الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 78 لسنة 37 ق جلسة 16 / 12 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 175 ص 1045

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(175)
الطعن رقم 78 لسنة 37 القضائية

(أ) حكم. "تسبيب الحكم".
حجز الدعوى للحكم. قبول المحكمة الاستئنافية لمستند قدمه الخصم بعد الميعاد. لا إخلال بحق الدفاع طالما أن المستند كان مقدماً للمحكمة الابتدائية، وناقشه الخصم الآخر أمام الاستئناف.
(ب، ج، د) تزوير. "إثبات التزوير". إثبات. "القرائن". خبرة. محكمة الموضوع. "تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة. 

عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. 

إثبات التزوير أو نفيه. للمحكمة مخالفة رأي الخبير في النتيجة التي انتهى إليها.

---------------
1 - إنه وإن كانت محكمة الاستئناف قد قبلت من المطعون عليه صورة حكم بعد الميعاد الذي حددته له - في فترة حجز الدعوى للحكم - إلا أنه وقد ثبت أن هذا المستند كان مودعاً بملف الدعوى الابتدائية، وأن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه ومستندات للرد عليه أمام محكمة الاستئناف بعد تقديمه، فإن تعويل الحكم على هذا المستند في قضائه لا ينطوي على الإخلال بحق الطاعن في الدفاع.
2 - متى كانت محكمة الاستئناف قد اعتمدت في تكوين عقيدتها بتزوير العقد موضوع الطعن على قرائن متعددة مستمدة من وقائع لها أصلها الثابت بالأوراق، وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإنه لا يجوز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
3 - محكمة الموضوع غير مقيدة بدليل معين في إثبات التزوير أو نفيه، ويجوز لها أن تستخلص وقوعه من الوقائع المطروحة أمامها، وما تكشف لها من حالة المستند المطعون فيه، وحصول التلاعب في صلبه، ولو كانت هذه النتيجة مخالفة لرأي الخبير المنتدب في الدعوى.
4 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة، ولا يعتبر أخذها بدليل معين منها، دون دليل آخر لم تطمئن إليه من قبيل الفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمود أحمد مشرف أقام الدعوى رقم 258 سنة 1962 مدني كلي بني سويف ضد أمين إبراهيم سعد طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 2/ 9/ 1961 الصادر له من المدعى عليه والمتضمن شراء 21 ط و16 س مبنية بالصحيفة وبالعقد لقاء ثمن قدره 300 جنيه، وقرر المدعى عليه بالطعن بالتزوير في عقد البيع وأعلن مذكرة شواهد التزوير مؤسساً طعنه على أن الختم الموقع به على العقد ليس له وأنه على فرض صحته فإنه وقع به على ورقة بيضاء لتحرير مخالصة عن مبلغ عشرة جنيهات، وبتاريخ 11/ 3/ 1963 حكمت المحكمة بقبول شواهد التزوير وبندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لبيان ما إذا كانت بصمة الختم الموقع بها على العقد هي بختم الطاعن أم لا، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت بتاريخ 27 ديسمبر سنة 1965 فحكمت (أولاً) برفض الطعن بالتزوير وبصحة الورقة مع تغريم الطاعن خمسة وعشرين جنيهاً. (ثانياً) بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/ 9/ 1961 وألزمت المدعى عليه بالمصاريف ومائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، استأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف بني سويف طالباً إلغاءه والحكم برد وبطلان العقد وبرفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 18 سنة 4 ق، وبتاريخ 11 ديسمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرد وبطلان عقد البيع المؤرخ 2/ 9/ 1961 وبرفض الدعوى وألزمت المستأنف عليه المصروفات عن الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات عنها، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون ضده رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه باطل لإخلاله بحق الطاعن في الدفاع، ذلك أن محكمة الاستئناف حددت ميعاداً لتقديم المذكرات والمستندات أثناء حجز القضية للحكم، إلا أنها قبلت من المطعون عليه بعد انتهاء الميعاد المحدد له مذكرة وحافظة بمستندات أشارت إليها في أسباب حكمها وكان لها أثرها في تكوين عقيدتها إذا اعتمدت على الحكم رقم 338 سنة 1960 كلي بني سويف المودع بهذه الحافظة، استندت إلى الدفاع الوارد بها ودون أن يتمكن الطاعن من الاطلاع عليها، وهو إهدار لحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه وإن كان يبين من الرجوع إلى محاضر الجلسات المودعة صورتها الرسمية بملف الطعن أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 8 أكتوبر سنة 1966 حجز القضية للحكم لجلسة 11 ديسمبر سنة 1966 وصرحت بتقديم مذكرات ومستندات في أربعة أسابيع مناصفة بين طرفي الخصومة، ومقتضى ذلك أن الميعاد المحدد للمطعون عليه ينتهي في 21 أكتوبر سنة 1966، وكان يبين من الرجوع إلى الحافظة المقدمة منه تحت رقم 10 بملف الاستئناف والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن أن هذه الحافظة أودعت في 25 أكتوبر سنة 1966، وتضمنت صورة رسمية للحكم رقم 338 سنة 1960 مدني كلي بني سويف، إلا أن الثابت من الرجوع إلى الحافظة المقدمة إلى المحكمة الابتدائية والمودعة صورتها الرسمية بملف الطعن أن المطعون عليه أودع بهذه الحافظة صورة الحكم رقم 338 سنة 1960 والمعلنة إلى الطاعن في 14/ 3/ 1962، كذلك وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن المطعون عليه استند إلى الحكم المشار إليه في أسباب استئنافه، كما أن الثابت من الشهادة الصادرة من كبير كتاب محكمة استئناف بني سويف أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه تحت رقم 11 من ملف الاستئناف، وأنها وردت مؤشراً عليها باستلام الصورة في 9/ 11/ 1966، إذ كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف وإن قبلت من المطعون عليه صورة الحكم رقم 338 سنة 1960 مدني بني سويف بعد الميعاد الذي حددته له، إلا أنه وقد ثبت أن هذا المستند كان مودعاً بملف الدعوى الابتدائية وأن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه ومستندات للرد عليه أمام محكمة الاستئناف بعد تقديمه فإن تعويل الحكم على هذا المستند في قضائه لا ينطوي على الإخلال بحق الطاعن في الدفاع، ويكون النعي عليه بالبطلان على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه قضى برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 2/ 9/ 1961 مستنداً في ذلك ٍإلى أن الطاعن لم يدفع ريع الأرض محل النزاع حتى صدر الحكم رقم 338 سنة 1960 كلي بني سويف في 4/ 2/ 1961 بإلزامه بريعها البالغ 275 ج و781 م، ولا يتصور أن تشتري ذات القطعة بعد أشهر قليلة، وهو لا يزال مديناً بالمبلغ المحكوم به، كما أن الثابت بتقرير الخبير أن صلب العقد يحمل آثار المحو والكشط وكتابة عبارات جديدة بحبر يغاير الحبر الأول المستعمل في الكتابة، وهو من الحكم قصور وفساد في الاستدلال من وجهين (أولهما) أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 338 سنة 1960 كلي بني سويف لا يؤدي إلى استخلاص عدم قدرة الطاعن على دفع الثمن، ذلك أن الشراء تم حسماً للنزاع السابق على الريع، علاوة على أن الحكم لم يكن انتهائياً وقت الشراء ولكن الحكم المطعون فيه أخطأ في الاستدلال بذلك الحكم على عدم قدرة الطاعن، كما أغفل بحث المستندات التي قدمها الطاعن إلى محكمة أول درجة للتدليل على يساره وقدرته على دفع الثمن (وثانيهما) أن الحكم اعتمد في استدلاله على ما هو ثابت بتقرير الخبير من آثار المحو في صلب العقد، في حين أن الثابت بالتقرير أن الخبير حدد مواضع المحو في أماكن من العقد، لا تؤثر فيه وأنه باستبعاد هذه المواضع يكون ما بقي من العقد كافياً لإثبات أركان عقد البيع وشروطه، إذ العبارات التي كانت موجودة قبل المحو تنصب على تحديد العقار ولا يؤثر تغييرها في كيان العقد، وهو مجرد تصحيح لخطأ مادي في مقدار الأسهم من الأطيان محل البيع وفي حد من حدودها والتوقيع باسم الشاهد، هذا إلى أن ما قرره الحكم من أن بصمة الختم المنسوبة إلى البائع كانت أصلاً على ورقة بيضاء استغلها الطاعن واصطنع العقد المزور يخالف ما قرره الخبير من أنه لا يوجد من الشواهد ما يثبت أن ورقة العقد موقعة بختم البائع على بياض.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه في الدعوى على أن "ما ساقه المستأنف من قرائن كاف لإقناع المحكمة بأن العقد محل الطعن غير صحيح، ذلك أنه لا يتصور عقلاً أن المستأنف عليه الذي لم يدفع ريع قطعة الأرض حتى فصل الحكم رقم 338 سنة 1960 مدني كلي بني سويف في 4/ 2/ 1961 بإلزامه بريعها البالغ 275 ج و781 م يشتري ذات القطعة في 2/ 9/ 1961 أي بعد أشهر قليلة من الحكم المشار إليه ولم يشر من قريب أو بعيد إلى سداد ما عليه للمستأنف من بدء مراحل الدعوى حتى قفل باب المرافعة، مما يقطع بأنه لا يزال مديناً بالمبلغ المحكوم به، فمن أين شراء قطعة الأرض إذن، ومما يزيد في اقتناع المحكمة بتزوير العقد محل الدعوى ما أثبته الخبير في تقريره من أن صلب العقد محل الطعن يحمل آثار المحو والكشط وكتابة عبارات جديدة بحبر يغاير الحبر الأول المستعمل في الكتابة، مما يهدد كيانه في نظر المحكمة ويؤكد حصول التلاعب فيه". ومن ذلك يبين أن محكمة الاستئناف اعتمدت في تكوين عقيدتها بتزوير العقد موضوع الطعن على قرائن متعددة مستمدة من وقائع لها أصلها الثابت بالأوراق، وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهت إليها، وإذ كان من غير الجائز مناقشة كل قرينة على حده لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة بدليل معين في إثبات التزوير أو نفيه، ويجوز لها أن تستخلص وقوعه من الوقائع المطروحة أمامها، وما تكشف لها من حالة السند المطعون فيه، وحصول التلاعب في صلبه ولو كانت هذه النتيجة مخالفة لرأي الخبير المنتدب في الدعوى، والذي انتهى في تقريره إلى أنه لا يوجد من الشواهد ما يثبت أن ورقة العقد كانت موقعة بختم البائع على بياض، إذ لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة ولا يعتبر أخذها بدليل معين منها دون دليل آخر لم تطمئن إليه من قبيل الفساد في الاستدلال، إذ كان ذلك وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه سائغة، وتتضمن الرد على دلالة المستندات المقدمة من الطاعن على دفع الثمن الوارد بالعقد موضوع الطعن، فإن النعي عليه بالقصور أو الفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق