جلسة أول مايو سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفي صالح سليم، درويش عبد المجيد وعزت جنورة.
----------------
(244)
الطعن رقم 784 لسنة 47 القضائية
بيع. شفعة. شيوع. قسمة.
بيع المالك على الشيوع - حصته مفرزة للغير. بيع صحيح معلق على نتيجة القسمة أو إجازة باقي الشركاء. اعتباره في حكم التصرف في قدر شائع بالنسبة لهم. حقهم في أخذ الحصة المبيعة بالشفعة. م 936 مدني.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني بصفته ولياًً طبيعياً على أولاده القصر أقام الدعوى رقم 450 لسنة 1968 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية مختصماً المطعون ضده الأول والطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين طالباً الحكم بأحقيته في أخذ الفدانين المبين حدودهما ومعالمهما بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل ما أودعه من ثمن خزانة المحكمة وتسليمهما إليه، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد بيع مسجل بمكتب الشهر العقاري بالزقازيق بتاريخ 7/ 4/ 1868 باع المطعون ضده الأول إلى الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين أرضاً زراعية مساحتها فدانان اختص كل مشتر بفدان واحد لقاء ثمن مقداره سبعمائة جنيه، وإذ كانت هذه الأرض المبيعة شائعة في مساحة 64 ف و12 ط و 12 س يمتلك فيها حصة شائعة مقدارها 10 ف و12 ط بمقتضى عقد بيع مسجل في 23/ 2/ 1967 بمكتب شهر عقاري الزقازيق فإنه يحق له أخذ تلك الأرض المبيعة بالشفعة باعتباره شريكاً في الشيوع، وأنه إذ يضع يده على قدر مفرز يوازي حصته الشائعة في الملكية وهذا القدر يلاصق الأرض المبيعة من جهتين كما أن لهذه الأرض حق ارتفاق بالري والمرور على أرضه فإنه يحق له الأخذ بالشفعة لهذين السببين أيضاً وهما الجوار وقيام حق الارتفاق ولذا فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه فيها. وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً قضت بتاريخ 27 من أبريل سنة 1972 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الثاني بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والقضاء بطلباته، وقيد استئنافه برقم 179 لسنة 15 قضائية وبتاريخ 4 من مارس سنة 1973 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً ثم قضت بتاريخ 4 من أبريل سنة 1974 بندب خبير لبيان ما إذا كانت الأرض المشفوع بها تلاصق الأرض المشفوع فيها من جهتين وما إذا كان لهذه الأرض حق ارتفاق بالمرور والري على الأرض المشفوع فيها، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 14 من أبريل سنة 1977 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده الثاني بصفته في أخذ الأرض الزراعية ومساحتها فدنان الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة مع تسليم هذا القدر إليه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بالدفع بعدم جواز الأخذ بالشفعة من الشريك في الشيوع إذا بيع من شريكه الآخر حصته مفرزة، ومع أن هذا الدفع جوهري فهو لم يورد أسباباً تتناوله بالتنفيذ وقضى على خلافه بأحقية المطعون ضده الثاني بصفته في الأخذ بالشفعة باعتباره شريكاً في الشيوع على الرغم من أن البيع سبب الشفعة ورد على قدر مفرز من المال الشائع، وهذا من الحكم الخطأ في تطبيق القانون، وإذ أن عبارة "إذا بيع شيء من العقار الشائع إلى أجنبي" الواردة بنص المادة 936 من القانون المدني ينصرف تفسيرها إلى بيع شيء شائع من العقار ولا يمتد إلى بيع حصة مفرزة، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون فضلاً عن قصوره معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 826 من القانون المدني على أن "كل شريك في الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها ويستولى على ثمارها وإذا كان التصرف منصباً على جزء مفرز من المال الشائع ولم يقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب المتصرف انتقل حق المتصرف إليه من وقت التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف بطريق القسمة..."، ثم نص في المادة 936 من هذا القانون على أنه "يثبت الحق في الشفعة للشريك في الشيوع إذا بيع من العقار الشائع إلى أجنبي" فقد دل على أن للمالك على الشيوع أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً ويقع البيع صحيحاً وإن كانت حالة التحديد هذه تظل معلقة على نتيجة القسمة أو إجازة الشركاء في الشيوع، ومتى كان هذا البيع صحيحاً وصدر لأجنبي وكان الإفراز الذي تحدد به محل البيع لا يحاج به وسائر الشركاء في الشيوع طالما لم تتم القسمة قضاء أو رضاء مما يعتبر معه هذا التصرف بالنسبة لهم في حكم التصرف في قدر شائع فإنه ينبني على هذا أن يثبت لهم حق الأخذ بالشفعة في ذلك البيع وفقاً لصريح عبارة النص في المادة 936 من القانون المدني، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر إذ أقام قضاءه على ثبوت حق الشفعة للشريك في الشيوع عند بيع حصته من العقار شائعة أو مفرزة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون أو القصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع أن البيع المطلوب أخذ الشفعة فيه وإن سجل بتاريخ 7/ 4/ 1968 إلا أنه قد انعقد في الواقع بمقتضي العقد العرفي المؤرخ 4/ 10/ 1958 أي في تاريخ سابق على تملك المطعون ضده الثاني للأرض المشفوع بها فلا يكون مالكاً وقت قيام سبب الشفعة، وهو الأمر الذي أسست عليه محكمة أول درجة قضاءها، ولكن الحكم المطعون فيه لم يعول على العقد العرفي آنف الذكر استناداً إلى أن البيع الوارد بالعقد عدل عنه طرفاه وتقايلا بشأنه بدلالة أنه لم يرد له ذكر بالعقد المسجل كما أن الثمن مختلف في كل من العقدين، وهو من الحكم استدلال قاصر لا يتأدى منه ثبوت العدول والتقابل، وهذا بالإضافة إلى أنهم أبانوا في دفاعهم أن البيع العرفي اقترن بوضع اليد وأن ما طرأ على الثمن الوارد بالعقد المسجل من نقص عن ذلك الذي أثبت بالعقد العرفي كان مستهدفاً به تخفيض الرسوم المستحقة على التسجيل إلا أن الحكم لم يعن بتمحيص هذا الدفاع أو الرد عليه بما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفسير الاتفاقات والمحررات للتعريف على حقيقة القصد منها أمر تستقل به محكمة الموضوع ولا سلطان لمحكمة النقض عليها طالما كانت عبارات المحرر تحتمل المعني الذي حصلته، ومتى استقام قضاؤها على أسباب سائغة فلا تكون بعد ملزمة بأن تورد كل الحجج التي يدلي بها الخصوم وتفصيلات دفاعهم والرد عليها استقلالاً لأن - في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى القول بأن عقد البيع العرفي المؤرخ 4/ 10/ 1958 الذي انعقد بين المطعون ضده الأول ومورث الطاعنين من الثاني إلى الأخير قد عدل عنه طرفاه وتقابلا بشأن الالتزامات المتولدة عنه ثم اتجهت إرادتهما مع طرف ثالث هو الطاعن الأول إلى إبرام عقد بيع آخر هو العقد المسجل في 19/ 3/ 1968، ودلل الحكم على ذلك بما ثبت بالعقد العرفي أن البيع لم يصدر إلى الطاعن الأول بل إلى مورث باقي الطاعنين وحده عن مساحة الفدانين بثمن يختلف عن الثمن الوارد بعقد البيع المسجل، وبأن هذا العقد الأخير الذي شمل البيع إلى الطاعن الأول مورث باقي الطاعنين معاً جاء خلواً من الإشارة إلى العقد العرفي المؤرخ 4/ 10/ 1958 كما خلت الأوراق من دليل على حصول شراء من الطاعن الأول لشيء من الأرض المشفوع فيها قبل انعقاد العقد المسجل مما يجعل هذا العقد منبت الصلة بالعقد العرفي المحرر في عام 1958، لما كان ذلك وكان الاستخلاص من الحكم سائغاً ومستمداً مما له أصل في الأوراق وتظاهره العبارات الواردة بالعقدين العرفي والمسجل فلا تثريب عليه إن لم يرد على مختلف مناحي دفاع الطاعنين في هذا الصدد يكون النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق