الموضوع من بعد السلطة التامة في تقدير جدية الدلائل التي تجيز القبض والتفتيش . لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشرطة ألقت القبض على المتهم على أثر بلاغ الشاكي بعد أن حدد لهم أوصاف المتهم والسيارة التي كان يستقلها وقت وقوع الجريمة وما تلا البلاغ من تحريات أجرتها الشرطة قد أدت بها إلى الاهتداء إلى المتهم والقبض عليه ، فإن إجراء القبض كان بناء على دلائل كافية تنبئ عن ارتكاب المتهم للجريمة ، ومن ثم يكون صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون ويضحي الدفع ببطلان إجراءات القبض على غير سنسد خليقاً بالرفض .
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها لأن العبرة في المواد الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه دون التزام عليه بالأخذ بدليل معين فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بذلك ، فله أن يزن أدلة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم قاطعة في كل جزء من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ولا تلتزم محكمة الموضوع بأن تورد في أسبابها من أدلة إلا ما اطمأنت إليه واقتنعت به ، ولا تثريب عليها إن هي لم تتبع الخصوم في شتى مناحي حججهم ودفاعهم وترد على كل قول أو حجة أثاروها طالما إنها أقامت قضائها على أسباب سائغة فيها الرد الضمني على تلك الأقوال وهذه الحجج .
لما كان ذلك وكان الثابت من استقراء وقائع الدعوى على نحو ما تقدم أن المتهم أقر في تحقيقات النيابة أنه توجه وبرفقته امرأة إلى محل الشاكي وسلمه عملة ورقية فئة الخمسمائة درهم لكي يستوفي منها ثمن صندوقين مانجا بقيمة 35 درهم ، تبين من تقرير المختبر الجنائي أنها مزيفة ، كما ثبت من أقوال الشاكي أن المتهم هو الذي سلمه العملة المزيفة المضبوطة بعد أن استخرجها من جيبه وليس كما زعم هذا من أن المرأة هي التي سلمته العملة لكي يعطيها هو بدوره إلى الشاكي ، أضف إلى ذلك على اعتصامه بالإنكار عند ضبطه وإبداء عدم تعاونه مع الشرطة في بادئ الأمر ثم اعترافه على نحو لا يتفق مع تصوير الشاكي للواقعة لتستخلص منه المحكمة قرينة في الدلالة على تحقق العلم لدى المتهم أن العملة الورقية المضبوطة مزيفة ولا يجديه التذرع بأن امرأة هي التي اشترت المانجا وبناء على طلبها سلّم العملة إلى الشاكي بعد أن أعطته إياها ولا سيّما أنه لم يرشد عن تلك المرأة مكتفيا بالقول أنها غادرت البلاد الأمر الذي لم يبغ من هذا الدفاع سوى درء مغبة الاتهام عن نفسه والإفلات من العقوبة .
المحكمة ،
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة .
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الواقعة تخلص فيما أبلغ به وقرره المدعو /....... من أنه بتاريخ 24/8 / 2003 وأثناء تواجده على رأس عمله في سوق الحمرية للخضار والفواكه بدبي حضر إليه المتهم وبرفقته امرأة متحجبة تتحدث اللغة العربية ، واشترى منه صندوقين مانجا بقيمة 35 درهم وسلمه ورقة نقدية من فئة الخمسمائة درهم بعد أن أخرجها من جيبه ثم أعاد إليه الباقي ، وطلب من زميله المدعو ...... أن يقوم بصرف الورقة لدى محل الصرافة وعندما أشار إلى السيارة التي استقلها المتهم قام هذا بتسجيل رقمها وهو 65560 خصوصي دبي وبعدها توجه إلى صرافة ...... ولما عرض الورقة النقدية على الموظف أخبره بأنها مزيفة ثم أعادها إلى الشاكي ، وبسؤال محمد ........ قرر بأن الشاكي طلب منه أن يقوم بصرف الورقة النقدية المضبوطة وعندما أخبره عن مصدر هذه الورقة وقد أشار إلى السيارة التي استقلها المتهم قام بتسجيل رقمها ثم توجه إلى الصرافة وأخبره الموظف الذي يعمل بها أن العملة الورقية مزيفة وأضاف أنه لم يشاهد المتهم وهو يسلم الشاكي تلك العملة كما لم يتأكد من صورته عندما أخذ رقم السيارة . وإذ سئل المتهم في محضر الضبط نفى صلته بالواقعة المبلغ عنها مقرراً أنه لا يعرف الشاكي ولم يشتر منه الفاكهة وأنه لا يعرف السيارة المشار إليها ولا صاحبها ، وفي تحقيقات النيابة عدل عن أقواله السابقة وقرر أنه توجه إلى محل الشاكي وبرفقته امرأة روسية تدعى نرجس وقامت بشراء صندوقين من المانجا بقيمة 35 درهم فأعطته الورقة النقدية المضبوطة وبدوره سلمها إلى الشاكي الذي أعاد إليها الباقي ثم غادرا المحل بسيارة من نوع فوكس واجن على خلاف السيارة الذي أدلى الشاكي وزميله بأوصافها الرقم المسجلة به ، وأضاف أنه لم يكن يعلم بأن العملة الورقية مزيفة وأن تلك المرأة قد غادرت البلاد . وبسؤال ......... – شرطي أول من مرتب إدارة التحريات – في تحقيقات النيابة قرر بأنه أثناء ضبط المتهم وبسؤاله عن الواقعة المبلغ عنها رفض التعاون مع الشرطة ، وبعرضه على طابور العرض التشخيصي تعرف الشاكي عليه بالمرات الثلاث .
وقد أورى تقرير المختبر الجنائي أن الورقة النقدية فئة الخمسمائة درهم " موضوع الفحص " مزيفة باستخدام آلة النسخ الضوئي الملون وبدرجة تجوز على الشخص العادي وينخدع بها .
وقد أسندت النيابة العامة إلى المتهم أنه في يوم 24/8 / 2003 بدائرة دبي :
روّج عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً في الدولة فئة الخمسمائة درهم رقم 032341276 المصطنعة بأسلوب المسح الإلكتروني تقليداً للعملة الورقية الصحيحة المناظرة لذات الفئة والطبعة الصادرة عن المصرف المركزي للدولة عن طريق الشراء بها مع علمه بتقليدها على النحو المبين بتقرير المختبر الجنائي .
وطلبت معاقبته المادة 205 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 .
وبجلسة المرافعة مثل المتهم واعتصم بالإنكار والحاضر معه قدم مذكرة بدفاعه طلب في ختامها القضاء ببراءته مما أسند إليه على سند من أن الأوراق خلت من أي دليل أو قرينة على صحة إسناد التهمة إليه بما لا يتوفر في حقه الدلائل الكافية التي تجيز القبض عليه فضلا عن انتفاء حالة التلبس وأن أقوال شهود الإثبات على النحو السالف لا يصح التعويل عليها في قيام الجريمة وثبوتها في حق المتهم ، كما العرض الذي أجرته الشرطة له وقد تعرف الشاكي عليه قد شابه البطلان باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق الذي لا يملك القيام به سوى النيابة العامة . ثم قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة اليوم .
وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والعرض الذي أجرته الشرطة فهو مردود ذلك أن المادة 45 من قانون الإجراءات الجزائية أجازت لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على ارتكابه جريمة ،
والمقصود بوجود دلائل كافية على ارتكاب الجريمة هي العلامات المستفادة من ظاهر الحال دون ضرورة التعمق في تمحيصها وتغليب وجوه الرأي فيها وهي لا ترقى إلى مرتبة الأدلة ، وقد يقوم استنتاجها من وقائع قد لا تؤدي إلى ثبوت الجريمة بالضرورة طالما كان لها ما يبررها في ذهن من اتخذ إجراء القبض بما لديه من سلطة تقديرية ،
ولمحكمة الموضوع من بعد السلطة التامة في تقدير جدية الدلائل التي تجيز القبض والتفتيش . لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الشرطة ألقت القبض على المتهم على أثر بلاغ الشاكي بعد أن حدد لهم أوصاف المتهم والسيارة التي كان يستقلها وقت وقوع الجريمة وما تلا البلاغ من تحريات أجرتها الشرطة قد أدت بها إلى الاهتداء إلى المتهم والقبض عليه ، فإن إجراء القبض كان بناء على دلائل كافية تنبئ عن ارتكاب المتهم للجريمة ، ومن ثم يكون صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون ويضحي الدفع ببطلان إجراءات القبض على غير سند خليقاً بالرفض .
وحيث إنه عن الموضوع فإن المحكمة تنوه ابتداء إلى ما هو مقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من عناصر الدعوى المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها لأن العبرة في المواد الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه دون التزام عليه بالأخذ بدليل معين فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بذلك ،
فله أن يزن أدلة الإثبات وأن يأخذ من أي بيّنة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم قاطعة في كل جزء من جزئيات الدعوى إذ أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ،
ولا تلتزم محكمة الموضوع بأن تورد في أسبابها من أدلة إلا ما اطمأنت إليه واقتنعت به ، ولا تثريب عليها إن هي لم تتبع الخصوم في شتى مناحي حججهم ودفاعهم وترد على كل قول أو حجة أثاروها طالما إنها أقامت قضائها على أسباب سائغة فيها الرد الضمني على تلك الأقوال وهذه الحجج .
لما كان ذلك وكان الثابت من استقراء وقائع الدعوى على نحو ما تقدم أن المتهم أقر في تحقيقات النيابة أنه توجه وبرفقته امرأة إلى محل الشاكي وسلمه عملة ورقية فئة الخمسمائة درهم لكي يستوفي منها ثمن صندوقين مانجا بقيمة 35 درهم ، تبين من تقرير المختبر الجنائي أنها مزيفة ، كما ثبت من أقوال الشاكي أن المتهم هو الذي سلمه العملة المزيفة المضبوطة بعد أن استخرجها من جيبه وليس كما زعم هذا من أن المرأة هي التي سلمته العملة لكي يعطيها هو بدوره إلى الشاكي ، أضف إلى ذلك على اعتصامه بالإنكار عند ضبطه وإبداء عدم تعاونه مع الشرطة في بادئ الأمر ثم اعترافه على نحو لا يتفق مع تصوير الشاكي للواقعة لتستخلص منه المحكمة قرينة في الدلالة على تحقق العلم لدى المتهم أن العملة الورقية المضبوطة مزيفة ولا يجديه التذرع بأن امرأة هي التي اشترت المانجا وبناء على طلبها سلّم العملة إلى الشاكي بعد أن أعطته إياها ولا سيّما أنه لم يرشد عن تلك المرأة مكتفيا بالقول أنها غادرت البلاد الأمر الذي لم يبغ من هذا الدفاع سوى درء مغبة الاتهام عن نفسه والإفلات من العقوبة ، ولا ينال من هذا النظر تمسك الدفاع ببطلان إجراءات العرض الذي أسفر عن تعرف الشاكي على المتهم ثلاث مرات متى كانت المحكمة وهي بصدد التدليل على صحة إسناد التهمة وثبوتها في حق المتهم لم تعول على هذا الإجراء على فرض بطلانه وإنما اتخذت من أقوال الشاكي والمتهم على النحو السالف البيان دليلاً أقامت عليه قضاءها بإدانة المتهم عن الجريمة المسندة إليه ، وإذ كان ما تقدم وقد ثبتت الجريمة ثبوتا كافياً مستمداً من اعتراف المتهم وأقوال الشاكي ومما أوراه تقرير المختبر الجنائي فإنه يتعين القضاء بإدانته ومعاقبته طبقا للمادة 205 من قانون العقوبات الاتحادي مع الأمر بإبعاده عن البلاد بعد تنفيذ العقوبة المقررة وذلك عملاً بالمادة 121 من هذا القانون .
وحيث إن المحكمة ترى من الظروف والملابسات المحيطة بالدعوى النزول بالعقوبة إلى الحبس المحدد مدته من بعد بمنطوق الحكم وذلك عملاً بالرخصة الممنوحة لها بمقتضى المادة 98 / ج من القانون المذكور .

وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن .

طعن 230 لسنة 24 ق جلسة 17 /4 / 2004

هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران الصديق ابو الحسن وامام البدري .
1- تطبيق الشريعة الاسلامية هو واجب في كل الاحوال كونه تشريعا سماويا.
2- الاغتصاب وفق الشريعة الاسلامية هو الوطء جبرا على غير وجه مشروع.
3- التزام المغتصب بنتا بتأدية الف درهم لها تعويضا الضرر اللاحق بشرفها وهو بمثابة مهر المثل بالنسبة لها وفق امر صاحب السمو رئيس الدولة الصادر في 6/2/1995.
4- سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الادلة واعتراف المتهم في اي مرحلة من مراحل الاستدلال والتحقيق بالرغم من عدوله عنه فيما بعد وذلك شرط اطمئنانها لصحته ومطابقته للواقع واقامة قضائها على اسباب سائغة كافية لحمله.
5- تناول المتهم الخمر طائعا مختارا وفقده الوعي والادراك غير مؤد الى اعفائه من المسؤولية سندا للمادة 161/1 عقوبات.
ملخص المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) شريعة إسلامية . اغتصاب . أوامر سمو رئيس الدولة . تعويض . جريمة .
وجوب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً . أساس ذلك .
- الاغتصاب ماهيته الوطء جبراً على وجه غير مشروع .
- أمر صاحب السمو رئيس الدولة بإلزام كل مغتصب بتعويض من اغتصبها وأزال بكارتها مائة ألف درهم . أساس ذلك شرعاً وقانوناً .
( 2 ) محكمة الموضوع . إثبات . اعتراف .
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة من سلطة محكمة الموضوع .
- لها تقدير اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الاستدلال والتحقيق ، وأن تأخذ به في الجرائم التعزيرية ولو عدل عنه فيما بعد . شرطه الاطمئنان لصحته ومطابقته للواقع .
( 3 ) أسباب الإباحة وموانع العقاب . مسئولية جنائية . مواد كحولية .
تناول المتهم للخمر طائعاً مختاراً ولو فقد الوعي والإدراك . مؤداه عدم إعفاء المتهم من المسئولية . م 61/1 عقوبات . أساس ذلك شرعياً .
1 - إن المقرر على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ، أن تطبيق الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً لا يضير أحداً . وهو واجب في كل الأحوال لأنه تشريع سماوي . كما أن الاغتصاب وفق أحكامها ـ هو الوطء جبراً على غير وجه مشروع والبالغ الواطئ لحرة مغتصباً أي مكرهاً . عليه صداق مثلها ( البهجة في شرح التحفة لابن الحسن ـ التسولي 2 : 672 )
لما كان ذلك وكان أمر صاحب السمو رئيس الدولة وفقاً للكتاب رقم 17/1 / 4/6112 المؤرخ 6 /2 / 1995 المرسل بكتاب وزير العدل المؤرخ 8 /2 / 1995 بإلزام كل من يغتصب بنتاً ويزيل بكارتها مائة ألف درهم تعويضاً عما لحقها في شرفها جاء قاعدة ثابتة قاطعة ومحددة لا يجوز النزول عنها ـ ولا مخالفته ـ ولا يعد عقوبة أخرى جديدة بناءً على إسناد اتهام جديد بل هو مهر المثل بالنسبة لها ومن ثم يكون الحكم قد صادف صحيح الشرع والقانون . ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض .
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقيب عليها في ذلك ، طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند ، ولها تقدير اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الاستدلال والتحقيق . وأن تأخذ به في الجرائم التعزيرية ـ أو ما يؤول إلى التعزير ـ ولو عدل عنه فيما بعد متى اطمأنت لصحته ومطابقته للواقع . وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
3 - من المقرر شرعاً أن تناول الخمر ووقوع الفعل في حالة سكر بين لا يعفي المتهم من المسئولية ولو كان فاقد الوعي والإدراك طالما شربها طائعاً مختاراً . إذ نصت المادة 61/1 من قانون العقوبات الاتحادي 3/1987 على أنه ( إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجاً عن عقاقير أو مواد مخدرة ، أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه ، عوقب على الجريمة التي وقعت ، ولو كانت تتطلب قصداً خاصاً . كما لو كانت قد وقعت بغير تخدير أو سكر ) ومن ثم تلزمه عقوبة الجريمة التي ارتكبها وهو ما يوافق فقه الشريعة الإسلامية ، لما جاء في البهجة شرح التحفة 2 : 318 - قال التسولي في مسئولية الجاني السكران (.... بخلاف الطلاق والعتق والجناية فإنها تلزمه ) كما قال أحد علماء المالكية :-
لا يلزم السكران إقرار عقود ..... بل ما جنى عتق طلاق حدود .
وفي التشريع الجنائي لعبد القادر عودة 1 : 583 ـ ما مؤداه أن المذاهب الفقهية الأربعة قد أجمعت على القول بأن من يتناول المسكر مختاراً بغير عذر يعد مسئولاً عن كل جريمة يرتكبها أثناء سكره سواء ارتكبها عامداً أو مخطئاً . ويعاقب بعقوبتها ، لأنه أزال عقله بنفسه ، وبسبب هو في ذاته جريمة فيتحمل العقوبة زجراً له .
المحكمة ،
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر وبعد المداولة :
حيث إن الواقعة = على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتلخص في أن النيابة العامة اتهمت الطاعن ........ لأنه في غضون أيام 23/ 6 / 2001 وحتى 19/8 / 2001 بدائرة العين :
أولاً :
1 - استخدم الإكراه في مواقعة المجني عليها .........، بأن فاجأها وهي نائمة وأمسك بها عنوة ووضع السكين على رقبتها وطرحها أرضاً وحسر عنها ملابسها وجثم فوقها ، وأولج قضيبه في فرجها وفض بكارتها .
2 - شرب الخمر رغم أنه مسلم بالغ عاقل عالم بتحريمها ودون ضرورة شرعية تبيح له ذلك .
3 - دخل ليلاً منزل المجني عليه سالم ........ من غير إذنه وبقصد ارتكاب جريمة الاغتصاب
4 - اعتدى على سلامة جسم المجني عليها ......... فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها أقل من عشرين يوماً .
ثانياً :
5 - شرع في مواقعة عائشة .......... بالإكراه بأن أمسك بها وألقاها أرضاً ووضع السكين على رقبتها بقصد مواقعتها وخاب أثر الجريمة لأسباب لا دخل لإرادته فيها هو استغاثتها . وقد اقترنت الجناية بجناية أخرى ، هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر شرع في خطف المجني عليها سالفة الذكر ، بأن حرمها من حريتها بقصد مواقعتها كرهاً
6 - اعتدى على سلامة جسم المجني عليها ......... بالضرب بسكين في يدها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لها علاج أقل من عشرين يوماً
7 - دخل ليلاً منزل المجني عليها سالفة الذكر من غير إذنها ، وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بقصد ارتكاب الجريمة وبمواقعتها كرهاً عنها
8 - شرب الخمر وهو مسلم عاقل بالغ عالم بتحريمها دون ضرورة شرعية تبيح له ذلك .
ثالثاً :
9 - هتك عرض المجني عليها سوسن ............. بالإكراه بأن أمسك شعرها وضمها إلى صدره وقبلها في وجهها واقترنت تلك الجريمة بجناية أخرى هي أنه في ذلك الزمان والمكان سرق المجني عليها سالفة الذكر بطريق الإكراه بأن أمسكها من يدها ووضع السكين على رقبتها وتمكن بهذه الوسيلة من سرقة حقيبة يدها
10 - اعتدى على سلامة جسم المجني عليها سوسن ......... بالضرب بالأيدي ، فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي التي تقرر لعلاجها مدة أقل من عشرين يوماً
11 - تعرض للمجني عليها سالفة الذكر على وجه يخدش حياءها بالقول بأن طلب معاشرتها كرهاً عنها . وقام بالإمساك بها في طريق عام .
رابعاً :
12 - حال كونه مسلماً عاقلاً بالغاً أخذ الأموال المكملة للنصاب والمملوكة للمجني عليه صفاء الدين .......... من منزله خفية وبقصد امتلاكها
13 - دخل ليلاً منزل المجني عليه ...... من غير إذن صاحبه . وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبقصد ارتكاب جريمة السرقة
14 - أتلف باب منزل المجني عليه سالف الذكر بأن جعله غير صالح للاستعمال . وطلبت عقابه طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والمواد 34 ، 35 ، 339/2 ، 344/5 / 6و 354 ، 356 ، 385/1 ، 424/1 ، 434/1 / 2/3 من قانون العقوبات الاتحادي.
وبجلسة 30/4 / 2002 حكمت محكمة أول درجة حضورياً بإدانته بارتكابه جرائم المواقعة وهتك العرض والشروع فيه والتعرض لأنثى والاعتداء ودخول المسكن ، وعاقبته على ذلك ـ
أولاً : بالسجن المؤبد تعزيراً . ثانياً : بإدانته بشرب الخمر ، ومعاقبته عليه بالجلد ثمانين جلدة ـ ثالثاً : بإدانته عن جرائم السرقة . ومعاقبته على ذلك بالسجن لمدة ثلاث سنوات . فاستأنف برقم 303/2002 جزائي شرعي العين . وبجلسة 26/5 / 2002 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف بإلزام المستأنف ـ الطاعن ـ بأن يدفع للمجني عليها ....... تعويضاً قدره مائة ألف درهم . ورفض الاستئناف فيما عدا ذلك . وتأييد الحكم المستأنف . فطعن بالنقض الماثل . وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد .
وبجلسة 27/12/2003 حكمت هذه المحكمة برفض الدفع المبدى من النيابة العامة . وبقبول الطعن شكلاً . وحددت جلسة 24/1 / 2004 لنظر الموضوع ، وعرض الملف على النيابة لإبداء رأيها في الطعن . فأودعت مذكرة برأيها بطلب رفض الطعن .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الطاعن أقام طعنه على ثلاثة أسباب ينعي بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان ويقول في بيان ذلك ، إن مواد الإحالة تدور حول جرائم الشروع وهتك العرض ، والضرب والسرقة . ويبين من الحكم تعديله الحكم المستأنف بإنشاء مركز أسوأ للمتهم ـ الطاعن ـ بأن أضاف له عقوبة جديدة ، هي دفع مائة ألف درهم تعويضاً للمجني عليها .......، دون إخطاره بهذا التعديل ولا سند لهذه العقوبة في أمر الإحالة . ولم يشر إليها الحكم المستأنف . مما يصم الحكم المطعون فيه بالبطلان ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير قويم ذلك أن المقرر على ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ، أن تطبيق الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً لا يضير أحداً . وهو واجب في كل الأحوال لأنه تشريع سماوي .
كما أن الاغتصاب وفق أحكامها ـ هو الوطء جبراً على غير وجه مشروع والبالغ الواطئ لحرة مغتصباً أي مكرهاً . عليه صداق مثلها ( البهجة في شرح التحفة لابن الحسن ـ التسولي 2 : 672 )
لما كان ذلك وكان أمر صاحب السمو رئيس الدولة وفقاً للكتاب رقم 17/1 / 4/6112 المؤرخ 6/2 / 1995 المرسل بكتاب وزير العدل المؤرخ 8/2 / 1995 بإلزام كل من يغتصب بنتاً ويزيل بكارتها مائة ألف درهم تعويضاً عما لحقها في شرفها جاء قاعدة ثابتة قاطعة ومحددة لا يجوز النزول عنها ـ ولا مخالفته ـ ولا يعد عقوبة أخرى جديدة بناءً على إسناد اتهام جديد بل هو مهر المثل بالنسبة لها ومن ثم يكون الحكم قد صادف صحيح الشرع والقانون . ويكون النعي على غير أساس متعين الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال . ذلك أنه أدانه سنداً لأقواله وأقوال المجني عليها ، والتقرير الطبي . بينما دفع بأن اعترافاته كلها باطلة لأنه أدلى بها تحت الإكراه ، وتأثير المشروبات الكحولية ـ فكان في حالة سكر بين مما يجعله غير مختار . ولم يمحص الحكم هذا الدفاع وتناقضت أقوال المجني عليها أمام النيابة العامة مع ما قررته أمام الشرطة . فهي لم تعرف إن كان أمنى بها أم لا . ولم توجد آثار لذلك . ولا يتسق التقرير الطبي مع أقوالها . ولم يتوفر دليل على الاغتصاب . وقد طلب دفاعه تحليل الآثار المنوية التي وجدت بملابس المجني عليها لمعرفة ما إذا كانت من فصيلة مادة الطاعن أم لا ولم يستجب الحكم لدفاعه . مما يصمه بالإخلال بحق الدفاع ، ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقيب عليها في ذلك ، طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند ، ولها تقدير اعتراف المتهم في أي مرحلة من مراحل الاستدلال والتحقيق . وأن تأخذ به في الجرائم التعزيرية ـ أو ما يؤول إلى التعزير ـ ولو عدل عنه فيما بعد متى اطمأنت لصحته ومطابقته للواقع . وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله .
كما أنه من المقرر شرعاً أن تناول الخمر ووقوع الفعل في حالة سكر بين لا يعفي المتهم من المسئولية ولو كان فاقد الوعي والإدراك طالما شربها طائعاً مختاراً . إذ نصت المادة 61/1 من قانون العقوبات الاتحادي 3/1987 على أنه ( إذا كان فقد الإدراك أو الإرادة ناتجاً عن عقاقير أو مواد مخدرة ، أو مسكرة تناولها الجاني باختياره وعلمه ، عوقب على الجريمة التي وقعت ، ولو كانت تتطلب قصداً خاصاً . كما لو كانت قد وقعت بغير تخدير أو سكر ) ومن ثم تلزمه عقوبة الجريمة التي ارتكبها وهو ما يوافق فقه الشريعة الإسلامية ، لما جاء في البهجة شرح التحفة 2 : 318 - قال التسولي في مسئولية الجاني السكران (.... بخلاف الطلاق والعتق والجناية فإنها تلزمه ) كما قال أحد علماء المالكية : -
لا يلزم السكران إقرار عقود ..... بل ما جنى عتق طلاق حدود .
وفي التشريع الجنائي لعبد القادر عودة 1 : 583 ـ ما مؤداه أن المذاهب الفقهية الأربعة قد أجمعت على القول بأن من يتناول المسكر مختاراً بغير عذر يعد مسئولاً عن كل جريمة يرتكبها أثناء سكره سواء ارتكبها عامداً أو مخطئاً . ويعاقب بعقوبتها ، لأنه أزال عقله بنفسه ، وبسبب هو في ذاته جريمة فيتحمل العقوبة زجراً له .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أحاط بواقعات الدعوى وظروفها وملابساتها عن بصيرة . وبين أركانها وأدلتها وأقام قضاءه على سند من اطمئنانه إلى اعتراف الطاعن أمام الشرطة والنيابة العامة وصدوره عن إرادة حرة واعية . وإرشاده إلى مسكن المجني عليها وما حوته الأوراق من قرائن وأقوال منتجة فيها . واشتملت أسبابه على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً لمعرفة الجريمة المنسوبة للطاعن . ونص القانون الذي حكم بموجبه نزولاً عند حكم المادة 216 ـ إجراءات جزائية بما يدحض النعي بالفساد في الاستدلال وبطلان الاعتراف الذي جاء قولاً مرسلاً معللاً بأن الثابت من أوراق الدعوى والتحقيقات أن الحكم المستأنف قد عرض لواقعة الدعوى في بيان جلي مفصل . وحصل اعترافات المتهم بالوقائع المسندة إليه بمحضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة إضافة إلى أدلة الثبوت أقوال المجني عليها .......، و .........، و ........، و .........، و ....... وما ثبت من التقرير الطبي وعمليات التعرف القانوني . وما ثبت في محضر الدلالة المؤرخ 22/8 / 2001 ومحضر تفتيش مسكن الطاعن . وما ثبت من أقوال المجني عليها ..... أنها أثناء وجودها بحجرتها بمنزل كفيلها الذي تعمل لديه وبرفقتها زميلتها .......... فوجئت به يدلف من الباب في حوالي الساعة الثانية من صباح 15/8 / 2000 حاملاً سكيناً بيده ، وضعها على رقبتها وأجبرها على خلع ملابسها ، وألقى بها أرضها ، وواقعها كرهاً ، وفض بكارتها ، مولجاً قضيبه في فرجها . وأسرع بالفرار عندما غادرت زميلتها الحجرة وجاءت أقوال ........ بمضمون أقوال المجني عليها . وأضافت بأنه كان يهدد المجني عليها وأسقطها أرضاً . ولتمكن الأخيرة من الخروج من الحجرة لاذ بالفرار . وثبت من التقرير الطبي الشرعي المحرر عن المجني عليها وجود جرح متهتك صغير في طور الالتئام في بداية الجدار الخلفي للمهبل بطول 2/1 سم تقريباً ، وتمزق حديث بغشاء البكارة عند موضع الساعة العاشرة من قرص عقارب الساعة ، وحواف ذلك التمزق في طور الالتئام ، ومغطاة بغشاء رقيق غير متليف وأنها تعتبر ثيباً من الناحية الطبية الشرعية . وأن الإصابات الموصوفة بالمهبل وغشاء البكارة حدثت من جراء إيلاج كامل وعنيف ، لعضو ذكري بالغ منتصب . والتطورات الشفائية لتلك الإصابات تشير إلى جواز حدوثها في تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة المذكورة . وقد ثبت من طابور العرض الذي أجري بتاريخ 22/8 / 2001 عقب ضبط الطاعن تعرف المجني عليها مرتين عليه في عملية العرض في طابور مؤلف من ستة أشخاص . وثبت من أقوال ...... أنه أثناء وجودها بمسكنها بمنطقة الخبيصي ليلاً فوجئت به يدخل عليها الحجرة . حاملاً سكيناً هددها بها . وأراد مواقعتها كرهاً عنها فقاومته ، فضربها . وحاول جذبها خارج المنزل . وعندما شعر به المقيمون معها أسرع بالفرار . وقد تعرفت عليه في طابور العرض الذي أجرته الشرطة . كما ثبت من أقوال ..... أنها في مساء ليلة 17/8 / 2001 حال عودتها لمسكنها بجهة المرخانية فوجئت به يقترب منها ويحاول مراودتها عن نفسها فنهرته . فضربها وجذبها من شعرها . فطرقت باب جارها . فأسرع الطاعن بالفرار بعد أن سرق حقيبتها . وقد تعرفت عليه في طابور العرض . وبتفتيش مسكنه بناءً على إذن النيابة عثر على الأوراق الخاصة بالمجني عليها سوسن بمسكنه وهي التي كانت بحقيبة يدها . ومنها بطاقتها الصحية ، وعضوية فندق روتانا ، وتصريح القيادة الممنوح لها . كما جاء بأقوال .......... الذي يعمل مدرساً بمنطقة المريجب ويسكن بمفرده أنه لدى عودته لحجرته وجد بابها مكسوراً ، واكتشف سرقة مبلغ ( 000ر25 ) درهم . وثبت من محضر الاستدلال المؤرخ 22/8 / 2001 أن المتهم قد ارشد إلى مسكن المجني عليه . وضبط مع الطاعن ( 000ر10 ) درهم باقي المبلغ المسروق وسلم للشاكي . وأقر الطاعن أنه أنفق باقي المبلغ . ومن كل ما تقدم تكون الجرائم المنسوبة إلى الطاعن ثابتة في حقه يقيناً من الأدلة سالفة البيان ، واعترافاته التفصيلية بتلك الوقائع ، بمحاضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة ، على نحو ما حصله الحكم المستأنف والذي صدر صحيحاً ودفاعه مردود إذ مجرد وجوده بفندق روتانا ، وإقراره باحتساء الخمر لا يعد دليلاً على أنه كان في حالة سكر . إذ بالكشف عليه وفق التقرير الطبي فور ضبطه في 22/8 / 2001 وجد أنه يبدو بحالة طبيعية . فضلاً عن أنه عقب الضبط كرر تلك الاعترافات لدى مثوله في اليوم التالي بتحقيقات النيابة العامة . مما يدحض أنه كان في حالة سكر حين أدلى باعترافاته . وقد جاءت متطابقة مع أقوال المجني عليهم مما يدل على أنه حين أدلى بها كان في تمام وعيه . وإن المقرر شرعاً أن ارتكابه الجريمة حال سكره لا يعفيه من مسئوليتها وعقوبتها ، ولو فقد وعيه . طالما تنازل المسكر طائعاً مختاراً . وأن ما انتهى إليه حكم أول درجة من توقيع عقوبة واحدة على الجرائم التي ارتكبها الطاعن رغم تعددها ، وعدم ارتباطها وفقاً لما هو مقر بالمادة 88 ق ع إعمالاً لنظرية التداخل في الفقه الإسلامي هو أمر لا محل له في الدعوى المطروحة . ذلك أن قانون العقوبات الاتحادي رقم 3/87 ـ ينص في المادة الأولى ( على أن تسري في جرائم الحدود والقصاص والدية أحكام الشريعة الإسلامية . وتحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى ) بمعنى أنه فيما يخص باقي الجرائم والعقوبات التعزيرية أن القاضي ملزم بتطبيق نصوص هذا القانون . وإذ كانت الجرائم المسندة للطاعن غير مرتبطة وفقاً لنص المادة ( 88 ) عقوبات فإنه كان يتعين إقرار عقوبة مستقلة لكل جريمة باعتبار أنها من الجرائم التعزيرية إلا أنه عملاً بقاعدة عدم جواز أن يضار الطاعن بطعنه . وكان الطاعن هو المستأنف وحده فلا يحق لمحكمة الاستئناف تعديل الحكم أخذاً بنص المادة ( 241 ) إجراءات جزائية .
لما كان ذلك وكانت أحكام الشريعة قد عرفت الاغتصاب بأنه هو الوطء جبراً على غير وجه شرعي والبالغ الواطئ لحرة مغتصباً ، أي مكرهاً ، لها عليه صداق مثلها . وأن صاحب السمو رئيس الدولة قد أصدر أمره بإلزام كل من يغتصب بنتاً ويزيل بكارتها بأن يدفع لها ( 000ر100 ) درهم تعويضاً عما لحقها في شرفها على أن يكون ذلك قاعدة ثابتة يتعين على المحاكم تطبيقها . بالإضافة إلى العقوبة المقررة وفقاً للاتهام المسند إليه من النيابة العامة . وكان من المقرر أن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لا يضر أحداً وكان الثابت أن الطاعن قد اغتصب المجني عليها وأزال بكارتها مما يتعين معه إلزامه بأن يؤدي لها ( 000ر100 ) درهم وفق أمر صاحب السمو رئيس الدولة . وهذه أسباب سائغة مؤصلة على الفقه والقانون ، وأمر صاحب السمو رئيس الدولة بما له سلطة كفلتها المادة ( 54 ) فقرة ( 8 ) من الدستور المؤقت لدولة الإمارات العربية المتحدة ، التي نصت على أن لرئيس الاتحاد مباشرة الإشراف على تنفيذ القوانين والمراسيم والقرارات الاتحادية . وقرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم 2/76 الذي نصت المادة الأولى منه على أن يكون لرئيس الدولة حق الرقابة العليا عن طريق الأجهزة الاتحادية على كل ما يتعلق ... بحفظ الأمن والنظام في جميع أنحاء الدولة ، بهدف كفالة الأمن للمواطنين وضمان الاستقرار الداخلي ومواجهة أي أخطار تهدد المجتمع وقد مارس سموه ذلك فأصبح عرفاً دستورياً مستقراً ، ومعروفاً للكافة واجب الاحترام ، تلتزم به كل السلطات . وهو ما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية التي جعلت للإمام باعتباره ولياً للأمر سلطة الإشراف على الشئون العامة للأمة في الداخل والخارج بما يحقق مصلحتها في حدود ما أنزل الله . وإذ كان في أسباب الحكم المطعون فيه الرد الضمني المسقط لكل ما أثاره الطاعن ، فإن النعي برمته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تقديره وهو ما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة فهو على غير أساس متعين الرفض .

ولما تقدم يتعين رفض الطعن .