برياسة
السيد المستشار/ محمد محفوظ، وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الوهاب خليل،
وحسين سامح، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة.
------------
( أ ، ب ، ج ، د ) خطأ . رابطة سببية . مسئولية جنائية . مسئولية
مدنية . حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . قتل خطأ . إصابة خطأ .
(أ) تقدير الخطأ
المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا . موضوعى .
(ب) تقدير الخطأ
المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى.
تقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة . موضوعى .
(ج) السرعة التى تصلح
أساسا للمساءلة الجنائية فى جريمتى القتل و الإصابة الخطأ ؟
(د) تقدير السرعة. امر
موضوعي .
(هـ) لا يصح قياس
السرعة بالنظريات والمعادلات الحسابية لاختلاف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف الملابسة للحادث؟
(و) خطأ . الخطأ المشترك . مسئولية جنائية . قتل خطأ .
خطأ المجنى عليه لا يسقط مسئولية المتهم بجريمة القتل الخطأ .
مادام لم يترتب عليه انتفاء الأركان القانونية للجريمة .
(ز) حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" . نقض .
"أسباب الطعن . ما لا يقبل منها" .
ما يثيره الطاعن من أن المحكمة أسندت إليه دفاعا لم يقله . لا جدوى
منه . مادامت المحكمة لم تعول على هذا الدفاع في إدانته.
(ح) دفاع . "الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . إثبات
. "معاينة" . حكم . "تسبيبه . تسبيب غير معيب" .
طلب المعاينة الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه ؟
(ط) حكم . "تسبيبه . ما لا يعيبه في نطاق التدليل" .
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم . مادام أنه غير مؤثر فيما استخلصه
من نتيجة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه
جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى.
(2) تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو
عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب
عليها، ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق.
(3)
السرعة التي تصلح أساساً للمساءلة الجنائية في جريمتي القتل والإصابة الخطأ هي
التي تجاوز الحد الذي يقتضيه ملابسات الحال وظروف المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن
هذا التجاوز الموت أو الجرح.
(4)
تقدير ما إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصراً من عناصر الخطأ أو لا
تعد هو مسألة موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها.
(5)
السرعة لا يصح أن تقاس بالنظريات والمعادلات الحسابية لاختلاف تقديرها بحسب الزمان
والمكان والظروف الملابسة للحادث.
(6)
الخطأ المشترك في نطاق المسئولية الجنائية لا يخلي المتهم من المسئولية، بمعنى أن
خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم، ما دام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء
الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ.
(7)
لا عبرة بقول الطاعن إن المحكمة أسندت إليه دفاعاً لم يقله، ما دامت المحكمة لم
تعول على هذا الدفاع في إدانته.
(8)
متى كان الظاهر من أسباب الطعن إن طلب الطاعن إجراء المعاينة لا يتجه إلى نفي
الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما كان الهدف منه مجرد التشكيك
فيها وإثارة الشبهة حول أقوال الشهود وهو ما لا تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد
عليه.
(9)
لا يعيب الحكم خطؤه فى الإسناد طالما أنه غير مؤثر فيما استخلصه من نتيجة، ومادام
أنه لم يتخذ منه دليلاً من بين الأدلة التى أعتمد عليها فى قضائه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 18 يونيه سنة 1962
بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل ..... و..... وكان
ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وذلك بأن قاد سيارته بحالة ينجم عنها الخطر
وبسرعة فصدم المجني عليهما وأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي
أودت بحياتهما. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى مدنيا ورثة
المجني عليها الأولى قبل المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية بمبلغ 51ج على سبيل
التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة الساحل الجزئية قضت بتاريخ 5
ديسمبر سنة 1964 عملا بمادة الاتهام (أولا) باعتبار المدعين بالحقوق المدنية عدا
الأول تاركين لدعواهم المدنية وألزمتهم مصاريفها (ثانيا) حضوريا بحبس المتهم سنة
واحدة مع الشغل وتغريمه مائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس مده ثلاث سنوات
تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه هذا الحكم نهائيا وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحقوق
المدنية الأول مبلغ 51ج والمصاريف وبعدم قبول دعوى الأخير المدنية بالنسبة إلى
المدعي عليها الثانية وألزمته مصاريفها. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة
الابتدائية ـ بهيئة استئنافية ـ قضت حضوريا بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1966 بقبول
الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن وكيل المتهم في هذا
الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
القتل الخطأ قد أخطأ في الإسناد وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أسند إلى الشاهدة ...... أنها قالت بأن
الطاعن لم يستعمل الفرامل مع أنه لم يرد في أقوالها شيء من ذلك. كما حصل الحكم
أقوال الشاهد ..... بما يفيد أنه رأى السيارة وهي تصطدم بالمجني عليهما من
الأمام وتقذف بهما بعيدا في حين أن هذا الشاهد أكد في أقواله عدم مشاهدته إياها
وهي تصدمهما. ثم أثبت الحكم على لسان الطاعن نفسه، بأنه فوجئ بعدة أشخاص يعبرون
الطريق أمامه، وقد عبره نفر منهم، بينما توقف آخرون، مع أن أقواله التي أدلى بها
جاءت خلوا من ذلك، هذا وأنه على الرغم من أن أقوال شهود الإثبات الثلاثة لا تفيد
سوى خطأ المجني عليهما لاندفاعهما في عبور الطريق قبل التأكد من خلوه فإن الحكم
عول عليها في الإدانة. ثم إن الحكم مع إغفاله بيان كيفية وقوع الحادث ورابطة
السببية بين الخطأ والوفاة ومدى إسهام خطأ المجني عليهما في وقوع الحادث فقد اكتفى
في تبيان خطأ الطاعن بالقول أنه كان يقود السيارة بسرعة مستدلا على ذلك بآثار
الفرامل التي بلغ طولها 26 خطوة في حين أن السرعة في حد ذاتها لا تنهض بمفردها
سببا للحادث، وطريقة قياس طول الفرامل التي اتبعت لا تؤدي إلى إثبات هذا الطول،
نظرا لطبيعة الأرض والظروف الجوية المحيطة بها، وقد أغفل الحكم الرد على دفاع
الطاعن في هذا الخصوص رغم إيراده له في مذكرته المقدمة لمحكمة ثاني درجة وهي التي
طلب فيها إجراء المعاينة وأرفق بها كتيبا بمقاييس آثار الفرامل ودلالة طولها على
السرعة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين
واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان
الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استقاها من المعاينة ومن أقوال الشاهدين .....
والشرطي ..... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وبعد أن أورد
الحكم مؤدى المعاينة وأقوال الشاهدين آنفي الذكر استظهر الحكم عنصر الخطأ وأثبته
في حق الطاعن في قوله. "وحيث إن الذي تستخلصه المحكمة من سرد الوقائع على
النحو المتقدم أن المتهم (الطاعن) كان يقود سيارته بسرعة كبيرة غير معني بتنبيه
المارة بإطلاق آلة التنبيه وأن المجني عليهما كانا يعبران الطريق وقد سبقهما آخرون
إلى ذلك فصدمهما المتهم بمقدم سيارته وقذفهما أمامه إلى مسافة ثماني عشرة خطوة
فأحدث بهما الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي توفيا من جرائها وقد قام الدليل
على خطأ المتهم بما دلت عليه المعاينة من تركه لفرامل السيارة بطول 36 خطوة كما أن
الشاهدين ... والشرطي ..... قررا أنهما سمعا دويا شديدا للفرامل وثانيهما كان
بالنقطة على مبعدة للحادث وفي هذا الدوي الشديد للفرامل دلالة على أن السيارة كانت
مسرعة" ثم بين الحكم رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين وفاة المجني عليهما في
قوله: "ولما كان ذلك، وكانت السرعة تعتبر خطرا على حياة الجمهور وأساساً
للمسئولية في جرائم القتل الخطأ وقد توافرت في حق المتهم وقد أدى خطأ هذا بالإسراع
في قيادة السيارة إلى اصطدامه بالمجني عليهما وإصابتهما بالإصابات الموصوفة
بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتهما فإن علاقة السببية تكون متوافرة أيضا في حق
المتهم ومن ثم يتعين عقابه بمادة الاتهام". لما كان ذلك، وكان الواضح من
الحكم أنه لم يعول في إدانة الطاعن على أقوال .... ولم يأخذ بها فإن خطأه في
الإسناد إليها -بفرض صحته- لا يعيبه باعتباره غير مؤثر فيما استخلصه الحكم من
نتيجة مادام أنه لم يتخذ منه دليلا من بين الأدلة التي اعتمد عليها في قضائه، وأما
ما ينعاه الطاعن من خطأ الحكم في الإسناد إلى أقوال الشاهد .... لذكره بأنه
شاهد السيارة وهي تصطدم بالمجني عليهما وتلقي بهما بعيدا مع أنه لم يقل شيئا من
ذلك فمردود بما هو ثابت من الحكم ذاته من أنه استدل فيما استدل عليه على عنصر
السرعة بما قرره الشاهد ... من سماعه دويا شديدا للفرامل وهذا القول من الشاهد
له سنده من أقواله التي أدلى بها في التحقيق - على ما يبين من المفردات المضمومة.
ومن ثم فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. وأما قول
الطاعن بأن المحكمة أسندت إليه دفاعا لم يقله فلا عبرة به مادامت المحكمة لم تعول
على هذا الدفاع في إدانته. وأما عن دعوى الطاعن بإسهام المجني عليهما في وقوع
الحادث فلا يقدح -بفرض قيامه- في مسئولية الطاعن عن جريمة القتل الخطأ التي دين
بها، ذلك لأن الخطأ المشترك في نطاق المسئولية لا يخلي المتهم من المسئولية بمعنى
أن خطأ المجني عليه لا يسقط مسئولية المتهم مادام هذا الخطأ لم يترتب عليه انتفاء
الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب
لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى وكان تقدير توافر
السببية بين الخطأ أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة
الموضوع بغير معقب عليها مادام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها
في الأوراق، وإذ كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن ركن الخطأ
الذي نسبه إلى الطاعن يتمثل في قيادته السيارة بسرعة زائدة ينم عنها ذلك الدوي
الشديد الذي انبعث من الفرامل، وكانت السرعة التي تصلح أساسا للمساءلة الجنائية في
جريمتي القتل والإصابة الخطأ هي التي تجاوز الحد الذي تقتضيه ملابسات الحال وظروف
المرور وزمانه ومكانه فيتسبب عن هذا التجاوز الموت أو الجرح. ولما كان تقدير ما
إذا كانت سرعة السيارة في ظروف معينة تعد عنصرا من عناصر الخطأ أو لا تعد هو مسألة
موضوعية يرجع الفصل فيها لمحكمة الموضوع وحدها. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد
إقامته الحجة على ثبوت خطأ الطاعن قد استظهر رابطة السببية بينه وبين وفاة المجني
عليهما في بيان كاف ومقبول فإن جميع ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد وينحل
إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. وأما
عن طلب إجراء المعاينة فإنه مع التسليم بأن الطاعن قد ضمنه مذكرته المقدمة إلى
محكمة ثاني درجة وانعقاد خصائص الطلب الجازم له فإن الظاهر من أسباب الطعن أنه لا
يتجه إلى نفي الفعل المكون لجريمة القتل الخطأ أو استحالة حصول الواقعة وإنما كان
الهدف منه مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة حول أقوال الشهود وهو ما لا تلتزم
المحكمة بإجابته أو الرد عليه، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد أرفق بتلك
المذكرة حسب دعواه كتيبا مبينا به مقاييس آثار الفرامل ودلالتها على السرعة، ذلك
بأن السرعة لا يصح أن تقاس بالنظريات والمعادلات الحسابية لاختلاف تقديرها بحسب
الزمان والمكان والظروف الملابسة للحادث. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق