جلسة 4/1/2023
برئاسة السيد المستشار/ حسن بن مبارك ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ د. رضا بن علي، إدريس بن منصور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 1029 لسنة 2022 جزائي)
(1) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. لا قصور.
- عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "بوجه عام". تهديد. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي.
- تجريم التهديد. علته؟
- الركن المادي في جريمة التهديد. مناط تحققه؟
- القصد الجنائي في جريمة التهديد. مناط توافره؟
- تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة. غير لازم. مادام ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليها.
- مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر أركان جريمة التهديد في حق الطاعن.
(3) حكم "إصداره" "التوقيع عليه" "بطلانه". بطلان. محضر الجلسة.
- نعي الطاعن ببطلان الحكم المطعون فيه لخلو محاضر جلسة حجز الدعوي للحكم وجلسة النطق به من توقيع القاضي وأمين السر. غير مقبول. مادام الثابت من مطالعتها أنها موقعة منهما.
(4) إثبات "بوجه عام" "شهود" "قرائن". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير أقوال الشهود" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً.
- لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
- العبرة في المحاكمات الجزائية. باقتناع القاضي. مطالبته بالأخذ بدليل بعينه. غير جائز. متى لم يقيده القانون فيها بذلك. له الأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
- وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
- أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
- قرابة الشهود للمجني عليه في جرائم التعزير. لا تمنع من الأخذ بأقوالهم. متى اقتنعت المحكمة بصدقها.
- وجود خصومة قائمة بين المجني عليه وبين المتهم. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله. مادامت قد اطمأنت لشهادته.
- تقدير قوة الدليل. موضوعي. المجادلة في هذا الشأن. غير مقبولة.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(5) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بنفي التهمة" "الدفع بانتفاء أركان الجريمة" "الدفع بعدم معقولية الواقعة" "الدفع بكيدية الاتهام" "الدفع بتلفيق التهمة".
- الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم معقوليتها وكيدية الاتهام وتلفيقه. موضوعي. لا يستلزم رداً. اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه - المؤيد لأسباب الحكم المستأنف – قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات وأورد مؤداها في بيان واف وكاف، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فإن ما يرمي الطاعن به الحكم من قصور يكون ولا محل له.
2- من المقرر أن جريمة التهديد مجرمة قانوناً بسبب ما يحدثه التهديد ذاته من رعب في نفس المجني عليه وإزعاجه والمساس بأمنه وطمأنينته وحرمته الشخصية والركن المادي يتحقق فيها بكل عبارة من شأنها إزعاج المجني عليه أو إلقاء الرعب في نفسه أو إحداث الخوف عنده من خطر يراد إيقاعه ضد نفسه أو ماله يستوي في ذلك أن يكون التهديد كتابة أو شفاهياً والقصد الجنائي فيها يتوفر متى ثبت لدى المحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من إيقاع الرعب في نفس المجنى عليه ولا يشترط فيه تحقيق ما هدد به ويكفي أن يكون التهديد من شأنه التأثير في نفس المجنى عليه، وأنه يستوي أن يكون التهديد صريحاً أو بأسلوب التورية مادام أنه يمكن أن يفهم مغزاه ومرماه في نفس المجني عليه ، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف استظهر أركان هذه الجريمة قبل الطاعن بقوله " تبي يستوي موضوع المناصير في العين " وهو ما يكفي على ثبوت التهمة قبله وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة مادام أن ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليها كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبول ويكون النعي عليه في هذا المنحى في غير محله.
3- لما كان الثابت من مطالعة مفردات الدعوى عبر النظام الإلكتروني للنيابة العامة ومحاضر جلساتها أن محكمة أول درجة قررت بجلسة 28/9/ 2022 حجز الدعوى للحكم لجلسة 3/10/ 2022 وفيها قررت مد أجل للحكم لجلسة 11/10/ 2022 التي صدر فيها الحكم وكان الثابت من مطالعة محاضر الجلسات أنها موقعة من القاضي وأمين سر الجلسة خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون غير مشوب بأي بطلان ويضحى النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
4- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي يقيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك، وكان قرابة الشهود للمجني عليه في جرائم التعزير لا تمنع من الأخذ بأقوالهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها، كما أن وجود خصومة قائمة بين المجني عليه وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله، مادامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
5- لما كان الحكم المطعون فيه أفصح عن اقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي اعتنقها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
6- من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم معقوليتها وكيدية الاتهام وتلفيقه جميعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل- رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
-------------
المحكمـة
حيث إن الوقائع تتحصل في أن النيابة العامة أسندت للطاعن وآخر يدعى .... أنهما بتاريخ 12/5 /2022 بدائرة مدينة أبو ظبي أولاً: المتهم الأول/ .... فقط. هدد المجني عليه / .... شفاهه بارتكاب جناية ضد نفسه، ولم يصاحب ذلك التهديد بأي طلب أو بتكليف بأمر أو الامتناع عن فعل أو مقصوداً به وذلك على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: المتهم الثاني/ .... فقط: هدد المجني عليه سالف الذكر شفاهه بألفاظ التهديد المبينة بالمحضر على النحو المبين بالأوراق. وطلبت معاقبتهما بالمادتين 403، 404 من قانون الجرائم والعقوبات الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021.
وحيث إن الدعوى تداول نظرها على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 11/10/ 2022 قضت محكمة جنح أبو ظبي حضورياً: في الدعوي الجزائية: - بإدانة المتهم الأول .... عما اسند إليه من اتهام ومعاقبته عن ذلك بالغرامة وقدرها 20.000 درهم، وبإدانة المتهم الثاني .... عما اسند إليه من اتهام ومعاقبته عن ذلك بالغرامة وقدرها 10.000 درهم، مع إلزامهما بالرسوم القضائية. أما في الدعوي المقدمة من طرف المتهمين: بقبولها شكلاً وبرفض الطلبات المقدمة من قبلهما، مع إلزامهما بالرسم المستحق عنها. فأستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم، وبجلسة 16/11/ 2022 قضت محكمة استئناف أبو ظبي حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام المستأنفين بالرسوم القضائية.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المحكوم عليه فطعن عليه بطريق النقض بالطعن المطروح وأودع محاميه الموكل صحيفة الطعن قلم مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 26/11/2022 وقدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت في نهايتها رفض الطعن وارتأت المحكمة أن الطعن جدير بالنظر.
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وران عليه البطلان، وشابه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه دانه عن التهمة المسندة إليه دون أن يبين الواقعة وظروفها وأدلتها في بيان واف يتحقق به الغرض من تسبيب الأحكام إذ جاء في عبارات عامة معماه، ولم يرد على دفاعه بانتفاء الركن المادي والقصد الجنائي لجريمة التهديد التي دانه بها، وعول على أدلة غير صالحة للقضاء بالإدانة وهي أقوال المجني عليه وشهود الإثبات على الرغم من تناقضها وعدم صحتها لوجود خلافات وصلة قرابة بينهم ، وران عليه البطلان لمخالفة الحكم المستأنف لنص المادة (171) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي لخلو محضر جلسة حجز الدعوي للحكم من توقيع القاضي وأمين السر على محضر الجلسة ، وكذلك خلوه من محضر جلسة النطق بالحكم في يوم 3/10/2022 وإذ أحال الحكم المطعون فيه للحكم المستأنف فإنه يمتد إليه البطلان ، وأعرض عما جاء بأقوال شهود النفي، وعن نفيه للتهمة وكيدية الاتهام وتلفيقه ، كل أولئك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه - المؤيد لأسباب الحكم المستأنف – قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وساق على صحة إسنادها إليه وثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات وأورد مؤداها في بيان واف وكاف، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم أنه استعرض أدلة الدعوى على نحو يفيد أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ومن ثم فإن ما يرمي الطاعن به الحكم من قصور يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهديد مجرمة قانوناً بسبب ما يحدثه التهديد ذاته من رعب في نفس المجني عليه وإزعاجه والمساس بأمنه وطمأنينته وحرمته الشخصية والركن المادي يتحقق فيها بكل عبارة من شأنها إزعاج المجني عليه أو إلقاء الرعب في نفسه أو إحداث الخوف عنده من خطر يراد إيقاعه ضد نفسه أو ماله يستوي في ذلك أن يكون التهديد كتابة أو شفاهياً والقصد الجنائي فيها يتوفر متى ثبت لدى المحكمة أن الجاني ارتكب التهديد وهو يدرك أثره من إيقاع الرعب في نفس المجنى عليه ولا يشترط فيه تحقيق ما هدد به ويكفي أن يكون التهديد من شأنه التأثير في نفس المجنى عليه، وأنه يستوي أن يكون التهديد صريحاً أو بأسلوب التورية مادام أنه يمكن أن يفهم مغزاه ومرماه في نفس المجني عليه ، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف استظهر أركان هذه الجريمة قبل الطاعن بقوله " تبي يستوي موضوع المناصير في العين " وهو ما يكفي على ثبوت التهمة قبله وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان الجريمة مادام أن ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليها كما هو الحال في الدعوى الراهنة ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبول ويكون النعي عليه في هذا المنحى في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة مفردات الدعوى عبر النظام الإلكتروني للنيابة العامة ومحاضر جلساتها أن محكمة أول درجة قررت بجلسة 28/9/ 2022 حجز الدعوى للحكم لجلسة 3/10/ 2022 وفيها قررت مد أجل للحكم لجلسة 11/10/ 2022 التي صدر فيها الحكم وكان الثابت من مطالعة محاضر الجلسات أنها موقعة من القاضي وأمين سر الجلسة خلافاً لما يزعمه الطاعن بأسباب طعنه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون غير مشوب بأي بطلان ويضحى النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وأن العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي يقيده القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، لما كان ذلك، وكان قرابة الشهود للمجني عليه في جرائم التعزير لا تمنع من الأخذ بأقوالهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها، كما أن وجود خصومة قائمة بين المجني عليه وبين المتهم لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله، مادامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة من الظروف التي أحاطت بها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه وشهود الإثبات فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أفصح عن اقتناعه بوقوع الجريمة على الصورة التي اعتنقها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم معقوليتها وكيدية الاتهام وتلفيقه جميعه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل- رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس مما يتعين رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق