جلسة 3 من مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، أحمد ضياء عبد الرازق، الدكتور جمال الدين محمود ويحيى الرفاعي.
--------------
(245)
الطعن رقم 911 لسنة 44 القضائية
(1) استئناف. حكم "الطعن في الحكم".
الأحكام غير المنهية للخصومة كلها. عدم جواز الطعن فيها إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة. الاستثناء. م 212 مرافعات. اعتبار هذه الأحكام مستأنفة مع استئناف الحكم المنهي للخصومة ما لم تكن قبلت صراحة. م 239 مرافعات.
(2) نقض "أسباب الطعن".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة. عدم بيان سبب النعي بياناً دقيقاً وتقديم المستندات الدالة عليه. نعي غير مقبول.
(3) حكم "بيانات الحكم".
خلو الحكم من بيان اسم أمين السر. لا بطلان. علة ذلك. م 178 مرافعات.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3302 سنة 1970 مدني أمام قاضي التنفيذ بمحكمة شبرا الجزئية بطلب إلزام الشركة المطعون ضدها أن تدفع مبلغ 9565 ج و170 م قيمة دينه ورسم التنفيذ والتقرير بما في الذمة ومبلغ 1000 ج تعويض. وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل لدي شركة أوتوبيس المنوفية التي فصلته في عمله ولما أقام ضدها الدعوى رقم 293 سنة 1960 عمال كلي القاهرة بطلب أجره المتأخر والتعويض الاتفاقي عن الفصل قضي له بهذا الأجر فقط فاستأنف الحكم باستئنافه رقم 2161 سنة 79 ق أمام محكمة استئناف القاهرة الذي تصالح فيه مع هذه الشركة على تحديد مستحقاته لديها بمبلغ 9500 ج فقضت المحكمة في 30/ 10/ 1963 بالتصديق على محضر الصلح المتقدم المؤرخ 16/ 10/ 1963 وإلحاقه بمحضر الجلسة وجعله في قوة السند واجب التنفيذ وإذ أممت تلك الشركة فقد أوقع بذلك السند في 21/ 10/ 1970 - حجز ما للمدين لدى الغير التنفيذي على كافة المبالغ المستحقة لها الناتجة من التأميم تحت يد الشركة المطعون ضدها التي قررت بما في ذمتها بقلم كتاب محكمة روض الفرج الجزئية لكن هذا التقرير خالف الحقيقة فيحق له الرجوع عليه بدينه مع التعويض والمصروفات ولذلك رفع الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 27 من يونيه سنة 1971 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها بمنطوق حكمها. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1973 - في مادة تنفيذ موضوعية - برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 479 سنة 91 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة، فقضت في 27 من يونيه سنة 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة 12 من أبريل سنة 1980، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله. وبياناً لذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه على أن عقد الصلح المصدق عليه في 30/ 10/ 1963 معدوم فلا يصلح كسند تنفيذي ولا يعتبر من ذلك الحكم الابتدائي التمهيدي الصادر بتاريخ 27/ 6/ 1971 لأنه لم يحسم شيئاً من الخصومة وما فصل فيه يعتبر مطروحاً على المحكمة الاستئنافية في الاستئناف المرفوع عن الحكم التالي له الصادر في 30/ 12/ 1973 وذلك طبقاً للمادة 229 من قانون المرافعات. في حين أن الحكم الأول وقد اشتمل في أسبابه على قضاء قطعي بصحة عقد الصلح أصبح انتهائياً بفوات ميعاد استئنافه فصارت له حجية الأمر المقضي بما لا يجوز معه المساس به والعدول عنه كما أن ذلك الحكم فصل في شق من الموضوع فيستأنف على استقلال وإذ صار انتهائياً قبل رفع الاستئناف عن الحكم الثاني فلا يعتبر مطروحاً في هذا الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" وفي الفقرة الأولي من المادة 229 من ذلك القانون على أن استئناف الحكم المنهي للخصومة يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قد قبلت صراحةً، مفاده أن المشرع منع الطعن المباشر في الأحكام التي تصدر أثناء نظر الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها بحيث لا يجوز الطعن إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء كانت تلك الأحكام موضوعية أو فرعية أو قطعية أو متعلقة بالإثبات وحتى لو كانت منهية لجزء من الخصومة واستثنى المشرع أحكاماً أجاز فيها الطعن المباشر من بينها الأحكام التي تصدر في شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري لأن القابلية للتنفيذ تنشئ للمحكوم عليه مصلحة جدية في الطعن فيه على استقلال وحتى يتسنى طلب وقف نفاذه، وأن الأحكام الفرعية والموضوعية الصادرة لمصلحة المستأنف أو ضده التي لا تقبل الاستئناف المباشر وفقاً للمادة 212 من قانون المرافعات تعتبر مستأنفة مع استئناف الحكم المنهي للخصومة كلها الذي يصدر بعدها في الدعوى بشرط ألا يكون قد قبلت صراحة. لما كان ذلك، وكان حكم محكمة الدرجة الأولى الصادر بتاريخ 27 من يونيو سنة 1971 الذي قضى بندب خبير لبيان مدي مطابقة التقرير بما في الذمة موضوع التداعي للحقيقة ووجه مخالفته لها إن وجد وخلص في مدوناته إلى إطراح ودفع الشركة المطعون ضدها ببطلان الصلح كسند تنفيذي هو حكم غير منه للخصومة كلها وغير قابل للتنفيذ الجبري ولم تقبله هذه الأخيرة، فإنه لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف على استقلال فيعتبر مستأنفاً مع استئناف الحكم المنهي للخصومة كلها الصادر بتاريخ 30 ديسمبر سنة 1973 ويسوغ لمحكمة الدرجة الثانية مناقشته والفصل فيه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون بمنأى عن الخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها التي تدل على أن التقرير بما في الذمة الصادر عن الشركة المطعون ضدها يخالف الحقيقة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات أن إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها وجه العيب الذي يعيبه الطاعن على الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وأن تقدم معه المستندات الدالة عليه وإلا كان النعي به غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن ينعى بهذا السبب على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في أوراق الدعوى ومستنداتها، غير أنه لم يفصح عن موضوع هذه المخالفة من الحكم وكيفيتها وأثرها في قضائه فإن النعي يكون مجهلاً غير جائز القبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث والوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه التناقض والخطأ في تطبيق القانون وتأويله. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن الخصومة في الاستئناف رقم 2161 سنة 79 ق انقطع السير فيها بقوة القانون منذ زوال الوجود القانوني لشركة أوتوبيس المنوفية وزالت تبعاً لذلك صفة........ في تمثيلها في الصلح المصدق عليه في هذا الاستئناف وذلك منذ 17/ 6/ 1963 بتأميمها وإدماجها في الشركة المطعون ضدها فيكون عقد الصلح موضوع النزاع التالي لذلك وارداً على خصومة غير قائمة قانوناً فضلاً عن صدوره ممن لا صفة له قانوناً في تمثيل الشركة المؤممة، في حين أن أسبابه السابقة على ذلك تضمنت ما يفيد إقراره بصفته المذكورة في تمثيل هذه الشركة إذ جاء بها أن تمسك الطاعن بتحديد محضر الصلح معه بصفته ممثلاً لها لا بصفته الشخصية يطابق الثابت بهذا المحضر من كون الخصومة في ذلك الاستئناف كانت منعقدة بينه وبين تلك الشركة. كما أن القانون رقم 117 لسنة 1961 صدر في 30/ 7/ 1961 بتأميم بعض الشركات ومن بينها الشركة المذكورة، ولما اختصم ممثلها بعد التأميم في الدعوى رقم 293 سنة 1960 عمال كلي القاهرة التي رفع الاستئناف المشار إليه عن حكمها الصادر برفض طلب التعويض الاتفاقي قضى بإخراجه منها وأصبح هذا الشق نهائياً فلا يحق للمطعون ضدها التمسك بوجوب تمثيلها في الخصومة التي صدر فيها، بالإضافة إلي أن نص المادة الثالثة من القانون المنوه عنه على أن لا تسأل الدولة عن التزامات الشركة إلا في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها فرضت على الدولة دون الشركة المؤممة الوفاء بديونها فيكون تنفيذ الأحكام والسندات التنفيذية الصادرة ضد هذه الشركة بغير اختصام ممثلها بعد التأميم لأنها تقوم بتنفيذ الالتزام نيابة عن الدولة المسئولة عن تنفيذه بطريق حجز ما للمدين لدى الغير الذي لا يتطلب تمثيل الشركة المحجوز تحت يدها في السند التنفيذي.
وحيث إن هذا النعي برمته مردود، ذلك أنه لما كان التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق وليس من التناقض أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً فيه وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يجعل تأميم الشركة محل التنازع في 20/ 7/ 1961 بالقانون رقم 117 لسنة 1961 دعامة لقضائه بل أسسه على أن الخصومة في الاستئناف المقيد برقم 2161 سنة 79 انقطع السير فيها بقوة القانون منذ زال الوجود القانوني لشركة أوتوبيس المنوفية في 17/ 6/ 1963 بإدماجها في الشركة المطعون ضدها مما يجعل عقد الصلح التالي لذلك المؤرخ 16/ 10/ 1963 والمصدق عليه في 30/ 10/ 1963 وارداً على خصومة غير قائمة قانوناً فلا يصلح كسند تنفيذي. أما ما أورده الحكم في أسبابه من أن تمسك الطاعن بأن محضر الصلح حرر مع..... بصفته ممثلاً لشركة أوتوبيس المنوفية لا بصفته الشخصية يطابق الثابت بهذا المحضر من كون الخصومة في الاستئناف رقم 2161 سنة 79 ق كانت منعقدة بينه وبين هذه الشركة فإنه واضح أن الحكم قصد بهذه العبارة مجرد بيان دفاع الطاعن في هذا الخصوص وأطراف الخصومة في ذلك الاستئناف الذي انتهى بعدئذ إلى أنها انقطعت بإدماج تلك الشركة وهي من أطرافها في المطعون ضدها وليس من شأن العبارة المشار إليها أن تغير من الأساس الذي أقام عليه الحكم قضاءه، ومن ثم يكون بمنأى عن التناقض والخطأ في تطبيق القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون بالبطلان لافتقاده أحد مقوماته الجوهرية بخلوه بيان اسم أمين السر.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 178 من قانون المرافعات عددت البيانات التي يجب اشتمال الحكم عليهما ومن بينها أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت المادة البطلان علي خلو الحكم من هذا البيان، ولم يتطلب المشرع فيما تطلبه من بيانات في الحكم أن يذكر فيه اسم أمين السر، الأمر الذي يفيد أن هذا البيان ليس جوهرياً في نظر المشرع، ومتى كان ذلك فإن خلو الحكم المطعون فيه من بيان اسم أمين السر لا يفسده، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق