الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 6 ديسمبر 2014

الطعن 47756 لسنة 75 ق جلسة 15 / 1 / 2006 مكتب فني 57 ق 8 ص 68

جلسة 15 من يناير سنة 2006
برئاسة السيد المستشار / محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنس عمارة ، حسين الصعيدي ، عاصم عبد الجبار وعادل الحناوي نواب رئيس المحكمة .
------------
(8)
الطعن 47756 لسنة 75 ق
(1) مسئولية جنائية . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الغيبوبة الناشئة عن فقدان الشعور " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
تقدير حالة المتهم الناشئة عن فقدان الشعور ومدى امتناع مسئوليته لوقوعه تحت تأثير مسكر أو مخدر . موضوعي .
انتهاء الحكم إلى توافر مسئولية الطاعن الجنائية لتوافر إدراكه واختياره وظروف الحادث وقت مقارفته الفعل استناداً إلى تقرير اللجنة الطبية وأقوال أعضائها . لا عيب .
مثال .
(2) إثبات " خبرة " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . قتل عمد .
تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات . موضوعي .
عدم إشارة الحكم إلى التقارير والمستندات المقدمة من المتهم . مفاده ؟
استدلال الحكم بأقوال الطاعن وتصرفاته بعد الحادث على سلامة إدراكه وقت وقوعه تعزيزاً لما انتهى إليه التقرير الطبي . جائز .
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز .
النعي على التحقيقات بعدم تحليل دماء الطاعن . غير مقبولة . علة ذلك ؟
إشارة الحكم إلى اختلاف أعضاء اللجنة في أثر العقار أو تزيده فيما أورده عن تناول الطاعن له . لا ينال من سلامته . ما دام قد اطمأن إلى أن الطاعن كان في كامل إدراكه واختياره وقت الحادث .
(3) عقوبة " تقديرها " . ظروف مخففة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بعدم أخذ المحكمة في اعتبارها حالة الإدمان التي يعاني منها . حقيقته . نعي بعدم استعمال الرأفة . غير مقبول أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(4) قتل عمد . جريمة " أركانها " . باعث . مسئولية جنائية . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قصد القتل . أمر خفي . استخلاص توافره . موضوعي .
عدم حمل الطاعن سلاحاً لدى توجهه لمسكن المجني عليها . لا ينفي نية القتل .
الباعث على الجريمة والإثارة والاستفزاز أو الغضب . لا ينفي نية القتل .
نعي الطاعن على الحكم استدلاله على توافر نية القتل من استعماله سلاحاً قاتلاً استناداً لرأي فقهاء الشريعة دون بيان سنده . غير مقبول . ما دام تحدثه عن ذلك كان في بيانه لرأي المفتي وله أصله في الأوراق .
مثال .
(5) إثبات " خبرة " . حريق عمد . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . مسئولية جنائية . اقتران . ظروف مشددة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة وضع النار عمداً في مسكن . من الجرائم ذات القصد العام . ما يكفي لتحققه ؟
تقدير ما إذا كان وضع النار عمدياً أم بإهمال . موضوعي . ما دام سائغاً . انتهاء الحكم في تدليل سائغ إلى أن إلقاء الطاعن لسيجارتين مشتعلتين على مفروشات مسكن المجني عليها بعد قتلها كان عمدياً . كفايته لاستظهار قصد العمد ولتحقق ظرف الاقتران .
حق محكمة الموضوع في تجزئة تقرير الخبير فتأخذ بما تطمئن إليه منه وتطرح ما عداه . عدم تحصيل الحكم أسباب الحريق التي أوردها التقرير . مفاده ؟
مثال .
(6) سبق إصرار . ظروف مشددة . رابطة السببية . ارتباط . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . قتل عمد .
تقدير توافر سبق الإصرار . موضوعي . ما دام سائغاً .             
تقدير توافر رابطة السببية المشار إليها في المادة 234 عقوبات . موضوعي .      
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام محكمة النقض . غير جائز .
مثال .
(7) عقوبة " العقوبة المبررة " . رابطة السببية . اقتران . ظروف مشددة . قتل عمد . حريق عمد . نقض " المصلحة في الطعن " .
انعدام مصلحة الطاعن في المجادلة في سبق الإصرار وعلاقة السببية بين القتل والسرقة . ما دام الحكم قد أثبت في حقه اقتران جناية القتل بجناية الحريق العمد .
(8) إثبات " اعتراف " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تعول على اعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه . إجراء التحقيق بقسم الشرطة لا ينال من سلامته . علة ذلك ؟
مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه .
(9) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة التناقض بين الدليلين القولي والفني والمنازعة في زمن الوفاة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها أو إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
(10)  إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عقيدة المحكمة . قيامها على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
(11)  حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
مثال لما لا يعد تناقضا يعيب الحكم .
(12) إثبات " اعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
خطأ الحكم فيما لا أثر له في عقيدته . لا يعيبه .
مثال .
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده ؟
(14) نيابة عامة . إعدام . محكمة النقض " اختصاصها " .
وجوب عرض النيابة العامة للحكم الصادر بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها . المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 .
(15) قتل عمد . حريق عمد . قصد جنائي . سبق إصرار . اقتران . ارتباط . ظروف مشددة . مسئولية جنائية . إثبات " اعتراف " . دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى ومؤدى الأدلة واستظهار نية القتل والظروف المشددة والرد على دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته وبطلان اعترافه بما يكفي لحمل عقوبة الإعدام . كفايته .
آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة .
 (16) إجراءات " إجراءات التحقيق " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
        الرد على الدفاع الموضوعي . غير لازم .
 (17) إعدام . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قتل عمد .
        ما يلزم من تسبيب لإقرار الحكم الصادر بالإعدام ؟
ــــــــــــــــــــ
1 – لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وسرد الأدلة التي عول عليها في قضائه وبين مضمونها عرض لما تمسك به الطاعن من دفوع وأوجه دفاع واطرح الدفع بفقدان الطاعن الشعور والاختيار وقت الحادث بقوله :- " وحيث إنه عن الدفع بفقدان المتهم لشعوره واختياره وقت الحادث بمقولة أنه كان في حالة سكر أو غيبوبة ناشئة عن تناول عقاقير مخدرة " عقار الأبتريل " الذي لم يكن يعرف تأثيره أو يتناوله من قبل ، فضلاً عن إدمانه لمخدر الهيروين مما ينفي لديه القصود الخاصة المتطلبة في الجرائم التي اقترفها تحت تأثير إدمان هذا المخدر وكرد فعل لذاك العقار وتكون الواقعة ضرباً أفضى إلى موت كما لا تتوافر لديه نية التملك في السرقة ولا نية وضع النار عمداً باعتبار أن الحريق حدث من إلقاء عقبي سيجارتين على السريرين دون وعي أو إدراك تحت تأثير المخدر ، فإن هذا الذي أثاره الدفاع في دفعه سالف البيان مردود ذلك بأنه من المقرر أن  الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل , وكان الثابت مما استخلصته المحكمة من اعتراف المتهم ووقائع الدعوى وظروف الحال أن المتهم قد انتوى قتل المجني عليها وتناول بعضاً من أقراص عقار الأبتريل برضاه وبعلم منه بحقيقة أمر هذا العقار ليكون مشجعاً على تنفيذ نيته ضمن خطته الإجرامية التي رسمها لنفسه لتنفيذ جريمته التي اقترفها بعد تفكير وتدبير وثبت من تقرير لجنة الطب العقلي ومن أقوال أعضائها بالجلسة أن المتهم مسئول عن تصرفاته وقت الحادث ولا توجد أية آثار انسحابية لتعاطيه المواد المخدرة وأن تناوله لعقار الأبتريل لا تأثير له على إرادته وإدراكه لأن هذا العقار من العقاقير المهدئة التي تعطي متعاطيها نوعاً من الإحساس بالجرأة والشجاعة وتبعث على الطمأنينة والهدوء وعدم المبالاة بالعواقب وهو ما تثق به المحكمة وتقتنع بأن المتهم انتوى قتل المجني عليها ونفذ جريمته وهو في كامل الإدراك أي القدرة على التمييز والفهم وفي كامل الاختيار إلى القدرة على توجيه الإرادة والسلوك ويؤيد ذلك خطته الإجرامية قبل الحادث ومسلكه أثناء تنفيذ الجريمة وبعد ارتكابها وأقواله بتحقيقات النيابة العامة التي ظل فيها المتهم متذكراً أدق تفاصيل الحادث مما لا يرشح البتة لأي تأثير لذلك العقار في سلامة عقله وفي صحة إرادته اللهم إلا أنه استمد من تعاطي ذلك العقار الجرأة على تنفيذ جريمته التي خطط لها مسبقاً وبالتالي فإن المحكمة تخلص إلى تحقق المسئولية الجنائية للمتهم عن الجرائم التي ارتكبها بكافة أركانها القانونية المشتملة على القصد الخاص المتطلب لكل من جريمتي القتل العمد والسرقة مع توافر ظروف سبق الإصرار والارتباط والاقتران من وقائع الدعوى وملابساتها على نحو ما سيرد بيانه عند التحدث عن نية القتل والظروف المشددة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الدفاع في الدفع المطروح يكون غير سديد خليقاً برفضه " . كما عرض الحكم لما قام عليه دفاع الطاعن من أنه ارتكب الحادث تحت تأثير إدمانه للمواد المخدرة التي تؤثر على قدراته في التفكير والإدراك والإرادة واطرحه تأسيساً على أن الطاعن وقت ارتكابه الحادث كان في كامل إدراكه واختياره على نحو ما سلف بيانه وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم وقت ارتكابه الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على أنه كان في حالة سكر أو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير المخدر أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه . وكان الحكم المطعون فيه قد محص دفاع الطاعن في خصوص امتناع مسئوليته تأسيساً على أنه كان فاقد الشعور أو الاختيار وأنه كان وقت الحادث تحت تأثير المخدر الذي تعاطاه وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها أنه كان أهلاً لحمل المسئولية الجنائية لتوافر الإدراك والاختيار لديه وقت مقارفة الفعل الذي ثبت في حقه مستنداً في ذلك إلى تقرير اللجنة الطبية التي تولت ملاحظة الطاعن وإلى أقوال أعضائها الذين سمعت أقوالهم بالجلسة وتقريرهم أن العقار الذي قرر الطاعن تعاطيه لا أثر له على الإدراك أو الاختيار وإلى ما استخلصه من الظروف السابقة والمعاصرة واللاحقة للحادث .
2 - من المقرر أن مرجع الأمر في تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير والأخذ بما ترتاح إليه منها لتعلق هذا الأمر في تقدير الدليل وفي عدم إشارتها إلى ما يقدمه المتهم من تقارير أو مستندات للمنازعة في صحة ما انتهى إليه الخبير مفاده أنها اطرحتها ، وليس هناك ما يمنع من أن يستدل الحكم بأقوال الطاعن وتصرفاته بعد الحادث على سلامة إدراكه وقواه العقلية وقت وقوعه ما دام قد اتخذ من ذلك ما يعزز به النتيجة التي انتهى إليها التقرير الطبي ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن عن عدم مطابقة التقرير الطبي لحقيقة الحالة التي كان عليها وقت ارتكاب الحادث لمرور أكثر من شهرين وغير ذلك من الأمور التي أشار إليها في طعنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ومنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، كما لا يصح له النعي على التحقيقات لعدم تحليل دماء الطاعن للوقوف على آثار المخدر لأن ذلك من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن تكون سبباً للطعن على الحكم . ولا يعيب الحكم من بعد ما أشار إليه الطاعن عن اختلاف أعضاء اللجنة الطبية في آثار هذا العقار الذي تعاطاه أو ما أورده الحكم تزيداً عن تناوله له ليكون مشجعاً له على ارتكاب الجريمة لأنها تعد وقائع ثانوية لا أثر لها على عقيدة المحكمة بعد أن اطمأنت إلى أن الطاعن كان في كامل إدراكه واختياره وقت الحادث.
3 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار حالة الإدمان التي يعاني منها الطاعن لا يعدو أن يكون نعياً بعدم استعمال الرأفة وهذا النعي مردود بأن تقدير العقوبة وتقدير موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أو قعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على نية القتل بقوله :- " وحيث إنه عن قصد القتل فإنه متحقق وثابت في حقه من استخدامه سكينة مطبخ كان يعلم سلفاً وجودها باعتبارها من مستلزمات المطبخ وهي سكين بحافة حادة وطرف مدبب تحدث القتل وقد أحدثته فعلاً بأن انهال بها على المجني عليها طعناً في مواضع متعددة قاتلة من جسمها معظمها في الرقبة والبطن بلغت خمس عشرة طعنة قاصداً إزهاق روحها وجثم فوقها وذبحها ولم يتركها إلا جثة هامدة فأحدث بها الإصابات القطعية والنافذة والموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي نتج عنها قطع بالمريء والقصبة الهوائية والأوعية الدموية الرئيسية بالرقبة وتمزق بالأمعاء والمساريقا والكلية اليسرى وأدت هذه الإصابات وما صاحبها من أنزفة دموية غزيرة إلى وفاة المجني عليها مما يقطع بيقين لدى المحكمة بتوافر نية القتل لدى المتهم لسرقة ما لديها من مال لحاجته إليه لإنفاقه في تعاطى المواد لمخدرة وقد تحقق له ما انتواه من الإجهاز على المجني عليها وسرقة أموالها .. " . وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية بسياقه المتقدم تدليلاً سائغاً وواضحاً في إثبات توافرها وكافياً في الرد على دفاع الطاعن بانتفائها وكان ما يتمسك به الطاعن من أنه لم يحمل سلاحاً لدى توجهه إلى مسكن المجني عليها لا ينفي نية القتل لديه ما دام الحكم قد أثبت توافرها لديه وقت مباشرته الاعتداء على المجني عليها كما أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية كما أن الباعث على الجريمة لا تأثير له على كيانها كما أن حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب لا تنفي نية القتل وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في تدليله على توافر نية القتل من استعمال سلاح قاتل إلى رأى فقهاء الشريعة بل جاء ذلك في بيانه لرأى فضيلة المفتي وهو بيان له أصله في الأوراق فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
5 - لما كان الحكم قد عرض لظرف الاقتران ورد على دفاع الطاعن بعدم توافره تأسيساً على أن الحريق ليس عمدياً وأنه وقع بإهمال واطرحه بقوله :- " وحيث إنه عن الاقتران بين جناية القتل العمد وجناية الحريق العمد فإنه لما كان الثابت من ماديات الدعوى أن جريمة قتل المجني عليها ارتكبها المتهم بفعل مادي مستقل عن الفعل المادي المكون لجريمة الحريق العمد الذي قارفه هذا الأخير في مسكنها ولئن كان المتهم قد أقر بتحقيقات النيابة العامة بأنه ألقى سيجارة مشتعلة على السرير بحجرة نوم ...... - نجل المجني عليها - ونسي سيجارة أخرى مشتعلة بطفاية السجاير على السرير بحجرة نوم ...... النجل الآخر للمجني عليها فإن هذا الذي أدلى به المتهم كان محوراً للدفاع بجلسة المحاكمة لنفي العمد عنه في هذه الجريمة ولا ترى فيه المحكمة إلا فعلاً عمدياً من واقع الاقتضاء العقلي والمنطقي ووقائع الدعوى برمتها وظروفها وملابساتها التي لا مجال فيها لغير العمد فضلاً عما أبانه تقرير المعمل الجنائي بشأن منطقتي بداية الحريق وتقتنع المحكمة بأن ما أتاه المتهم من إلقاء لفافتي تبغ مشتعلتين أو نهايتهما المشتعلتين على مفروشات السرير بكل من حجرتي النوم اللتين اشتعل فيهما الحريق إنما يمثل وضعاً عمدياً للنار في محل مسكون وتوجهت إرادته اختيارا إلى هذا الفعل العمدي في ذلك المكان وهو موقن بأن النار لابد أن تندلع في تلك المفروشات القطنية وتتصل بباقي المنقولات في المسكن وهو ما يوفر في حق المتهم الركن المادي والقصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 من قانون العقوبات " . لما كان ذلك ، وكانت جريمة وضع النار عمداً في مسكن من الجرائم ذات القصد العام الذي يكفي لتحققه أن يثبت الحكم أن الجاني قد وضع النار عمداً فيه . وتقدير ما إذا كان وضع النار كان عمدياً أم الحريق تم بإهمال هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها غير مقيدة في ذلك بنص اعتراف المتهم وظاهره ما دام استخلاصها سائغاً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في منطق سائغ وتدليل معقول إلى أن إلقاء الطاعن للسيجارتين المشتعلتين على مفروشات السريرين بحجرتي النوم بمسكن المجني عليها بعد أن قتلها كان عمدياً بما يسوغ به اطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن ويتحقق به ظرف الاقتران كما هو معرف في القانون ولا يعيب الحكم من بعد ما يلوح به الطاعن من تناقض ما ورد بتقرير المعمل الجنائي عما ورد باعتراف الطاعن عن سبب الحريق وكونه شب نتيجة اتصال مصدر حراري مكشوف اللهب بعد سكب مادة معجلة وليس من سيجارة مشتعلة ذلك أن الحكم في تحصيله لهذا التقرير لم يشر إلى ما ذكره عن أسباب الحريق بما مفاده عدم أخذه به في هذه الخصوصية لأن تقرير الخبير دليل كسائر الأدلة من حق المحكمة أن تجزئه فتأخذ بما تطمئن إليه منه وتطرح ما عداه ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
6- لما كان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار في قوله :- أنه " متحقق في حق المتهم ذلك أنه بعد عدوله عن سفره مع أصدقائه وعاد إلى مسكنه أخذ يعمل فكره في هدوء وروية طيلة الليلة السابقة على الحادث لوضع خطة قتل المجني عليها لسرقة أموالها منتهزاً فرصة وجودها بمفردها بمسكنها وتناول لهذا الغرض أقراصاً من عقار الأبتريل ليستمد منه الجرأة على تنفيذ جريمته واضعاً في خطته الأداة التي تحدث القتل وهي سكينة مطبخ يعلم سلفاً بوجودها في شقة المجني عليها باعتبار أن تلك الأداة من مستلزمات المطبخ واستدعى صديقته لتؤنسه حتى إذا حان الميعاد الذي حدده لتنفيذ الجريمة انطلق إلى شقة المجني عليها في وقت مبكر من الصباح لم يره فيه أحد وطرق الباب فلما فتحت المجني عليها لسابق معرفتها به بحسبانه صديقاً لأولادها دلف إلى داخل الشقة متعللاً برغبته في اللعب على جهاز ألعاب الفيديو - البلاي استيشن - فنهرته المجني عليها مستنكرة سوء تصرفه الذي أصر عليه في غير مبالاة ثم استل سكينة المطبخ وفاجأ المجني عليها وانهال بها عليها طعناً ولم يتركها إلا جثة هامدة تنفيذاً لخطته الإجرامية وتصميمه المحكم على قتل المجني عليها لسرقة أموالها مما يقطع بتوافر سبق الإصرار في حقه كما هو معرف به قانوناً فدلت عليه وقائع الحادث والظروف الملابسة له " . كما استدل الحكم على توافر الارتباط بين القتل والسرقة بقوله : " أن الثابت من وقائع الدعوى وملابساتها أن المتهم قتل المجني عليها وبإصرار سابق بقصد التأهب لسرقة أموالها وهو ما تحقق له بالفعل إذ إنه بعد الإجهاز على المجني عليها والتخلص منها تأهب لسرقة أموالها وتمكن من سرقة مبلغ عشرة آلاف جنيه وجهاز هاتف محمول وشاحن لهذا الجهاز بعد بحث وبعثرة لمحتويات حجرة المجني عليها على نحو ما تبين من معاينة النيابة العامة ومن تقرير المعاينة الفنية بالمعمل الجنائي إدارة عمليات مسرح الجريمة فعثر المتهم على المبلغ النقدي بحقيبة يد المجني عليها وبجوارها على كوميدينو عثر على جهاز الهاتف المحمول والشاحن الخاص بهذا الجهاز فاستولى على هذه المنقولات المملوكة للمجني عليها واستقرت له حيازتها وأنفق في شراء مخدر الهيروين وحاجيات أخرى مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً من المبلغ النقدي المسروق مما يوفر في حقه أركان جريمة السرقة بما فيها القصد الخاص المتمثل في نية تملك المال المسروق والظهور عليه بمظهر المالك في التصرف ". ولما كان البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وكان قيام علاقة السببية أو عدم قيامها وكذلك الارتباط السببي المشار إليه في الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات هو فصل في مسألة موضوعية يستقل به قاضي الدعوى عند نظرها أمام محكمة الموضوع ولا معقب عليه فيه من محكمة النقض وكان الحكم قد استظهر توافر سبق الإصرار في حق الطاعن بما ينتجه عقلاً واستخلصه من عناصر لها أصل ثابت في الأوراق كما خلص إلى قيام الارتباط السببي بين القتل والسرقة ومن ثم فلا يقبل من الطاعن المنازعة في توافر هذين الظرفين استناداً إلى ما أثاره في أسباب طعنه لأن ذلك لا يعدو منازعة في مسألة موضوعية لا يجوز الجدل فيها أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن ما دام الحكم قد أثبت اقتران جناية قتله المجني عليها بجناية وضع النار عمداً في مسكنها بما يصح به معاقبته بالإعدام .
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به الطاعن من بطلان اعترافه ومخالفته لماديات الدعوى ورد على قوله :- " وحيث إنه عما أثاره الدفاع من القول بأن اعترافات المتهم كانت وليدة الإكراه والخوف والرهبة والتهديد وأن تصويره لكيفية وقوع الحادث مملى عليه لأن التحقيق أجري في مكتب المباحث بقسم شرطة ...... وأن تهديداً قد تعرض له المتهم فاستجاب لما أملي عليه ولما زالت المؤثرات وأحس المتهم بوطأة الاعتراف عدل عنه رجوعاً إلى الحقيقة وليس إنكاراً لها وأن اعترافات المتهم مخالفة لماديات الحادث لأن جثة المجني عليها وجدت بالصالة وليس في حجرة النوم وفق تصوير المتهم ولا يوجد مبرر لنقل الجثة ولم يسأل أحداً في ذلك وأنه لم يوجد سوى بقعتين من الدماء على فراش المجني عليها وذلك لا يتناسب مع كثرة الطعنات والنزف الدموي الذي أشار إليه تقرير الصفة التشريحية ويمكن أن تحدث البقعتان من جلوس المتهم على السرير وملابسه ملوثة بالدماء وعند البحث في حقيبة المجني عليها ، وكان هذا الذي أثاره الدفاع مردوداً ذلك بأن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة إنما صدر عن طواعية واختيار وهو في كامل وعيه وإدراك تام وجاء الاعتراف مطابقاً للواقع في أدق تفاصيله وعززه بتمثيله في المعاينة التصويرية لكيفية وقوع الحادث واعترافه بالاتهام لدى تجديد حبسه بجلسات ....... ، ...... ، ....... ولم يرد على لسانه طيلة إدلائه باعترافاته بتحقيقات النيابة العامة أنه تعرض لإكراه أو تهديد أو أية مؤثرات مما ينعاه الدفاع ولا ترى المحكمة غضاضة في مكان استجواب المتهم من النيابة العامة بقسم الشرطة في الواقعة المطروحة وليس في ذلك ما يدل على تعرض المتهم لشئ مما قال به الدفاع كما أن وجود جثة المجني عليها في صالة الشقة وقت المعاينة إنما كانت نتيجة لنقلها من حجرة نومها بواسطة رجال الإطفاء وهو ما أوردته النيابة العامة في محضر المعاينة على لسان بعض الجيران وتأيد أيضا مما ورد بتقرير المعمل الجنائي المعاينة الفنية لإدارة عمليات مسرح الجريمة ، وذلك لإبعادها عن مكان اشتعال الحريق بالحجرتين المجاورتين لحجرة المجني عليها وهو تصرف وقائي من رجال الإطفاء يميله عليهم طبيعية عملهم فضلاً عن أنه وجدت آثار دماء على مفروشات السرير بحجرة نوم المجني عليها ولا محل للقول من الدفاع بعدم تناسب تلك الآثار مع كثرة الطعنات وما صاحبها من نزف دموي ذلك أن البين من تقرير الصفة التشريحية وجود نزف داخلي ووجدت عباءة المجني عليها ملوثة بالدماء . كما قرر المتهم أن ملابسه لوثت بدماء المجني عليها واستطال ذلك إلى جوربه وحذائه فضلاً عن خلفية سرواله نتيجة جثومه فوق المجني عليها لذبحها والإجهاز عليها وبالتالي فإن المحكمة تطمئن لسلامة اعتراف المتهم ومطابقته للحقيقة والواقع ومتسماً مع ماديات الحادث " . وكان الحكم على السياق المتقدم قد خلص من منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه وانتهى إلى اطمئنانه إلى ذلك الاعتراف وخلوه من أية شائبة ومطابقته للواقع والحقيقة وبما يكفي لاطراح دفاع الطاعن القائم على مخالفته لماديات الدعوى وما يتصل بذلك مما أسماه منازعة في مكان الحادث وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب عليها ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد منه هذا الاعتراف ولا ينال من صحة هذا الاعتراف ما أثاره الطاعن من أن التحقيق معه جرى في قسم الشرطة لما هو مقرر بأن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
9 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بتناقض الدليلين القولي والفني ولم ينازع في زمن الوفاة على نحو ما يزعمه بأسباب طعنه كما لم يطلب إجراء تحقيق في هذا الشأن فليس له من بعد أن يتمسك بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما لا يصح له النعي عن قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها .
10 - لما كان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم إيراده في مواضع منه أن الطاعن ذبح المجني عليها رغم خلو تقرير الصفة التشريحية من وجود جروح ذبحية بجثة المجني عليها فإنه لما كان البين مما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليها مصابة بجرح مستوي الحواف مستعرض الوضع بطول حوالي 7 سم يقع بأعلى مقدم الرقبة بأعلى الغضروف الدرقي على غرار الجرح الذبحي " . وكان الطاعن لم ينازع في صحة ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية في هذا الخصوص ، فضلاً عن أنه يبين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية له أصله في الأوراق وكانت عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني وكان المعنى المشترك بين القولين واحدا فإن ما يثيره الطاعن بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل .
11 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان لا تناقض بين ما أورده الحكم من تدفق دماء غزيرة من إصابات المجني عليها وبين ما ثبت من معاينة النيابة العامة من وجود بقع دموية على مفروشات سريرها بل يريد الطاعن لها معنى سبق أن أحاط به الحكم المطعون فيه تناوله في رده على دفاع الطاعن مخالفة اعترافه لماديات الدعوى .
12 - لما كان في تحصيل الحكم لاعتراف الطاعن أنه توجه إلى صديقه لشراء عقار الأبتريل رغم أن الأخير هو الذي أشار عليه بتجربته لأنه لم يتناوله من قبل وعلى خلاف الثابت بالأوراق فإن هذا الخطأ لا أثر له على عقيدة المحكمة بما لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد خلصت إلى أن هذا العقار لا تأثير له على إدراك الطاعن واختياره ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها .
13 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة لا تورد من الأدلة وأقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليها وفي إغفالها بعض الوقائع يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها في حكمها ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفاله الوقائع التي أشار إليها في أسباب طعنه وردت على لسانه أو في أقوال بعض الشهود لأنها وقائع يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة .
14 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية مشفوعة بمذكرة برأيها طبقاً للمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه فيتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
15 – لما كان الحكم المعروض بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بها وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً وافياً له أصله في الأوراق كما استظهر نية القتل والظروف المشددة من اقتران وسبق إصرار وارتباط على النحو السالف بسطه بما يصح به معاقبة المحكوم عليه بالإعدام . كما رد على ما قام عليه دفاعه من فقدان الشعور والإدراك وقت ارتكابه الحادث وأنه كان تحت وطأة الإدمان بما تنتفي به مسئوليته وما دفع به من بطلان اعترافه لكونه وليد إكراه ومخالفته للحقيقة والواقع برد سائغ يكفي لاطراحه وكان لا أثر لمنازعة المحكوم عليه في أن السكين المضبوطة ليست هي التي استعملها في الحادث على صحة الحكم لأن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة .
16 - لما كان ما أثاره الدفاع عن عدم رفع البصمات التي على أعقاب السجاير أو عدم سؤال الجيران عن واقعة نقل جثة المجني عليها لا يعدو تعييباً للتحقيقات وهي من الإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن تكون سبباً للطعن على الحكم وأن ما تمسك به الدفاع من عدم علم المحكوم عليه بوجود المبلغ النقدي في شقة المجني عليها لا يعدو دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه .
17 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلص على نحو ما تقدم وبأسباب سائغة إلى أن المحكوم عليه قد قتل المجني عليها مع سبق الإصرار لسرقة مالها واقتران القتل بجناية الحريق العمد وعاقبه بالإعدام وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة طبقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم طبقاً للمادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء متفقاً وصحيح القانون ومبرءاً من الخطأ في تطبيقه أو تأويله . كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن لأنه أولاً : قتل عمداً ..... مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتلها حال علمه بنبأ احتفاظها بمبالغ نقدية فتوجه صوب مسكنها وما إن ظفر بها حتى انهال عليها طعناً بمواضع قاتلة بجسدها بسلاح أبيض ( سكين ) فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان وضع النار عمداً في مسكنها سالف البيان الأمر المنطبق عليه الجناية المؤثمة بالمادة 252 عقوبات وقد ارتبطت تلك الجناية بجنحة هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق المبلغ النقدي والهاتف المحمول المبين وصفاً وقدراً بالأوراق من مسكنها سالف البيان الأمر المنطبق عليه الجنحة المؤثمة بالمادة 317 عقوبات . ثانياً : أحرز بغير ترخيص أداة ( سكين ) مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص .
وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
     وادعى ... مدنياً قبل المتهم بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي فيها وحددت جلسة ...... .... بالنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً بإجماع الآراء عملاً بالمواد 230 ، 231 ، 234/2 ، 3 من قانون العقوبات والمادتين 1/1 ، 25/مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والبند الحادي عشر من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول بمعاقبته بالإعدام شنقاً وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة .
        فطعن المحكوم عليه في الحكم بطريق النقض...... إلخ .
كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي موقع عليها من رئيسٍ بها .
ــــــــــــــــــــ
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترن بجناية وضع الحريق عمداً في مسكن والمرتبط بجنحة سرقة قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن الدفاع عن الطاعن تمسك بأنه ارتكب الأفعال المسندة إليه وهو مسلوب الإرادة وفاقد الشعور لأنه كان قد تناول بعض الأقراص المخدرة من عقار " الأبتريل " قبل الحادث دون أن يكون على علم بمدى تأثير هذا العقار بما تنتفي به المسئولية الجنائية عن فعله ، وقدم من المستندات والتقارير الفنية والعلمية أن الطاعن يعاني من قلق نفسي ويتعرض لنوبات اكتئاب واضطراب في الشخصية نتيجة إدمانه المخدرات وإعطائه العقاقير لعلاج هذه الحالة وأن الحكم المطعون فيه رغم تسليمه في تحصيل واقعة الدعوى بأن الطاعن ارتكب الأفعال المسندة إليه وهو تحت وطأة الإدمان فإنه لم يأخذها في الاعتبار . واطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن على سند من القول بأن تناول الطاعن للأقراص المخدرة كان باختياره بما تتحقق به مسئوليته عن الجرائم التي ارتكبها رغم أنها من الجرائم ذات القصود الخاصة ولا يستقيم رد الحكم باطراح هذا الدفاع إلا إذا كان الطاعن قد انتوى ارتكاب هذه الجرائم ثم تناول المخدر ليكون مشجعاً له على تنفيذها ، وهو ما لم يقم عليه دليل ، وما أورده الحكم سواء في بيانه لواقعة الدعوى أو رداً على دفاعه لا سند له من الأوراق ، ويخالف القانون إذا اقتصر الرد على نفي إصابة الطاعن بمرض عقلي كمانع من موانع المسئولية رغم أن فقدان الشعور أو الاضطراب العقلي يرتب نفس الأثر ولم يفطن الحكم إلى توافر هذا القدر في حق الطاعن ، ودون أن تعنى المحكمة بتحقيق ما تناقض فيه أعضاء اللجنة التي قدمت تقريرها عن فحص حالة الطاعن في شأن تأثير العقار الذي تعاطاه الطاعن قبل الحادث إذ قرر أحدهم أنه ليس له تأثير إلا على الإحساس بالجرأة والشجاعة بينما قال الثاني أنه يعطي الإحساس بالجرأة وعدم المبالاة ويقول الثالث أنه يجعل الشخص أكثر هدوءاً وليس أكثر عدوانية خاصة وأن فحص الطاعن كان بعد مرور شهرين على وقوع الحادث ولم تجر النيابة تحليلاً لدمائه في وقت معاصر لارتكابه مما يسمح بزوال آثار المخدر وظهور الطاعن بالحالة التي أثبتها التقرير والتي لا تفصح عن حقيقة حالته عند ارتكاب الحادث والتفت الحكم عما قدمه الدفاع من مراجع علمية عن تأثير العقار الذي تناوله الطاعن ، كما تمسك الدفاع بانتفاء نية القتل وأن الواقعة لا تعدو أن تكون ضرباً أفضى إلى موت لأنه لم يحمل سلاحاً أثناء توجهه إلى مسكن المجني عليها بل عثر عليه مصادفة ، كما أنه ليس في حاجة إلى المال ليقتل ، وأن اعتداءه على المجني عليها حدث بعد مشادة كلامية معها بسبب استيائها من عدم مناسبة الوقت الذي ذهب فيه لممارسة اللعب على جهاز الألعاب الخاص بنجلها وتطورت إلى اتهامه بسبق سرقته للهاتف المحمول الخاص بنجلها مما أفقده شعوره غير أن الحكم استدل على توافر هذه النية من طبيعة السلاح المستخدم في الاعتداء مستنداً إلى رأي لفقهاء الشريعة دون بيان سنده في ذلك ورغم مخالفته للمبادئ المقررة في القانون وقد خلص الحكم إلى توافر ظرف الاقتران بجناية الحريق العمد رغم ما تمسك به الدفاع بأن الحريق حدث بإهمال واستدل الحكم على توافر العمد بما لا ينتجه عقلاً فضلاً عن أن تقرير إدارة الحريق والمعمل الجنائي قد أثبت أن الحريق شب نتيجة اتصال مصدر حراري سريع مكشوف اللهب بعد سكب مادة معجلة تطايرت بفعل الحرارة وهو ما ينفي وقوع الحريق من سيجارة مشتعلة على نحو ما ذكره الطاعن في اعترافه ، كما خلص الحكم إلى توافر سبق الإصرار رغم المنازعة في توافره وتمسك الدفاع بأن ظروف الواقعة لا ترشح لقيامه خاصة وأن المخدر الذي أشار الحكم إلى أن الطاعن تناوله ليستمد الجرأة على ارتكاب الحادث متنازع في مدى تأثيره ، كما أن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر هذا الظرف من أن الطاعن يعلم سلفاً بوجود السكين المستخدم في الحادث بمسكن المجني عليها يشوبه التعسف في الاستنتاج ، ولم يستظهر الحكم رابطة السببية بين القتل والسرقة التي حدثت عرضاً بعد الاعتداء على المجني عليها خاصة وأنه لم يكن يعلم بأمر احتفاظها بمبالغ نقدية بمسكنها ، وعول الحكم على الاعتراف المنسوب إلى الطاعن رغم ما تمسك به من بطلان هذا الاعتراف لكونه وليد إكراه معنوي يتمثل في الخوف والرهبة والتهديد ومن إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة في مكتب رئيس مباحث القسم غير أن الحكم قد اطرح هذا الدفاع برد فاسد هذا إلى أن الدفاع قد نازع في صحة هذا الاعتراف وعدم مطابقته لماديات الدعوى إذ قرر الطاعن في اعترافه أن اعتداءه على المجني عليها كان على السرير في غرفة نومها وهو ما يخالف ما أثبتته النيابة العامة في معاينتها من وجود الجثة مسجاة بصالة المسكن وأثبتت النيابة أنه تم نقلها بمعرفة رجال الإطفاء نقلاً عن الجيران الذين لم يتم سؤالهم ورغم منازعة الدفاع في وجود المبرر لذلك مما يعد منازعة في مكان الحادث غير أن الحكم اطرح هذا الدفاع بما لا يصلح هذا إلى أن مدونات الحكم ترشح للمنازعة في زمان الحادث إذ نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن الجثة كانت في حالة التيبس الرمي وأن حالة التعفن لم تظهر بعد وأنه قد مضى على الوفاة حوالي يوم ، وهو يتناقض مع ما قرره الطاعن من أن الحادث في الساعة السادسة صباحاً وقد جرى التشريح في الخامسة من مساء نفس اليوم أي أنه لم يمض سوى إحدى عشرة ساعة بين الوفاة والتشريح مما كان لازمه أن تعنى المحكمة بتحقيق هذه المسألة ولو لم يتمسك الدفاع بذلك باعتبارها من المسائل الفنية البحتة تحقيقاً للدفع بتناقض  الدليلين القولي والفني . وقد أورد الحكم في عدة مواضع منه أن الطاعن ذبح المجني عليها رغم خلو تقرير الصفة التشريحية من وجود جروح ذبحية بجثة المجني عليها ، فضلاً عن أن ما أورده في مدوناته عن تدفق دماء غزيرة من إصابات المجني عليها أثناء الاعتداء عليها على سريرها يخالف ما أثبتته معاينة النيابة العامة عن وجود مجرد بقع دموية على المفروشات وأخطأ الحكم في تحصيل اعتراف الطاعن بأن نسب إليه أن توجه مع صديقه لشراء " عقار الأبتريل " رغم أن صديقه هو الذي أشار عليه بتجربته لأنه لم يتناوله من قبل وأغفل الحكم ما قرره الطاعن من أنه لم يفكر في الذهاب إلى مسكن المجني عليها إلا بعد نزوله إلى الشارع وكذا ما قرره الضابط مجدي شطا من أن الطاعن كان في حاجة إلى مبالغ نقدية لشراء المخدر بسبب إدمانه واعترافه له بتعاطى الهيروين ، وأخيراً فقد أشار الحكم إلى المستندات التي قدمها تأييداً لدفاعه بإشارة عابرة دون أن يعنى بفحصها وتمحيصها ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله :- " أن ثمة علاقة صداقة قد نشأت بين .... وشقيقه المتهم .... . من ناحية وبين ...... وشقيقه ..... نجلي المجني عليها ..... . من ناحية أخرى كما أن المتهم زميل لهذا الأخير بـ ..... فاعتاد التردد على شقة صديقيه ومساء يوم ..... أعدوا عدتهم للسفر إلى ....... بـ ....... للمصيف بناءً على موعد سابق وبينما هم في الطريق بشارع .... عدل المتهم عن سفره وغادر سيارة شقيقه عائداً إلى مسكنه مستقلاً سيارة أجرة بينما استمر شقيقه وأصدقاؤه في سفرهم إلى ..... . وما إن عاد المتهم إلى مسكنه الكائن...... حوالي الساعة 30 ر 9 مساءً حتى بدأ يفكر في قتل المجني عليها وإزهاق روحها لسرقة أموالها لحاجته إلى المال لإنفاقه في شراء المواد المخدرة التي يتعاطاها وخاصة الهيروين واختمرت فكرة الجريمة في ذهنه ورسم خطتها في هدوء وروية وفي إطار هذا المخطط الإجرامي تناول ثلاثة أقراص من عقار الأبتريل ليكون مشجعاً له على تنفيذ نيته موضوع جريمته التي صمم عليها ومكث بصالة الاستقبال بشقته ساهراً يشاهد التلفاز وحيداً متحيناً ميعاد تنفيذ جريمته واستدعى صديقته لتؤنسه فحضرت حوالي الساعة 30 ر2 صباح يوم ..... وظلت بصحبته حتى الساعة 30 ر5 صباحاً فما إن حل ميعاد تنفيذ جريمته حتى انطلق بسيارة أجرة إلى مسكن المجني عليها بالطابق السادس بالعقار ..... الكائن بشارع .... المتفرع من شارع .... منتهزاً فرصة وجود المجني عليها بمفردها ، وصعد إلى شقتها مستعملاً الدرج ولم يره أحد في هذا الوقت المبكر من صباح يوم .... وطرق باب الشقة ففتحت له المجني عليها حوالي الساعة 6 صباحاً بعد أن تيقنت من شخصه فدلف إلى داخل الشقة فاستفسرت منه عن سبب مجيئه فأخبرها برغبته في اللعب على جهاز ألعاب الفيديو" البلاي ستيشن " بحجرة ابنها فاستنكرت سوء تصرفه وعدم مبالاته وبينما هي واقفة أمام حجرة نومها أمسك بسكينة مطبخ وهي أداة تحدث القتل ويعلم سلفاً بوجودها بالشقة كمستلزمات للمطبخ وفاجأ المجني عليها وانهال عليها بالسكين طعناً في بطنها وصدرها . وحاولت مقاومته وتقهقرت إلى داخل غرفة نومها فدفعها فسقطت بظهرها على سريرها فجثم فوقها وذبحها من رقبتها وانبعثت من جروحها دماء غزيرة وجدت أثارها على فراشها وطالت آثار الدماء حذاء وملابس المتهم الذي لم يدع المجني عليها إلا جثة هامدة بعد أن أثخنها بالجروح والإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها ، ثم قام بغسل أداة الحادث في حوض الحمام واستبدل بملابسه الملوثة بالدماء ملابس أخرى - بنطال تيرنج وتي شرت - تخص أحد نجلي المجني عليها ، وأخذ المتهم يعبث بمحتويات حجرتها بحثاً عن النقود فعثر على مبلغ عشرة آلاف جنيه بحقيبة يد المجني عليها كانت موضوعة على كومدينو وبجوارها جهاز هاتف محمول ماركة موتوريلا والشاحن الخاص بهذا الجهاز فاستولى على هذه المنقولات ، ثم ألقى سيجارة مشتعلة على مفروشات السرير بكل من حجرتي نجليها وغادر الشقة وأغلق بابها وتخلص من ملابسه الملوثة بالدماء بعد وضعها في كيس بإلقائها في أحد صناديق القمامة .... وأنفق مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً في شراء لفافة لمخدر الهيروين وحاجيات أخرى . وأتى الحريق الناشئ بفعل عمدي من المتهم على السريرين ومفروشاتهما ومنقولات أخرى بالحجرتين المجاورتين لحجرة المجني عليها على نحو ما أوضحه تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية ، ونظراً لتصاعد الدخان من شقة المجني عليها اكتشف بعض الجيران الحريق نحوالساعة 8 صباحاً فأبلغوا النجدة فهرع رجال المطافئ إلى مكان الحادث وتمكنوا بطريق الكسر من دخول الشقة ونقلوا جثة المجني عليها من حجرة نومها إلى الصالة في مواجهة باب الشقة لإبعاد الجثة عن مكان اشتعال الحريق بحجرتي النوم المجاورتين لحجرتها وإذ تم القبض على المتهم بأمر من النيابة العامة بناء على دلائل كافية على الاتهام عثر بحوزته على مبلغ 9750 جنيهاً وهو ما تبقى من المبلغ المسروق كما عثر على جهاز الهاتف المحمول والشاحن المملوكين للمجني عليها . كما ضبط بحوزته أيضاً على لفافة لمخدر " هيروين " ووجد المتهم مرتديا ملابس نجل المجني عليها - بنطال ترنج وتي شرت - وتبين وجود آثار دماء آدمية على جوربه وخلفية سرواله ثبت من تقرير الطب الشرعي المعملي أن تلك الآثار من فصيلة دماء المجني عليها " وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها إلى المحكوم عليه أدلة مستمدة من اعترافه في تحقيقات النيابة العامة ومما شهد به كل من .... و..... والعقيد ..... ومن معاينة النيابة العامة لمكان الحادث ومن تقريري مصلحة الطب الشرعي عن الصفة التشريحية للمجني عليها وفحص المضبوطات ومن تقريري مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية إدارة الحريق والمفرقعات وقسم الفحوص البيولوجية والبصمة الوراثية . وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . وكان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى وسرد الأدلة التي عول عليها في قضائه وبين مضمونها عرض لما تمسك به الطاعن من دفوع وأوجه دفاع واطرح الدفع بفقدان الطاعن الشعور والاختيار وقت الحادث بقوله :- " وحيث إنه عن الدفع بفقدان المتهم لشعوره واختياره وقت الحادث بمقولة أنه كان في حالة سكر أو غيبوبة ناشئة عن تناول عقاقير مخدرة " عقار الأبتريل " الذي لم يكن يعرف تأثيره أو يتناوله من قبل ، فضلاً عن إدمانه لمخدر الهيروين مما ينفي لديه القصود الخاصة المتطلبة في الجرائم التي اقترفها تحت تأثير إدمان هذا المخدر وكرد فعل لذاك العقار وتكون الواقعة ضرباً أفضى إلى موت كما لا تتوافر لديه نية التملك في السرقة ولا نية وضع النار عمداً باعتبار أن الحريق حدث من إلقاء عقبي سيجارتين على السريرين دون وعي أو إدراك تحت تأثير المخدر ، فإن هذا الذي أثاره الدفاع في دفعه سالف البيان مردود ذلك بأنه من المقرر أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمرها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل ، وكان الثابت مما استخلصته المحكمة من اعتراف المتهم ووقائع الدعوى وظروف الحال أن المتهم قد انتوى قتل المجني عليها وتناول بعضاً من أقراص عقار الأبتريل برضاه وبعلم منه بحقيقة أمر هذا العقار ليكون مشجعاً على تنفيذ نيته ضمن خطته الإجرامية التي رسمها لنفسه لتنفيذ جريمته التي اقترفها بعد تفكير وتدبير وثبت من تقرير لجنة الطب العقلي ومن أقوال أعضائها بالجلسة أن المتهم مسئول عن تصرفاته وقت الحادث ولا توجد أية آثار انسحابية لتعاطيه المواد المخدرة وأن تناوله لعقار الأبتريل لا تأثير له على إرادته وإدراكه لأن هذا العقار من العقاقير المهدئة التي تعطي متعاطيها نوعاً من الإحساس بالجرأة والشجاعة وتبعث على الطمأنينة والهدوء وعدم المبالاة بالعواقب وهو ما تثق به المحكمة وتقتنع بأن المتهم انتوى قتل المجني عليها ونفذ جريمته وهو في كامل الإدراك أي القدرة على التمييز والفهم وفي كامل الاختيار إلى القدرة على توجيه الإرادة والسلوك ويؤيد ذلك خطته الإجرامية قبل الحادث ومسلكه أثناء تنفيذ الجريمة وبعد ارتكابها وأقواله بتحقيقات النيابة العامة التي ظل فيها المتهم متذكراً أدق تفاصيل الحادث مما لا يرشح البتة لأي تأثير لذلك العقار في سلامة عقله وفي صحة إرادته اللهم إلا أنه استمد من تعاطي ذلك العقار الجرأة على تنفيذ جريمته التي خطط لها مسبقاً وبالتالي فإن المحكمة تخلص إلى تحقق المسئولية الجنائية للمتهم عن الجرائم التي ارتكبها بكافة أركانها القانونية المشتملة على القصد الخاص المتطلب لكل من جريمتي القتل العمد والسرقة مع توافر ظروف سبق الإصرار والارتباط والاقتران من وقائع الدعوى وملابساتها على نحو ما سيرد بيانه عند التحدث عن نية القتل والظروف المشددة ، ومن ثم فإن ما ينعاه الدفاع في الدفع المطروح يكون غير سديد خليقاً برفضه " . كما عرض الحكم لما قام عليه دفاع الطاعن من أنه ارتكب الحادث تحت تأثير إدمانه للمواد المخدرة التي تؤثر على قدراته في التفكير والإدراك والإرادة واطرحه تأسيساً على أن الطاعن وقت ارتكابه الحادث كان في كامل إدراكه واختياره على نحو ما سلف بيانه وكان من المقرر أن تقدير حالة المتهم وقت ارتكابه الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على أنه كان في حالة سكر أو أنه ارتكب جريمته تحت تأثير المخدر أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه . وكان الحكم المطعون فيه قد محص دفاع الطاعن في خصوص امتناع مسئوليته تأسيساً على أنه كان فاقد الشعور أو الاختيار وأنه كان وقت الحادث تحت تأثير المخدر الذي تعاطاه وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها أنه كان أهلاً لحمل المسئولية الجنائية لتوافر الإدراك والاختيار لديه وقت مقارفة الفعل الذي ثبت في حقه مستنداً في ذلك إلى تقرير اللجنة الطبية التي تولت ملاحظة الطاعن وإلى أقوال أعضائها الذين سمعت أقوالهم بالجلسة وتقريرهم أن العقار الذي قرر الطاعن تعاطيه لا أثر له على الإدراك أو الاختيار وإلى ما استخلصه من الظروف السابقة والمعاصرة واللاحقة للحادث . وكان من المقرر أن مرجع الأمر في تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير والأخذ بما ترتاح إليه منها لتعلق هذا الأمر في تقدير الدليل وفي عدم إشارتها إلى ما يقدمه المتهم من تقارير أو مستندات للمنازعة في صحة ما انتهى إليه الخبير مفاده أنها اطرحتها ، وليس هناك ما يمنع من أن يستدل الحكم بأقوال الطاعن وتصرفاته بعد الحادث على سلامة إدراكه وقواه العقلية وقت وقوعه ما دام قد اتخذ من ذلك ما يعزز به النتيجة التي انتهى إليها التقرير الطبي ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن عن عدم مطابقة التقرير الطبي لحقيقة الحالة التي كان عليها وقت ارتكاب الحادث لمرور أكثر من شهرين وغير ذلك من الأمور التي أشار إليها في طعنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ومنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض كما لا يصح له النعي على التحقيقات لعدم تحليل دماء الطاعن للوقوف على آثار المخدر لأن ذلك من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن تكون سبباً للطعن على الحكم . ولا يعيب الحكم من بعد ما أشار إليه الطاعن عن اختلاف أعضاء اللجنة الطبية في آثار هذا العقار الذي تعاطاه أو ما أورده الحكم تزيداً عن تناوله له ليكون مشجعاً له على ارتكاب الجريمة لأنها تعد وقائع ثانوية لا أثر لها على عقيدة المحكمة بعد أن اطمأنت إلى أن الطاعن كان في كامل إدراكه واختياره وقت الحادث . ولما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار حالة الإدمان التي يعاني منها الطاعن لا يعدو أن يكون نعياً بعدم استعمال الرأفة وهذا النعي مردود بأن تقدير العقوبة وتقدير موجبات الرأفة أو عدم قيامها من إطلاقات محكمة الموضوع ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد استدل على نية القتل بقوله :- " وحيث إنه عن قصد القتل فإنه متحقق وثابت في حقه من استخدامه سكينة مطبخ كان يعلم سلفاً وجودها باعتبارها من مستلزمات المطبخ وهي سكين بحافة حادة وطرف مدبب تحدث القتل وقد أحدثته فعلاً بأن انهال بها على المجني عليها طعناً في مواضع متعددة قاتلة من جسمها معظمها في الرقبة والبطن بلغت خمس عشرة طعنة قاصداً إزهاق روحها وجثم فوقها وذبحها ولم يتركها إلا جثة هامدة فأحدث بها الإصابات القطعية والنافذة والموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي نتج عنها قطع بالمريء والقصبة الهوائية والأوعية الدموية الرئيسية بالرقبة وتمزق بالأمعاء والمساريقا والكلية اليسرى وأدت هذه الإصابات وما صاحبها من أنزفة دموية غزيرة إلى وفاة المجني عليها مما يقطع بيقين لدى المحكمة بتوافر نية القتل لدى المتهم لسرقة ما لديها من مال لحاجته إليه لإنفاقه في تعاطي المواد لمخدرة وقد تحقق له ما انتواه من الإجهاز على المجني عليها وسرقة أموالها ... " . وإذ كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية وإذ ما كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية بسياقه المتقدم تدليلاً سائغاً وواضحاً في إثبات توافرها وكافياً في الرد على دفاع الطاعن بانتفائها وكان ما يتمسك به الطاعن من أنه لم يحمل سلاحاً لدى توجهه إلى مسكن المجني عليها لا ينفي نية القتل لديه ما دام الحكم قد أثبت توافرها لديه وقت مباشرته الاعتداء على المجني عليها كما أنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية كما أن الباعث على الجريمة لا تأثير له على كيانها كما أن حالات الإثارة والاستفزاز أو الغضب لا تنفي نية القتل وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في تدليله على توافر نية القتل من استعمال سلاح قاتل إلى رأي فقهاء الشريعة بل جاء ذلك في بيانه لرأي فضيلة المفتي وهو بيان له أصله في الأوراق فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لظرف الاقتران ورد على دفاع الطاعن بعدم توافره تأسيساً على أن الحريق ليس عمدياً وأنه وقع بإهمال واطرحه بقوله : " وحيث إنه عن الاقتران بين جناية القتل العمد وجناية الحريق العمد فإنه لما كان الثابت من ماديات الدعوى أن جريمة قتل المجني عليها ارتكبها المتهم بفعل مادي مستقل عن الفعل المادي المكون لجريمة الحريق العمد الذي قارفه هذا الأخير في مسكنها ولئن كان المتهم قد أقر بتحقيقات النيابة العامة بأنه ألقى سيجارة مشتعلة على السرير بحجرة نوم .... نجل المجني عليها ، ونسي سيجارة أخرى مشتعلة بطفاية السجاير على السرير بحجرة نوم ....... النجل الآخر للمجني عليها فإن هذا الذي أدلى به المتهم كان محوراً للدفاع بجلسة المحاكمة لنفي العمد عنه في هذه الجريمة ولا ترى فيه المحكمة إلا فعلاً عمدياً من واقع الاقتضاء العقلي والمنطقي ووقائع الدعوى برمتها وظروفها وملابساتها التي لا مجال فيها لغير العمد فضلاً عما أبانه تقرير المعمل الجنائي بشأن منطقتي بداية الحريق وتقتنع المحكمة بأن ما أتاه المتهم من إلقاء لفافتي تبغ مشتعلتين أو نهايتهما المشتعلتين على مفروشات السرير بكل من حجرتي النوم اللتين اشتعل فيهما الحريق إنما يمثل وضعاً عمدياً للنار في محل مسكون وتوجهت إرادته اختيارا إلى هذا الفعل العمدي في ذلك المكان وهو موقن بأن النار لابد أن تندلع في تلك المفروشات القطنية وتتصل بباقي المنقولات في المسكن وهو ما يوفر في حق المتهم الركن المادي والقصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 من قانون العقوبات " . لما كان ذلك ، وكانت جريمة وضع النار عمداً في مسكن من الجرائم ذات القصد العام الذي يكفي لتحققه أن يثبت الحكم أن الجاني قد وضع النار عمداً فيه . وتقدير ما إذا كان وضع النار كان عمدياً أم الحريق تم بإهمال هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع حسبما تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها غير مقيدة في ذلك بنص اعتراف المتهم وظاهره ما دام استخلاصها سائغاً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في منطق سائغ وتدليل معقول إلى أن إلقاء الطاعن للسيجارتين المشتعلتين على مفروشات السريرين بحجرتي النوم بمسكن المجني عليها بعد أن قتلها كان عمدياً بما يسوغ به اطراح دفاع الطاعن في هذا الشأن ويتحقق به ظرف الاقتران كما هو معرف في القانون ولا يعيب الحكم من بعد ما يلوح به الطاعن من تناقض ما ورد بتقرير المعمل الجنائي عما ورد باعتراف الطاعن عن سبب الحريق وكونه شب نتيجة اتصال مصدر حراري مكشوف اللهب بعد سكب مادة معجلة وليس من سيجارة مشتعلة ذلك أن الحكم في تحصيله لهذا التقرير لم يشر إلى ما ذكره عن أسباب الحريق بما مفاده عدم أخذه به في هذه الخصوصية لأن تقرير الخبير دليل كسائر الأدلة من حق المحكمة أن تجزئه فتأخذ بما تطمئن إليه منه وتطرح ما عداه ما دام غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر ظرف سبق الإصرار في قوله : " أنه متحقق في حق المتهم ذلك أنه بعد عدوله عن سفره مع أصدقائه وعاد إلى مسكنه أخذ يعمل فكره في هدوء وروية طيلة الليلة السابقة على الحادث لوضع خطة قتل المجني عليها لسرقة أموالها منتهزاً فرصة وجودها بمفردها بمسكنها وتناول لهذا الغرض أقراصاً من عقار الأبتريل ليستمد منه الجرأة على تنفيذ جريمته واضعاً في خطته الأداة التي تحدث القتل وهي سكينة مطبخ يعلم سلفاً بوجودها في شقة المجني عليها باعتبار أن تلك الأداة من مستلزمات المطبخ واستدعى صديقته لتؤنسه حتى إذا حان الميعاد الذي حدده لتنفيذ الجريمة انطلق إلى شقة المجني عليها في وقت مبكر من الصباح لم يره فيه أحد وطرق الباب فلما فتحت المجني عليها لسابق معرفتها به بحسبانه صديقاً لأولادها دلف إلى داخل الشقة متعللاً برغبته في اللعب على جهاز ألعاب الفيديو– البلاي استيشن – فنهرته المجني عليها مستنكرة سوء تصرفه الذي أصر عليه في غير مبالاة ثم استل سكينة المطبخ وفاجأ المجني عليها انهال بها عليها طعناً ولم يتركها إلا جثة هامدة تنفيذاً لخطته الإجرامية وتصميمه المحكم على قتل المجني عليها لسرقة أموالها مما يقطع بتوافر سبق الإصرار في حقه كما هو معرف به قانوناً فدلت عليه وقائع الحادث والظروف الملابسة له " . كما استدل الحكم على توافر الارتباط بين القتل والسرقة بقوله : " إن الثابت من وقائع الدعوى وملابساتها أن المتهم قتل المجني عليها وبإصرار سابق بقصد التأهب لسرقة أموالها وهو ما تحقق له بالفعل إذ إنه بعد الإجهاز على المجني عليها والتخلص منها تأهب لسرقة أموالها وتمكن من سرقة مبلغ عشرة آلاف جنيه وجهاز هاتف محمول وشاحن لهذا الجهاز بعد بحث وبعثرة لمحتويات حجرة المجني عليها على نحو ما تبين من معاينة النيابة العامة ومن تقرير المعاينة الفنية بالمعمل الجنائي إدارة عمليات مسرح الجريمة فعثر المتهم على المبلغ النقدي بحقيبة يد المجني عليها وبجوارها على كومودينو عثر على جهاز الهاتف المحمول والشاحن الخاص بهذا الجهاز فاستولى على هذه المنقولات المملوكة للمجني عليها واستقرت له حيازتها وأنفق في شراء مخدر الهيروين وحاجيات أخرى مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً من المبلغ النقدي المسروق مما يوفر في حقه أركان جريمة السرقة بما فيها القصد الخاص المتمثل في نية تملك المال المسروق والظهور عليه بمظهر المالك في التصرف " . ولما كان البحث في توافر سبق الإصرار من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج وكان قيام علاقة السببية أو عدم قيامها وكذلك الارتباط السببي مشار إليه في الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات هو فصل في مسألة موضوعية يستقل به قاضي الدعوى عند نظرها أمام محكمة الموضوع ولا معقب عليه فيه من محكمة النقض وكان الحكم قد استظهر توافر سبق الإصرار في حق الطاعن بما ينتجه عقلاً واستخلصه من عناصر لها أصل ثابت في الأوراق كما خلص إلى قيام الارتباط السببي بين القتل والسرقة ومن ثم فلا يقبل من الطاعن المنازعة في توافر هذين الظرفين استناداً إلى ما أثاره في أسباب طعنه لأن ذلك لا يعدو منازعة في مسألة موضوعية لا يجوز الجدل فيها أمام محكمة النقض فضلاً عن أنه لا مصلحة له في ذلك ما دام الحكم قد أثبت اقتران جناية قتله المجني عليها بجناية وضع النار عمداً في مسكنها بما يصح به معاقبته بالإعدام . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما تمسك به الطاعن من بطلان اعترافه ومخالفته لماديات الدعوى ورد على قوله : " وحيث إنه عما أثاره الدفاع من القول بأن اعترافات المتهم كانت وليدة الإكراه والخوف والرهبة والتهديد وأن تصويره لكيفية وقوع الحادث مملى عليه لأن التحقيق أجري في مكتب المباحث بقسم شرطة ...... وأن تهديداً قد تعرض له المتهم فاستجاب لما أملي عليه ولما زالت المؤثرات وأحس المتهم بوطأة الاعتراف عدل عنه رجوعاً إلى الحقيقة وليس إنكاراً لها وأن اعترافات المتهم مخالفة لماديات الحادث لأن جثة المجني عليها وجدت بالصالة وليس في حجرة النوم وفق تصوير المتهم ولا يوجد مبرر لنقل الجثة ولم يسأل أحداً في ذلك وأنه لم يوجد سوى بقعتين من الدماء على فراش المجني عليها وذلك لا يتناسب مع كثرة الطعنات والنزف الدموي الذي أشار إليه تقرير الصفة التشريحية ويمكن أن تحدث البقعتان من جلوس المتهم على السرير وملابسه ملوثة بالدماء وعند البحث في حقيبة المجني عليها ، وكان هذا الذي أثاره الدفاع مردوداً ذلك بأن اعتراف المتهم في تحقيقات النيابة العامة إنما صدر عن طواعية واختيار وهو في كامل وعيه وإدراك تام وجاء الاعتراف مطابقاً للواقع في أدق تفاصيله وعززه بتمثيله في المعاينة التصويرية لكيفية وقوع الحادث واعترافه بالاتهام لدى تجديد حبسه بجلسات ....... ، ...... ، ....... ولم يرد على لسانه طيلة إدلائه باعترافاته بتحقيقات النيابة العامة أنه تعرض لإكراه أو تهديد أو أية مؤثرات مما ينعاه الدفاع ولا ترى المحكمة غضاضة في مكان استجواب المتهم من النيابة العامة بقسم الشرطة في الواقعة المطروحة وليس في ذلك ما يدل على تعرض المتهم لشئ مما قال به الدفاع كما أن وجود جثة المجني عليها في صالة الشقة وقت المعاينة إنما كانت نتيجة لنقلها من حجرة نومها بواسطة رجال الإطفاء وهو ما أوردته النيابة العامة في محضر المعاينة على لسان بعض الجيران وتأيد أيضا مما ورد بتقرير المعمل الجنائي المعاينة الفنية لإدارة عمليات مسرح الجريمة ، وذلك لإبعادها عن مكان اشتعال الحريق بالحجرتين المجاورتين لحجرة المجني عليها وهو تصرف وقائي من رجال الإطفاء يمليه عليهم طبيعية عملهم فضلاً عن أنه وجدت آثار دماء على مفروشات السرير بحجرة نوم المجني عليها ولا محل للقول من الدفاع بعدم تناسب تلك الآثار مع كثرة الطعنات وما صاحبها من نزف دموي ذلك أن البين من تقرير الصفة التشريحية وجود نزف داخلي ووجدت عباءة المجني عليها ملوثة بالدماء . كما قرر المتهم أن ملابسه لوثت بدماء المجني عليها واستطال ذلك إلى جوربه وحذائه فضلاً عن خلفية سرواله نتيجة جثومه فوق المجني عليها لذبحها والإجهاز عليها وبالتالي فإن المحكمة تطمئن لسلامة اعتراف المتهم ومطابقته للحقيقة والواقع ومتسماً مع ماديات الحادث " . وكان الحكم على السياق المتقدم قد خلص من منطق سائغ وتدليل مقبول إلى اطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه وانتهى إلى اطمئنانه إلى ذلك الاعتراف وخلوه من أية شائبة ومطابقته للواقع والحقيقة وبما يكفي لاطراح دفاع الطاعن القائم على مخالفته لماديات الدعوى وما يتصل بذلك مما أسماه منازعة في مكان الحادث وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب عليها ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد منه هذا الاعتراف ولا ينال من صحة هذا الاعتراف ما أثاره الطاعن من أن التحقيق معه جرى في قسم الشرطة لما هو مقرر بأن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بتناقض الدليلين القولي والفني ولم ينازع في زمن الوفاة على نحو ما يزعمه بأسباب طعنه كما لم يطلب إجراء تحقيق في هذا الشأن فليس له من بعد أن يتمسك بهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما لا يصح له النعي عن قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو الرد على دفاع لم يثر أمامها . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم إيراده في مواضع منه أن الطاعن ذبح المجني عليها رغم خلو تقرير الصفة التشريحية من وجود جروح ذبحية بجثة المجني عليها فإنه لما كان البين مما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليها مصابة بجرح مستوي الحواف مستعرض الوضع بطول حوالي 7 سم يقع بأعلى مقدم الرقبة بأعلى الغضروف الدرقي على غرار الجرح الذبحي " . وكان الطاعن لم ينازع في صحة ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية في هذا الخصوص ، فضلاً عن أنه يبين من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم عن تقرير الصفة التشريحية له أصله في الأوراق وكانت عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني وكان المعنى المشترك بين القولين واحدا فإن ما يثيره الطاعن بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان لا تناقض بين ما أورده الحكم من تدفق دماء غزيرة من إصابات المجني عليها وبين ما ثبت من معاينة النيابة العامة من وجود بقع دموية على مفروشات سريرها بل يريد الطاعن لها معنى سبق أن أحاط به الحكم المطعون فيه تناوله في رده على دفاع الطاعن مخالفة اعترافه لماديات الدعوى . لما كان ذلك ، وكان في تحصيل الحكم لاعتراف الطاعن أنه توجه إلى صديقه لشراء عقار الأبتريل رغم أن الأخير هو الذي أشار عليه بتجربته لأنه لم يتناوله من قبل وعلى خلاف الثابت بالأوراق فإن هذا الخطأ لا أثر له على عقيدة المحكمة بما لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد خلصت إلى أن هذا العقار لا تأثير له على إدراك الطاعن واختياره ومن ثم فإن دعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة لما هو مقرر من أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة لا تورد من الأدلة وأقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها في حكمها ومن ثم فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن من إغفاله الوقائع التي أشار إليها في أسباب طعنه وردت على لسانه أو في أقوال بعض الشهود لأنها وقائع يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة . كما أنه لا محل للنعي على الحكم إغفاله تمحيص المستندات التي قدمها الطاعن لتأييد دفاعه واكتفى الحكم بالإشارة إليها ما دام البين من أسباب الطعن أن تلك المستندات تتعلق بدفاعه القائم على انتفاء مسئوليته لفقدانه الشعور والإدراك وقت الحادث وارتكابه تحت وطأة الإدمان وهو دفاع اطرحه الحكم برد سائغ فلا عليه إن أغفل التحدث عن هذه المستندات تفصيلاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً : عن عرض النيابة العامة :
من حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية مشفوعة بمذكرة برأيها طبقاً للمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه فيتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بها وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وقد حصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً وافياً له أصله في الأوراق كما استظهر نية القتل والظروف المشددة من اقتران وسبق إصرار وارتباط على النحو السالف بسطه بما يصح به معاقبة المحكوم عليه بالإعدام . كما رد على ما قام عليه دفاعه من فقدان الشعور والإدراك وقت ارتكابه الحادث وأنه كان تحت وطأة الإدمان بما تنتفي به مسئوليته وما دفع به من بطلان اعترافه لكونه وليد إكراه ومخالفته للحقيقة والواقع برد سائغ يكفي لاطراحه وكان لا أثر لمنازعة المحكوم عليه في أن السكين المضبوطة ليست هي التي استعملها في الحادث على صحة الحكم لأن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة . وكان ما أثاره الدفاع عن عدم رفع البصمات التي على أعقاب السجاير أو عدم سؤال الجيران عن واقعة نقل جثة المجني عليها لا يعدو تعييباً للتحقيقات وهي من الإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن تكون سبباً للطعن على الحكم وأن ما تمسك به الدفاع من عدم علم المحكوم عليه بوجود المبلغ النقدي في شقة المجني عليها لا يعدو دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه . وكان الحكم المطعون فيه قد خلص على نحو ما تقدم وبأسباب سائغة إلى أن المحكوم عليه قد قتل المجني عليها مع سبق الإصرار لسرقة مالها واقتران القتل بجناية الحريق العمد وعاقبه بالإعدام وكانت إجراءات المحاكمة قد تمت صحيحة طبقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم طبقاً للمادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وجاء متفقاً وصحيح القانون ومبرءاً من الخطأ في تطبيقه أو تأويله . كما صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهى إليه الحكم فإنه يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .
ــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق