جلسة 4 من يناير سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / محمد هلالي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أشرف محمد مسعد ، خالد الشرقبالي ، ومحمد مطر نواب رئيس المحكمة و د. جون نجيب
----------------
(1)
الطعن رقم 10342 لسنة 91 القضائية
(١) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(٢) خطف . طفل . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة خطف الأطفال . مناط تحققها ؟
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي استخلص منها وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(٣) اتفاق . خطف . فاعل أصلي .
تدليل الحكم بما يسوغ ثبوت اتفاق الطاعنين على خطف المجني عليه بالتحيل . كفايته لاعتبارهم فاعلين أصليين في تلك الجريمة . أساس ذلك ؟
(٤) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . خطف . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد ولو كانت سماعية .
وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جريمة الخطف والحكم على مرتكبها . غير لازم . للمحكمة أن تكون اعتقادها من ظروف الدعوى وقرائنها .
المنازعة في صورة الواقعة وفي القوة التدليلية لأقوال الشهود . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(٥) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
إيراد الحكم من التحريات ما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 إجراءات جنائية . لا قصور .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
اطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات . كفايته لاطراح الدفع بعدم جديتها .
(٦) إثبات " اعتراف " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنين على الحكم تعويله على اعترافهما دون إيراد مؤداه . غير مجد . متى لم يحصل لهما اعترافاً .
(٧) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(٨) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .
(٩) نيابة عامة . اختصاص " الاختصاص المكاني " . إجراءات " إجراءات التحقيق " .
بدء وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني واستيجاب امتدادها خارج تلك الدائرة . أثره : صحة هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها .
(10) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع ببطلان ضبط هواتف الطاعنين . غير مقبول . متى لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(12) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
سكوت الحكم عن مصدر الدليل . لا يضيع أثره . ما دام له أصل ثابت في الأوراق .
مثال .
(13) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
مثال .
(14) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم ضبط الأدوات المستعملة في الحادث . لا يقدح في ثبوت الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة .
(15) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات أو خبير الأصوات الذي تنازل الطاعنون صراحة عن سماعه . غير مقبول .
(16) قانون " تفسيره " . حكم " تصحيحه " .
المادتان 191 مرافعات و 337 إجراءات جنائية . مفادهما ؟
سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها . مقصورة على الأخطاء المادية البحتة . لا عبرة بالأخطاء التي تضمنتها الوقائع أو الأسباب . ما لم تكن جوهرية مكوِّنة جزءاً من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يُستفاد منه .
قرار المحكمة بتصحيح الحكم بما لا يرتد لأصل بمدوناته . ينال مما سبق أن نطق به حكمها في مواجهة الخصوم واستنفدت به ولايتها في موضوع الدعوى ولو صادف تطبيقاً صحيحاً للقانون . علة وأثر ذلك؟
مثال .
(17) خطف . طفل . ظروف مخففة . عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
للقاضي أن يأخذ المتهم بظرف قضائي مخفف إضافة إلى الظرف القانوني . معاقبة الطاعن الطفل الذي جاوز الخامسة عشر عاماً بالسجن عشر سنوات وإلزامه المصروفات بعد إعمال المادة 17 عقوبات عن جريمة خطف طفل لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بالتحيُّل والإكراه . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(18) طفل . محكمة النقض " سلطتها " .
قضاء الحكم بإلزام الطاعن الطفل بالمصاريف الجنائية . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
لمحكمة النقض تصحيح خطأ الحكم في مادة العقاب باستبدال المادة الصحيحة بها . أساس ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مضمون الأدلة - خلافاً لقول الطاعنين - وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة عن بصر وبصيرة ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كلٌّ من الطاعنين وكافة الأفعال التي قارفها كلٌّ منهم بما يفصح عن الدور الذي قام به كلٌّ منهم في الجريمة التي دانهم بها - خلافاً لما يزعمون - وتتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة ، وكان من المُقَرَّر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان ما أورده الحكم– كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهُّم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك مُحَقِّقاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم كان نعي الطاعنين بالقصور غير سديد .
٢- من المقرر أنه يكفي لقيام واقعة الخطف التي تتحقَّق بها هذه الجريمة انتزاع الطفل من بيئته وقطع صلته بأهله، وأن القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من يدي ذويه الذين لهم حق رعايته ، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعنين بانتفاء أركان الجريمة في حقهم - بوصفه نفياً للتهمة - مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل إن الردّ يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقَّبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثار من انتفاء أركان الجريمة في حقهم ، وقصور الحكم في الردِّ على الدفع بانتفائها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
٣- لما كان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيُّل ، وكان ما أثبته كافياً للتدليل على اتفاق الطاعنين على خطف المجني عليه بالتحيُّل من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهم وأن كلاً منهم قَصَدَ قَصْدَ الآخر في إيقاعها ، ومن ثم يصح طبقاً للمادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار كلاً من الطاعنين فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة ويضحى منعاهم في هذا الشأن على غير أساس .
٤- من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ، ولها أن تعول على أقوال الشاهد ولو كانت سماعية ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنان المحكمة - في نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة الخطف والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة على مرتكب الفعل دون حاجة لشاهد رؤية ، فإنه لا يكون مقبولاً من الطاعنين دفاعهم القائم على عدم معقولية واستحالة تصويرهم للواقعة ، ومن ثم فإن ما يُثيره الطاعنون في هذا الصدد من منازعة في صورة الواقعة وفي القوة التدليلية لأقوالهم والتعويل عليها بدعوى تناقضها وأنها ظنية وأن شهادة الأول جاءت سماعية وعدم معقولية تصويرهم للواقعة وانتفاء صلتهم بالواقعة لا يكون سديداً ، إذ هو لا يعدو جميعه أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع لا تجوز مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
٥- لما كان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحتها وجديتها - وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنون في هذا الخصوص - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
٦- لما كان الحكم المطعون فيه لم يحصل للطاعنَين الأول والثاني اعترافاً ، فإنه لا جدوى مما يثيرانه في هذا الشأن .
٧- لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه أورد من واقع تقرير الهيئة الوطنية للإعلام تطابق صوت الطاعن الثالث مع التسجيلات - على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له .
٨- من المُقرَّر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يُعَدُّ دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعنَين الأول والثاني في هذا الصدد ، واطرحته بردٍّ كافٍ وسائغ ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند .
٩- لما كان الحكم قد سوَّغ القبض على الطاعنَين الأول والثاني نفاذاً لهذا الأمر من مأمور الضبط القضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى وقوع الجريمة في دائرة اختصاصه ، وامتداد هذا الاختصاص إلى تتبُّع مرتكبيها خارج تلك الدائرة بحكم الضرورة التي اقتضته ، وهو رد صحيح وسائغ لِما هو مقرر من أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ، ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها .
10-من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنَين الأول والثاني لم يكشفا بأسباب طعنهما عن أوجه مخالفة إجراءات الضبط للمادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
11- لما كان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من ضبط هواتفهم ، فمن ثم يكون منعاهم في هذا الشأن غير مقبول .
12- لما كان ما أورده الحكم بأكثر من موضع من أن المجني عليه لم يبلغ عمره ثماني عشرة سنة كاملة له سنده بما ورد من الصورة الرسمية لشهادة ميلاد المجني عليه – على نحو ما ثبت من المفردات بعد ضمها - فلا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدره في تحديد سن المجني عليه لأن السكوت عن مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق .
13- من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان البيِّن من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهم لم يثر أمام المحكمة قصور تحقيقات النيابة العامة بشأن عدم تحديدها للموقع الجغرافي للهاتف المستخدم من قِبل الطاعنين، ومن ثم فإن ما يثيرونه في هذا الصدد يكون غير مقبول .
14- من المقرر أنه لا يقدح في ثبوت الواقعة – كما اقتنعت بها المحكمة – عدم ضبط الأدوات التي استخدمت في ارتكاب الحادث ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون قويم .
15- لما كان البيَّن من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعنين وانتهى إلى طلب البراءة ، فليس له - من بعد – أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات أو خبير الأصوات الذي تنازل صراحة عن سماعه ، ومن ثم فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون سديداً .
16- لما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه صدر بتاريخ .... وقضى بمعاقبة الطاعن الأول .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه بالمصاريف الجنائية – بعد أن أعملت المحكمة في حقه المادة 17 من قانون العقوبات - وبتاريخ .... أصدر رئيس المحكمة قراراً جاء نصه : ( تصحيح الخطأ المادي الوارد بمنطوق الحكم بشأن الحدث .... بجلسة .... بجعله على النحو الآتي : بمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه المصاريف الجنائية ) . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة (337) منه على أنه : ( إذا وقع خطأ مادي في حكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ، ولم يكن يترتب عليه البطلان تتولى الهيئة التي أصدرت الحكم أو الأمر تصحيح الخطأ من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم وذلك بعد تكليفهم بالحضور ويقضى بالتصحيح في غرفة المشورة بعد سماع أقوال الخصوم ، ويؤشر بالأمر الذي يصدر على هامش الحكم أو الأمر ، ويتبع هذا الإجراء في تصحيح اسم المتهم ولقبه ) ، وكان قانون المرافعات قد نص في المادة (191) منه على أن : ( تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة ، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه في الفقرة السابقة وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال ) ، وكان حكم الفقرة الثانية من المادة (191) من قانون المرافعات هو من الأحكام التي لا تتعارض مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإنما تكمل نقصاً فيه ، وكان من المقرر أنه يترتب على صدور الحكم خروج الدعوى من يد المحكمة بحيث لا يجوز لها أن تعود إلى نظرها بما لها من سلطة قضائية ، كما لا يجوز لها تعديل حكمها فيها أو إصلاحه لزوال ولايتها فيه ، إذ لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون وهذا هو الأصل ، إلا أن الشارع رأى لاعتبارات قدَّرها عند وضع قانون الإجراءات الجنائية أن يجيز للمحكمة - أخذاً بما جرى عليه العمل - أن تصحح ما يقع من أخطاء مادية بحتة ، فنص على ذلك في المادة (337) من قانون الإجراءات الجنائية ، وفي المادة (191) من قانون المرافعات المار ذكرهما ، والمقصود بالخطأ المادي هو الخطأ في تعبير المحكمة عن فكرها وليس خطأ المحكمة في تفكيرها ، وكان البين من نص المادتين المذكورتين أن سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها مقصورة على الأخطاء المادية البحتة ، وهي التي لا تؤثر على كيانه بحيث تفقده ذاتيته وتجعله مقطوع الصلة بالحكم المصحح ، فلا عبرة بالأخطاء التي تضمنتها الوقائع أو الأسباب ما لم تكن هذه الأسباب جوهرية مكوِّنة جزءاً من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يُستفاد منه ، وتقتصر سلطة المحكمة على تصحيح الأخطاء المادية بالرجوع إلى بيانات الحكم أو إلى محضر الجلسة فلا تملك تصحيحه على نحو مخالف ، ومن ثم فهي لا تملك بحال أن تتخذ من التصحيح تكأة للرجوع عن الحكم الصادر منها أو تعديل قضائها فيه فتستطيل إليه على غير سند من القانون لتضيف إليه أو تغير منطوقه بما يناقضه ، لِما في ذلك من مساس بحجية الشيء المحكوم فيه ، وابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع أو ينظمه القانون . لما كان ذلك ، وكان يبين أن القرار المار ذكره الصادر من المحكمة في الطعن الراهن بتصحيح منطوق الحكم بمعاقبة الطاعن .... بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه المصاريف الجنائية ينال مما سبق أن نطق به قضاؤها في مواجهة الخصوم واستنفدت به ولايتها بالكامل في موضوع الدعوى ، فهي لا تملك بعد النطق بالحكم تعديل منطوقه بتغيير نوع العقوبة من السجن المشدد إلى السجن – حتى بافتراض أن ذلك تطبيق صحيح للقانون تنكبته المحكمة – ما دام أن ذلك لا يرتد إلى أصل بمدونات الحكم ، إذ لا يعد ذلك – بداهة - من قبيل الأخطاء المادية التي تقع من المحكمة في التعبير ، بل هو مما يتعلق بأسباب الحكم الجوهرية التي ترتبط بمنطوقه ويتعلق بها حق المتهم ، ولا سبيل عليه إلا بطرق الطعن المقررة في القانون ، فتكون المحكمة بذلك قد جاوزت سلطتها المرسومة في المادتين (337) من قانون الإجراءات الجنائية ، (191) من قانون المرافعات ، وهو الأمر الذي أسلمها إلى مخالفة حكم القانون والخطأ في تطبيقه ، بيد أن هذه المحكمة – محكمة النقض – تعرض في قضائها لعقوبة الطاعن الأول .... وقد راعت ألَّا يُضار الطاعن بطعنه ، لا سيما وأن النيابة العامة لم تطعن على الحكم المطعون فيه .
17- لما كان الثابت من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن تاريخ ميلاد الطاعن .... هو .... ، أي أن سنه في وقت ارتكاب الجريمة كان قد تجاوز الخامسة عشرة سنة ، ولم يتجاوز الثامنة عشرة سنة ميلادية ، وكانت الفقرة الثانية من المادة ١١١ من قانون الطفل سالف الذكر تنص على أنه : ( ومع عدم الإخلال بحكم المادة ١٧ من قانون العقوبات إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن .... ) ، وكانت المادة ١٧ من قانون العقوبات تنص على أنه : ( يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاء تبديل العقوبة على الوجه الآتي : .... عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة شهور ) ، فإن مفاد ذلك أنه إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد - كما هو الحال في الدعوى - تكون العقوبة المقررة له هي السجن ، وفي هذه الحالة تكون عقوبة السجن قد حلَّت بقوة القانون محل العقوبة الأصلية الواردة بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له - الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد - فإذا رأت محكمة الموضوع أخذه بالرأفة وإعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات في حقه فيكون إعمالها على عقوبة السجن باعتبارها العقوبة المقررة للطفل وليست على العقوبة الأصلية الواردة بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له ،إذ يصح للقاضي أن يأخذ المتهم بظرف قضائي مخفف إضافة إلى الظرف القانوني ، وهو ما يتفق مع مبدأ المسئولية الجنائية المخففة التي قررها القانون للطفل ، وبالتالي تكون العقوبة الواجبة التطبيق هي الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة أشهر ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون .
18- لما كانت المادة ١٤٠ من القانون رقم ۱۲ لسنة ١٩٩٦ تحظر إلزام الأطفال بأداء أي مصاريف أمام جميع المحاكم ، فإن الحكم يكون قد أخطأ أيضاً في تطبيق القانون ، وإذ كان تصحيح الخطأ الذي انبنى عليه الحكم - في هذه الحالة - لا يخضع لأي تقدير موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت صحة إسناد التهمة مادياً إلى الطاعن .... ، فإنه يتعين تصحيحه والحكم بمقتضى القانون بجعل العقوبة المقضي بها عليه الحبس لمدة ثلاث سنوات وإلغاء ما قضى به من إلزامه بالمصاريف الجنائية ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المادة 111/٢،١ من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالمادة 101 من ذات القانون ، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :-
- خطفوا بالتحُّيل والإكراه المجني عليه الطفل .... والذي لم يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً ميلادية وذلك بأن قام المتهم الأول باستدراجه وإيهامه بالذهاب لأحد ذويه وحال رفضه قام بأخذه عنوة حتى تقابل مع المتهمين من الثاني حتى الرابع وقاموا باصطحابه لمكان قصي عن أعين ذويه ومنعه من مبارحته وكان بانتظارهم به المتهم الأخير .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردَين بأمر الإحالة .
وادعى والد المجني عليه مدنياً بصفته ولياً طبيعياً على نجله القاصر قِبل المتهمين بمبلغ خمسة عشر ألفاً وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 290 /٣،٢،١ من قانون العقوبات والمواد 2 ، 95، 101 ، 116 مكرراً ، 122/ 2 من قانون الطفل رقم ۱۲ لسنة ۱۹۹٦ المعدل مع إعمال نص المادة ١٧ من قانون العقوبات ، بمعاقبة كلٍ منهم بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وألزمتهم المصاريف الجنائية وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف .
وبتاريخ لاحق قررت المحكمة تصحيح الخطأ المادي الذي وقع في منطوق الحكم بشأن الحدث .... بجعله على النحو الآتي : بمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة خطف طفل لم يبلغ ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة بالتحيُّل والإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه سيق في عبارات عامة مجهلة خلت من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها والأفعال التي أتاها كل منهم ولم يورد مؤدى الأدلة التي عوَّل عليها ، ملتفتاً عن دفاعهم بانتفاء أركان الجريمة ، ولم يستظهر أو يدلل على توافر الاتفاق بينهم ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها وعدم معقولية تصويرهم للواقعة واستحالتها لشواهد أحصوها ، وجاءت شهادة الأول سماعية بما يدل على أن الأدلة التي عوَّل عليها ظنية وانتفاء صلتهم بالواقعة مطرحاً دفاعهم في هذا الشأن برد قاصر ، وعلى التحريات دون أن يورد مضمونها ، مطرحاً الدفع بعدم جديتها لعدم بيان مصدرها بما لا يسوغ به اطراحه ، وعلى اعتراف الطاعنَين الأول والثاني ولم يورد مؤداهما ، وعلى تقرير الهيئة الوطنية للإعلام بشأن التسجيلات رغم عدم جزمه بمطابقة صوت الطاعن الثالث للتسجيلات ، ودانهم رغم خلو الأوراق من دليل أو شاهد رؤية ، كما اطرح بما لا يسوغ دفوع الطاعنَين الأول والثاني ببطلان القبض عليهما لحصوله قبل صدور إذن النيابة العامة ، وبطلان القبض عليهما لوقوعه خارج دائرة الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي ، وعدم عرضهما على النيابة العامة بمكان الضبط ، وبطلان إجراءات الضبط لمخالفته المادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية ، وبطلان ضبط هواتف الطاعنين لمخالفته نص المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية ، ولم يبين مصدره في تحديد سن المجني عليه ، فضلاً عن قصور تحقيقات النيابة العامة وعدم تحديدها للموقع الجغرافي للهاتف المستخدم من قِبل الطاعنين ، وعدم ضبط السيارة المستخدمة في الحادث ، ولم تجب المحكمة طلبهم مناقشة شهود الإثبات وخبير الأصوات ، وأخيراً أن الطاعن الأول من المخاطبين بأحكام قانون الطفل ، إلا أن الحكم أوقع عليه عقوبة تخالف نصوصه ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتَّبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن مضمون الأدلة – خلافاً لقول الطاعنين - وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة عن بصر وبصيرة ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها كلٌّ من الطاعنين وكافة الأفعال التي قارفها كلٌّ منهم بما يفصح عن الدور الذي قام به كلٌّ منهم في الجريمة التي دانهم بها - خلافاً لما يزعمون - وتتوافر به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة ، وكان من المُقَرَّر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان ما أورده الحكم– كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهُّم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، كان ذلك مُحَقِّقاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم كان نعي الطاعنين بالقصور غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يكفي لقيام واقعة الخطف التي تتحقَّق بها هذه الجريمة انتزاع الطفل من بيئته وقطع صلته بأهله ، وأن القصد الجنائي في جريمة خطف الأطفال يتحقق بتعمد الجاني انتزاع المخطوف من يدي ذويه الذين لهم حق رعايته ، وقطع صلته بهم مهما كان غرضه من ذلك . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعنين بانتفاء أركان الجريمة في حقهم - بوصفه نفياً للتهمة - مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب ردّاً صريحاً بل إن الردّ يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحَّت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقَّبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثار من انتفاء أركان الجريمة في حقهم ، وقصور الحكم في الردِّ على الدفع بانتفائها لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيُّل، وكان ما أثبته كافياً للتدليل على اتفاق الطاعنين على خطف المجني عليه بالتحيُّل من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم واتجاههم جميعاً وجهة واحدة في تنفيذ جريمتهم وأن كلاً منهم قَصَدَ قَصْدَ الآخر في إيقاعها ، ومن ثم يصح طبقاً للمادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار كلاً من الطاعنين فاعلاً أصلياً في تلك الجريمة ويضحى منعاهم في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ، ولها أن تعول على أقوال الشاهد ولو كانت سماعية ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنان المحكمة - في نطاق سلطتها التقديرية - إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة الخطف والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة على مرتكب الفعل دون حاجة لشاهد رؤية ، فإنه لا يكون مقبولاً من الطاعنين دفاعهم القائم على عدم معقولية واستحالة تصويرهم للواقعة ، ومن ثم فإن ما يُثيره الطاعنون في هذا الصدد من منازعة في صورة الواقعة وفي القوة التدليلية لأقوالهم والتعويل عليها بدعوى تناقضها وأنها ظنية وأن شهادة الأول جاءت سماعية وعدم معقولية تصويرهم للواقعة وانتفاء صلتهم بالواقعة لا يكون سديداً ، إذ هو لا يعدو جميعه أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع لا تجوز مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحتها وجديتها - وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعنون في هذا الخصوص - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل للطاعنَين الأول والثاني اعترافاً، فإنه لا جدوى مما يثيرانه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أنه أورد من واقع تقرير الهيئة الوطنية للإعلام تطابق صوت الطاعن الثالث مع التسجيلات - على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المُقرَّر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يُعَدُّ دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعنَين الأول والثاني في هذا الصدد ، واطرحته بردٍّ كافٍ وسائغ ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد سوَّغ القبض على الطاعنَين الأول والثاني نفاذاً لهذا الأمر من مأمور الضبط القضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى وقوع الجريمة في دائرة اختصاصه ، وامتداد هذا الاختصاص إلى تتبُّع مرتكبيها خارج تلك الدائرة بحكم الضرورة التي اقتضته ، وهو رد صحيح وسائغ لِما هو مقرر من أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ، ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة ، فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان الأول والثاني لم يكشفا بأسباب طعنهما عن أوجه مخالفة إجراءات الضبط للمادة 129 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن ما يثار في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يعوِّل في إدانة الطاعنين على دليل مستمد من ضبط هواتفهم ، فمن ثم يكون منعاهم في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بأكثر من موضع من أن المجني عليه لم يبلغ عمره ثماني عشرة سنة كاملة له سنده بما ورد من الصورة الرسمية لشهادة ميلاد المجني عليه – على نحو ما ثبت من المفردات بعد ضمها - فلا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدره في تحديد سن المجني عليه لأن السكوت عن مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان البيِّن من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين أو المدافع عنهم لم يثر أمام المحكمة قصور تحقيقات النيابة العامة بشأن عدم تحديدها للموقع الجغرافي للهاتف المستخدم من قِبل الطاعنين ، ومن ثم ، فإن ما يثيرونه في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يقدح في ثبوت الواقعة – كما اقتنعت بها المحكمة – عدم ضبط الأدوات التي استخدمت في ارتكاب الحادث ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون قويم . لما كان ذلك ، وكان البيَّن من محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وترافع الدفاع عن الطاعنين وانتهى إلى طلب البراءة ، فليس له - من بعد – أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شهود الإثبات أو خبير الأصوات الذي تنازل صراحة عن سماعه ، ومن ثم ، فإن ما يثار في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه صدر بتاريخ .... وقضى بمعاقبة الطاعن الأول .... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه بالمصاريف الجنائية - بعد أن أعملت المحكمة في حقه المادة 17 من قانون العقوبات - وبتاريخ .... أصدر رئيس المحكمة قراراً جاء نصه : ( تصحيح الخطأ المادي الوارد بمنطوق الحكم بشأن الحدث .... بجلسة .... بجعله على النحو الآتي : ( بمعاقبة .... بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه المصاريف الجنائية ) . لما كان ذلك ، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة (337) منه على أنه : ( إذا وقع خطأ مادي في حكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ، ولم يكن يترتب عليه البطلان تتولى الهيئة التي أصدرت الحكم أو الأمر تصحيح الخطأ من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم وذلك بعد تكليفهم بالحضور ويقضى بالتصحيح في غرفة المشورة بعد سماع أقوال الخصوم ، ويؤشر بالأمر الذي يصدر على هامش الحكم أو الأمر ، ويتبع هذا الإجراء في تصحيح اسم المتهم ولقبه ) ، وكان قانون المرافعات قد نص في المادة (191) منه على أن : ( تتولى المحكمة تصحيح ما يقع في حكمها من أخطاء مادية بحتة كتابية أو حسابية وذلك بقرار تصدره من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة ويجري كاتب المحكمة هذا التصحيح على نسخة الحكم الأصلية ويوقعه هو ورئيس الجلسة ، ويجوز الطعن في القرار الصادر بالتصحيح إذا تجاوزت المحكمة فيه حقها المنصوص عليه في الفقرة السابقة وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم موضوع التصحيح أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال ) ، وكان حكم الفقرة الثانية من المادة (191) من قانون المرافعات هو من الأحكام التي لا تتعارض مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإنما تكمل نقصاً فيه ، وكان من المقرر أنه يترتب على صدور الحكم خروج الدعوى من يد المحكمة بحيث لا يجوز لها أن تعود إلى نظرها بما لها من سلطة قضائية ، كما لا يجوز لها تعديل حكمها فيها أو إصلاحه لزوال ولايتها فيه ، إذ لا سبيل إلى إلغاء أحكام القضاء أو تعديلها إلا بسلوك طرق الطعن المقررة في القانون وهذا هو الأصل ، إلا أن الشارع رأى لاعتبارات قدَّرها عند وضع قانون الإجراءات الجنائية أن يجيز للمحكمة - أخذاً بما جرى عليه العمل - أن تصحح ما يقع من أخطاء مادية بحتة ، فنص على ذلك في المادة (337) من قانون الإجراءات الجنائية ، وفي المادة (191) من قانون المرافعات المار ذكرهما ، والمقصود بالخطأ المادي هو الخطأ في تعبير المحكمة عن فكرها وليس خطأ المحكمة في تفكيرها ، وكان البين من نص المادتين المذكورتين أن سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها مقصورة على الأخطاء المادية البحتة ، وهي التي لا تؤثر على كيانه بحيث تفقده ذاتيته وتجعله مقطوع الصلة بالحكم المصحح ، فلا عبرة بالأخطاء التي تضمنتها الوقائع أو الأسباب ما لم تكن هذه الأسباب جوهرية مكوِّنة جزءاً من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يُستفاد منه ، وتقتصر سلطة المحكمة على تصحيح الأخطاء المادية بالرجوع إلى بيانات الحكم أو إلى محضر الجلسة فلا تملك تصحيحه على نحو مخالف ، ومن ثم فهي لا تملك بحال أن تتخذ من التصحيح تكأة للرجوع عن الحكم الصادر منها أو تعديل قضائها فيه فتستطيل إليه على غير سند من القانون لتضيف إليه أو تغير منطوقه بما يناقضه ، لِما في ذلك من مساس بحجية الشيء المحكوم فيه ، وابتداع لطريق من طرق الطعن لم يأذن به الشارع أو ينظمه القانون. لما كان ذلك ، وكان يبين أن القرار المار ذكره الصادر من المحكمة في الطعن الراهن بتصحيح منطوق الحكم بمعاقبة الطاعن .... بالسجن لمدة خمس عشرة سنة وإلزامه المصاريف الجنائية ينال مما سبق أن نطق به قضاؤها في مواجهة الخصوم واستنفدت به ولايتها بالكامل في موضوع الدعوى ، فهي لا تملك بعد النطق بالحكم تعديل منطوقه بتغيير نوع العقوبة من السجن المشدد إلى السجن – حتى بافتراض أن ذلك تطبيق صحيح للقانون تنكبته المحكمة – ما دام أن ذلك لا يرتد إلى أصل بمدونات الحكم ، إذ لا يعد ذلك – بداهة - من قبيل الأخطاء المادية التي تقع من المحكمة في التعبير ، بل هو مما يتعلق بأسباب الحكم الجوهرية التي ترتبط بمنطوقه ويتعلق بها حق المتهم ، ولا سبيل عليه إلا بطرق الطعن المقررة في القانون ، فتكون المحكمة بذلك قد جاوزت سلطتها المرسومة في المادتين (337) من قانون الإجراءات الجنائية ، (191) من قانون المرافعات ، وهو الأمر الذي أسلمها إلى مخالفة حكم القانون والخطأ في تطبيقه ، بيد أن هذه المحكمة – محكمة النقض – تعرض في قضائها لعقوبة الطاعن الأول .... وقد راعت ألَّا يُضار الطاعن بطعنه ، لا سيما وأن النيابة العامة لم تطعن على الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها - أن تاريخ ميلاد الطاعن .... هو .... ، أي أن سنه في وقت ارتكاب الجريمة كان قد تجاوز الخامسة عشرة سنة ، ولم يتجاوز الثامنة عشرة سنة ميلادية ، وكانت الفقرة الثانية من المادة ١١١ من قانون الطفل سالف الذكر تنص على أنه : ( ومع عدم الإخلال بحكم المادة ١٧ من قانون العقوبات إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنة خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن .... ) ، وكانت المادة ١٧ من قانون العقوبات تنص على أنه : ( يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاء تبديل العقوبة على الوجه الآتي : .... عقوبة السجن بعقوبة الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة شهور ) ، فإن مفاد ذلك أنه إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد - كما هو الحال في الدعوى - تكون العقوبة المقررة له هي السجن ، وفي هذه الحالة تكون عقوبة السجن قد حلَّت بقوة القانون محل العقوبة الأصلية الواردة بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له - الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد - فإذا رأت محكمة الموضوع أخذه بالرأفة وإعمال المادة ١٧ من قانون العقوبات في حقه فيكون إعمالها على عقوبة السجن باعتبارها العقوبة المقررة للطفل وليست على العقوبة الأصلية الواردة بقانون العقوبات أو القوانين المكملة له ، إذ يصح للقاضي أن يأخذ المتهم بظرف قضائي مخفف إضافة إلى الظرف القانوني ، وهو ما يتفق مع مبدأ المسئولية الجنائية المخففة التي قررها القانون للطفل ، وبالتالي تكون العقوبة الواجبة التطبيق هي الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة أشهر ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون . لما كان ذلك ، وكانت المادة ١٤٠ من القانون رقم ۱۲ السنة ١٩٩٦ تحظر إلزام الأطفال بأداء أي مصاريف أمام جميع المحاكم ، فإن الحكم يكون قد أخطأ أيضاً في تطبيق القانون ، وإذ كان تصحيح الخطأ الذي انبنى عليه الحكم - في هذه الحالة - لا يخضع لأي تقدير موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت صحة إسناد التهمة مادياً إلى الطاعن .... ، فإنه يتعين تصحيحه والحكم بمقتضى القانون بجعل العقوبة المقضي بها عليه الحبس لمدة ثلاث سنوات وإلغاء ما قضى به من إلزامه بالمصاريف الجنائية ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال المادة 111/٢،١ من القانون رقم 12 لسنة 1996 بشأن الطفل المعدل بالمادة 101 من ذات القانون ، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق