جلسة 2 من ديسمبر سنة 1980
برئاسة السيد المستشار محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، محمد إبراهيم خليل، علي السعدني وأحمد شلبي.
-----------------
(370)
الطعن رقم 816 لسنة 46 القضائية
(1) إثبات. "القرائن القانونية". بيع. "البيع بالعربون".
دفع العربون قرينه قانونية على جواز العدول عن البيع. جواز الاتفاق على أنه يفيد البت والتأكيد.
(2) عقد "تفسير العقد" محكمة الموضوع.
تفسير العقود من سلطة محكمة الموضوع متى كان تفسيرها ليس فيه خروج عن المعني الظاهر لعباراتها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 353 لسنة 1969 دمياط الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 31/ 10/ 1968 عن العقار المبين الحدود والمعالم بالصحيفة نظير ثمن قدره 1352 ج و780 م. وقال شرحاً لها، أن مورث المطعون عليهم، المرحوم..... باعهما، بعقد بيع ابتدائي مؤرخ 31/ 10/ 1968، المنزل الكائن بشارع خضير على أساس سعر المتر 13 ج، وإنهما دفعا إليه من الثمن 100ج كعربون، واتفق على أن يدفع مبلغ آخر تكملة العربون، على أن يتم تحرير العقد النهائي خلال ثلاثة شهور، وفي 19/ 1/ 1969 دفعا إليه 10 ج من أصل الثمن، وإذ لم يقدم إليهما مستندات الملكية حتى توفي في يونيه سنة 1969، وتبين من بحث أصل الملكية بالمساحة، أنه لا يملك إلا 154 و565 متراً مربعاً من مساحة العقار المبيع ثمنها طبقاً لما ورد بالعقد 1352 ج و780 م دفعا منه 20 ج، فقد أقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان. دفع المطعون عليهم الدعوى بأن محرر 31/ 10/ 1968 هو بيع بالعربون لكل من المتعاقدين فيه حق الرجوع طبقاً للمادة 103 من القانون المدني، وإن ملابسات العقد تؤكد عدول الطاعنين عن البيع بعدم تحرير العقد. وبتاريخ 26/ 12/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعنان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 4 لسنة 4 ق استئناف المنصورة (مأمورية دمياط) وبتاريخ 2/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أخطأ في تكييف محرري 31/ 10/ 1968، 19/ 1/ 1969 إذ عدل عن المعنى الظاهر لعبارات العقد ومسخ ألفاظها وحرف معناها. فاعتبر العقد غير لازم في حق الطرفين قابلاً للعدول من أي منهما أخذاً بالمادة 103 من القانون المدني، في حين أن عباراتها قاطعة الدلالة في أن العقد لا يرتكز على عربون من شأنه أن يسمح بالعدول عنه، بل هو عقد منجز لازم في حق طرفيه، ذلك أن محرر 19/ 1/ 1969 الذي اندمج في المحرر الأول وشكل معه علاقة تعاقدية واحدة قد نسخ فيها لفظ العربون، وأفصح عن نية الطرفين من أن التعاقد بينهما أمر لازم، بالنص فيه على استلام البائع لهما مبلغ 100 ج من أصل الثمن وأن جملة الواصل مبلغ 200 ج.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 103 من التقنين المدني على أن "يدفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك". يدل على قيام قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس - تقضي بأن الأصل في دفع العربون أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع، إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً على أن دفع العربون معناه البت والتأكيد والبدء في تنفيذ العقد. إذا كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محرر31/ 10/ 1968 أنه ورد به استلام مورث المطعون عليهم من الطاعنين مبلغ 100 ج عربون المنزل المبين به على أساس سعر المتر 13 ج على أن يدفع مبلغ كمالة للعربون في بحر شهر من تاريخه وبعد أن يحرر العقد النهائي في بحر ثلاثة أشهر من تاريخه، كما يبين من الاطلاع على محرر 19/ 1/ 1969 بأنه ورد به استلام المورث المذكور من الطاعنين مبلغ 100ج من أصل الثمن مشتري المنزل المبين به وأن جملة الواصل 200 ج، وكان الحكم المطعون قد أقام قضاءه على أن "الثابت من المحرر المؤرخ 31/ 10/ 1968 أنه نص به صراحة على أن المبلغ المدفوع من المشترين وقدره 100 ج يمثل عربوناً للبيع، وكانت المحكمة تستخلص من الاتفاق على تحرير العقد النهائي في بحر ثلاثة أشهر أن نية الطرفين قد اتجهت إلى اعتبار هذا البيع مصحوباً بخيار العدول، وكانت المحكمة تستظهر من ظروف الحال وفي ضوء ما اشتمل عليه المحرر المؤرخ 31/ 10/ 1968 التزام المستأنفين (الطاعنين) من دفع مبلغ المائة جنيه المدفوعة منهما تكملة للعربون المقبوض بالمحرر 19/ 1/ 69... ولا يغير من هذا النظر ما ورد بالإيصال المؤرخ 19/ 1/ 1969 أن مبلغ المائتي جنيه التي دفعت به من أصل الثمن وجاء به أن جملة المبلغ المقبوض مائتي جنيه يقطع أن نية المتعاقدين قد انصرفت إلى إكمال العربون على النحو السالف.، " - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بني على أسباب سائغة، وكان تفسير العقود واستظهار نية طرفيها، هو أمر تستقل به محكمة الموضوع، ما دام قضاؤها يقوم على أسباب سائغة، وطالما إنها لم تخرج في تفسيرها للعقد واستظهار نية المتعاقدين عن المعنى الظاهر لعبارته، وهي في ذلك لا تتقيد بما تفيده عبارة معنية منها، وإنما بما تفيده في جملتها، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق