الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 27 ديسمبر 2014

(الطعن 1890 لسنة 37 ق جلسة 13 /2/ 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 38 ص 215)

برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.
 ------------
( أ ، ب ) بلاغ كاذب . قذف . جريمة "أركان الجريمة" . دعوى جنائية . "قبولها" . دفوع . "الدفع بعدم قبول الدعوى" . حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
(أ‌) تبرئة المتهم من جريمة البلاغ الكاذب لا تقتضى تبرئته من جريمة القذف لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
(ب‌) متى تعتبر المجني عليها في جريمة القذف عالمة بها وبمرتكبها؟
كفاية حمل الحكم على وقائع قذف لم يمض على علم المجني عليها بها وبمرتكبها ثلاثة أشهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إذا كان ما أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القذف كما هي معرفة في القانون فإنه لا محل لما يثيره المتهم بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة البلاغ الكاذب لاختلاف أركان كل من الجريمتين.
(2) إذا كان البين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن - أن المحضر رقم 1463 سنة 1963 إداري بندر المنيا قد أرفقت به شكويان من المتهم في حق المجني عليها إحداهما بتاريخ 28/4/1963 والثانية بتاريخ 6/7/1963 وقُدمتا لمأمور بندر المنيا ولمأمور مركز أبي قرقاص على التوالي وقد سئلت المجني عليها في الشكوى الأولى بتاريخ 1/5/1963 وأمرت النيابة بحفظها إدارياً في 23/5/1963 وأما الشكوى الثانية المؤرخة 16/7/1963 فأرفقت دون أي إجراء فيها وقد حوت الوقائع التي أوردها الحكم الابتدائي وهو في صدد بيانه لواقعة الدعوى التي دين الطاعن عن وقائع القذف التي تضمنتها، وكانت الدعوى المباشرة التي أقامتها المدعية بالحق المدني التي أعلنت في 29، 30 يناير سنة 1964 وإن كانت تعد غير مقبولة بالنسبة لما تضمنته الشكوى الأولى المؤرخة 28/4/1967 لمضي ثلاثة أشهر على تاريخ علم المجني عليها بالجريمة وبمرتكبها، إلا أنها تعتبر مقبولة بالنسبة لما تضمنته الشكوى الثانية المؤرخة 16/7/1963 من وقائع القذف التي لم تسأل فيها المجني عليها بل أرفقت بالشكوى الأولى بعد حفظها، ذلك بأن علم المجني عليها بجريمة القذف الواقعة عليها في هذه الشكوى ومرتكبها لا يقوم في حقها إلا من تاريخ افتتاح صحيفة الدعوى، فإن قضاء الحكم يكون محمولاً على وقائع القذف التي تضمنتها الشكوى الثانية ويكون ما يثيره المتهم من أن الدعوى غير مقبولة لمضي أكثر من ثلاثة أشهر على علم المجني عليها بالجريمة ومرتكبها على غير سند من القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
أقام المطعون ضدهما الجنحة المباشرة أمام محكمة بندر المنيا ضد الطاعن بعريضة أعلنت إليه يتهمانه فيها بأنه في أيام 28/4/1963 و27/6/1963 و16/7/1963 و18/7/1963 و20/9/1963: (أولا) أبلغ كذبا مع سوء القصد ضد المطعون ضدهما بأنهما يديران منزلا للدعارة السرية وأنهما يتخذان منزلهما مركزا تابعا لمنظمة أجنبية ضد أمن الدولة العليا وقد تبين كذب هذه الأمور وعدم صحتها (ثانيا) قذف في حق الطالبين في التواريخ 28/4 و27/6 و16/7 و18/7 و20/9/1963 وذلك بطريق الكتابة والتبليغ للجهات المختلفة وتضمن هذا القذف إسناد قيام المطعون ضدهما بإدارة منزلا للدعارة السرية، وطلبا عقابه بالمواد 302 و305 و308 من قانون العقوبات مع القضاء لهما قبله بمبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت في الدعوى حضوريا عملا بالمادتين 302 و308 من قانون العقوبات (أولا) ببراءة المتهم من التهمة الأولى (ثانيا) بحبسه أسبوعين مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ وتغريمه 20ج عن التهمة الثانية (ثالثا) إلزامه أن يدفع إلى المدعيين مدنيا مبلغ عشرة جنيهات والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية قضت في الاستئناف حضوريا بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمته المصروفات المدنية ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف قد شابه تناقض في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه بعد أن أثبت أن الطاعن أبلغ ضد المدعيين بالحقوق المدنية بأنهما يديران منزلا للدعارة السرية ويتخذان من منزلهما مركزا تابعا لمنظمة أجنبية ضد أمن الدولة انتهى إلى تبرئته من تهمة البلاغ الكاذب ودانه بجريمة القذف مع أن تبرئته من التهمة الأولى يوجب تبرئته من الجريمة الأخرى لابتنائهما على ذات الوقائع ثم إن الدعوى المباشرة غير مقبولة لمضي أكثر من ثلاثة أشهر على علم المجني عليهما بالجريمة ومرتكبها وذلك طبقا لنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية إذ الثابت من الأوراق أن الشكاوى المقدمة من الطاعن ضد المجني عليهما حفظت بتاريخ 19 /5/1963 ولم ترفع الدعوى عنها إلا في 29/1/1964 وكل أولئك المثالب تعيب الحكم بما يوجب نقضه. 
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أثبت الاطلاع على الشكوى الإدارية رقم 1463 سنة 1963 بندر المنيا المضمومة بقوله "وحيث إنه يبين من الاطلاع على الشكوى 1463 سنة 1963 إداري بندر المنيا المضمومة أن المتهم -الطاعن- قدم شكوى لمأمور بندر المنيا في 28/4/1963 نسب فيها إلى المدعية الأولى إدارة منزلها للدعارة السرية بمعاونة من يدعى ..... وأنهما يعتديان عليه ويلاحقانه بالتهديد بالاستعانة بالمتعطلين كما قدم شكوى ثانية في 16/7/1963 إلى مأمور مركز أبو قرقاص نسب فيها إلى المدعية الأولى إدارة منزلها للدعارة بمساعدة ..... وقرر المتهم عند سؤاله في الشكوى الأولى في المحضر المؤرخ 28/4/1963 أن المدعية مدنيا وأعوانها يلاحقونه بالتهديد وقررت هي أن المتهم أعاد تقديم الشكاوى الماسة بسمعتها وسئل فيها كل من ..... و..... فقررا أن المتهم يعتدي على المدعية مدنيا بالسب وينسب إليها إدارة منزلها للدعارة على مسمع من الجيران". ثم انتهى الحكم إلى إدانة الطاعن عن جريمة القذف في قوله "وحيث إن ما نسبه المتهم إلى المدعية الأولى من أقوال في الشكويين بأنها تدير منزلها للدعارة يعتبر قذفا طبقا للمادة 302 ع توافر فيه ركن العلانية بالإبلاغ به وإجراء تحقيق فيه وقد أيد الشاهدان ..... و..... التهم للمدعية عبارة إدارتها منزلها للدعارة على مسمع من الجيران ومن ثم يتعين عقاب المتهم بالمادة 308 ع ولا أثر لدفاعه بوجوب توفر القصد الخاص في البلاغ الكاذب لأن الواقعة المسندة إلى المتهم والثابتة قبله هي القذف العلني". لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم فيما سلف تتوافر به العناصر القانونية لجريمة القذف كما هي معرفة في القانون ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة البلاغ الكاذب لاختلاف أركان كل من الجريمتين. لما كان ما تقدم، وكان يبين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن - أن المحضر رقم 1463 سنة 1963 إداري بندر المنيا قد أرفقت به شكويان من الطاعن في حق المجني عليها إحداهما بتاريخ 28/4/1963 والثانية في 16/7/1963 وقدمتا لمأمور بندر المنيا ولمأمور مركز أبو قرقاص على التوالي وقد سئلت المجني عليها في الشكوى الأولى بتاريخ 1/5/1963 وأمرت النيابة بحفظها إدارياً في 23/5/1963 وأما الشكوى الثانية المؤرخة 16/7/1963 فأرفقت دون اتخاذ أي إجراء فيها وقد حوت الوقائع التي أوردها الحكم الابتدائي وهو في صدد بيانه لواقعة الدعوى والتي دين الطاعن عن وقائع القذف التي تضمنتها. لما كان ذلك، وكانت الدعوى المباشرة التي أقامتها المدعية بالحق المدني التي أعلنت في 29 و30 يناير سنة 1964 وإن كانت تعد غير مقبولة بالنسبة لما تضمنته الشكوى الأولى المؤرخة 28/4/1967 لمضي ثلاثة أشهر على تاريخ علم المجني عليها بالجريمة وبمرتكبها إلا أنها تعتبر مقبولة بالنسبة لما تضمنته الشكوى الثانية المؤرخة 16/7/1963 من وقائع القذف التي لم تسأل فيها المجني عليها بل أرفقت بالشكوى الأولى بعد حفظها، ذلك بأن علم المجني عليها بجريمة القذف المسندة إليها في هذه الشكوى وبمرتكبها لا يقوم في حقها إلا من تاريخ افتتاح صحيفة الدعوى، وبذلك يكون قضاء الحكم محمولاً على وقائع القذف التي تضمنتها الشكوى الثانية، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير سند من القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات المدنية.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الطعن رقم 1729 لسنة 37 ق جلسة 13/2/1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 37 ص 211 )

رياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
---------
تقادم . "قطع التقادم" . دعوى جنائية . "رفعها" .
مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بتقديم القضية إلى المحكمة . طبيعته: أمر إداري لا أثر له في قطع إجراءات التقادم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفصح الشارع بما أورده من نصوص في شأن رفع الدعوى الجنائية عن تغاير الإجراء الذي يرتب قانونا قطع التقادم بين كل من قضاء الإحالة والنيابة العامة، فهو أمر الإحالة بالنسبة إلى الجهة الأولى بينما هو التكليف بالحضور بالنسبة إلى الجهة الثانية ما لم تكن الجريمة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس، فالدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها إلى المحكمة لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً إلى قلم كتاب النيابة لإعداد ورقة التكليف بالحضور، حتى إذا ما أُعدت ووقعها عضو النيابة جرى من بعد إعلانها وفقاً للقانون، فتترتب عليها كافة الآثار القانونية بما في ذلك قطع إجراءات التقادم بوصفها من إجراءات الاتهام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 8 من أبريل سنة 1958 بدائرة ق محافظة القاهرة: أعطى بسوء نية لـ..... شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وأمر البنك المسحوب عليه الشيك بعدم دفع قيمته. وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بولاق الجزئية قضت في 3 فبراير سنة 1962 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فأرسلت القضية إلى نيابة بندر دمياط في 27 مايو سنة 1964 والتي قررت في 20 يونيه سنة 1964 إقامة الدعوى الجنائية على الطاعن بالقيد والوصف سالفي البيان. وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت، ثم تنازل عن دعواه. ومحكمة دمياط الجزئية قضت في الدعوى غيابيا بتاريخ 18 نوفمبر سنة 1965 عملا بمادتي الاتهام (أولاً) بحبس المتهم شهرين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائيا. (ثانيا) بإثبات تنازل المدعي المدني عن دعواه المدنية وألزمته مصروفاتها. فعارض المتهم. وقضي في معارضته بتاريخ 27 يناير سنة 1966 برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف. ومحكمة دمياط الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 20 سبتمبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض وقضي في معارضته بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1966 برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
----------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم لمضي أكثر من ثلاث سنوات بين صدور حكم محكمة جنح بولاق الجزئية بعدم الاختصاص بنظر الدعوى وبين إعلانه بورقة التكليف بالحضور أمام محكمة بندر دمياط المختصة، وهو أول إجراء قاطع للتقادم، فلم يأخذ الحكم بهذا النظر ورفض الدفع استنادا إلى أن تأشيرة وكيل النيابة بتقديم الدعوى للجلسة تعتبر من إجراءات الاتهام القاطعة للتقادم، مع أنها لا تعتبر في صحيح القانون من هذا القبيل لأن الدعوى لا تخرج من حوزة النيابة إلا بتكليف المتهم بالحضور تكليفا صحيحا، ولا محل لما قال به الحكم من قياس قرار النيابة بتقديم الدعوى للمحكمة على أمر الإحالة الصادر من مستشار الإحالة أو غرفة الاتهام الذي تعتبر به الدعوى مرفوعة للمحكمة ولو لم يكلف المتهم بالحضور. 
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل الإجراءات التي مرت بها الدعوى بما مؤداه أن النيابة العامة كانت قد رفعتها أمام محكمة جنح بولاق الجزئية التي قضت بتاريخ 3 فبراير سنة 1962 بعدم اختصاصها بنظرها، وفي 20 يونيه سنة 1964 قررت نيابة دمياط تقديم القضية إلى المحكمة لجلسة 5 نوفمبر سنة 1964 حيث ظلت تؤجل لإعلان المتهم -الطاعن- إلى أن تم هذا الإجراء صحيحا بتاريخ 18 مارس سنة 1965، ثم قضي بإدانته فاستأنف ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم وقد عرض الحكم إلى هذا الدفع ثم خلص إلى رفضه وتأييد الحكم المستأنف بقوله ".... ولما كان من المقرر أن مدة انقضاء الدعوى الجنائية تنقطع بإجراءات الاتهام والتحقيق والمحاكمة وتسري مدة التقادم من يوم الانقطاع وأن قرار غرفة الاتهام بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته عن التهم المسندة إليه يعتبر إجراء قاطعا للمدة المذكورة... وأن مفاد ما نصت عليه المادتان 17 و18 إجراءات أن المدة المسقطة للدعوى الجنائية تنقطع بأي إجراء يتم في الدعوى بمعرفة السلطة المنوط بها القيام به سواء كان من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وسواء أجريت في مواجهته أو في غيبته... ولما كان الثابت من أوراق الدعوى أن نيابة بندر دمياط بعد أن أحيلت إليها الأوراق من نيابة بولاق للتصرف فيها قد قررت في 20/6/1964 بقيد الواقعة ووصفها وتوجيه الاتهام إلى المتهم -الطاعن- وتقديمها لجلسة 5/11/1964 لمعاقبته، ولما كان هذا الإجراء من جانب النيابة المختصة يعتبر بلا ريب إجراء من إجراءات الاتهام إذ أن قرار إحالة المتهم إلى محكمة الجنح لمعاقبته بمواد الاتهام عما أسندته إليه يعد يقينا إجراء من إجراءات الاتهام قاطعا لمدة التقادم مثله في ذلك مثل قرار غرفة الاتهام بإحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته عن التهم المسندة إليه.... ولما كان ذلك، وكان الثابت أنه لم يمض بين وقوع الجريمة في 8/4/1958 والحكم الصادر من محكمة جنح بولاق بعدم الاختصاص في 3/2/1962 المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى الجنائية ولم تمض هذه المدة بين هذا الحكم وقرار الإحالة الصادر من نيابة بندر دمياط في 20/6/1964 بإحالة المتهم إلى محكمة الجنح لمعاقبته بمواد الاتهام كما لم تمض بين هذا القرار وبين إعلان المتهم لأول مرة أمام هذه المحكمة في 18/3/1965 فإن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لا يكون له محل وغير قائم على سند من القانون ويتعين طرحه". ولما كان ما قال به الحكم فيما تقدم -من أن قرار النيابة العامة بتقديم الدعوى إلى محكمة الجنح عديل لقرار قضاء الإحالة بإحالة الدعوى إلى قضاء الحكم ومن ثم فهو إجراء من إجراءات الاتهام القاطعة للتقادم- غير صحيح، ذلك بأن الشارع قد أفصح بما أورده من نصوص في شأن رفع الدعوى الجنائية عن تغاير الإجراء الذي يرتب قانونا هذا الأثر بين كل من قضاء الإحالة والنيابة العامة فهو أمر الإحالة بالنسبة إلى الجهة الأولى بينما هو التكليف بالحضور بالنسبة إلى الجهة الثانية ما لم تكن الجريمة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر عدا الجنح المضرة بأفراد الناس، فالدعوى الجنائية لا تعتبر مرفوعة بمجرد التأشير من النيابة العامة بتقديمها إلى المحكمة لأن التأشير بذلك لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً إلى قلم كتاب النيابة لإعداد ورقة التكليف بالحضور، حتى إذا ما أعدت ووقعها عضو النيابة جرى من بعد إعلانها وفقاً للقانون، فتترتب عليها كافة الآثار القانونية بما في ذلك قطع إجراءات التقادم بوصفها من إجراءات الاتهام. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ يعيبه ويستوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بقبول الدفع وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبراءة المتهم الطاعن.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الطعن رقم 1787 لسنة 37 ق جلسة 23/ 1/ 1968 ج 1 مكتب فني 19 ق 18 ص 100)

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
------------
(أ، ب، جـ ) اختلاس "أموال أميرية . أموال جمعيات خاصة" . موظفون عموميون . أشخاص معنوية . جمعيات تعاونية . عقوبة.
(أ‌) معاقبة المشرع العاملين بالمشروعات الخاصة الواردة حصرا في المادة 111 عقوبات بعقوبة أشد جسامة من المقرر لأمثالهم لو تركوا للقواعد العامة.
مساهمة الدولة بنصيب في المشروعات الخاصة يجعل العاملين فيها في حكم الموظفين العاملين المادة 111و 113 عقوبات معاقبة الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادتين 112 و 113 عقوبات حسب الأحوال .
(ب) الجمعية التعاونية ليست إلا منشأة تنطبق على العاملين بها الفقرة الأخيرة من المادة 111 عقوبات .
 (ج) مساواة المشرع بين أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للأشخاص المعنوية العامة وبين أموال تلك الأشخاص وأموال الدولة.
سريان حكم المادة 113 /1 مكرر عقوبات على العاملين بالجمعيات التعاونية المملوكة جميعها للأفراد ـ ولو كانت تخضع لإشراف الدولة .
(د) حكم . "تسبيبه . تسبيب معيب" . عقوبة . اختلاس . "أموال أميرية . أموال جمعيات خاصة".
 معاقبة المتهم بعقوبة غير تلك المقررة للجناية المسندة إليه يعيب الحكم . مثال في اختلاس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- يبين من نص المادتين 111 و113 من قانون العقوبات المعدل بالقانون 120 لسنة 1962 أن الشارع قد استحدث في المادة الأولى منهما عقوبة جديدة يقضي بها على العاملين في بعض المشروعات الخاصة الواردة على سبيل الحصر في نص المادة المذكورة، بعقوبة أشد جسامة مما لو تركهم والقواعد العامة إذا ما اقترفوا الفعل المادي المنصوص عليه في المادتين 112، 113 من قانون العقوبات، وعلة تشديد العقوبة في هذه الحالة - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون - أن أموال هذه المشروعات وإن كانت أموالاً خاصة إلا أن اتصالها الوثيق بالاقتصاد القومي للبلاد يقتضي من الشارع رعاية أوفى - أما إذا ارتكب موظفوها ذلك الفعل المادي وكانت الدولة أو إحدى الأشخاص المعنوية العامة تساهم بنصيب في مالها فإن العاملين فيها يعتبرون في حكم الموظفين العموميين وفقاً للفقرة السادسة من المادة 111 من قانون العقوبات ويعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادتين 112، 113 من قانون العقوبات حسب الأحوال.
2- لا يقدح في انطباق الفقرة الأخيرة من المادة 111 من قانون العقوبات على المتهم، أنها لم تتضمن النص صراحة على موظفي الجمعيات التعاونية، ذلك بأنه فضلاً عن أن الجمعية التعاونية إن هي إلا منشأة وقد نص القانون على موظفي المنشآت، فإن النصوص تكمل بعضها بعضاً.
3- استهدف الشارع من تعديل قانون العقوبات بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الحفاظ على أموال الدولة والأشخاص المعنوية العامة كالمؤسسات العامة وسوى بين أموالها وأموال الوحدات الاقتصادية التابعة لها ما دامت تملك أموالها بمفردها أو تساهم في مالها بنصيب ما - أما الجمعيات التعاونية المملوكة جميعها للأفراد - فهي وحدها التي يسري عليها حكم المادة 113 مكرر من قانون العقوبات ولو كانت تخضع لإشراف إحدى الجهات الحكومية أو المؤسسات العامة ما دام الإشراف يقتصر على مراقبة أعمالها ولا يمتد إلى حد المساهمة في رأس مالها.
4- إذا كان الحكم قد ساءل المتهم عن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 113/1 مكرر من قانون العقوبات وأنزل به عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وهي عقوبة غير مقررة في القانون لتلك الجناية وإنما تدخل في نطاق عقوبة جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، بحيث لا يعرف أن كانت المحكمة قد دانته بالجناية التي أشارت إليها في نهاية حكمها أو بالجناية التي تنبئ عنها العقوبة التي أصدرتها، فإن ذلك يصم الحكم بالقصور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 27 نوفمبر سنة 1965 بدائرة مركز أخميم محافظة سوهاج: بصفته عضوا مفوضا في مجلس إدارة إحدى الجمعيات التعاونية الزراعية بناحية آبار الوقف - اختلس بنية التملك كمية الكسب المبينة بالمحضر وقدرها 5ط و822ك والتي كانت مسلمة إليه بسبب وظيفته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 111 و113/1 مكرر و118 و119 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات والعزل والرد وتغريمه خمسمائة جنيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أموال إحدى الجمعيات التعاونية الزراعية قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأن الحكم لم يثبت قيام الركنين المادي والمعنوي لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها، فلم يستظهر صفته في استلام المال المختلس واختصاصه الوظيفي الذي اقتضى دخول المال في حيازته ولم يبين أن نيته قد اتجهت إلى إضافة المال إلى ملكه، فليس يكفي لإضفاء صفة الأمين على الودائع أن يكون الطاعن عضوا في مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية أو مفوضا من المجلس لاستلام الكُسب موضوع جريمة الاختلاس، كما أن وجود عجز في الكُسب لا يعتبر في ذاته دليلاً على الاختلاس ولا تتحقق به نية إضاعة المال على ربه أو اتجاه إرادته إلى اعتباره مملوكا له. 
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم ..... (الطاعن) بصفته العضو المفوض في مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية بناحية آبار الوقف مركز أخميم محافظة سوهاج استلم من مصنع ..... بالمعصرة بسوهاج كمية من الكُسب المقررة عن شهر أكتوبر وقدرها 41 طن و76 ك لتوزيعها على مستحقيها من أهالي الناحية. وقد ترامى إلى علم مفتش الزراعة أن المتهم قد تصرف في الكُسب بالبيع فكلف المشرف الزراعي السيد ..... بجرد المخزن الخاص بالجمعية وفي مساء يوم 27/11/1965 توجه المشرف إلى المخزن وهناك قابله المتهم وأبلغه بسرقة الكُسب من فتحة في سقف المخزن اصطنعت لذلك وقام بفتح المخزن بالمفتاح الذي كان يحمله وتبين المشرف الزراعي الفتحة التي أرشده عنها المتهم ومساحتها 10×15 سم وقد انتزع منها الحديد وغطيت بالتراب وأعاد غلق المخزن وأبلغ الشرطة وتحفظ على المخزن، وبتاريخ 28/11/1965 قام المشرف الزراعي بجرد المخزن بمعاونة لجنة مشكلة منه ومن السيد ...... المشرف الزراعي بناحية الصوامعة و..... و..... عضوي مجلس إدارة الجمعية وبحضور المتهم وأسفر الجرد عن وجود عجز قدره 5 طن و26 ك من الكُسب وقرر السيد .......... أن المتهم هو المسئول عن هذا العجز لأنه هو المفوض من قبل مجلس إدارة الجمعية في استلام كمية الكُسب وتوزيعها وأن الفتحة التي يقول المتهم عنها بسقف المخزن لا يمكن السرقة منها لصغر مساحتها ولارتفاعها عن سطح أرض المخزن ولعدم وجود آثار تدل على السرقة ولقيام المتهم باستلام كمية الكُسب والاحتفاظ بمفاتيح المخزن حتى تمت عملية الجرد. وقررت ..... أن المتهم حضر إلى مسكن زوجها الكائن به المخزن يوم 27/11/1965 وصعد إلى الأسطح وقام برفع بعض الجريد بفأس كان يحملها فاعترضته وأبلغت والد زوجها ..... بذلك"، واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات وإلى المعاينة وإلى محضر الجرد المؤرخ 6/12/1965 وخلص الحكم إلى إدانة الطاعن وفقا للمواد 111 و113 مكرر و118 و119 من قانون العقوبات وقضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات والعزل والرد وتغريمه خمسمائة جنيه. لما كان ذلك، وكانت المادة 113 مكرر من قانون العقوبات التي أضيفت بالقانون رقم 120 لسنة 1962 الصادر في 19 يوليو سنة 1962 قد نصت على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين كل عضو بمجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشأة طبقا للأوضاع المقررة قانونا أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام وكذلك كل مدير أو مستخدم في إحداها اختلس أموالاً أو أوراقا أو أمتعة أو غيرها مسلمة إليه بسبب وظيفته أو استولى بغير حق على مال لها أو سهل ذلك لغيره. فإذا وقع الفعل غير مصحوب بنية التملك تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تزيد على مائتي جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين". ونصت الفقرة السادسة من المادة 111 من قانون العقوبات التي أضيفت بالقانون سالف الذكر على أن يعد في حكم الموظفين "أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت" ويبين من نص هاتين المادتين أن الشارع قد استحدث في المادة الأولى منهما عقوبة جديدة يقضي بها على العاملين في بعض المشروعات الخاصة الواردة على سبيل الحصر بعقوبة أشد جسامة مما لو تركهم والقواعد العامة إذا ما اقترفوا الفعل المادي المنصوص عليه في المادتين 112 و113 من قانون العقوبات، وعلة تشديد العقوبة في هذه الحالة -على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية المصاحبة للقانون- أن أموال هذه المشروعات وإن كانت أموالاً خاصة إلا أن اتصالها الوثيق بالاقتصاد القومي للبلاد يقتضي من الشارع رعاية أوفى - أما إذا ارتكب موظفوها ذلك الفعل المادي وكانت الدولة أو إحدى الأشخاص المعنوية العامة تساهم بنصيب في مالها فإن العاملين فيها يعتبرون في حكم الموظفين العموميين وفقا للفقرة السادسة من المادة 111 من قانون العقوبات ويعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها في المادتين 112 و113 من قانون العقوبات على حسب الأحوال. لما كان ذلك، وكانت القوانين الصادرة في شأن المؤسسات العامة وهي القوانين رقم 267 لسنة 1960 ورقم 60 لسنة 1963 ورقم 32 لسنة 1966 قد خولت جميعها للمؤسسات العامة سلطة إنشاء جمعيات تعاونية تعد وحدة اقتصادية تابعة لها، فإنه يجب التمييز بينها وبين الجمعيات التعاونية التي يمتلك الأفراد وحدهم أموالها. أما النوع الأول فيندرج تحت مدلول المنشآت التي تساهم الهيئات العامة في مالها بنصيب والتي نصت الفقرة الأخيرة من المادة 111 من قانون العقوبات على اعتبار العاملين فيها في حكم الموظفين العموميين، ولا يقدح في ذلك أن تكون الفقرة الأخيرة من المادة سالفة الذكر لم تتضمن النص صراحة على موظفي الجمعيات التعاونية، ذلك بأنه فضلاً عن أن الجمعية التعاونية إن هي إلا منشأة وقد نص القانون على موظفي المنشآت، فإن النصوص تكمل بعضها بعضا وقد استهدف الشارع من تعديل قانون العقوبات رقم 120 لسنة 1962 الحفاظ على أموال الدولة والأشخاص المعنوية العامة كالمؤسسات العامة وسوى بين أموالها وبين أموال الوحدات الاقتصادية التابعة لها مادامت تملك أموالها بمفردها أو تساهم في مالها بنصيب ما. أما الجمعيات التعاونية المملوكة جميعها للأفراد فهي وحدها التي يسري عليها حكم المادة 113 مكرر من قانون العقوبات ولو كانت تخضع لإشراف إحدى الجهات الحكومية أو المؤسسات العامة مادام أن الإشراف يقتصر على مراقبة أعمالها ولا يمتد إلى حد المساهمة في رأس المال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة اختلاس أموال جمعية تعاونية زراعية بغير أن تتحدث المحكمة استقلالاً أو تكشف في مدونات حكمها عن طبيعة أموال هذه الجمعية التعاونية وهل يمتلك الأفراد جميع رأس المال أم أن الدولة أو إحدى المؤسسات العامة تملك أموالها بمفردها أو تسهم فيه بنصيب مع أن هذا البيان هو الذي يحدد سلامة التطبيق القانوني على الواقعة، وكان الحكم - فوق ذلك - قد ساءل الطاعن عن جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 113/1 مكرر من قانون العقوبات وأنزل به عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وهي عقوبة غير مقررة في القانون لتلك الجناية وإنما تدخل في نطاق عقوبة جناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، بحيث لا يُعرف إن كانت المحكمة قد دانته بالجناية التي أشارت إليها في نهاية حكمها أو بالجناية التي تنبئ عنها العقوبة التي أصدرتها، مما يصم الحكم بالقصور في التسبيب ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وهو ما يتسع له وجه الطعن. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أسباب طعنه.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الطعن رقم 1788 لسنة 37 ق جلسة 9/ 1/ 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 9 ص 44)

برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
------------
(أ ، ب) مواد مخدرة . عود . جريمة . "أركان الجريمة" . حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
(أ‌) تحقق العود فى جرائم إحراز المخدرات ، اذ كانت الجريمة السابق الحكم فيها على المتهم وتلك التى يحاكم من أجلها من بين الجرائم المنصوص عليها فى المادتين 33 ، 34 من القانون 182 لسنة1960 .
(ب‌) توقيع الحكم على الطاعن العقوبة المغلظة المنصوص عليها فى المادة 3/34 من القانون 182 لسنة 1960 رغم تخلف ظرف العود عيب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات إذ وضع أحكاماً خاصة بالعود إلى ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في البنود أ ، ب ، ج ، د من الفقرة الأولى من المادة 34 منه، ونص في الفقرة الثانية منها على أن "تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة المنصوص عليها في هذه المادة، إذا عاد المتهم إلى ارتكاب إحدى هذه الجرائم بعد سبق الحكم عليه في جريمة منها أو جريمة مما نص عليه في المادة السابقة... إلخ"، فقد دل بذلك على أن هذا العود خاص لا يتحقق إلا إذا كانت الجريمة السابق الحكم فيها على المتهم والجريمة التي يحاكم من أجلها من بين الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة أو المادة السابقة.
(2) إذا كان البين من الاطلاع على مفردات الدعوى أن الحكم الصادر بمعاقبة المتهم كان عن جناية إحرازه جواهر مخدرة بقصد التعاطي ولم يحدث أن اعترف المتهم المذكور - كما ذهب الحكم المطعون فيه - بسبق الحكم عليه لإحرازه جواهر مخدرة بقصد الاتجار، فإن الحكم إذ أوقع عليه العقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960- يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: في يوم 19 من مايو سنة 1966 بدائرة مركز جرجا محافظة سوهاج: أحرز بقصد الإتجار جواهر مخدرة "أفيونا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و7/1 و34/1 ـ 1 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 والبند أ من الجدول المرفق رقم 1. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
----------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدرات بقصد الاتجار حالة كونه عائدا في حكم الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وأنه سبق الحكم عليه في جناية إحراز مخدرات بقصد الاتجار، قد أخطأ في الإسناد وخالف الثابت في الأوراق، إذ اعتمد في قضائه إلى سبق الحكم على الطاعن بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة في الجناية رقم 3210 سنة 1958 جرجا وأن الطاعن اعترف بهذه السابقة في حين أنها واعتراف الطاعن خاصان بجريمة إحراز مخدرات بقصد التعاطي مما لا يوفر العود في حقه، وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه. 
وحيث إنه يبين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن، أن الحكم الصادر بمعاقبة الطاعن في الجناية رقم 3210 سنة 1958 جرجا كان لإحرازه جواهر مخدرة بقصد التعاطي ولم يحدث أن اعترف الطاعن -كما ذهب الحكم المطعون فيه- بسبق الحكم عليه لإحرازه جواهر مخدرة بقصد الاتجار. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه وأنزل العقوبة المشددة بالطاعن بحسبان إنه عائد في حكم الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 لسبق الحكم عليه في الجناية رقم 3210 سنة 1958 جرجا لإحرازه مخدرات بقصد الاتجار. وكان المثبت في صحيفة سوابق الطاعن أن هذه الجريمة التي اتخذت أساسا لتوافر العود في حق الطاعن خاصة بإحراز مخدرات بقصد التعاطي. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات إذ وضع أحكاماً خاصة بالعود إلى ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في البنود أ، ب، جـ، د من الفقرة الأولى من المادة 34 من هذا القانون، ونص في الفقرة الثانية منها على أن "تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة المنصوص عليها في هذه المادة، إذا عاد المتهم إلى ارتكاب إحدى هذه الجرائم بعد سبق الحكم عليه في جريمة منها أو جريمة مما نص عليه في المادة السابقة... إلخ" فقد دل بذلك على أن هذا العود خاص لا يتحقق إلا إذا كانت الجريمة السابق الحكم فيها على المتهم والجريمة التي يحاكم من أجلها من بين الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة أو المادة السابقة. لما كان ما تقدم، وكانت المحكمة لم تفطن إلى تخلف ظرف العود الذي كان له أثره في توقيع العقوبة المغلظة على الطاعن، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الطعن رقم 1799 لسنة 37 ق جلسة 8 /1/ 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 3 ص 18)

برياسة السيد المستشار/ محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.
------------
(أ ، ب) نقض . "التقرير بالطعن . إيداع الأسباب" . طعن .
(أ‌) الطعن في الأحكام الجنائية من شأن المحكوم عليهم دون غيرهم تدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناء على إرادتهم الطعن فى الحكم ورغبتهم فى السير فيه . مثال .
(ب‌)  التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به . تقديم الأسباب في الميعاد القانوني شرط لقبوله . التقرير بالطعن وتقديم أسابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيه أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الأصل أن الطعن في الأحكام الجنائية من شأن المحكوم عليهم دون غيرهم وتدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناء على إرادتهم الطعن في الحكم ورغبتهم في السير فيه، وما دام الطاعن لم يظهر رغبته شخصياً في الطعن في الحكم الصادر عليه إلا بعد فوات الميعاد القانوني، فإنه لا يجدي فيه إرسال محاميه برقية إلى مدير وحدته المسجون بها في الجيش يطلب فيها التصريح للطاعن بالتقرير بالنقض في الحكم الصادر ضده، وذلك لأنه كان في وسع الطاعن أن يقرر بالطعن أمام قلم الكتاب أو بالجيش في الميعاد القانوني، ولم يدع هو أو المدافع عنه أنه حيل بينه وبين ذلك. ولا يحق له التعلل بتأخر إدارة السجن في دعوته لهذا الغرض.
(2) من المقرر أن التقرير بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. ومتى كان الثابت أن الطاعن لم يقرر بالطعن إلا بعد فوات الميعاد القانوني، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 10 يونيه سنة 1961 بدائرة مركز الصف محافظة الجيزة: ـ المتهم الأول ـ قتل ..... عمدا مع سبق الإصرار بأن انتوى قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا ( مسدسا) وتوجه إلى مكان وجوده حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارا ناريا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. المتهمين الثاني والثالث: شرعا في قتل ..... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية (مسدسات) وتوجها إلى مكان وجوده حتى إذا ما ظفرا به أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فأصيب بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقفت الجريمة وخاب أثرها لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو إسعاف المجني عليه بالعلاج بالنسبة للأول وعدم إحكام الرماية بالنسبة للثاني، المتهم الأول أيضا (1) حاز سلاحا ناريا مششخنا (مسدسا) بدون ترخيص (2) حاز ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا له في حمل السلاح. المتهم الثاني أيضا (1) حاز سلاحا ناريا مششخنا (مسدسا) بدون ترخيص (2) حاز ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة دون أن يكون مرخصا له في حمل السلاح. المتهم الثالث أيضا (1) حاز سلاحا ناريا مششخنا (مسدسا) بدون ترخيص 2 ـ حاز ذخيرة مما تستعمل في الأسلحة النارية دون أن يكون مرخصا له في حمل السلاح. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بتاريخ 21 يناير سنة 1967 عملا بالمواد 45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و6 و26/2 ـ 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 الملحق به مع تطبيق المادتين 17 و32/3 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الثاني والمادتين 304/1 و381/1 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين الأول والثالث (أولا) بمعاقبة المتهم الثاني (الطاعن) بالسجن مدة ثلاث سنوات عن التهم المسندة إليه ( ثانيا) ببراءة كل من المتهمين الأول والثالث مما أسند إليهما. ثالثا: مصادرة المضبوطات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بتاريخ 21 يناير سنة 1967 وقدم محامي الطاعن أسباب الطعن في 18 فبراير سنة 1967 ولكن الطاعن لم يقرر بالطعن بطريق النقض إلا في 12 مارس سنة 1967، أي بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله - وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا. ولا يجدي الطاعن إرسال محاميه برقية إلى مدير وحدته المسجون بها في الجيش يطلب فيها التصريح للطاعن بالتقرير بالنقض في الحكم الصادر ضده ذلك لأنه كان في وسع الطاعن أن يقرر بالطعن أمام قلم الكتاب أو بالجيش في الميعاد القانوني ولم يدع هو أو المدافع عنه أنه قد حيل بينه وبين ذلك - إذ الأصل أن الطعن في الأحكام الجنائية من شأن المحكوم عليهم دون غيرهم وتدخل المحامين عنهم لا يكون إلا بناء على إرادتهم الطعن في الحكم ورغبتهم في السير فيه، وما دام الطاعن لم يظهر رغبته شخصياً في الطعن في الحكم الصادر عليه في أي من الجهتين المشار إليهما إلا بعد فوات الميعاد القانوني فلا حق له في التعلل بتأخر إدارة السجن في دعوته لهذا الغرض.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الطعن رقم 1268 لسنة 37 ق جلسة 8 /1/ 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 2 ص 12 )

برياسة السيد المستشار/ محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.
------------
( أ ، ب ، ج ، د ) خطأ . رابطة سببية . مسئولية جنائية . مسئولية مدنية . حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . قتل خطأ . إصابة خطأ .
(أ) تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا . موضوعى .
(ب) تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة . موضوعى .
(ج) السرعة التى تصلح أساسا للمساءلة الجنائية فى جريمتى القتل و الإصابة الخطأ ؟
(د) تقدير السرعة. امر موضوعي .
(هـ) لا يصح قياس السرعة بالنظريات والمعادلات الحسابية لاختلاف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف الملابسة للحادث؟
(و) خطأ . الخطأ المشترك . مسئولية جنائية . قتل خطأ .
خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم بجريمة القتل الخطأ . مادام لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية للجريمة .
(ز) حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . نقض . "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها" .
ما يثيره الطاعن من أن المحكمة أسندت إليه دفاعا لم يقله . لا جدوى منه . مادامت المحكمة لم تعول على هذا الدفاع في إدانته.
(ح) دفاع . "الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . إثبات . "معاينة" . حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
طلب المعاينة الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه ؟
(ط) حكم . "تسبيبه . ما لا يعيبه في نطاق التدليل" .
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم . مادام أنه غير مؤثر فيما استخلصه من نتيجة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى.
(2) تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق.
(3) السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ هي التي تجاوز الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح.
(4) تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا تعد هو مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها.
(5) السرعة لا يصح أن تقاس بالنظريات والمعادلات الحسابية لاختلاف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف الملابسة للحادث.
(6) الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية، بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم، ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ.
(7) لا عبرة بقول الطاعن إن المحكمة أسندت إليه دفاعاً لم يقله، ما دامت المحكمة لم تعول على هذا الدفاع في إدانته.
(8) متى كان الظاهر من أسباب الطعن إن طلب الطاعن إجراء المعاينة لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما كان الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة حول أقوال الشهود وهو ما لا تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه.
(9) لا يعيب الحكم خطؤه فى الإسناد طالما أنه غير مؤثر فيما استخلصه من نتيجة، ومادام أنه لم يتخذ منه دليلاً من بين الأدلة التى أعتمد عليها فى قضائه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 18 يونيه سنة 1962 بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل ..... و..... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وذلك بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر وبسرعة فصدم المجني عليهما وأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتهما. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى مدنيا ورثة المجني عليها الأولى قبل المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة الساحل الجزئية قضت بتاريخ 5 ديسمبر سنة 1964 عملا بمادة الاتهام (أولا) باعتبار المدعين بالحقوق المدنية عدا الأول تاركين لدعواهم المدنية وألزمتهم مصاريفها (ثانيا) حضوريا بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس مده ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه هذا الحكم نهائيا وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحقوق المدنية الأول مبلغ 51ج والمصاريف وبعدم قبول دعوى الأخير المدنية بالنسبة إلى المدعي عليها الثانية وألزمته مصاريفها. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل الخطأ قد أخطأ في الإسناد وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أسند إلى الشاهدة ...... أنها قالت بأن الطاعن لم يستعمل الفرامل مع أنه لم يرد في أقوالها شيء من ذلك. كما حصل الحكم أقوال الشاهد ..... بما يفيد أنه رأى السيارة وهي تصطدم بالمجني عليهما من الأمام وتقذف بهما بعيدا في حين أن هذا الشاهد أكد في أقواله عدم مشاهدته إياها وهي تصدمهما. ثم أثبت الحكم على لسان الطاعن نفسه، بأنه فوجئ بعدة أشخاص يعبرون الطريق أمامه، وقد عبره نفر منهم، بينما توقف آخرون، مع أن أقواله التي أدلى بها جاءت خلوا من ذلك، هذا وأنه على الرغم من أن أقوال شهود الإثبات الثلاثة لا تفيد سوى خطأ المجني عليهما لاندفاعهما في عبور الطريق قبل التأكد من خلوه فإن الحكم عول عليها في الإدانة. ثم إن الحكم مع إغفاله بيان كيفية وقوع الحادث ورابطة السببية بين الخطأ والوفاة ومدى إسهام خطأ المجني عليهما في وقوع الحادث فقد اكتفى في تبيان خطأ الطاعن بالقول أنه كان يقود السيارة بسرعة مستدلا على ذلك بآثار الفرامل التي بلغ طولها 26 خطوة في حين أن السرعة في حد ذاتها لا تنهض بمفردها سببا للحادث، وطريقة قياس طول الفرامل التي اتبعت لا تؤدي إلى إثبات هذا الطول، نظرا لطبيعة الأرض والظروف الجوية المحيطة بها، وقد أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص رغم إيراده له في مذكرته المقدمة لمحكمة ثاني درجة وهي التي طلب فيها إجراء المعاينة وأرفق بها كتيبا بمقاييس آثار الفرامل ودلالة طولها على السرعة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استقاها من المعاينة ومن أقوال الشاهدين ..... والشرطي ..... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وبعد أن أورد الحكم مؤدى المعاينة وأقوال الشاهدين آنفي الذكر استظهر الحكم عنصر الخطأ وأثبته في حق الطاعن في قوله. "وحيث إن الذي تستخلصه المحكمة من سرد الوقائع على النحو المتقدم أن المتهم (الطاعن) كان يقود سيارته بسرعة كبيرة غير معني بتنبيه المارة بإطلاق آلة التنبيه وأن المجني عليهما كانا يعبران الطريق وقد سبقهما آخرون إلى ذلك فصدمهما المتهم بمقدم سيارته وقذفهما أمامه إلى مسافة ثماني عشرة خطوة فأحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي توفيا من جرائها وقد قام الدليل على خطأ المتهم بما دلت عليه المعاينة من تركه لفرامل السيارة بطول 36 خطوة كما أن الشاهدين ... والشرطي ..... قررا أنهما سمعا دويا شديدا للفرامل وثانيهما كان بالنقطة على مبعدة للحادث وفي هذا الدوي الشديد للفرامل دلالة على أن السيارة كانت مسرعة" ثم بين الحكم رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين وفاة المجني عليهما في قوله: "ولما كان ذلك، وكانت السرعة تعتبر خطرا على حياة الجمهور وأساساً للمسئولية في جرائم القتل الخطأ وقد توافرت في حق المتهم وقد أدى خطأ هذا بالإسراع في قيادة السيارة إلى اصطدامه بالمجني عليهما وإصابتهما بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتهما فإن علاقة السببية تكون متوافرة أيضا في حق المتهم ومن ثم يتعين عقابه بمادة الاتهام". لما كان ذلك، وكان الواضح من الحكم أنه لم يعول في إدانة الطاعن على أقوال .... ولم يأخذ بها فإن خطأه في الإسناد إليها -بفرض صحته- لا يعيبه باعتباره غير مؤثر فيما استخلصه الحكم من نتيجة مادام أنه لم يتخذ منه دليلا من بين الأدلة التي اعتمد عليها في قضائه، وأما ما ينعاه الطاعن من خطأ الحكم في الإسناد إلى أقوال الشاهد .... لذكره بأنه شاهد السيارة وهي تصطدم بالمجني عليهما وتلقي بهما بعيدا مع أنه لم يقل شيئا من ذلك فمردود بما هو ثابت من الحكم ذاته من أنه استدل فيما استدل عليه على عنصر السرعة بما قرره الشاهد ... من سماعه دويا شديدا للفرامل وهذا القول من الشاهد له سنده من أقواله التي أدلى بها في التحقيق - على ما يبين من المفردات المضمومة. ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. وأما قول الطاعن بأن المحكمة أسندت إليه دفاعا لم يقله فلا عبرة به مادامت المحكمة لم تعول على هذا الدفاع في إدانته. وأما عن دعوى الطاعن بإسهام المجني عليهما في وقوع الحادث فلا يقدح -بفرض قيامه- في مسئولية الطاعن عن جريمة القتل الخطأ التي دين بها، ذلك لأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية لا يخلي المتهم من المسئولية بمعنى أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم مادام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن ركن الخطأ الذي نسبه إلى الطاعن يتمثل في قيادته السيارة بسرعة زائدة ينم عنها ذلك الدوي الشديد الذي انبعث من الفرامل، وكانت السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح. ولما كان تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصرا من عناصر الخطأ أو لا تعد هو مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد إقامته الحجة على ثبوت خطأ الطاعن قد استظهر رابطة السببية بينه وبين وفاة المجني عليهما في بيان كاف ومقبول فإن جميع ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد وينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. وأما عن طلب إجراء المعاينة فإنه مع التسليم بأن الطاعن قد ضمنه مذكرته المقدمة إلى محكمة ثاني درجة وانعقاد خصائص الطلب الجازم له فإن الظاهر من أسباب الطعن أنه لا يتجه إلى نفي الفعل المكون لجريمة القتل الخطأ أو استحالة حصول الواقعة وإنما كان الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة حول أقوال الشهود وهو ما لا تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أرفق بتلك المذكرة حسب دعواه كتيبا مبينا به مقاييس آثار الفرامل ودلالتها على السرعة، ذلك بأن السرعة لا يصح أن تقاس بالنظريات والمعادلات الحسابية لاختلاف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف الملابسة للحادث. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ