الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 يونيو 2023

الطعن 87 لسنة 47 ق جلسة 15 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 261 ص 1373

جلسة 15 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد وعزت حنورة.

---------------

(261)
الطعن رقم 87 لسنة 47 القضائية

بطلان. محاماة. بيع. نظام عام.
حظر بيع الحقوق المتنازع عليها لعمال القضاء والمحامين. جزاؤه. بطلان التصرف بطلاناً مطلقاً. تعلق ذلك بالنظام العام. م 471، 472 مدني.
(2) نظام عام. نقض. محكمة الموضوع.
قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض شرطه. ألا يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
(3) بيع. محاماة.
تحريم شراء المحامي للحق المتنازع فيه. شرطه. م 471، 472 مدني.
(4) عقد. محكمة الموضوع. نقض.
استخلاص عناصر الغش المبطل للتصرفات، تقدير ما يثبت به، من سلطة محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

-----------------
1 - مفاد النص في المادتين 471، 472 من القانون المدني - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أن جزاء حظر بيع الحقوق المتنازع فيها لعمال القضاء والمحامين هو البطلان المطلق الذي يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام.
2 - قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بألا يخالطه عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع، إذ يجب أن يكون تحت نظر عند إصدار الحكم المطعون فيه جميع العناصر الواقعية التي تتمكن بها من الإحاطة والإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى بموجبه، فإن تبين أن أحد هذه العناصر تنقصها وكان الوقوف عليها يستلزم تحقيقاً وتمحيصاً، فإنه يمتنع عرض السبب لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - يشترط في تحريم شراء المحامي للحق المتنازع فيه - وفقاً لما تفيده عبارة المادتين 471، 472 من القانون المدني - أن يكون التنازع على الحق جدياً وقائماً بالفعل وقت الشراء سواء طرح أمام القضاء أم لم يطرح بعد، فلا يكفي لإبطال البيع أن يكون الحق المبيع قابلاً للنزاع أو محتملاً للنزاع بشأنه أو يقوم عليه نزاع جدي ولكنه قد انتهى وانحسم عند حصول الشراء، كما يجب علم المحامي بقيام النزاع في الحق إن كان مجال التطبيق هو نص المادة 471، أو أن يكون وكيلاً في الحق المتنازع فيه ويشتريه ممن وكله في الدفاع عنه وذلك بصدد إعمال نص المادة 472.
4 - استخلاص عناصر الغش الذي يبطل التصرفات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل الواقعية التي تقدرها محكمة الموضوع استظهاراً من وقائع الدعوى، كما أن تقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به يدخل في سلطتها التقديرية دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 249 لسنة 1975 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 31/ 1/ 1974 المتضمن بيع الطاعن له اثني عشر قيراطاً مشاعاً في أرض وبناء العقار المبين بهذا العقد وصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه، وقال بياناً لدعواه إنه اشترى من الطاعن بمقتضى عقد البيع العرفي المؤرخ 31/ 1/ 1974 حصة شائعة قدرها اثنا عشر قيراطاً في أرض ومباني العقار الموضح بهذا العقد مقابل ثمن مقداره ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه أدى منه أثناء إبرام العقد مبلغ ألف وخمسمائة جنيه واتفق على دفع الباقي عند التوقيع على العقد النهائي بمكتب الشهر العقاري، وأنه إذ تخلف الطاعن عن اتخاذ إجراءات تسجيل العقد لنقل ملكية العقار المبيع فقد أقام دعواه ليحكم بمطلبه منها، وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1975 قضت المحكمة بما طلب في الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد الاستئناف برقم 79 لسنة 32 قضائية، وبتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1976 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه سبق أن باع إلى مشترين آخرين ذات الحصة من العقار التي باعها إلى المطعون ضده بالعقد العرفي المؤرخ 31/ 1/ 1974، واتخذت بشأن ذلك البيع الأول إجراءات الشهر إلا أن هذه الإجراءات توقفت ولم يتم تسجيل البيع لنزاع نشب بينه وبين أولئك المشترين، ولقد كان المطعون ضده وهو محاميه ووكيلاً عنه بمقتضى توكيل عام صادر في سنة1970 قبل حصول البيعين على علم بقيام هذا النزاع ومع ذلك فقد أقدم على شراء الحق المتنازع فيه مما يكون البيع المحرر عنه العقد موضوع التداعي قد وقع باطلاً لمخالفته الحظر المقرر بالمادتين 471، 472 من القانون المدني والذي يحرم على المحامي شراء الحق المتنازع فيه أو التعامل مع موكليه في حق محل نزاع يتولى الدفاع عنه، وإذ كان هذا البطلان مطلقاً يتعلق بالنظام العام فإنه يجوز الدفع به ولأول مرة أمام محكمة النقض، وإذ قضى الحكم على خلاف هذا النظر بصحة البيع ونفاذه فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه وإن كان مفاد النص في المادتين 471، 472 من القانون المدني - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - أن جزاء حظر بيع الحقوق المتنازع فيها لعمال القضاء والمحامين هو البطلان المطلق الذي يقوم على اعتبارات تتصل بالنظام العام إلا أنه لما كان قبول السبب المتعلق بالنظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض مشروطاً بألا يخالطه عنصر واقعي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع إذ يجب أن يكون تحت نظرها عند إصدار الحكم المطعون فيه جميع العناصر الواقعية التي تتمكن بها من الإحاطة والإلمام بهذا السبب والحكم في الدعوى بموجبه، فإن تبين أن أحد هذه العناصر تنقصها وكان الوقوف عليها يستلزم تحقيقاً وتمحيصاً، فإنه يمتنع عرض السبب لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذالك، وكان يشترط في تحريم شراء المحامي للحق المتنازع فيه - وفقاً لما تفيده عبارة المادتين 471، 472 من القانون المدني أن يكون التنازع على الحق جدياً وقائماً بالفعل وقت الشراء سواء طرح أمام القضاء أم لم يطرح بعد، فلا يكفي لإبطال البيع أن يكون الحق المبيع قابلاً للنزاع أو محتملاً النزاع بشأنه أو يقوم عليه نزاع جدي ولكنه قد انتهى وانحسم عند حصول الشراء، كما يجب علم المحامي بقيام النزاع في الحق إن كان مجال التطبيق هو نص المادة 471، أو أن يكون وكيلاً في الحق المتنازع فيه ويشتريه ممن وكله في الدفاع عنه وذلك بصدد إعمال نص المادة 472، وإذ كان الطاعن لم يتمسك لدى محكمة الموضوع ببطلان البيع الصادر إلى محامية المطعون ضده لوروده على حق متنازع فيه، وكانت هذه المحكمة لا يتسنى لها التحقق من قيام هذا البطلان إلا بالخوض في وقائع النزاع وصولاً إلى الوقوف على مدى توافر شرائطه وذلك بتحقيق ما إذا كان قد حصل بيع سابق من الطاعن لذات العقار محل التداعي إلى آخرين وماهية النزاع الذي تعلق به ومدى جديته ومصيره وقت شراء المحامي المطعون ضده ومدى علمه به أو توليه الدفاع عنه، وهي عناصر لم تكن معروضة على محكمة الموضوع قبل إصدار حكمها المطعون فيه، فإن ما يثيره الطاعن من دفع ببطلان البيع وإن كان سبباً قانونياً متعلقاً بالنظام العام إلا أنه لما يخالطه من واقع لم تكن عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع يكون غير جائز التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة ويكون النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بالحق في الدفاع من وجهين، يقول في أولهما إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن غشاً وقع عليه أثناء التعاقد فكان من أثره تفاهة الثمن المتفق عليه فأصبح غير متناسب البتة مع القيمة الحقيقية للعقار المبيع بما يلحقه بالثمن الصوري، وطلب تحقيقاً لهذا الدفاع ندب خبير لإثبات تفاهة الثمن إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب واكتفت بالرد على تقرير خبير استشاري كان قد قدمه تدليلاً على دفاعه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور والإخلال بالحق في الدفاع، ويقول الطاعن في الوجه الثاني من النعي إنه طلب من محكمة الاستئناف إعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم بطلبين قدمهما بتاريخ 18/ 5/ 1976 و6/ 11/ 1976 وكان يبغي من طلبه الثاني حسبما أثبت به اتخاذ طريق الطعن بالتزوير على أوراق قدمها خصمه المطعون ضده غير أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ولم ترد عليه بأسباب حكمها مما يعيب الحكم المطعون فيه بالإخلال بحقه في الدفاع.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود بأن استخلاص عناصر الغش الذي يبطل التصرفات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل الواقعية التي تقدرها محكمة الموضوع استظهاراً من وقائع الدعوى، كما أن تقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به يدخل في سلطتها التقديرية دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه تصدى للرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن مطرحاً تقرير الخبير الاستشاري الذي قدر ثمن العقار بمبلغ ثلاثين ألف جنيه بما استخلصه من أوراق الدعوى ومستنداتها من تناسب الثمن المتفق عليه في العقد مع الحصة المبيعة وهي نصف منزل مكون من طابقين يقع بمدينة مرسى مطروح وأن هذا الثمن لا يقل كثيراً عما ثبت من مستند قدمه خصمه يفيد أنه باع ذات الحصة بمبلغ خمسة ألاف جنيه ومستند آخر يفيد أن مصلحة الضرائب قدرت في عام 1972 قيمة المنزل بمبلغ 2462 ج و40 م، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم يعد استدلالاً سائغاً وكافياً لحمل قضائه في دحض القول بتفاهة الثمن قوام الادعاء بالغش الذي أثاره الطاعن، وكان مفاد المادة 35 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن ندب الخبير في الدعوى من الرخص المخولة لقاضي الموضوع فله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء ولا معقب عليه في ذلك، فإن مجادلة الطاعن في هذا الصدد تكون مجادلة موضوعية فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره تنحسر عنها رقابة هذه المحكمة ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك بأن إعادة الدعوى إلى المرافعة بعد حجزها للحكم وانتهاء المرافعة فيها ليس حقاً للخصوم يتحتم إجابتهم إليه بل هو أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع ولا يعيب الحكم عدم الإشارة إلى طلبهم في هذا الصدد والتفاته عنه، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم أن محكمة الاستئناف أجابت الطاعن إلى طلبه الأول بفتح باب المرافعة المقدم بعد حجزها الدعوى للحكم بجلسة 20/ 6/ 1976، فلا تثريب عليها إن التفتت عن الطلب الثاني الذي قدم بتاريخ 6/ 11/ 1976 بعد حجز الدعوى للحكم للمرة الثانية وإقفال باب المرافعة فيها باعتباره من إطلاقاتها.
وحيث إنه لم لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق