جلسة 5 من مارس سنة 2018
برئاسة السيـد القاضي / يحيى جلال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبدالصبور خلف الله، مجدي مصطفى، على جبريل نواب رئيس المحكمة وهاني عميرة.
----------------
(50)
الطعن رقم 6083 لسنة 81 القضائية
(1) بطلان " إبطال التصرف للغش " .
الغش المفسد للتصرفات . عدم جواز إفادة فاعله منه . علة ذلك .
(2) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى " .
تمسك الخصم أمام محكمة الموضوع بوقوع غش من خصمه . وجوب تفهمها لظروف وملابسات الواقعة المطروحة عليها وتقدير الأدلة المقدمة إليها وتفاضل بينها . علة ذلك .
(3) وكالة " التوكيل في الخصومة : حدودها " .
علاقة الوكيل في الخصومة بالأصيل . علاقة ذات خصوصية .
(4- 6) محاماة " وكالة المحامي : حدودها " .
(4) المحاماة . رسالة ودعامة من دعائم تحقيق العدل . ائتمان الموكل محاميه على صون حقوقه ورعاية مصالحه ورد غائلة العدوان عنه . مؤداه . التزامه بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة وفقًا للمادة 62 ق المحاماة .
(5) الوكالة في الخصومة . أساسها . الثقة بالمحامي وحسن الظن به . غش المحامي لموكله وتواطئُه مع خصمه . أثره . مسئوليته عن الأضرار التي تلحق الموكل .
(6) تمسك الطاعنة أن إقرار وكيلها المطعون ضده الأول بتصالحها وتنازلها عن الحكم الصادر لصالحها ضد المطعون ضده الثانى كان بطريق الغش والتواطؤ معه ودون علمها مدللة على ذلك بالمستندات والقرائن . دفاع جوهرى . قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعواها استنادًا إلى أن التوكيل الصادر منها للمطعون ضده الأول يبيح التصالح والتنازل مغفلا الرد على ذلك الدفاع المؤيد بالمستندات والقرائن . فساد وقصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه لمَّا كان من القواعد الأصولية الحاكمة للقانون المصري ولكل الشرائع وأصبح الإيمان بها راسخًا في وجدان البشرية قاعدة أن الغش يفسد كل شيء، ولا يجوز أن يفيد منه فاعله منعًا للفساد ودعمًا لحسن النية وما يقتضيه شرف التعامل وتنزيهًا لساحات المحاكم أن تُتخذ سبيلًا للانحراف.
2- المقرر - فى قضاء محكمة النقض – أنه يجب على محكمة الموضوع متى تمسك الخصم بوقوع غش من خصمه أن تتفهم الواقعة المطروحة عليها وما أحاطها من ظروف وملابسات، وتقدر الأدلة المقدمة إليها وتفاضل بينها فتلحق ما يفيد الظن الراجح بالثابت لأنه أقرب إليه والبينة المرجوحة بغير الثابت لأنها إليه أقرب، وذلك صميم عمل محكمة الموضوع وسبب سلطتها التامة في فهم الواقع وتقدير الأدلة وتخويلها سلطة استنباط القرائن القضائية.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن العلاقة بين الأصيل والوكيل في الوكالة في الخصومة لها خصوصيتها.
4- المحاماة ليست مجرد مهنة لطلب الرزق وإنما هي رسالة ودعامة من دعائم تحقيق العدل، فالمحامون هم من يلوذ الناس بهم للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، ويأتمن الموكل محاميه على صون حقوقه ورعاية مصالحه ورد غائلة العدوان عنها بما يفرض عليه أن يلتزم في سلوكه المهني بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة وفقًا لما تقضي به المادة 62 من قانون المحاماة.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الوكالة فى الخصومة تقوم على الثقة في المحامي وحسن الظن به فإن خان أمانته وغش موكله وتواطأ مع خصمه فإنه يكون قد عمل نقيض الغاية من هذه الوكالة بما يستوجب مسئوليته عن تعويض الضرر الذي أصاب الموكل من جراء غشه في تنفيذ الوكالة.
6- إذ كانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول بالتواطؤ مع المطعون ضده الثاني قد أساء استعمال التوكيل رقم ... لسنة 2005 توثيق بورسعيد الذى سبق أن أصدرته إليه للقيام ببعض الأعمال وبانتهاء هذه الأعمال لم تعهد إليه بأي عمل آخر، وبأنها فوجئت به بغير تكليف منها ودون علمها يحضر في الإشكال في التنفيذ رقم ... لسنة 2008 مستأنف مدينة نصر ويقر بوصفه وكيلًا عنها بالتوكيل المشار إليه بالتصالح والتنازل عن الحكم في القضية رقم ... لسنة 2006 جنح مدينة نصر التي قُضى فيها بحبس المطعون ضده الثاني ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 5001 جنيه تعويضًا مؤقتًا لإصداره لها شيكًا بدون رصيد بمبلغ مائتين وخمسة عشر ألف دولار أمريكي، واستدلت على ذلك بأن المطعون ضده الأول لم يباشر أي إجراءٍ من إجراءات الجنحة سالفة الذكر خلال ما يزيد على سنتين هي مدة تداول نظرها حتى صدور حكم نهائي فيها، وبأنها عهدت بذلك لمحامين آخرين وسلمتهما أصل الشيك موضوع الجنحة ولم تسلمه إلى المطعون ضده الأول، فضلًا عن أنه لم يقدم أي دليل على تسليمها قيمة هذا الشيك، وقدمت تأييدًا لدفاعها صور محاضر جلسات نظر الجنحة المذكورة، وصورة من إقرار إلغاء توكيلها للمطعون ضده الأول، وصورة ضوئية من محضر جلسة نظر الإشكال المشار إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع تأسيسًا على أن التوكيل الصادر من الطاعنة إلى المطعون ضده الأول يبيح له الصلح والتنازل ورتب على ذلك القضاء برفض الدعوى في حين أن هذه المسألة لم تكن محل خلاف بين الطرفين ولا أثر لها في الدعوى لأن حقيقة النزاع المطروح ادعاءً ودفعًا هو ما إذا كان حضور المطعون ضده الأول بوصفه وكيلًا عن الطاعنة فى الإشكال فى التنفيذ الآنف بيانه كان بغير تكليف منها ودون علمها، وأن إقراره بالتنازل والتصالح كان وليد الغش والتواطؤ مع المطعون ضده الثاني من عدمه، فإن هذا الذى قرره الحكم وأسس قضاءه عليه يكون قاصرًا عن الإحاطة بمقطع النزاع في الدعوى، ولا يواجه دفاع الطاعنة الجوهري ولا يصلح ردًا عليه، فإنه يكون فضلًا عن فساده في الاستدلال قد شابه القصور في التسبيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيثُ إنَّ الطعن استوفى أوضاعه الشكليَّة.
وحيثُ إنَّ الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضده الأول الدعوى رقم ... لسنة 2009 أمام محكمة بورسعيد الابتدائية بطلب إلزامه بأن يؤدي لها مبلغ مائتين وخمسة عشر ألف دولار أمريكي أو ما يعادله بالجنيه المصري والفوائد القانونية، على سند من أنها أصدرت له التوكيل رقم ... لسنة 2005 توثيق بورسعيد فاستخدمه دون علمها فى التصالح مع المطعون ضده الثانى والتنازل له عن قيمة شيك بالمبلغ المشار إليه تداين به الأخير وذلك أثناء نظر الإشكال رقم ... لسنة 2008 مستأنف مدينة نصر فأقامت دعواها . أدخل المطعون ضده الأول المطعون ضده الثانى خصمًا فى الدعوى، حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى . استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 51 ق الإسماعيلية " مأمورية بورسعيد " فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنةُ في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابةُ مذكرةً أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعنُ على هذه المحكمة، في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيثُ إنَّ حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده قد أساء استعمال التوكيل الذى سبق أن أصدرته له للقيام ببعض الأعمال، وحضر بغير تكليف منها ودون علمها فى الإشكال فى التنفيذ رقم ... لسنة 2008 مستأنف مدينة نصر، وأقر بالتصالح والتنازل عن الحكم فى القضية ... لسنة 2006 جنح مدينة نصر والتى قُضى فيها بحبس المطعون ضده الثانى ثلاث سنوات وبمبلغ 5001 جنيه تعويضًا مؤقتًا لإصداره لها شيكًا بدون رصيد بمبلغ مائتين وخمسة عشر ألف دولار أمريكى بما يرتب مسئوليته عما لحقها من أضرار من جراء غشه فى تنفيذ الوكالة، ودللت على ذلك بقرائن عدة فأطرح الحكم هذا الدفاع، على سند من أن التوكيل الصادر منها للمطعون ضده الأول يبيح التنازل والتصالح وهو ما لا يواجه دفاع الطاعنة ولا يصلح ردًا عليه، مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيثُ إنَّ هذا النعي فى محله، ذلك بأنه لما كان من القواعد الأصولية الحاكمة للقانون المصرى ولكل الشرائع وأصبح الإيمان بها راسخًا فى وجدان البشرية قاعدة أن الغش يفسد كل شيء، ولا يجوز أن يفيد منه فاعله منعًا للفساد ودعمًا لحسن النية وما يقتضيه شرف التعامل وتنزيهًا لساحات المحاكم أن تُتخذ سبيلًا للانحراف، ولذلك فإنه يجب على محكمة الموضوع متى تمسك الخصم بوقوع غش من خصمه أن تتفهم الواقعة المطروحة عليها وما أحاطها من ظروف وملابسات، وتقدر الأدلة المقدمة إليها وتفاضل بينها فتلحق ما يفيد الظن الراجح بالثابت لأنه أقرب إليه والبينة المرجوحة بغير الثابت لأنها إليه أقرب، وذلك صميم عمل محكمة الموضوع وسبب سلطتها التامة في فهم الواقع وتقدير الأدلة وتخويلها سلطة استنباط القرائن القضائية . وكانت العلاقة بين الأصيل والوكيل فى الوكالة فى الخصومة لها خصوصيتها باعتبار المحاماة ليست مجرد مهنة لطلب الرزق وإنما هي رسالة ودعامة من دعائم تحقيق العدل، فالمحامون هم من يلوذ الناس بهم للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، ويأتمن الموكل محاميه على صون حقوقه ورعاية مصالحه ورد غائلة العدوان عنها بما يفرض عليه أن يلتزم فى سلوكه المهني بمبادئ الشرف والاستقامة والنزاهة وفقًا لما تقضي به المادة 62 من قانون المحاماة، ذلك أن الوكالة في الخصومة تقوم على الثقة في المحامي وحسن الظن به فإن خان أمانته وغش موكله وتواطأ مع خصمه فإنه يكون قد عمل نقيض الغاية من هذه الوكالة بما يستوجب مسئوليته عن تعويض الضرر الذى أصاب الموكل من جراء غشه فى تنفيذ الوكالة . لمَّا كان ذلك، وكانت الطاعنة قد تمسكت فى دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول بالتواطؤ مع المطعون ضده الثاني قد أساء استعمال التوكيل رقم ... لسنة 2005 توثيق بورسعيد الذى سبق أن أصدرته إليه للقيام ببعض الأعمال وبانتهاء هذه الأعمال لم تعهد إليه بأي عمل آخر، وبأنها فوجئت به بغير تكليف منها ودون علمها يحضر فى الإشكال في التنفيذ رقم .... لسنة 2008 مستأنف مدينة نصر ويقر بوصفه وكيلًا عنها بالتوكيل المشار إليه بالتصالح والتنازل عن الحكم في القضية رقم ... لسنة 2006 جنح مدينة نصر التي قُضى فيها بحبس المطعون ضده الثاني ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 5001 جنيه تعويضًا مؤقتًا لإصداره لها شيكًا بدون رصيد بمبلغ مائتين وخمسة عشر ألف دولار أمريكي، واستدلت على ذلك بأن المطعون ضده الأول لم يباشر أي إجراءٍ من إجراءات الجنحة سالفة الذكر خلال ما يزيد على سنتين هى مدة تداول نظرها حتى صدور حكم نهائي فيها، وبأنها عهدت بذلك لمحامينِ آخرينِ وسلمتهما أصل الشيك موضوع الجنحة ولم تسلمه إلى المطعون ضده الأول، فضلًا عن أنه لم يقدم أي دليل على تسليمها قيمة هذا الشيك، وقدمت تأييدًا لدفاعها صور محاضر جلسات نظر الجنحة المذكورة، وصورة من إقرار إلغاء توكيلها للمطعون ضده الأول، وصورة ضوئية من محضر جلسة نظر الإشكال المشار إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح هذا الدفاع تأسيسًا على أن التوكيل الصادر من الطاعنة إلى المطعون ضده الأول يبيح له الصلح والتنازل ورتب على ذلك القضاء برفض الدعوى فى حين أن هذه المسألة لم تكن محل خلاف بين الطرفين ولا أثر لها في الدعوى لأن حقيقة النزاع المطروح ادعاءً ودفعًا هو ما إذا كان حضور المطعون ضده الأول بوصفه وكيلًا عن الطاعنة في الإشكال في التنفيذ الآنف بيانه كان بغير تكليف منها ودون علمها، وأن إقراره بالتنازل والتصالح كان وليد الغش والتواطؤ مع المطعون ضده الثاني من عدمه، فإن هذا الذى قرره الحكم وأسس قضاءه عليه يكون قاصرًا عن الإحاطة بمقطع النزاع في الدعوى، ولا يواجه دفاع الطاعنة الجوهري ولا يصلح ردًا عليه، فإنه يكون فضلًا عن فساده في الاستدلال قد شابه القصور في التسبيب، بما يوجب نقضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق